ملخّص:
تُعَدّ شخصيّة كعب الأحبار إحدى الشّخصيّات التي اختلفت المواقف منها قديمًا وحديثًا، ولم يكن كعب مجرّد يهوديّ يمنيّ أسلم بل هو أحد مُسلِمة اليهود الذين نُسبت إليهم روايات تتضمّن تفصيلاً لِما ورد مجملاً في النّصّ القرآنيّ وحججًا تقضي بصدق نبوّة محمّد. وفَحْصُ هذه الرّوايات من شأنه أن ينيرَ السّبيل أمام طبيعة اليهوديّة التي كان يؤمن بها كعب، وربّما من شأنه كذلك أن يسلّطَ بعض الضّوء على ملامح اليهوديّة في الجزيرة العربيّة عمومًا.
الكلمات المفاتيح: كعب الأحبار- النّبوّة – قصص – يهوديّة – يهود – توراة – قرآن – سيرة – حديث – روايات – مستشرقون.
Abstract:
The personality of Ka’b al-Ahbar is one of the characters that has been debated throughout history, both ancient and modern. Ka’b was not just a Yemeni Jew who converted to Islam; he was one of the Jewish Muslims to whom narratives were attributed, providing detailed accounts of what is generally mentioned in the Quran and arguments affirming the truth of Prophet Muhammad’s prophecy. Examining these narratives may shed light on the nature of Judaism as believed by Ka’b and perhaps illuminate some aspects of Judaism in the Arabian Peninsula in general.
Keywords: Ka’b al-Ahbar – Prophecy – Narrations – Jews – Judaism – Torah – Koran – Biography – Hadith – Traditions – Orientalists.
1- مقدمة:
سنحاول في هذه الورقة أن نستدلَّ على أنّ شخصيّة كعب الأحبار كما تمثّلتْها كُتُب السّيرة والتّاريخ والتّفسير أسهمت في تحقيق أمريْن على قدر غير قليل من الأهمّيّة، أحدهما تمثّل في البحث عن حجيّة الإسلام خارج منطق القوّة، وذلك بانتزاع الاعتراف من الآخر أي اليهوديّ استنادًا إلى مصادره، والثّاني يتبدّى في ملْء الفجوات التي تركها القرآن باختزاله قِصص الخلق والأمم الغابرة وأنبياء بني إسرائيل. ولمّا كان كعب الأحبار حبرًا يهوديًّا، فإنّنا حاولنا أن نقدِّمَ مقاربة حول ملامح يهوديّته وعلاقتها بالإسلام الذي ادّعى الدّخول فيه، وسعيْنا في مُجمل أمرنا إلى الإجابة عن الإشكالات المتعلِّقة بالمسائل المذكورة. ولمّا كانت شخصيّة كعب الأحبار، بما تطرحه من قضايا تتعلّق بأصالة الإسلام، شخصيّة مثيرة للجدل، فقد عمدنا إلى عرض خلاصة مواقف الكُتّاب المسلمين والمستشرقين من هذه الشّخصيّة وخلفيّاتهم، وناقشناها.
2- الاعتراف:
لم يحسم الإسلام معركته مع اليهود بالإقناع والدّليل على ذلك أنّ محمّدًا بعد أن يئسَ من افتكاك الاعتراف به نبيًّا طرَد بعضهم وصفّى البعض الآخر[1]. ورغم دخول بعض الشّخصيات اليهوديّة في الدّين الجديد، فإنّ معظمهم رفض بناءً على قناعات راسخة تصديق محمّد[2]، وقد ذكرت كُتُب السّيرة والتّفسير والتّاريخ ذلك بكلّ إسهاب. ومن هذا المُنطلق مثّلت شخصيّة كعب الأحبار، بما نُقِل عنها من روايات تدلّل على أنّ نبّوة محمّد موجودة في التّوراة، حجّة على صدْق دعوته. وقد أحِيط هذا التّابعيّ بِهالة من الإعجاب نلفيها واضحة في المصادر التي أرّخت لسيرة محمّد وسيرة نصّه[3]. ورغم أنّ القرآن يشير صراحة إلى أنّ أهل الكتاب حرّفوا كتبهم [4]، فإنّ الكتّاب المسلمِين قد تقبّلوا دون حرَج اعتماد كعب الأحبار على التّوراة بوصفها مصدرًا لتأكيد حجيّة نبوّة محمّد. وقد يكون هاجس البحث عن اعتراف الآخر بالدّين الجديد خارج منطق السّيف هو الذي جعل كتّاب السيّرة لا يروْن حرجًا في هذا التّناقض، وكذلك كُتُب التّفسير والتاّريخ. ولعلّ الرّوايات المختلفة التي نقلت تنصيص كعْب على صفة محمّد ونعته في التّوراة، تعود في مجملها إلى ما أورده ابن سعد في الطّبقات.
3- نبوّة محمّد ودليل صدقها في التّوراة:
تضمّنت كُتُب السّيرة ما أضمره القرآن حول دلائل نبوّة محمّد، من ذلك قصّة جدّه عبد المطّلب مع سيف بن ذي يزن وقصّة تعرّف الرّاهب بحيرى إلى نبوّته[5]، والواضح أنّ اليهود أُنْطِقُوا في كُتُب السّيرة باعترافات تسجِّل معرفتهم بنبوّة محمّد بل إنّهم كانوا ينتظرونه. ولمّا كان من غير مِلّتهم، رفضوه حسدًا. ويصحّ الافتراض أنّ يكونَ كعب الأحبار قد وجّه الكتّاب المسلمِين نحو هذه الوِجهة. وهذا ما يحملنا على عدّ ما نُسِب إلى مُسلمة اليهود أو إلى النّبِيّ في هذا الموضوع توْسعة لِما رُوِي عن هذا الحبْر ومُسلمة اليهود بصفة عامّة. ونذكر في هذا الصّدد رواية تنصّ على إقرار كعب بوجود صفة النّبيّ في التّوراة، وقد أخرجها ابن سعد في طبقاته من خمس طرق، ويتردّد صدى هذه الرّواية بنصّها زيادة أو نقصانًا وبأسانيد مختلفة ومُتباينة من حيث درجة إسنادها، في كُتُب التّفسير والتّاريخ[6]. وقد تخيّرنا ثلاث روايات وهي:
– “أخبرنا معن بن عيسى، أخبرنا معاوية بن صالح عن أبي فروة عن ابن عباس أنّ سأل كعب الأحبار: كيف تجد نعت محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم، في التّوراة؟ فقال نجده محمّد بن عبد الله مولده بمكّة ومُهاجره إلى طابة، ويكون ملْكه بالشّام، ليس بفحّاش ولا بصخّاب في الأسواق، ولا يجزي السيّئة بالسّيئة، ولكن يعفو ويغفر”[7].
-“أخبرنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال بلغنا أنّ عبد الله بن سلاّم كان يقول : إنّ صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في التّوراة، يا أيّها النّبيّ إنّ أرسلناك شاهدا ومبشّرًا ونذيرًا، وحرزًا للأميّين، أنت عبدي ورسولي سمّيتك المتوكّل لست بفظّ ولا غليظ ولا صَخِب بالأسواق، لا تجزي السّيّئة بالسّيّئة، ولكن تعفو وتصفح، ولن أقبضه حتّى يقيم الملّة المتعوّقة، بأن تقول لا إله إلاّ الله، وتفتح به أعْينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا، فبلغ ذلك كعبًا فقال: صدق عبد الله بن سلام إلاّ أنّها بلسانهم أعينًا عموميّين وآذانًا صمُوميِّين وقلوبًا غلوفيّين”[8] .
-“فحدّثني صالح عن جعفر، عن محمّد بن عقبة عن ثعلبة بن مالك ، قال ثعلبة وأسيد بنا سعيّة وأسد بن عبيد عمّهم: يا معشر بني قريظة والله إنّكم لَتعلمون أنّه رسول الله وأنّ صفته عندنا، حدّثنا به علماؤنا وعلماء بني النّضير – هذا أوّلهم، يعني حيي بن أخطب- مع جبيْر بن الهيبان، أصدق النّاس عندنا، هو خبر ما بصفته عند موته”[9].
يبدو أنّ مضمون شهادة كعب، بغضّ النّظر عن صحّة الأسانيد، قد أخذ في التّضخّم والتّدقيق حتّى أنّه بات يتحدّث عن صفات المسلمِين. والرّأي الذي يمكن أن نطمئنَّ إليه يتمثّل في أنّ الكتّاب المسلمين اضطرّوا إلى هذا التّضخيم حين احتدام الصّراع بين المِلل الثّلاث؛ الإسلام والمسيحيّة واليهوديّة. ولعلّ الشّهادة من يهوديّ حِبْر يدّعي امتلاك التّوراة الصّحيحة، تُعَدُّ حجّة دامغة لِتَبْكيت المسيحيِّين واليهود.
ولئن عدم محمّد الحيلة لإقناع يهود المدينة، فإنّ كعبًا قد تمكّن من ذلك من منظور كونه عالمًا بالتّوراة الصّحيحة، ويمتلك الأدلّة المُفحمة لِإفحام اليهود وتثبِيت المسلمين على دينهم. بيد أنّه من العسير على الباحث أن يقطعَ بوجود كعب الأحبار بالصّيغة التي تذكرها كُتُب السّيرة والتّفسير والتّاريخ، ولكن بإمكانه بقليل من التّدقيق والحذر الاستنتاج أنّ كثيرًا من الرّوايات قد نُسِبت إليه، لاسيّما أنّ تدوين هذه الكُتُب في مرحلة أولى كان في فترة تمكّن خلالها مؤلِّفوها من معرفة مقبولة بالنّصوص الكتابيّة. وهذه معرفة خوّلت لهم تجاوزَ الاكتفاء بالإشارات المنصوص عليها في القرآن، بوصفه كلام الله الذي لا يرتقي إليه شكّ، إلى دعْم هذه الإشارات خصوصًا أنّ الخصوم لم يقبلُوا بها حجّة وشدّدوا على ضرورة وجود دليل من النّصوص الكتابيّة على نبوّة محمّد، مع إنكارهم لوجود هذا الدّليل. وقد مثّل مسلمة اليهود والمسيحيّة القناة التي مكّنت الكتّاب المسلمِين من العودة إلى هذه النّصوص في مُنافحتهم على الإسلام، نظرًا إلى إحاطتهم بالنّصوص الكتابيّة وما فيها من مقاطع ميسيانيّة[10]. ويكشف تقرير ثيماتاوس حول خلافه مع الخليفة المهديّ، أنّ المعنيّ، بالمقاطع الميسيانيّة التي احتجّ بها، ليس نبيّ الإسلام[11]. وبما أنّ الجدل الإسلاميّ المسيحيّ كان أكثر بروزًا في بداية القرن الثّاني،فإنّ المسيحيّين نسَبُوا تحوّلَ موقف القرآن منهم إلى مُسلمة اليهود؛ كعب الأحبار وعبد الله بن سلاّم ووهْب بن المُنبّه، ورأوْا أنّهم شوَّهوا المسيحيّة وافترَوْا عليها. ومثل هذا الموقف تؤكّده رسالة عبد المسيح بن إسحاق الكنديّ ومقالة السعردي[12] رغم فيها من خلْط تعلّق بجعل كعب الأحبار من الذين واكبوا دعوة محمّد. ومن المعقول في هذا الصّدد أن نقرَّ بتطوّر مقالة دلائل النّبوّة من القول بوجودها في التّوراة على لسان كعب ومسلمة اليهود عمومًا إلى الاستشهاد بمقاطع نصيّة كتابيّة من المصدر مباشرة. ولعلّ ما أحوج إلى هذه المقالة ونسبتها إلى كعب الأحبار هو أوّلاً الاعتراف بنبيّ الإسلام على لسان الضّالعين باليهوديّة وكُتُبِها، وقد استمرّ المسلمون في هذا المسلك الدّفاعي أثناء جدلهم مع اليهود من خلال التّرويج لِكتابات يهود أسلموا، من ذلك كِتاب “رسالتان في الرّدّ على اليهود لأبي محمّد عبد الحقّ الإسلاميّ[13]، وكتاب السّموءل المغربيّ “بذْل المجهود في إفحام اليهود[14]“، وهو ثانيًا تبريرٌ لإقصاء محمّد لليهود بالطّرد والتّصفية. ولهذا الفهْم وجاهته، فاليهود، قد اعترضُوا على نبوّة محمّد وعدُّوه نبيًّا كاذبًا[15]، وحاربوه وخيّروا مغادرة الدّيار والموت صبرًا على أن يقبلوا بالإسلام دينًا لهم[16].
ومهما يكن من أمر فإنّ مشكلة الاعتراف بنبوّة محمّد من مصادر يهوديّة مثّلت ضرورة في صدر الإسلام وفي مرحلة التّدوين، وتطورت بتطوّر النّقاش بين المِلَل الثلاث.
3- 1- ملء الفراغات:
ذكر القرآن قصّة الخلق وقصص أنبياء بني إسرائيل، بيد أنّه لم يفصِّل القول فيها. وبما أنّ الأديان لا تكتمل بالتّشريعات وحسب، وإنّما بتشكيل مخيال يُجيب على أسئلة البدْء والمصير وعن أخبار الأمم الغابرة وقِصَصها، فإنّ كعب الأحبار غذّى هذه الفجوة، ورفع حرجًا كبيرًا عن المفسِّرِين الذين كانت تعْوزهم هذه المادّة. ثمّ إنّ العرب لم يكونوا أهل كتاب، ولم يكن اليهود الذين عاشوا بين ظهرانِيهم سواء في مكّة أو في المدينة يمتلكون رصيدًا يُشفي غليلهم، وقد تعرّض ابن خلدون إلى هذه المسألة بقوله: “والسّبب في ذلك أنّ العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم، وإنّما غلبت عليهم البداوة والأميّة. وإذا تشوّقوا إلى معرفة شيء ممّا تتشوّق إليه النّفوس البشريّة في أسباب المكوّنات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنّما يسألون عنه أهل الكتاب قبله، ويستفيدونه منهم وهُم أهل التّوراة من اليهود ومن تبِع دينهم من النّصارى. وأهل التوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلاّ ما تعرفه العامّة من أهل الكتاب ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهوديّة. فلمّا أسلموا بقُوا على ما كان عندهم ممّا لا تعلّق له بالأحكام الشّرعيّة التي يحتاطون لها مثل أخبار بدْء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك. وهؤلاء مثل كعب الأحبار ووهب بن منبّه وعبد الله بن سلام وأمثالهم. فامتلأت التّفاسير من المنقولات عندهم في أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم وليست ممّا يرجع إلى الأحكام فيتحرّى في الصّحّة التي يجب بها العمل. وتساهل المفسّرون في مثل ذلك وملؤوا كُتُب التّفسير بهذه المنقولات. وأصلها كما قلناه عن أهل التّوراة الذين يسكنون البادية، ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه مــن ذلك إلاّ أنّهم بعُد صيتهم وعظمت أقدار لِما كانوا عليه من المقامات في الدّين والملّة، فتلقّيت بالقَبول من يومئذ”[17].
وليس ثمّة من شكّ في أنّ الشّخصيّات التي تمتلك معرفة بقصص الماضي، كانت تحظى في الثّقافة الشّفويّة باحترام كبير. وإنّنا لَنجد روايات عديدة تعزّز هذا التّوقير حتّى إنّ ابن عبّاس لُقِّب بالحبر قياسًا على كعب الأحبار، ووجْه الشّبه هو سِعَة المعرفة والاطّلاع[18]، وقد شهد له عدَد غير قليل من الكتّاب المسلمِين المرمُوقِين بغزارة علمه وعدالته.
4- مرويّات كعب ومواضيعها:
تدور مرويّات كعب حول مواضيع تتّصل بالأخرويّات وقصص الأنبياء والمواعظ. وقد قَبِلها الصّحابة والتّابعون. ويمثل عبد الله بن عباس أحد رؤوس العلم الذين حذوْا حَذْوَه، ثمّ نهَل من مَعِين رواياته كتّاب السّيرة والتّاريخ والتّفسير.
ولعلّنا لا نبالغ إن زعمنا أنّ كعب الأحبار ومُسلمة اليهود بصفة عامّة أسهمُوا بشكل فعّال في صياغة أدبيّات الإسلام، وجعْله يغادر دائرة الحلال والحرام. وقد وفّر القرآن السّياقات من خلال ما ورد فيه من قِصص مُوجَزة حول الخلْق والأمم الغابرة وبني إسرائيل. ويصحّ الافتراض في هذا الصّدد أنّ كُتّاب السّيرة والتّفسير والتّاريخ قد جعلوا من مسلمة اليهود وتحديدًا كعب الأحبار مطيّة للتّوسّع في هذا الباب وتوطينه تدريجيًّا بنسبته إلى الرّسول وصحابته[19]، وضبْط معيار لِقبول مرويّات مسلمة اليهود من ذلك أن تكونَ متطابقة مع النّص القرآنيّ أو على الأقلّ لا تناقضه.
5- كعب والنّصوص اليهوديّة:
قدِم كعب من اليمن وهي مركز شهدت حضورًا مميّزًا لليهود، فقد استقامت لهم دولة حكمها ذو نواس ودافع فيها عن معتقده[20]. وبالعودة إلى كُتُب السّيرة نعثر على أخبار مضمونها أنّ اليهوديّة في اليمن كان مصدرها يثرب وتحديدًا كاهنيْن من بني قريظة[21]، وهناك أخبار أخرى تزعم أنّ اليهود في اليمن حلّوا منذ عهد سليمان[22]. ومهما يكن أمْرُ هذه الأخبار من حيث الصّحّة، فإنّ ابن الحميريّة؛ كعب الأحبار توفّر على علم باليهوديّة يفوق عِلْم يهود بالمدينة، فعبد الله بن سلام الذي كان أوّل من آمن بمحمّد لم يُؤْثَر عنه ما أُثِر عن كعب. لكنّ السّؤال الذي من المُفترض الإجابة عنه في هذا السّياق، ما هي اليهوديّة التي يُدين بها كعب؟
تبدو الإجابة عن هذا السّؤال في غاية الصّعوبة نظرًا إلى أنّ يهود اليمن أو يثرب قد تأثّروا بالثّقافة المحليّة ونشؤوا في فضاء حرّ غير ملتزم بكهنوت رسميّ[23]، وليس أمامنا لِتذليل هذه الصّعوبة إلاّ تتبّع أربعة محاور:
5- 1- منزلة التّوراة عند كعب:
تشير الرّوايات إلى أنّ كعبًا أسلمَ تبَعًا لوجود قرينتيْن في التّوراة؛ الأولى وجود صفة محمّد في التّوراة، فقد أخرج ابن سعد عن سعيد بن المسيّب قال: “قال العبّاس لكعب ما منعك أن تُسْلِمَ على عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر رضي الله عنه حتّى أسلمت الآن على عهد عمر رضي الله عنه، فقال كعب: إنّ أبي كتب لي كتابًا من التّوراة ورفعه إليّ، وقال لي اعمل بهذا وختَم على سائر كُتُبه وأخذ علي بحقّ الوالد على وَلَده أن لا أفضّ الخاتم، فلمّا كان الآن ورأيت الإسلام يظهر ولم أرَ بأسًا قالت لي نفسي لعلّ أباك غيّب عنك علمًا كتَمَك فلو قرأته ففضت الخاتم فقرأته فوجدت فيه صفة محمّد وصفة أمّته فجئت مسلمًا…”[24].
والقرينة الثّانية تتمثّل في تضمّن التّوراة لصفة عمر وأتباعه الذين سيفتحون بيت المقدس “فوالله إنّي لذات ليلة فوق سطح إذا رجل من المسلمين يتلو قول الله تعالى “يَا أَيُّهَا الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً” فلمّا سمعت هذه الآية خشِيت أن لا أصبح حتّى يُحوَّلَ وجهي في قفاي فما كان شيء أحبّ إليّ من الصّباح فغدوْت فسألت عن أمير المؤمنِين حتّى دخلت عليه فأخبرته هذا الخبر وأسلمت وقرّبني وأحببت المسلمين وأحبّوني فسألتهم عن الخير والشّرّ فزادني الله يقينًا قال ثمّ قلت لعمر يا أمير المؤمنِين إنه مكتوب في التّوراة أنّ هذه البلاد التي كان بنو إسرائيل أهلها مفتوحة على رجل من الصّالحين رحيم بالمؤمنين شديد على الكافرين سرّه مثل علانيّته وقوله لا يخالف فعْله والقريب والبعيد سواء في الحقّ عنده أتباعه رهبان باللّيل وأسد بالنّهار متراحمون متواصلون متبارّون فقال له عمر ثكلتك أمّك يا كعب الأحبار أحقّ ما تقول قال فقلت أيْ والذي يسمع ما أقول قال فالحمد لله الذي أعزّنا وشرّفنا بمحمّد (صلى الله عليه وسلم) ورحمته التي وَسِعت كلّ شيء”[25].
لعلّ ما يجعل من هاتيْن الرّوايتيْن على قدْر كبير من الأهميّة، أنّ المرجع في تحديد حجّيّة الإسلام عند كعب هو التّوراة. ويمثّل ردّ فعل عمر في الرّواية الثانية دليلاً على أنّ الخليفة الثّاني يَعُدُّ بدوره التّوراة مرجعًا إن لم يكن للتّصديق فللتّأكيد. ولا غرو في ذلك، فالرّواية تذكر أنّ لابن الخطّاب سوابق في تبجيل التّوراة، فقد دخل على محمّد وبيده أسفار منها ممّا أغضب النّبيّ[26]، ولم يرَ عمر غضَاضة في أن يقرأَ كعب التّوراة آناء اللّيل والنّهار شرط أن تكونَ مصدِّقة لما نزل به القرآن. يُروى في هذا الصّدد أنّ كعب الحبر أتى عمر بن الخطاب بسفر وقال له: هذه التّوراة، فأقرؤها، فقال عمر: إن كنت تعلم أنّها التي أنزل الله عزّ وجلّ على موسى فأقرأها آناء اللّيل والنّهار[27].
5- 2- المقارنة:
كان كعب الأحبار يقارن القرآن بالتّوراة “فاتحة التّوراة فاتحة الأنعام وخاتمة التّوراة خاتمة سورة هود…[28]“. ويذهب إلى أنّ أوّل ما نزل من التّوراة عشر آيات وهي العشر التي نزلت في آخر الأنعام[29]. ثمّ إنّه تناءى إلى سمعه صوت رجل يقرأ “وقُل تعالُوا اتل ما حرّم ربّكم عليكم” فقال: والذي نفس كعب بيده إنّها لَأوّل شيء نزل في التّوراة[30].
يؤكّد المثالان؛ الأوّل والثاني أنّ كعبًا ينظر إلى القرآن بعيْن التّوراة، ولا تقتصر هذه النّطرة على المسائل المُتعلّقة بالأخرويّات وقصص الأنبياء والأمَم الغابرة أو المواعظ بل تجاوزت ذلك إلى ترتيب كلّ منهما.
5- 3- عدم التّشكيك في التّوراة:
يذهب ولفنسون (I. Welfenson) إلى أنّ “أهمّ دليل على أنّ كعبًا لم يجد أيّ تناقض بين دِينه وبين دِين أجداده القديم أنّه لم يرْم اليهود بتهمة تزوير بعض الآيات في التّوراة، مثلما فعل عبد الله بن سلام ومحمد بن كعب القرظي[31]“. وهذا الموقف تؤيّده الرّوايات المختلفة التي عرضنا حول صفة النّبي وصفة عمر في التّوراة أوفي مقارنته بين مواقع الآيات في الكتابيْن، فإذا بطُل المرجع بطلت معه الحّجة. ثم إنّ كعبًا كان ينعت التّوراة بأنّها كتاب الله أمام الصّحابة ولم يجدوا حرجًا في ذلك[32].
5- 4- طريقته في طرح المسائل ومصادره:
يذكر ولفنسون أنّ مصادر كعب في شرح الآيات القرآنية هي قصص التّوراة وأسفار الكتاب المقدّس والرّوايات القصصيّة المعروفة بالمدراشيم. ولمّا انتشرت رواياته، نهَج الصّحابة والتّابعون نهجه في التّفسير وتدبّر تاريخ بني إسرائيل[33]، ويشير ولفنسون أيضًا إلى أنّ كعب الأحبار كان يسلك مسلك أحبار التلمود في نقاشه لآيات القرآن. ومن الرّوايات التي احتج بها أبو ذؤيب رواية عن مالك “قال: رأى كعب رجلاً ينزع نعليْه فقال لمَ خلعت نعليك؟ لعلّك تأوّلت هذه الآية: “اخْلَعْ نعليْك إنّك بالواد المُقَدَّس طوى”، ثمّ قال كعب للرجل أتدري ممّا كانت نعلاَ موسى، قال مالك، لا أدري ما أجابه الرّجل، فقال كعب: كانتا من جلد حمار ميت. “ويعتقد ولفنسون أنّ ما قاله كعب ليس له أصل المصادر اليهودية وإنّما هو من القصص الشّفوية الشائعة بين يهود العرب[34].
غير أنّ نيوبي (G. D. Newby) حاول، من خلال الرّواية التي اتّهم فيها ابن عباس كعبًا بالكذب ثلاثًا وبكذب حبريّته إثر قوله بأنّ الله سيأتي بالشّمس والقمر على هيئة ثوريْن عقيريْن، البرهنة على أنّ مصدر روايات كعب هو يهوديّة تأثّرت بسفر أخنوخ[35]، في حين يذهب برنار شبيرَا (B. Chappira) إلى أنّ كعبًا يستند إلى مادّة هاجاديّة طوّعها لِتكونَ متطابقة مع القرآن[36].
5-5- يهوديّة كعب:
تشير المرويّات المُتعلقة بنبوّة محمّد أو بالأخرويّات أو بأخبار الأمم السّابقة إلى أنّ كعباً كان ملازمًا للتّوراة لا يفارقها[37] وهي عمدة أمْره في ذبّه عن الإسلام، مثلما كان متشبِّثًا ببعض مقدّساتها. وتشي هذه المرويّات أيضًا بطبيعة اليهوديّة التي كان عليها كعب. فهل يصحّ القول بأنّه لم يفارق يهوديّته طالما أنّه يمتلك التّوراة الصّحيحة؟ وهل يمكن القبول أيضَا بأنّه مسلم ويهوديّ في آن معًا؟ وأيّ وجاهة في تحديد يهوديّة كعب؟
إن ما يحمل الباحث على تقليب النّظر في هذه التّساؤلات هي جملة المفارقات التي نلفيها في كُتُب السّيرة والحديث والأخبار، فكعب يمتلك نسخة من التّوراة الصّحيحة ومع ذلك يؤمن بالقرآن. وهذا الأمر إن صحّ يمثّل مشكلاً حقيقيًّا، ذلك أنّ مقالة التّحريف تُمثّل دعامة صلبة للإسلام لو بطُلت تبطل شرعيّته[38]، وإن لم يصحّ فكيف تكون التّوراة حجّة على نبوّة محمد؟ يبدو أنّ الكتّاب المسلمِين قد وقعُوا في هذا المأزق من خلال إخراجهم للجدل الدّينيّ بين محمّد واليهود هذا الإخراج، فالنّبيّ كان ينشُد الدّليل في كُتُبهم مع يقينه بتحريفها. إنّ هذه المفارقات لا تفضي إلى معرفة صدْق إسلام كعب من عَدَمه، لأنّ هذا الأمر يصعب تأكيده أو نفْيه، بل يقودنا إلى التّدقيق في طبيعة يهوديّة كعْب بدرْسِ تمثُّلَيْن لهذه اليهوديّة: الأوّل لإسرائيل ولفنسون ومفاده أنّ كعب الأحبار حافظ على يهوديّته، حتّى أنّه لم يعدَّ الإسلام دينًا جديدًا وإنّما تقبّله بوصفه تطورًا لحياته في بلاد العرب حيث كان يحلّ المشاكل الإسلاميّة بالعودة إلى الآداب اليهودية[39]، وهذا الرّأي غير بعيد عمّا ذهب إليه برنار شبيرَا في مقالته حول يهوديّة مُعدَّلة لكعب الأحبار صاغها استجابة لخصوصية الإسلام[40]،ولا نظنّ أنّ المقصود هو النّظر إلى يهوديّة كعب بوصفها استمرارًا لليهوديّة المُتمَسّحة التي وفرّت حسب سترومسا (G.Stroumsa) مادّة نهَل منها محمّد حُجَجه في ردّه على المسيحيّة واليهوديّة[41].أمّا الثاني فلنويبي وهالبرين، ومجمله أنّ يهودية كعب يهوديّة رؤيويّة تأثّرت بسفر أخنوخ المنحول وهو ما أكّداه في مقالهما “ثوران عقيران دراسة في هاجاديّة كعب الأحبار” ورجّحَا أن تكونَ هذه اليهوديّة هي التي واجهها محمّد[42].
إنّ أوّل اعتراض على هذه التّمثّلات ليهوديّة كعب، تتبدّى في أنّ هذه الشّخصيّة وردت في كُتُب السّيرة والتّفسير والتّاريخ بعيدة عن أساسها التّاريخيّ، وهذا التّمثّل يعكس مشاغل أصحاب هذه الكُتُب أكثر من أيّ شيء آخر. أمّا الاعتراض الثّاني فيكمن في أنّ الاعتماد على بعض الرّوايات، بغضّ النّظر عن صحّتها، لا يفضي إلى البتّ في طبيعة يهوديّة هذه الشّخصيّة، وإنّما يقودنا إلى عدّ كلّ رواية جزءًا من أجزاء كثيرة يصعب الجمع بينها. والأقرب إلى الصّواب أن تكونَ الرّوايات المنسوبة إلى كعب قد تشكّلت في سياقات مختلفة منها ما تعلّق بالجدل الإسلاميّ المسيهوديّ، ومنها ما كان متَّصلاً بالفراغات التي تركها القرآن في القَصَص المذكور في متنه. ومن ثمّة فإنّ هذه الرّوايات لا تدلّ على طبيعة يهوديّة كعب بقدر ما تكشف أنّها روايات مُركّبة من عناصر مختلفة حسب حاجة كُتُب التّفسير والتّاريخ وقصص الأنبياء إلى ذلك. لقد كان كعبًا نواة توسّعت بمقدار حاجة المؤلّفين المسلمِين إلى ذلك. وعلى هامش هذه التّوسعة يمكن أن نكوّنَ صورة معقولة لِيهوديّة هذا التّابعي، مع ذلك تبقى غير واضحة ما لم يتمّ تأييدها بالفحْص الدّقيق للحياة الدّينيّة والرّوحيّة ليهود المدينة.
6- المواقف من كعب:
6- 1- مواقف الكتاب المسلمين المعاصرين:
لقد حامت حول شخصية كعب الأحبار شبهات عديدة أبرزها ما نُلفيه في بعض الآثار المسيحيّة المتقدّمة التي حاولت أن تُقِيم الدّليل على تدخّل كعب في بناء صورة مُستهجنَة للمسيحيّة والمسيحيِّين في القرآن، من ذلك نذكر رسالة عبد المسيح الكنديّ و أخبار السّعردي ونصّ رؤيا الرّاهب بحيرى، وهي نصوص تشير إلى أنّ كعبًا باتّصاله بمحمّد غيّر زاوية نظره للمسيحيّة[43]، ورغم أنّ هاته النّصوص تتضمّن خلطًا كبيرًا في تمثّل سيرة محمّد وسيرة نصّه، فإنّها توفّر للباحث شهادة على الشّبهة التي لَحِقت بكعب الأحبار في مقالات المسيحيّين المبكّرة. ولعلّ هذه الشّبهة أحوجت الكتاّب المسلمِين الأوائل، كلّما تقدّمنا في الزّمن، إلى نسبة عدد كبير من روايات كعب إلى النّبيّ أو إلى أبي هريرة أو ابن عبّاس أو إلى صياغتها بطريقة تنطوي على إدانة صريحة أو ضمنيّة لهذا الحبْر. وليس من الفائدة القليلة الإشارة إلى أنّ الكتّاب المسلمِين المعاصرِين قد طوّروا مقالاتهم على هدْي الشّبهة المذكورة، حتّى أنّهم عدُّوا كعبًا مدلّسًا وعدوًّا للإسلام وساوَوْا بينه وبين عبد الله بن سبإ بل أضحى عند بعضهم ضالعًا في قتْل عمر[44]، وقد ترسّخت هذه القناعة عند هؤلاء الكتّاب بالنّظر إلى مثابرة عدد من المستشرقين لتأكيد تأثّر الإسلام باليهوديّة منذ أبراهام جيجر(A. Geiger) وفنسك (A. Wensinck)على الأقلّ. على أنّ الدّراسات الإسلاميّة المعاصرة لم تتضمّن إدانة كعب فقط، فبعضها انتصر لهذه الشّخصيّة بتأكيد حسْن إسلامها وعدالتها. ومن هؤلاء نذكر خليل إسماعيل إلياس الذي حشد في الفصلين الثّاني والثّالث من كتابه “كعب الأحبار وأثره في كتب التّفسير” [45]، طائفة من الحجج لدرء شبهتيْن عن كعب، إحداهما تتمثل في التّظنّن على عدالته، والثّانية فرْية اتّهامه بالاضطلاع بمؤامرة لقتل عمر. أمّا الشّبهة الأولى فمسلك إبطالها كان بِبَيان إجماع علماء الجرح التّعديل على عدّ كعب ثقة حتى أننّا لا نلفي في كتبهم حول المتروكِين والضّعاف ذكرًا لكعب، وثناء الصّحابة على علمه الوفير من ناحية، و تأكيد تبجيل بعض الكتّاب لما عليه هذا الحبر من صلاح وتقوى، حتى أنّ أبا نعيم الإصفهانيّ قد ترجم له في حلية الأولياء من ناحية أخرى[46]. ولم يكتف خليل إسماعيل إلياس بحشْد الحجج لردّ مطاعن من يشكّون في عدالة كعب، بل محّص النّظر في الرّواية التي تشير إلى تكذيب ابن العباس لكعب والرّواية التي تتضمّن العبارة الشّهيرة المنسوبة إلى معاوية “وإنّا كنّا –مع ذلك – لنبلونّ عليه الكذب”، مؤكّدًا زيْف هذا الشّك استنادًا إلى الحجج التي ذكرها حول عدالة كعب، وإلى المقصود بكلمة كذب في العبارة المذكورة، إذ تعني الخطأ وليس التّقوّل أي الإخبار عن الشّيء بخلاف ما هو عليه، فكعب الأحبار لم يكذب وإنّما نقل ما تمّ له من علم بأهل الكتاب. وقد عاد خليل إسماعيل في الاستدلال على هذا التّأوّل للكذب إلى ما ذكره ابن حبّان وابن الجوزي وابن حجر العسقلاني والقاضي عياض وغيرهم في هذه المسألة[47]، ثمّ أورد حجّة منطقيّة لإبطال رمْي كعب بالكذب فمعاوية الذي قال عن كعب “لنبلونّ عليه الكذب” قد أثنى على غزارة علمه “لاَ إنّ كعب الأحبار أحد العلماء إن كان عنده لَعلم كالبحار وإنْ كنّا فيه لمفرطين”[48]. أمّا الشّبهة الثاّنية وهي فرية قتْل عمر، فقد عمد فيها إلى إبراز الخلل المنطقيّ في تفكير متّهمي عمر، فكيف يمكن تصديق كُتُب التّاريخ أي ما أورده الطّبري حول قصّة تنبّؤ كعب بمقتل عمر والشّطط في تأويلها وضرْب ما صرحت به كُتُب الجرح والتعديل، في شأن هذه الشّخصيّة؟ بمنطق آخر كيف يمكن اتّهام كعب وهو الثقة العدل حسَن الإسلام؟[49]. ثمّ بيّن عدم تماسك الرّواية سندًا ومتنًا، فالسّند يتضمّن ضعيفيْن ومجهوليْن، أمّا المتن ففيه ما لا يقبله العقل، من ذلك أنّ كعبًا الفطِن الدّاهية لا يمكن أن يضطلعَ بمؤامرة خطيرة كهذه ويكشف عن أمره بهذه السّذاجة[50].
يبدو أنّ الدّافع الأساسيّ لِمن أدان كعب من الكتّاب المسلمِين المعاصرين هو درْء شبهة تأثّر الإسلام باليهوديّة[51] واستتباعاتها لا سيّما أنّ ملامح المشروع الصّهيوني أخذت في التّشكل في تلك الفترة، فضلاً عن حرص عدد منهم في إطار الحركة الإصلاحيّة إلى تنقية الدّين من الشّوائب والبدع والخرافات. أمّا الذين ثابروا في الدّفاع عنه، فكانت غايتهم درْء الحرج المُتمثّل في اعتراف عدد من الكتّاب المسلمِين القدامى والمشهود لهم بالعدْل، بحسْن إسلامه وصدْق عِلمه، إضافة إلى ما يمكن أن يترتّبَ عن التّشكيك فيه مِنْ سقوط لمادّة غزيرة لا غنًى عنها في إضاءة ما كان مُعتمًا في النّصّ القرآنيّ، ومِنْ طعْنٍ في شهادة محدِّثِين وفقهاء كبار ثبَت بالحجّة والدّليل إشادتهم بِكعب وخصاله.
6- 2- مواقف المستشرقين:
يُعَدّ إسرائيل ولفنسون المستشرق الوحيد على حدّ علمنا الذي خصّ شخصيّة كعب بدراسة موسَّعة، أمّا نيوبي فقد تعرّض إليها في موضعيْن؛ الأوّل في كتابه “تاريخ يهود بلاد العرب” وتحديدًا في سياق تدبّر طبيعة اليهوديّة في المدينة، والثّاني في مقاله المُشترك مع هالبرين “ثوران عقيران؛ دراسة في هاجاده كعب الأحبار”. ويمثل مقال برنار شبيرَا” الأساطير الكتابيّة المنسوبة إلى كعب الأحبار” من بين المقالات الجادّة التي تناولت هذه الشّخصيّة ودورها في نقل المادّة الهاجاديّة إلى المتن الإسلاميّ. ورغم أهمّية الإضاءات التي قدّمتها هذه المراجع، فإنّها بقيت تراوح مكانها في الاستدلال على دور المكوّن اليهوديّ في تشكيل أدبيّات الإسلام، وعدّت شخصيّة كعب وما نُسِب إليها من روايات دليلاً على هذه المصادرة. صحيح أنّ اليهوديّة مثّلت رافدًا مهمًّا للإسلام لكنّ حصْر المؤثّرات المختلفة في جهة واحدة يُعدّ عيبًا منهجيّا ونقيصة معرفيّة، لأنّه يعكس النّزعة الإيديولوجيّة أكثر ممّا يعكس النّزعة العلميّة المحايدة، ذلك أنّ الإسلام نشأ حسب روبرت هويلند(R. Hoyland) في مُختبَر يمكن من خلاله ملاحظة التّحوّلات الدّينيّة التي أفرزت ولادة الدّين الجديد وأفول نجم الوثنيّة[52]، ومن ثمّة ليس من المعقول- حسب ستروسما- أن نختزلَ، في واقع مُعقّد سياسيًّا ودينيًّا، جذور الإسلام في جذر واحد[53].ومن هذا المنطلق تعكس شخصيّة كعب بدورها تعقيدًا مزدوجًا، فهي قناة لِفَهم طبيعة اليهوديّة وخصوصيّتها في الجزيرة العربيّة في القرن السابع من جهة، ولفهم دوْر هذه اليهوديّة في تشكيل تمثّل الكتّاب المسلمِين لِمَا ورد موجزًا في نصّهم وفي صياغة خطاب مُتماسك للرّد على خصومهم من جهة أخرى.
7- الخاتمة:
إنّ أهمّ ما يمكن أن نخلصَ إليه أن شخصيّة كعب الأحبار بما نسب إليها من روايات، من شأنها أن تُنيرَ السّبيل لتفهِّم ملمحٍ رئيسيٍّ من ملامح طبيعة اليهوديّة زمن محمّد، مثلما تبيِّن دوْر مُسلمة اليهود في تكيِيف معارفهم الكتابيّة لملء الفجوات التي تركها النّص القرآنيّ في الأخرويّات وقصص الأنبياء والمواعظ، وتقديم حُجَجٍ على نبوّة محمّد. ولقد وسّع الكتّاب المسلمُون في مرحلة مّا المتن المنسوب إلى كعب حتّى أنّهم أنطقوه بما كان يشغلهم زمن التأسيس لسيرة محمّد وسيرة نصّه وبما من شأنه أن يمكّنهم من الرّدّ على خصومهم، ونسبُوا في مرحلة لاحقة جزءًا من هذا المتن إلى النّبيّ وصحابته. ونظرًا إلى البعد الإشكاليّ لهذه الشّخصيّة، فقد اختلف الكتّاب المسلمون المعاصرون في تمثّلهم لها وتقييمها، أمّا المستشرقون فرغم الإلماعات المفيدة والجريئة التي قدّموها حول كعب الأحبار فإنهم استمرّوا في تطوير مقالة من سبقوهم حول التّظنّن على أصالة الإسلام.
المصادر والمراجع:
باللّسان العربيّ:
- ابن خلدون (عبد الرحمن بن محّمد)، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشّأن الأكبر، المحقق: خليل شحادة، دار الفكر، بيروت،ط2، 1988 م.
- ابن سعد (محمد)، الطبقات الكبرى، تحقيق محمد علي عمر، 4ج، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1، 2001.
- ابن سلّام (القاسم)، غريب الحديث، 12ج، تحقيق محمد عبد المعيد خان، مطبعة دائرة المعارف العثمانيّة، حيدر آباد- الدكن، ط1، 1964.
- ابن عساكر (أبو القاسم علي بن الحسن)، تاريخ دمشق، تحقيق عمرو بن عرامة العمروي، 80ج، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، سنة النشر 1995.
- ابن هشام عبد الملك (رواية عن وهب بن المُنَبَّه)، التيجان في ملوك حمير، تحقيق مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، الجمهورية العربية اليمنية، ط1، .
- ابن هشام (عبد الملك)، السّيرة النّبويّة، تحقيق عمر عبد السلام التدمري، 4ج، دار الكتاب العربي، لبنان – بيروت، ط3، 1990.
- أبوريّة (محمود)، أضواء على السنة المحمّدية، دار المعارف-القاهرة، ط6. د.ت.
- الإسلاميّ (أبو محمد عبد الحقّ)، رسالتان في الرّد على اليهود، تحقيق عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلميّة، لبنان- بيروت، ط1، 2001.
- الإصفهاني (الحافظ أبو نعيم أحمد عبد الله)، حلية الأولياء، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت- لبنان، 1996.
- التوي (السّيّد)، محمد واليهود في المدينة من خلال دراسات المستشرقين، أطروحة دكتوراه مرقونة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان، سنة 2019.
- الحميري (سليمان بن موسى، أبو الربيع)، الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله- صلى الله عليه وسلم – والثلاثة الخلفاء، 2ج، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1999.
- الذهبي (شمس الدين أبي عبد الله)، تهذيب تهذيب الكمال في أسماء الرّجال، تحقيق غنيم عباس غنيم، مجدي السيد أمين، 11ج، الفاروق الحديثة للطّباعة والنشر، ط1، 2004.
- رضا -محمد رشيد بن علي)، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، 12ج، الهيئة المصريّة للكتاب، 1999.
- الطبري (محمد بن جرير أبو جعفر)، تاريخ الطبري؛ تاريخ الرسل والملوك- وصلة تاريخ الطبري (لعريب بن سعد القرطبي)، 11ج، دار التراث- بيروت، ط1، 1968.
- العسقلاني (أحمد بن علي بن حجر)، فتح الباري شرح صحيح البخاري،13ج، دار المعرفة- بيروت، ط1، 1959.
- القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد)، الجامع لأحكام القرآن،20 ج (10 مجلدات)، تحقيق أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصريّة- القاهرة، ط2، 1964.
- القرطبي (أبو محمد علي بن أحمد)، الفصل في الأهواء والملل والنحل، 15ج، مكتبة – القاهرة،
- المغربيّ (السّموءل بن يحيى بن عباس)، بذل المجهود في إفحام اليهود، مطبعة الفجالة، القاهرة، ط. د.ت.
- الواقدي (محمد بن عمر أبو عبد الله)، المغازي، تحقيق مرسدن جونس، عالم الكتب، ط3، 1984.
- الواقدي (محمد بن عمر أبو عبد الله)، فتوح الشّام، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1986.
- ولفنسون (إسرائيل)، كعب الأحبار، مراجعة محمود عباسي، مطبعة الشرق التعاونية، شعفاط- القدس 1976.
- ولفنسون (إسرائيل)، كعب الأحبار، وتسبقه دراسة للأثر اليهودي في الحديث النبوي والتفسير، كتب الدراسة وراجع الترجمة، لويس صليبا، دار ومكتبة بيبليون، جبيل/ بيبلوس،لبنان، ط2، 2011.
باللّسان الأجنبيّ:
- j. Wensinck, Mouhammed and the Jews of Medina, with an excursus Muhammed’s constitution of Medina by Julius Wellhausen, Translated by Wolfgang H. Behn. Second editions, Berlin Adiyok 1982.
- Camilia Patricia Wilhelmina Maria Adang, Muslim Writers in Judaism and the Hebrew Bible From Ibn Rabban to Ibn Hazm, Nijmegen 1993.
- Bernad, Légendes bibliques Atribuées A Ka’b El-Ahbar. In. Revue des études Juives , tom 269 n(137-138)1919(86-107).
- David J. Halprerin and Gorden D. Newby, Two Castred Bulls: A Study in the Haggadah of Ka’b AL-Aḥbār, A.O.S, Vol.102, No.4(Oct-Dec.,1982), pp.631-632.
- Gorden D. Newby, A History of the Jews of Arabia, Erom Ancient Times to their Elipse under Islam, The University ofSouth Carolina Press, Culumbia , 2009.
- Haggi Mazuz, The Religious and Spritual Life of the Jews of Medina, Leiden, Boston, 2014.
- Reuven Firestone, The failure of Jews program of Public Satire in the Square of Medin, Jerusalem 46, 4(1946)
- Reuven Firestone, Jewish culture in the formative period of Islam, in, culture of the Jews, v1, Mediterranean Origin, A New History, Edited by David Bial, Shocken Books, New York, 2002.
- Stroumsa, Jewish Christianity and Islamic Origins, Koninklijke Brill NV, Leiden, 2015 (Pp 72-96).
[1]– خاض النّبيّ ثلاث معارك مع القبائل اليهوديّة بالمدينة ومع يهود خيبر، فطرد بني قينقاع وبني النّضير بعد حصارهم وصفّى بني قريظة بعد حصار دام خمسة وعشرين يومًا. لا شكّ في أنّ هناك اختلافات حول تمثّل هذه المعارك في كُتُب السّيرة لا سيّما في ما يتعلّق بعدد القتلى، ولكن من المؤكّد أنّ اليهود لم يقبلُوا الإسلام على الأقل أغلبهم، فكان مصيرهم الإجلاء أو الإهلاك. وقد حاولت كُتُب السّيرة تقديم المبرِّرات الدّينيّة والسّياسيّة والعسكريّة لِتصرّف محمّد مع اليهود.
[2]– A. J. Wensinck, Mouhammed and the Jews of Medina,With an excursus Muhammed’s constitution of Medina by Julius wellhausen, Translated by Wolfgang H. Behn. Second editions, Berlin Adiyok 1982.
[3]– Chapira Bernad, Légendes bibliques Atribuées, A Ka’b El-Ahbar, in, Revue des études Juives, tom 269 nº (137-138), 1919, (86-107).
[4]-“مِنَ الذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عن مَوَاضِعِه ويَقُولوُنَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا واسْمَعْ غَيْر مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وأَطَعْنَا واَسْمَعْ وانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ لَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّـهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً.” المائدة (46:4).
[5]– محمد ابن سعد، الطبقات الكبرى، تحقيق محمد علي عمر، 4ج، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط،ج1، ص 180.
[6]– أخرج بن سعد ما نقل عن كعبٍ حول صفة محمد ونعته في التوراة من خمسة طرق بأسانيد مختلفة في تفاصيل صغيرة، 2001 ابن سعد، الطبقات، ج1، ص309. انظر لحافظ أبو نعيم أحمد عبد الله الإصفهاني، حلية الأولياء، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت- لبنان 1996، ج 5، ص387.
[7]– ابن سعد، الطبقات،ج1، ص360.
[8]– المرجع نفسه، ج1، ص270، 310.
[9]– محمد بن عمر أبو عبد الله الواقدي، المغازي، تحقيق مرسدن جونس، عالم الكتب، ط3، 1984.ج2، ص 503/ ابن سعد، الطّبقات، ج5، ص395.
[10]-Camilia Patricia Wilhelmina Maria Adang, Muslim Writers in Judaism and the Hebrew Bible From Ibn Rabban to Ibn Hazm, Nijmegen 1993, P.101
[11]– Ibid., Id.
[12]– إسرائيل ولفنسون، كعب الأحبار، وتسبقه دراسة للأثر اليهوديّ في الحديث النّبوي والتّفسير، كتب الدّراسة وراجع الترجمة، لويس صليبا، دار ومكتبة بيبليون، جبيل/ بيبلوس، لبنان ط2، 2011. انظر الفصل الخامس من الكتاب (كعب الأحبار في المصادر المسيحية القديمة ص127-136) وفيه نقَل الكاتب مضمون رسالة عبد المسيح الكنديفي ردّه على عبد الله الهاشمي وأخبارًا عن السعردي وردت في تاريخه كعبًا قد حرّض على المسيحيّين.
[13]– أبو محمد عبد الحقّ الإسلاميّ، رسالتان في الرّدّ على اليهود، تحقيق عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلميّة، لبنان- بيروت، ط1، 2011. “ونحن نستعين بالله في الردّ عليهم وبطلانهم وما يوافقون عليه وينكرون، بل ولا يقدرون على إنكاره، وإنّما أرمِيهم بأحجارهم وآخذهم بإقرارهم، وأستخرج ذلك من كتبهم المنزلة بزعمهم”، ص29.
[14]– السموءل بن يحيى بن عباس المغربيّ، بذل المجهود في إفحام اليهود، مطبعة الفجالة، القاهرة، ط. د.ت.
[15]– A. J. Wensinck, Mouhammed and the Jews of Medina, With an excursus Muhammed’s constitution of Medina by Julius wellhausen, Translated by Wolfgang H. Behn. Second Edition, Berlin Adiyok 1982, p43.
[16]– تجمع كُتُب السيرة تقريبًا على أنّ يهود بني قينقاع والنّضير رفضوا الدّخول في الإسلام وخيّروا الرّحيل، أمّا يهود بني قريظة فقد خيّروا الموت على تصديق محمّد واتّباعه.
[17]– عبد الرحمن، بن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، 8ج، تحقيق خليل شحادة،دارالفكر-بيروت،ط2، 1988 م، ج1، ص554- 555. يذكر ابن خلدون أنّ القرآن وأحبار اليهود الذي هاجروا إلى الإسلام يمثلان مصدرين أساسييْن في معرفة قصص الأنبياء. المصدر نفسه، ج2، ص 21.
[18]– أطلق على عبد الله ابن العباس الذي نسبت إليه المعرفة بأحوال الأمم السابقة، ألقابًا مثل تلك التي حملها كعب الأحبار فهو حبر الأمة وربانيّها. “أخبرنا محمد بن عبد الله ……عن سفيان الثّوري عن سالم أبي حفصة عن أبي كلثوم قال: لمّا دُفن ابن عبّاس قال ابن الحنفية: اليوم مات رباني هذه الأمة” ابن سعد، الطبقات، ج2 ص 317″ أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا ابن أبي …. عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال: قال كعب الأخبار مولاك ربانيّ هذه الأمة هو أعلم من مات ومن عاش.” المصدر نفسه، ج2، ص 3.
[19]– يشير ولفنسون إلى أنّ أبا هريرة كان يرجِعُ في المسائل الإسرائيليّة إلى كعب الأحبار وأورد خبرًا في هذا الصّدد عن فضائل يوم الجمعة ، غير أنّ مسلمًا في صحيحه لم ينسب شيئًا ممّا رواه في مناقب يوم الجمعة إلى كعب أو إلى عبد الله بن سلام بل إنه لم يذكرها ونسبها إلى الرّسول مباشرة، وحسب ولفنسون: “تبدو هذه الظّاهرة ساطعة لامعة حينما نجد في المصادر القديمة روايات وجّه فيها أبو هريرة السّؤال إلى كعب الأحبار، وإلى عبد الله بن سلام، ثمّ نرى هذه الروايات نفسها قد نُسِبت في المصادر المتأخّرة إلى الرّسول مباشرة، فلا شك في أنّ أصحاب هذه المصادر وهم بعض جامعي الروايات في القرن الثالث للهجرة، لم يرُق لهم لأمر من الأمور أن يقبلوا رأيًا من مصدر يهوديّ أو ممّن اعتنقُوا الإسلام حديثًا، فآثروا أن تُروى الرّواية وتنسب إلى الرسول مباشرة.” إسرائيل ولفنسون، كعب الأحبار، مراجعة محمود عباسيّ، مطبعة الشرق التّعاونيّة، شعفاط القدس ،1976 ص64-65.
[20]– Gorden D. Newby, A History of the Jews of Arabia, Erom Ancient Times to their Elipse under Islam, The University of South Carolina Press, Culumbia, 2009, Pp 41-46.
[21]– انظر عبد الملك بن هشام (رواية عن وهب بن المُنَبَّه)، التيجان في ملوك حمير، تحقيق مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، الجمهورية العربية اليمنية، ط1، 1954، ص 305، انظر أيضّا عبد الملك بن هشام، السّيرة النّبويّة، تحقيق طه عبد الرّؤوف سعد، شركة الطّباعة العربية المتّحدة، 3 أجزاء، ج1، ص 17.
[22]– Gorden D. Newby, A History of the Jews of Arabia, p.19
[23]– R. Firestone, Jewish culture in the formative period of Islam, in, culture of the Jews, v1, Mediterranean Origin, A New History, Edited by David Bial, Shocken Books, New York , 2002. p.280.
[24]-ابن سعد الطّبقات،ج9، ص 449./ انظر شمس الدين أبي عبد الله الذهبي، تهذيب الكمال في أسماء الرّجال، تحقيق غنيم عباس غنيم، مجدي السيد أمين، 11ج، الفاروق الحديثة للطّباعة والنشر، ط1، 2004، ج7، ص454/ محمد بن عمر، أبو عبد الله الواقديّ، فتوح الشّام، 2ج، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، ط1، 1986، ج1، ص 234.
[25]– المصدرنفسه،ج1، ص235./ سليمان بن موسى الحميري، أبو الربيع، الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله- صلى الله عليه وسلم – والثلاثة الخلفاء، 2 أج، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1 1999، ج2، ص 308. / أبو القاسم علي بن الحسن، ابن عساكر، تاريخ دمشق، تحقيق عمرو بن غرامة العمروي، 80ج، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، سنة النشر 1995، ج 50، ص162. انظر أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن،20جزء (10 مجلدات)، تحقيق أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصريّة- القاهرة، ط2، 1964، ج5، 245.
[26]– أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري،13ج، دار المعرفة- بيروت، ط1، 1958، ج13، ص525.
[27]– إسرائيل ولفنسون، كعب الأحبار، ص 56. / ورد في غريب الحديث للقاسم ابن سلام: “وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَنه اشْترى نَاقَة فَرَأى بهَا تَشْرِيْمَ الظِّئار فَردهَا. قَالَ أَبُو عبيد: التَّشْرِيْمُ: التَشْقِيْقُ يُقَال للجلد إِذا تشقّق: قد تَشَرَّمَ وَلِهَذَا قيل للمشقوق الشّفة: أشْرَمُ وَهُوَ شَبيه بالعَلَم وَكَذَلِكَ حَدِيث كَعْب: أَنه أَتَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بِكِتَاب قد تَشَرَّمَتْ نواحيه فِيهِ التَّوْرَاة فاستأذنه أَن يقرأه فَقَالَ لَهُ عمر: إِن كنت تعلم أَن فِيهِ التَّوْرَاة الَّتِي أنزلهُ الله على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بطور سيناء فاقرأها آنَاء اللَّيْل وَالنَّهَار” انظر، القاسم بن سلّام، غريب الحديث، 12ج، تحقيق محمد عبد المعيد خان، مطبعة دائرة المعارف العثمانيّة، حيدرباد- الدكن، ط1، 1964، ج4، ص262.
ورد أيضًا في الفصل في الأهواء والملل والنّحل: “وَقد روينَا أَيْضا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه أَتَاهُ كَعْب الحبر بسفر وَقَالَ لَهُ هَذِه التَّوْرَاة أفأقرؤها فَقَالَ لَهُ عمر بن الْخطاب إِن كنت تعلم أَنَّهَا الَّتِي أنزل الله على مُوسَى فاقرأها آنَاء اللَّيْل وَالنَّهَار فَهَذَا عمر لم يحققها.” أبو محمد علي بن أحمد القرطبيّ، الفصل في الأهواء والملل والنّحل، 15ج، مكتبة الخانجي – القاهرة، ط، د.ت، ج1، ص 161. انظر: أبو نعيم الأصبهانيّ، حلية الأولياء، ج 5، ص369-391.
[28]– المصدر نفسه، ج5، ص378.
[29]– المصدر نفسه، ج6، ص13.
[30]– المصدر نفسه، ج 5، ص383.
[31]– “لم يرو عن كعب أنّه قال بتزوير التّوراة شأنه شأن عبد الله بن سلام، ومحمد بن كعب القرظي”. ولفنسون، كعب الأحبار،ص55.
[32]-إسرائيل ولفنسون، كعب الأحبار، ص58.
-[34]يقول ولفنسون “ليس لِخبَر كعب وأبي موسى أثر في المصادر اليهوديّة: “يظهر أنّها من القصص، التي كانت شائعة عند يهود بلاد العرب تتردّد على الألسن ويتلقّاها فريق من أفواه فريق آخر دون أن يكونَ لها أصل مدوَّن، وهذا هو السّرّ في نسيانها، بعد أن تلاشت الطّوائف اليهوديّة من أغلب بلاد العرب، والذي نعلمه من المصادر اليهوديّة هو أنّ موسى الكليم خلع نعليْه تعظيمًا لله، وكذلك نعلم أن سدنة الحرَم المقدَّس بالقدس كانوا لا يدخلون الهيكل إلاّ حفاة.” ويذكر ولفنسون أنّ ما ورد في مدراش ربّاه: سفر الخروج 2-6 يشير إلى أنّ اليهود امتنعوا عن استعمال الحذاء في كل مكان ظهرت السّكينة فيه، وكذلك كان الكهنة حفاة أثناء العبادة. المصدر نفسه، ص58.
يشير ولفنسون إلى أن رواية كعب مع أبي موسى الأشعري وردت في قصص الأنبياء للثّعلبي، لكنّها نسبت إلى الرسول مباشرة. المصدر نفسه، ص57.
[35]– Gorden D. Newby, A History of the Jews of Arabia, p61.
ورد في تاريخ الطبري: “فأمّا الخبر الآخر الذي يدل على غير هذا المعنى، فما حدّثنى محمد ابن أَبِي منصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن وَاصِلٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عنْ عكْرِمَةَ قَالَ: بَيْنَا ابْنِ عَبَّاسٍ ذَات يوْمٍ جالِس إِذْ جَاءه رجل، فقال: يا بن عَبَّاس، سَمِعْتُ الْعَجَبَ من كعْبٍ الْحَبْرِ يذْكُرُ في الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ قَالَ: وكان متَّكِئًا فاحْتَفَزَ ثمَّ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قال: زَعم أَنَّهُ يُجَاءُ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَر يوم الْقيامة كَأَنَّهُمَا ثوْرانِ عقِيرَانِ،َ فيقْذَفَان في جهَنَّمَ قال عِكْرِمَة: فطارَت مِنَ ابْن عبَّاس شِقَّةٌ وَوَقَعَت أُخْرَى غَضَبًا، ثُمّ قال: كَذَبَ كَعْبٌ! كَذَبَ كَعْبٌ! كَذَبَ كَعْبٌ! ثلاثَ مرَّاتٍ، بل هذهِ يهوديَّة يرِيدُ إِدخَالَهَا في الإِسلامِ، اللَّه أجلُّ وَأكرَمُ مِنْ أن يُعَذِّبَ على طَاعَتِهِ، أَلَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ اللَّه تبارَكَ وتَعالى: «وسخَّر لكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ”، إِنَّما يعنِي دؤوبِهِمَا فِي الطَّاعة، فكيف يُعَذِّبُ عَبْدَيْنِ يُثْنِي عليهِمَا، أَنَّهُمَا دَائِبَانِ فِي طَاعَتِهِ! قاتلَ اللَّه هذا الْحَبْرَ وَقبَّحَ حَبْرِيَّتَهُ! ما أجْرَأَهُ على اللَّه وَأعظم فِرْيَتِهِ على هذيْنِ الْعبْديْنِ الْمُطِيعَيْنِ لِلَّه!” محمد بن جرير أبو جعفر الطبري، تاريخ الطبري؛ تاريخ الرسل والملوك- وصلة تاريخ الطبري(لعريب بن سعد القرطبي)، 11ج، دار التراث- بيروت، 1968،ج1، ص 65.
[36]-Chapira Bernad, Légendes bibliques Atribuées A Ka’b El-Ahbar, Pp 91-93.
-[37]تعدّ تهمة التّحريف من التّهم الأبرز التي وجّهها النبي لليهود، وقد درس هذه المسألة فيرستون مبينًا أن محمد خلط بين ظاهر منطوق العبارة العبرية “سمعنا وعصينا” ودلالتها الحقيقيّة ومعناها “سمعنا وأطعْنا”. أمّا نيوبي فيشير إلى أنّ هذه التّهمة لها صدى في مدراش تنحوما وتيسوفتا إلاّ أنهما لم يذكرَا ماذا كان يعتلج في صدور الإسرائيليّين حين قالوا على جبل سيناء “سمعنا وعصينا”، ويرجح نيوبي أن يكونَ المدراشيّون بالمدينة في تلك الفترة يعرفون ما المقصود بهذه العبارة، ومحصّلة هذه الفكر مع أفكار أخرى ساقها الباحث أنّ اليهوديّة التي تحاور معها محمّد يهوديّة مخصوصة وثيقة الارتباط بالأدب اليهوديّ المنحول.
– Gorden D. Newby, A History of the Jews of Arabia, p.63.
– See, R. Fierstone, The failure of Jews Public Satire in the Square of Medina, Jerusalem, 46(1997), p440.
– See also: Gorden D. Newby, A History of the Jews of Arabia, pp 63-64.
[38]– راجع الفصل الثالث من أطروحة دكتوراه السيد التوي” محمد واليهود في المدينة من خلال دراسات المستشرقين”، كليّة الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان، السّنة الجامعيّة 2017-2018، حيث تناول مسألة التحريف بوصفها مقالة مكنت النبي من إعادة تقييم الديانتيْن الكتابيّتيْن.
-[39]أمّا كعب الأحبار فقد كان يهوديًّا من المهد إلى اللّحد، تشبّع بالعقليّة اليهوديّة، حتى برزت فيه هذه النّحلة بروزًا لم يُرَ مثله عند غيره من مُسلمة اليهود.” ولفنسون، كعب الأحبار، ص54/ انظر المصدر نفسه، ص 55.
[40]– ينهض الرّأي شبيرا برنار- على فكرة مجملها أنّ كعب الأحبار الذي كان شأنه شأن مسلمة اليهود في القرن السابع مقتنعًا نصف اقتناع بالإسلام، قد طوّع المادّة الهاجاديّة بما يتلاءم مع القرآن وهذه المادة سيقع تقبلها من اليهود في نسختها المعدلة.
– Chapira, Bernad, Légendes bibliques Atribuées A Ka’b El-Ahbar. In Revue des études Juives, Pp. 91-93.
[41]– للتّوسع في وجهة نظر ستروسما انظر:
– Stroumsa, Jewish Christianity and Islamic Origins, Koninklijke Brill NV, Leiden, 2015, Pp 72-96
[42]– حاول نيوبي وهو يصوّب النّظر إلى موقف ابن العباس من قول كعب الأحبار بأنّ الشمس والقمر سيؤتى بهما في هيئة ثوريْن عقيريْن، إقامة الدّليل على أنّ يهوديّة كعب قد تأثّرت بأدبيّات أخنوخ ومقالتها حول الملائكة العصاة الذين تدنّسُوا بإثم زواجهم بنساء من الأرض.
– Gorden D. Newby, A History of the Jews of Arabia, p61.
أمّا في مقاله المشترك مع هالبرين فقد خلص إلى أن اليهوديّة التي يتحدث عنها ابن عباس ليست اليهودية الربانيّة بل هي شكل أقدم إن لم تكن شبيهة بأدبيّات أخنوخ فهي متطابقة معها.
– David J. Halprerin and Gorden D. Newby, Two Castred Bulls: A Study in the Haggadah of Ka’b AL-Aḥbār, J.A.O.S, Vol.102, No.4, (Oct-Dec.,1982), Pp.631-638.
[43]– تشترك هذه النّصوص في إدانة مسلمة اليهود وخصوصًا كعب الأحبار نظرًا إلى دوره الخطير الذي لعبه في صياغة الإسلام صياغة تشوّه المسيحيّة. انظر، إسرائيل ولفنسون، كعب الأحبار، وتسبقه دراسة للأثر اليهودي في الحديث النّبويّ والتّفسير، كتب الدّراسة وراجَع الترجمة، لويس صليبا، ص128-132.
[44]– يقول رشيد رضا في سياق المماثلة بين وهب بن المنبه وكعب الأحبار من منظور كيدهما للإسلام “وَمِثْلُهُ عِنْدِي (كَعْبُ الْأَحْبَارِ) الْإِسْرَائِيلِيُّ – كِلَاهُمَا كَانَ تَابِعِيًّا كَثِيرَ الرِّوَايَةِ لِلْغَرَائِبِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ لَهَا أَصْلٌ مَنْقُولٌ وَلَا مَعْقُولٌ، وَقَوْمُهُمَا كَانَا يَكِيدُون للْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي فَتَحَتْ بِلَادَهُ الْفُرْسَ، وَأَجْلَتِ الْيَهُودَ مِنَ الْحِجَازِ، فَقَاتِلُ الْخَلِيفَةِ الثَّانِي فَارِسِيٌّ مُرْسَلٌ مِنْ جَمْعِيَّةٍ سِرِّيَّةٍ لِقَوْمِهِ، وَقَتَلَةُ الْخَلِيفَةِ الثَّالِثِ كَانُوا مَفْتُونِينَ بِدَسَائِسِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَبَأٍ الْيَهُودِيِّ، وَإِلَى جَمْعِيَّةِ السَّبَئِيِّينَ وَجَمْعِيَّاتِ الْفُرْسِ تَرْجِعُ جَمِيعُ الْفِتَنِ السِّيَاسِيَّةِ، وَأَكَاذِيبِ الرِّوَايَةِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ” محمد رشيد بن علي رضا، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، 12ج، الهيئة المصريّة للكتاب، 1999، ج9، ص40-41. وفي مجلة المنار يقول رشيد رضا في سياق رده على الجمجوني ودفاعه عن كعب: “بعد هذا كلّه أقول: إذا ثبت بما حرّرته كذب الرجليْن بما ذكر فلا يبقى مجال للشّكّ في إنّهما كانا يغشان المسلمِين ويدخِلان في كُتُبِهم الدّينيّة ورواياتهم ما يقتضي الطّعن في دينهم، وحينئذ لا يبقى محلّ لاستغراب اشتراكهما في تلك الجمعيّات اليهوديّة، والمجوسيّة التي كانت تكِيد للإسلام والعرب.” محمد رشيد رضا، بطلان الدّفاع عن جرْح كعب الأحبار ووهب بن منبّه، مجلّة المنار، 35ج، ج25، ص610) (نسخة بالمكتبة الشاملة).
على أنّ رشيد رضا يؤكّد قبل هذا الحكْم أن ّجرحه لكعب أو لابن المنبّه” إنمّا كان في شيء لم يكن يعرفه رجال الجرح والتّعديل المتقدمون” ثمّ يضيف “أنّ الرّوايات المعروفة صحّتها عنهما كافية في إثبات كَذِبهما وعدم صحّة تأويل من أوَّلَ لِكعب بأنّ الكذبَ من غيره لِما هو معلوم بالبداهة من أنّ كعبًا من كبار أحبارهم، ولن يكون كذلك من لم يطّلع على التّوراة وكُتُب الأنبياء بنفسه، وأنّ عدم الثقة بها ستردّ عن كتبنا شبهات كثيرة ولا نخسر به شيئًا من علومها لِغنانا بغيرها عنها “المصدر نفسه المقال نفسه.
اتّهم أبوريّة كعبًا بالضّلوع في مؤامرة قتل عمر، فبعد عرضه لروايتي ابن إسحاق والطبري حول تنبؤ كعب بمقتل عمر استنتج “وهذه الأدلة كلّها تثبت أنّ قتل عمر علة يد أبي لؤلؤة لم يكن إلا نتيجة لتلك المؤامرة التي دبّرها الهرمزان لِمَا كان يكنّه من الحقد والموجدة على العرب، بعد أن ثلّوا عرش الفرس ومزّقوا دولتهم وممن اشترك فيها وكان له أثر كبير كعب الأحبار وهذا أمر لا يمتري فيه إلا الجهلاء” محمود أبوريّة، أضواء على السنة المحمّدية، دار المعارف-القاهرة، ط6،ص128.
ويتهّم أبوريّة كعبَا بمحاولة النيل من عقائد المسلمين ففي عام الرّمادة حيث كان الجدب، قال كعب إن بني كانوا إذا أصابهم الجدب يستسقون بعصبة أنبيائهم، فمشى عمر إلى عم الرسول العباس ثم استسقوا، وهذا عند أبوريّة دليل على “أنّ هذا اليهودي قد أراد بقوله هذا أن يخدع عمر عن أوّل أساس قام عليه الدين الإسلاميّ وهو التوحيد الخالص. “. المصدر نفسه 128.
[45]– خليل إسماعيل إلياس، كعب الأحبار وأثره في التّفسير، دار الكتب العلميّة، بيروت- لبنان، ط1، 2007.
[46]– المصدر نفسه، ص 41-42، 45-46.
[47]– المصدر نفسه، ص48-53.
[48]– المصدر نفسه 53-54.
[49]– المصدر نفسه، ص58.
[50]– المصدر نفسه، ص59-60.
[51]– ربّما تكون الدّراسات الإسلاميّة التي شجبت كعبًا مردّها إلى تركيز الاستشراق اليهوديّ على تأثّر الإسلام باليهوديّة تظنّنًا على أصالته من جهة، وعلى مقالة التّعايش السّلميّ بين المسلمِين واليهود خدمة تمهيدًا للمشروع الصهيونيّ من جهة أخرى.
[52]– Stroumsa, Jewish Christianity and Islalmic Origins, P79.
[53]– Ibid, P81.