الملخّص:
اهتمت الثقافة العربية لا سيما في الفترة الممتدة بين القرنين الثاني والسادس للهجرة بوظيفة اللغة (التبليغ)، فتنوعت الدراسات اللغوية والأدبية والبلاغية التي ضبطت جملة من القوانين المسيرة لمبدأ التفاهم الخاضع بدوره لمفهوم النظام والانسجام داخل اللغة المستعملة. وهو من شأنه أن يضمن للخطاب تبليغ مقاصده. وعلى هذا الأساس خلقت النظرية النحوية بمستوياتها المختلفة (الصوتية والصرفية والمعجمية والتركيبية والدلالية) للإبانة عن المعاني. وهنا سنركز على المستوى الصوتي وعلاقته بالإبداع لأن الأصوات اللغوية داخل التراكيب النحوية حاملة لمعان. وأخذ الصوت دورا هاما في الفصاحة، وهذا ما أدى بالنحويين واللسانين والبلاغيين إلى تحديد ضوابطه التي تنمذجه وتجعله ذا سيمة تميزية يتميز بها، وجب على المتكلم احترامها. وبهذه الضوابط يصبح المبدع محاصرا في كل المجالات الصوتية والنحوية. وهذا ما سنعمل على إبرازه في هذه الورقة البحثية التي سنركز فيها على قيمة الأصوات اللغوية في مستوى التفريق بين المعاني.
الكلمات المفاتيح: الأصوات اللغوية، النظرية النحوية، الابداع الأدبي، الوظيفة التواصلية، الدّلالة.
Abstract:
During the period extending from the 2nd to the 6th century Hijrii, the Arab culture centered mainly on exploring and investigating the communicative function of language. Several linguistic, literary and rhetorical studies established various sets of rules that seek to organize and regulate comprehensibility which is determined, as it has been maintained by these studies, by two major components: the notion of the system and that of cohesion which govern language. A theory of grammar that addresses the phonological, morphological, lexical and semantic aspects has been elaborated to approach Arabic. In this context, this paper seeks, indeed, to explore the phonological components of the Arabic language in relation to literary creativity since phonemes are carriers of meaning. As a matter of fact, linguists, grammarians and rhetoricians have underscored the importance of phonemes to achieve fluency. Indeed, any creative speaker/writer in literature should demonstrate a good command of the phonological rules that govern the production as well as the comprehensibility of different segments. This paper seeks then to highlight the importance of phonemes in distinguishing and/or affecting meaning in literary production.
Key Words: phonology, literary creativity, theory of grammar, communicative function, semantics.
1- المقدمة:
تعتبر اللغة مبحثا أساسيا في كل العلوم الناشئة في الحضارة العربية، ممّا جعلها نقطة اختلاف بين الباحثين القدامى والمحدثين في تعريفها، لكن ما يهمنا هو الوقوف على اللّغة باعتبارها أداة للأدب ووسيلة للتواصل شفهيا كانت أم مكتوبة، فهي من أهم الأدوات التي ابتدعها الإنسان لنقل تجاربه نقلا واقعيا وصادقا وأمينا ساعيّا من ورائها إلى تصوير تجربة فنية تترك آثارها في من يتلقاها، ويتسم هذا الأثر عند المتلقي بالاستمرار وهذا ما يمثل الفارق بين التعبير الأدبي وغيره.
رغم هذا الدور الذي تقوم به اللغة في تأسيس أعمال أدبية فنية جمالية فإنّها تبقى لغة نظامية محكومة بقواعد مقننة، من بينها الأصوات اللغوية التي تمثل جزءا من أجزاء اللّغة، فهي آلية من الآليات التي ضبطها النحاة وعلماء الألسنية في إقامة ضوابط تضيّق على المبدع.
فالصوت إذن، يقع في دائرة النمذجة، بمعنى التقنين والتقعيد والتقييد، ممّا يجعل المبدع يتحرك بين قطبين: القطب الأوّل هو التعميم الذي يتمثل في القدرة على حرّيّة الاستعمال، انطلاقا من الصوت. أمّا القطب الثاني فيحدّ من هذه الحرّيّة، إذ يفرض الثبات والاستقرار والتقييد بالقاعدة، وكلما ازداد حجم التقييدات وسلطتها على المبدع ازداد تمرده على هذه القيود، وكلما ابتعدنا عن مجالي النمذجة والتقنين كانت هذه الأعمال الأدبية أعمالا عادية. لأنّ مجال النّمذجة لا يدخله إلا الإنسان القادر والبارع، ويصبح خروجه عن هذه النمذجة خروجا إبداعيا يساهم في صيانة اللغة وثرائها – وإن كان بطريقة لا واعية – ولهذا كلّما ضاقت القاعدة اللغوية انفجرت طاقة الإبداع عند المبدع، وكلّما اتسعت هذه القاعدة وجد المبدع مجالات للتعامل معها.
ومن هذا المنطلق نشأ خلاف بين اللغويين القدامى وبين علماء الألسنية في تحديد معنى الأصوات وتحديد الإبداع وارتباطه بمستويات اللغة، ممّا يجعل النظر في هذه المسالة أحد أعمق مباحث التفكير اللساني وأعقدها وهذا ما يجعل البحث تفكيرا على تفكير وكلاما على كلام قيل في تناول الظاهرة والنظر فيها، وهذه الخاصية التي تميز هذا البحث هي التي توجه دواعيه وتجعله المحرك الخفي الذي يغذي الرغبة في تناوله والوقوف على خصائص التفكير اللغوي العربي والتفكير الألسني.
وضمن تناولنا لهذا الموضوع «الأصوات اللغوية أدوات للإبداع الأدبي» ارتأينا أن نقسمه إلى عنصرين. ندرس في العنصر الأول الجانب النظري للتشكل الصوتي، وفي العنصر الثاني التشكل الصوتي في الاستعمال. ولن نتعرض لكل الاستعمالات التي تهم الظاهرة الواحدة بل سنسعى إلى دراسة الظاهرة الصوتية والتدليل عليها بنماذج متنوعة لنبين مدى طاقة وإمكانيات اللغة العربية صوتا وصرفا ونحوا ودلالة.
2- التشكيل الصوتي نظريّا:
تعتبر الأصوات اللغوية جزءا من عملية التواصل لأنها تساهم بشكل مباشر في تكوين دلالة الكلمة التي يتأسس عليها الخطاب. وفي هذا السياق سنحاول تعريف الأصوات اللغوية وتحديد طبيعتها عند كل من اللغويين واللسانيين وتحديد القيمة التعبيرية في أداء عملية التواصل.
2- 1- تعريف الأصوات اللغوية:
الصوت هو مصدر من فعل (صات، يصوت، ذكر الرازي “أنّ الصوت معروف، و(صات) الشيء من باب (قال) و(الصوت) أيضا من ( تصويتا) والصائت الصائح “[1]. ويعرفه صاحب معجم الوسيط، قائلا: “إنّه الأثر السمعي الذي تحدثه تموجات ناشئة عن اهتزاز الجسم”[2]. وفي السياق نفسه يقول ابن جني (ت292): “فمصدر الصوت: صات الشيء يصوت صوتا فهو مصوت”[3]. ويعرّف طبيعته أيضا، فيقول “اعلم أنّ الصوت عرض يخرج مع النفس مستطيلا متصلا حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين مقاطع تثنيه على امتداده واستطالته”[4]. كما عرّفه إبراهيم أنيس بأنّه “ظاهرة طبيعية ندرك أثرها دون أن ندرك كنهها”[5].
وما يمكن أن ندركه من خلال هذه التعريفات أنّ الصوت ظلّ قطب الاختلاف، وهذا ما أكده علي حسين مزبان حين قال: “قد اختلف القدماء والمحدثون في تعريفه و”ذكر ابن سينا أنه “تموج الهواء ودفعه بقوة وسرعة من أي سبب كان”[6]. وما يمكن أن ننبه إليه هو أنّ مصطلح الصوت أصبح مستعصيا على التعريف الدقيق، بل قد يصبح تعريفه مسألة خلافية تثير نقاشا وجدلا كبيرين بين المفكرين، واختلفت زوايا النظر في ظاهرة الأصوات. كما نجد جماعات تقول: إنّ الأصوات هي الحروف الهجائية، والأخرى تقول: الصوت هو شيء يخرج من الفم سواء أكان مفهوما أم لا. كما نجد في رسائل إخوان الصفاء ما يشير إلى ذلك التصنيف إلى الأصوات الإنسانية والأصوات الحيوانية. ولهذا يمكن أن ندرك أن هناك فرقا بين الصوت والحرف حسب هذه التعريفات. فالصوت مشترك بين الإنسان والحيوان أما الحرف فهو خاص بالإنسان فنقول سمعت صوت الرجل وصوت الحمار بمعني أن الصوت لا تختص به فئة معينة دون أخرى.
2-2- مقومات الأصوات اللغوية عند اللغويين القدماء واللسانين:
لعلّ النّاظر إلى الصوت اللغوي يلحظ أنه أصبح قطب الرحى داخل عملية التواصل. ومن هذا المنطلق صار علما قائما بذاته وقد احتل مكانا هاما في الدراسات اللغوية واللسانية.
2- 1-1- الأصوات اللغوية عند اللغويين العرب:
من أوضح مظاهر اللغة ومقوماتها، هو الصوت اللغوي الذي تتألف منه الكلمات، ثم الجمل والعبارات. وقد أصبحت أصوات اللغة محل دراسات مستفيضة، ألفت فيها كتب ضخمة وصارت علما قائما بذاته، وفي هذا الإطار أفرد قدماء العرب مثل “سيبويه” وابن جني وغيرهم” بحوثا مستقلة ووضعوا منذ القرن الثاني للهجرة أبجدية صوتية لأصوات العربية باعتبار حركة الفم وبالنظر إلى مخارجها وهي أماكن يمكن تعيينها من أعضاء النطق بوسائل مختلفة، ابتداء من أقصى الحلق إلى الشفتين وكانت أبجدية الخليل الصوتية أولها عرف في هذا المجال، وتلاه سيبويه ثم ابن جني.
ومن خلال البحوث التي درست الصوت اللغوي، نجد اللغويين المحدثين يرون أنّ “الأصوات تنقسم إلى قسمين رئيسيين: الأول منها ما يسمّى في العربية بالأصوات الصامتة، والثاني ما يشار إليه بالحركات.”[7] وسموا الحروف الصحيحة (الباء، الجيم، الراء، الشين، العين، الغين، القاء…) بالصوامت، وقد سمّاها القدماء بالأصوات الساكنة، وهي غير حروف المد من الأحرف الهجائية، إذ هي العماد في تركيب الكلمة وتكوين معناها. أمّا الحركات فهي نوعان: قصيرة تمثلها (الفتحة والضمة والكسرة) وطويلة تمثلها (الألف والواو والياء) ويطلق عليها حروف المد، وهي أقل ثباتا وأضعف استقرارا، تستعين بها اللسانيات لتنويع الأصل الواحد في الصوامت. مثال ذلك عندما نضيف الألف إلى فعل (علم) فتعطينا (عالم) والياء تعطينا (عليم) الواو إذا أضفناها إلى فعل (صبر) تعطينا (صبور). لا تتغير مادة الكلمة ولا أصل المعنى وهو (العلم والصبر) ولكنّها كانت وسيلة لتنويع الأصل الواحد والمعنى الواحد.
وعلى الرغم من تعميم استخدام هذه الرموز الثلاثة للدلالة على الحركات الطويلة فإنها ظلت في الكتابة العربية بقايا النظام القديم في الخط ونحن لا نزال حتى الآن نكتب: هذا وذلك ولكن دون ألف المد.
2- 1- 2- الأصوات اللغوية عند اللسانين:
ما يمكن ملاحظته فيما سبق من القول إنّ اللغويين والنحاة قسموا الأصوات اللغوية إلى أصوات تسمع وأصوات تكتب والتي يمكن فهمها وتقطيعها إلى حروف ومقاطع على أساس طبيعة الخط ولم يعتنوا بالنطق عناية كاملة عكس العلوم الحديثة التي اعتمدت في دراساتها على النطق. ولهذا قام علماء اللسانيات بتقسيم الأصوات اللغوية إلى نوعين من حيث اللغة المنطوقة “مهموسة ومجهورة” ويعتمدون في تصنيفهم هذا على:
* أوضاع الأوتار الصوتية من حيث ذبذبة هذه الأوتار أو عدم ذبذبتها.”
* مرور الهواء من الحلق أو الفم أو الأنف “[8].
فالصوت المهموس “هو الصوت الذي لا تتذبذب فيه الأوتار الصوتية في حالة النطق به نحو (الثاء، التاء، الحاء، الخاء، السين، الشين، الفاء، القاف، الكاف، الهاء)” أمّا الصوت المجهور” فإنه الصوت الذي تتذبذب فيه الأوتار في حالة النطق به نحو “الباء، الجيم، الدال، الذال، الراء، الزاي، الطاء، الضاد، الظاء، العين، الغين، النون”[9]. هذا من ناحية الوصف لكنهم لم يتوقفوا عند هذا الحدّ بل عرفوا ما وصل إليه النحاة في تقسيم الأصوات إلى صوامت وحركات (صوائت).
لعلّ هذا ما جعل علماء اللسانيات يعرّفون الحركة والصوت والصامت واعتبروا الحركة صوتا يتميز بأنه الصوت المجهور الذي يحدث أثناء النطق، حيث تقول آمنة: “الحركة صوت يتميز بأنه الصوت المجهور الذي يحدث أثناء النطق به مرور الهواء حرا طليقا”[10].
وما يمكن أن نستشفه أنّ الحركة صوت يمرّ عبر الهواء من الفم إلى الشفتين دون أن يقف في طريقه أي عائق وكل صوت لا ينطبق عليه هذا التعريف فهو صوت صامت، فالصوت الصامت هو الصوت المجهور والمهموس الذي يحدث أثناء النطق به اعتراضا أو عائقا في مجرى الهواء.
2- 3- أهميّة الصّوت في الدّلالة:
من خلال تعريفنا للأصوات يمكن أن نتبين مدى القيمة التعبيرية التي يؤديها الصوت الواحد من خلال الصفات (الجهر والهمس) لأن الصوت المهموس أو المجهور ذو قيمة تعبيرية توافق الحدث الذي يراد التعبير عنه. وهذا ما أوضحه ابن جني في كتابة “الخصائص” حينما تعرض إلى مقابلة بين الخاصية الصوتية للحروف التي تتألف فيها الألفاظ ودلالتها فنراه يقول: “إنهم يضيقون إلى اختيار الحرف وتشبيه أصواتها بالأحداث المعبرة عنها ترتيبها وتقديم ما يضاهي آخره توسيط ما يضاهي أوسطه سوقا للحرف على سمة المعنى المقصود والغرض المطلوب”[11] ويقول: أيضا “لفظ “بحث” فالباء لفظها تشبه خفقة الكف على الأرض[12].
ما يمكن أن نتبينه من خلال هذا الشاهد أنه يريد القول إن العرب يجعلون أصوات الحروف مطابقة للحدث المعبر عنه فيكون للحرف ارتباط بمدلول اللفظ الواقع بها فيصورها ويوحي بهيئتها وبالتالي يتطابق مع الحديث المعبر عنه نحو (خضم وقطع) أي قضم (عند أكل الأشياء الصلبة) وخضم (عند أكل الأشياء الرخوة). وهناك حروف تحاكي صوتيا بعض الأصوات أو الأشياء في الطبيعة وهي منفردة معزولة عن أي سياق، وتسمى أصواتا محاكية مثل خرير المياه، وحفيف الأشجار، وفحيح الأفعى، وقعقعة السلاح. وفي هذا السياق يقول يونس علي: “فقد يكون لبعض الألفاظ إيحاء بمعنى معين كالكلمات الدالة على أصوات طبيعية مثل حفيف، خرير، زقزقة. والكلمات المضعفة قد توحي بمعنى التكرار مثل الأفعال ذبذب، قلقل، زلزل، قهقهة … فالهاء والحاء يشبهان إلى حدّ ما أصوت التنهد والتأوه … والصوائت الطويلة تشبه صيحات الانفعال والفاء تشبه الزفرة التي تعبر عن الضجر أو الغضب أو الحزن.”[13].
و لعل من المهم أن أقدم بعض الأمثلة لنتبين القيمة التعبيرية للصوت في الألفاظ نحو:
-حرف الغين في الأمثلة التالية ما يتبعها وما يشتق منها يدل على الاستتار والغيبة فنقول غاب، غار، غمد، غرس، غط.
-حرف النون في هذه الأمثلة ما يتبعها وما يشتق منها يدل على الظهور والبروز نحو: نفث، نشأ، نفخ، نطق، نهض.
-حرف القاف يتضمن معنى الاصطدام أو الانفصال وتقترن بحدوث صوت شديد القاف في شدتها نحو: قطع، دق، شق، عق، طرق، قرع.
-حرف السين يحمل معنى الليونة والسهولة كما هو الحال في هذه الألفاظ التالية: سهل، سلم، سلس، مس، سار، سكن، سعى.
فهذه الأمثلة التي قدمتها وجدتها في كتاب فقه اللغة لمحمد المبارك، ويمكن أن نستنتج أنّ الصوت في التركيب يحمل معنى وهذا المعنى يكون مساهما في تكوين دلالة الكلمة نتيجة تمازج هذه الدلالات التي تحملها الأصوات إذ يقول محمد المبارك: “كأن نقول مثلا أن (غ، ر، ق) يحصل معناها من تلاقي معاني حروفها. فالغين تدل على غيبة الجسم في الماء والراء تدل على التكرار والاستمرار في سقوطه والقاف تدل على اصطدام الجسم في قعر الماء والمعنى الإجمالي الحاصل من اجتماع المعاني الجزئية للحروف هو مفهوم مادة (غرق)”[14].
ومن خلال هذه القيمة التعبيرية يستطيع الإنسان أن ينتج خطابا يتواصل به مع المجموعة البشرية بوضع مواضعات متفق عليها للتواصل، تضم كل أجزاء اللغة صوتا، وتركيبا، ومعجما تحت قوانين لا يمكن الخروج عنها، وتصبح اللغة بذلك لغة خاضعة للنظام لا يمكن التمرد عليه مما يضيق المجال أمام المبدعين.
3- التشكيل الصوتي في الاستعمال:
لقد كانت الدراسات اللغوية قبل لسانيات التلفظ تجعل من اللغة موضوعها. وكانت تهتم بها لذاتها ولأجل ذاتها. إلّا أنه ومع تطور البحث سرعان ما قامت الحاجة إلى النظر في اللغة لا باعتبارها كيانا قارا وثابتا بل باعتبارها واقعة تواصلية تحكمها حيوية الاستعمال. وفي هذا السياق سنقف على تحديد خصائص الخطاب ثم النظر في ضوابط الأصوات وخصائصها الأكثر استعمال التي أصيحت أدوات للإبداع.
3- 1- خصائص الخطاب:
نقصد بالخطاب المستوى المنجز من الظاهرة اللغوية، وكل خطاب يفترض أن يتم بلغة ما، وهذه الظاهرة اللغوية ليست مجعولة للتواصل فقط بقدر ما هي مجعولة للتفاعل، ونقصد بذلك أنّ المتكلم يرمي من خلال كلامه التأثير في المخاطَب بأي شكل من الأشكال. إلّا أنّه في بعض الأحيان قد لا تحمل العبارة معناها الحقيقي، وإنّما يراد بلفظها معنى آخر وراء المعنى الظاهر. ونشبه ذلك بطالب ينظر إلى الأستاذ في قاعة الدرس وقد أغلقت النوافذ والباب فيقول للأستاذ: “الطقس حار”. وهنا لا يريد بذلك الإخبار عن حرارة الطقس وإنما يستأذنه في فتح النافذة. ولهذا فكل خطاب لا يمكن أن يحقق غايته إلّا إذا اعتمد في أطراف الخطاب قانونا واحدا نشبهه- إن أمكن- بقانون الطرقات، إذا لم يحترمه أحد المستعملين أو بعضهم كانت الفوضى وانعدمت الفائدة في استعمال الطرقات، وكذلك هي اللغة. وما من لغة مكتوبة أو شفهية إلا ويسيّرها قانون. فقانونها ما دوّنه النحاة في كتبهم، هذا ما يمكن أن نتعرض له في عنصر ضوابط الأصوات – وهي جزء لا يتجزأ من القوانين التي تضبط متكلمي اللغة العربية – في تسيير الخطاب الذي سيعتمده المتكلم.
فلو فرضنا أنّ شخصين – مثلا – يريدان التواصل ويستعملان قانونين مختلفين للغتين لما أمكن التواصل بينهما لأنّ شرط أحادية القانون في التواصل لم يتوفر في هذه الحالة.
ومن أطراف الخطاب إذن، إثبات عملية التواصل بين الأطراف المتكلمة باللغة نفسها وهذه الخاصية التي يتميز بها الخطاب هي أيضا تتكون من أطراف وتتمثل في المبلّغ (المتكلم) والسّامع (المتلقي) والرسالة.
وعلى المتكلم (المبلغ): “أن يقتصر على جمود السامع … على المجرى المعاكس أو المعادي لفكره، ويجب أن يثير دائما ويركز على النقاط الأهم في خطابه … ثمّ إن المتكلم يمكنه أن يكيف موقفه حسب حاجيات السامعين ورد فعلهم”.[15] ولعلّ هذا القول يبرز لنا مدى اهتمام المتكلم في إبلاغ رسالته بالمتلقي ويركز على أهم النقاط في الخطاب لتكون مفهومة. ولهذا فالمتكلم يقوم بعملية الكلام ونقصد بالكلام المستوى المنجز من الظاهرة اللغوية وكل كلام يفترض أن يقوم بأسلوب خاص يتمثل في التلفظ الذي ننطق به وهذا التلفظ يقوم على عملية ترميزية يستطيع السامع قراءتها وفك رموزها، وهذا التلفظ هو مجموعة الأصوات التي يمكن تقطيعها إلى حروف، وأيضا يحمل دلالة، عكس اللفظ الذي ننطق به أحيانا لا يحمل دلالة. ولهذا يمكن أن نقول إن هناك فرقا بين اللفظ والكلمة، فالكلمة هي عملية تلفظ تحمل دلالة، يمكن أن ندرك من خلال ذلك أن كل صوت لغوي يصدر عن الإنسان يسمى لفظا سواء أدل على معنى أم لم يدل، حسب تعريف ابن هشام حيث يقول: “اللفظ هو النطق المستعمل على بعض الحروف سواء أكان له معنى أم لم يكن”[16].
ومن هنا يمكن أن نعلم أن اللفظ مكون من عدة أصوات أو حروف، والحرف عند النحاة يطلق على الصوت المنطوق، وهذا التلفظ الذي يتكون من أصوات وألفاظ ومقول النص هو الذي يضمن حصول التواصل باعتباره المكون الأساسي للغة. وهذه اللغة موجودة في أذهان المتكلمين بها وليست متحققة بالفعل، ولذا فإن العناصر التي تتكون منها اللغة – هي السبب في تشكيل نظامها- ولا تتجلى إلا بالكلام الذي هو الوسيلة في تحقيقها الفعلي. أي يقوم المتكلم بعملية إخراج الصورة التي كانت كامنة في الفكر والذهن إلى الاستعمال مستعينا بالحروف أو الأصوات حسب النحاة وأن ينظم كلاما يتضمن المعاني المصورة في الذهن التي تستعين بها القوة الناطقة في أن ” تؤلف ألفاظا من حروف المعجم بنغمات مختلفة السمات التي هي الكلام ثم تضمن تلك الألفاظ المعاني التي هي مصورة عند القوة المفكرة فندفعها عند ذلك إلى القوة المعبرة لتخرجها إلى الهواء بالأصوات المختلفة … لتحملها إلى مسامع الحاضرين”[17]. يبين هذا القول إن القوة المفكرة والقوة المعبرة والهواء الذي يحمل الأصوات يخرجها من الرئتين يعد من أهم الوسائل التي تسهل عملية التواصل وهو تواصل شفوي. لكن بعض الدراسات اكتشفت أن الخطاب الشفوي لم يعد يعتمد عليه لأنه يزول بسرعة ولا يخزن في الذاكرة، لهذه الأسباب جعلتهم يعتمدون على القوة الصناعية التي تتمثل في عملية الكتابة والتي تعتبر أيضا عنصرا من عناصر التواصل بين المجموعات البشرية، وتكون حلقة تواصل بين الأجيال.
إنّ هذا النقص الحاصل في العلوم اللسانية يولي للتصويت أهمية باعتبارها عملية يجريها المتكلم في خطابه لإيصال المعنى وهذا ما نجده اليوم في العلوم الصوتية والفونتيكية والفونولوجية. ” بنظريات التواصل واعتبرت الصوت اللغوي عملية يتداخل فيها أطراف ثلاثة: الباث والمتلقي والمراسلة التي تتوسل الأصوات لإيصال المعنى[18]. ما يمكن أن ندركه مما تقدم أن الصوت أصبح الوسيلة التي تربط بين المتلقي والباث من خلال الخطاب الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
أما الطرف الثاني فهو السامع (المتلقي) نقصد بالسامع الشخص الذي تتم من خلاله عملية التواصل بمعنى لا يستطيع المتكلم أن يتحدث في المطلق بل أن يكون متوجها بكلامه إلى شخص مخالفا لذاته ينقل إليه الكلام “بواسطة الخصائص المادية للأصوات التي تأخذ شكل رموز شفهية أو كتابية تؤدي فعل التواصل المعنوي في عملية التفاهم عبر الإصدار والتلقي لهذه الأصوات المتحولة في جمعها إلى مفاهيم معينة”[19]. كما يجب على المتلقي أن يكون سمعه سليما لأنه ” ما لا سمع له لا يتصور ولا يتخيل الأصوات الكلامية”.[20] بناء على ذلك يجب على السامع أن يكون سليم السمع من أجل الإدراك العقلي في لحظة تلقي الأصوات الصادرة عن عملية النطق مرورا عبر القناة (الهواء) كي تتم عملية التواصل بشكل سليم. وما يمكن أن نخلص إليه في هذا العنصر أن جهاز الإصدار والتلقي بما في ذلك قدرة الأذن والدماغ والبصر وحسن النطق الذي يسهل فعل التواصل لا تكون متكافئة بين مجموعة بشرية وأخرى ومن فرد إلى آخر ودور السامع في هذه الحالة يجب أن يكون سليما (الأذن) كي يستطيع فك الرموز أو قراءة الكلمات ويختار ما يتماشى مع فهمه لهذا يمكن أن نقول إنّ الرسالة التي تكون بين الباث والمتلقي تبحث عن مكان تعيش فيه بكل حرية. وهذه الرسالة من أهم مقوماتها أنها تقوم على الأسلوب والبيان والفصاحة والإفهام وخاصة على المستوى البلاغي لأن “الكلام المسموع منا يحتاج إلى بنية مخصوصة، كما يحتاج إلى محل، وكل حرف منه يحتاج إلى بنية ومخرج بخلاف ما يحتاج إليه الحرف الآخر لذلك يتعذر على الألثغ و التمتام”[21].
نلاحظ أنّ المتكلم يجب عليه أن يراعي في كلامه خصائص تجعل منه كلاما في أحسن صورة بمعنى “يكون كلامه مفيدا وأن تكون تأليفاته ملائمة لغرضه الإبلاغي من ناحية ومطابقة للمناويل اللغوية التي عهد متكلمو اللغة من ناحية أخرى”.[22] وما يمكن أن نتطرق إليه بصفة عرضية وهو الجانب البلاغي الذي سيكون عنصرا من عناصر التواصل وعنصرا من عناصر التقعيد الذي سندرسه في العنصر الموالي. وهذا الغرض البلاغي الذي يحتم على المتكلم أن يجري كلامه وفق شروط معينة كي لا يخل بمعنى الإفهام والفهم وهذا من شروط البيان وما يمكن أن ندركه من خلال خصائص الخطاب أن قيمة المباحث الصوتية تتجلى أكثر ما تتجلى في كونها ترد في قضايا البيان والفصاحة والبلاغة والمتلقي وأنّ السامع يمثل عنصرا أساسيا في عملية التواصل وآلية من آليات اللغة كي تضيق على المتكلم حرية الكلام. وهذا المتلقي جعل منه مركزا تدور حوله كل الضوابط الصوتية والنحوية والمعجمية وغيرها، كي يفهم ما يقال وتتحقق عملية التواصل. فما هي الضوابط التي فرضت على المتكلم وخاصة الضوابط الصوتية التي تمثل نقطة انطلاق الكلام من الشفوي إلى المكتوب؟
3- 2- ضوابط الأصوات المتحكمة في المبدع:
” إن كل لغة تتضمن في بنيتها السمعية عددا معينا ومحددا من السمات المسماة (تمايزية) أي من الثوابت العلائقية الملائمة والنهائية التي يمكن أن تتلقى بعد سلسلة من التحولات تحريفات غايته من القوة وفي كل الأوجه إلا فيما يتعلق بصفاتها الأساسية”[23].
إن هذا الشاهد يحيلنا على الضوابط التي تتميز بها الأصوات عن غيرها من خلال السمات التميزية التي ستكون منطلقا في تحديد القواعد والقوانين التي كانت هاجس النحويين واللسانين والبلاغين لجعل المتكلم ينطق بكلمات فصيحة صوتيا ونحويا وبلاغيا. وهي تقوم على أنساق متفرقة يرتبط بعضها ببعض آخر وهذه الوحدات أو الأنساق المتفرعة هي:
-النسق الصوتي: وهو الذي يحدد نطق الكلمات أو أجزاء الكلمات وفق الأنماط المقبولة أو المتعارف عليها لدى الجماعة اللغوية.
– النسق الدلالي: ويعني ترتيب الوحدات المعنوية وفق سماتها الدلالية المعروفة المقررة في اللغة.
– النسق الإعرابي أو النحوي: ويعني ترتيب الكلمات/ كلمات الجمل أو الجمل في أشكالها المقررة في اللغة.
– النسق الصرفي: وهو النسق الذي نعالج فيه أو من خلاله بنيات الكلمات وأنواعها وتصرفاتها أو اشتقاقاتها.
-النسق المعجمي: ونقصد به مجموعة المفردات اللغوية المتاحة للتعبير عن المعاني والمواقف المختلفة في إطار اللغة، لأن اللغة ليست غاية في ذاتها وإنما هي أداة يتواصل بها أفراد مجتمع معين لتستقيم علاقاتهم. وهذه الأنساق هي ضوابط لا يمكن للمبدع الخروج عنها لأن كل متحدث بهذه اللغة ولا يعرف كيف يؤدي هذا الدور والارتباط بهذه الأنساق سيكون خارج منظومة اللغة وهذا يرجع بالأساس إلى علاقة المتكلم بالمتلقي وهذه الأنساق تعتبر مواضعات اتفق عليها وألزم كل متكلم أن ينطق بها، كما تعتبر نوعا من التقنين والتقعيد في فنون الكلام، بل قل إنها القانون الذي يحدّ من حرية المتكلم في تطبيق ما ينتجه من الحروف التي ينطق بها، ويستطيع الإنسان “أن ينطق عددا لا يحصى من الأصوات و ليس ثمة من اللغات تستثمر كل إمكانيات جهاز النطق… بل تكتفي كل لغة بعدد محدود من الأصوات يمكن للغوي أن يميز بملاحظة الفروق التي تميز كل صوت من آخر من خلال اختلاف صفاتها ومخارجها”[24].
وهذا العدد المحدود الذي تفرضه اللغة على الإنسان سيقنن لتفادي الخلط الذي يعترض الإنسان لأن الأصوات أو الأنظمة الصوتية عرفت تطورا عبر مراحل تاريخية ونظامية واستقرائية، فالجانب النظامي يقر بأن ضمير المتكلم (أنا) مثلا متكون من ثلاثة أجزاء وهي: جزء الإشارة (أ) وجزء لوجود الكيان (ن) والجزء الثالث نسبة للمخاطب (أ) وهذا الجزء الأخير هو في الأصل ياء (ي) بمعنى أن (الأنا) في الأصل (أني) فتطورت الياء إلى ألف. أما من ناحية الاستقرائي للصوت أن (التاء) المخاطبة في ضمير (أنت) تطورت إلى الكاف نحو (أنت-كلبك) وهذا يدل على أن التاء والكاف صوت واحد أي تطورا مهما على الآخر. وإن لا وجود لحواجز في التطور الصوتي ولهذا كان منطق علماء الألسنية والنحاة والبلاغيين أن تعقد قواعد لتثبت الألفاظ وتقطع كل عملية تغير في الأصوات أي يقع تطور كما وجد في بعض اللغات الأخرى، مثل اللغة الفرنسية لها بعض الأصوات تتغير، وهذه القواعد التي جعلها أهل التقعيد سبيلا للمحافظة على التراث اللغوي وقراءة القرآن قراءة صحيحة ونطق الألفاظ والأصوات في عملية التجويد القرآني نطقا صحيحا. وهذه العمليات التي جعلت لتصحيح التجويد وتثبيت الألفاظ تعتبر آلية من آليات التضييق على المتكلم.
ومن هذه الضوابط الصوتية التي تجعل الكلام سلسا وتخرجه من دائرة الفوضى والصعوبة في النطق، والتي تميز الألفاظ الدخيلة التي لا يستحسن في اللغة العربية الفصحى وهي: الابتعاد عن اللفظ الذي يشتمل على حرفين أو أكثر سماتها التنافر وهذه الحروف لا تجتمع في كلام العرب ومن بين هذه العملية نذكر على سبيل المثال من هذه الحروف جمع (الجيم والقاف) في لفظ واحد نحو الجوق، والقبج أي الحجل الكروان، والجردقة أي الرغيف، وجمع (الصاد والجيم) نحو الصولجان، وجمع (السين والذال) نحو: الأستاذ، السميذ، وجمع (الطاء والجيم) نحو طاجين، وجمع (الطاء والتاء) نحو طست (الآنية)، وجمع (الكاف والجيم ) نحو كجة، و(الجيم والتاء) نحو الجبت وهو كل ما عبد من دون الله، وجمع (الطاء، والزاي) حيث يقول فيهما الأزهري: لا تأتلف الصاد مع السين ولا مع الزاي في شيء من كلام العرب.
و(الصاد والطاء) لا يجتمعان في كلام العرب، و(السين والباء والتاء) نحو بستان، وقد وضع أصحاب المعاجم ضوابط صوتية للكلام الدخيل وهذا الدخيل يفسد اللغة العربية، ولهذا يجب ألا نعتمد هذا النوع من الكلام، إذ نجد الخليل بن أحمد الفراهيدي في مؤلفه “العين” يقرّ بعدم وجود كلمة رباعية أو خماسية ليست فيها حرف من حروف الذلق. فيقول في هذا الموضوع: “فإن وردت عليك كلمة رباعية أو خماسية معراة من حروف الذلق أو الشفوية لا يكون في تلك الكلمة من هذه الحروف حرف واحد أو إثنان أو فوق ذلك فاعلم أن تلك الكلمة محدثة مبتدعة ليست من كلام العرب”.[25] ويضيف ابن جني في هذا السياق “فمتى وجدت كلمة رباعية أو خماسية معراة من بعض هذه الحروف فاقض بأنه من الدخيل في كلام العرب وليس منه[26].
وما يمكن أن ندركه من خلال هذه القول إن النحاة واللسانيين وأصحاب المعاجم استثقلوا هذا النوع من الألفاظ في كلام العرب وعابوه لعدم الفصاحة. ويقول الجاحظ: “قد راعى العرب في تأليف الألفاظ الانسجام الصوتي والتآلف الموسيقي، وتجنبوا الزاي مع الظاء والسين مع الضاد والجيم مع القاف والطاء مع الظاء والغين مع الصاد”[27]. والغاية من هذه الضوابط البحث عن الفصاحة وإعطاء الانسجام الصوتي من خلال تلاؤم الأصوات، والابتعاد عن التنافر وهذا ما تأباه العربية. فالعربية تأبى أن يتتابع صوتان مثل الدال والزاي في كلمة واحدة دون فاصل ولكنها تقبل أن يتتابعا إذا كان أحدهما في نهاية الكلمة والآخر في بداية الكلمة، مثل ساعد زميلك، لم أجد زهورا”[28].
إن كل خروج عن هذا التحديد يعتبر كلاما فاسدا من ناحية الفصاحة أي غير مفهوم، ويصبح الإنسان (المتكلم) بهذه اللغة مسيرا لا مخيرا، لأن هذا التنوع الصوتي يخضع من حيث كيفية نطقه وصفاته الصوتية للموقع السياقي، لا لاختيار المتكلم.
تبحث هذه القواعد عن الفصاحة والانسجام الموسيقي كما ذكرنا سابقا، وبهذا لم يفلت من بين قبضتهم حتى الإيقاع الذي يتكون من جرس الأصوات من خلال الانسجام والائتلاف ولا يمكن الخروج عن هذه الفرضيات المسلم بها، وهي “تقرّ بأن الأصوات الحادة والغليظة متضادان، ولكن إذا كانت على نسبة تأليفية ائتلفت وامتزجت واتخذت وصارت لحنا موزونا استلذتها المسامع وفرحت بها الأرواح … وإذا كانت على غير النسبة تنافرت وتباينت ولم تأتلف ولم تستلذها المسامع بل تنفر عنها … تكرهها الأرواح”[29]. ويعتبر هذا تضييقا على المتكلم في اختيار موسيقاه بمعنى أن لم يكن على هذه الوضعية لا يخلق موسيقى. وتنفر منها الأرواح أي الحاسة أو القوة الذائقة، إضافة إلى ذلك أنهم يفرضون عليه خاصيات في انتقاء حروفه في تكوين كلمة، وهذه الخاصية هي تحديد صفات الحروف عندما ترصف الحروف في الكلمة بمعنى لا يضع حروف متقاربة كما يشاء لأن ” فكرة التقارب [تشتمل] على علاقتين…العلاقة المخرجية والعلاقة الوضعية لأن الصوت ما هو إلا مخرج وصفة، وقد يدنو الصوت بمخرجه من مخرج صوت آخر فتكون العلاقة بينهما هي قرب المخرج.”[30] هذا من ناحية التقارب، إضافة إلى ذلك ضبطوا عملية الإدغام بضابط وهو “أن تكون صفات الصوتين مع اختلاف المخارج متقاربة أو متباعدة فيحدث الإدغام أو لا يحدث”[31].
لعل هذا التقارب والإدغام هما نظامان لهما قيود مضبوطة لكن لا يسعنا الوقت أو المجال في تفصيل هذه الضوابط لأنها موجودة في كل كتب النحو. وما يمكن أن نستنتجه أن الأصوات لها عديد الضوابط تلزم المتكلم أن يكون قادرا على استعمال هذه الأصوات بدقة وأن يكون عارفا بكل كبيرة وصغيرة في النظام الصوتي، لأن هذه الأصوات تؤدي وظيفة الدلالة والتعبير عن حالة نفسية وعن حالات متنوعة، كما أنها تؤدي دور التواصل من خلال الحروف التي أقرّ النحاة بأنها الرموز للأصوات أي الصورة الخطية للصوت التي استطاع النحاة وعلماء الألسنية أن يدرسوها دراسة تحيط بكل جوانب الصوت. ولعلّ أهم الجوانب التي يدرسها الألسني والنحاة هو وضع الصوت في مرتبة الفصاحة الذي يتحقق البيان من خلاله وبهذا البيان يتحقق التواصل وهذا النظام الصوتي ينزل ضمن قضايا الفصاحة، وهذه القضية تقع في منطقة التقاطع بين مسائل الإعراب واللغة من جهة وقضايا البيان والبلاغة من جهة ثانية.
ونستنتج من ذلك أنّ النظام الصوتي متعلق بالفصاحة، لأنّ الفصاحة كما تعرف مرتبطة بنظام اللغة من ناحية الأنساق، كما ترتبط بالمستوى الإعرابي وبعلم البيان والبلاغة التي تقوم على حسن النظم والاسترسال في الخصائص الفنية للكلام. ويعود هذا كله إلى الشروط الأساسية التي تتعلق بالفصاحة وتقوم على حسن ترتيب التراكيب والألفاظ والأصوات. ويعتبر الصوت المنبع الأول في تأسيس الفصاحة من خلال دوره في تكوين الكلمة ليرتقي في مرحلة ثانية إلى مستوى التركيب إذ يقول محمد محمد يونس علي في مؤلفه: “وهي كونها مناويل لغوية تندرج تحت مستوى تركيبي”[32]. ما يمكن التعليق عليه في هذا المستوى أن الفصاحة تتمثل-إضافة إلى ما ذكرنا- في الابتعاد عن كل ما هو صعب في عملية النطق وخاصة في تنافر الحروف ممّا يجعل اللسان أقل قدرة على تأدية دوره في الالتزام بشروط الفصاحة حتى لا توقع أي جرس ويصبح اللفظ فيها غريبا لا يمكن فهمه مما يؤدي إلى انقطاع عملية التواصل. في هذا السياق ويقول علي بوملحم: “أما فصاحة المفرد فهي خلوصه من تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس، فالتنافر منه ما يكون بسبب متناهية في الثقل على اللسان عسر النطق بها… كما جاء في البيت الذي أنشده الجاحظ:
“وقبر حرب بمكان قفر *** وليس قرب قبر حرب قبر”[33].
وهذا البيت سُمّي بشعر الجن لصعوبة قراءته بسرعة، ويقع خلل في عملية النطق لأنه يتكون من حروف متنافرة، أما ما يقصد بالغرابة فهو “أن تكون الكلمة وحشية لا تظهر معناها فيحتاج في معرفتها إلى ما ينقر عنه في كتب اللغة المبسوطة”[34].
وإن هذه الضوابط التي ألزم بها المتكلم واعتبار العلاقة بين الدال والمدلول علاقة اعتباطية حسب نظرية دي سوسير. فإن المبدع سيخرج عن هذه القواعد ليس خروجا كليا بل بعد تفكير عميق في اللغة فيعيد في كل مرة ابتكار طرائق جديدة للتعبير عما يريد إبلاغه. ويقتضي هذا تصديع الأطر الثابتة للغة وقواعد النحو وقوانين الخطاب. وفي هذا السياق يقول حميد لحمدان في مقال بعنوان “قضايا الترجمة الأدبية”: “من المعروف أن مسار الكتابة الشعرية على المستوى النحوي والتركيبي يسير دائما في اتجاه معاكس للتراكيب اللغوية والنحوية السائدة في الخطاب العادي الذي يكون خرقا للمألوف وتكسير السنن في هذا المجال أحد دعائم التركيب الشعري”[35].
نلاحظ من خلال ما تقدم أن المبدع سيكون محاصرا في كل المجالات الصوتية والنحوية مع أنه هو الذي يحمل بذرة الخلق والابتكار والاهتداء إلى ما هو جديد ومثمر ويؤدي ذلك إلى بلورة أفكار معينة فيتحرر من كل هذه القيود. إذ فكرة العلاقة الاعتباطية بين الدال والمدلول تصبح لا قيمة لها أمام ما تمليه عليه قريحته. فالحروف لا تحمل دلالة في نفسها.
3-3- خصائص الأصوات الأكثر استعمالا:
تقوم الخصائص الصوتية على تلوينات عديدة في اللفظ عامة وداخل تركيب الكلمة خاصة، فالكلمة قبل أن تلفظ تكون فكرة كامنة في الذهن على اعتبار أنّ اللغة نظام ذهني في الفكر ويخرج إلى الواقع بفعل عملية النطق الذي يمثل صوتا للصورة الموجودة في ذهن المتكلم أو القارئ. وتمثل هذه الحالة خاصية الصوت وهي خاصية خروجه من بيت الأصوات (الرئتين) إلى الشفتين، وليس غريبا عنا في بعض الأحيان مشاهدة التلاميذ في القسم حين يقرؤون نصا قراءة بصرية إذ نجدهم يحركون أعضاء النطق، بمعنى يتمتمون بأصوات الكلمات، أي أنهم لا يستطيعون القراءة الصامتة دون تحريك الشفتين لأن الأصوات المكونة للكلمة هي أسبق من الكلمات المكتوبة، فهي تصدر عن أمر من الدماغ لتعبر عن الصور بالأصوات وهي صورة موجودة في الذهن يقابلها صوت مما يجعل السمع يلعب دورا مهما في عمليتي الإبلاغ وإيصال الأفكار.
وإلى جانب هذه الخاصية نجد خاصية النبرة وتتمثل في خصائص صوتية هي الارتفاع والقوة والشدة والرخاوة والطول والقصر حيث يقول جاكوبسون: “وفقا للمصطلحات الإدراكية التي يستعملها غرامون التقابل بين الغليظ (نبرة منخفضة) والحادة (نبرة مرتفعة). إلّا أن بعض النقاد سارعوا إلى التخلي عن مستوى الإدراك الحسي الذي يؤكدون أنه جزء من علم السمعيات الذاتي الانطباعي”[36].
يمكن أن نفهم من خلال هذا القول أن الأصوات قد وفق علماء العرب في التمييز بينها بتقسيمها إلى نبرة منخفضة والأخرى مرتفعة وهذه الخاصية التميزية تعبر عن حالات ذاتية وانطباعية وغضب وحزن وفرح. وما يمكن أن يحتسب لعلماء العرب هو أنهم وفقوا في التمييز بين هذه النبرات بتحديدهم صفات الصوت “مهموس وشديد” وتحمل هذه الصفات في نفسها دلالة عند تواترها في عمل أدبي فيؤولها النقاد، فالهمس مثلا يحمل معنى الضعف والخوف. والجهر من صفات القوة والشجاعة. و “من الطبيعي أن يكون ممكنا وجود حالات يمكن التعرف فيها على طرفي التقابل … وخاصة تقابل السمات المتضادة بواسطة قرائن مطلقة أيضا مثل الجهر واللاجهر(الهمس) أو الأنفية وغياب الأنفية (القيمة الخالصة) … تعمل كل واحدة من هذه الخصائص بصفتها عنصرا في زوج المتضادات.”[37] كما يضيف جاكوبسون إلى هذه الخاصية مبدأ الثنائية نحو” انفجارية/امتدادية، قوية/لطيفة، مهتوتة/غير مهتوتة، مزردمة/غير مزردمة، مجهورة/غير مجهورة، مفخمة/غير مفخمة، مستديرة/غير مستديرة، مغورة/غير مغورة، أنفية/غير أنفية. وكان كل واحد من هذه الأزواج يتضمن اختلافا نوعيا على مستوى النطق كما على مستوى الشكل”[38].
استطاع المبدع بهذه الخاصيات التميزية أن يؤلف كلاما يحمل دلالة متنوعة وخاصة ما تفرضه عليه قريحته. وبهذه السمات استطاع المبدع أن يتجاوز المواضعات والقوانين اللغوية وإحياء الكلمة بعد نضوبها.
وما يمكن أن ندركه ممّا تقدم أن الصوت هو مادة خام يستطيع المبدع (المتكلم) تطويعها لأغراض متنوعة حسب ما تمليه عليه قريحته أو موهبته.
وما نعنيه بتلك الخصائص الكامنة في الأصوات هو ما يميزها عن أصوات أخرى تحمل المخرج نفسه. وبحسب ملامحها النطقية والسمعية، كما نلاحظ أن بعض الأصوات تختلف في عملية النطق نحو: الأصوات الأنفية وغير الأنفية والأصوات الاحتكاكية نحو: الفاء تختلف نطقيا على الأصوات الأنفية والانفجارية وغيرها. وهذا ما نلاحظه في اللغة التحليلية نحو: اللغة الفرنسية كيف يتم تحول الصوامت من انفجارية إلى أنفية فيقول جاكوبسون: “يتم تحول الصوامت الفرنسية الكثيفة من انفجارية إلى أنفية إلى احتكاكية بأن ينتقل موضع النطق من المنطقة اللهوية إلى المنطقة الحنكية والتحروبية الخلفية على التوالي”[39].
يمكن أن نتبين من خلال هذه السمات التميزية بين الأصوات عند تكرارها في بيت شعري أو قصيدة فتوقع موسيقى ومعنى من خلال التطابق في السيمات عن طريق ايراد الصوت نفسه أو التشابه عن طريق ايراد مجموعة صوتية تتحد في سمة صوتية واحدة أو أكثر من السمات الصوتية (النطقية والسمعية). كما نجد مجموعة صوتية متجانسة في نظام اللغة الصوتي “تقوم على التناغم الصوتي الذي يقوم على العمل المتبادل بين التناقضات متواتر /رخو/ منتشر/مكثف”[40]. ويقوم هذا التجانس والتناغم على مبدأ التوزيع الذي “يمكن أن يعمل بمعزل عن كل زوج متلازم فهو يبرز مثلا في استعمال التقابل الصائتي (طويل/قصير) في نظم الشعر المبني على الكمية أو في التجانسات الصوتية في اللغة السلافية القديمة التي لا تقبل اقتران الصوامت المجهورة والصوامت غير المجهورة فيما بينها.”[41] والتجانس الذي وقع في نظام اللغة الصوتي يتمثل في اتحاد صوت الهمزة وصوت الهاء في مجموعة صوتية واحدة فهما صوتان حنجريان من ناحية المخرج. ويتحدّد صوت الفاء والثاء والشين في مجموعة الأصوات الاحتكاكية ممّا جعل هذا الاتحاد في صفة المخارج يفتح مجال الاختيار أمام المبدع ويخرج عن الضوابط التي تحدّد الكلمة صوتيا أي من ناحية المعجم فيلون شعره ويضفي عليه من روحه ما يغنيها ويجعله أكثر حيوية ومرونة ويكسبها أبعادا جديدة واسعة ويمدها بعناصر البقاء والخلود ولعلّ هذا ما جعل الشعراء خاصة والأدباء عامة لا يستعملون اللغة على النحو المألوف لدى الآخرين وإنما هم يخدمونها ولكنهم في الوقت نفسه لا يدعونها تستعبدهم أو تحكمهم بقيودها وتفرض عليهم نطاقا محددا وإنّما يسعون إلى إخضاع هذه القيود إلى سلطانهم ويسيرون بها قدما إلى عالم أرحب ينمي ويطور مفرداتها وصياغتها متخذا في ذلك جميع وسائل النمو الممكن أو طرائقه ، وهذا ما نجده عند الأدباء في كل الأجناس الأدبية وخاصة، في الشعر. فالشابي يخرج في بعض الأحيان عن مواضعة دي سوسير، وهي اعتباطية العلاقة بين الدال والمدلول. فيضع الشابي مواضعات جديدة بين الدال والمدلول تتماشى مع قريحته ويجعل من المتقبل يستغرب ويجعله يشاركه في هذه المواضعات بإجهاد نفسه في فك الشفرة التي يرمز إليها من خلال التلاعب بالأصوات في تأدية المعنى المطلوب لديه، وهذا العدول المتمثل في كل الأجناس الأدبية يتموقع في اللغة الشعرية خاصة التي تلبس الوحدات الصوتية دلالات وإيحاءات لا توجد في قواعد اللغة ولا في منظومتها، ويزداد الشعر جمالا كلما استطاع الشاعر أن يوظف هذه القدرات الشاعرة الكامنة التي يحاول العلماء والباحثون الآن أن يتوصلوا إلى قواعد أخرى تضاف إلى قواعد اللغة المعهودة.
4- الخاتمة:
حاولنا تقديم بعض الأدلة التي تثبت مكانة الأصوات اللغوية في تأدية عملية التواصل وأهمية التعريفات التي ترد عليها وإن كانت تمثل نقطة اختلاف بين النحاة القدامى واللسانيين إلى اليوم. فهذا البحث مقسم بين النظري والاستعمالي، فالنظري يتمثل في تعريف الأصوات والقيمة التعبيرية التي يتميز بها الصوت الواحد داخل الكلمة أما من ناحية الاستعمال فقد حاولنا أن نبين دور الصوت في التواصل بين المجموعة البشرية ومدققين بعض الضوابط التي احتكم لها المتكلم في تقديم رسالته مبرزا أهم السمات التميزية التي تمثل خصيصة صوتية.
5- قائمة المصادر والمراجع:
- إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، مكتبة نهضة مصر بالفجالة، ط2، 1950.
- إخوان الصفاء، رسائل إخوان الصفاء، وخلان الوفاء، ج 3. دار صادر بيروت، 2015.
- ريمون طحان، فنون التعقيد وعلوم الألسنية، دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع، 1990.
- شاهين عبد الصبور، أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي أبو عمرو بن العلاء، مكتبة الخانجي بالقاهرة، 1987.
- أبو عثمان عمرو بن الجاحظ، البيان والتبيين، مكتبة الخانجي، 2006.
- علي بوملحم: في الأسلوب الأدبي، دار ومكتبة الهلال، 1995.
- علي حسن مزبان: علم الأصوات بين القدماء والمحدثين، دار شموع الثقافية للطباعة والنشر والتوزيع، 2009.
- فاطمة الطبال بركة، النظرية الألسنية عند رومان جاكوبسون، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1993.
- أبو الفتح عثمان ابن جني، الخصائص، ج 2. الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2006، مصور عن طبعة دار الكتب المصرية، 1952.
- أبو الفتح عثمان ابن جني، سر صناعة الأعراب، دار الكتب العلمية، بيروت، 2011.
- محمد المبارك، فقه اللغة وخصائص العربية: دراسة تحليلية مقارنة للكلمة وعرض لمنهج العربية الأصل في التجديد والتوليد، دار الفكر، دت.
- محمد عبد الله جمال الدين بن هشام الأنصاري، شرح قطر الندى وبل الصدى، دار أحياء التراث العربي بيروت- لبنان، ط11، 1963.
- محمد قدوح، الكتابة، نشأتها وتطورها عبر التاريخ، شركة الملتقى للطباعة والنشر، 2000.
- محمد محمد يونس علي، المعنى وظلال المعنى، دار المدار الإسلامي، لبنان، 2007.
- يونس علي، نظرة جديدة في موسيقى الشعر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993.
المعاجم:
- الخليل الفراهيدي، كتاب العين، مؤسسة دار الهجرة، ط 1409 ه.
- مجموع من المؤلفين، معجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، ط1، 2004.
المجلات:
- آمنة بن مالك: ترتيب الحروف العربية ومخارجها: دراسة مقارنة، دار النشر مجلة العلوم الإنسانية جامعة منتوري قسنطينة، عدد 10، 1980.
- حميد لحمدان، مستويات حضور نظرية التلقي في مجلة علامات في النقد، عدد 50، 1 ديسمبر 2003.
[1]– علي حسن مزبان، علم الأصوات بين القدماء والمحدثين، دار شموع الثقافية للطباعة والنشر والتوزيع، 2009، ص 14.
[2]– مجموع من المؤلفين، معجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، ط1، 2004، ص 485.
[3]– أبو الفتح عثمان ابن جني، سر صناعة الأعراب، دار الكتب العلمية، بيروت، 2011، ص11.
[4]– المرجع نفسه، ص6.
[5]– إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، مكتبة نهضة مصر بالفجالة، ط2، 1950، ص 6.
[6]– علي حسن مزبان: علم الأصوات بين القدماء والمحدثين، مرجع سابق، ص 14.
[7]– آمنة بن مالك: ترتيب الحروف العربية ومخارجها: دراسة مقارنة، دار النشر مجلة العلوم الإسانية جامعة منتوري قسنطينة، عدد 10، 1980، ص 50.
[8]– المرجع نفسه، ص 51.
[9]– المرجع نفسه، ص 51.
[10]– المرجع نفسه، ص58.
[11]– أبو الفتح عثمان ابن جني، الخصائص، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2006، مصور عن طبعة دار الكتب المصرية، 1952 ج 2، ص 163.
[12]– المصدر نفسه، ص 163.
[13]– محمد محمد يونس علي، نظرة جديدة في موسيقى الشعر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993، ص239.
[14]– محمد المبارك، فقه اللغة وخصائص العربية، دراسة تحليلية مقارنة للكلمة وعرض لمنهج العربية الأصل في التجديد والتوليد، دار الفكر، د.ت، ص 15.
[15]– علي بوملحم: في الأسلوب الأدبي، دار ومكتبة الهلال، 1995، ص170.
[16]– محمد عبد الله جمال الدين بن هشام الأنصاري، شرح قطر الندى وبل الصدى، دار أحياء التراث العربي بيروت- لبنان، ط11، 1963، ص 204.
[17]– عبد القادر المهيري، النظرية اللسانية والشعرية من خلال النصوص، الدار التونسي للنشر،1988، ص 107.
[18]– ريمون طحان، فنون التعقيد وعلوم الألسنية، دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع، 1990، ص 145.
[19]– محمد قدوح، الكتابة، نشأتها وتطورها عبر التاريخ، شركة الملتقى للطباعة والنشر، 2000، ص 105.
[20]– إخوان الصفاء، رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء، ج3، دار صادر بيروت، 2015، ص 89.
[21]– عبد القادر المهيري، النظرية اللسانية والشعرية من خلال النصوص، الدار التونسي للنشر،1988، ص 111.
[22]– محمد محمد يونس علي، المعنى وظلال المعنى، دار المدار الإسلامي، لبنان، 2007، ص 256.
[23]– فاطمة الطبال بركة، النظرية الألسنية عند رومان جاكوبسون، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1993، ص 199-200.
[24]– محمد محمد يونس علي، المعنى وظلال المعنى، دار المدار الإسلامي، لبنان، 2007، ص 241.
[25]– الخليل الفراهيدي، كتاب العين، مؤسسة دار الهجرة، ط 1409 ه، ص 58.
[26]– أبو الفتح عثمان ابن جني، سر صناعة الأعراب، ج1، مصدر سابق، ص74.
[27]– أبو عثمان عمرو بن الجاحظ، البيان والتبيين، مكتبة الخانجي، 2006، ص 69.
[28]– يونس علي، نظرة جديدة في موسيقى الشعر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993، ص239.
[29]– إخوان الصفاء، رسائل إخوان الصفاء، وخلان الوفاء ج3 ، دار صادر بيروت 2015، ص 204.
[30]– شاهين عبد الصبور، أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي أبو عمرو بن العلاء، مكتبة الخانجي بالقاهرة، 1987، ص 244.
[31]– المرجع نفسه، ص 244.
[32]– محمد محمد يونس علي، المعنى وظلال المعنى، دار المدار الإسلامي، لبنان، 2007، ص 256.
[33]– علي بوملحم: في الأسلوب الأدبي، دار ومكتبة الهلال، 1995، ص160.
[34]– المرجع نفسه، ص 160.
[35]– حميد لحمدان، مستويات حضور نظرية التلقي في مجلة علامات في النقد، عدد 50، 1 ديسمبر 2003، ص 30.
[36]– فاطمة الطبال بركة، النظرية الألسنية عند رومان جاكوبسون،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1993، ص 229.
[37]– المرجع نفسه ص 235.
[38]– المرجع نفسه، ص 236.
[39]– المرجع نفسه، ص 233.
[40]– المرجع نفسه، ص 226
[41]– المرجع نفسه، ص 205