لاحقت فتاوى الفقهاء جميع تفاصيل حياة الإنسان، بدعوى شمول الشريعة، على الضد من منهج الكتاب القائم على السعة والرحمة: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)1، ليفسح المجال أمام الإنسان يتدبر شؤونه على هدى من قيمه الأخلاقية، وفطرته السليمة. وقد شجب القرآن تحليل وتحريم ما لم تنص عليه الشرائع السماوية: (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ)2؟. فالتحريم طارئ، يُقتصر فيه على ما حرمته آيات الكتاب. والحلال والحرام شأن إلهي لا يشاركه فيه أحد: (قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ)؟. ضابطته وجود آية صريحة. يؤكده: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)3. فهو وحي، وقد انقطع بوفاة الرسول الكريم، بينما مسخ الفقه ذائقة الإنسان، وأهدر القيمة الجمالية للفن والحياة بعد ارتهانهما لثنائية الحلال والحرام. فتجد الشخص المتدين يقرف من سماع الموسيقى والألحان الجميلة. ينفر من الرسم والتصوير، ويشجب النحت والتمثيل4. إن مفهوم الآية حرمة تحريم ما لم يرد فيه نص قرآني صريح. فهل يحق للفقيه تحريم ما لم يرد فيه تحريم صريح؟ إذاً من أين جاء بكل هذه التحريمات؟ بهذا نفهم قيمة الأحكام الفقهية حينما تحلل وتحرّم ما لم يرد فيه تشريع صريح تحت أية ذريعة، باستثناء تطبيق كبريات الأحكام على مصاديقها. كتطبيق حرمة الظلم والجوار على مصاديقها الخارجية، فيقول: هذا حرام شرعاً، شريطة التجرد والموضوعية في تشخيص الموضوعات، بعيد عن أية إسقاطات طائفية منحازة. والكلام عن حرمة نسبة الأحكام إلى الله، فلا يمنع صدورها بصيغ قانونية ما عدا (الحلال والحرام). وبالفعل، تتضمن القوانين الوضعية الملزمة والأعراف والتقاليد أوامر ونواهٍ تنسب لجهة صدورها. بل كل حكم يشرّع وفق مقتضيات الحكمة ومبادئ التشريع، كما نصت عليه مدونة الاتجاه الأخلاقي في التشريع، فهو حكم، يتخذ صفة الوجوب أو المنع.
لا لكثرة السؤال
المنهج القرآني قائم على رفض التلقين، لتفادي استقالة العقل النقدي، والاعتماد على النفس في تحري الحقيقة بدلاً من الأجوبة الجاهزة، لذا نهى عن كثرة السؤال. سؤال من يرفض التفكير وينتظر الأجوبة الجاهزة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)5. هذه الآية درس لمن ينتظر الفقيه في كل صغيرة وكبيرة، بحجة “ما من واقعة إلا ولله فيها حكم”، وأن الأصل اشتغال الذمة6 لا “قبح العقاب بلا بيان”7، حتى بات المتدين يمشي ويتلفت. إنها آية كريمة، تدعو لتقصي مضمراتها، واستنطاق دلالاتها. إن شمول الشريعة يستدعي استمرار التشريع إلا أنه خُتم بقوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)8. فلماذا خُتم التشريع؟ ولماذا كلما استفتوا النبي قال: (… قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ)9، وإذا سألوه ينتظر السماء تجيب على أسئلتهم. بينما مكاتب فقهاء الأديان كالذكاء الاصطناعي مصممة لتجيب على كل سؤال!. لقد ثبت في صحيح مسلم من حديث بريدة بن الحصيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [«وإذا حاصرت حصنا فسألوك أن تنزلهم على حكم الله ورسوله، فلا تنزلهم على حكم الله ورسوله؛ فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا، ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك» .. (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)10..]11.
وعليه: لا يجوز نسبة الأحكام الفقهية إلى الله، لتبقى أحكاماً بشرية اجتهادية. كل تحريم قيد ينتهك الإنسان ويحد من إرادته وربما كرامته، مهما استوفى ملاكاته وشروط فعليته. مما يعزز رأينا السابق: أن دور الدين إرشادي لا تكويني. لا يريد أن يحل محل العقل، وهو المكلف بأعمار الأرض وإدارتها. إن تداعيات تفاقم الأحكام جاء على حساب حرية الإنسان وهذا خرق للقيم الأخلاقية وثلم لإنسانية الإنسان. بل ونجح الفقهاء في ترويض إرادته حتى قبل بولاية الحاكم الجائر، مثاله الدولتان الأموية والعباسية، حيث كرّس فقهاء السلطان طاعة الخليفة مهما انحرف عن الدين والقيم الأخلاقية والإنسانية. بل أن فكرة أن يكون للإنسان قيم وولي، يتعامل معه معاملة الأب من أطفاله، تطعن بمصداقيته ورُشده وقدراته. فكيف تنسب إلى الدين، ويتولى الفقيه إرادة الشعب باعتباره منصوباً من قبل الله؟ لقد بات الإنسان سجين الفقه، مرتهناً لمرجعيات مضى على موتها ألف عام. يعيش رهاب الحرية، همّه ضبط سلوكه وفق إيقاع فتاوى الفقهاء، لا يفيق لعقله. بل لا يجوز له ذلك فالنص فوق العقل. إن الحرية في الإسلام شعار ينقصه المصداق ما لم يتحرر الفرد من سجون التراث والفقه.
ما كان للفقه أن يتفاقم لولا النسق العقدي المهيمن، ومقدمات منهج استنباط الأحكام الشرعية الذي يتبناه الفقه التقليدي. أبرزها قاعدة شمول الشريعة، مع تهميش العقل والأخلاق، وارتهان الفقه إلى نسق عقدي أيديولوجي فرض تحدياته على منهج استنباط الأحكام الشرعية. فاندفع الفقهاء للبحث عن مصادر تشريعية جديدة عبر خطوتين أساسيتين، هما:
أولاً – التساهل في شروط حجية النص:
باستثناء آيات الكتاب فإنها قطعية الصدور، يشترط في حجية ” النص / الرواية / الحديث / الخبر” شرطان: الأول: صحة صدوره عن النبي الكريم درجة القطع واليقين. تتكفله طُرق، تتفاوت في درجة اعتبارها وحجيتها، باختلاف كاشفيتها عن الواقع. هي: (التواتر، الإجماع والشهرة، سيرة المتشرعة، خبر الآحاد). وليس سوى التواتر، إذا استوفى شروطه التعجيزية، يرث العلم واليقين، فيكون حجة يُثبت صحة صدور الخبر لحجية القطع التي هي ذاتية له، وما عداه من طُرق لا يورث سوى الظن، والظن لا يغني من الحق شيئاً. بما فيها خبر الآحاد أو الخبر الواحد الثقة، الذي هو عماد الروايات، بل الغالبية المطلقة منها هي أخبار آحاد. فبُذلت جهود أصولية لتصحيحه، لتدارك انسداد باب العلم والعلمي. انتهت باعتبار خبر الثقة حجة تعبداً متى ما أمر الشارع باتباعه. وأما بنفسه فلا يفيد خبر الواحد سوى الظن، الذي لا يغني عن الحق شيئاً: (إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)12. فتكون حجيته بعد أن أمر الشارع باتباعه، اعتبارية لا ذاتية. كل هذا وفقاً لمباني الفقه التقليدي، غير أن أدلتهم على حجية خبر الواحد الثقة لا تخلو من ضعف وتكلف واضحين.
وهكذا الطرق الأخرى، لا ترث العلم واليقين فلا تكون حجة بذاتها، لكن يمكن أن تكون كذلك تعبّداً، وفق شروط ليس هنا محل استعراضها ومناقشتها.
والشرط الثاني: دلالة الرواية على الحكم الشرعي، ومستوى إلزامها: (وجوب، حرمة، استحباب، كراهية أو إباحة)، التي تتوقف على مدى ظهورها في نظام اللغة، فاللفظ الصريح الذي لا يحتمل سوى معنى واحدا في نظام اللغة يحمل عليه ويكون حجة لحجية الظهور. أو تنتفي حجيته عندما يكون اللفظ مجملاً يتعذر تعيين المراد منه. أو يكون اللفظ ظاهراً في معنى دون غيره مع تعدد دلالته. وهنا تأتي قاعدة حجية الظهور التي تقرر: (أن ظهور حال المتكلم في إرادة أقرب المعاني حجة)13.
وبعبارة أدق، الدليل الذي يستند إليه الفقيه في استنباط الحكم الشرعي، إما أن يؤدي إلى العلم بالحكم الشرعي أو لا. في الحالة الأولى يكون الحكم قطعياً، يستمد شرعيته وحجيته من حجية القطع، لأنه يؤدي إلى القطع بالحكم، وهو، أي القطع، حجة بحكم العقل، فيتحتم على الفقيه أن يقيم على أساسه استنباطه للحكم الشرعي14. وفي الحالة الثانية يكون الدليل ناقصا، إلا إذا حكم الشارع بحجيته وأمر بالاستناد إليه في عملية استنباط الحكم الشرعي على الرغم من نقصانه، فيرتفع إلى مستوى الدليل الأول15. أو لا يكون حجة ويسقط عن الاعتبار.
وليس دائما يؤدي الدليل اللفظي إلى القطع بالحكم، وهنا تظهر براعة الفقيه وقدرة المجتهد على فقه النص وتحديد دلالاته ومدى فعليته. لا يمكن اعتبار ظاهر النص معطى نهائياً، شأنه شأن الصريح الذي ليس له سوى معنى واحد في نظام اللغة فيحمل عليه، بل يُسقط الفقيه قبلياته العقدية والأيديولوجية عندما يتأول النص، شعر أو لم يشعر بذلك. وأحيانا يكتفي المجتهد بظاهر النص رغم إمكانية تأويله واستنطاقه، فنخسر دلالات لا تقل أهمية من ظاهره. وسبق أن تناولت موضوع النص لغة واصطلاحا في كتاب النص وسؤال الحقيقة16.
ثانياً: توسعة مصادر التشريع
وقد مرّت تفصيلات كثيرة حول الموضوع، فلا نعيد، منها: توسعة دائرة حجية مصادر التشريع لتشمل أقوال الصحابة عند السُنة، واستمر عصر النص عند الشيعة إلى نهاية الغيبة الصغرى. ومنها: اعتبار مطلق سُنة الرسول حجة، بل وسُنة الأئمة، حتى غدت أقوال أئمة الفقه حجة، وباتت الأحكام الفقهية ترادف الأحكام الشرعية، لا فرق بينهما عند الناس. إن دائرة الحجية وفقا للمنهج الأخلاقي خصوص ما له جذر قرآني من أحاديث الرسول، ولا توسعة فقهية على حساب الإنسان وإرادته وحريته.
لقد كان تفاقم الفقه على حساب العقل والاجتهاد المفتوح في ملء الفراغ التشريعي، لكن ثمة أسباب متعددة وراء المكوث في دائرة النص، لتفادي تشريع أي حكم بعيدا عن مصدريه القرآن والسُنة. لكن هل حقا تستوفي الأحكام الفقهية شروط الاستنباط من مصدريه، أم أن غالبية الأحكام الفقهية هي أحكام اجتهادية، وبيان للوظيفة العملية تجاه الحكم المشكوك؟.
العقل والتشريع
مصادر التشريع عند الفقهاء: القرآن والسُنة والإجماع والعقل. سنتوقف عند العقل والاجتهاد، بعد أن فصلنا الكلام بالمصادر الثلاثة الأولى. ما هي حجية العقل؟ وما هي مبررات الاجتهاد؟ وهل ثمة تقاطع بين العقل والشرع؟ وأسئلة أخرى كثيرة، بيد أننا نركز هنا على شرعية الاجتهاد ودور العقل في التشريع. حيث يأخذ العقل دور المشرّع، ومصدراً للتشريع في موازاة النص، وفقاً للمذهب الأخلاقي في استنباط الأحكام الشرعية. فدور العقل في التشريع ليس بدعة ولا كفرا ولا خروجا على طاعة الله ورسوله كما يصفون، بل أن سنة التشريع قبل وبعد الأديان قائمة على هذا. وعندما اتخذ الفقهاء سُنة الصحابة أو بعضهم، وسُنة الأئمة الإثني عشر، إنما ارتهنوا الحكم إلى عقول بشرية اجتهدت في استنباط الحكم الشرعية في ضوء الواقع وضروراته آنذاك، مهما بالغوا بعصمته وكمالهم، كل هذا لا ينفي بشريتهم. فلماذا الارتهان لعقول مهما كانت محترمة غير أنها عقول تاريخية، ليست مطلقة أبداً.
لقد سبق الإسلام مجتمع له تشريعاته وأنظمته وقوانينه وأعرافه وتقاليده، سواء كانت مدوّنة مكتوبة أو متوافق عليها اجتماعيا، فألغت الشريعة بعضها، وأمضت أخرى، كأحكام التجارة، واكتفت بمبادئ مهمة: حرمة الربى، قيام المبادلات التجارية على التراضي، وعدم الغبن والغش والتطفيف بالكيل وغير ذلك. وعندما تمضي بعضها، فهي تمضي منهج التشريع ومصادره (العقل والتوافقات المجتمعية).
من نافلة القول إن التشريع ضرورة اجتماعية ترتبط به حقوق الناس وأمنهم واستقرارهم. لا خلاف حول هذا الموضوع، وكان من حق المسلمين الأوائل البحث عن تشريعات تستجيب لمتطلبات الواقع. وكان من حقهم أيضاً عدم اللجوء لغير الصحابة للإجابة على أسئلتهم. كل هذا مشروع. وبالفعل كان الصحابة يتصدون لذلك بطريقة بسيطة، كما هو المشهور عن الخليفة الثاني، أنه كان يجمع الصحابة إذا عرضت عليه مسألة، فيكون القرآن قبلتهم الأولى ومن ثم السُنة، فإذا عجزوا عن ذلك يترددون كثيراً في الإجابة وقد يأخذون بمشورة أحد الصحابة، وهو نوع من الاجتهاد العقلي يقوم على القياس.
يُقصد بالتشريع: مجموعة قواعد عامة ملزمة (أنظمة، قوانين، أوامر ونواهٍ) لضبط العلاقات العامة، وحفظ النظام، واستتباب الأمن والاستقرار، تصدر عن جهة عليا / سلطة أو توافقات اجتماعية عبر مجالس نيابية. فثمة مصالح عليا مشتركة تدعو لتنظيم شؤونهم الحياتية لضمان تحقيق الأمن والاستقرار والسلم المجتمعي، وتطبيق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات مع حفظ المصالح الوطنية والقومية، ومراعاة التنوع الأثني والديني. بينما وراء الحاجة لـ “لشريعة” دوافع دينية ترتبط بمصيرهم الأخروي ودنيوية تخص شؤونهم الحياتية. فكما تصدت الشريعة لتنظيم علاقة الإنسان بربه شرّعت مجموعة أحكام لتنظيم وضبط سلوك الإنسان والمجتمع، وبيان الحقوق والواجبات من وجهة نظر دينية. فالعلاقة بين التشريعين في مجال التنظيمات الاجتماعية والقضائية عموم وخصوص من وجه، يلتقيان ببعضها ويفترقان بالبعض الآخر. غير أن التشريع الوضعي سابق على الشرائع السماوية، وهذا يؤكد أصالته، ومدى حاجة الإنسان له، ولو بشكله الأولي البسيط، ثم تطور حتى بلغ أوجه مع شريعة حمورابي، المدونة الأولى التي مازالت ماثلة. أما الشرائع السماوية فجاءت متأخرة عن التشريعات الوضعية: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ)17. لكن نزولها لا يلغي العقل، ولا يمكن للنص أن يتقدم عليه، بل لا يمكن فهم النص إلا به. وقد اتفق الفقهاء أن ما حكم به العقل حكم به الشرع. وهذا يؤكد دور العقل في التشريع، وقد ارتكز للعقل الأنبياء ضمن وظائفهم النبوية والرسالية، فهل كان الرسول يجتهد في بيان وتفصيل أحكام الشريعة ضمن وظيفته؟ هذا سؤال مهم تترتب عليه نتائج تفتح آفاقا واسعة لوعي الدين ودور الإنسان في الحياة، وتعطي قيمة كبيرة للعقل الذي ارتاب به الفقهاء تحت ذرائع شتى.
مراجع المقالة وهوامشها :
1- سورة الحج، الآية: 78.
2 – سورة يونس، الآية: 59.
3 – سورة الأنعام، الآية: 145.
4- حرّم الفقهاء صنع التماثيل، والرسم لذوات الحياة، على تفاصيل في كتبهم الفقهية، ويكفي أن نتذكر موقف القاعدة من تماثيل بوذا في أفغانستان، وما فعلته داعش في متحف الموصل، حيث حطموا كل شيء باعتبارها أصناما محرّمة. كذلك تحرم الموسيقى والغناء.
5 – سورة المائدة، الآية: 101.
6 – سورة المائدة، الآية: 3.
7- قاعدة أصولية ترى أن الإنسان يدرك بعقله أن لله سبحانه حق الطاعة على عبيده، وعلى أساس حق الطاعة هذا يحكم العقل على الإنسان بوجوب الاحتياط في التكاليف المحتملة فضلا عن المعلومة، فالأصل الأولي / العقلي وفقاً لهذه القاعدة هو الاحتياط، ينظر: الصدر، محمد باقر، دروس في علم الأصول، طبعة المؤتمر ج2، ص140.
8- قاعدة أصولية ترى قبح العقاب بلا بيان: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا)، وأن الأصل الأولي العقلي، أي ما يحكم به العقل هو براءة ذمة الإنسان، وعدم وجوب الاحتياط في التكاليف المحتملة. المصدر نفسه، ص 141
9- سورة النساء، الآية: 176.
10- سورة الأعراف، الآية: 33.
11 – صحيح مسلم كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ بَابُ تَأْمِيرِ الْإِمَامِ الْأُمَرَاءَ عَلَى الْبُعُوثِ، وَوَصِيَّتِهِ إِيَّاهُمْ بِآدَابِ الْغَزْوِ حديث رقم 3364.
12 – سورة يونس، الآية: 36.
13 – أنظر مثلاً: الصدر، محمد باقر، مصدر سابق، ج2، ص111.
14- المصدر نفسه، ص 75.
15- المصدر نفسه.
16 – أنظر: ص 13 وما بعدها من كتاب النص وسؤال الحقيقة، ماجد الغرباوي، مؤسسة المثقف ودار أمل الجديدة، ط 2018م.
17- سورة البقرة، الآية 213.