ملخص:
لم يواجه المسلمون في غزو شبه الجزيرة الإيبيريّة- التّي لقّبها المسلمون بعد الاستيلاء عليها بالأندلس- الصّعوبات نفسها التّي لاقوها في غزو شمال إفريقيا. وهذه السّرعة في الإطاحة بالحكم القوطيّ والسّيطرة عليه أثارت استغراب الباحثين، ودفعتهم إلى دراسة الظّروف التّي هيّأت حدوث الغزو ونجاحه بتلك السّرعة.
الكلمات المفاتيح: شبه الجزيرة الإيبيريّة، غزو، الأندلس، الحكم القوطيّ، المحضن.
Abstract:
The Muslims did not face the conquest of the Iberian Peninsula, which the Muslims called after its conquest of Andalusia, the same difficulties they faced in the conquest of North Africa, and this fast in overthrowing the Gothic rule and seizing power aroused the astonishment of the researchers, and pushed them to study the conditions that facilitated the occurrence of the invasion and its success so quickly.
Key-words: Iberian Peninsula, conquest, Andalucia, gothic, environment.
1- التّأطير العام:
تأخّر المسلمون في فتح المغرب أو بالأحرى شمال إفريقيا، سبعين سنة منذ هجرة الرّسول، ولاقى المسلمون العرب صعوبات في مواجهة البربر، لاسيّما في حكم الكاهنة. وتعتبر حملات عقبة بن نافع أكبر دليل على ذلك. فقد دامت محاولاتهم ثلاثا وخمسين سنة للحصول على شمال إفريقيا، ما عدا مدينة سبتة، إذ بدأ مشروع ضمّ شمال إفريقيا منذ سنة 647م، ولم يتحقّق إلاّ قبل سنة 710م[1].
في حين أنّ حدث غزو الأندلس لم يلق فيه المسلمون الصّعوبات ذاتها حيث لاقى استغراب المؤرّخين من ناحية سرعته، فتمّ النّظر في هذا الحدث من منظور تاريخيّ وتأريخيّ، وذلك لتحليل ونقد استراتجيّات هذا التوسّع.
- فهل هذا التوسّع متعلّق بتطوّر القوّة السّياسيّة والعسكريّة للجيوش الإسلاميّة؟ أم أنّ هناك جوانب تاريخيّة أخرى لم يتم التّمحيص والتّدقيق في تفاصيلها؟
- وهل كان هذا الاستسلام والخضوع السّريع للقوّات الإسلاميّة ناتجا عن ضعف البلاد آنذاك أم أنّ هناك مكائد سياسيّة قد دبّرت للإطاحة بالحكم السياسيّ؟
نهدف من خلال دراستنا إلى إعادة النّظر في الظّروف التّي سرّعت دخول العرب إلى الأندلس بطريقة سلسة. وقد استعنّا في هذا السّياق بقراءتين:
- أما الأولى فتاريخيّة بالأساس، نسعى من خلالها إلى استقراء أخبار المحضن الأندلسيّ قبل دخول العرب اعتمادا على المصادر العربيّة والأندلسيّة.
- وأمّا القراءة الثّانية، فتتمثّل في دراسة نقديّة لهذا الحدث، حيث استندنا على دراسات استشراقيّة من أجل إعادة النّظر في دوافع هذا الغزو من منظور الشّعوب المنهزمة.
ونشير في هذا المجال من جهة أولى إلى أنّ هذه الدّراسة المقدّمة ليست بهدف إعادة اجترار إنجازات المسلمين فيما يُعتبر نشر الرّسالة، بل هو إعادة قراءة لحدث تاريخيّ من زاوية نظر تختلف عمّا ألفناه في الأخبار العربيّة والأندلسيّة.
ومن جهة ثانية، نروم استقراء ما تغافل الدّارسون عن ذكره. فممّا لا شكّ فيه أنّ المصادر العربيّة، والأندلسيّة قد اشتملت على الأخبار المتداولة مشافهة لغزو المسلمين الأندلس. وهذا ما جعل بعض الأخبار متضاربة فيما بينها أحيانا.
ولا بدّ من التّنويه إلى أنّ هذه الأخبار قد دُوّنت في فترة لاحقة، وتحديدا ما بعد 711م، ممّا أدّى إلى إضافة عديد البطولات الوهميّة التّي لا يمكن أن يستسيغها العقل البشريّ هذا من ناحية أولى.
ومن ناحية ثانية أخرى، فهذه الأخبار قد جعلت هذا الحدث أقرب إلى القصص منه إلى التّاريخ الموضوعي. ولقرون طويلة ظلّ غزو العرب للأندلس من المسلّمات. ومازال هذا الفكر متواصلا رغم تعدّد الدّراسات الحديثة والأبحاث حول هذا الموضوع النّاقد للمصادر العربيّة والأندلسيّة الممجّدة للبطولات العسكريّة التّي أقدم عليها “الفاتحون”.
وتعدّ الدّراسة التّاريخيّة الأنثربولوجيّة لحقبة تاريخيّة معيّنة في حاجة إلى إعادة النّظر والتّحقيق في المحضن الثّقافيّ والاجتماعيّ والسّياسيّ والاقتصاديّ السّابق لحدث دخول العرب الأندلس.
فحدث “فتح الأندلس” كما اصطلح عليه المسلمون، سُبق بعوامل هيّأت الظّروف المناسبة لبروز المدّ الإسلاميّ غربا وعلى عكس عدّة مؤرّخين إسبان مستشرقين[2]، توسّعوا في تاريخ شبه الجزيرة الإيبيريّة (الأندلس قبل دخول العرب)، وفصّلوا الحقب السّابقة لحدث دخول المسلمين، وعدّدوا القبائل والسّلاطين المتناحرة للظّفر بهذه الأرض الطيّبة التّي أبدع العرب في تفصيل محاسنها[3]، اكتفى ليفي بروفنسال[4] بضبط الفترة السّابقة للغزو الإسلاميّ وحصرها في حكم القوط، باعتبارها الفترة السّابقة لدخول المسلمين.
وسار بعض المؤرّخين العرب[5] مسار المستشرقين في نقلهم لأخبار تاريخ إسبانيا التي يلقّبونها بــــــــ”الأندلس” نسبة إلى يافث بن نوح[6]. ويعتبر ابن عذاري أنّها لقّبت بالأندلس نسبة إلى قوم يعرفون بالأندلش نزلوا بعد الطّوفان[7]. وسمّيت بهم الأندلس.
والملاحظ في هذا السّياق أنّ عناية المؤرّخين العرب والمستشرقين بتاريخ “شبه الجزيرة الإيبيريّة”، وذكر تاريخ القبائل المتناحرة لغزوها واحتلالها، يدلّ على تعدّد ثرواتها. وقد أطنب العرب في زخرفة محاسنها، ضمن أخبارهم لتبرير سبب غزوهم وغزو السّابقين لهذا البلد.
فمّما لا شكّ فيه أنّ البيئة الأندلسيّة كانت تنعم بجمال طبيعيّ وثروات جذبت أنظار الغزاة. ولكن لا يخفى علينا أنّها كانت تعيش اضطرابات داخليّة سهّلت عملية دخول العرب.
- ففيم تتمثّل هذه العوامل؟ وهل كان الضّعف سياسيّا أساسه التّناحر على العرش أم هو مجرّد اضطرابات اجتماعيّة سببها الوهن الاقتصاديّ؟
- وفيم تتمثّل الثّغرات السّياسيّة التّي تمّ استغلالها؟
2- انحلال دولة القوط:
ساهمت عوامل عديدة في تهيئة المحضن السّياسيّ والاقتصاديّ، لحدث دخول المسلمين الجزيرة الإيبيريّة وتبعا لهذا فقد اهتمّ “بروفنسال” بتحليل الظّروف المحفّزة لخلق الاضطرابات المساعدة على الإطاحة بدولة القوط الذين يعدّون آخر من حكم الجزيرة قبل دخول العرب.
ونشير إلى أنّه حصر فترة انحلال سياسة القوط منذ نهاية القرن السّابع الميلاديّ[8]. والقوط هم من استوطنوا “شبه الجزيرة الإيبيريّة” إثر زوال الدّولة الرّومانيّة الغربيّة من الوجود، وتحلّل جميع أتباعها. وبهذا استقرّ القوط بها وأعلنوا أنفسهم ملوكا غير تابعين لأحد[9].
ويتفرّع المجتمع القوطيّ إلى عدّة طبقات:
- أوّلها، الطّبقة العليا، المكوّنة من النّبلاء.
- ثانيها، طبقة رجال الدّين.
- ثالثها، الطّبقة الوسطى، وهي قليلة ومثقلة بالضّرائب وحالتها سيّئة.
- رابعها، الطّبقة الدّنيا، وهي أكثر عددا من الطّبقات السّابقة، وأقلّ حقوقا.
- خامسها، طبقة اليهود، وعددهم كان كثيرا، وكانوا مكروهين بسبب اختلاف عقيدتهم، وبسبب تعاطيهم الرّبا.[10]
رغم أنّ الملكيّة القوطيّة انتخابيّة، إذ كان أهل المملكة والأمراء يجتمعون بعد الموت لاختيار ملك من بين أظهرهم، فإنّ هذا النّظام قد فتح مجالا لإثارة المنافسات بين الأمراء وكبار القوط،[11] وترتّب عن ذلك كثرة المناورات السّياسيّة.
أمّا الدّيانة القوطيّة، فهي مسيحيّة (مسيحيّون آريّون)[12]، إذ كانوا لا يعتقدون في ألوهيّة المسيح ولا يعترفون للقساوسة بحقّ الوساطة بين الله والنّاس، ولا يجعلون للعذراء مكانا ممتازا في العقيدة، وكان لهم أسلوب خاصّ في العبادة[13]. وهذا الأسلوب كان أقرب إلى عقيدة التّوحيد منه إلى عقيدة التّثليث الّتي يؤمن بها الكاثوليك.
ولا يخفى علينا أيضا أنّه كان هناك بالبلاد أصحاب اعتقادات أخرى كاليهود. وتذهب بعض الدّراسات العربيّة والاستشراقيّة إلى وجود مسلمين أيضا[14]. وقد بذل القوط جهودهم لتوحيد “شبه الجزيرة الإيبيريّة[15]. وأخذت العلاقة بينها وبين العالم الأوروبيّ تفتر[16]، لتستقلّ البلاد بذاتها. وفي الآن ذاته ليست لها علاقات سياسيّة أساسها التّعاون مع البلدان المجاورة لها في أوروبا. وهذا من العوامل المحفّزة للاستيلاء على هذا البلد، فهو يعتمد على قوّة عسكريّة محلّيّة محدودة الإمكانيات.
واتّخذ القوط طليطلة[17] عاصمة لهم[18]. وهي موقع جغرافيّ وسياسيّ هامّ تمتاز به طركونة[19] وقرطبة[20] عاصمة البلاد. فهي على هضبة مرتفعة في وسط شبه الجزيرة تقريبا، يستطيع الحاكم منها مراقبة البلد كلّه والاتّصال بأطرافه على سبيل أسهل ممّا يقدر عليه الحاكم المقيم بقرطبة. وهي تقع على صخرة عند منحنى من منحنيات نهر تاجة، ولا يصل إليها العدوّ إلاّ بعد أن يعبر جبال قشتالة. ثمّ إنّ مركزها المتوسّط يحفّز الحاكم على تحقيق الوحدة وييسّرها له لأنّها قلب البلاد[21].
وقد شكّل التحوّل الدّينيّ الخطوة الأولى الفعّالة لامتزاج الشّعبين القوطيّ والإيبيريّ الرّومانيّ. ولكنّ القوط حرصوا على أن يحتفظوا لأنفسهم بمركزيّة الشّعب الحاكم[22].
وتأسيسا على هذا يمكننا القول إنّ التّحوّل الدّينيّ المفروض على المجتمع من قبل السّلطة الحاكمة لن يتقبّله الشّعب بسهولة، فما أنشأته الثّقافة، ورسّخته العادات والتّقاليد وما ارتاح له الضّمير، لن يستطيع قانون أنشأه الاضطهاد إزالته. ولا بدّ أن ننوّه أنّ الآريوسيّة هو المذهب المنتشر بالبلاد. والآريوسيّة حركة بدأت في القرن الرّابع للميلاد، وقامت على تعاليم أسقف اسمه “آريوس” (250م- 336م)، الذي قام بحملة كبيرة ضدّ التّثليث[23].
ويذكر فاضل سليمان في كتابه: “أقباط مسلمون قبل محمد”، أنّ الآريوسيين قد طلبوا من مسلمي الرّيف المغربي على الضفّة الجنوبيّة للبحر المتوسّط نجدة النّصارى الآريوسيين. وما ذهب إليه الكاتب في اتّصال النّصارى الموحّدين وأهل المغرب، هو تقريبا ما اتّهم به يهود البلاد من تآمر مع أهل المغرب. ونتيجة لهذا نشأت في حقّهم العقوبات القاسية.
وينبغي أن نستثني من سلسلة ملوك القوط نفرا أجمع المؤرّخون على أنّهم قد قدّموا للبلاد خدمات حربيّة وعمرانيّة بعيدة الأثر على غرار sisbert (ت672) الّذي أتمّ فتح شبه الجزيرة الإيبيريّة[24].
وأكبر ملوك القوط عدلا، كما يعتبره المؤرّخون، نجد وامبا[25] الذي حكم البلاد كلّها حكما رشيداحازما، فأحبّه النّاس والتفّوا حوله[26].
لقد مثّلت فترة حكم الملك القوطي “إخيكا” الذّي توارث الحكم عن “إفريك”[27]منعرجا هامّا في تاريخ البلاد، إذ أحدث ثلاث اجتماعات (688م/ 693م/ 694م)، أحدث من خلالها تغييرات لعبت دورا هامّا في إطاحة حكم القوط:
- أوّلها تسوية النّزاعات والصّراعات المتوارثة عن السّلف حول السّلطة[28].
- ثانيا، اقتصاديّا، إذ تكبّدت الطّبقة الوسطى الضّرائب والدّيون ممّا أثقل كاهلها، إضافة إلى ذلك، أُثقل كاهل يهود البلاد بالضّرائب، وحُرموا من عدّة وظائف كانت مساهمة في تحسين ظروفهم الماديّة، وذلك بسبب اضطهاد السّلطات لهذه الطّبقة من الشّعب.
- ثالثا، عقائديّا، فانطلاقا من الأخبار تبيّن لنا أنّ الاضطهاد لم يكن يهوديّا فقط بل كان في الآن ذاته مسيحيّا مسيحيّا، فبإقرار الدّولة المذهب الكاثوليكيّ مذهبا رسميّا للبلاد نفت في مقابل ذلك المذهب الآريوسيّ.
إذن، نقرّ بأنّ كلّ هذه العوامل لها دور في خلق اضطرابات وفوضى في جميع الأصعدة (اجتماعيّة، سياسيّة، اقتصاديّة…)، وبالتّالي، باعدت بين السّلطة والشّعب، فنجمت علاقات متنافرة فيما بينها، فبرز مجتمع قابل للثّورة ضدّ هذه السّلطة.
3- آخر أيّام القوط:
كانت فترة نهاية الحكم القوطيّ واستقبال الغزو الأجنبيّى أقلّ سوءا ممّا عانته البلاد في فترة سابقة. وسنهتمّ في هذا الجزء بفترة ما قبل الغزو مباشرة، وهي فترة حكم “غيطشة” خليفة أبيه (أخيكا). وبذلك انقلبت سياسة الحكم القوطيّ من حكم انتخابيّ إلى حكم وراثيّ. وهيّأ غيطشة بدوره الحكم لابنه أخيلا ليرث العرش من بعده.[29]
تواصل اضطهاد اليهود من قبل غيطشة واتّهمهم بالتّآمر مع من تمّ تسميتهم في النّصوص الإسبانيّة أهل ما وراء البحر (los transmavinos).[30] وانتهى حكمه في أواخر 708م.
وممّا لا شكّ فيه أنّ عديد الأحزاب كانت في انتظار موته، خاصّة أفراد البيت المالك أنفسهم. فلغيطشة زوجا أرملة طامعة في العرش وأخا لا يقلّ طمعا عنها (oppa) وكان أسقفا لإشبيلية[31]، وثلاثة بنين هم أخيلا وألمند وأرنست. وتشير بعض الرّوايات إلى شيشبرت، زاعمة أنّه كان أخا لغيطشة أو ابنا له[32]. ويذهب سافييدرا إلى أنّه لم يكن من العائلة بل من المتّصلين بها[33].
وانطلاقا من الأخبار العربيّة والدّراسات الاستشراقيّة، تمكّنا من أن نستقرئ أنّ الحرب اشتدّت بين المتنافسين. وانتهى الأمر بالملكة وابنها بالفرار من طليطلة. وقد دامت هذه الحرب حوالي عام ونصف[34].
ولا يخفى علينا أنّ الطّامعين في بلوغ السّلطة، عددهم لا يُحصى ولا يُعدّ. وحسب الأخبار، فقد تبيّن لنا أنّ من بينهم رذريق الذي تمكّن من استغلال هذه الفوضى لاعتلاء الحكم[35]. وكان قد أعلن نفسه حاكما سنة 710م، وصادر أملاك أبناء غيطشة بعد فرارهم إلى شمال إفريقيا، واعتبرهم ثائرين على العرش. والقانون القوطيّ يقضي بمصادرة أملاك الثّائرين على العرش[36]. ولم يكن هذا الملك الثّائر مرغوباً فيه أيضا، فقد تمّ تنصيبه عقب مجاعة انتشرت بالبلاد، فنصّبته المسيحيّة الكاثولكيّة. وهذا ما جعله مكروها من شعبها الآريوسيّ[37].
واختلفت الأخبار في تحديد أصل رذريق، فهناك من يقول إنّه كان زعيما قوطيّا،[38] كبيرا ذا علم بأمور الحرب والسّلم، وهناك من يقول إنّه ابن “تيودفريدو” دوق “قرطبة” الّذي كان غيطشة قد عاقبه بعد ثورته بسمل عينيه. ومهما يكن من أمر، فإنّ المراجع اللّاتينيّة القديمة تُجمع على أنّه كان رجلا قادرا، وأنّه كان قبل اعتلاء العرش حاكما لولاية بيتيكا[39].
وكما سبق أن ذكرنا، لقد اتّسمت فترة حكمه بالفوضى، وانتشرت في الأخبار أسطورتان في شأنه:
- الأولى، أسطورة التّابوت الذّي فتحه “رذريق” وتنبّأ بنهاية حكمه: “وفتح البيت الذّي كان فيه التّابوت. وكان إذا مات الملك منهم، يكتب اسمه، وكم ولي، ويوضع في ذلك البيت مع تاجه ولا سبيل بعده لفتحه. فلمّا فتحه روذريق أنكرت النّصرانيّة ذلك عليه، وجعلوا مثله ذهبا وفضّة، ولا يفتحه، فلم يقبل ذلك منهم وعزم على فتحه، ففتحه، ووجد في البيت تيجان الملوك وتابوتا فيه صور العرب متنكّبة قسيّها، وفي رؤوسها عمائمها، وعليه مكتوب: “إذا فُتح هذا البيت وأُخرجت هذه الصّور، دخل الأندلس قوم في صورهم فغلبوا عليها”[40]. وتعدّدت دراسات المستشرقين حول حقيقة هذه الرّواية[41]، ممّا يبيّن لنا من خلال بروز هذه الأسطورة أنّ فترة حكم رذريق لم تخل من التفتّت السّياسيّ وانتشار الفوضى والاضطرابات الاجتماعيّة والسّياسيّة[42]. لا يكاد يخلو مصدر أندلسيّ أو مشرقيّ من إيراد هذه القصّة مع اختلاف طفيف في تفاصيلها، إذ نجدها لأوّل مرّة في كتاب “ابن حبيب الأندلسيّ”[43]، وفي “فتوح مصر” لابن عبد الحكم المصريّ”[44]، ثمّ نجدها في كتاب “ابن قوطيّة”[45] و”ابن الكردبوس”[46] و”ابن الشبّاط”[47] وابن عذاري” وابن خلّكان”[48] و”المقّري”[49].
وعنيت الدّراسات الاستشراقيّة بهذه الخرافة، فعدّ René Basset الأقفال والصّور من قبيل الطّلسمات التّي شاع الحديث بين الشّعوب القديمة عن أثرها السّحريّ في حماية المدن أو الآثار القديمة والتّحف الثّمينة، فإذا امتدّت إليها الأيدي بالسّرقة أو الإفساد أو الانتهاك بطل مفعولها السّحريّ.
أمّا Saavedra ففسّر ظهور هذه الخرافة بأنّها تبرير لحاجة رذريق الملحّة إلى المال بغية إخماد ثورة حاول مرتكبوها سلب ثروات مودعة في كنيسة “سان باولو” المجاورة للقصر الملكي” في طليطلة. ولكنّ أمله خاب لأنّه لم يجد ما يسدّ به حاجته، وبالتّالي، نشأت قصّة البيت ذي الأقفال[50].
ويتبنّى حُسين مؤنس رأي Saavedra، إذ يعتبر أنّ حاجة “رذريق” إلى المال، هيّ الدّافع وراء سطو الذّخائر النّفيسة التّي كدّسها القوط قبله في كنيستي “سان بدرو” و”سان بابلو”. فقد جرت العادة على كلّ ملك منهم أن يودع إحدى الكنيستين ثروته. ولمّا اشتدّت حاجة “رذريق” إلى المال حدّثته نفسه بأخذ هذه الذّخائر للانتفاع بها، وقد حذّره القسّ من أن يفعل ذلك، ولكنّه لم يصغ إليه[51].
أمّا Juan Menéndez فقد درس هذه الأسطورة (1901)[52]، ورأى أنّه لا أثر لها في النّصوص العربيّة القديمة، مستقلّة بذاتها كحكاية تؤرّخ نهاية أحد ملوك العجم. ورأى أنّها وثيقة الصّلة بأسطورة صينيّة[53]، ولعلّها اكتسحت النّصوص والرّوايات العربيّة إثر الاحتكاك بالشّعوب الأخرى. ولم تنتشر هذه القصّة ضمن السّرديّات اللاّتينيّة إلاّ لاحقا، إذ لم يكن لها وجود سوى ضمن السرديّات العربيّة[54] التّي أرّخت لظروف دخول المسلمين إلى البلاد.
ويرى “مينديث” أنّ الخرافة إمّا عربيّة ونقلت إلى الصينيّة وإلى المجتمع الإيبيري عند الفتح، أو صينيّة وانتقلت إلى العربيّة، ونقلها العرب بدورهم داخل الحضارة الأوروبيّة، أو عربيّة وتوغّلت في الثّقافة الأوروبيّة.
في المقابل، ظلّت الأسطورة حجّة يعتلّ بها الإسبان لتخفيف مصيبة هذا الغزو اللاّمتوقّع من المسلمين[55]. ويخلص “مينديث” إلى أنّ هذه الأسطورة من إنتاج العرب وهم من حملوها إلى البلاد حينما استوطنوا فيها.
أمّا الخبر الثّاني، فهو الرّواية المتعلّقة ب”رذريق” و”يليان”[56]، إذ يعتبر المستشرقون والنّاقدون قصّة ابنة “يليان” من أساطير الغزو. في حين أنّ المصادر العربيّة والمغربيّة ترى أنّها من الأسباب المحفّزة على الغزو. وتقول الأسطورة إنّ “يليان” أرسل ابنته إلى قصر “رذريق” لتتأدّب وتنشأ مع بنات القوط في ذلك الزّمان. ونالت الفتاة إعجاب رذريق فاغتصبها، فكتبت إلى أبيها تخبره بالأمر، فقرّر الانتقام بإدخال العرب إلى البلاد[57].
وإن اتّفقت أغلب المصادر العربيّة على أنّ “رذريق” هو مغتصب الفتاة، فإنّ ابن خلدون[58] جعل صاحب هذه الفعلة “غيطشة” لا “رذريق”، ويتّفق “سافييدرا” و”ابن خلدون”، إذ يذهبان إلى أنّ الذّي اعتدى على ابنة “يليان” كان “غيطشة”[59] لا “رذريق” لأنّ “غيطشة” كان صديقه أمّا “رذريق” فلم يكن، ومن غير المعقول أن يكون “يليان” قد أرسل ابنته لتتأدّب في قصر ملك بينهما عداوة.
عدّ المستشرقون هذين الخبرين مجرّد خرافات مبثوثة في الأدبيّات العربيّة لإضفاء الطّرافة على الأخبار، وهذا ما اعتدنا على وجوده في الأخبار العربيّة القديمة. وهذا اتّساع في الأخبار لإضفاء التّشويق في حكايات الغزو عند الشّعوب المنتصرة وإبراز الذّات المنتصرة في صورة أسمى وأقوى.
في حين أنّ هذه الأخبار تلوّث الحقيقة التّاريخيّة وتشوّه الوقائع. ولكن لا بدّ أن ننوّه إلى أنّ الدّراسات الأنثربولوجيّة العلميّة الموضوعيّة تنظر في الأساطير وتهتمّ بالخرافات لأنّها تخفي جانبا كبيرا من الحقيقة المختلطة بالأكاذيب والتّلفيقات لإضفاء الإثارة والتّشويق وشدّ آذان السّامع وفكر القارئ.
فلعلّ حكاية التّابوت وراءها إنباء بوجود ثروة أخفاها الملوك السّابقون رغم الحالة الاقتصاديّة المزرية التّي كان يعيشها أهل البلاد آنذاك.
وأمّا قصّة الأميرة المغتصبة فالأقرب أنّ صاحب الفعلة “غيطشة” لا رذريق، وهنا نتّفق مع “ابن خلدون” و”سافييدرا” وحتّى لو قبلنا هذه القصّة، فإننا لا نستطيع أن نجعلها سببا في عبور العرب لأنّ مثل هذا الاعتداء لم يكن يُنظر إليه بالاشمئزاز الذّي يُنظر إلى مثله الآن[60]. ولكنّها تجعلنا نفهم ظروف نشأة هذه الأسطورة، فالمجتمع الذّي هيّأ ظهورها وأسباب انتشارها وربطها بأسباب دخول العرب، يُظهر الفاتح في صورة المخلّص من الظّلم والقهر وأنّ غزوه بلدا ما غايته في ذلك نشر قيم التّسامح والعدل ونبذ الاضطهاد واللاّمساواة.
لا تُعتبر هذه القصّة السّبب الرّئيسيّ للإطاحة بالقوط، بل تظافرت عدّة محفّزات، إذ أحدث العرب غزواتهم في شمال إفريقيا، وأخذ البربر في عقد الصّلح مع العرب، ولم تبق إلاّ سبتة في حكم يليان.
وفي آخر أيّام القوط أضحت البلاد تعيش فوضى عارمة، فشعبها ينتفض ضدّ سالب حرّيتها الدّينيّة، إلى جانب الفوضى السّياسيّة العارمة. وقد واجه الحاكم ثورة معادية من الشّعب ومن أبناء الملك السّابق وأنصاره[61] الّذين كانوا يكنّون له مشاعر الكره والحقد نفسها.
- فكيف استغلّ العرب ثغرات البلاد؟
- وكيف بُنيت استراتيجيّات الغزو؟
4- فكرة الغزو:
بالتّزامن مع سعي رذريق إلى امتلاك السّلطة وتهدئة الاضطرابات الاجتماعيّة ببلاده، وطّد موسى بن نصير[62] نفوذه في شمال إفريقيا.
ولم يدخل الشّمال الإفريقي في حوزة الإسلام بحرب واحدة، بل بسلسلة من الحروب، حوالي سبعين سنة متوالية، ولقوا تعنّتا من قبل سكّان شمال إفريقيا وخاصّة من الكاهنة. وينقل ابن عذاري في جزئه الأوّل من كتابه “البيان المغرب” مواجهات الكاهنة للمسلمين: “وقد قتّلت الكاهنة العرب قتلا ذريعا، وأسرت ثمانين رجلا من أعيان أصحابه، وسُمّي ذلك الوادي وادي العذارى”[63].
وقام عقبة بن نافع في ذي القعدة (21ه/ سبتمبر 642م)، بفتح القيروان، وانتهت العمليّة بحملة “موسى بن نصير”[64]، التّي أخضع فيها المغرب الأقصى سنة (90هـ/ 708م)[65].
ولم يكن إخضاع شمال إفريقيا أمرا هيّنا على المسلمين، ولم يكن فتحا كاملا، إذ تمّ إخضاع سبتة التّي ظلّت تحت حكم “يليان”. واستوطن المسلمون شمال إفريقيا في عهد الوليد بن عبد الملك. ومن الباحثين من اعتبر أنّ فكرة الغزو كانت امتدادا طبيعيّا لفتح المغرب[66]، فقد ارتبط كلاهما بالآخر عضويّا، ووحّدت بينهما الظّروف السّياسيّة.
وقد أجمعت جلّ المصادر العربيّة على أنّ “يليان” قد زيّن البلاد في عيون العرب انتقاما لمغتصب ابنته[67] (حسب الأخبار العربيّة). فقد استبدّ “يليان” بالحكم على طنجة منتهزا بذلك ضعف الدّولة البيزنطيّة. وبعد تمكّن العرب من الاستيلاء على المغرب الأقصى، أضحى خطر المسلمين يهدّد استقلاليّته، ولعلّ تيقّن “يليان” بضعف القوط وخطر المسلمين على بلاده، هو ما شجّعه على التّواصل مع المسلمين وعرض مقترح غزو بلاد القوط. وكان الاتّفاق قد تمّ بين “موسى” و”يليان”[68] على أن يكون هو وأصحابه عونا للمسلمين في حربهم هذه. فاستيطانهم بشمال إفريقيا سيشكّل خطرا على “سبتة”، حيث كانت الأخيرة حصنا منيعا من الحصون الإفريقيّة التّي لم يخضعها المسلمون بعد، كما كانت ثغرا له قيمته على جبل طارق[69].
وتذكر الرّوايات العربيّة أن “يليان” لم يكتف بمخاطبة “طارق في الأمر، بل تكلّف مشقّة الذّهاب إلى لقاء “موسى” في “القيروان” لإقناعه بسهولة الغزو، والتحدّث إليه في الخير الذي يعود عليه إذا سارع وعبر إلى “الأندلس” واغتنم فرصة غياب “رذريق” مع خيرة جنده في حملة حربيّة نحو البلاد[70]. وتختلف المصادر فيما بينها حول:
- كيفيّة اللّقاء ومكانه (دمشق، القيروان)
- صعوبة تحديد صاحب الاتّفاق،
ولكنّ المصادر تتّفق على أنّ فكرة الغزو كانت من جهة “يليان”، فقد استجار بالعرب ظنّا منه أنّهم أهل غارة ومغنم وأنّهم سيزيلون الملك “رذريق” ويغنمون ثمّ يعودون[71].
وهذا التّواصل بين “يليان” والمسلمين هو ما شجّعهم على خوض الحرب وتوسيع الرّقعة الجغرافيّة لبلاد المسلمين التّفاوض بين مركز الخلافة (الوليد بن عبد الملك ت96 هـ/ 715م) وحاكم إفريقيّة (موسى بن نصير)، الذي أشار إليه الوليد بن عبد الملك بأن يختبرها بالسّرايا ولا يغرر بالمسلمين[72]. ولا يُجازف بحياتهم ووافق موسى بن نصير على خوض المعركة[73].
إنّ القراءة الأولى لتهيئة ظروف الغزو الإسلامي تبرز عدم الاهتمام لأمر المنطقة رغم قربها ومكانتها الاستراتيجيّة، ورغم ضعفها السّياسيّ وليونة الاستيلاء عليها.
ففكرة الغزو نبعت من مصدر أجنبيّ غير مسلم. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ بعض الأخبار العربيّة على غرار “ابن عذاري” وغيره،[74] ربط فكرة الفتح ب”عثمان بن عفّان” (دخلها “عبد الله بن نافع بن عبد الله” و”عبد الله بن عبد القيس” و”عبد بن الحصين الفهريان” من جهة البحر زمن عثمان)[75].
وإن كانت فكرة الفتح منذ عهد عثمان بن عفان لما ادّخر المسلمون جهدا في دخول البلاد ولم ينتظروا اقتراح “يليان”، خاصّة وأنّ قدمهم ترسّخت في شمال إفريقيا، ولو كانت فكرة مترسّخة لدى المسلمين لما تشاور “موسى بن نصير” مع “الوليد بن عبد الملك” حول المسألة أصلا.
وبذلك أضحت “شبه الجزيرة الإيبيريّة” مشروعا للغزو الإسلاميّ، نظرا للقرب الجغرافيّ من المدّ الإسلاميّ وتشابه الطّبيعة الجغرافيّة الإيبيريّة وأغلب مناطق شمال إفريقيا من جهة.
ومن جهة أخرى، شيوع الاضطرابات السياسيّة، وكثرة الدّسائس والانقلابات في شبه الجزيرة الإيبيريّة، وانتشار الأزمة الاقتصاديّة بأروبا.
كلّ هذه العوامل هيّأت ظروف “الفتح” وأولى خطواته كانت “سريّة طريف”[76]، وهي آخر محاولات المسلمين قبل الغزو.
5- سرّية طريف:
تسبق هذه المرحلة مشروع الغزو، وتعتبر مرحلة استقصاء لوضع البلاد لمعرفة أوضاعها وعلى وجه الخصوص المنطقة الجنوبيّة منها[79].
ورأى Glyn stanley [80] أنّ أهداف المسلمين تجاه هذا التوسّع غامضة وغير واضحة. أمّا موسى بن نصير فقد امتثل لأوامر الخليفة وجهّز سرّية من 500 رجل[81].
عبر طريف، في قوّة صغيرة، وقدّم له “يليان” أربعا من السّفن عبروا بها[82] لاختبار الجزيرة[83]. هذه المنطقة المحاذية لطنجة عرفت “بجزيرة طريف”، وقد سُمّيت باسمه لنُزوله هنالك، فأغار منها على ما يليها إلى جهة الجزيرة الخضراء[84].
وظفر العرب بغنائم جرّاء عدّة غارات، حيث “قام طريف وأصحابه بسلسلة من الغارات السّريعة على السّاحل غنموا فيها مغانم كثيرة وسبيا عديدا، وعاد طريف بمن معه وبعث إلى موسى في القيروان من الغنيمة والسّبي”[85].
وعادت هذه السرّية إلى إفريقيّة في يوليو (710م/91هـ)[86]، فلمّا كانت السّنة التّالية اغتنم “موسى بن نصير فرصة ابتعاد “رذريق” عن شبه الجزيرة الإيبيريّة لانشغاله بإخماد الثّورات، فجهّز لها مولى آخر من مواليه، هو طارق بن زياد[87].
ويعود استخدام العرب للموالي والأعاجم في الجيش إلى فترة الرّسول “محمد”، إذ استعان في غزواته ببعض الموالي[88]، وعيّنهم على قيادة الجيش رغم أنّ العرب تمقت ذلك[89].
وقدّم “ابن نصير” قيادة الغزو قبل الشّروع فيه وأثناء الغزو إلى قادة برابرة، فهل لشدّة حنكتهم العسكريّة والسّياسيّة تمّ اختيارهم أم للتّسوية بينهم وبين العرب؟
لقد واصل “بن نصير” استغلال الهفوات السّياسيّة التّي وقع فيها “رذريق”[90]، ونجاح سرّية “طريف”، وسرعة تجاوزه العقبات، وعودته إلى إفريقيّة محمّلا بالغنائم شجّعت “بن نصير” على مواصلة الغزو وتنفيذ مشروعه.
ولكن للمستشرقين رأي آخر، فقد اتّفقوا على أنّ الصّراعات السّياسيّة لعبت دورا هامّا في توسيع ثغرات البلاد وتيسير احتلالها[91]، وكان للاضطهاد الدّيني الذّي يقاسيه أصحاب الدّيانات الأخرى (اليهوديّة) دور في خلق المشاعر العنصريّة[92] والوقوف إلى جانب المستعمر.
ويرى البعض أنّ الغزو الإسلاميّ لقي ترحيبا كبيرا من جانب اليهود، إذ هاجر الكثير من يهود أوروبا إلى شبه الجزيرة وتجمّعوا في “قرطبة” و”طليطلة” و”إشبيلية” و”سرقسطة” وخصّصوا أحياء خاصّة بهم[93].
أمّا بالنّسبة إلى غايات هذا التوسّع وأهدافه، فمنهم من يرى أنّ وراءه اعتبارات شخصيّة، وفي بعض الأحيان سياسيّة[94]. والتّسابق بين الأمويين والبيزنطيين في التسلّح للفوز بمعركة التفوّق البحري، أكسب العرب ثقة بالنّفس ودفع بأهدافهم إلى مواقع جديدة دون أن نفصل بين فكرة الفتح ونموّ القوّة العسكريّة الأمويّة في البحر[95].
إنّ هذه الظّروف السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة المضطربة، خلقت محضنا، وهنا يسهل الإطاحة به. فأضحت البلاد فريسة سهلة لكلّ غاز.
6- الخاتمة:
حاولنا من خلال هذه الدّراسة تحليل وتمحيص المحضن السّياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ الذّي هيّأ دخول العرب. ونشير إلى أنّ الأدبيّات العربيّة، قد تداولت أخبار ما قبل دخول العرب فكانت أقرب إلى الأسطورة منها إلى الحقيقة والمنطق. فكانت الأوضاع حينئذ، في نظر الدّيانات المخالفة للكاثوليكيّة، في حاجة إلى مخلّص من براثين القمع والاضطهاد هذا من جهة أولى.
ومن جهة ثانية، مثّلت قصّة اغتصاب “رذريق” ابنة “يليان” أحد أهمّ الأسباب التّي دفعت “يليان” إلى الالتجاء وطلب معونة العرب للانتقام. فأضحى مشروع الغزو بهدف إفشاء العدل بعد أن عانى أهل البلاد ظلم وجور حاكمها.
ومن جهة ثالثة، مثّل نجاح سرّية طريف محفّزا على مواصلة تنفيذ المشروع، خاصّة بعد أن تمكّن من استقصاء أوضاع البلاد والاطّلاع على ثغراتها.
ولكن للدّراسات الاستشراقيّة رأي آخر، إذ درسوا الظّاهرة من داخل محضنها التّاريخيّ والثّقافيّ والسّياسيّ والاقتصاديّ، فاستنبطوا رؤية تختلف عمّا شاع في أخبار المصادر العربيّة، وقدّموا مشهدا مغايرا عمّا ألفه العرب والمسلمون عن هذا الحدث الشّهير الذي مازال السّلف يمجّدونه.
فاستخلصوا أنّ التّكالب على العرش والمؤامرات القائمة بين الحاكم والمنقلبين أضعفت سياسة البلاد وخلقت قطيعة بين الحاكم والمحكوم، ووسّعت الهوّة الفاصلة بين السّلطة والشّعب، ممّا ضعف من نقمة الشّعب على السّلطة أوّلا.
وثانيا، لعب الاستغلال المالي الذي لحق الطّبقات الضّعيفة دورا هامّا في خلق اضطرابات داخل البلاد وتذمّرا من السّلطة وانتشار الاضطرابات الأمنيّة. فشاع انتشار العبوديّة فضلا عن مكوّن الجيش الضّخم من العبيد التّي لم تعد مندفعة في القتال لأجل نظام لا يحميها.
ومن جهة ثالثة، تسبّب قمع يهود البلاد في بروز انشقاق بين معتنقي اليهوديّة والسّلطة، بل بلغ الحدّ بيهود المنطقة إلى التّآمر ويهود شمال إفريقيا إلى الانقلاب على الحاكم، ممّا ضاعف كره أهل البلاد لهم.
وتفضح محاولة انقلاب اليهود على السّلطة تدهور الأوضاع السّياسيّة بالبلاد، وتُعتبر الحقبة السّابقة لدخول العرب البلاد آنذاك من أشدّ فترات “شبه الجزيرة الإيبيريّة” تدهورا وانحلالا. وهذا يفسّر سرعة مرور فترة استقصاء البلاد التّي تزعّمها “طريف” من خلال سرّيته. ولعب “يليان”، الذي اعتبرته الأدبيّات العربيّة ضحيّة جور حاكم اغتصب شرف ابنته في حين اعتبرته الدّراسات الاستشراقيّة خائنا لأهل مذهبه، دورا هامّا في كشف ثغرات البلاد وعوراتها.
نخلص إذن إلى أنّ الحدث واحد وهو حدث فتح الأندلس الشّهير، ولكنّ زوايا النّظر متعدّدة، والرّؤية تختلف من قراءة إلى أخرى، فما أحوجنا إلى توسيع الرّؤية وإعادة قراءة الأحداث من خلال الاطّلاع على مختلف الآراء لاستنباط قراءة جديدة تحيط بجميع المرجعيّات والتصوّرات: الدينيّة والثّقافيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة وغيرها. وممّا لا شكّ فيه أنّنا سنكتشف حقائق قد غيّبت وعلى الأرجح أنّ نظرة التّقديس والتّمجيد لعديد الأخبار قد تتغيّر.
قائمة المصادر والمراجع:
المراجع العربيّة:
- الأمين (إسماعيل): العرب لم يغزو الأندلس: رؤية تاريخيّة مختلفة، فبراير 1991.
- بيضون (ابراهيم): الدّولة العربيّة في إسبانيا من الفتح حتّى سقوط الخلافة 92هـ- 466هـ/ 711م-1031م، دار النّهضة العربيّة، ط3، 1986.
- التّلمسانيّ (أحمد بن محمد المقّري): نفح الطّيب، تحقيق: إحسان عبّاس، ط1، دلر صادر (د.ت).
- التوزري (ابن كردبوس): الاكتفاء في أخبار الملوك، الجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنوّرة، ط1، 2008
- التّوزري (محمد بن علي بن عمر بن الشبّاط): صلة السّمط وسمة المرط، تحقيق: أحمد مختار العبايدي، معهد الدّراسات الإسلاميّة بمدريد، 1966.
- الحميدي (محمد بن فتوح): جذوة المقتبس في تاريخ علماء الأندلس، تحقيق: ابراهيم الأبياري، دار الكتاب المصري، القاهرة، دار الكتاب اللّبناني بيروت، ط2، 1989.
- الحميري: الرّوض المعطار: تحقيق إحسان عبّاس، ط2، مؤسّسة الرّسالة بيروت، 1985
- ابن خلدون (عبد الرّحمان): مقدّمة ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشّأن الأكبر، دار الفكر للطّباعة والنّشر والتّوزيع، بيروت_لبنان، ط1.
- ابن خلّكان (أبو العبّاس شمس الدّين): وفيات الأعيان وأنباء الزّمان، تحقيق إحسان عبّاس، دار صادر بيروت، ط1.
- درويش (هدى): أسرار اليهود المتنصّرين في الأندلس، دراسة عن اليهود المارنواس، معهد الدّراسات الآسيويّة، جامعة الزّقازيق، ط1، 2008.
- زكروط (خليل ابراهيم): فتح العرب المسلمين لبلاد الأندلس، معهد إعداد الملّمين الفلّوجة، مجلّة الدّراسات التّاريخيّة والحضاريّة، المجلّد 4، عدد14، تشرين الأوّل 2012.
- زليم (هشام): مسلمون في الأندلس قبل طارق وطريف، موقع صلة الرّحم بالأندلس، 20 أغسطس 2009.
- سليمان (فاضل): أقباط مسلمون قبل محمّد، تقديم وتذييل محمّد عمارة، الإيداع الإعلامي للتّوزيع، ط1، (د.ت).
- السّلميّ (عبد الملك بن حبيب الأندلسيّ): كتاب التّاريخ، المكتبة العصريّة لبنان، بيروت، ط1، 2008.
- شافية (حدّاد السّلاّمي) ، نظرة العرب إلى الشّعوب المغلوبة من الفتح إلى القرن 3هـ/ 9م، ط1، دار نتشار العربي، 2017
- الطبري (ابن جرير): تاريخ الطبري، دار صادر، ط3، 2008، ج4.
- العبايدي (أحمد مختار): في تاريخ المغرب والأندلس، دار النّهضة العربيّة للطّباعة والنّشر بيروت، ط1.
- العبايدي (أحمد مختار): مقال وصف الأندلس لمحمّد بن علي بن الشّباط المصريّ التّوزريّ، قطعة من وصف الأندلس وصقلّية من كتاب صلة السّمط وسمط المرط لابن الشّبّاط، مجلّة المعهد المصري للدّراسات الإسلاميّة بمدريد، العدد 14، مدريد 1967/ 1968.
- ابن عبد الحكم (أبو القاسم عبد الرّحمان): فتوح مصر وأخبارها، تحقيق: محمد صبيح، ط1، د.ت.
- ابن عذاري (المرّاكشي): البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق ومراجعة: ج. س كولان وليفي بروفنسال، دار الثقافة، بيروت لبنان، ط1، (د.ت).
- أبو الفداء (عماد الدّين إسماعيل بن محمد بن عمر): تقويم البلدان، ط1، دار صاد بيروت، (د.ت).
- ابن قوطيّة، تاريخ افتتاح الأندلس، تحقيق إبراهيم الأبياريّ، المكتبة الأندلسيّة، دار الكتاب المصريّ القاهرة، دار الكتاب اللّبنانيّ، ط2، 1989، ج2.
- المقّري: نفح الطّيب: تحقيق: إحسان عبّاس، ط1، دار صادر (د.ت)
- مكّي (محمّد علي): الأساطير والحكايات الشّعبيّة المتعلّقة بفتح الأندلس، مجلّة المعهد المصري للدّراسات الإسلاميّة بمدريد، عدد23، 1985/ 1986.
- ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، ط7، 2008.
- مؤنس (حسين): فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، دار المناهل للطّباعة والنّشر، ط1، 2002، ص17:
- هيكل (أحمد): الأدب الأندلسيّ من الفتح إلى سقوط الخلافة، دار المعارف، (د.ت)، ط11.
المراجع الأجنبيّة:
- Dozy, Reinhert, Recherches sur l’histoire et la littérature de l’Espagne, 3°éme édition, Paris 1881, tome 1, p15.
- Krappe, Alexander Haggerty, La légende de la maison fermée de Toléde, in Bulletin Hispanique, tome 26, n°4 1924.
- Provençal, lévi, J. Schacht, encyclopédie de l’Islam, Paris éditions, Maisonneuve et La Rose, S.A 1975.
- Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, la conquête de l’émirat hispano-umaiyade, Tome 1, préface d’Abdallah Laroui, Maisonneuve et larose, 1999.
- Stayly, G Payne, A history of spaina,d Portugal, the regents of the university of Winsconsin system all right reserved, the library of iberian resources online, 1973.
[1]– إسماعيل الأمين: العرب لم يغزو الأندلس: رؤية تاريخيّة مختلفة، فبراير 1991، ص54.
[2] -Stayly, G Payne, A history of spaina,d Portugal, the regents of the university of Winsconsin system all right reserved, the library of iberian resources online, 1973.
[3]– عماد الدّين إسماعيل بن محمد بن عمر أبو الفداء: تقويم البلدان، ط1، دار صاد بيروت، (د.ت)،
أحمد بن محمد المقّري التّلمسانيّ: نفح الطّيب، تحقيق: إحسان عبّاس، ط1، دار صادر (د.ت)، ص125:
“في وصف جزيرة الأندلس وحسن هوائها واعتدال مزاجها ووفور خيراتها واستوائها، واشتمالها على كثير من المحاسن واحتوائها، وكرم بقعتها التّي سقتها سماء البركات بنافع أنوائها، وذكر بعض مآثرها المجلوّة الصّور، وتعداد كثير ممّا لها من البلدان والكور المستمدّة من أضوائها”.
[4] -Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, la conquête de l’émirat hispano-umaiyade, Tome 1, préface d’Abdallah Laroui, Maisonneuve et larose, 1999.
[5]– المرّاكشي بن عذاري: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق ومراجعة: ج. س كولان وليفي بروفنسال، دار الثقافة، بيروت لبنان، ط1، (د.ت)، ص5.
[6]– المقّري: نفح الطّيب: “قال سعيد إنّما سمّيت بأندلس بن طوفال بن نوح لأنّه نزلها، كما أنّ أخاه سبت بن يافث نزل العدوة المقابلة لها، وإليه تنسب سبتة، قال وأهل الأندلس يحافظون على قوام اللّسان العربيّ، لأنّهم إمّا عرب أو متعرّبون” المقّري، نفح الطّيب، تحقيق: إحسان عبّاس، ط1، دار صادر (د.ت) ص125.
[7]– المرّاكشي بن عذاري: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، مرجع سابق،ج2، ص1.
[8] -Provençal: «la décadence de la monarchie Gothique à la fin du 7éme siécle», p.1.
[9]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، دار المناهل للطّباعة والنّشر، ط1، 2002، ص17.
[10]– أحمد مختار العبايدي: في تاريخ المغرب والأندلس، دار النّهضة العربيّة للطّباعة والنّشر بيروت، ط1، ص18
[11]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، مرجع سابق، ص17.
[12]– المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
[13]– المرجع نفسه، ص22.
[14]– هشام زليم: مسلمون في الأندلس قبل طارق وطريف، موقع صلة الرّحم بالأندلس، 20 أغسطس 2009، “خلال الأعمال الحفريّة ناحية شاطبة بلنسية، يتعلّق الأمر بالاكتشاف الأركيولوجيّ في شاطبة في يونيو 2004، فقد ظهرت خلال الأعمال الحفريّة نقود تعود إلى العهد الرّومانيّ، إضافة إلى مائة وسبعين قبرا تعود إلى الفترة الإسلاميّة، وشاهد قبور من الرّخام محفوظ بعناية تامّة طوله 70 سم وسمكه 15 سم بوزن يقارب 60 كغ، وعليه كتابات بالعربيّة تشير لاسم المتوفّى، سنة وفاته وآيات قرآنيّة بخطّ كوفيّ.
وهذا ما دافع عنه المستشرق (Ignacio Olague) في كتابه la revolucion islamica occidente، إذ استشعر وجود جماعات إسلاميّة شرق شبه الجزيرة الإيبيريّة قبل سنة 711م وهي سنة الفتح.
[15]– حسين مؤنس: “فلمّا نهض كلوفيس زعيم الفرنجة وأخذ يمدّ سلطانه نحو الجنوب سارع القساوسة لتأييده لأنّه كان كاثوليكيّا، وانضمّ إليه الغال الرّومانيّون، فاستطاع أن يزيح القوط إلى الجنوب ويجليهم عن إقليم تولون”، فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، دار المناهل للطّباعة والنّشر، ط1، 2002، ص19.
[16]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، مرجع سابق، ص17.
[17]– الحميري: الرّوض المعطار: تحقيق إحسان عبّاس، ط2، مؤسّسة الرّسالة بيروت، 1985″طليطلة… بالأندلس (…) وهي مركز لجميع بلاد الأندلس (…) كانت دار الملك بالأندلس حين دخلها طارق ولها أسوار حسنة وقصبة حصينة”، الحميري: الرّوض المعطار: تحقيق إحسان عبّاس، ط2، مؤسّسة الرّسالة بيروت، 1985، ص393
[18]– Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit., p.3.
[19]– الحميري، الروض المعطار، “طركونة بالأندلس قاعدة من قواعد العمالقة وجعلها قسطنطين في القسم الثالث من الأندلس”، ص392.
[20]– “قرطبة قاعدة الأندلس وأمّ مدائنها ومستقرّ خلافة الأمويين”، الحميري: الرّوض المعطار: تحقيق إحسان عبّاس، ط2، مؤسّسة الرّسالة بيروت، 1985، ص456.
[21]– حسين مؤنس، مرجع سابق، ص20.
[22] -Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit.,P.3.
[23]– فاضل سليمان: أقباط مسلمون قبل محمّد، تقديم وتذييل محمّد عمارة، الإيداع الإعلامي للتّوزيع، ط1، (د.ت)، ص49.
[24]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، مرجع سابق،ص24.
[25] -Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit., p.4.
[26]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، مرجع سابق، ص24.
[27] -Provençal: «Après ErvigEgica, probablement un parent de Wamba reçoit le sceptre à la fin de 687 pour conserver jusqu’au début du 8éme siécle» P5.
[28]– Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit., p.5.
[29] -Provençal, Op. Cit., p.6.
[30]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، مرجع سابق، ص26
[31]– Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit.,P.6.
[32]– Ibid., p6-7.
[33]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، مرجع سابق، ص27.
[34]– المرجع نفسه، ص27.
[35]– Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit., p.7.
[36]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، مرجع سابق، ص29.
[37]– فاضل سليمان: أقباط مسلمون قبل محمّد، مرجع سابق، ص 180.
[38]– ابن عذاري، “وفي كتب العجم أنّ رذريق هذا لم يكن من بيت المملكة بل كان زنيما وكان من عمّال الملك بقرطبة، وقتل وخشندش بعدما خالف الحكم عليه، فغيّر الحكم، وأفسد سنن الملك منهم”، ص3.
[39]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، مرجع سابق، ص177.
[40]– المرّاكشي بن عذاري: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، مرجع سابق، ص3.
[41] -Krappe, Alexander Haggerty, La légende de la maison fermée de Toléde, in Bulletin Hispanique, tome 26, n°4 1924, P305-311: «la maison de roi l’ouvrit et y trouva vingt-cinq couronnes ornées de perles et de jacintes au nombre des rois qui avaient régné en Espagne, car sitôt que mourait un roi, on déposait sa couronne dans cette maison et l’on y écrivait le nom de roi, son âge à sa mort et couronne dans cette maison et l’on y écrivait le nom de roi, son âge à sa mort et le nombre des années qu’il avait été sur le trone»
[42]– Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit., p8.
[43]– عبد الملك بن حبيب الأندلسيّ السّلميّ: كتاب التّاريخ، المكتبة العصريّة لبنان، بيروت، ط1، 2008، ص22.
[44]– أبو القاسم عبد الرّحمان بن عبد الحكم: فتوح مصر وأخبارها، تحقيق: محمد صبيح، ط1، د.ت، ص12.
[45]– ابن قوطيّة، تاريخ افتتاح الأندلس، تحقيق إبراهيم الأبياريّ، المكتبة الأندلسيّة، دار الكتاب المصريّ القاهرة، دار الكتاب اللّبنانيّ، ط2، 1989، ج2، ص56.
[46]– ابن كردبوس التوزري: الاكتفاء في أخبار الملوك، ط1، الجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنوّرة، 2008.
[47]– محمد بن علي بن عمر بن الشبّاط التّوزري، ، صلة السّمط وسمة المرط، تحقيق: أحمد مختار العبايدي، معهد الدّراسات الإسلاميّة بمدريد، 1966، ص85.
[48]– أبو العبّاس شمس الدّين بن خلّكان: وفيات الأعيان وأنباء الزّمان، تحقيق إحسان عبّاس، دار صادر بيروت، ط1، ص6.
[49]– محمّد علي مكّي: الأساطير والحكايات الشّعبيّة المتعلّقة بفتح الأندلس، مجلّة المعهد المصري للدّراسات الإسلاميّة بمدريد، عدد23، 1985/ 1986، ص14.
[50]– Krappe, Alexander Haggerty, La légende de la maison fermée de Toléde, Op. Cit., p307.
[51]– محمّد علي مكّي: الأساطير والحكايات الشّعبيّة المتعلّقة بفتح الأندلس، مرجع سابق، ص32.
[52]– Krappe, Alexander Haggerty, La légende de la maison fermée de Toléde, Op. Cit., p.307.
[53] -Kappe: «même après sa mort il (confucius) donnait des preuves se son omniscience. Quand le méchant empereur Tsin-Schi-Hung, après avoir soumis tous les états de l’Empire, arriva au pays de Confucius, il voulut faire ouvrir le tombeau du philosophe pour voir ce qu’il contenait. Tous mes magistrats voulurent l’en détourner, mais il ne les écouta pas. On se mit donc à l’œuvre d’excavation ; et l’on toucha au cercueil dans la chambre principale du tombeau. Le bois en paraissait tout neuf, et quand on y frappait il retentissait comme si= eut été du bronze. A gauche di cercueil il y avait une porte qui conduisait dans une autre chambre. On y voyait un lit, une table couverte de livres et d’habits tout comme si eut été l’habitation d’un vivant.
Tsin-Schi-Huang s’assit sur le lit en regardant le plancher. Il aperçut et sans poussiére. Appuyé au mur était un bâton de bambou. Soudain ; un tableau apparut ou était écrits quelques vers:
Tsin-Schi-Huang a détruit six royaumes, il a ouvert mon tombeau et y a trouvé mon lit. Il a volé mes souliers et saisi mon bâton. Quand il vint à Schakiu, il trouva la mort.
Effrayé, Tsin-Schin-Huang fit refermer le tombeau, mais à peine fut-il arrivé à Schakiu qu’il fut pris d’une grave maladie dont il mourut en peu de temps» p308.
[54] -Krappe, Alexander Haggerty, La légende de la maison fermée de Toléde, Op. Cit., p308.
[55] -Dozy, Reinhert, Recherches sur l’histoire et la littérature de l’Espagne, 3°éme édition, Paris 1881, tome 1, p15.
[56]– أمّا نسب يليان فهو محلّ اختلاف الباحثين والمؤرّخين، فبروفنسالو”دوزي” و”سافييدرا” يرجّحون أنّه ذو أصول بربريّة، وأنّ اسم يليان ظهر في القرن العاشر واسمه الأصلي olban، وهو مسيحي من أصل عربي.
وهذه الاستنتاجات التّي استخلصها المستشرقون لم تبن من فراغ، إذ ربطوا اسم olban بنهر بالمغرب اسمه عليان، وانتهج “سيمونت”، وسافيدرا، علم الأنساب لاستخلاص أصول “يليان”، فذهبا إلى أنّ اسم يليان ظهر في القرن العاشر، وابن يليان أسلم ولقّب نفسه عبد الله. ومنهم من يزعم أنّه روميّ، ومنهم من يزعم أنّه بربريّ من عمارة، وبقدر اختلافهما بنسبه اتّفقا على أنّه حاكم سبتة، وكان في حكمه شبه مستقلّ عن الدّولة البيزنطيّة خاصّة عندما قلّت الإمدادات عنه من الدّولة وهو ما دعاه إلى توثيق علاقته مع من جاوره من البربر حتّى ظنّه بعض المؤرّخين بربريّا.
– Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit., p7-13.
[57]– ابن قوطيّة، تاريخ افتتاح الأندلس، مرجع سابق، ص55.
[58]– عبد الرّحمان ابن خلدون: مقدّمة ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشّأن الأكبر، دار الفكر للطّباعة والنّشر والتّوزيع، بيروت_لبنان، ط1، ص 128.
[59]– ملك الأندلس قبل رذريق.
[60]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، مرجع سابق، ص29
[61] – Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit., p16-17.
[62]– محمد بن فتوح الحميدي: جذوة المقتبس في تاريخ علماء الأندلس، تحقيق: ابراهيم الأبياري، دار الكتاب المصري، القاهرة، دار الكتاب اللّبناني بيروت، ط2، 1989، ص15.
[63]– المرجع السّابق ج1، ص26.
[64] -Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit.,P12.
[65]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، مرجع سابق، ص47.
[66]– ابراهيم بيضون: الدّولة العربيّة في إسبانيا من الفتح حتّى سقوط الخلافة 92هـ- 466هـ/ 711م-1031م، دار النّهضة العربيّة، ط3، 1986، ص22.
[67]– Provençal, Lévi, Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit., p14.
[68]– خليل ابراهيم زكروط: فتح العرب المسلمين لبلاد الأندلس، معهد إعداد الملّمين الفلّوجة، مجلّة الدّراسات التّاريخيّة والحضاريّة، المجلّد 4، عدد14، تشرين الأوّل 2012، ص2.
[69]– أحمد هيكل: الأدب الأندلسيّ من الفتح إلى سقوط الخلافة، دار المعارف، (د.ت)، ط11، ص85
[70]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، مرجع سابق، ص127.
[71]– المرجع نفسه، ص110.
[72]– المرّاكشي بن عذاري: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، ص5.
[73]– Provençal, Lévi: Histoire de l’Espagne musulmane, Op. Cit., P15.
[74]– ابن جرير الطبري: تاريخ الطبري، دار صادر، ط3، 2008، ج4، ص15.
[75]– المرّاكشي بن عذاري: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، مرجع سابق، ص65.
[76]– ابن عذاري: “فبعث موسى بن نصير عند ذلك رجلا من البربر، يسمّى طريفا”: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ص5.
[77]– ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، ط7، 2008: “السّريّ، المختار، والسّرّية قطعة من الجيش، يقال خير السّرايا أربعمائة رجل. التّهذيب، وأمّا السّرّية من سرايا الجيوش فهي فعيلة بمعنى فاعلة، سُمّيت سرّية لأنّها تسري ليلا في خفية لئلاّ ينذر بهم العدوّ فيحذروا أو يمتنعوا. يقال سرى قائد الجيش سرّية إلى العدوّ إذا جرّدها وبعثها إليهم وهو التّسرية” المجلد 7، ص179.
[78] -Provençal, lévi, J. Schacht, encyclopédie de l’Islam, Paris éditions, Maisonneuve et La Rose, S.A 1975.
“هو طريف بن مالك من البربر، يكنّى أبا زرع وهو طريف البربري مولى موسى بن نصير الذّي تُنسبُ إليه جزيرة طريف”، ص241.
[79]– خليل ابراهيم زكروط: فتح العرب المسلمين لبلاد الأندلس، مرجع سابق، ص36.
[80] -A history of Spain and Portugal the library of Iberien online, the regent of the university of wisconsin system, all right reserved, copy right 1973 : «their goals were apparently ambigous at first», p.39.
[81]– المرّاكشي بن عذاري: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، ص6.
[82]– حسين مؤنس: فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلاميّ إلى قيام الدّولة الأمويّة، مرجع سابق، ص128.
[83]– ابن عذاري: “فأشار الوليد بأن يختبرها بالسّرايا، ولا يضرّر بالمسلمين، فبعث موسى بن نصير عند ذلك رجلا من البربر، يسمّى طريفا ويكنّى أبا زرعة، في مائة فارس وأربعمائة راجل، فجاز في أربعة مراكب حتّى نزل في ساحل البحر بالأندلس”، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، مرجع سابق، ص5.
[84] -Encyclopedia of Islam, Op. Cit., P.241.
[85] -Manuel, Marin, Al Andalus et les andalousiens, P.44.
[86] -R. Dozy, Histoire d’Espagne musulman, Op. Cit., P.44.
[87] -Ibid.
[88]– أحمد مختار العبايدي: مقال وصف الأندلس لمحمّد بن علي بن الشّباط المصريّ التّوزريّ، قطعة من وصف الأندلس وصقلّية من كتاب صلة السّمط وسمط المرط لابن الشّبّاط، مجلّة المعهد المصري للدّراسات الإسلاميّة بمدريد، العدد 14، مدريد 1967/ 1968.
[89]– السّلاّمي حدّاد: شافية، نظرة العرب إلى الشّعوب المغلوبة من الفتح إلى القرن 3هـ/ 9م، ص146.
[90] -Dozy, Spanish Islam : «next year, Musa took advantage of the absence of Roderic who was engaged in qelling a rising of the Basques » p.230.
[91] -M. Lacroix, beauté de l’histoire de la domination des arbres en Espagne et en Portugal, London.
[92]– هدى درويش: أسرار اليهود المتنصّرين في الأندلس، دراسة عن اليهود المارنواس، معهد الدّراسات الآسيويّة، جامعة الزّقازيق، ط1، 2008، “وقد صدرت عدّة قرارات من الجانب المسيحيّ تمنع استخدام اليهود في الأعمال وتؤكّد ضرورة عتق أي عبد مسيحيّ يملكه يهوديّ، إضافة إلى منع زواج المسيحيّات باليهود ومنع الختان وحرمان اليهود من مزاولة شعائرهم الدينيّة. كما صدرت قرارات بحرق وقتل ورجم كلّ من يؤدّي شعائر غير مسيحيّة ممّا اضطرّ بعض اليهود إلى اعتناق المسيحيّة، وإقامة شعائر الدّين المسيحيّ وأكل لحم الخنزير لإثبات صدق تنصّرهم”، ص9.
[93]– هدى درويش: أسرار اليهود المتنصّرين في الأندلس، دراسة عن اليهود المارنواس، مرجع سابق، ص11.
[94]– ابراهيم بيضون: الدّولة العربيّة في إسبانيا من الفتح حتّى سقوط الخلافة 92هـ_466هـ/ 711م_1031م، ص71.
[95]– المرجع نفسه، ص 72.