“الأنثى سرّ الوجود في أعظم تدفّقاته الجمالية، وفنّ العطاء في أروع تجلياته الروحية، إنها الحنان المتدفِّق في الكون في أرقى دلالاته الإعجازية، إنها الوطن الذي ترعرعنا فيه ومنه ترجَّلنا إلى الوجود، وهل هناك أعظم من خلق المرأة المضمَّخ بكل معاني العطاء والسمو والنقاء، إنها عبق الوجود المتدفِّق بأريج المعاني وعبق الدلالات، نعم هي هبة الله للإنسان والإنسانية، بل هي آية استثنائية من آيات خلقه العظيم في الكون”. (وطفة).
مقدِّمة:
تعيش المرأة العربية حالة اغتراب وجودي يتَّسم بطابع العمق والشمول، ويأخذ هذا الاغتراب أنماطا استلابية متعددة في مختلف تجلياته الاجتماعية ويرتسم في صورة إكراهات رمزية تتصف بطابع الديمومة والاستمرار.
فعلى الرغم من التقدم الكبير في تعليم المرأة ووصولها إلى مواقع متقدمة في العمل وإدارة المجتمع، فإن ذلك لا يعبر في جوهره عن تحرر حقيقي لأن المرأة العربية ما زالت سجينة منظومات مغلقة من القيم والعقليات والذهنيات والعادات والتقاليد والفتاوى والممارسات التي تضعها في أقفاص القهر والعبودية.
إن وصول طليعة من النساء إلى قبة البرلمان وإلى حقائب وزارية وإلى مقاعد الجامعة لا يعني أن المرأة قد حققت تقدمها الإنساني وأنها أصبحت على قدم المساواة مع الرجل. فالتحليل السوسيولوجي لأوضاع المرأة يؤكد وبصورة مستمرة استمرار العقليات القديمة في التعامل الاستلابي مع المرأة.
في دائرة هذا التحليل نستطيع أن نقول بأن تعليم المرأة – وهو أفضل ما حققته المرأة في الخليج – يشكل أحد مداخل قهرها الجديد، فالتعليم الذي يطلب للمرأة اليوم لم يكن يوما مؤشرا حقيقيا على تحررها أو رغبة في ذلك، فتعليم المرأة ما زال في نظر المجتمع صورة تجميلية للمرأة، وهو لا يعدو أن يكون أكثر من حليّة توضع على صدر المرأة ليزيد من قيمتها في سوق الزواج والعمل، ولا يعدو أن يجعلها أكثر من زوجة طيّعة يسهل استغلالها ماديا من قبل ذويها وزوجها في أغلب الحالات التي نشاهدها على امتداد الساحة الاجتماعية . وبعبارة أخرى يأخذ تعليم المرأة من حيث الشكل طابعا تحرريا ولكنه من حيث المضمون والشكل يأخذ طابع استغلال جديد لعمل المرأة وطاقاتها بوصفها قوة منتجة توضع تحت سيطرة أسيادها الجدد في عصر العولمة والميديا.
وإذا كان كثير من الباحثين يراهن على تحرر المرأة من خلال التعليم فيجب علينا أن ندرك أن التعليم الذي تتلقاه المرأة والرجل في آن واحد تعليم لا يحرر المرأة ذهنيا أو عقليا حيث تميل المناهج التربوية في مضامينها إلى تكريس الوضعية الدونية للمرأة بوصفها تابعة للرجل وخاضعة له في الآن الواحد. وهذا الأمر ينسحب على عملها حيث تستغل طاقتها الانتاجية لتصب في جيوب الزوج والآباء والأخوة.
وتأسيسا على وقائع الحياة ومعالمها يتضح بالتحليل السوسيولوجي أن عمل المرأة وتعليمها لم يساهما في تحريرها أو تقدمها أو تغير عقليتها أو استقلالها بل زاداها انخراطا في مجتمع أبوي ذكوري يقوم على استغلال المرأة واستعبادها أختا وأما وزوجة وعمة وخالة.
من يستطيع أن يقول لنا اليوم بأن عقلية الرجال قد تغيرت جوهريا نحو المرأة؟ ومن يستطيع القول بأن القيم المتصلة بالمرأة قد تغيرت أيضا؟ فالمرأة ما زالت تأخذ صورة سلبية في تصوراتنا السائدة وما زالت تشكل كيانا ثانويا بمقاييس المجتمع الذكوري الذي أحكم قياد المرأة والسيطرة عليها بكل المقاييس والمعايير والوسائل والأسباب.
من يستطيع أن يقول لنا اليوم بأن عقلية الرجال قد تغيرت جوهريا نحو المرأة؟ ومن يستطيع القول بأن القيم المتصلة بالمرأة قد تغيرت أيضا؟ فالمرأة ما زالت تأخذ صورة سلبية في تصوراتنا السائدة وما زالت تشكل كيانا ثانويا بمقاييس المجتمع الذكوري الذي أحكم قياد المرأة والسيطرة عليها بكل المقاييس والمعايير والوسائل والأسباب.
شواخص القهر النسوي:
تبين الدراسات السوسيولوجية الجارية في العالم العربي بأن المرأة العربية تعاني ثلاثة منظومات من القهر والاستلاب وهي: الاستلاب الجنسي، والاستلاب الاقتصادي والاستلاب العقائدي. فالمرأة كما ينظر الرجل إليها مجرد كيان جسدي يلبي رغابات الرجل الجسدية، وهي طاقة عمل يمكن استغلالها في المنول وفي سوق العمل، ثم تحاصر في دائرة سوداء من الرؤى العقائدية الاستلابية التي تضعها في مراتب اجتماعية هامشية.
يصف الشيخ الدكتور عائض القرني أوضاع القهر الذي تعانيه المرأة الخليجية اقتصاديا وصفا بارعا ويقدمه في صورة تراجيدية إذ يقول ” ظلمت المرأة عند الجهلة في مالها ثلاث مرات: مرة قبل زواجها يوم كان أبوها الجافي وأخوها القاطع يحاسبانها في آخر كل شهر على راتبها ويقتران عليها بالنفقة ؛ وظلمت مرةً ثانية من زوج بخيل شحيح تسلط على مالها وحرمها حرية التصرف في ما تملكه فصارت تنفق عليه وهو يقابلها بالفظاظة والغلظة وصنوف الإيذاء، وظلمت مرة ثالثة لما طلقت فمنعت من أبسط حقوقها المالية فخسرت المال والزوج والأطفال والبيت والحياة الأسرية “.
ويصف استلاب المرأة عقائديا بقوله ” والمرأة مظلومة عند الكثير من القساة الجفاة الجهلة بالشريعة فإن تأخر زواجها لسبب من الأسباب الخارجة عن إرادتها، قالوا: عانس حائرة بائرة ولو أن فيها خيرا لتزوجت، وإن طُلقت قالوا: لو أن عندها بعد نظر وحسن تبعُّل وجميل خُلق لما فارقها زوجها، وإن رُزقت كثيراً من الأبناء والبنات قالوا: ملأت البيت بالعيال وأشغلت الزوج بالأطفال، وإن لم ترزق ذرية بأقدار إلهية قالوا: هذه امرأة عقيم لا يمسكها إلا لئيم والبقاء معها رأي سقيم، وإن تركت مواصلة التعليم وجلست في بيتها تشرف على أولادها قالوا: ناقصة المعرفة، ضحلة الثقافة، رفيقة جهل، وإن واصلت التعليم وازدادت من المعرفة قالوا: أهملت البيت، وضيعت الأسرة، وتجاهلت حقوق زوجها وإن لم يكن عندها مال قالوا: حسيرة كسيرة فقيرة أشغلت زوجها بالطلبات وكثرة النفقات، وإن كان عندها مال وأرادت التجارة والبيع والشراء قالوا: تاجرة سافرة مرتحلة مسافرة، لا يقر لها قرار ولا تمكث في الدار، عقت الأنوثة وتنكرت للأمومة
وإن طالبت بحقوقها عند زوجها وأهلها قالوا: لو أن عندها ذوقا وحسن تصرف لنجحت في حياتها الزوجية ولكنها حمقاء خرقاء، وإن سكتت فصبرت على الظلم ورضيت بالضيم قالوا: جبانة رعديدة، لا همة لديها، ولا حيلة في يديها، وإذا ذهبت إلى القاضي ورفعت أمرها للحاكم قالوا: هل يعقل أن امرأة شريفة عفيفة تنشر أسرارها عند القضاة وتشكو زوجها وذويها عند المحاكم؟
ويتابع القرني وصفه لأوضاع المرأة: وإنما يحصل هذا الظلم والإقصاء والتهميش للمرأة في المجتمعات الجاهلة الغبية، فهي عندهم من سقط المتاع، ومن أثاث البيت تُورث كما تورث الدابة، ويُنظر إليها على أنها ناقصة الأهلية، قليلة الحيلة ضعيفة التكوين، تحتاج إلى تدبير وتقويم وتوجيه وتهذيب وتعزير، بل بعض المتخلفين الحمقى لا يذكرها باسمها في المجالس بل يعرض ويلمح ويقول: مثلا: (الأهل)، (والحرمة)، (المرأة أكرمكم الله) و (راعية البيت)، لئلا يفتضح بذكر اسمها.
وعندما نتأمل في وصف القرني كقرينة للمجتمع الجاهل فإن أوضاع المرأة في الخليج العربي (والوطن العربي بالمطلق أيضا) وضعية مجتمعات جاهلة غبية مستلبة بعيدة عن كل مؤشرات الحضارة الإنسانية.
ولا تكتمل صورة المرأة الاستلابية إلا بالطابع الرمزي والوصف المذهل الذي تقدمه الكاتبة السعودية سوزان المشهدي التي تصف لنا الطابع الرمزي للاستلاب النسوي حيث تقول في وصف الوضع الاستلابي للمرأة في الخليج عبر المقارنة بين أوضاع الرجل والمرأة: ” أنت منذ الصغر تتباهى بملابسك البيضاء، المكوية بعناية شديدة و بالغترة البيضاء الغارقة في ‘النشاء’ و التي تعطيك إطلالة جميلة و هيبة تدل على الترتيب و التأنق، و تبعد عنك حرارة الشمس الحارقة. أنا من الصغر و في سن الشقاوة و اللعب ‘أتكعبل’ بالعباءة السوداء التي تجذب أشعة الشمس، و التي في أحيان كثيرة تجعلني أصل لدرجة الغليان… أنت الحلم الأول لكل أب حتى يتباهى بك بين أسرته و أصدقائه وأنا الحلم الثاني.. أنت حب الأم الأول، لأن تشريفك قد يلغي زواج والدك الثاني بحثاً عنك، و أنت سبب التباهي ‘بأم الذكور’ و أنا سبب نكد الأم، لأن تشريفي قد يؤدي إلى زواج الأب بحثاً عنك، و أنا سبب معايرة أمي ‘بأم البنات’
.. أنت تسمع اسمك كل يوم في زهو حين يكنون والديك ‘أبو فلان’ و ‘أم فلان’ و أنا محرومة من سماع اسمي و كأنني غير موجودة أصلاً، و إذا تساهل الأب و سمح للجميع بتسميته بأبي فلانة فسرعان ما يختفي اسمي عند تشريفك !أنت تتزوج ممن ترغب، و في أي وقت تعدد، و أبناؤك يحصلون ‘اوتوماتيكياً’ على الجنسية التي تخصك، و حتى زوجتك إذا كانت غير سعودية، و أنا لا أتزوج في أي وقت أرغب فيه بالزواج، فأمري كله بيد وليي ‘ أب – أخ – عم – جد’.
أما عن الاختيار فلا مجال ‘نوع من الكماليات لا أحلم به حالياًأنا إذا ما سمح لي لكبر سني مثلا بالزواج من غير سعودي فلا يحصل زوجي و لا أبنائي على جنسيتي إلا بعد مرمطة، و إذا قدر الحصول عليها فابني الذكر يحصل عليها عند سن الـ 18، أما ابنتي الأنثى فتحصل عليها عند بلوغ الـ35 سنة و بشروط مغلظة ! و كأنه عقاب مجتمعي و جماعي ضد إبنائي أيضا على زواجي من غير سعودي! أنت لك الحق في التطليق متى شئت من دون محاسبة و أحياناً تختفي من دون تطليق و من دون احترام لحياة إنسانة مصيرها متعلق بيدك بعد الله، بينما لا يحق لي طلب الطلاق، و إذا ما تجرأت لسبب أو لآخر فأعرف مسبقاً أن سنوات عمري ستنقضي دون الحصول عليه، لأنك لا تحضر الجلسة!و لأنني مطالبة بإثبات الضرر ‘الذي يكون غالباً داخل الجدران الأربعة و يصعب إثباته’! و علي أن أخلعك و أعوضك حتى لو كنت مدمناً أو فاسقاً أو مزواجاً!أنت تستطيع النزول في أي فندق و في أي وقت حتى لو كنت تقيم علاقة غير شرعية ‘مستغلاً إسمي المدون في كرت العائلة’ و أنا لأنني ‘أسود’ متهمة دائما، لا يحق لي النزول في فندق في المدينة أو في مكة حتى لو في رحلة سياحية دينية سوى بخطاب من ولي أمري أو من الشرطة!أنت تستطيع أن تكتتب بأسماء أولادك و من دون استئذانهم، و أنا غير مسموح لي بذلك إلا بموافقة والدهم.. أنت ‘ابيض’ ديتك كاملة، و أنا ‘أسود’ نصف ديتك! أنت تستطيع أن تتزوج بعد وفاتي مباشرة و بترغيب من المجتمع ‘جدد الله فراشك’. ما تقدم دعوة مناسبة لك و أنت تستقبل العزاء في!أنا لأنني ‘أسود’ أتهم بقلة الأصل لو فكرت مجرد تفكير في الزواج بعد انتهاء العدة! هذا غير احتقار و كره الأولاد لي ‘لاعتقادهم أن هذا الزواج خيانة لذكرى والدهم’.ما تقدم هو ‘غيض من فيض’ و هو بالطبع بعيد كل البعد عن الآيات الكريمة التي لم تحتو على كلمة التفضيل (ثم)، بل (و) المساواة، ‘إن المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات و القانتين و القانتات’ الآية ألا يحتاج ولي الأمر إلى إعادة بناء لهذه الثقافة الذكورية التي شملت كل الجوانب و أثرت تأثيراً سلبياً في طريقة تربيتنا و حتى على سمعتنا كمسلمين؟ حتى نوعي الأجيال القادمة أن أبيض = أسود، ليس بحكم العادات و التقاليد، و إنما بحكم الله الواحد الأحد إلى متى تضيقون الفسيح بحجج واهية ؟؟؟
شواخص استلابية:
ما زالت المرأة تعاني من شواخص استلابية تتمثل في شروط الزواج والطلاق والترمل والعنوسة والملكية والعمل والدور السياسي والدور السياسي. فالنظام الاجتماعي واللوائح القانوية والأعراف والتقاليد تقف بقوة ضد المرأة وتحرمها من إنسانيتها وكرامتها.
أشار أحد تقارير قسم التقرير الاستراتيجي الخليجي في | 21 – فبراير – 2005 بعنوان “إشكالية المرأة الخليجية بين مطالب الداخل وضغوط الخارج ” ” أن مؤسسة الزواج في الخليج العربي ما زالت تسيطر عليها مفاهيم ما قبل الحقبة النفطية، مثل سيادة زواج الأقارب “زواج التحيير” وعدم مراعاة التوافق الاجتماعي بين الطرفين، والاكتفاء بالتوافق القبلي، وعدم أخذ موافقة الفتاة على الزواج، إلى غير ذلك من المفاهيم التي هي في حاجة إلى تطوير في مضمونها لتتلاءم مع القيم الإنسانية والظروف المجتمعية الجديدة.
وأشار التقرير إلى ظاهرة أخرى وهي ظاهرة العنوسة أخذت تطل برأسها مع التغيرات الاقتصادية منذ اكتشاف النفط، وازدادت حدتها مؤخراً في ظل الانتعاش وتبني القيم الاستهلاكية، وواجه الشباب صعوبات متعلقة بتوفير السكن ومتطلبات الزواج الأخرى، وهو ما دفع بالكثيرين إلى العزوف عن الزواج تماماً أو الزواج بأجنبيات، وهو اتجاه لم يعد قاصراً على الرجل؛ فهناك إقبال متزايد من المرأة الخليجية على الزواج من شباب الدول العربية المجاورة، في محاولة للفرار من شبح العنوسة.
وفي محاولة للحد من التأثيرات القيمية والاجتماعية الناتجة عن تأخر سن الزواج، ولمواجهة خطر العنوسة؛ حاولت الحكومات إيجاد آليات لتسهيل الزواج بإنشاء جمعيات للزواج تساعد الشباب مادياً، وتقديم قروض تعرف باسم قروض الزواج، وتنظيم حفلات الزواج الجماعية، ومحاولة التدخل للحد من ارتفاع المهور، ووصل الأمر إلى حد تدخل الحكومة الكويتية لوضع حد قانوني للمهور.
أما في الإمارات فهي في طريقها الآن لإصدار قانون لحصار ظاهرة الزواج من أجنبيات، بحيث يتحتم حصول موافقة وزير الداخلية لإتمام الزواج. أما المخالفين للقانون فسيتعرضون لعقوبات تصل إلى حد الفصل من الوظيفة الحكومية، وعلى الرغم من كل هذه الإجراءات فإنَّ الظاهرة في تصاعد مستمر، ولا يتوقع انحسارها قريباً، بل ربما سوف تتفاقم حدتها إذا أفلحت الجمعيات النسوية والضغوط الأجنبية في تعديل قوانين الأحوال الشخصية وفرض قيود على تعدد الزوجات.
في محاولة للحد من التأثيرات القيمية والاجتماعية الناتجة عن تأخر سن الزواج، ولمواجهة خطر العنوسة؛ حاولت الحكومات إيجاد آليات لتسهيل الزواج بإنشاء جمعيات للزواج تساعد الشباب مادياً، وتقديم قروض تعرف باسم قروض الزواج، وتنظيم حفلات الزواج الجماعية، ومحاولة التدخل للحد من ارتفاع المهور، ووصل الأمر إلى حد تدخل الحكومة الكويتية لوضع حد قانوني للمهور.
العنف الرمزي:
تتعرض المرأة لكل أشكال العنف الجسدي والنفسي والأخلاقي والإنساني وقد يكون العنف الرمزي أكثر أشكال العنف خطورة وضررا. يعرف بيير بورديو “العنف الرمزي” في كتابه عن “الهيمنة الذكورية”، بأنه “عنف هادئ لامرئي لا محسوس حتى بالنسبة الى ضحاياه”، ويتمثل في ان تشترك الضحية وجلادها في التصورات الاستلابية نفسها عن العالم وأن يؤمنا معا بكل المقولات والمفاهيم والتصورات التي تضع المرأة في أقفاص الاستلاب. ونحن عندما نتأمل في الأفكار الاستلابية ضد المرأة نجدها خرقاء عمياء جوفاء في جوهرها ومضمونها حيث لا تؤيدها الحجج العقلية ولا يرأبها المنطق الذكي. فالعنف الرمزي اشد انواع العنف الاستلابي الموجه ضد المرأة خطورة وفتكا وهو نوع من العنف الثقافي الذي تشكل عبر مئات السنين من تاريخ الإنسانية .
وفي مجتمعاتنا العربية تشكل المرأة موضوعا للعنف الرمزي في الممارسات الثقافية والتربوية السائدة في حياتنا الاجتماعية، ويتميز هذا العنف بقدرته الهائلة على التخفي وراء الرموز والدلالات والمعاني كما يتميز بقدرته على التغلغل العفوي في الوعي على صورة عدوانية مضمرة ضد المرأة وموقف مضاد لها في الجوهر والمضمون. ويتجلى العنف الرمزي ضد المرأة في نسق من متدفق الإشارات والدلالات والرموز السلبية التي تستلب المرأة إنسانيا وتحاصرها دون أن تأخذ هذه المعاني والرموز صورة جارفة واضحة صريحة بشحنتها العدوانية التي تضع المرأة قي قفص الاتهام الرمزي.
ويتمثل هذا النسق الرمزي بفيض لا حدود له من الصفات والسمات السلبية التي تأخذ المرأة إلى مرابض التوحش والجريمة والغواية والضعة تحت عنوان الطبيعة الشريرة للمرأة. فالمرأة وفقا لهذا النسق تتصف بالخبث والكذب والسحر والفتنة والعار والغطرسة والخفة وضعف العقل والخيلاء والغواية والشيطنة حيث هي باختصار مصدر كل شر وفساد وبلية وشكوى تحلّ بالإنسان بالمجتمع.
يتميز العنف الرمزي في ثقافتنا بقدرته على التخفي والانسياب في العقل دون أن يشعر صاحبه بهذه القوة التي ترغمه أو تخضعه أو تستلبه. فهو أشبه بالتيارات البحرية التي تأخذك إلى أعماق البحار وانت تعتقد أنك ما زلت في المكان الذي كنت فيه لم تتحرك. فالعنف الرمزي قوة تتغلغل فينا وتبرمجنا بصورة لاواعية فتجعلنا وكأننا نخضع لأنفسنا وليس لقوة خارجية اخترقت جدار وعينا واستقرت في عقولنا الباطنية. باختصار إننا نستبطن رموز هذا العنف بطريقة تبدوا لنا وكأنها قيما كبرى يجب أن نتبناها وندافع عنها، وخير مثال على ذلك دفاع العبد عن سيده والضحية عن مفترسها والمرأة عن الرجل الذي يمتهن كرامتها لأن العنف أخذ طابعا رمزيا فتغلغل في أعماقنا واستقر في عقلنا الباطن فأخذ يبرمجنا من الداخل من العمق وإن كان في الجوهر نابعا من مصادر خارجية. باختصار إنه أشبه بالأفيون الذي يسيطر على ضحاياه ويدمرهم من الداخل دون يشعروا به، وصاحب العنف الرمزي أي من يروج له ويصنعه أشبه بمروج المخدرات الذي ما أن يدفع ضحاياه لتذوقه حتى يصبح قوة داخلية تسيطر عليهم وتدمرهم إلى حين.
والمرأة من أكثر الفئات الاجتماعية تأثرا بالعنف الرمزي الذي تتشبع برموزه وسمومه في مراحل طفولتها ونشأتها وشبابها حتى تصبح أكثر الفئات الاجتماعية إحساسا بالدونية واقتناعا بها فهي أكثر من يؤمن بطبيعتها الشريرة المزعومة وأكثر إيمانا بأنها دون الرجل واكثر اندفاعا في مهاجمة حقوقها ومهاجمة الرجل الذي يدعو إلى تحريرها.
وهذه التصورات ليست حكرا على عالم الرجال بل تحتل مكانها في عقل المرأة ووعيها وهذا يمثل قمة الاغتراب وغابة الاستلاب الإنساني. فالمرأة بذاتها تدرك هذه التصورات وتتمثلها في كثير من الأوقات حتى أنها تجد مبررا لخطاياها وعيوبها تحت عنوان ضعف المراة وغوايتها وقابليتها للإغواء.
فالمرأة تخضع لنوع من الاستلاب الرمزي الذي يفرغها من مضمونها الإنساني ويحرمها من امتيازاتها الأخلاقية والاجتماعية، فكيف يحدب هذا ما الأواليات التي تجعل المرأة خاضعة ومستكينة لأوضاعها الدونية دون رفض أو معاندة أو مقاومة؟ كيف يفعل العنف الرمزي فعله عبر العملية التربوية؟ وكيف تتمثل المرأة وغيرها الرموز التي تضفي على دونيتها طابعا شرعيا؟ وبعبارة أخرى كيف تتمثل المرأة أيديلوجيا عبوديتها الاجتماعية عبر نسق من المفاهيم والمقولات التي تستلبها على مرّ الزمن بأدوات تربوية تغذي رموز الدونية والعبودية النسوية؟
هذه هي الأسئلة التي نطرحها ونجيب عنها في هذه المقالة ىالمتواضعة.
المرأة من أكثر الفئات الاجتماعية تأثرا بالعنف الرمزي الذي تتشبع برموزه وسمومه في مراحل طفولتها ونشأتها وشبابها حتى تصبح أكثر الفئات الاجتماعية إحساسا بالدونية واقتناعا بها فهي أكثر من يؤمن بطبيعتها الشريرة المزعومة وأكثر إيمانا بأنها دون الرجل واكثر اندفاعا في مهاجمة حقوقها ومهاجمة الرجل الذي يدعو إلى تحريرها.
اللون الأسود نموذجا للعنف الرمزي لدى المرأة:
تتعدد صيغ الاستلاب الرمزي واشكاله وموضوعاته وهي تشمل طبيعة المرأة وقناعاتها ووظائفها ودورها الإنساني ومكانتها في المجتمع حيث نجد أنساقا متكاملة من الفعاليات والتصورات الرمزية التي تستلب المرأة من حيث نظرتها إلى ذاتها ونظرة المجتمع إليها، ونحن في هذا السياق سنقدم نموذجا رمزيا استلابيا يتعلق باللون الأسود.
فمن المعروف أن لباس المرأة العربية ولاسيما في الخليج غالبا ما يكون باللون الأسود بينما الرجل يرتدي اللباس الأبيض ولا سيما في فصل الصيف. وهذه الظاهرة تلفت الانتباه من حيث طبيعتها الرمزية. والسؤال هو لماذا ترتدي النساء اللون الأسود في الصيف علما بأن هذا اللون يمتص الحرارة كثيرا ويرفع درجة حرارة الجسد في بلاد شديدة الحرارة أصلا؟
وليس أبدا شيئ صعب أن نقول بأن التقاليد هي التي تفرض ذلك، ولكن يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن التقاليد لم تكن اعتباطية يوما ما، بل هي مكثفة رمزية، ومن أجرى هذا التقليد في الأصل كان يتوخى أمورا تتعلق بموقفه من المرأة ودونيتها. فالتقاليد تقوم على أساس وظائفي واساس رمزي. والسؤال هنا لماذا تتحيز التقاليد للرجل وتظلم المرأة فتعطي الرجل فرصة ارتداء الأبيض الذي يقيه شر الحر بينما يفرض على المرأة اللون السود الذي يلهب الجسد بحرارته في فصل الصيف.
ومن أجل استكشاف البعد الرمزي لهذه المسألة كان علينا أن نلجأ إلى محاورة الطالبات الجامعيات في هذا الأمر عبر نسق من التساؤلات المنهجية التي نحاول عبرها الكشف عن البعد الرمزي للون اللباس لدى المرأة.
ومن أجل هذه الغاية قمنا بطرح أسئلة ممنهجة تتعلق بالألوان على أربعة مجموعات طلابية مختلفة في شعب متفرقة وعلى فترة زمنية متفاوتة.
في المجموعة الأولى، سألنا الطالبات: أي الألوان هي الأفضل؟ فتنوعت الإجابات بتنوع بتنوع الألوان ولكن اللون الأسود كان نادرا ما يرتسم في سلم أفضلية الألوان لدى الطالبات.
وفي المجموعة الثانية، طرحنا سؤالين مترابطين جوهريا فكان الأول: إلى ما يرمز اللون الأسود؟ فكانت الإجابات دائما: الحزن والموت والجهل. وكان الثاني: إلى ما يرمز اللون الأبيض؟ فكانت الأجابة الطهارة النقاء النور الجمال البراءة.
وفي المجموعة الثالثة، كان سؤالنا: لماذا ترتدينن ثيايا سوداء؟ وسرعان ما كانت الإجابة في هذا المقام بأن اللون الأسود هو سيد الألوان وحاكمها، أنه اللون الرسمي، إنه لون المهابة، بل هو لون الوقار والحشمة.
وبعد ذلك قمنا بطرح هذه الأسئلة الأربعة جميعها بالتسلسل على فرقة أخيرة من الطالبات. حيث بدأنا بالسؤال حزل: ما لونكن المفضل؟ ثم إلى ما يرمز اللون الأسود؟ وبعد أن حصلت على الإجابات التقليدية المعروفة التي ترفض اللون الأسود، سألنا الطالبات السؤال التالي: لماذا إذن ترتدينن اللون الأسود؟ وهنا كانت الصدمة والارتباك حيث اصيبت الطالبات بحالة من الدهشة أو الصدمة إذ أعلنَّ للتو رفضهن لهذا اللون ونعتنه برمزية الحزن والجهل، وهن الآن في مواجهة حقيقة مع سؤال لم يخطر لهن ربما على بال: لماذا يرتدين اللون الأسود مع أنهن لا يفضلنه ويرين فيه رمزا للحزن والبؤس والظلام. وبعد برهة تتعالى الإجابات بأن اللون السود هو سيد الألوان، وبعد الإقرار بأن اللون الأسود هو سيد الألوان ولون الحشمة، وجهت للطالبات سؤالا جيدا نصه: إذا كان اللون الأسود هو سيد الألوان لماذا إذن لا يرتديه الرجال؟ ولماذا، على خلاف ذلك، يرتدون الثياب البيضاء الناصعة؟ ومن جديد تقع الطالبات في مزيد من الحيرة والارتباك، ويشكل عليهن الأمر، وتسيطر حالة من الوجوم تنظر فيها الطابات بعضهن إلى بعض وترتسم على وجوههن ابتسامات حائرة.
ثم وجهنا سؤالا أخيرا: نحن في بلاد حارة واللون السود يجلب الحرارة ويلهب الجسد فلماذا لا تختار المرأة لونا آخر يكفيها شر الحرارة الشديدة في بلادنا؟ فكان الوجوم أخطر وأكبر؟
لقد أعلنت الطالبات أنهن يرتدين الأسود بوحي من العادات والتقاليد، ولم يخطر لهن طرح هذه السؤال على أنفسهن من قبل. وأعلنت أغلبيتهن أنهن لا يعرفن سببا موضوعيا وجيها أو شرعيا يوجب ارتداء الأزياء السوداء في أرض صحراوية حارة، وأنهن أيضا لا يعرفن لماذا يختص الرجال باللون الأبيض بينما تختص النساء باللون الأسود وكانت الإجابة المختصرة هي عاداتنا وتقاليدنا ويجب أن نحترمها ونلتزم بها.
والسؤال الذي نطرحه هنا: هل من قبيل المصادفة ولد هذا التصنيف في اللون ما بين ملابس الرجال وملابس النساء؟ وهل هناك من مبررات شرعية مشروعة أوموضوعية تبرر هذا التصنيف؟ لماذا ترتدي النساء اللون السود مع انه ليس من الألوان المفضلة لديهن كما أنه يحمل طابعا رمزيا سلبيا؟
لا يوجد أمامنا سوى افتراض واحد: إن تخصيص المرأة باللون الأسود يمثل شكلا من أشكال الاستلاب الرمزي بما يتطلبه هذا الاستلاب من عنف رمزي يُمارس على المرأة لفرض دونيتها في السلم الاجتماعي في مجتمع ذكوري، أي في مجتمع يهيمن فيه الذكور. ووفقا لهذا التصور فإن اللون الأسود يلعب طابع الترويض الرمزي للمرأة دون أن تدري بأبعاد هذا الترويض حيث أصبح هذا اللون بوصفه لونا تفرضه العادات والتقاليد متأصلا في الوعي ولكنه في كل الأحوال تقليد مضاد للمرأة يصنفها أدنى من الرجل: الأبيض للرجل أما الأسود للمرأة، الحرارة للمرأة أما البرودة للرجل، النور للرجل والظلام للمرأة، الطهارة للرجل بينما السواد للمرأة. طبعا هنا نستطيع أن نجد في الروابط ما بين اللون الأسود واللباس ما بين الرجل والمرأة نسقا من الرموز التي تجعل من المرأة أدنى من الرجل وهنا تتم الوظيفة الاستلابية للون الأسود والوظيفة الإنسانية للون الأبيض.
التربية والاستلاب الرمزي:
تشكل التربية أهم عوامل الاستلاب الرمزي للمرأة وقد كتبت في ذلك دراسات كثيرة. فالمدرسة كالتلفزيون تعمل على تأصيل الفروق والتباين بين الجنسين وعلى استلاب الأنوثة والإعلاء من شأن الذكورة. فالمدرسة تعمل وبصورة مستمرة على تكريس مفهوم العلاقة التقليدية التي تفرض نفسها بين الرجل والمرأة كالعلاقة بين السيد والمسود في عقول الأطفال وفي أذهانهم. فأغلب النصوص المدرسية تعمل على تقديم المرأة في صورتها التقليدية كأم وزوجة وطباخة وخياطة وحطّابة وخدامة. حتى عندما يراد للمرأة أن تقدم بصورة فعالة وإيجابية فإن المدرسة تضعها في صورتها المعيارية بوصفها ممرضة أو معلمة وسكرتيرة ومضيفة وهذا يعني أنها ما زالت تحاصر في أدوارها التقليدية حتى مع مطلع الألفية الجديدة.
العنف الرمزي في الكتب المدرسية:
تتمثل خطورة عملية بث العنف الرمزي عبر الكتب المدرسية في مستويين أساسيين، في البداية فإن عملية بث هذا العنف وتأصيله تتم في المراحل العمرية التي يكون فيها الأطفال في قمة قدرتهم على استبطان المعلومات وتمثل القيم، فالأطفال في عمر المدرسة يتشبعون بسرعة وعمق بكل ما يُقدم إليهم من معلومات وما يُبشر به من قيم ورموز. وفي المستوى الآخر يقتضي التنويه إلى أن الكتب المدرسية تطبع بآلاف النسخ وتوزع على شرائح واسعة وعريضة من التلاميذ في مختلف المؤسسات المدرسية وهذا يغطي شرائح واسعة أيضا من هؤلاء الذين يستهلكون هذه الكتب تحت عنوان التربية غير النظامية. وهذا يعني بأن الكتاب المدرسي يلعب دورا محوريا وأساسيا وقد يكون أحيانا الصلة الوحيدة بين المعلمين والتلاميذ. ومن الواضح أن هذه الكتب تفيض بالإشارات والرموز والصور التي تعزز مبدأ الفروق والتمييز بين الجنسين.
ويبدو أن مصممي الكتب المدرسية كانوا حريصين على تأكيد العنف الرمزي ضد المرأة منذ البداية حتى النهاية على مدار الحياة المدرسية برمتها. ويبدو هذا الحرص على تضمين العنف الرمزي في كتب المدارس العامة أكثر قوة وحضورا، حيث نجد صورة مشوهة للمرأة سيتمثلها الأطفال من الجنسين على أنها حقائق أبدية، ووفقا لهذه الصورة فإن الذكور يمتلكون وضعية الهيمنة والإناث وضعية الخضوع والدونية.
يبدو أن مصممي الكتب المدرسية كانوا حريصين على تأكيد العنف الرمزي ضد المرأة منذ البداية حتى النهاية على مدار الحياة المدرسية برمتها. ويبدو هذا الحرص على تضمين العنف الرمزي في كتب المدارس العامة أكثر قوة وحضورا، حيث نجد صورة مشوهة للمرأة سيتمثلها الأطفال من الجنسين على أنها حقائق أبدية، ووفقا لهذه الصورة فإن الذكور يمتلكون وضعية الهيمنة والإناث وضعية الخضوع والدونية.
إذا كانت المرأة لا تطبخ فهي تنسج:
منذ بداية الحياة المدرسية في السادسة أو السابعة من العمر يشعر الطفل بالفروق بين الجنسين عبر المعرفة المدرسية والممارسات التربوية. فالأم في كتب اللغة العربية غالبا ما تقدم على حضورها المستمر في المنزل لتقوم بأعمال المنزل، وبالتالي فإن البنات يساعدن الأمهات في أعمال المنزل وتدبيره. ويلي ذلك أن أغلب التمارين التي تطلب من التلميذ أن يصف عمل الأم والأب. فعلى سبيل المثال يسأل الطفل: ماذا تفعل الأم في المنزل والإجابة غالبا تكون إنها تطبخ أو تنظف المنزل أو ترضع الطفل أو تعنى بأطفالها، تتحدث إلى جاراتها، تعود أقرباءها والمرضى في الحي، وعلى خلاف ذلك تكون الصورة مختلفة بالنسبة للأب كأن تكون الإجابة إنه يقرأ أو يكتب أو يعود من العمل أو أنه يسافر أو يمارس الرياضة. وهذه الصورة النموذجية عن المرأة وعن الرجل التي نجدها غالبا ما نجددها في أغلب كتب القراءة في المرحلة الابتدائية.
ويمكن في هذا السياق ملاحظة أن هذا التصوير يقدم المرأة في وضعية عبودية وأن ذلك ليس أمرا عفويا بل مقصودا وموجها وأيديولوجيا. فعلى سبيل المثال غالبا ما نجد في كتب القراءة أن الأم تستسلم إلى صورتها التقليدية ففي أحد المشاهد في كتب القراءة نجد الصورة التالية الأم تقوم بخيط الثياب والأب يقرأ في المجلة والطلفلة تلعب بدماها بينما يقوم أخوها الصغير بكتابة وظائفه. ومن الملفت للنظر أن الصور التي ترافق النصوص لا تعبر عن مضمون النص بل تكون مفارقة له حيث تأخذ دلالة تقلل من شأن المرأة نفسها وتعلي من شأن الذكور بصورة عامة.
المرأة جاهلة وعاطفية مقابل الرجل المثقف القوي:
تتعمد نصوص القراءة إخفاء الطابع الثقافي والتعليمي للمرأة وفي كثير من الحالات تبرز جهلها وأميتها. وفي الصور غالبا ما تأخذ صورتها التقليدية السائدة حيث تقوم بحمل الأطفال وإرضاعهم وتعنى بالأبقاء أو تحمل الحطب على ظهرها. ويقابل هذه الصورة صورة مناقضة للرجل المثقف الذي يقرأ الصحف ويعلم أبنائه ما هو ضروري لمعرفتهم واطلاعهم، يرسل الرسائل ويكتب الشعر.
والمرأة المثالية التي تقدم في هذه النصوص توصف دائما بأنها نشطة غير كسولة عاطفية رقيقة قلقة من أجل أطفالها. وعندما يتعلق الأمر بالمرأة العاملة خارج المنزل فإنها غالبا ما تكون بائعة أو ممرضة وقلما تكون طبيبة ومهندسة أو متخصصة علميا. وبصورة عامة غالبا ما تقدم المرأة في الكتب على أنها أم وزوجة وأخت وطباخة ومربية وممرضة وهي تتجاهل بصورة متعمدة دور المرأة بوصفها مثقفة طبيبة ومهندسة وجامعية وسياسية.
الخضوع للمرأة والسلطة للرجل:
يأخذ الرجل أدوارا متنوعة عبر النصوص الصور في الكتب المدرسية، فالرجال يقدمون على أنهم أصحاب الأمر والسلطة والقوة والإدارة، وبالتالي فإنهم يمتهنون مهنا تخولهم ممارسة هذه السلطة مثل: مروضو أفاعي، صيادون، مدراء نوادي، محاربون، قادة، مغامرون، ضباط وقادة عسكريون، مدرسون ومعلمون، شيوخ وأئمة.
والمرأة غالبا ما تقدم خاضعة للرجل والرجل غالبا ما يكون المدير والسيد والآمر والناهي. وفي مستوى الطفولة غالبا ما يوصف الأطفال الذكور بالنشاط والقدرة والقوة والاندفاع بينما يأخذ الأطفال الإناث صورة الرقة والنعومة والضعف والهشاشة. وغالبا أيضا ما توصف المرأة الإيجابية بأنها المرأة العاطفية الحنونة الخجولة المطيعة.
خلاصة:
تعاني المرأة من عملية استلاب رمزي مستمرة في حياتنا التربوية والثقافية فهناك أنساق من الرموز التي تحاصر المرأة وتضع المرأة في قفص الاتهام لتحرمها من جوهرها الإنساني وقيمتها الأخلاقية. وما يؤسف له أن هذه الممارسات التربوية قائمة في التربية المنزلية والمدرسية في المؤسسات الثقافية في ميدان العمل وفي مختلف جوانب الحياة.
ومع وجود نسق خاص من السمات الإيجابية للمرأة فإن النسق العام من التصورات والرموز التربوية تضعها في موقع الإدانة. فالسمات الإيجابية هي نظام خاص يتبناه بعض الرجال في وصف صفوة النساء وخيارهن، وأحيانا بعضا من أمهاتهم وأخواتهم، أما النسق السلبي من هذه السمات فتوصف به المرأة بعامة على مبدأ الشمول والكلية والإطلاق. ويمكن تحديد طبيعة العلاقة بين النسقين في موقف الفرد الواحد على الشكل التالي المرأة شريرة بطبيعتها على العموم ولكن قد تكون أمي خيرة على مبدأ الاصطفاء والاستثناء. وهكذا يستطيع الإنسان أن يمتلك على نقيضين تتوسطهما آلية ذهنية مخادعة يستطيع عبرها الخروج من دائرة هذه التناقض بإضاف صفة الاستثناء على من يستغرق في تقديرها وحبها. فالرجال كما يلاحظ يعاملون زوجاتهم وفقا لهذا التصور الذهني عن المرأة وكذلك يعاملون بناتهم وجميع النساء تقريبا. هذه الأنساق التي تحط من شأن المرأة وتدني من قيمتها يرتبط تاريخية بأوضاع اجتماعية اقتصادية في مراحل متدرجة من العبودية التي عاناها المجتمع الإنساني. وليست الإشكالية الآن في بحث النشأة الأولى لعملية الاستلاب الرمزي للمرأة عبر أنساق من المقولات والتصورات التاريخية التي أسبغت عليها بل تكمن في الكشف عن استمرارية هذه الأيديولوجيا والتصورات المعادية للمرأة عبر الزمن وعن الكيفيات التربوية التي تغذي أيديولوجيا النقص والاستلاب في شخص المرأة عموما. وباختصار نحن اليوم نحتاج إلى تثوير العملية التربوية وتحريرها من الدلالات الرمزية التي تمتهن المرأة وتضعها في أقفاص الاستلاب الرمزي.
21 تعليقات
فعلا دكتور تعاني المرأة العربية وهذا راجع لتراكمات تاريخية
المرأة العربية تعاني من الظلم والقهر وأشاركك الرأي في ذلك الأمر إلا أنني أرى أن هذه القضية لا تتصف بالعمومية
من اجمل واعظم المواضيع التي قرأتها في حياتي اقدر واشكرك على جهودك الجبارة
ومن المؤسف والمحزن ان المرأة في المجتمع العربي وبالاخص المجتمع الخليجي تعاني بسبب بعض الاعتقادات وبعض العادات والتقاليد التي لا يتقبلها الانسان الواعي
ويحزنني اننا نحتاج لتوعيه المجتمع وتغيير اعتقاداته اتجاه المرأة وتحريرها من ( اقفاص الإستلاب )
عزز الدين الاسلامي المراة وكرمها ….. ولكم بعض الافراد حادوا عن تعاليم الاسلام واتخذوا عاداتهم منهجا لهم
اؤيد مع كل ما ذكرته خصوصا ( اشد انواع العنف الاستلابي الموجه ضد المراة خطوره وفتكا هو نوع من العنف الثقافي الذي تشكل عبر مئات السنين من تاريخ الانسانيه
ذكر رسولنا الكريم بحديثه ( استوصوا بالنساء خيرت ) وايضا ذكر ( لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات )
لو كل فرد اتخذ الرسول عليه الصلاة والسلام قدوه له في اخلاقه وتعامله مع الناس وخصوصا المرأة لاصبحنا من اعظم الامم
هذا موضوع شائك، فالحديث عن وضع المرأة الخليجية على وجه الخصوص سيجرنا إلى الحديث عن المقدسات الاجتماعية التي وضعت ووضع حولها جدار سميك ليفصل الوعي عن إدراك ما يدور حول ما يخص المرأة التي عانت كثيرا من حالة الانعزال الاجتماعي والاضطهاد المغلف بفتاوى دينية وعادات جاهلية أسهمت بشكل كبير في خلق فجوة كبيرة بين المرأة والرجل وجعلتها تابع له وليس شريك تتقاسم معه تماما الحياة والعبادات والطاعات والثواب والعقاب إلى آخره من المشتركات التي تعني الرجل والمرأة معا بكونهما “إنسان عاقل كامل الأهلية”، إن ما يحدث من اعلاء صوت التقاليد التي تحصر المرأة بطابع واحد وتعاملها كناقصة عقل ودين وشخص غير مؤهل عقليا ووصمها بأنها كائن عاطفي تسيره عواطفه وأحاسيسه لذا لا تنفع لشيء، هذا كله صنيعة مجتمع وتراكمات جاهلية استمرت لخدمة الرجل الذي كان بيده الفتوى وبيده القرار السياسي وبيده السطوة العليا والهيمنة، فجعل من الدين سلاحا لتحييد دور المرأة وإزاحتها عن منافسته، وما الفتاوى إلا سلاح قوي المفعول على العقول التي استعبدت واستسهلت الفتاوى المعلبة والجاهزة دون تمحيص أو تدقيق على طبيعتها التي تهين المرأة.
إن الظلم الذي تعاني منه المرأة في المجتمع حصيلة عادات وتقاليد صنعها الرجل وساهم من خلالها على خلق اجيال وإلى تنميط الصورة التي يريدها في عقول الصغار وعبر هذه المنهجية يكبر الطفل وهو لا يرى إلا النقص في المرأة والكمال في الرجل حتى باتت المرأة نفسها أحيانا ترى هذه الصورة كونها فطرة وحقيقة لا تقبل المناقشة! إن الحديث عن الظلم لا يمكن حصره في اللون الأسود فما يمارس ضدها داخل الجدران هول عظيم تعانيه ونعانيه في ظل مجتمع لا يرى في المرأة إلا أداة متعة للسيد الرجل!!، وما اللون الأسود إلا مفتاح لسواد أعظم يرمز إلى حياة المرأة!
تعليق على مقال : رمزيات الاستلاب الوجودي للمرأةالعربيه .
ظاهريا نجد المراة الخليجيه وصلت الى مكانه عاليه في عده مجالات مثل التعليم والسياسه والاقتصاد وغيرها من المجالات ولكن باطن هذا الامر انها مازالت حبيسه للعادات والتقاليد الباليه التى تجرها للوراء
فتعليم المراه في مجتمعاتنا ينظر له نظره هامشيه لم تضف لها المراه شي
فالمراه نصف المجتمع بعيدا عن كونها انثى هي روح واحاسيس مثلها مثل الرجل فلماذا هذي القيود عليها في في هذا الزمن المتطور
باعتقادي ان المراة العامله غالبا تصبح حره لان الدخل الاقتصادي للاسف هو الذي يحدد مكانتها وعدم التطاول عليها.
ظاهريا نجد المراة الخليجيه وصلت الى مكانه عاليه في عده مجالات مثل التعليم والسياسه والاقتصاد وغيرها من المجالات ولكن باطن هذا الامر انها مازالت حبيسه للعادات والتقاليد الباليه التى تجرها للوراء
فتعليم المراه في مجتمعاتنا ينظر له نظره هامشيه لم تضف لها المراه شي
فالمراه نصف المجتمع بعيدا عن كونها انثى هي روح واحاسيس مثلها مثل الرجل فلماذا هذي القيود عليها في في هذا الزمن المتطور
باعتقادي ان المراة العامله غالبا تصبح حره لان الدخل الاقتصادي للاسف هو الذي يحدد مكانتها وعدم التطاول عليها.
في هذا الزمن وصلت المرأه العربيه الى مكانات عالية ونجحت في كثير من المجالات ولكن الى الان يرى البعض ويعتبرها “جاهله” ، وايضاً وضعوا للمرأه قيود بأسم العادات والتقاليد فتعاني المرأه منها كثيراً فأصبحت بعض النساء تعتمد على الرجل اعتمادا كلياً وهذا خطأ لان يجب على كل انسان ان يكون حراً وله دخل مستقل فبعض الرجال يرى ان مكان المرأه المنزل ، فلا يفيد ان تنجح المرأه وتتطور وهذه الثقافات الى الان موجوده فيجب تعليم الاجيال بأهميه ودور المرأه بالمجتمع .
مقاله جميله جداً يعطيك العافيه دكتور
فعلاً المرأه العربيه مهمشه جداً وخاصه في المجتمع الخليجي تعاني من ظلم وتهميش ولا تشعر المرأه بحريتها هنالك الكثير من النماذج النسائيه اللتي حققت نجاحات عديده وتطورت المجتمعات بنجاحاتهم ولكن قله قليله من يدعم نجاح الامرأة
والعديد من النساء يناظلون من اجل حقوق النساء وحرياتهم وهناك عبارات عديده يقولها البعض ضد النساء لتحطيمهم وتهميشهم في المجتمع مثل ” المرأه بنصف عقل ” وبعض الرجال ينظرون الى المراه بأنها تتحدى الرجال وان المرأه وظيفتها طاعه زوجها وتلبيه متطلباته دون ان تطلب حريتها وحقوقها ومنهم من يتعرض للعنف بمجرد انها طالبت بحقوقها
علينا أن نعترف أن حرمان المرأة من التعليم يمثل مخالفة صريحة لتعاليم الإسلام، وأن حرمانها من الزواج بسبب المغالاة في المهور اعتداء على حق من حقوقها الشرعية، والتي نزوجها لرجل لا تريده نعتدي على حق من أهم حقوقها، والتي نحرمها من الميراث نصادر حقا من حقوها الشرعية، والتي يهينها زوجها ويعاملها بعنف وقسوة هي ضحية لسلوك يخالف تعاليم وتوجيهات الإسلام.. وكل من يصادر حقا من الحقوق التي كفلتها شريعتنا الإسلامية للمرأة يعتدى على شرع الله.
علينا أن نعترف بأن المرأة في بلادنا العربية والإسلامية تعاني مشكلات عدة، وهذه المشكلات لا دخل للإسلام وتشريعاته بها، بل هي في حقيقة الأمر نتيجة طبيعية للتعامل مع المرأة في بلادنا من خلال عادات وتقاليد متوارثة بعضها مقبول ومستمد من التعاليم والتوجيهات الإسلامية والبعض الآخر مرفوض لأنه يصطدم بالحقوق التي كفلتها شريعة الإسلام لها. وآن لنا أن نعترف بأن كثيرا من عادات وسلوكات الرجال في التعامل مع المرأة ظالمة ولا بد أن تتغير، ومقياس الضبط هنا هو ما قررته الشريعة الإسلامية من حقوق وآداب وأخلاقيات للتعامل بين الرجال والنساء.. وعندما نرفع الظلم عن المرأة ونمنحها حقوقها الشرعية ستنعم مجتمعاتنا العربية بالاستقرار الذي تتطلع إليه.
بوركت جهودك يا دكتور
لا ننكر بأن المرأة كانت ولا زالت تعاني من عملية استلاب رمزي واضح حيث بدأ ظهوره مبكرًا في المدارس بحيث يتعلم الاطفال ان المرأة والبنات بشكل عام رمز للعاطفة و اعمال المنزل بينما الرجل هو ذو الثقافة والقوة والسلطة . فكلما تم غرس مثل هذه الافكار المغلوطة بعقول الاطفال تشكلت لديهم نظرة استحقار للمرأة وانكار دورها المميز في جميع المجالات . ويتم تجميد عقلهم فلا يستطيعون استنباط الافكار الصحيحة وتكوين رأيهم حول ذلك . ولا ننكر ان المرأة رمز للرقة والنعومة والخجل فكيف لمثل هذا الكائن الجميل بأن يتم تجاهله وتجاهل دوره المهم في الحياة . فهم يسلطون الضوء على فكرة تعد متحجرة تمامًا ، فلا بد من رفع الظلم عن المرأة واثبات دورها الثقافي والسياسي والاجتماعي والمهني في جميع المجالات فهي تعد نصف المجتمع .
مقالة جدًا رائعه .. إضافة الى مما سبق
مصطلح غير شائع، لا تستسيغه الاَذان ولا الألسنة، لكن معناه واقع لا يمكن انكاره وعدم النظر إليه، حيث تقبع النساء فى منطقة الإكراه والصمت المحفوف بالخوف فى مجتمع يحكمه الرجال.
بصورة مبسطة، الاستلاب هو وقوع الإنسان تحت أسر كلي لمقدرة ما أو لفكرة ما.
وفعليًا المرأة هى الأكثر عرضة للأسر والقهر، وهو ما يتحول إلى استلاب.
بصورة عامة، يمكن قراءة استلاب المرأة كونه استغلال يمارس بحق المرأة، من خلال فرض رؤى تترسخ فى العقول والوجدان، مثل كونها قاصر، ناقصة عقل، تابع، عاجزة لو ابتعدت عن الرجل.
وتتباين صور استلاب المرأة، بين اقتصادي، وجنسي، وعقائدي، بحسب ما يرى علماء النفس.
ويعد كل من الاستلاب الاقتصادي والجنسي من أكثر العوائق بروزًا فى وجه حركات تحرير المرأة،
أيضا عانى فى مجتمعاتنا من عنصرية فى توزيع الأدوار والأنشطة المهنية بين النساء والرجال، وينتج ذلك عن سيطرة الرجل اقتصاديًا على المرأة، ويتجلى ذلك في استغلال الرجل جهد المرأة بدون مقابل، أو بمقابل هزيل، فتُدفَع المرأة إلى مواقع الانتاج الثانوية، أو يتم حرمانها من الترقى بنفس الدرجة التى عليها الرجل والحجة أنها “امرأة”، وذلك بهدف تعزيز سيادة الرجل وتسلط المجتمع عليه.
أيضًا، يشيع عدم الاعتراف بالجهد المنزلي الذي تقوم به النساء، وكأنه فرض عليها لأن لا دور لها سواه، ويتم تعبئة المرأة، بأن الخروج للعمل مكمل لدروها الأول والأخير كسيدة منزل، بينما الرجل العمل دوره الأول، وتتحمل المرأة عبئ البطالة التى يعانيها الرجال، فيروج الرجل لأن خروج المرأة للعمل اجتياح لساحة الرجل وحده، وتعدٍ على دوره.
التربية لها عدة مفاهيم على حسب مدى عقلانية و تفهم الشخص ولقد اختلف العلماء والمفكرون في مفهوم التربية وظهر كل فيلسوف و له فلسفته في التربية ومفهوم مختلف و لكن من اهم الاشياء في التربية التي يجب غرسها بالاطفال منذ الصغر هي القيم و المبادئ و الاخلاق الصحيحة و السليمة من ناحية القيم سواء كانت دينية ،اقتصادية، اجتماعية ….الخ فيجب غرس القيم الحميدة ليكون لديهم مبادئ منذ صغرهم يمشون على نهجها و يعلمون الاجيال القادمة عليها و يكون لديهم افكار واعية و صحيحة و يتمتعون بصحة نفسية سليمة
المرأة لها دور فعال في جميع مجالات الحياة فهي لها دور اساسي في المجتمع و دور اساسي في الاسرة فهي اساس الاسرة وايضاً ديننا الاسلامي عظم دور المرأة و اعطاها حقوقها الكاملة من ناحية الحرية و غيرها و لكن للاسف الى يومنا الحالي هناك من ينظر للمرأة نظرة استهزاء و استحقار لكونها امرأة و واجبها هو الزواج و تربية الاطفال و الاهتمام بالزوج و انهاء علاقاتها الاجتماعية لتتفرغ لأسرتها فهذا مفهوم خاطئ تمامًا فالمرأة تستطيع فعل عدة اشياء في آنٍ واحد تستطيع العمل و الاهتمام بأسرتها و عمل النشاطات المختلفة للترفيه و غيرها و هذا دليل على مدى قوة المرأة في المجتمع و مدى عقلانيتها لاستطاعتها انجاز كل هذه الامور في آنٍ واحد
مقال رائع ومهم جداً
عاشت المرأة سنوات من التهميش والاستعباد تلعن باقبح الأوصاف و يستهان في قدراتها وطاقاتها
على الرغم من ان المرأة لعبت دورًا محوريًا في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة وأثبتت من خلال هذا الدور قدرتها على التغيير الإيجابي في تلك المجتمعات، فحضورها اللافت في مختلف جوانب الحياة وإصرارها على الوقوف بجانب الرجل ومساندتها له دليل على كونها عنصرًا أساسيًا في إحداث عملية التغيير في المجتمع.
لكن إلا لان لا يمكن ان نخفي حقيقة غرس الافكار الهيمنة الذكورية من قبل المجتمع على النساء و
فرض قوانين وحدود صارمة على المرأة بحجة انها اقل مكانه من الرجل وهذا القول مخالف جداً لما تشهده المجتمعات من دور المرأة الكبيرة في النهضة بالأمم وكما قال أحمد شوقي “فالام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق”
إن التغيير الايجابي الذي تسعى له المجتمعات مرهون بشكل كبير بواقع المرأة ومدى تمكنها من القيام بأدوارها في المجتمع، فهي تشغل دور أساسي في بناء أسرتها ورعايتها لهم، من خلال ما يقع على عاتقها كأم من مسؤولية تربية الأجيال، وما تتحمله كزوجة من أمر إدارة الأسرة، ومع تقدم المجتمعات وتطورها نجد أن المرأة لم تلتزم فقط بواجبها تجاه أسرتها وتربية الأبناء بل أصبح لها دورًا اجتماعيًا كبيرًا في شتى المجالات، وبناءً على مؤهلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية تنوعت أدوارها في المُجتمع على مُختلف الأصعدة،
كون المرأة عضوٌ في المجتمع فيجب أن تكون شريكة في إدارة المجتمع وتحمل شؤونه، وكونها تقوم بالأعمال المنزلية لا يجب أن يلغي دورها الاجتماعي؛ لأنّها شريكة الرجل في تحمل المسؤولية، ففي ظل حالة النمو والتقدم التي تشهدها المجتمعات نحتاج إلى كلّ الجهود والطاقات المجتمعية، فإذا جمّدنا دورها الاجتماعي فقد خسرنا نصف طاقة المجتمع على اعتبار أن المرأة نصف المجتمع، ومن هنا ينبغي أن نعزز دور المرأة الاجتماعي ومساندتها بشكل مستمر والعمل على تذليل الصعوبات التي يمكن أن تواجهها مثل التقاليد والاعراف الاجتماعية التي تلغي كيان المرأة وتفرض عليها التبعية للرجل، وبعض القوانين والأنظمة المجتمعية التي تعيق تحقيق المرأة لذاتها، بالإضافة صعوبة التوفيق بين الدور العائلي والنشاط الاجتماعي.
لاشك أن الادباء و المفكرين امثالكم دكتور-حفظك الله-لكم عظيم الشأن في تغيير ثقافة المجتمع وذلك من خلال المحاضرات و الندوات و المقالات و اللقاءات وغيرها من سبل التواصل البناء و عليكم مسؤولية وامانة كبيرة في حسن التوجيه و الارشاد و التبليغ و بناء المجتمع بناءاً سليماً يحافظ على سلامات افراده و قوة تماسكه ونبذ الفرقة و الاختلاف.
لكنني ارى في هذه المقالة(رمزيات الاستيلاب الوجودي للمراة العربيه)ماهو الا تأجيج روح العداء في نفوسنا نحن النسوة تجاه ما ورد من رمزيات الاستيلاب الوجودين ، ف اذا كان الامر في الواقع كذلك ف لماذا لا نلقي الضوء على الجانب الاخر المشرق؟ ونبين الجانب الإيجابي و نوضح نظرة الاسلام للمرأة ونبين حالة المرأة قبل الاسلام وبعده، وماذا اعطاها من حقوق على اهلها منذ الولادة، وعلى زوجها بعد الزواج، وعلى اولادها في كبرها، لماذا ننظر دائماً الى الجزء الفارغ من الكأس؟ فإذا كان الواقع فيه شيء من استيلاب المرأه فالسبب فيه يرجع الى البعد عن المنهج و الدستور الالهي في معاملة المرأة.
فلماذا نؤجج هذه القضايا ونبين لطالباتنا امهات المستقبل انهن مقهورات يعشن في واقع أليم، حتى شعرت بعد قرأتي للمقالاه اني في عالم اخر يقمع المرأه قمعاً وانها تعيش حالة من العبودية للرجل كما تكرر هذا اللفظ كثيرا في المقالة.
اما عن استيلاب اللون الاسود فهو الحشمه و الوقار لانه يحمل في طياته جوهرة يجب الحفاظ عليها من اعين المختلسين واذا كان اللون الاسود يعبر عن استيلاب المراه في العالم العربي فلماذا لا يعد هذا اللون استيلاباً لها في بعض البلاد الاجنبيه و الاديان الاخرى؟
ان الناظرة الى التاريخ يجد ان المراه الخليجيه بطبيعة البيئة لا تخرج من البيت وكان على الوحل السعي الجاد وراء جلب الرزق لها و لأولاده في وسط هذه البيئة التي تلعب بحرارتها القلوب قبل الابدان فكان لازماً عليه ان يلبس الثياب التي تقيه حرارة الشمس الملتهبه، من هنا توارثتها الاجيال الرجل يلبس الزي الابيض و المرأه ترتدي الزي الاسود، وارى ان هذا ليس من رموز الاستيلاب الوجودي للمراه لانه هذا اللون الاسود لا تلبسه المرأه الا عند خروجها من بيتها للضرورة، اما في بيتها فهي حره تلبس ما تشاء، وكيف ان هذا اللون يجلب لها غيض الحراره و البيوت حالياً اصبحت مكيفة بل السيارات و الاسواق و الصالونات وكل مناحي الحياة.
واذا قلنا و اقررنا ان المراه العربيه تعاني من رمزيات استيلاب في لبسها و تربيتها و خضوعها للرجل فماذا عن المرأه الغير عربيه والتي منحت كل الحريات ولما تعانِ اي استيلاب فل هذه الحريه وعدم الاستيلاب جلبت لها ان تكون ذا قيمه في مجتمعاتها الغربيه؟ بالعكس فإن المرأه في المجتمعات الغربيه هي سلعه لا اكثر، فهي تستغل اسوء استغلال و بكل الطرق الدنيئة التي سلبت حريتها و جعلتها جسداً بلا روح.
فقد اثبتت بعض الدراسات الحديثه ان ١٧٠ شابه في بريطاينا تحمل سفاحاً كل اسبوع، و ٥٠الف باحثة بريطانيه تقدمت باحتجاجات شديده بالتيمز على المره في بريطانيا و ان ٩٣٪ من النساء الاسبانيات يستعملنا حبوب منع الحمل و اغلبهن عازبات، و ١٣٠ الف امرأه سجلنا بلاغات رسميه سنه١٩٩٠ نتيجه الاعتداءات الجسديه و الضرب المبره الا ان الشرطه الاسبانيه تقول ان الرقم الحقيقي اضعاف هذا العدد بكثير، وقد ماتت ٥٤ امرأه هذه العام على يد شركائهن اي اصدقائهن من الرجال، كما اثبتت الدراسات انه تغتصب في امريكا يوميا ١٩٠٠ فتاة يوميا ٢٠٪ منهن يغتصبن من قبل ابائهن، و ٨٢الف جريمه اغتصاب منها ٨٠٪ وقعت في محيط الاسره و الاصدقاء كما اثبتت الدرسات ان ٧٤٪ من العجائز فقيرات و يعشن ٨٥٪ منهن وحيدات دون اي معين او مساعد.
هذا ليس الا غيظا من فيض وجدته تحت بحوث مؤكده من تلك الدول و الجماعات الممنهجة التي ادخلت انوفها في شؤون المراه العربيه خاصة المسلمه للبحث عن حقوقها تاركة خلفها مصائب وحقوقا ضائعه لنسائها وهذا دليل انهم يبحثون عن افسادنا نحن النسوه لكي يجعلونا تماما مثل نسائهن و اصبح قيمتهن في أجسادهن فقط في حين ان الدين الاسلامي جعلها الدره المكنونه التي تصلن و تحفظ من عبث العابثين بل كفل لها حق الرعايه و حق الكفاله و جعل لها الحرية المطلقه في التصرف في مالها.
ولنترك بعض الدراسات التي اجريت على بعض الطالبات الاتي اصابهن-مثل الذي اصاب معظم الشباب و الشابات الا من رحم ربي- من مرض رفض الواقع و اللهث قدما وراء التقليد الأعمى، وكأنهن لم يطلعن على مكانتهن في دينهن و مكانتهن عند اهلهن و مجتمعهن.
عفوا دكتور فالاختلاف في الراي لا يفسد للود قضية.
مقالة جميلة دكتور
تعاني المرأة كثيرا وخاصة في المجتمع العربي الكثير من التحديات و المصاعب
حيث يتم إبادة حقوقهن بشكل حزين
وفجأة يصبح المجتمع العربي اصم عندما يطالبن النساء بحقوقهن!
أرى انه مهما تطور مجتمعنا العربي وتظاهر بدعمه لحقوق المرأة فهناك شريحة كبيرة من مجتمعنا تخشى وبشكل مخيف جدا تحرر النساء واعطائهن حقوقهن!!!
أخيرا أتمنى ومن كل قلبي ان يترك المجتمع مطاردة المرأة ونهب حقوقها
يعطيك العافية دكتور
للاسف الشديد ان مجتمعنا الآن اذا أراد ان يفسر ويبرر افعاله المشينة تجاه المرأة بدأ يقول إنما الدين يدعوني لذلك أو يقول الرجال قوّامون على النساء وهو لا يحفظ غير هذه الآية هذا يزعجني جدا ان يتخذوا الدين طريقا لفعل مثل هذه الافعال فالدين لم يأمرك بهذا فلا تتكلم بالدين ان لم تكن تعرف شيئا عنه ولا تفسر القرآن على هواك ففكرك المريض ليس له علاقة بالدين ، الإسلام جاء بالحق والعدل ولم يأمر بالظلم والتسلط وهذا سبب تخلف مجتمعنا بسبب الفهم المغلوط للدين فأدى إلى انحدار المجتمع وتدهوره
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتوري الفاضل استمتعت جدا بقراءة هذه المقال ، ذكرت ان المرأة تعمل بوظيفة فقط ليسلبونها ماديا برايي ليس هناك من يسلب بعصرنا هذا وذكرت ان المراءه تسلب اموالها بالزواج من تصع الحدود منذ البدايه لاتسلب وان استخدم العنف ضدها قادره هي على الانفصال او اذا كان عندها سبب ولا تريد تركة فتقف نفسها بمعامله اشكاله من خبيرين واستشاريين معتمدين ، اما ذكرك لكلام الناس عن المرأه العربيه سواءً كانت متزوجة او لا فالناس بجميع الجناسي و العالم الغربي والشرقي بكل جهاته الناس تتكلم فالعاقل يعرف ان اذا فعل شيءٍ صحيح او خطا يعلم ان الناس ستتكلم ، اذا الانبياء لم يسلموا من كلام الناس هل ستسلم المرأة العربيه من كلام الناس! ، دائما مايقول لنا ابي اذا كانت تفعل شيء صحيح وحلالا ليس بحراما فافعليه يا ابنتي ولا يهمك كلام الناس او العادات والتقاليد لانها لا تتعارض ابدا مع الحلال ، فذكرت ان المراة غير قادرة على الزواج الا بولي امر هذا مطلوب واجب اما اذا كان الرجل صالح ولم يقبلوه ولي الامر قادره الامرأة على الزواج منه ويكون ولي الامر هو القاضي ، فمنذ ان جاء الاسلام اعطى المراه حقوق لا تعد ولا تحصى ، اما اللون الاسود المحير فسبق ان علقت عليه بمقاله من مقالاتك اتمنى ان تقرا ردي على منظورنا للون الاسود.
يؤسفني حقا بأن أرى المرأة العربية تعاني من في مجتمعها حيث يوصف المجتمع العربي بأنه مجتمع ذكوري بحت ولم يكتفوا فقط بهذه الامور وانما كما تفضلت قاموا بزراعة افكارهم المتخلفة في عقل كل امرأة وكل فتاة وبدأن يرون بأنهن لا شيء وانهن بلا قيمة وما يزعجني كثيرا هو انهم يجعلون الدين ستارا لهم ولافكارهم المريضة وهم يعرفون جيدا بإن الاسلام لا يأمر بضرب المرأة ولا تعذيبها ولا اهانتها ولكن فكرهم الجاهلي لا يزال يكبر في عقولهم فلم يكتفوا وانما نشروه لكل المجتمع وأخيرا يقولون بأنها عادات وتقاليد بئس العادات والتقاليد هذه التي تأمرك بإهانة اختك وامك وزوجتك فنحن مجتمع لا نفرق بين العادات والتقاليد وبين الحلال والحرام بل انهم يقدسون العادات والتقاليد اكثر من الدين نفسه فالاسلام كله خلق (الدين كلُّه خُلق فمن فاقك في الخُلق فاقك في الدين). ابن القيم
كأمرأة عربية سأتحدث، إن الاحكام الموضوعه على المرأة العربية تسلب منها الكثير من الحرية بل تقيدها وتحجزها في قفص ضيق، أن تولد في هذه الحياة وأن تكون محددةً لها بسبب نوعها فقط طيلة حياتها وتُفرض عليها الاوامر وتحمل على عاتقها الظنون العالية وتقوم بما لا يستطيع الابطال القيام به ويتوقع منها الكثير فوق حمل ما يتوقعه الانسان الطبيعي كل هذا لجنون بحد ذاته نعيشه الى يومنا هذا ! فأن الانا الحقيقية لدى اغلب النساء العربيات مُطمسه وغير واضحة فتكون حياة المرأة مسايرةً للحياة فقط ولكن لماذا؟ إنما يعيش المرء مرةً واحدة وستُسلب من بعضهم أيضًا ؟ تواجه المرأة العربية المعاصرة أضطهادات شديدة كما كانت في الجاهلية ولم يتغير شيءٍ بته بل إن لبعض الامور تزداد سوءًا.. يمكن السبب الرئيسي بالعادات والتقاليد لأن دين الاسلام لا يُمكن أن يحرض على دفن للنفوس البشرية هكذا
تعاني المرأة من عملية استلاب رمزي مستمرة في حياتنا التربوية والثقافية فهناك أنساق من الرموز التي تحاصر المرأة وتضعها في قفص الاتهام لتحرمها من جوهرها الإنساني وقيمتها الأخلاقية. وبالرغم من السمات الإيجابية للمرأة فإن النسق العام من التصورات والرموز التربوية تضعها في موقع الإدانة. فبعض الرجال يتبنوا السمات الايجابية بشكل خاص للأم و الأخت اما فى التصورات العامه فيضعوها في موضع الادانة . وباختصار نحن اليوم نحتاج إلى تثوير العملية التربوية وتحريرها من الدلالات الرمزية التي تمتهن المرأة وتضعها في أقفاص الاستلاب الرمزي.