ملخّص:
نحاول في هذه الورقة العلميّة التّعرّف على شخصيّة مهمّة في تاريخ الفكر اليهوديّ من قيمة “ابن أقنين السّبتي”، والوقوف على أهمّ محطّات حياته، ودراسة أبرز آرائه الفكريّة والعقديّة. فالمعلومات حول شخصيّة ابن أقنين شحيحة في هذا السّياق رغم تتلمذه على يد الفيلسوف ابن ميمون وقربه منه. سيمكّننا الحديث عن شخصيّة” ابن أقنين” واستطلاع آرائه التي تنطوي على انتقادات لاذعة للحكم الموحّدي، من الكشف عن الدّوافع الحقيقيّة لاضطهاد المكوّن العبريّ المتواجد في مناطق حكم الموحّدين في تلك الحقبة، التي تعزى -كما توصّلنا في هذه الورقة العلميّة- إلى كثرة الاضطرابات الاجتماعيّة والقلاقل السّياسيّة، حيث شكّلت هذه العوامل أدوارا حاسمة في تقرير حياة الرّجل وصياغة أفكاره.
الكلمات المفاتيح: ابن أقنين، الموحّدون، سبتة، اليهود، التّسامح، التّطرّف.
Abstract:
In this scholarly paper, we aim to explore the life and intellectual contributions of a significant figure in the history of Jewish thought, namely “Ibn Aqin the Sabbatarian.” Despite his proximity to and apprenticeship under the philosopher Ibn Maimon, information about Ibn Aqin is scarce in this domain. We will delve into the key milestones of Ibn Aqin’s life and examine his prominent intellectual and theological opinions., Our discussion will revolve around the personality of Ibn Aqin and an exploration of his critical views towards the Almowahidin rule. By doing so, we seek to uncover the true motivations behind the persecution of the Jewish community present in the regions governed by the Almowahidin during that era. The insights provided in this paper suggest that social upheavals and political tumult significantly influenced the life and shaping of the ideas of Ibn Aqin. Despite being a protege of the philosopher Ibn Maimon, Ibn Aqin’s views carry sharp criticisms of the Almowahidin rule. We will endeavor to shed light on the historical and cultural context of the persecution faced by the Jewish community during the Almohadin period. The multitude of social disturbances and political unrest, as outlined in this scholarly work, played pivotal roles in shaping the life of Ibn Aqin and molding his intellectual perspectives. In conclusion, delving into the life and opinions of Ibn Aqin allows us to gain a deeper understanding of the cultural and religious interactions during that period in Jewish thought. Through this exploration, we aim to unravel the intricate motivations behind historical events and shed light on the individual and collective experiences of the Jewish community under the Almowahidin rule.
Keywords: Ibn Aqin, Almowahidin, Ceuta, Jews, tolerance, extremism.
1- مقدمة:
إنّ الحديث عن طبيعة العلاقة بين المكوّنات الدّينية المتواجدة في عصورٍ تاريخيّةٍ سابقةٍ فوق الأراضي المغربيّة، قد لا يخلو من تأثيرات وإسقاطات الأفكار التي تروّج في عصرنا، وذلك بسبب حساسيّتها وأهّميتها، أو لغير ذلك من الأمور التي تعتبر حاليًا محور اهتمامات المجتمع الدّوليّ نظرًا لارتباطها المباشر “بالسّلم” و “التّعايش” بين الشّعوب والأمم. فهل تناولنا لهذا الموضوع -بالفعل- نتاج هذا التّأثير؟
الواقع يقول إنّ حقيقة التّعايش بين أتباع الأديان يشكّل بالفعل قضيّةً شائكة، حيث استغلّ البعض عددًا من الأحداث التّاريخيّة والشّخصيّات الدّينيّة اليهوديّة، متّخذًا إيّاها منطلقًا للحديث عن انعدام التّسامح بين الدّيانات السّماويّة، للبرهنة على حتميّة الصّراع بينهم، مستغلاًّ بذلك الأمور التّالية:
- قلّة المعلومات حول الشّخصيّات الدّينية اليهوديّة.
- عدم دراستهم للسّياقات والظّروف المرافقة لنشأة هذه الشّخصيّات.
- عدم توفّرهم على الخلفيّات الفكريّة والعقديّة حول كتابات تلك المرحلة والظّروف التي رافقتها.
ومن هنا تكمن أهمّية البحث في شخصيّة ابن أقنين السّبتي، الذي يلفّ الغموض مراحل حياته وآراءه العقديّة والفلسفيّة، حيث سيعيننا ذلك في الإجابة عن الإشكالات التّالية:
- هل يكنّ ابن أقنين عداءً تجاه الدّين الإسلاميّ؟
- وهل أقام جسوراً للتّفاهم والتّواصل مع جيرانه المسلمين؟
- هل بالفعل تعرّض اليهود للاضطهاد من قبل السّلطات الحاكمة في تلك الحقبة؟ وهل شمل هذا الاضطهاد المسلمين كذلك ؟
- هل يمثّل هذا الاضطهاد موقف المسلمين الموحّد تجاه الأقلّيات الدّينيّة المتواجدة بين ظهرانيهم؟
- كيف كان موقف الفقهاء المسلمين من هذا الاضطهاد؟ وما موقفهم منه؟
- هل لهذا الاضطهاد ركائز عقديّة وفكريّة؟
وقد اعتمدت في هذه الورقة البحثيّة على المنهج الوصفيّ التّحليليّ، حيث يمكنّنا هذا المنهج من تحليل النّصوص والأفكار ودراسة الإشكالات المختلفة ووصفها، للوصول إلى الحقيقة العلميّة.
كما اعتمدت على المنهج التّاريخيّ الذي يستحضر السّياقات التّاريخيّة لإنتاج المعرفة وتطوّرها، ذلك أنّها تبنى عبر مراحل زمنيّة مختلفة، يؤثر السّابق فيها في اللاّحق، وهو ما يسعفنا في استيعاب إشكالات الواقع الحاليّ عبر إرجاعها إلى جذورها وأسبابها التّاريخيّة، وتوقّع اتجاهاتها في استشراف المستقبل. فالمنهج التّاريخيّ عمومًا يساعد في حلّ مشكلات معاصرة على ضوء خبرات الماضي.
2- تمهيد:
سبتة، تلك المائدة التي تناوب على تناول صحونها المعرفيّة ثلّةٌ شهيرةٌ من مفكّرين ومخترعين وعلماء، انصهروا ضمن جماعة، أندلسيّةٍ، أوروبيّةٍ، عبريّةٍ، إسلاميّة، ابتداءً بالقاضي عياض، مرورّا بالشّريف الإدريسي، وانتهاءً بابن أقنين السّبتي. هذه القامات الذّهبيّة أثّثت المشهد الفكريّ والعلميّ سبتيّا ودوليّا باختراعاتهم وأفكارهم ومؤلّفاتهم، فنسجوا خيوطًا ثقافيّة رفيعة، وإشعاعات علميّة بديعة، وصل صداها إلى بلاط تورينيو الإيطاليّة وإلى ملوك الشّهباء الحلبيّة. فكانت سبتة تلك المدينة المتوسّطيّة التي فتقت علمًا وارتقت خصبًا بموروثاتها الحضاريّة والتّاريخيّة والثّقافيّة واللّغويّة والأدبيّة والشّرعيّة. فتحوّلت بذلك إلى قاطرةٍ لسفراء العلم والإبداع في الفضاء الأندلسيّ. ومن هؤلاء السّفراء ابن أقنين السّبتي الذي صال وجال في العديد من الأقطار، واعتبر من أهمّ رجال المكوّن العبريّ السّبتيّ.
3- خلفيّته التّاريخيّة:
ابن اقنين السّبتي، هو تلك الشّخصيّة التي ذاع صيتها بين أفراد الطّائفة اليهوديّة السّبتيّة في القرن الثّاني عشر للميلاد.
وقد اختلفت المصادر العربيّة والأجنبيّة في إطلاق اسمٍ موحّدٍ على هذه القامة السّبتيّة الهامّة. فذهب ابن القفطيّ إلى القول بأنّ العرب تسمّيه بـ “يوسف بن يحيى بن إسحاق السّبتي المغربيّ أبو الحجّاج”، وأنّ السّبتيّين يكنّونه “بابن سمعون” نسبةً إلى أحد أجداده[1]. في حين أطلق عليه المؤلّف الإسبانيّ إنريكي غوزالبيس كرافيوطو في كتابه: “ملاحظات حول يهود سبتة”، تسمية “يوسف بن يهودا بن أقنين”[2]، وهي ذات التّسمية التي أطلقها أرسنت رينان في كتابه: “ابن الرّشد والرّشديّة” حينما تكلّم عن علاقة ابن رشد بالمفكّرين اليهود[3].
ولم يسلم تاريخ ولادة الرّجل ووفاته أيضا من الاختلاف بين كثير من المؤرّخين والمهتمّين بالمجال الفكريّ. فذهب الباحث الإسبانيّ أبراهام لاريدو وفقًا لما ورد في الموسوعات اليهوديّة إلى القول بأنّ ولادته كانت بسبتة سنة 1160م، ووفاته كانت بحلب في سوريا سنة 1226م[4]. فيما ذهب باحثون آخرون إلى ما يخالف هذا القول، ورأوا أنّ سنة ولادته محصورة ما بين سنتي 1130م و 1135م بسبتة، ووفاته في حلب ما بين سنتي 1218 م و 1220م، – وهو الأقرب للصّواب -. واستندوا في قولهم إلى ما ذكره ابن أقنين في كتبه من أحداثٍ ووقائع جرت بمسقط رأسه سنة 1148م، واتّسمت بطابع الصّلف والقمع من طرف السّلطات الموحّديّة تجاه أبناء طائفته، علاوةً عن إشارة الشّاعر اليهوديّ الكبير المعروف بـ “الحريزي”، إليه في إحدى أشعاره سنة 1218م[5].
بناءً على ما تقدّم من الصّعب الوصول إلى معلوماتٍ دقيقة حول تاريخ ولادته ووفاته، في ظلّ قلّة المعطيات حول هذه الشّخصيّة السّبتيّة البارزة سواء في المؤلّفات الإسبانيّة أو العبريّة أو العربيّة.
ينتمي ابن أقنين إلى طبقةٍ سبتيّة اجتماعيّةٍ متوسّطة الحال. فقد كان أبوه يمتهن بعض الحرف السّوقيّة والأعمال التّقليديّة الشّائعة آنذاك بسبتة. ثمّ اضطرّت عائلته إلى اعتناق الإسلام أيّام القمع الموحّديّ، وحينئذ قرّر التّفرّغ للدّراسة بسبب تدهور الحالة الثّقافيّة السّبتيّة، وفي الوقت نفسه من أجل المحافظة على المعتقدات اليهوديّة[6].
4- التّسامح الدّينيّ: العراقيل والخلفيّات والدّوافع:
عبّر ابن أقنين عن حالة الاختناق والتّضييق التي عاشها في العديد من المناسبات، حيث كشف لنا عن حجم المعاناة التي تعرّض إليها أبناء طائفته من قبل السّلطة الموحّديّة. وقد أفصح عن ذلك بقوله: “فالبيعة الكبيرة التي كان يجتمع بها المتديّنون فيما سبق، أضحت اليوم دارًا مغلقة، واختفت الدّراسة والحقيقة، وزاد الأذى”[7].
كما يصف لنا ابن أقنين الأوضاع السّياسيّة المزرية في حقبته فيقول: “أصابتنا المحنة (…) يحتقر الشّاب الشّيخ، ولا تحترم البنت الأمّ، ولا يستحي الابن من أفعاله أمام الأب، وعجرفة الموحّدين معلومةٌ للجميع، ومن الواضح أنّ اليهود لم يتحمّلوا في أية فترةٍ سابقةٍ آلامًا مثل آلام الفترة الحاليّة”[8].
دفع هذا المناخ المضطرب في سبتة إلى هجرة العديد من يهودها نحو المناطق المجاورة للنّفوذ الموحّديّ، وهو ما عبّر عنه ابن أقنين بقوله: “الآن بإمكاننا إيجادها – الحرّية الدّينيّة – بسهولةٍ في بلدانٍ بعيدة، حيث يمكننا الإفلات من الضّغط الدّينيّ، وممارسة عبادتنا بحرّية. وليس ثمّة شكٌّ في أنّنا كنّا ننتهك حرمة الله عمدًا”[9].
إنّ هذا المسار المضطهد للآخر الدّينيّ من قبل الموحّدين، يجرّنا للبحث عن الأسباب الخفيّة الكامنة وراء هذا الموقف المتشدّد الذي له خلفيّاتٌ سياسيّة بامتياز، فالمهديّ بن تومرت وخلفاء الموحّدين الأوائل بنوا وجهة نظرهم وسياساتهم على الأحاديث التي وردت في كتاب: “أعزّ ما يطلب” الذي أبرز فيه ابن تومرت أنّ المرابطين اتّبعوا بدورهم سنن اليهود والنّصارى[10]، وهو أمرٌ يبيح للموحّدين محاربتهم وإنزالهم منزلة الذّمّيّين.
نتيجةً لهذه السّياسة المتطرّفة، خلّف الأدب الدّينيّ اليهوديّ أخبارًا عمّا تعرّض له اليهود أثناء تقدّم الموحّدين واستيلائهم على المدن. حيث دفع الوضع العامّ للمغرب في هذه الفترة الانتقاليّة أهل الذّمّة إلى اللّجوء إلى الكتب المقدّسة والتّحصن بها، وهو ما وجد صداه لدى اليهود بأخذهم مضامين العهد القديم وخاصّةً أحاديث النّبيّين أشعيًا وأرميًا فيما تعلّق منها بالمصائب التي تحلّ بهم جرّاء عدم إتّباعهم لتّعاليم ربّهم[11].
لكنّ هذه الشّدّة التي رافقت ظهور الدّولة الموحّديّة تجاه سكّان المنطقة عامّةً بمن فيهم الأقلّيات الدّينيّة، والتي أطّرها التّوجّه العقديّ لابن تومرت ومنظوره السّياسيّ، لم تظلّ قائمةً طوال فترة تولّي الموحّدين لسدة الحكم، فملامح الانفراج وتجديد الخطاب بدأت تلوح في الأفق مع بداية التّخلّي عن العقيدة التّومرتيّة، على عهد أبي يوسف يعقوب الذي كان لا يرى رأي العامّة في عصمة ابن تومرت[12].
لقد كانت أغلب كتابات اليهود في تلك الحقبة ضحيّةً لحدّة الخطاب السّياسيّ لابن تومرت الذي كان مغاليًا تجاه الأقلّيات الدّينيّة التي ظلّت تقيم بالمنطقة، وقد طالت هذه السّياسات الإقصائيّة كذلك معتنقي الدّين الإسلاميّ خاصّةً بالمناطق التي شهدت ثورات ضدّ الموحّدين، مثل مدينة سبتة بزعامة فقيهها القاضي عياض* (ت544هـ)[13].
وهو ما يعزّز الرّأي القائل بأنّ خلفيّة هذا الاضطهاد سياسيّة باميتاز ولا علاقة له بما يسمّى صراع الأديان، لأنّ حملات التّضييق والاضطهاد طالت المسلمين أيضًا.
إلى جانب ذلك، نجد أنّ الجهاز القضائيّ بسبتة في هذه الفترة، قد قام بتبرئة عددٍ كبيرٍ من اليهود تحت عنوان: “انعدام الدّلائل الكافية لإدانتهم” كتعبيرٍ منهم عن عدم رضاهم بهذه الممارسات الموحّديّة. وهذه النّتيجة كانت وليدة تكفير الموحّدين لشتّى المذاهب الإسلاميّة الرّافضة لمهديّة يوسف ابن تومرت، ولا أدلّ على ذلك من حرق الموحّدين لكتب الفقه المالكيّ واضطهاد المشتغلين بتدريسه[14]، ولعلّ هذا ما دفع أتباع المذهب المالكيّ وأهل الذّمّة يهودًا أو نصارى إلى العمل على تقويض أركان الدّولة الموحّديّة.
وعلى ضوء هذه السّياقات نستطيع أن نفسّر ثورة القاضي عياض المبنيّة على توجّهاته المعتدلة القائمة على اتّباع أهل السّنّة ومخالفة أهل البدع، وعدم تكفير كلّ من ولّى وجهه نحو القبلة[15]، وهذا يظهر عدم إقرار القاضي عياض بقناعات الموحّدين العقديّة، ونستدلّ على هذا المعطى بمحاولة القاضي عياض الاتّصال بالوالي المرابطيّ في الأندلس يحيى بن علي المسوفيّ المعروف بابن غانية، لأنّ المرابطين كانوا معارضين للمذهب التّومرتيّ، متمسّكين بالمذهب المالكيّ[16].
وبالمحصّلة فإنّ هذه الاضطرابات وليدة مقتربٍ تفسيريّ واحد، مفاده أنّ العصبيّات تنتج عصبيّاتٍ مقابلة لها.
5- مساره العلميّ وتكوينه الفكريّ:
انتقل ابن أقنين إلى فاس هربًا من الممارسات الموحّديّة، ومارس بها مهنة الطّبابة[17]، وكان أولّ كاتبٍ يهوديّ من سبتة ألّف في فنّ المقامات العربيّة[18]. ذهب بعض الباحثين إلى الاعتقاد بأنّ ابن أقنين قد تأثّر كثيرًا بالأفكار المهدويّة، وعلّل بعض الباحثين سبب اعتقاده بالمهدويّة، لشيوع كتاب مختلقٍ ومزوّر منسوبٍ إلى ابن ميمون* (ت: 1204م) بفاس سنة 1186م، يؤكّد فيه قرب ظهور المهديّ بأصفهان الواقعة بإيران. لكنّ ابن أقنين سرعان ما نبذ المهدويّة وهمّشها، وهو ما ذكره في مؤلّفه “طبّ النّفوس الصّحيحة ومعالجة القلوب الأليمة”، حيث ذكر فيه أنّ أعمال القمع والاضطهاد التي تعرّض إليها يهود سبتة ستمنح لهم الخلاص وستجعلهم يعون ذنوبهم، واعتبر تلك الأحداث عبارة عن علاماتٍ على قرب نبيّ مخلّص، ممّا دفعه إلى حثّ طائفته على المسارعة إلى التّوبة والتّكفير عن الذّنوب، ورأى في المنفى أفضل العقوبات وأحسنها لخلق الانضباط الرّوحيّ[19].
اضطرّ ابن أقنين للهجرة انطلاقًا من ميناء سبتة سنة 1185م، متّجهًا إلى المشرق العربيّ مهد الأديان. فكانت محطّته الأولى بالإسكندريّة، ثمّ شدّ الرّحال منها صوب الفسطاط (جنوب القاهرة)، وهناك التقى بالفيلسوف القرطبيّ الكبير “موسى بن ميمون”[20]، وتلقّى منه تكوينًا في العلوم الدّينيّة والرّياضيّة والفلسفيّة والفلكيّة[21]، حتّى أصبح من أنجب تلاميذ ابن ميمون، ثمّ تحوّل لاحقًا إلى كاتبه ومساعده الرّئيسيّ، وتعبيرًا عن هذه العلاقة المتميّزة أهدى الفيلسوف القرطبيّ تلميذه ابن أقنين أحد أهمّ مؤلّفاته وهو “دلالة الحائرين”، ويعتبر ابن أقنين الخلف الرّئيسيّ لابن ميمون على المستوى الفلسفيّ والفكريّ. وقد كانت بصمات ابن ميمون واضحةً في مؤلّفات ابن أقنين العلميّة خاصّةً كتابه “انكشاف الأسرار وظهور الأنوار” الذي تحدّث فيه عن الأخلاق[22].
بعد تتلمذه في الفسطاط، انتقل إلى حلب الشّهباء ومنها انتقل إلى ممارسة التّجارة بالعراق، ثمّ الهند. فكوّن لنفسه ثروةً هائلة، كانت سببًا في خوفه من انتقالها إلى السّلاطين الظّاهريّين لعدم توفّره على ولد يخلفه[23]. عرف ابن أقنين بالحذاقة والذّكاء، وأتقن العلوم الطّبّية والهندسيّة وعلم النّجوم[24]، فقصده العديد من النّاس بحلب الشّهباء للاستفادة منه، وخدم كطبيب في بلاط السّلاطين الظّاهريّين وبشكلٍ خاصّ ببلاط الملك غازي بن صلاح الدّين الأيّوبي[25].
ترك ابن أقنين وراءه العديد من المصنّفات، الكثير منها مازال باللّغة العبريّة ولم تترجم بعد إلى اللّغة العربيّة أو الأجنبيّة، ومن أبرز مصنّفاته:
- “طبّ النّفوس الصّحيحة ومعالجة القلوب الأليمة”، وتناول فيه الظّروف الصّعبة التي عاشها اليهود بسبتة في الفترة الموحّديّة[26]. وذكر فيه أيضًا العديد من المسائل، ففي الفصل السّابع والعشرين من الكتاب، تحدّث ابن أقنين عن فضائل العلم والمتعلّم، ومن غير المستبعد أن يكون ابن أقنين قد اطّلع، بل استوحى كتابه: “طبّ النّفوس” من كتاب ابن سحنون الذي عاش في القرن التّاسع، المعنون بـ”أدب المعلّمين”، وطبع بتونس سنة 1931م. وفي هذا الكتاب ذكر ابن سحنون كلّ الشّروط والقواعد التي ينبغي أن تتقيّد بها مهنة التّعليم عند المسلمين[27]. وفي كتاب “طبّ النّفوس” يرى ابن أقنين عندما كان يتحدّث عن تصوّراته المثاليّة في التّعليم، أن تدرّس الموسيقى في السّنة الثّامنة من السّنوات العشر التي تستوجبها الدّورة التّعليميّة الكاملة وفق الخطّة التي وضعها[28].
- “رسالة في ترتيب الأغذية اللّطيفة والكثيفة”.
- “انكشاف الأسرار وظهور الأنوار”: تشتمل على شرحٍ فلسفيّ لأناشيد تلموديّة، ألّفه بالمغرب.
- “شرح فصول أبقراط”.
- “رسالة في أصول الدّيانة”.
- “رسالة أنوار الأبصار وحدائق الأسرار”.
- “مقالة في معرفة كمّية المقادير.”[29]
في رسالةٍ فريدة بليغة إلى أستاذه الفيلسوف اليهوديّ موسى بن ميمون، كتب يوسف بن أقنين: «أعجبتني هذه الصّبيّة، فعقدت عليها خطبتي على الشّريعة وما أُنزل على طور سيناء، وتزوّجتها بثلاثة أشياء: بأن أعطيتها حبّي مهرًا، ومكّنتها عشقي عَقْدًا لأنّي هِمت بها، وعاملتها معاملة الزّوج عذراءه. وبعدها أحببت منها أن تتربّع على سرير الزّوجيّة، فلم آخذها إغراءً ولا رعونةً، وإنّما أعطتني حبّها لأنّي بادلتها حبًّا بحبّ وربطّت روحي بروحها، وجرى كلّ هذا أمام عدلين اثنين ذائعي الصّيت، وهما أبو عبيد الله بن ميمون، وابن رشد، ولكنّها وهي لا تزال في الحجلة تحت سلطاني، صارت غير وفيّة لي، وتحوّلت إلى عشّاقٍ آخرين»[30].
تحدّث ابن أقنين في هذه الرّسالة عن الفلسفة بتعبيرٍ بليغ، ورأى فيها محبوبته وخطيبته، بشهادة أستاذه ابن ميمون اليهوديّ وابن رشد المسلم، غير أنّ معشوقته الأبديّة لم تقابل ولهه بالمثل، فالتهمته بنهمٍ شديد.
وقد أورد إرنست رينان هذه الرّسالة في سياق حديثه عن التّأثير القويّ لفلسفة ابن رشد على أفكار وفلسفة موسى بن ميمون، والفلاسفة اليهود عمومًا. وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنّما يدلّ على مدى اهتمامه بالفلسفة الرّشديّة ومدى تأثيرها في فكره.
في تفسيره لسفر الأناشيد، يرى ابن أقنين أنّ «الشّولمية هي النّفس الفرديّة التي تحاول الاتّصال بالعقل الفعّال عن حبّ، وضرب مثلاً بما فعله النّبيّ يعقوب من مجاهدةٍ كي يصل إلى مرتبة العقل الفعّال، والتي من شروطها الابتعاد عن قيود البدن»[31].
والمقصود بمصطلح “العقل الفعّال” في الفكر الدّينيّ اليهوديّ، تلك المرتبة التي يصل إليها الإنسان وتخوّل له الوصول إلى درجة “العصمة” على غرار أنبياء بني إسرائيل، وهو ما يفسّر إتيانه بقصّة النّبيّ يعقوب كي يصف هذه المرتبة الدّينيّة. وابن أقنين في هذا السّياق يتّبع فكر ومنهج المدرسة الميمونية التي تسند هذه المرتبة العقديّة للمعونة الإلهيّة التي منحها الله للنّبيّ موسى، وبقيت مستمرّةً في نسل بني إسرائيل وسمتها “روح الله أو روح القدس”.
وهذا المسوّغ الفكريّ نجد له امتدادات في فلسفة الفارابي وإخوان الصّفا في رسائلهم، فهم يرون أنّ العقل الفعّال جوهرٌ بسيط روحانيّ تامّ كامل، ومنه فاض جوهر آخر دونه في الرّتبة وهي “النّفس الكلّية”، ومنه وجد جوهر آخر “الهيولي الأوّل” يقبل الطّول والعرض، فصار بذلك جسمًا مطلقًا[32].
وإذا ما استعرضنا تصوّر ابن ميمون في مسألة الألوهيّة، فإنّنا نجده يقارب هذا الموضوع وفق المدرسة اللاّهوتيّة التي ترى أنّ الله روح وليس جسمًا ولا شبيه له على الاطلاق[33]. وهذا القول الكلاميّ يحمل في طيّاته اعتقادات قريبة ومشابهة لما ورد في علم الكلام الإسلاميّ.
من خلال هذا العرض الموجز يتبيّن لنا كيفيّة عمل الفكر الدّينيّ اليهوديّ وطرق استمداده للعديد من الدّلالات الفلسفيّة والفكريّة من الفكر العربيّ الإسلاميّ، حيث كان ابن أقنين السّبتي أحد روافد هذا الفكر المعتدل والمنفتح على مختلف المدارس الدّينيّة غير اليهوديّة.
6- الخاتمة:
بحثا عن الذّات وبعيدًا عن المناكفات، كانت مآلات ابن أقنين، ابتداءً من مسقط رأسه وانتهاءً بمحطّات استقراره. فالقلاقل السّياسيّة والاضطرابات الاجتماعيّة كانت عوامل حاسمة في تقرير حياة الرّجل، فتأثّره بتيّار المهدويّة الذي شاع في تلك الحقبة، ثمّ بحثه فيما بعد عن ملاذٍ آمن فراراً من اللّعنات بناءً على اعتقاداته العبرانيّة، كلّها عوامل حوامل أدّت به إلى قرارات فوارق، فتدخّل السّبتيين لوقف نزيف التّشريد والإهمال الذي طال يهود سبتة آنذاك، لم يحل دون هجرة اليهود نحو الشّرق وكان من بينهم ابن أقنين، حيث أفضت به رحلته إلى رحاب القصر الظّاهريّ الذي تمتّع فيه بقدرٍ كبيرٍ من الحرّية،إذ تدرّج في سلّم الامتيازات وانتهى به المطاف إلى تكليفه بطبابة بلاط الحكّام الظّاهرين.
وقد ارتوى ابن أقنين من معين الفلسفة العربيّة الإسلاميّة، حيث شكّلت حاضنةً رفيعةً لهذه القامة السّبتيّة، بدلالة زيارته للإسكندريّة التي تمثّل مهد الفلسفة العربيّة والإسلاميّة، علاوةً على ما تكتسيه هذه الزّيارة من دلالات تأثّره بأفكار أستاذه الفيلسوف ابن ميمون، وهذا يحيلنا مباشرةً إلى المدرسة الرّشديّة والفارابيّة وتأثيرهما في الفكر الدّينيّ والفلسفيّ اليهوديّ. ممّا يجعلنا نستنتج أنّ المثاقفة الفكريّة والعلميّة تعدّ عاملاً من العوامل الجامعة بين الأديان. وعمومًا يمكن إجمال نتائج البحث في الآتي:
- تولّي المكوّنات الدّينيّة المتواجدة في مناطق نفوذ الحكم الإسلاميّ مناصب رفيعةً وهامّة في دوائر الحكم، وهذا يؤكّد أصالة هذه المكوّنات واحتضانها من قبل المجتمع الإسلاميّ.
- ازدهار وتطوّر الثّقافة اليهوديّة، من فلسفةٍ ولغةٍ وغيرها من العلوم، في ظلال الحضارة الإسلاميّة، وهذا يظهر بالملموس أنّ قيم التّسامح والتّعايش مكوّنٌ أساسيّ من مكوّنات الحضارة الإسلاميّة.
- ظاهرة التّطرّف لا علاقة لها بالأديان السّماويّة، بل هي نتيجةٌ مباشرةٌ للتّخلّي عن قيم الأديان السّامية.
- ارتباط التّطرّف بشكلٍ وثيق بخطاب المظلوميّة وسياقات المؤامرة. وهذا يعكس وجود أزمة ثقة في بعض المجتمعات، ولذلك ينبغي العمل على إعادة بناء هذه الثّقة وفقًا لتعاليم التّسامح والتّعايش التي دعت الأديان السّماويّة إلى التّحلّي بها عند التّعامل مع الآخر الدّينيّ المخالف.
- إنّ النّظر للمخالفين في العقيدة بأفقٍ استعلائيّ يدّعي الخيريّة والسّمو على الأمم والنّاس ولّد لدى هذا العقل شعورًا بفكرة الإنسان الأسمى. وقد أفضى ذلك إلى نتائج كارثيّة جعلت التّطرّف والإقصاء يسموان على سائر القيم.
- اتّضح لنا أنّ مرجعيّات التّطرّف، غير مرتبطةٍ بالمرجعيّات الفقهيّة المشهورة، فالتّطرّف مرتبطٌ بشكل وثيق بالتّنظيمات التي لها مشروعٌ سياسيّ، حيث يسمو الفهم الدّينيّ التّنظيميّ الضّيّق على باقي المفاهيم.
قائمة المصادر والمراجع:
المراجع باللّغة العربيّة:
- إسرائيل ولفنسون: موسى بن ميمون حياته ومصنّفاته، دراسة وتقديم، الحسيني معدي، كنوز للنّشر والتّوزيع، القاهرة، ط1،
- ابن أصبيعة: عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء، تحقيق ودراسة عامر النّجّار، دار المعارف، طبعة1،
- دوهيم (بيار): مصادر الفلسفة العربيّة، ترجمة أبو يعرب المرزوقي، تقديم روجي أرنالداز، مكتبة الأسد، دمشق،
- رينان (إرنست): ابن رشد والرّشديّة، ترجمة عادل زعيتر، دار إحياء الكتب العربيّة، القاهرة،
- ابن أبي زرع: الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، الرّباط، دار المنصور للطّباعة والورّاقة،
- الزّعفراني (حاييم): يهود الأندلس والمغرب، ترجمة أحمد شحلان، مطبعة النّجاح الجديدة.
- ظاظا (حسن): الفكر الدّينيّ الإسرائيليّ: أطواره ومذاهبه، معهد البحوث والدّراسات العربيّة- القاهرة،
- عبد المجيد (محمّد بحر): اليهود في الأندلس، الهيئة المصريّة العامّة للتّأليف والنّشر،
- الغرايب (الحسن): مسيحيّو المغرب الأقصى في العصر الوسيط، تقديم عبد العزيز عينوز، الرّباط، مطابع الرّباط نت، ط1،
- الغرايب (محمّد): يهود مجتمع المغرب الأقصى الوسيط من القرن 2 هـ إلى 9 هـ، أطروحة مرقونة لنيل دكتوراه الدّولة في التّاريخ الوسيط، جامعة سيدي محمّد بن عبد الله – كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة، فاس 2000-2001.
- القفطي (جمال الدّين أبو الحسن علي بن يوسف): أخبار العلماء بأخبار الحكماء، تعليق إبراهيم شمس الدّين، منشورات محمّد علي بيضون دار الكتب العلميّة- بيروت، ط1،
- كرافيوطو (إنريكي غوزالبيس): ملاحظات حول يهود سبتة، تعريب محمّد الشّريف، طبعة دار أبي رقراق، الرّباط، ط1،
- المرّاكشي (عبد الواحد): المعجب في تلخيص أخبار المغرب، ضبطه محمّد سعيد العريان ومحمّد العربي العلمي، مطبعة الاستقامة- القاهرة،
- النّاصري (أبو العبّاس أحمد بن خالد): الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق وتعليق جعفر النّاصري، محمّد النّاصري، الدّار البيضاء، دار الكتاب،
المراجع باللّغة الأجنبيّة:
- Laredo (A.I.), bereberes y hebreos en marruecos, sus orígenes según las leyendas, tradiciones y fuentes hebraicas antiguas, Madrid, 1954, P. 961.
[1]– جمال الدّين أبي الحسن علي بن يوسف القفطيّ: أخبار العلماء بأخبار الحكماء، تعليق إبراهيم شمس الدّين، منشورات محمّد علي بيضون، دار الكتب العلميّة- بيروت، ط1، 2005، ص290.
[2]– إنريكي غوزالبيس كرافيوطو: ملاحظات حول يهود سبتة، تعريب محمّد الشّريف، طبعة دار أبي رقراق-الرّباط، ط1، 2007، ص55.
[3]– إرنست رينان: ابن رشد والرّشديّة، ترجمة عادل زعيتر، طبعة دار إحياء الكتب العربيّة-القاهرة،1957، ص188.
[4]– Laredo (A.I.): bereberes y hebreos en marruecos sus orígenes según las leyendas, tradiciones y fuentes hebraicas antiguas. Madrid, 1954, p961.
[5]– إنريكي غوزالبيس كرافيوطو: ملاحظات حول تاريخ يهود سبتة، مرجع سابق، ص62-63.
[6]– المصدر نفسه، ص63.
[7]– المصدر نفسه،ص57.
[8]– المرجع نفسه، ص57.
[9]– المرجع نفسه، ص63-65.
[10]– الحسن الغرايب: مسيحيّو المغرب الأقصى في العصر الوسيط، تقديم عبد العزيز عينوز، مطابع الرّباط، ط1، 2015، ص199.
[11]– محمّد الغرايب: يهود مجتمع المغرب الأقصى الوسيط من القرن 2هـ إلى 9هـ، أطروحة مرقونة لنيل دكتوراة الدّولة في التّاريخ الوسيط، جامعة سيدي محمّد بن عبد الله – كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة، فاس، 2000-2001، ص186.
[12]– ابن أبي زرع: الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، دار المنصور للطّباعة والورّاقة، الرّباط 1972، ص251
[13]– حسن الغرايب: مسيحيّو المغرب الأقصى، مرجع سابق، ص198.
*- هو الإمام الحافظ القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسى بن عياض بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن عياض اليحصبي السّبتيّ. أجمع المترجمون للقاضي عياض على أنّ مولده كان في سنة 476 هـ، وعلى وجه التّحديد في منتصف شهر شعبان. نشأ القاضي عياض في سبتة في بيت علم وتنقّل بين شيوخ مدينته، وتتلمذ على أعلامها. وعن نشأة القاضي عياض يقول ابنه: «نشأ أبي على عفّة وصيانة مرضي الحال، محمود الأقوال والأفعال، موصوفا بالنّبل والفهم والحذق، طالبا للعلم، حريصا عليه، مجتهدا فى طلبه، معظّما عند الأشياخ من أهل العلم وكثير المجالسة لهم، والاختلاف إلى مجالسهم، إلى أن برع في زمانه، وساد جملة أقرانه وبلغ من التّفنّن في فنون العلم ما هو معلوم، فكان من حفّاظ كتاب الله مع القراءة الحسنة المستعذبة، والصّوت الجهير، والحظّ الوافر من تفسيره». للمزيد انظر، أبو العبّاس أحمد بن خالد النّاصري، الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق وتعليق، جعفر النّاصري، محمّد النّاصريّ، دار الكتاب، الدّار البيضاء، 1418هـ/ 1997م، 2/200. وانظر، الذّهبي، سير أعلام النّبلاء، تحقيق شعيب الأرنؤوط ومحمّد نعيم العرقوسي، مؤسّسة الرّسالة، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، 20/212. وانظر أيضا، التّعريف بالقاضي عياض لولده أبي عبد الله محمّد، تحقيق محمّد ابن شريفة، وزارة الأوقاف والشّؤون الإسلاميّة، مطبعة فضالة، المحمّديّة، ط2، 1402هـ/ 1982م، ص6.
[14]– عبد الواحد المرّاكشي: المعجب في تلخيص أخبار المغرب، ضبطه محمّد سعيد العريان ومحمّد العربي العلمي، مطبعة الاستقامة، القاهرة، 1949م، ص278.
[15]– قال القاضي عياض: «إدخال كافر في الملّة وإخراج مسلم عنها عظيم في الدّين، وقال غيرهما من المحقّقين: الذي يجب الاحتراز من التّكفير في أهل التّأويل، فإنّ استباحة دماء المصلّين الموحّدين خطر والخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم واحد». للمزيد انظر، القاضي أبي الفضل عياض اليحصبي: الشّفا بتعريف حقوق المصطفى، دار الفكر للطّباعة والنّشر والتّوزيع، بيروت، 1409هـ/ 1989م، 2/277.
[16]– أبو العبّاس أحمد بن خالد النّاصريّ: الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق وتعليق جعفر النّاصري، محمّد النّاصري، دار الكتاب الدّار البيضاء، 1418هـ/ 1997م، الجزء الثّاني، ص113-114.
[17]– القفطي: أخبار العلماء بأخبار الحكماء، مرجع سابق، ص290.
[18]– إنريكي غوزالبيس كرافيوطو: ملاحظات حول تاريخ يهود سبتة، مرجع سابق، ص64.
*- هو أبي عمران موسى بن ميمون عبيد الله، ويعرف عند الأوروبيّين بـ Maimondes، ويسمّيه اليهود ربينو موشيه بن ميمون، ولد في 20 مارس 1135م/ 530هـ في قرطبة، عاش متنقّلا بين مدن المغرب العربيّ وشمال إفريقيا حتّى استقرّ بمصر وتوفي بها. للمزيد انظر، دلالة الحائرين، تأليف موسى بن ميمون القرطبيّ الأندلسيّ، تحقيق حسين آتاي، مكتبة الثّقافة الدينية، 1/22.
[19]– إنريكي غوزالبيس كرافيوطو: ملاحظات حول تاريخ يهود سبتة، مرجع سابق، ص67.
[20]– القفطي: أخبار العلماء، ص291. وانظر أيضا، إنريكي غوزالبيس كرافيوطو: ملاحظات حول تاريخ يهود سبتة، مرجع سابق، ص67. وانظر أيضا، إسرائيل ولفنسون: موسى بن ميمون حياته ومصنّفاته، دراسة وتقديم الحسيني معدي، كنوز للنّشر والتّوزيع، ط1، القاهرة، 2013، ص45.
[21]– إسرائيل ولفنسون: موسى بن ميمون حياته ومصنّفاته، مرجع سابق، ص45.
[22]– إنريكي غوزالبيس كرافيوطو: ملاحظات حول تاريخ يهود سبتة، مرجع سابق، ص67.
[23]– ابن أصبيعة: عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء، تحقيق ودراسة عامر النّجّار، دار المعارف، ط1، 1996م، الجزء الثّاني، ص213.
[24]– إسرائيل ولفنسون: موسى بن ميمون حياته ومصنّفاته، مرجع سابق، ص46. انظر أيضا: محمّد بحر عبد المجيد: اليهود في الأندلس، الهيئة المصريّة العامّة للتّأليف والنّشر، 1970م، ص89.
[25]– القفطي: أخبار العلماء، ص291.
[26]– إسرائيل ولفنسون: موسى بن ميمون حياته ومصنّفاته، مرجع سابق، ص47.
[27]– حاييم الزّعفراني: يهود الأندلس والمغرب، ترجمة أحمد شحلان، مطبعة النّجاح الجديدة، ج1، ص118.
[28]– المرجع نفسه، ص188.
[29]– إسرائيل ولفنسون: موسى بن ميمون حياته ومصنّفاته، مرجع سابق، ص47. انظر أيضا، حاييم الزّعفراني: يهود الأندلس والمغرب، مرجع سابق، ص65.
[30]– إرنست رينان: ابن الرّشد والرّشديّة، مرجع سابق، ص188.
[31]– المرجع نفسه،ص189
[32]– بيار دوهيم: مصادر الفلسفة العربيّة، ترجمة أبو يعرب المرزوقي، تقديم روجي أرنالداز، مكتبة الأسد، دمشق، 2005، ص204-205.
[33]– حسن ظاظا: الفكر الدّينيّ الإسرائيليّ: أطواره ومذاهبه، معهد البحوث والدّراسات العربيّة، القاهرة 1971، ص158.