الملخّص:
ظهرت الواقعيّة السحريّة في أمريكا اللاتينيّة باعتبارها حركة ثقافيّة مقاومة للمركزيّات الثقافيّة في مجاليْ الأدب والفنّ، حيث واجهت محاولات الهيمنة الثقافيّة الأوروبيّة على الذائقة الأدبيّة العالميّة. وكذلك، كان أدب الخيال العلمي تيّارا أدبيّا متجدّدا وذا صبغة خاصّة به حيث كسر نمطيّة العلاقة بين الإبداع والواقع، وتمرّد على الذائقة الأدبية السائدة لدى جمهور الأدب خاصة في مناطق المركزيّات الثقافية، فالخيال العلمي هو نوع من الكتابة الأدبيّة التي تتطلّع إلى المستقبل، وتوظّف العجائبي، لا لغاية جماليّة قوامها إثارة الرعب في قلوب القرّاء كما نجد ذلك في القصص العجائبي الكلاسيكي، بل لإثبات قدرة العقل البشري على التوصّل إلى اكتشافات علمية واختراعات تقنيّة باهرة. ومن هذا المنطلق، التقى الخيال العلمي بالواقعيّة السحريّة في كسرهما لنمطيّة العجائبي وابتداعهما للامعقول خاصّ بهما في الأدب، وذلك رغم اختلافهما الكبير وعدم توفّرهما على خصائص كثيرة مشتركة.
الكلمات المفاتيح: العجائبي، التجديد الأدبي، الواقعيّة السحريّة، الخيال العلمي، اليوتوبيا، المقاومة الثقافيّة، المركزيّة الثقافيّة
Abstract:
Magical realism emerged in Latin America as a cultural movement that resisted cultural centralities in the fields of literature and art, confronting attempts at European cultural domination over that global literary trend of its own, as it broke the stereotypical relationship between creativity and reality, a rebelled against the literary taste prevailing among the literary audience, especially in areas of cultural centralities. Not for the aesthetic purpose of creating terror in the hearts of readers, as we find in the classic miraculous stories, but to prove the ability of the Human mind to make scientific discoveries and technical inventions. From this point of view, science fiction met magical realism in breaking the fantastic stereotype and inventing their own intelligible in literature, despite their great difference and the lack of many common characteristics.
Key words: The fantastic, Literary renewal, Magical realism, science fiction, Utopie, Cultural resistance.
1- مقدّمة:
شهد العجائبيّ (Fantastique) فترات ازدهار وفترات نكوص منذ نشأته في نهاية القرن الثامن عشر وترسّخه في منتصف القرن التاسع عشر. ورغم تراجع مكانته في الأدب العالمي بين زمن وآخر، فإنّه لم يخفت نهائيّا، وظلّ دائما يبحث لنفسه عن آليّات جديدة يظهر بها، ولعلّ تلك هي أبرز سمات العجائبيّ، وهي قدرته على تجديد آليّاته وأساليبه وعلى أن يكون فهمه الإبداعي متبدّلا من زمن إلى آخر. ولقد شهد العجائبي منذ منتصف القرن العشرين فهما جديدا، فكان تمثّله إبداعيّا مختلفا عمّا كان عليه سواء في بدايات نشوئه مع الرواية القوطيّة البريطانيّة والرواية الرومنطقيّة الألمانيّة في نهاية القرن الثامن عشر أو خلال فترة ترسّخه وفرض سطوته على الاتّجاهات الروائيّة العالميّة في منتصف القرن التاسع عشر.
وعرف العجائبي تجديدا في فهمه وتوظيفه إبداعيّا في منتصف القرن العشرين نتيجة عوامل ثقافيّة فرضها تغيّر مناخات الثقافة العالميّة، ونتيجة تأثيرات فلسفيّة وجماليّة جعلت من الكتابة الروائيّة في حدّ ذاتها، ومن الإبداع عموما، وسيلة لتحقيق سعادة الإنسان، حيث لم يعد الأدب وسيلة للمتعة والتسلية أو للتعبير عن نظرة للكون والمصير فحسب، بل أصبح وسيلة لفهم الجوهر الإنساني، فتمّ التركيز على الأدب في علاقته بالإنسان وفي قدرته على جعله كائنا متحرّرا من القيود التي تكبّله مثل التخلّف والاستعمار والعزلة وفقدان وسائل الرفاهيّة والسعادة. وبناء على ذلك كان تيّار الواقعيّة السحريّة الذي ظهر في أمريكا اللاتينية إنجازا ثقافيّا مقاوما للمركزيّات ومناديا بالتحرّر من الإمبرياليّة، فكان ذا أبعاد إنسانيّة. وكذلك، ظهر “الخيال العلمي” فكان تيّارا أدبيّا هادفا إلى تحقيق سعادة الإنسان ومناصرا للعلم ولفكرة التقدّم التي نهضت عليها أبرز الفلسفات التنويريّة والعقلانيّة.
ورغم ما بين الواقعيّة السحريّة والخيال العلمي من فوارق عديدة أبرزها اختلاف مواضيعهما الأدبيّة والإبداعيّة، واختلاف سياقهما الثقافيّ، واختلاف ظروف نشوئهما جغرافيّا، فإنّ بينهما وشائج عدّة أبرزها توظيفهما للعجائبيّ، وقدرتهما على كسر نمطيّة فهمه وتأويله إبداعيّا.
2- الواقعيّة السحريّة وتفكيك المركزيّة الأوروبيّة:
اكتسب العجائبيّ طابعا حداثيّا منذ بداية القرن العشرين، حيث أضحى وجها من وجوه الحداثة في الأدب وتعبيرا عن وجهة نظر تجاه الحياة الحديثة والمعاصرة، وبات أكثر انغراسا في واقعه وبيئته. ومن هذا المنطلق كان تيّار الواقعية السحرية (Réalisme magique) الذي ظهر بأمريكا اللاتينية في منتصف القرن العشرين، هو أشدّ التيّارات الحداثيّة في الأدب تعبيرا عن البيئة التي ظهر فيها، وهو أكثر منعطفات الأدب العجائبي أهمّية في القرن العشرين لأنّه كان حاملا لخصوصيّة ثقافية وفهم جديد للعلاقة بين الأدب والواقع من جهة وبين المعقول واللامعقول من جهة أخرى.
وقد كان تيّار الواقعية السحريّة وليدَ بيئته التي ظهر فيها، ومعبّرًا عن قضاياها الاجتماعية والثقافية والسياسية، وحاملاً لشعارات الثقافة التي أنتجته. ومن أبرز أعلامه نذكر ميغال أنخل أوسترياس (1899-1974)، وخورخي لويس بورخيس (1899-1986)، وأليخو كاربنتييه (1904-1980)، وخوليو كورتاثار (1914-1984)، وكارلوس فوينتس (1928-2012)، وخوان رولفو (1917-1986)، وغابريال غارسيا ماركيز (1927-2014)، وماريو فارغاس يوسا (وُلد في 1936) وإيزابيل ألليندي (وُلدت في 1942).
2- 1- العجائبيّ مكوّنا من مكوّنات الواقع:
يعود الاستعمال الأول لمصطلح “الواقعية السحرية” في الأدب إلى الروائي الكوبي أليخو كاربنتييه Alejo Carpentier (ت. 1980) الذي استخدمه في تقديمه لروايته “مملكة هذا العالم” Le Royaume de ce monde التي نشرها سنة 1949. وهو يسعى من خلال ذلك التقديم إلى تعريف القراء بمصطلح جديد أضحى يُطلق على تيّار جديد لم تعرفه الآداب العالمية من قبل، وحامل لخصوصية البيئة التي ظهر فيه وهي أمريكا اللاتينية التي ما تزال، آنذاك، فضاء مجهولا وغامضا، ناهيك عن كونه لا يؤسس عادة إلى طابع أدبي أو ثقافي خاص به. وهو مثل غيره من فضاءات العالم الثالث أو عالم الأطراف يستهلك ما تنتجه ثقافة المركز أي أوروبا أو الغرب عموما. ويرى كاربنتييه أنّ عالم السحر يتولّد نتيجة للاضطراب المفاجئ للواقع، ويكون ذلك على شكل معجزة، وتفترض رؤية السحر ضرورة الإيمان به[1].
ويعتبر كاربنتييه أنّ الواقعية السحرية تُمثّل التراث الثقافي والفنّي لأمريكا اللاتينية. فهي تصوّر بكارة المناظر الطبيعية والغابات العذراء، وصياغة الإنسان فيها من الناحية الكونية، وحضور الإنسان الهندي الرّهيب والإنسان الأسود الغامض، وهي عناصر جعلت من تلك القارة المكتشفة حديثا منبعا يتدفق بالسحر والأساطير. وتُعدّ رواية كاربنتييه “مملكة هذا العالم” استجابة مباشرة لشواغل الواقعية السحريّة.
ويُعرّف الناقد لويس ليل Louis Leal الواقعيّة السحريّة في كتابه “تاريخ الرواية الإسبانية- الأمريكية”، بأنّها “تتفادى عالم ما وراء الطبيعة، ولا تبرّر سلوك الإنسان بالتحليلات الاجتماعية، بل يتمثل هدفها الأساسي في التقاط الأسرار التي تختفي تحت مظاهر الواقع.. كما أنّ الأحداث المهمّة في القصص التي تعتمد هذا النوع من الواقعيّة لا تخضع إلى الشروح المنطقية أو الاجتماعية. ولا يحاول الكاتب أن ينسج الواقع بواسطتها مثلما يفعل بقية الكتّاب الواقعيين، ولا أن يجرحه كما يفعل السرياليون، ولكنّه يلتقط السرّ المبهم الكامن في أحشائه دون أن يجهد في تبريره أو شرحه كما يفعل كُتّاب القصص الخيالية التي تحدث فيها العجائب طبقا لتصوّر معقول مسبق”[2].
والحقّ أنّ هذا التعريف يضع الواقعية السحريّة في سياقها الثقافي الذي ظهرت فيه، وهو يحدّد خصوصيّتها والفروق بينها وبين بقية تيارات الواقعيّة أو تيارات العجائبي. ومعنى ذلك أنّه علينا أن نتعامل مع الواقعية السحرية باعتبارها تيارا واقعيّا في الأدب، فهي رؤية جديدة للواقعية في الأدب ومنظار يعكس الواقع في الأدب. وهنا، تحديدا، تكمن المفارقة وخطورة التعامل مع الواقعية السحرية في دراسة الأدب العجائبي. فهل أنّ الواقعيّة السحريّة تندرج فعلا ضمن الأدب الواقعي أم أنّها تصنّف أدبا عجائبيّا؟
بناء على ما سبق، يتعيّن علينا فهم الواقع في البيئة الأمريكيّة اللاتينيّة للإجابة عن السؤال الذي طرحناه. ولقد وصفنا هذا الواقع بأنّه ذو خصوصيّة كبيرة، حيث يحتوي على كل ما هو عجيب وغريب وغير مألوف، وهو يزخر بظواهر السحر والشعوذة والتنجيم، وينبني على معتقدات غريبة ومخيال شعبي ذي بنية أسطورية دائريّة ومغلقة، أيْ أنّ وصف الواقع أو التعبير عنه في الأدب، يستدعي من مؤلّف رواية الواقعيّة السحريّة عدم تجاهل الطابع العجيب والغريب لذلك الواقع وعدم التغافل عنه أو إهماله، وهذا المؤلّف مطالب بتصوير المعتقدات والأساطير المكوّنة لجزء هام من الواقع الأمريكي اللاتيني، فهو، إذن، سوف “يلتقط السرّ المبهم الكامن في أحشاء الواقع” مثلما قال لويس ليل. وهذا، تحديدا، ما فعله أدباء أمريكا اللاتينية منذ منتصف القرن العشرين إلى اليوم. فهؤلاء لم يقدّموا واقعا مخالفا لواقعهم، ولم يختلقوا واقعا جديدا كي يظهروه في أدبهم.
ومن هذا المنطلق، فإنّ العجائبي الذي يطغى على نصوص الأدباء الأمريكيين اللاتينيّين لم يختلقه هؤلاء، ولم يبتدعوه من فراغ. ولذلك، هم لا يفسّرونه للقارئ، ولا يحاولون تبريره مثلما يفعل عادة كًتّاب العجائبي، لأنّه “عجائبيّ واقعيّ”، موجود في الواقع وفي ثناياه الأشدّ غموضا، ولكنّه يستدعي فهما كبيرا للواقع حتى يصبح من الممكن التقاطه. ولا شكّ في أنّ تسمية هذا التيار بالواقعية السحرية لم يكن اعتباطا، فالواقع والسحر متجاوران وكلاهما يتلبّس الآخر، إنهما يتعايشان جنبا إلى جنب، فلا الواقع يلغي السحر، ولا السحر ينسف الواقع. وتلك هي طبيعة البيئة الأمريكية اللاتينية، حيث المألوف يجاور اللامألوف وحيث المعقول يتداخل مع اللامعقول، فظواهر مثل عودة الموتى أو العيش مع أطياف دون أن تثير الرعب في قلوب الأحياء أو الاختفاء الفجئي للأشخاص أو الأشجار وغيرها هي ظواهر من صميم الواقع في أمريكا اللاتينية[3]، وهي ظواهر نجح روائيو هذه القارة في توظيفها في أعمالهم، ورسموا بها مسارا جديدا للواقعية في الأدب ومسلكا جديدا للعجائبي أيضا.
2-2- خطاب ما بعد كولونيالي:
حين اختار أدباء أمريكا اللاتينية التعبير عن واقعهم (لا واقع غيرهم)، وطرح مشكلاتهم الثقافية والحضارية لم يجدوا في كل القوالب الفنية والأدبية التي ابتدعها الغرب الذي يمثّل حينها سلطة الإمبريالية الثقافية (أو المركزية الثقافية العالمية)، وعاء قادرا على التعبير عن همومهم ومشكلاتهم. ومن هذا المنطلق، رفضوا أسلوب الواقعية في الأدب والفنّ، وهو الأسلوب الذي كان رائجا آنذاك في أوروبا. ولقد “كفّ أدباء أمريكا اللاتينية، منذ البداية، عن مشاركة الواقعيين افتراضاتهم اليقينية بقدرة الإنسان على فهم العالم وتوصيفه”[4]. وكذلك، رفضوا أسلوب تيارات اللامعقول وتحديدا السريالية التي اتّخذوا تجاهها موقفا معاديا رغم قبولهم لها في البداية، لأنّهم كانوا يدركون أنّ لهم “لامعقولهم” الخاص بهم والذي يتجاور جنبا إلى جنب مع المعقول والواقع. وهو ما يعني أنّهم لم يكونوا بحاجة إلى اختلاق اللامعقول أو العجائبيّ وإجرائه مجرى الأدب للتعبير عن غرابة الواقع مثلما فعل ذلك أدباء المركز (أي أوروبا تحديدا).
وبناء على ما تقدّم، يمكن اعتبار الواقعية السحريّة نوعا من المقاومة (Résistance)، وهي مقاومة ذات بعد ثقافي، انتهجتها أمريكا اللاتينية لمواجهة سطوة الإمبريالية الثقافية التي كانت تمارسها أوروبا ضدّ ثقافات العالم الثالث لتهميشها وطمسها، ولتعويضها بثقافة المركز في إطار ما يعرف بالاستعمار الجديد.
ولقد استطاع أدباء أمريكا اللاتينية احتواء تأثيرات ثقافة المركز كي ينهضوا بثقافتهم الخاصة وصوتهم الأدبي الأصيل، فساهموا مساهمة أصيلة في الأدب العالمي رغم أنّهم كانوا “محاصرين” بالتيّارات الأدبية والفنّية الوافدة عليهم من أوروبا مثل السريالية والواقعية الاشتراكية والتعبيرية والوجودية والرواية الجديدة التي ظهرت بفرنسا انطلاقا من الستّينات. وقد تحقّق لهم ذلك بفضل نضجهم الإبداعي ووعيهم السياسي وأصالتهم الثقافية وإيمانهم بالقدرة على مقارعة ثقافة المركز (أوروبا) وقلب الخارطة الثقافية العالمية من أجل تحرير ثقافات العالم الثالث المهمّشة.
ولا غرابة في ذلك، فالرواية الأمريكية اللاتينية “تعارِض السيطرة، أو المركزيّة الأوروبيّة، بالتعبير عن تجربة العالم الثالث، وتصوير تقاليده الثقافية الخاصة والمحلية”[5]. وفضلا عن ذلك فإنّ الواقعية السحرية باعتبارها إنجازا ثقافيا لاتينيّا خاصّا وأصيلا تقدّم رؤية جديدة للواقع، وهي تسعى إلى معالجة واقعها الخاص وثقافتها الخاصة التي ما تزال، آنذاك، منشدّة إلى فكر أسطوري ذي بنية مخصوصة، وهي ثقافة لم تشهد بعدُ الاختراعات العلمية والتقدّم الصناعي، بل إنّها لا تقوم، إلى حدود تلك الفترة، على فكرة التقدّم التي يؤمن بها الغرب، وترسّخت لديه. ويعني ذلك أنّ الواقعية السحرية كانت في بدايتها تنتقد التقليد الثقافي الغربي، وتصوّر اغتراب الإنسان في المجتمعات الصناعية، وهي تسخر من فكرة التقدم وروح التفاؤل التي سادت العصر الصناعي.
ويعدّ الأرجنتيني خوليو كورتاثار الكاتب الأكثر وضوحا في انتقاده للتقليد الثقافي الغربي المبني على المادية وعلى فكرة التقدّم وعلى أخلاق البرجوازية، وهو ما جسّده في روايته “لعبة الحجلة” التي أصدرها سنة 1963. وقد كان كورتاثار من أكثر مثقفي العالم الثالث دفاعا عن الثقافات المهمّشة وأشدّهم مقاومة لثقافة المركز وفضحا لها. و “لا يكْمن وراء هذا التحيّز للثقافة الشعبية انتماء للجموع المقهورة فحسب، بل هناك كذلك شعور بأنّ واقع أمريكا اللاتينية مختلف تمام الاختلاف عن واقع الغرب الصناعي المتقدّم، وكذلك شعور بضرورة البحث عن هوية خاصة جذورها مغروسة في أرض تلك القارة”[6].
وكان كورتاثار يعمل وفق أشكال نضالية ثقافية وسياسية متعدّدة من أجل توحيد أصوات مثقفي العالم الثالث ضدّ الوصاية الثقافية التي فرضتها الإمبريالية الغربية، ومن أجل تحرير الثقافات الوطنية لشعوب دول الأطراف والنهوض بأعبائها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وقد ألقى كورتاثار محاضرة شهيرة سنة 1968 بالعاصمة الكوبية هافانا بعنوان “المثقف ونضالات تحرير شعوب العالم الثالث”، دعا فيها إلى الوقوف ضدّ الهيمنة الثقافية الغربية، وطالب بضرورة الاعتراف بالتنوّع الثقافي وتحرير ثقافات الشعوب الضعيفة وآدابها وفنونها[7].
وتميل الواقعية السحرية، باعتبارها خطابا ما بعد كولونيالي يحمل خصوصية ثقافية لشعوب أمريكا اللاتينية، إلى إدراج الواقعيّ جنبا إلى جنب مع الخياليّ والأسطوريّ والتاريخيّ والتسجيليّ والسياسيّ والثقافيّ، وهي بذلك تُدمج الواقعيّ والعجائبيّ معًا في العمليّة الإبداعيّة لإنجاز خطاب متحرّر من قيود الأعراف الفنية والأدبية التي رسمتها الإمبريالية الثقافية الغربية خلال فترة سيطرتها الطويلة على الثقافة العالمية. ومن هذا المنطلق، يستدعي التعامل مع العجائبي في رواية الواقعية السحرية “لونا جديدا من القراءة وضربا جديدا من القرّاء الذين يتحوّلون إلى منتجين فعّالين لدلالة السرد ذاته، ومشاركين إيجابيين (غير سلبيين أو استهلاكيين) للفعل القصصي والإنساني”[8].
3- الخيال العلمي وحلم “المدينة الفاضلة”:
يُعرّف الخيال العلمي (Science-fiction) بأنّه “نوع من الأدب الروائي يعالج بطريقة خياليّة استجابة الإنسان لكل تقدّم في العلم والتكنولوجيا، سواء في المستقبل القريب أو البعيد، كما أنه يجسّد تأمّلات الإنسان في احتمالات وجود حياة في الأجرام السماوية الأخرى”[9]. ومن تعريفاته الطريفة، أيضا، أنّه “عمليّة تنبّـؤ وتأمّل لما يمكن أن يأتي به العلم في الحاضر أو في المستقبل البعيد أو القريب، ولِما يمكن أن يحدث للبشر أو للأشياء المحاطة به في الأرض التي يعيش عليها أو الكون اللامتناهي من حوله”[10].
إذن، ما نلاحظه من خلال هذين التعريفين أو بقية التعريفات التي رصدناها، وهي لا تختلف كثيرا عمّا أوردناه، أنّ الخيال العلمي هو تيّار روائي يستخدم العلم مادّة لعوالمه السرديّة، وهو يستبق العلم في اكتشافاته، ويتنبّأ بالاختراعات العلمية قبل التوصّل إليها في مخابر البحوث العلمية والتقنيّة والطبية على صعيد الواقع. وهو فضلا عن ذلك، يعالج تفاصيل الحياة المعاصرة، ويرصد أحلام البشر وانتظاراتهم من المستقبل. ومن هنا، نستنتج أن أدب الخيال العلمي هو شكل حداثي للأدب، مبنيّ على فكرة التقدّم، وهو وليد عصر الاكتشافات العلمية الكبرى وإفراز طبيعي لها. ولا غرابة في ذلك، فهو قد ظهر في بدايات القرن العشرين ثم تطور، ونضج أكثر في النصف الثاني من القرن العشرين. وهو ما يزال، إلى اليوم، يشهد نضجا متزايدا واهتماما متجدّدا خاصة في بلدان العالم المتقدّم حيث تتوالى الاكتشافات العلمية يوما بعد آخر.
3- 1- اليوتوبيا ونشأة الخيال العلمي:
يشير أحد النقاد إلى أنّ تفحّص الخيال العلمي يستدعي ضرورةً البدء بنبذة عن اليوتوبيا[11]. والحقّ أنّ هذا الرأي يبدو وجيها، حيث لا يمكن فهم الخيال العلمي دون دراسة اليوتوبيا. فهي قد مهّدت له الطريق كي يصبح تيارا أدبيّا قائم الذات، وفضلا عن ذلك فإنّ الاكتشافات العلمية والاختراعات الصناعية والتكنولوجية التي حققتها الإنسانيّة طوال القرنين الماضيين، وما تزال تحققها إلى اليوم، كانت وراءها اليوتوبيا التي يمكن النظر إليها باعتبارها ضربا من التفكير الفلسفي ترجع أصوله إلى أفلاطون من خلال كتابه “الجمهورية”، لكنّها ازدهرت خاصة بعد عصر النهضة. وقد ارتبطت اليوتوبيا كثيرا بمفهوم “المدينة الفاضلة”، ذلك أنّ حلم الإنسانيّة بتحقيق الاكتشافات والاختراعات إنّما غايته تحقيق سعادة البشر، وتذليل جميع صعوبات الحياة على كل المستويات لفائدة الإنسانيّة جميعها. وفي هذا السياق، برزت نوعيّة من الكتابات الروائيّة العجائبيّة أُطلق عليها في النقد الحديث اسم “أدب المدينة الفاضلة”، ونجد في مقابله “أدب المدينة الفاسدة” أو الديستوبيا. وقد نشأ هذا الأدب باعتباره ردّة فعل ساخرة ضدّ التسمية الأصليّة حيث إنّ المدينة الفاضلة التي أراد الإنسان “بناءها” رمزيّا، وطمح إلى العيش فيها في سلام وسعادة زاد فيها البؤس حدّةً، وبلغ منسوب الفساد فيها، على كل المستويات، حدّا لا يطاق، بل إنّ بعض الاختراعات والاكتشافات العلميّة الباهرة التي توصّل إليها الإنسان وحقّقها كانت سببا في بؤسه عوض أن تحقّق له السعادة والرفاهيّة.
ولمّا كانت اليوتوبيا تتيح للعقل الإنساني حقّ الحلم بأن يتمكّن من السيطرة على الطبيعة ويتوصّل إلى الاكتشافات العلمية، فإنّ نجاح البشريّة في تحقيق انتصارات علمية كبيرة واكتشافات رائدة في كل العلوم خاصة في القرن العشرين، قد شرّع لفكرة “موت اليوتوبيا” بحجّة أنه لم يعد للإنسان ما يحلم به بعد أن حقّق “معجزات” علميّة وتقنيّة وطبّية. ومن هنا، يمكن القول إنّ اليوتوبيا تركت المجال للخيال العلمي بعد أن هيّأت له الأرضية الملائمة للازدهار في ظلّ المكتشفات العلمية والتقنية الحديثة، وفي ظلّ سعيه إلى تحقيق معجزات جديدة في المستقبل خدمةً للإنسانية وتقدّمها.
وتتكوّن اليوتوبيا من كلمتين يونانيتين هما Ou بمعنى (لا) و Topos بمعنى (مكان)، وهي تعني التأسيس في اللامكان والتشييد في اللاواقع[12]. فاليوتوبيا، وفق هذا الفهم، هي حالة تعارض بين العقل والواقع، وهي دفع بالعقل إلى ما وراء حدوده وما فوق تصوراته. وبناء على ذلك، نحصل في الفكر والأدب المنتمييْن إلى اليوتوبيا، على تصوّرات خارجة عن نطاق العقل ومتجاوزة للمألوف ولما هو متعارف عليه في حدود الطبيعة، وهو ما يخلق العجائبيّ أثناء تصوّر الحدث أو تصوّر الحالة اليوتوبيّة. و” تكون الحالةُ الذهنيةُ يوتوبيّةً حينما تتعارض مع حالة الأمر الواقع الذي تحدث فيه، ويتّضح هذا التنافر دائما في كون هذه الحالة الذهنية، في الخبرة والفكر والممارسة، متوجهةً نحو أشياء غير موجودة في الوضع الواقعيّ”[13].
ومن أبرز كُتّاب اليوتوبيا يمكن أن نذكر توماسو كامبانيلا Tommaso Campanella (ت. 1639) مؤلّف رواية “مدينة الشمس”، وفرانسيس باكون Françis Bacon (ت. 1626) مؤلّف رواية “أطلانتس الجديدة”[14]، وهربرت جورج ويلز Herbert George Wells (ت. 1946) مؤلّف رواية “بشر كالآلهة”، وجول فيرن Jules Verne (ت. 1905) مؤلّف رواية “من الأرض إلى القمر”.
3- 2- تطوّر الخيال العلميّ:
يمكن اعتبار عقديْ الثلاثينيّات والأربعينيّات من القرن العشرين الفترة التي شهدت ذيوع أدب الخيال العلمي وانتشاره على نطاق واسع بعد أن تخلّص من القيود المتمثلة أساسا في صعوبة كتابته وعسر تقبّله لدى الذائقة الأدبية السائدة خاصة أنّه “يحتاج إلى قدرات خاصة، ليس لكتابته فقط، بل أيضا لقراءته”[15]. وقد عرفت تلك الفترة ظهور اثنتين من أهمّ روايات الخيال العلمي حتى اليوم، وهما رواية “عالم جديد شجاع” لألدوس هكسلي Aldous Huxley (ت. 1963)، ورواية “1984” لجورج أورويل George Orwell (ت. 1950). فهاتان الروايتان هما أبرز أسس أدب الخيال العلمي، وكان لهما تأثير كبير في الجيل اللاحق من كُتّاب الخيال العلمي خاصة في النصف الثاني من القرن العشرين. وقد اعتمدتا على خيال علمي واسع، وعلى قراءة دقيقة لمستقبل العلم في علاقته بالسياسة.
ومن الخطإ، في رأينا، أن تُقرأ رواية “1984” على أنّها من الخيال العلمي السياسيّ، مثلما فعل ذلك محمود قاسم في كتابه “الخيال العلمي أدب القرن العشرين”، لأنّ الخيال العلمي لا يمكن تقسيمه إلى سياسيّ أو غير سياسيّ، فهو أدب جامع لكل المجالات ومنفتح عليها جميعها، ولكنه يضع التصورات العلمية المستقبلية محورا أساسيّا له. ومن هذا المنطلق، فإنّ “1984” هي رواية خيال علمي محض قبل كل تصنيف، وهي تتوقّع ظهور ما يسمّى اليوم بتكنولوجيا المعلومات في إطار سيطرة النظام الشيوعي على العالم مع حلول سنة 1984، ولكنّ هذا التوقّع السياسيّ مُنِيَ بالفشل بعد أن انهار المعسكر الشيوعي بعد التاريخ المتوقّع بسنوات قليلة جدّا، أمّا ثورة تكنولوجيا المعلومات فقد انطلقت بشائرها، فعلا، منذ ذلك التاريخ المتوقّع أو بعده بقليل، وهي تعيش اليوم فورتها الكبرى.
وأمّا رواية ألدوس هكسلي فهي تتوقّع حدوث ثورة تقنية كبرى أبرزها التقنية الحيوية من خلال نشوء الجنين خارج أرحام النساء، وقد تحقّق الكثير من التقنيات التي تـنـبّأ بها هكسلي في روايته، مثل الإخصاب في المختبر والأمومة البديلة والهندسة الوراثية في تصنيع الأطفال[16]. وبعد صدور هاتين الروايتين المؤسّستين فعليّا لأدب الخيال العلمي، صدر كمّ هائل من الروايات الأخرى خلال النصف الثاني من القرن العشرين خاصة بعد ظهور مجلات مختصّة في نشر هذا النوع من الروايات عبر سلسلات متلاحقة. وفي هذه المرحلة برز آرثر كلارك، وإسحاق آزيموف، وبيير بوول، وستانيسلاف ليم، وكارلوس راش وإيفان جيفري موفر.
وتتحدّد علاقة الخيال العلمي بالعجائبيّ في هذا النوع من الروايات بطبيعة الخيال العلمي في حدّ ذاته. فلقد أشرنا إلى أنّ التنبّؤ هو قاعدته الأساسية، ومعنى ذلك أنّ العقل يتصوّر حالات خارج ما هو مألوف لديه، ومفارقة لحدود الطبيعة التي يعرفها. فأن يقع، مثلا، التنبّؤُ بصعود الإنسان إلى القمر، في قصّة خيال علميّ، هو مسألة يصعب على العقل تصديقها في عصور مضت، وإذا ما تصوّرها العقل (أو تخيّلها) فإنّ ذلك التصوّر سيكون مفارقا للطبيعة ومتعارضا مع الواقع، وهنا يَحْدُثُ العجائبيّ في قصّة الخيال العلمي، وهذا العجائبيّ يمكن تفسيره “تفسيرا عقلانيّا”[17] بناءً على المنطق العلمي الذي يمكن للعقل أن يقبله إذا آمن بقدرة العلم على جعل بعض المستحيل ممكنا. فالصعود إلى القمر، إذن، يصبح غير مستحيل وغير متعارض مع الطبيعة إذا أدرك العقل أنّ هنالك قوانين فيزيائية تساعد على تحقّق ذلك.
4- خاتمة:
إنّ تأسيس تيّار الواقعيّة السحريّة في الفنّ والأدب هو تحدّ لأعراف تيار الواقعيّة الذي رسمت ملامحه الثقافة الغربية بناء على تصوّرها للواقع وبنائها الثقافي له. وبذلك، يحقّ القول إنّ تيّار الواقعية السحرية هو خطاب ما بعد كولونيالي ظهر في البداية في أمريكا اللاتينية ثم انتشر في كل أنحاء العالم الثالث (أو دول الأطراف)، وقد نجح في اختراق الإمبريالية الثقافية في عقر دارها ونقل إليها ثقافات الأطراف معلنا عن رسم جديد للخارطة الثقافية العالمية. ولقد رسم هذا التيّار آليّات جديدة للتعامل مع العجائبي فكان مختلفا عمّا هو سائد في الأدب العالمي.
وفي هذه الخاصيّة تحديدا، يتقاطع أدب الواقعيّة السحريّة مع أدب الخيال العلمي حيث هناك تعامل جديد مع العجائبيّ. وفي روايات الخيال العلمي، عادة ما يكون هناك ميل إلى الحديث عن أشياء ممكنة الحدوث في زمن المستقبل على المستوى النظري، ويمكن للعقل تقبّلها في ضوء معادلات فيزيائيّة يمكن اكتشافها أو التوصّل إليها، وهنا تحديدا تختلف رواية الخيال العلمي عن الرواية العجائبية الكلاسيكية التي تحكي عمّا هو مستحيل الحدوث ولا يمكن للعقل تقبّله، مثل ظهور العمالقة والغيلان والسعالى والأطياف في الفراغات الموحشة والقلاع المهجورة.
5- المصادر والمراجع:
- توتلي (ليزا): فن كتابة الفنتازيا والخيال العلمي، ترجمة: كمال الدين حسين، الدار المصرية اللبنانية، ط1، 2008.
- ثامر (فاضل): المقموع والمسكوت عنه في السرد العربي، دار المدى، سوريا، ط1، 2004.
- حماد (حسن): الخيال اليوتوبي، دار الكلمة، مصر، ط1، 1999.
- سميث (إدموند): الاتجاهات الجديدة في رواية أمريكا اللاتينية، ترجمة: سيد عبد الخالق، مجلة فصول، م12، ع2، صيف 1993.
- فضل (صلاح): منهج الواقعية في الإبداع الأدبي، دار عالم المعرفة، القاهرة، ط1، 1992.
- قاسم (محمود): الخيال العلمي أدب القرن العشرين، الدار العربية للكتاب، ط1، 1993.
- ماتلار (أرمان): التنوع الثقافي والعولمة، ترجمة: خليل أحمد خليل، دار الفارابي، ط1، 2008.
- مانهايم (كارل): الإيديولوجيا واليوتوبيا، ترجمة: محمد رجا الديريني، شركة المكتبات الكويتية، الكويت،ط1، 1980.
- ولسون (كولن): المعقول واللامعقول في الأدب الحديث، ترجمة: أنيس زكي حسن، دار الآداب، ط6، 2001.
- وهبة (مجدي): معجم مصطلحات الأدب، مكتبة لبنان، بيروت، ط1، 1968.
[1]– صلاح فضل، منهج الواقعية في الإبداع الأدبي، دار عالم المعرفة، القاهرة،ط1، 1992، ص 302.
[2]– ورد ضمن المرجع نفسه، ص 300.
[3]– ما نقصده بقولنا “هي من صميم الواقع” هو أن تلك الظواهر يؤمن بها الفكر الأسطوري الذي يميّز مجتمعات أمريكا اللاتينيّة خاصّة في القديم. فالذاكرة الأمريكية اللاتينيّة تحفظ جيّدا العادات والتقاليد والإيمان بالظواهر الخارقة والخرافات والمعتقدات والمعجزات. وفضلا عن ذلك فإنّ الأجيال تتناقل كمّا هائلا من الخرافات والحكايات الشعبية التي نجح أدباء أمريكا اللاتينيّة في الاستفادة منها وتوظيفها.
[4]– إدموند سميث، الاتجاهات الجديدة في رواية أمريكا اللاتينية، ترجمة: سيد عبد الخالق، مجلة فصول، م12، ع2، صيف1993، ص 116.
[5]– المرجع نفسه، ص 123.
[6]– المرجع نفسه، ص. 124.
[7]– أرمان ماتلار، التنوع الثقافي والعولمة، ترجمة: خليل أحمد خليل، دار الفارابي، ط1، 2008، ص 107.
[8]– فاضل ثامر، المقموع والمسكوت عنه في السرد العربي، دار المدى، سوريا، ط1، 2004، ص 99.
[9]– مجدي وهبة، معجم مصطلحات الأدب، مكتبة لبنان، بيروت، ط1، 1968، ص. 53.
[10]– محمود قاسم، الخيال العلمي أدب القرن العشرين، الدار العربية للكتاب، ط1، 1993، ص 22.
[11]– كولن ولسون، المعقول واللامعقول في الأدب الحديث، ترجمة: أنيس زكي حسن، دار الآداب، ط6، 2001، ص 142.
[12]– حسن حماد، الخيال اليوتوبي، دار الكلمة، مصر، ط1، 1999، ص 53.
[13]– كارل مانهايم، الإيديولوجيا واليوتوبيا، ترجمة: محمد رجا الديريني، شركة المكتبات الكويتية، الكويت،ط1، 1980، ص 247.
[14]– يعتبر كولن ولسون أنّ باكون هو أول كاتب آمن بأنّ البشر سيخترعون كل شيء في المستقبل. راجع كتابه “المعقول واللامعقول في الأدب الحديث”، ص 143.
[15]– ليزا توتلي، فن كتابة الفنتازيا والخيال العلمي، ترجمة: كمال الدين حسين، الدار المصرية اللبنانية، ط1، 2008، ص 12.
[16]– عالج المفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما، بعناية كبيرة، قضية الإرهاب البيولوجي وضرورة التحكم السياسي في استخدامات العلم والتقنية انطلاقا من تحليله لروايتي “1984” و”عالم جديد شجاع” حيث اعتبر أنّ لهما فضلا كبيرا على التقدّم العلمي والتكنولوجي والبيولوجي والطبي الذي تشهده البشرية منذ تسعينيّات القرن العشرين، وهما الأكثر استشرافا للمستقبل وللثورات العلمية والتكنولوجية الكبيرة التي حققتها الإنسانية. ويحذّر فوكوياما من الاستخدام غير النزيه للعلوم البيولوجية وتكنولوجيا المعلومات خاصة في مجال ممارسة الإرهاب البيولوجي. راجع:
فرانسيس فوكوياما، مستقبلنا بعد البشري: عواقب التقنية الحيوية، ترجمة: إيهاب عبد الرحيم محمد، مركز الإمارات للدراسات والبحوث، أبو ظبي، ط1، 2006، ص 13-15.
[17]– تزفيتان تودوروف، مدخل إلى الأدب العجائبي، ترجمة: الصدّيق بوعلام، دار شرقيّات، ط1، 1994، ص 66.