ملخّص:
تطرقنا في هذا المقال إلى أهمّ الإصلاحات التي شرع عبد المؤمن بن علي في تنفيذها، منذ توليه السلطة وسقوط دولة المرابطين التي تركت خلفها اقتصاد هشا ومفككا على عتبة الانهيار، فكانت البداية بعرض سياسته ونظامه المالي الذي قام على الصرامة والحزم من ناحية الإدارة والموظفين والحرص على ضمان التوازي والتوازن بين المداخيل والنفقات وفق خطوات منظمة وشفافة، كما سعينا في بحثنا هذا لتقديم أهم التسهيلات والإصلاحات التي عمل بها عبد المؤمن للنهوض بالاقتصاد وأبرزها خفض الضرائب وتأمين الطرق التجارية وتوفير مناخ ملائم للتجار وتوزيع الأراضي على فئات المجتمع المختلفة للحث على العمل الفلاحي وإبراز قيمة الأرض، كما استقطب الخليفة أمهر الصناع وأحسنهم خبرة لتعليم وتمكين الصناع المغاربة من القطاع، علاوة على هذه الإجراءات حرص عبد المؤمن بن علي ضمان العدل والمساواة في معاملة أعيان دولته فحظيت طبقة القضاة والعلماء وطلبة العلم بأعلى الأجور والمراتب ولم يتوان عن توفير الظروف الملائمة والمناسبة لممارسة أعمالهم في أحسن الظروف.
أما الجزء الثاني من المقال فقد خصصناه لنتائج هذه السياسة الاقتصادية الإصلاحية وما ترتب عنها من ازدهار شمل كل القطاعات منها الفلاحي وذلك بتنوع المحاصيل ووفرتها، والمجال الصناعي الذي ساهم في توفير حاجيات ومتطلبات السكان الاستهلاكية وأخيرا التجاري وذلك بارتفاع عدد المعاملات التجارية الداخلية والخارجية ووفرة مجالات التبادل التجاري الخاضعة لمتابعة الدولة.
الكلمات المفاتيح: بلاد المغرب الإسلامي، الدولة الموحّدية، عبد المؤمن بن علي، الاقتصاد الموحّدي، الضرائب.
Abstract:
In this article, we highlighted the most important reforms that Abdelmoumen Ben Ali had started since he came to power along with the fall of the Almoravid State, which left behind it a fragile and disintegrated economy. His policy and financial system was mainly characterized by strictness and firmness in terms of management and employees and tried to ensure parallel and balance between revenues and expenditures in accordance with organized and transparent steps. This research also pinpointed the major facilities and reforms that Abdelmoumen Ben Ali followed in order to boost the economy, most notably through reducing taxes, securing trade routes, providing a favorable climate for merchants and distributing lands to the different groups of society to encourage agricultural work and highlight the value of land. The Caliph recruited skillful and experienced workers to teach Moroccan craftsmen. In addition to these measures, Abdelmoumen Ben Ali made his best to ensure fairness and equality regarding members of the upper class. He provided the judges, scholars and students of knowledge with the highest wages and ranks and he worked on offering the appropriate conditions to do their work. The second part of this article presented the outcomes of the economic policy and the prosperity marked in all sectors. The agricultural sector witnessed a diversity and abundance of crops. As for the trade sector, it saw a rise in the number of internal and external commercial transactions and the abundance of areas of commercial exchange subject to the follow-up of the state, whereas the industrial field contributed to the provision of the consumer needs and requirements of the population.
Keywords: Islamic Maghreb countries, The Almohad state, Abdelmoumen Ben Ali, taxes, Almohadian economy.
1- مقدّمة:
شهدت بلاد المغرب الإسلامي خلال القرنين الخامس والسادس من الهجرة الحادي عشر والثاني عشر ميلادي فترة ازدهار ورخاء، حيث نشأت على أرضه أكبر دولة عرفتها المنطقة خلال الحقبة الوسيطة وهي دولة الموحّدين بقيادة عبد المؤمن بن علي الذي نجح في بسط نفوذه وسيطرته على المنطقة بعد حروب طويلة ضد دولة المرابطين حتى سقطت ونال حكم بلاد المغرب، ويرجع المراكشي نسبه إلى العرب ويعرفه في قوله:” وعبد المؤمن هذا، هو عبد المؤمن بن علي الكومي أمه حرة من كومية أيضا، من قوم يقال لهم بنو مجير، مولده بضيعة من أعمال تلمسان تعرف بتاجرا، وقيل إنّه كان يقول إذا ذكرت كومية: لست منهم وإنما نحن لقيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ولكومية حق الولادة بينهم والمنشأ فيهم وهم الأخوال” وكان مولده في أيام يوسف بن تاشفين في آخر سنة 487هـــ/1094م[1].
من خلال هذا الطرح جاءت الدراسة حول أهم الإصلاحات الاقتصادية التي اتّبعها عبد المؤمن بن علي في دولته، وتسليط الضوء على هذه الشخصية التاريخية التي ساهمت في رفع صرح الحضارة الموحّدية في شتى القطاعات انطلاقا من السياسية المالية التي اتسمت بحسن التدبير والتسيير بإدخال التعديلات اللازمة لدفع عجلة الاقتصاد بالبلاد وتنظيم علاقة السكان بولاة الأمر من الناحية المالية في ظل مبادئ وقوانين يخضع لها الجميع. وتزامنا مع هذه الإصلاحات المالية أصدر الخليفة جملة من الإجراءات والتدابير التي اتخذها للارتقاء بالاقتصاد الموحّدي الذي كان يعاني الوهن والاضطراب في جميع القطاعات من زراعة وصناعة وتجارة. وقد جعلت كل هذه العوامل مجتمعة من الخليفة عبد المؤمن بن علي شخصية سياسية تاريخية متفرّدة.
فكيف ساهم النظام المالي في استقرار الأوضاع الاقتصادية، وما هي أهم الإضافات والخطوات الإصلاحية التي عمل بها الخليفة لضبط السياسة المالية للدولة من جهة والنظام الاقتصادي من جهة أخرى وهل نجحت هذه التوجيهات الجديدة والقرارات الحازمة في إنعاش الاقتصاد الموحّدي وازدهاره؟
2- السياسة المالية للدولة الموحّدية:
من أهم العوامل التي أدت إلى ازدهار الحياة الاقتصادية خلال هذه الفترة، النظام والسياسة المالية التي سنها عبد المؤمن بن علي وسيّر بها دولته، واضعا لهذا الغرض الهيئات والدواوين الإدارية لتنظيم موارد الدولة المالية ومصادرها وطرق جبايتها بالتوازي مع النفقات المختلفة.
2- 1- النظام المالي ومصادر بيت المال:
حرص عبد المؤمن بن علي على إرساء جملة من الأجهزة التي تتولّى مهمة النظر والتدقيق في النواحي المالية مثل الدواوين المالية التي شملت كل أقاليم المغرب الإسلامي فنجد بكل منطقة ديوانا ماليا، أما الأطراف القائمة على الأعمال المالية في الدولة فهم طبقة الوزراء والكتاب، يساعدهم الأمناء في جمع الأموال، ويشير البيدق المعاصر لخلافة عبد المؤمن أنه بعد فتح مدينة مراكش:” ..أرسل الأمناء بعد فتح مراكش إلى المدينة مع الوزير وكان السبي يضمون للمخزن أنماه الله ما كان من الحلي والسلاح وما كان بالمدينة كلها رفع للمخزن وبُيعت النساء، ورجع كل شيء إلى المخزن”، وفي نفس الإطار تذكر المصادر أنه لما استولى عبد المؤمن على تونس أرسل إليها الأمناء لاقتسام أموال أهلها[2].
وبمرور الزمن تطورت مراتب العاملين بالشؤون المالية تدريجيا حتى أصبح يوجد وزير مسؤول عن الأعمال المالية، يطلق عليه “صاحب الأشغال” يتمتّع بمكانة مرموقة في السلم الاجتماعي، وبالمثل نجد صاحب ديوان الأعمال المخزينية وهو الذي يشرف على مراقبة إيرادات الدولة حسب الدخل والمنصرف ويتكفل بمراقبة العمال والمشرفين ومحاسبتهم.[3]
يعمل المشرف تحت سلطة صاحب ديوان الأعمال المخزينية وتتمثل وظيفته في الأشراف على العوائد والمكوس ومصادر المال وتُعرفه المصادر كالتالي “المشرف بالإسبانية « Almojarife » كان هو الذي يتوصل بكل الواجبات والحقوق اللازمة عند الإيراد والإصدار للسلع فهو بمثابة “المفتش العام للديوانة”، يستعين في ذلك بمجموعة من العمال على رأسهم خازن المال وخازن الطعام والمتقبل الذي يتعامل مع التجار ويحدد قيمة الضرائب المفروضة على بضائعهم، ومن هنا يتألف النظام الإداري المالي للدولة من مجموعة أجهزة وأشخاص يترأسهم صاحب ديوان الأعمال المخزينية المشرف على مجموعة من الموظفين وهم المشرفون وخازنو الأموال والطعام والمتقبلون الذين يوزعون الأدوار فيما بينهم.
وضمن السّلم الوظيفي نجد متولي المجابي وهو المسؤول عن جباية الضرائب والجزيات بمختلف مناطق المغرب تسخر له الدولة مجموعة عمال لمساعدته على أداء مهمته، منهم صاحب خطة المستخلص ووظيفته الإشراف على أموال الخليفة وكل ما يتعلق بمصادر الدخل وهنا يتضح وجود ثلاثة وظائف: تتعلق الأولى بمراقبة الإيرادات والمصروفات والثانية تختص بتحصيل الموارد المالية للدولة والأخيرة هي المشرفة على أموال الخلفاء.
وقد اختلف موعد جمع المال من مصدر دخل مالي إلى آخر، فكانت زكاة المسلمين والجزية المفروضة على أهل الذمة، تدفع سنويا، في حين كانت بعض المداخيل الأخرى مرتبطة بظروف معينة مثل الغنيمة والعشور، وأما الخراج فإنه يُجبى سنويا حسب المناطق[4].
وفي هذا الشأن حرص الخليفة عبد المؤمن بن علي على مراقبة الإدارة المالية مراقبة شديدة ودقيقة، من خلال متابعة المشتغلين بهذا المجال، غير أن مالية الدولة لم تخلُ من بعض مظاهر الفساد المالي من بعض الجباة والعمال الذين يفرضون المغارم والمكوس على الناس بحجة أنها تابعة لمخزن الدولة، بل أن يدهم طالت أموال الحكومة نفسها في التعدي والتجاوزات، الأمر الذي تطلب التدخل العاجل للخليفة. فنادي بمعاقبتهم أشد عقاب وجاء في رسالته التي بعث بها إلى ولاة الأمر ما يلي:” ..ولقد ذكر لنا في أمر المغارم والمكوس والقبالات وتحجير المراسي وغيرها ما رأينا أنه أعظم الكبائر جرما وإفكا، وأدناها إلى من تولاها دمارا وهلكا، وأكثرهم في نفس الديانة عبثا وفتكا، فإّنا لله وإنا إليه راجعون، ..وإن من ذلك الرأي الذميم والسعي المنقوم… يتسبب إليهم قوم من هؤلاء الظلمة الدخلاء الذين يضعون الغش طي ما يوهمون به من النصيحة ويستنبطون المكر في تصرفاتهم القبيحة..”[5]،ويبدو أن الخليفة عبد المؤمن بن علي كان حازما وصارما في المخالفات والتجاوزات المالية وكل ما يتعلق بمصالح الدولة، فقد شدّد وحذّر ولاة الأمر من التهاون ومحاسبة ومعاقبة كل المخالفين أشد عقاب.
اتبع عبد المؤمن بن علي منهج الداعية مهدي بن تومرت في تحصيل الأموال الشرعية الضرورية للدولة، في مصادر بيت المال المعروفة، وأهمها الخراج الذي يؤخذ على الأراضي الصالحة للزراعية والزكاة التي تعتبر من الواجبات الدينية، ومن أصنافها النقود من الذهب والفضة والحلي المتخذ للتجارة، والحيوانات من أنعام ومواشي، والحبوب والثمار من تمر وزيت زيتون والمعادن[6]. بحسب القاضي عياض.
واتجه الخليفة إلى إلغاء كل الرسوم والضرائب التي تخالف الشرع وفرضها المرابطون في عهدهم، مثل دفع المكوس على أماكن العبور التي تمرّ بها القوافل وهو ما اعترض عليه بن تومرت بشدة، وصدرت رسائل رسمية من الخليفة عبد المؤمن يأمر فيها بإلغاء كل أنواع الضرائب التي تخالف الشرع، والجدير بالذكر أنّ المرابطين في عهودهم الأولى، اتبعوا سياسية مالية تتوافق مع مبادئ دينهم الإسلامي ولم يخالفوا الشرع، غير أنهم في أخر عهدهم كلما مروا بضائقة مالية تتطلب فائضا من المال خاصة في المجال العسكري لجؤوا إلى فرض ضرائب جديدة مجحفة لتغطية مصاريف بيت المال.
وتعتبر الغنيمة التي تتأتى من فتح البلدان والمناطق مصدرا هاما من مصادر مداخيل الدولة، وقد أشارت المصادر إلى ما غنمه الموحدون أثناء إسقاطهم لدولة المرابطين بمراكش:” ولما تم لعبد المؤمن فتح مراكش ودخلها رجع منها إلى محلته وجعل الأمناء على أبوابها مدة شهرين فاجتمع فيؤُها وأموالها فقسمه على الموحّدين وقسم عليهم ديارهم وبيع عيال مراكش ولمتونة مما يقصر على وصفه اللسان”[7].
ونشير إلى أن مصادر الأموال المتنوعة ساهمت في ثراء بيت مال الدولة، مما جعلهم قادرين على النهوض بالبلاد في جميع المستويات من بناء وتعمير وإصلاح.
2-2- النفقات وأنواعها:
اختلفت وجهات الإنفاق ببلاد المغرب في ظل الدولة الموحّدية، وذلك حسب الأولويات. فقد أولى الخليفة عبد المؤمن بن علي عناية خاصة بالمجال العسكري بما يشتمله من معدات وأسلحة وغيرها لا سيما نفقات الجيش في البر والبحر ،حيث كانت الحروب قائمة متتالية في هذه الفترة، وقد ضم الجيش الموحّدي أعدادا ضخمة من الجنود، تمتعوا بمرتبات عالية إضافة إلى المنح التي تُصرف لهم خلال الحملات العسكرية، كما حظي جنود هذه الفترة بأموال إضافية في الاحتفالات العامة، أما مرتباتهم فهي مقسمة على ثلاث دفعات في السنة بالنسبة إلى الجنود المحليين، أما غيرهم من الجنود الغز فهم فيتمتعون برواتب شهرية قارة، ويعود الاختلاف إلى أسباب مختلفة، منها أن الجنود الموحّدين يتمتعون بالاقتطاعات التي تدرّ عليهم أموالا أخرى غير رواتبهم، أما الجند فهم غرباء لا يتمتعون بامتيازات مادية أخرى ولا يملكون سوى رواتبهم، وشاع عند الموحّدين أنه عند خروجهم للمعارك يقومون بتفريق الأموال على جنودهم وهي حركة تحفيزية لشد شكيمتهم وبث روح القتال فيهم[8].
وسعى الخليفة إلى إكرام جيوشه بمختلف الهبات والعطايا والهدايا منها الذهب والفضة والملابس من قميص وغفاير وعمائم وأنواع أسلحة متنوعة في شكل منح للخروج في المعارك، وفي الاحتفالات العامة كان الجند يحظون بأرقى استقبال وأحسن طعام حتى أن غلة “المواساة” الراقية وعالية الجودة كانت تُفرق عليهم بعد تحصيل الغلال في المخازن، وبالتالي فإن المرتبات والمنح والعطايا و”المواساة” كلها نفقات يتحصل عليها الجنود من خزينة الدولة[9]. وفي نفس الإطار خصصت الدولة جزءا كبيرا من نفقاتها للأسطول البحري وذلك بإنشاء الأساطيل الضخمة لمواجهة العدو وحماية الدولة، فقد أنفقت مبالغ هامة على صناعة السفن حتى بلغ أحدها أربعمائة قطعة وفي رواية أخرى سبعمائة قطعة، وتمتع جنود البحرية بمرتبات وأرزاق ومكافآت ومنح عالية خاصة وقت الانتصارات.
ومن النفقات الأخرى التي تتكفل بها الدولة مرتبات الوزراء ورجال الدولة من حشم وقضاة وفقهاء وطلبة علم، اهتمت الدولة بطالبي العلم ووفرت لهم حصة كبيرة من بيت المال، فقد اشتهرت هذه الدولة بتشجيعها على تحصيل علوم المعرفة بأنواعها، ومن تدابير الخليفة عبد المؤمن في هذا الغرض، أنه جمعه أبناء القبائل وإنشاء مدرسة خاصة لهم ليكونوا الطبقة الإدارية بالبلاد وذلك على نفقة الدولة، و قد أكرمهم وأحسن إليهم بالمرتبات والعطايا لتشجيهم وحثّهم على طلب العلم، والتمس ضعف حال الطلبة الأجانب وضيقها، فأمر بصرف القروض لهم من خزينة الدولة وتورد المصادر قوله فيهم:” هؤلاء طلبة غرباء ضعفاء والإقلال عليهم . فنرى أن ندفع إليهم مالا نقارضهم فيه، ويتّجرون به ويردّون السلف لنا…فأسلفهم من مال المخزن ألف دينار لكل واحد واكتسبوا منها، وكانت أصل غناهم ولم يأخذها منهم أبدا”[10]، وتمتعت الطبقة العالمة من الموظفين، مثل الأطباء والمهندسين من الطوائف والبلدان الأخرى الذين يعملون لصالح الموحّدين بمرتبات عالية. ويكشف هذا عن السياسية اللينة والكريمة التي اتبعها الخليفة مع الأجانب في بلاده، لكسب ثقتهم وخبراتهم.
وسخر عبد المؤمن بن علي جزءا مهما من مال خزينة الدولة لبناء بلاد المغرب وتعميرها، فتمّ تشييد المباني والعمارة الراقية بإشراف هيئة استثمارية تابعة للدولة أو لأصحاب الأموال والاستثمار، ومن أعمال الخليفة في هذا الشأن بناء مدينة الفتح على جبل طارق. فأنفق في سبيلها أموالا طائلة، وسار على دربه الخليفة المنصور الموحّدي أمر ببناء العديد من القصور والجوامع والصوامع بمدينة مراكش واهتم كذلك بتوفير المرافق والمؤسسات الضرورية مثل المستشفيات، وشيد الخليفة الفنادق ذات المعايير العالية وذلك لما تمثله من أهمية كمؤسسة اقتصادية، من خلال نشاطها التجاري في مبادلات السلع والبضائع، وهي في الوقت نفسه مصدر دخل قار لدولة بواسطة عملية كراء المحلات علاوة على أهميته السياسية. فالفندق هو المقر الرسمي للقنصل الذي يمثل دولته، وهو يتكون في هذا العهد من كنيسة لأداء الشعائر الدينية وفرن لإعداد الطعام للمسافرين ومقبرة لدفن الموتى، ومحلات مرتبطة به مثل محلات خياطة الملابس وصناعة الأحذية ودبغ الجلود والفراء وأخرى لبيع الخمور ويتوسّطه مكتبان متخصصان لمراقبة أوضاع الفندق ومحلاته[11].
ومن جهة أخرى نجد نفقات ذات طابع سياسي اجتماعي اعتمدها عبد المؤمن بن علي لكسب ود الأعداء وتشجيع السكان على الدخول في طاعته، فتمتعت بعض القبائل التي سارعت للدخول في طاعة الموحّدين بكثير من الامتيازات مثل العطايا والإقطاعات، كما فرضت بعض الظروف البشرية والطبيعية التدخل السريع للدولة من خلال تقديم المساعدات مثل المدن التي يصيبها العدو بأضرار جسيمة ناتجة عن غزوة أو حرب، وكذلك أموال النجدة والاستغاثة في الكوارث الطبيعية مثل الحرائق والفيضانات، ومن عادات عبد المؤمن بن علي تفريق الأموال على السكان في عدة مناسبات لكسب ودهم ورضاهم.
ولم يبخل الخليفة على طبقته من العلماء والأدباء والشعراء بحصة كبيرة من المنح والعطايا باعتبارهم الواجهة الثقافية والعلمية للبلاد، ونال الفقراء والمحتاجون قسطا وافرا من خزينة الدولة وتورد المصادر:” وكان كثير الصدقة، بلغني أنه تصدق… بأربعين ألف دينار خرج منها للعامة نحو نصفها والباقي في القرابة..”[12].
يتّضح جليّا ممّا تقدم ذكره وجود مخطط منظم وشامل للنهوض بالاقتصاد الموحّدي. فكانت البداية بإصلاح مالية الدولة التي تعتبر الركيزة الرئيسية والخطوة الأساسية للخروج من بقايا شوائب الدولة المرابطيّة وتطهير الدولة من الفساد وإيقاف وتيرة الاستنزاف.
3- الزراعة والصّناعة والتّجارة في عهد الموحّدين:
مما لا شك فيه أن بلاد المغرب خلال هذه الفترة كانت تعيش شللا تام في جل القطاعات الاقتصادية على غرار الزراعة والصناعة والتجارة. فعلاوة لما على ما خلفته الدولة المرابطيّة من فوضى اقتصادية، منها ضعف الأنشطة التجارية نتيجة الفتن المتتالية وتوالي سنوات الجفاف الذي أدى إلى شل الفلاحة والصناعة، وساهم في انتشار الكساد وغلاء الأسعار. وهو ما دفع عبد المؤمن إلى اتخاذ جملة من التنظيمات والتعليمات الجديدة الهادفة إلى تنشيط الحركة الاقتصادية وإعادة الروح لمختلف القطاعات.
3- 1- النشاط الزراعي الموحّدي:
تعتبر الزراعة أهم مقومات الحياة الاقتصادية في الفترة الوسيطة، فأغلب السكان يقطنون الأرياف والبوادي والجبال، مما خلق علاقة وطيدة بين الإنسان والأرض وكل ما يتعلق بها من زراعة وري وجمع محاصيل.
وفي هذا السياق اتبعت الدولة سياسية ناجعة للنهوض بهذا القطاع فاعتمدت على آليات وخطط لتطوير الإنتاج الزراعي، من ذلك تنظيمها لملكية الأراضي التي وقع استغلالها بطرق مختلفة يمكن تلخيصها في شكلين، استغلال مباشر من طرف ملاك الأراضي ونجد هذا النوع شائعا خاصة في الأرياف والجبال تختص به العائلة الكبرى أو أفراد القبيلة يتشاركون في ملكية الأرض ويتقاسمون الأدوار والمهام فيما بينهم بالتساوي مثل الحرث والحصاد وجريان المياه ويحددون نوعية الأنشطة بالأرض من زراعة أو تربية حيوانات ويكون هدفهم الأسمى تحقيق الاكتفاء الذاتي. واستغلال غير مباشر يتمثل في الكراء والإجارة والشراكة وهو نوع دارج أكثر بالمدن والحواضر الكبرى، والكراء يكون بواسطة عقد تُحدد فيه الأجرة ومدة الكراء، أمّا الشراكة فتكون بين طرفين وهما مالك الأرض والشريك الذي يكون مساهما بالمال أو العمال مقابل حصة معينة من المنتوج يأخذها في أغلب الأحيان بعد جمع المحصول تقدر غالبا بالخمس، والإجازة هي طريقة يلجا إليها الملاكين ضعفاء الحال فيتخذون الأجراء للقيام بأعمال معينة مقابل جزء من المحصول[13].
وفي إطار تشجيع السكان على العمل الفلاحي اتّجه عبد المؤمن بن علي إلى منح بعض الأرضي الفلاحية لجنوده لزراعتها واستثمارها في شكل اقتطاعات مما در عليهم أموالا كثيرة وساهم في ازدهار النشاط الفلاحي في هذه الفترة، وأعطى الكثير من المساحات لمن دخل في طاعته طواعية وأكرم أتباعه (ولم يستثن من ذلك غرباء المنطقة من جند وحشم) بالأراضي لتشجيعهم وتنشيط عملية الزراعة.
ودعمت الدولة النشاط الزراعي مهتمة بالموارد المائية وذلك بتوفير المياه وخلق أساليب وطرق جديدة تُمكنها من بلوغ كل أرجاء بلاد المغرب الإسلامي، واستعان الخليفة في هذا الميدان بالخبرات الأجنبية من ذلك استدعاء مهندس أندلسي للنظر في هذه المسألة فنجح في ابتكار طريقة جديدة للري تقوم على مرور المياه من المناطق المنخفضة نحو الأراضي الجبلية المرتفعة دون استخدام آلات رافعة، كما وطلبوا معونتهم لتطوير آليات السقي واستخراج المياه واستغلالها ويذكر ابن عذاري أن الموحّدين نجحوا في خلق أساليب جديدة في سبل المياه والسّقاية وهو ما لم يقدر عليه أحد قبلهم، وخير دليل على ذلك نجاحهم في استجلاب المياه من مصادرها ونقلها عبر القنوات إلى الحواضر والمناطق الزراعية[14].
وسار الخليفة المنصور على نفس السياسة وأولى اهتماما خاصا بتوفير مياه الري، فشيد الصهاريج الضخمة التي توحي بالمشاريع الفلاحية الكبرى، لتجميع المياه واستخدامها في أوقات مناسبة وأماكن معينة وذلك بوصلها بالمناطق الزراعية والعمرانية بواسطة شبكة متقنة الصنع، ويظهر جليا دور الدولة في دعم النشاط الفلاحي من خلال تقديم المساعدات المالية التي تتخذ شكل قروض للطلبة للعمل بالأرض وتنميتها واستثمارها، ومن خلال الحرص على تزويد القطاع بكل ما ينقصه، على نفقتها الخاصة مثل استيراد الأشجار المثمرة النادرة والتي يعاني فلاحو المنطقة والعاملين بهذا القطاع من نقصها، ولا لم تتوانى الدولة عن تقديم المساعدات اللازمة في فترات الكوارث مثل تزويدهم بالمنتجات الزراعية الضرورية ودعم أسعار هده المواد وبيعها بأثمان زهيدة يقدر عليها عامة الشعب.
وبالنظر في تاريخ الدولة الموحّدية نلاحظ حرص داعيتها المهدي بن تومرت على حماية القطاع، فقد نهى أتباعه وحذر جماعته من التعرض للحقول وإفسادها وإتلاف المحاصيل وجاء في المصادر أنّه “…أوصاهم في سفرهم إذا مروا على طريق متصل بها زرع نكبوا عنه ودرؤوا أهل الفساد عنه”[15]، وهو ما نادي إليه به الخليفة عبد المؤمن الذي أمر جنوده رغم كثرة عددهم بعدم المساس بالمزروعات والتعدي عليها، ومن أعماله أنه اهتم بالأراضي المتضررة من الحروب بعد أن هجرها أهلها خوفا من الحروب الطاحنة بين المرابطين والموحّدين، فأمر بعد استتباب الأمن واستقرار البلاد السكان بالعودة إلى أوطانهم وتعمير أرضهم واستغلالها وفلاحتها.
وكنتيجة لهذه السياسية الإصلاحية المتبعة تنوع الإنتاج الفلاحي وانتشرت المحاصيل على كامل ربوع بلاد المغرب من هضاب وسهول وجبال تحت راية الإمبراطورية الموحّدية، فتوزعت الحبوب والبقول من قمح وشعير وذرة في مساحات شاسعة بكميات وافرة، حتى أن البقول الجافة فاقت حاجة البلاد وأصبحت تصدر إلى خارج حدودها عن طريق البر والبحر، واعتنت الدولة بمجال البستنة الذي انتشر بصفة كبيرة في هذه الفترة وأقبل عليه السكان وذلك بزراعة البساتين بمختلف الأشجار المثمرة حسب النوعية والكمية فشملت المدن والأرياف، حتى أن بعضها حقق اكتفاءه وأصبح مستقلا، وبعد أن كان استهلاك الفواكه مقتصرا على شريحة معينة من السكان لغلاء أسعارها أصبحت متاحة للجميع بما في ذلك الطبقات الضعيفة بأثمان منخفضة، وكان لعبد المؤمن بن علي دور فعّال في هذا الأمر، فهو أوّل المشجّعين والمبادرين في هذا النّوع من الزّراعة وذلك بإنشاء بستان كبير خارج مراكش هدفه لفت نظر سكان الجبال والأرياف إلى أهمية أرضهم وما يمكن أن تنتجه، وتورد المصادر أنّه ” … غرس خارج مراكش بستانا طوله ثلاثة أميال وعرضه قريب منه. فيه كل فاكهة تشهيها الأنفس وجلب إليه الماء من أغمات واستنبط عيونا كثيرة”[16].
وتنوعت المحاصيل الزراعية بين المناطق بحسب الخصائص الجغرافية، فاشتهرت مدينة تونس وقابس بإنتاج اللوز والرمان والأترج والسفرجل والتين وغيرها، ومدينة بسكرة بالمغرب الأوسط بالكسبا..، وعُرفت أرض المغرب الأقصى بوفرة محاصيلها من الحبوب مثل القمح والحنطة. ولم يغفل الموحدون عن تطوير وتوسيع دائرة المنتوجات الزراعية [17]الموجهة للتصنيع التي كان لها دور ريادي في الصناعة والتجارة، مما يساهم في تنشيط الحركة التجارية البرية والبحرية ببلاد المغرب، ومن أهم هذه الزراعات، نذكر الزيتون الذي لقي تشجيعا ودعما كبيرا من قبل الدولة التي حثت على غراستهُ بكل شبر من بلاد المغرب، نظرا لأهميته الغذائية والتجارية المربحة حتى أن بعض المناطق اشتهرت بغابات الزيتون فأطلق على مدينة مكناسة “مكناسة الزيتون”[18]، ومن أهم المواد الموجهة للتصنيع الأخرى القطن ومن خصائصه أنه يُزرع بالمناطق الوطيئة المنخفضة من سطح المغرب، وقد وجدت هذه المادة عناية خاصة من قبل الدولة، فوسّعت مجال زراعته في إطار متابعة دقيقة، نظرا لقيمته الكبيرة في الميزان التجاري، فانتشر على ربوع بلاد المغرب واختصت به بعض المدن مثل تادلا وداي، ونجد قصب السكر الذي يعتبر مادة غذائية وتجارية مهمة وكان يُساق إلى المطاحن والمعاصر القريبة من مناطق إنتاجه وخلال هذه الفترة حققت هذه المادة في بعض المناطق فائضا في الإنتاج مما اضطرهم لبيعه لمدن وأسواق أخرى ومن أهم المدن المنتجة له وادي السوس ومدينة نفيس[19].
وعلاوة عن هذه المنتجات نجد مواد فلاحية أخرى لعبت دورا رئيسيا في قطاع الصناعة على غرار التيلج الذي يعتمده سكان المغرب لصناعة مواد التلوين والأصباغ، ونبات التاكوت المعتمد في دباغة الجلود والحناء التي تُباع في جميع أسواق بلاد المغرب الإسلامي[20].
3- 2- الصّناعة في العهد الموحّدي:
تعتبر الصناعة من أهم ركائز الحياة الاقتصادية ومقوماتها، ولئن كانت صناعات هذه الفترة بسيطة وتقليدية فقد تماشت مع ظروف العصر وسدت احتياجات السكان من المواد الاستهلاكية وغيرها. وقد ارتكزت الصناعة في هذا العهد على المواد الفلاحية والحيوانية والمعدنية التي يقع تحويلها لمواد مصنعة قابلة للاستهلاك والاستعمال. ويمكن تصنيف أنواع الصناعات المنتشرة في هذه الفترة إلى نوعين رئيسيين صناعات فلاحية تندرج تحت غطاء الصناعة الغذائية والنسيجية باعتبارها مستخرجة من الكتان والقطن، والصناعة الجلدية والخشبية، أما النوع الثاني فهو الصناعة المعدنية من ضمنها صناعة النقود والأسلحة.
اجتهد الموحدون للنهوض بالصناعة. فعملوا على تسخير كل المواد المتاحة و منها المواد المعدنية الخام مثل الحديد والنحاس والفضة والذهب التي تُصنع أحيانا في مراكز استخراجها أو تُسوّق كمادة خام إلى مراكز تصنيع أخرى مكلفة وباهظة من حيث اليد العاملة والتصنيع، لاستثمارها في مجالات عدة مثل البناء والتعمير، وكذلك الصناعات المستخرجة من المواد الأولية في مقدمتها الخشب الذي اعتمدوه كمادة أساسية في بناء السفن التي حظيت بمكانة مهمة لمكانتها العسكرية والمنشآت البنائية مثل الفنادق والحوانيت والجسور والقناطر، أما بعض المحاصيل الزراعية فقد استعملوها لصناعة الملابس القطنية والحريرية والصناعات المعتمدة على المواد الأولية الحيوانية على رأسها حرفة دبغ الجلود التي وفرتها الحيوانات المنتشرة بأرجاء بلاد المغرب والصوف لصناعة الملابس الصوفية، ولم يغفل الخليفة عبد المؤمن عن الاهتمام بهذا المجال ودعمه وتطويره باعتباره مكملا رئيسيا للاقتصاد الموحّدي.
فشجعت الدولة رجال الاستثمار من الطبقة الغنية وكبار التجار على العمل بهذا القطاع، وكمبادرة لهذه السياسة التحفيزية اتجه الخليفة لاستجلاب كبار الصناع الذين اكتسبوا خبراتهم بمرور السنين إلى العاصمة مراكش وغيرها من المدن للاستفادة من خبراتهم وتعليم الصنائع للأجيال اللاحقة لخدمة مجتمعاتهم والنهوض باقتصاد بلادهم، وفي هذا الصدد تم استدعاء الحرفي الحاج يعيش المالقي من الأندلس بأمر الخليفة عبد المؤمن لصناعة مقصورة هندسية ميكانيكية بالمسجد الجامع، وقامت المقصورة على حركات هندسية ترفع بها عند خروج الخليفة وتنخفض لدخوله[21].
عمد الخليفة عندما عزم على كسوة مصحف عثمان إلى جمع جموع الصناع من كامل أنحاء البلاد وخارجها لهذه المهمة، ومما لاشك فيه أن هذا الاختلاط والاحتكاك بين صناع المغرب والأندلس أثر على خبرات الصناع المحليين وساهم في زيادة خبرتهم وإتقانهم لصنائعهم، ويظهر جليا من خلال المؤلفات تبجيل الخليفة وتقديره لأصحاب الصنائع في فترة تسودها الحروب الطاحنة مما جعله متخوفا من اضمحلال الصناعة حتى أنه في حادثة انتصاره على المرابطين في العاصمة مراكش وبعد هدوء الأوضاع أراد أصحابه من المصامدة قتل من بقي بالمدينة فنهاهم عن ذلك ومنعهم بحجة أنهم صناع وأهل سوق يفيدون البلاد.
ومن أهم الشواهد التي تدل على ازدهار الصناعة في هذه الفترة ما تورده المصادر من أعداد ضخمة للمصانع، فقد احتوت العاصمة مراكش وحدها 3766 مصنعا، منها 3094 للطرازة و400 مصنعا لأحجار الكاغد، و116 دارا للصباغة و86 دارا للدباغين و47 مصنع الصناعة الصابون، و12 دارا لتسبيك الحديد والنحاس و11 دارا لعمل الزجاج علاوة على وجود 180 دارا لصناعة الفخار خارج المدينة[22].
3-3- عوامل ازدهار التجارة الموحّدية ومظاهرها:
شهدت الحياة التجارية في أواخر الدولة المرابطيّة حالة من التدهور والاضطراب نتيجة الحروب والصراعات المتتالية وانعدام الأمن، إضافة للصراعات الداخلية والخارجية، وتزامن ذلك مع تراجع حركة نشاط الطرق التجارية البرية لكثرة الإغارة وقطع الطريق والسرقة فعمت الفوضى والخراب بلاد المغرب، وما أن نجح الموحدون في القضاء على الدولة المرابطيّة حتى هدأت الأوضاع السياسية واستقرت أحوال البلاد وانطلقت الحركات والمبادرات للإصلاح الاقتصادي بصفة عامة وخاصة بالنشاط التجاري الذي يعتبر المورد الأول والرئيسي لخزينة الدولة.
وفي هذا الإطار شددت المصادر على دور ولاة هذه الدولة في ازدهار النشاط التجاري. فقد اتخذ الخليفة عبد المؤمن جملة من الإجراءات والقرارات لضبط النشاط التجاري وتسييره وحمايته من كل العراقيل التي تعوقه ومنها حماية كل المنخرطين في العمل التجاري من جميع أعمال الاعتداء والتعرض لهم، وتوعد الخليفة بالمعاقبة بل وبالقتل لكل من يخالف أوامره ويتعرض للتجار بقطع الطريق أو السرقة والإغارة[23]، وفي هذا الشأن نظم الحملات العسكرية لمعاقبة كل القبائل والمجموعات التي تتعرض للقوافل التجارية والتجار خاصة الواقعة منها على حدود الطرق التجارية وهو ما حد من ظاهرة قطاع الطريق[24].
وفي صلب هذه التدابير قدم الخليفة تسهيلات كثيرة للتجار، منها السماح للأجانب منهم بالعودة إلى بلادهم لتعميرها، وفتح البلاد للتجار المتجولين لدخولها بكل حرية ونهى العباد عن المساس بأموالهم وسلعهم دون وجهة حق، ولتنشيط التجارة عمد الخليفة إلى إسقاط بعض الضرائب الدارجة في العهد المرابطي من ذلك منع فرض المكوس والمغارم على التجار حين دخولهم الأسواق مما يدفع حركة البيع والشراء ويزيدها، وفي هذا الصدد تصف لنا المصادر حالة التجارة في عهد الخليفة عبد المؤمن بن علي:” وأمنهم من المخاوف فيما تقيد عليهم في الدواوين ـــــ وذلك حين أفرج عن المسجونين بمناسبة تجديد البيعة 563هـ/ 1167 م ـ فزاد الانبساط والنشاط عند الناس بفضله وصفحه وعدله، وزادت المخازن إثر ذلك وفورا، ونمت الأرزاق، وعمرت الأسواق بالبيع والتجارة الرابحة ودرت على الناس بالخيرات درورا واغتبط العالم به وببيعته، وكثر المال في الأيدي من توالي سمحه وبركته”[25].
كما أبقى الموحدون على التجار الأجانب الذين دخلوا بلادهم للتجارة دون الدخول معهم في شراكة أو إجبارهم على ذلك لممارسة نشاطهم بكل حرية، وأكثر من ذلك كانت الخلافة تزودهم بالأموال اللازمة في فترات الشدة، على غرار الطلبة فقد بلغ القرض للشخص الواحد ألف دينار وهي سياسة ناجحة وذكية أدت إلى بروز طبقة جديدة من التجار الصغار[26].
ومن جهة أخرى عملت الدولة على تشييد مختلف المنشآت التي من شأنها أن تساهم في تنمية الحركة التجارية مثل إنشاء الأسواق وتمهيد الطرق وحفر الآبار على امتداد الطرق التجارية البرية لسد حاجات التجار والحيوانات من ماء صالح للشرب، وأقامت الجسور على الأودية والأنهار لتسهيل مرور القوافل وتجنب مخاطر الطريق وحوادثها، وظهرت في هذه الفترة الفنادق في كل أنحاء بلاد المغرب الإسلامي، حتى بالمناطق الداخلية قليلة السكان والمناطق ذات الجاليات الأجنبية والمذاهب المختلفة من مسيح ويهود وهي في أغلب الأحيان تستقر بالمناطق الساحلية[27]، وكان للفنادق دور بالغ الأهمية في التجارة فمهمتها الرئيسية تخزين البضائع والسلع لتوزيعها على التجار بالجملة علاوة عن دورها في استقبال الوافدين من التجار وإيوائهم.
وقد ساهمت الظروف السياسية العامة من أمن واستقرار وتوحيد لكامل بلاد المغرب تحت راية الموحّدين في تنشيط الحياة التجارية الداخلية، فأصبح الاتصال والتواصل بين مختلف مدن بلاد المغرب أكثر سهولة وأمنا، فامتدت الحركية التجارية بين مدن المغرب الأقصى وغيرها من مدن المغرب الأوسط والأدنى، وذلك عبر مجموعة من الطرق والمسالك الرئيسية والثانوية والفرعية تربط بين المدن الساحلية والداخلية وهي طرق متوازنة تمتد من الشرق إلى الغرب.
أمّا في مجالات التبادل التجارية، فقد مثلت الأسواق نقطة مهمة في هذا الغرض، وهو ما اهتم به ولاة هذه الدولة وحرصوا على متابعته متابعة لصيقة وذلك لما للسوق من أهمية كبرى فهو مؤسسة تجارية ومكان قار للعمل التجاري، فخضع لسلطة الدولة وأحكامها التي عملت بدورها على تنظيمه وضبط قوانينه وأنشطته، والسوق أنواع منها الأسواق الموسمية الخاصة بمناسبات معينة وأسواق أسبوعية شائعة أكثر بالبوادي والجبال وأسواق المدن وهي ذات شأن كبير إذ تعتبر من المرافق الأساسية التي تُدرج في مخطط المدينة العام قبل إنشائها، وقد حظي هذا النوع باهتمام كبير من قبل الدولة التي حرصت على وجوده بكل مدينة من نمط العمارة الراقية. فهو واجهة المدينة في التجارة فتشرف الدولة على بنائه والاستثمار فيه بكراء حوانيته للتجار، ومن أهم خاصياته اختصاص كل سوق بسلعة معينة[28].
ويبدو أن إشراف الدولة على إدارة السوق لم يأت من فراغ، بل لما رأوه من تفشي لمظاهر الفساد والتجاوزات في العهد المرابطي حيث انتشر الغش في البيع والتطفيف في المكاييل والموازين وغيرها من المخالفات، وتجنبا لهذه الوقائع اعتمدوا “إدارة الحسبة” وهي هيئة مكلفة بإقرار الحق والعدل ورفع المظالم عن الناس، تندرج ضمن الوظائف الدينية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر[29] من هذا المنطلق أخذت على عاتقها تنظيم السوق، ويطلق على صاحب هذه الخطة “متولي خطة الحسبة” و”أمين السوق” وهو فرع من فروع القضاء نظرا لإشراف القاضي عليها أي أنه هو المسؤول عن اختيار صاحب هذه الخطة وتعيينه.
ويقع اختيار أمين السوق وفق شروط محددة أهمها الأمانة والثقة والعفة وأن تكون سيرته خالية من السوابق في التجاوزات وتتلخص مهمته في متابعة كل ما يخص المعاملات داخل السوق وفض الخلافات والنزاعات بين التجار والمتعاملين بصفة عامة ومراقبة أسعار البضائع إضافة إلى ضبط الرسوم المفروضة على السلع وتحصيلها، ورغم التشديد في اختيار صفات صاحب هذه الخطة إلا أن الخليفة لم يتوان في مراقبة هذه الطبقة من العاملين ومتابعتها من باب المسؤولية ومنع كل أشكال التجاوز التي بلغها أصاحب هذه العمل في العهد المرابطيّ، فكان الخليفة المنصور يسير على خطى عبد المؤمن وذلك بمتابعتهم خطوة بخطوة دون كلل ويأمرهم بزيارته مرتين في الشهر لتقصي أحوال الأسواق والأسعار وغيرها، ويبرز دور الأمناء خاصة في الفترات الحالكة التي يعمل فيها التجار على الاحتفاظ بفائض المنتوجات لبيعها في أماكن معينة مغلقة في وقت انعدامها من الإنتاج والأسواق أي وقت غلاء الأسعار وزيادة طلب الناس عليها، فيتدخل الأمناء لمنع الاحتكار وإجبار هؤلاء على بيعها في الأسواق العامة حتى يبلغها العام والخاص والضعيف[30].
ونظرا لأهمية التغيرات السياسية التي طرأت على المنطقة سجل المجال الاقتصادي تقدما ملحوظا خاصة على مستوى مجالات التبادل التجاري، فتراجعت بعض المراكز التجارية القديمة وفقدت أهميتها مقابل صعود مراكز جديدة ذات شأن ومكانة مميزة لا سيما تلك التي ارتبطت بطرق التجارة الداخلية والخارجية على غرار مدينة سبتة وسلا وطنجة وفاس وتلمسان وتونس والمهدية وبجاية.
وأدى ازدهار التجارة الداخلية بما تشتمله من أسواق ومراكز تجارية وبضائع آليا إلى تنشيط التجارة الخارجية في ظل وجود حكومة مركزية قوية ساهرة على حماية التجارة، والجدير بالذكر هنا أن العلاقات الاقتصادية بين ضفتي المتوسط تميزت بالانفتاح والتبادل التجاري منذ الفتوحات الإسلامية الأولى حيث تعامل المسلمون في التجارة مع عديد المناطق من آسيا وأوروبا وحافظت كل هذه الأطراف على تقوية روابط التواصل الاقتصادي لتشجيع النشاط التجاري، وبالعودة إلى فترة الموحّدين تشيد المصادر بالعلاقة الوطيدة التي جمعت الدولة الموحّدية بإيطاليا خاصة مدنها جنوة وبيزة، فهي تّعد من أكثر العلاقات التجارية نجاعة، حيث تعددت الاتفاقيات والمعاهدات القائمة بين الطرفين وعاملهم الخليفة الموحّدي معاملة خاصة تقضي بحفظ سلامتهم وحماية تجارهم وسلعهم بكامل بلاد المغرب، وخصهم بتخفيض نسبة الضرائب المفروضة على سلعهم في الموانئ إلى 8%بعد أن كانت 10%، فارتفع عدد العقود حتى بلغ 73 عقدا بحجم استثمارا يقدر 6.103 ليرة جنوية، واحتلت بلاد المغرب الصدارة في وجهة الجنويين للتجارة وهو ما يدل على حنكة الخليفة عبد المؤمن ودهائه وتمرسه في سياسته التجارية، وعن طبيعة مواد التبادل بين الموحّدين والدول الأوروبية وفي مقدمتها المدن الإيطالية فقد سيطر على صادرات بلاد المغرب الذهب والجلود والأصواف والرقيق والمواد الغذائية مثل الزيت والملح والقمح ومواد الصباغة على رأسها النيلة والشب والزعفران، أما الواردات فاشتملت على المواد الأولية من حديد ونحاس وخشب وتوابل ونسيج وأحجار كريمة وجواهر.
تتضارب الأخبار حول التجارة الخارجية مع المشرق الإسلامي لتوتر العلاقات السياسية بين الضفتين، ومحاولة كل قوة التوسع على حساب الأخرى، مما ساهم في تعطيل الحركة التجارية خاصة بين بلاد المغرب ومصر وذلك لأسباب سياسية بحتة، ولكن ذلك لم يمنع قيام علاقات تجارية قوية بين التجار إذ جمع بينهم الطريق والاختلاط الاجتماعي خاصة الطريق الرابط بين بلاد افريقية والمغرب فهو امتداد طبيعي خال من الفواصل والعقبات، فلمّ هذا الطريق شمل جموع التجار المغاربة والمشارقة ونشط الحركة التجارية الاقتصادية، وهنا يتضح لنا قوة الرابط الجغرافي من جوار المنطقتين ووحدة الدين.
4- خاتمة:
نستخلص في نهاية هذا البحث أن وجود رجل دولة مثل عبد المؤمن بن علي ذي شخصية قوية وحضور بارز من شأنه أن يحدث الفارق ويقلب موازين الدولة ويحول نقاط الضعف إلى قوة جبارة، فقد تسلم الخليفة بلاد المغرب في حالة انهيار تامة بعد سلسلة من الحروب الدامية لإسقاط دولة المرابطين وهو ما عاد بالوبال على الصعيد الاقتصادي، فتعطلت التجارة بانتشار الفوضى وقطاع الطرق الذين سيطروا على أهم الطرق التجارية الداخلية والخارجية، وانعدمت الفلاحة حتى أن المحاصيل كانت تحصد قبل أن تنضج وتوقفت الصناعة واندلعت الثورات والنزاعات بين القبائل، علاوة على الفساد والخور المالي الذي كانت تعاني منه دولة المرابطين في مختلف المستويات الإدارية والمالية في آخر عهدها. ولكن ولاية عبد المؤمن بن علي لبلاد المغرب حالت دون دوام الحال فأعاد الأمن والأمان لبلاد المغرب تدريجيا حتى هدأت البلاد واستتب الأمن، وظهرت حنكة وذكاء هذا القائد فقد تعلم من أخطاء المرابطين على المستوى الاقتصادي وتجنب تكرارها، فعمل على ضبط السياسة المالية بالدولة الموحّدية ونظّم الإدارة وفق تراتيب ومقاييس عالية من ناحية الموظفين والمعاملات، وحرص على اختيار الكفاءات الضرورية وشدد العقوبات على المتجاوزين والخارقين لأوامره، كما مكنته متابعته الدقيقة لكل قطاعات الحياة الاقتصادية من كشف بؤر الخور وإصلاحها والعمل عليها، وشجع الخليفة طلبة العلم والعلماء بما يتناسب مع مكانتهم الاجتماعية ودورهم المؤثر في الحياة العلمية وإفادة الدولة والمجتمع، وانضبطت في عصره الطرق التجارية ونشطت التجارة الداخلية والخارجية بعد أن وفر لهم الأمن بمعاقبة القبائل المارقة أو مهادنتهم وأسقط عنهم الضرائب وقدم لهم عدة تسهيلات، ولم يتوان في حث سكان المغرب على ممارسة الفلاحة والزراعة وذلك بتقديم القروض والمواد الفلاحية الضرورية ومد يد العون لهم في الأزمات مثل الجفاف، كما حظيت الصناعة بنفس الاهتمام وذلك باتخاذ عدة إجراءات وتسهيلات لصالح الصناع وأصحاب الصنائع ما ضاعف عدد المصانع في عهده ببلاد المغرب، فساهمت هذه السياسة الاقتصادية لعبد المؤمن بن علي في بروز مظاهر الرخاء والعيش الكريم لسكان بلاد المغرب.
قائمة المراجع:
العربية:
- أشباخ (يوسف)، تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحّدين، تر: محمد عبد الله عنان، مؤسسة الخانجي، القاهرة، ط2، 1958.
- البيذق (أبو بكر الصنهاجي)، المهدي بن تومرت وبداية دولة الموحّدين، تح: عبد الوهاب بن منصور، الرباط، 1971.
- الحميري (محمد بن عبد المنعم الصنهاجي)، الروض المعطار في خبر الأقطار، تح: إحسان عباس، مكتبة لبنان-بيروت، ط2، 1984.
- ابن صاحب الصلاة، المن بالإمامة، تح: عبد الهادي التازي، دار الغرب الإسلامي، بيروت-لبنان، ط3،1987.
- ابن عذاري (المراكشي)، البيان المغرب، تح: محمد ابراهيم الكتاني وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت-لبنان، قسم الموحّدين، ط1، 1985.
- عنان (محمد عبد الله)، عصر المرابطين والموحّدين في المغرب والأندلس، القسم الأول والثاني، القاهرة، ط1، 1964.
- ابن غازي (أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد العثماني المكناسي)، الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون، طبع حجر مغربي.
- غزاوي (أحمد)، رسائل موحدية (مجموعة جديدة)، منشورات كلية الآداب، القنيطرة، ط1، 1995.
- القاضي عياض، الإعلام بحدود قواعد الإسلام، تح: محمد بن تاويت الطنجي، الرباط، 1964.
- ابن القطان، نظم الجمان، تح: محمود مكي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1990.
- مجهول، الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، تح: سهيل زكار وعبد القادر زمامة، الدار البيضاء، دار الرشاد الحديث، 1979.
- مجهول، الاستبصار في عجائب الأمصار، نشر: سعد زغلول عبد الحميد، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، دار النشر المغربية، 1986.
- المراكشي (عبد الواحد)، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، تح: محمد سعيد العريان، لجنة احياء التراث الإسلامي، دط.
- الماوردي (أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب)، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، مطبعة مصطفى الحلبي، مصر، ط3، 1973.
- المنوبي (محمد)، حضارة الموحّدين، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1986.
- الونشريسي، المعيار المعرب، دار الغرب الإسلامي، بيروت-لبنان، 1981.
الأجنبية:
- De Moslatrie, Les Relations des chrétiens avec les Arabes de l’Afrique septentrional au Moyen Age, paris, 1866.
[1]– المراكشي (عبد الواحد)، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، تح: محمد سعيد العريان، لجنة احياء التراث الإسلامي، دط، ص196-197.
[2]– البيذق (أبو بكر الصنهاجي)، المهدي بن تومرت وبداية دولة الموحدين، تح: عبد الوهاب بن منصور، الرباط، 1971، ص66.
[3]– عنان (محمد عبد الله)، عصر المرابطين والموحدين في المغرب والأندلس، القسم الأول والثاني، القاهرة، 1964، ط1، ص632.
[4]– المصدر نفسه، ص 264.
[5]– ابن القطان، نظم الجمان، تح: محمود مكي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1990، ط1، ص164.
[6]– القاضي عياض، الإعلام بحدود قواعد الإسلام، تح: محمد بن تاويت الطنجي، الرباط، 1964، ص63.
[7]– مجهول، الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، تح: سهيل زكار وعبد القادر زمامة، الدار البيضاء، دار الرشاد الحديث، 1979، ص108.
[8]– المراكشي (عبد الواحد)، مصدر سابق، المعجب في تلخيص …، ص341.
[9]– ابن صاحب الصلاة، المن بالإمامة، تح: عبد الهادي التازي، دار الغرب الإسلامي، بيروت-لبنان، 1987، ط3، ص291-292.
[10]– ابن القطان، مصدر سابق، نظم الجمان، ص137.
[11]-De Moslatrie, Les Relations des chrétiens avec les Arabes de l’Afrique septentrional au Moyen Age, paris, 1866, p90.
[12]– المراكشي (عبد الواحد)، مصدر سابق، المعجب…، ص287.
[13]– ابن القطان، مصدر سابق ، نظم الجمان، ص208.
[14]– ابن عذاري (المراكشي)، البيان المغرب، تح: محمد ابراهيم الكتاني وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت-لبنان، 1985، قسم الموحدين، ط1، ص150-151.
[15]– ابن القطان، مصدر سابق ، نظم الجمان، ص128.
[16]– مجهول، مصدر سابق، الحلل الموشية في ذكر الأخبار …، ص109-110.
[17]–
[18]– ابن غازي (أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد العثماني المكناسي)، الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون، طبع حجر مغربي، ص2-3.
[19]– مجهول، الاستبصار في عجائب الأمصار، نشر: سعد زغلول عبد الحميد، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، دار النشر المغربية،1986، ص211-212.
[20]– مجهول، الاستبصار في عجائب الأمصار، مصدر سابق، ص206-207.
[21]– ابن صاحب الصلاة، مصدر سابق، المن..، ص139 حاشية.
[22]-المنوبي محمد، حضارة الموحدين، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، 1989، ط1، ص159.
[23]– عزاوي (أحمد)، رسائل موحّدية (مجموعة جديدة)، ط1، 1995م، رسالة رقم 6، ص61-71.
[24]– الحميري (محمد بن عبد المنعم الصنهاجي)، الروض المعطار في خبر الأقطار، حققه إحسان عباس، مكتبة لبنان، بيروت، ط2، 1984، ص67.
[25]– ابن صاحب الصلاة، مصدر سابق، المن بالإمامة…، ص347.
[26]– ابن القطان، مصدر سابق، نظم الجمان، ص138.
[27]– أشباخ (يوسف)، تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين، تر: محمد عبد لله عنان، مؤسسة الجانجي، القاهرة، ط2، 1958، ج2، ص 253.
[28]– ابن صاحب الصلاة، مصدر سابق، المنّ..، ص396.
[29]– الماوردي (أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب)، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، مطبعة مصطفى الحلبي، مصر، ط3، 1973، ص240.
[30]– الونشريسي، المعيار المعرب، دار الغرب الإسلامي، بيروت-لبنان، 1981، ج6، ص118-425-462.