ترجمة: محمد بالرّاشد
تقديم المترجم
في الوقت الذي تتنامى فيه الأصوات المنادية بالديمقراطيّة في أرجاء كثيرة من العالم، ومنها على وجه التحديد المنطقة العربيّة، تتعالى أصوات أخرى مطالبة بتجديد الديمقراطية حتى تتمكّن من التغلّب على الصعوبات التي باتت تعترضها حتّى في البلاد التي شكّلت مهدا لها (الدول الغربيّة التي عرفت ثورات كبرى أفضت إلى تبنّي نظام الحكم الديمقراطيّ : بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكيّة)، ومن هذه الصعوبات تدنّي نسب المشاركة السياسيّة لا سيما لدى فئة الشباب. وضمن هذا السياق يتطرّق أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة السوربون الفرنسي دومينك روسوDominique Rousseau إلى كيفيّة تجديد الديمقراطيّة كاشفا عن شبكة مفاهيميّة منها “الديمقراطية” و”مجالس المواطنين” و”مهنة المواطن”. وقد نشر المقال بمجلّة Sciences Humaines بتاريخ ماي – جوان 2019، خارج السلسة عدد24 ، ص ص 8-11
يعدّ المواطن الغائب الأكبر في الأشكال السياسيّة المعاصرة. فالحديث عنه كثير، ولكنّه مغيّب بشكل يكاد يكون مطلقا لأن الشكل الرأسماليّ للاقتصاد لا يحتاج إلى مواطن بل إلى عامل مستهلك. في سياقه، كان اقتصاد السوق عند اختراعه في القرن الثامن عشر، يفرز تأثيرات ديمقراطيّة من حيث كونه يحرّر الأفراد من الأوامر الهرميّة (الأنظمة الهرميّة)، ويفرض المساواة كمبدأ عام للعمل الاجتماعيّ كما يعمل على تعزيز تنوّع المبادرات الفرديّة.كيف تنتعش الديمقراطيّة؟ إصلاحات مؤسّساتيّة كثيرة يمكن أن تجعل من مشاركة الأفراد في اتّخاذ القرارات السياسيّة أكثر انتظاما.
من خلال وضع الفرد في مركز ديناميتها، أسهمت الليبيراليّة الاقتصاديّة في تثوير المجتمع، غير أنّها تطورّت تدريجيّا لتختزل الفرد في بعد واحد هو البعد الاقتصاديّ “دعه يعمل” متناسية ومهملة الأبعاد الأخرى الاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة.
لا يحتاج الشكل التمثيليّ للديمقراطيّة مسبقا إلى مواطن بل إلى ناخب. لقد عبّر عن هذا بوضوح الأب سياس l’Abbé Sieyès ذلك الثوريّ الشهير في كلمته يوم 7 سبتمبر1789 حين شدّد على التعارض بين الحكومة التمثيليّة والديمقراطيّة. “المواطنون – مثلما صرّح بذلك هو- الذين يُسمّون ممثِّلين عليهم أن يتخلّوا عن وضع القوانين بأنفسهم لأنّهم لا يمتلكون إرادة خاصة لفرضها؛ وإذا كانوا يُملون الإرادات، فإن فرنسا لن تكون هذه الدولة الممثّلة، بل ستكون دولة ديمقراطيّة. إن الشعب – وأكرّر ذلك- في بلاد غير ديمقراطيّة (وفرنسا لن تكون كذلك)، لا يمكنه أن يتحدّث أو أن يتصرّف إلا عبر ممثّليه[2]“.
لم يغيّر المرور من الاقتراع المقيّد le suffrage censitaire إلى الاقتراع العام le suffrage universel، وتطوّر الأحزاب السياسيّة، وصعود البرلمان، وأخيرا في فرنسا الانتخاب الشعبيّ للرئيس واقع الأشياء بشكل جذريّ حتى وإن كانت تلك العوامل قد عدّلت المظهر. إن جميع المؤسّسات والآليات المقدّمة على أنّها حاملة لمشاركة المواطن المباشرة في صنع القرارات السياسيّة تعمل أيضا على تحسين تفويض السلطات.
يُضفي الاقتراع العام الشرعيّة على التمثيليّة أكثر ممّا يعطي الشعب التحكّم في القرارات. وتنظّم الأحزاب السياسيّة وتعيد التمثيليّة بقدر ما تُعطي لأتباعها وللمواطنين الوسائل للتدخّل في الخيارات السياسيّة. قد يكون الشعب مسبقا أكثر ذِكرا، ومسبقا أكثر طلبا ولكنّه يظلّ على أبواب فضاء التداول. تثمّن الدساتير- بلا شك- ظهور المواطن وتتمسّك: بكلّ مبدأ ب “حكم الشعب للشعب ولأجل الشعب”. ولكنّها تكرّس معظم أحكامها لتجريد الشعب من سلطته عبر تنظيم وجود الممثّلين وخطابهم وبالتالي غياب وصمت الممثَّلين، لتظلّ القاعدة النحويّة الأساسيّة للشكل التمثيليّ للحكم في المجتمعات السياسيّة هي “باسم…”.
في نظام تمثيليّ، تكون الديمقراطيّة دائما منقوصة وغير مكتملة، لأنّه دائما ما تأتي لحظة يُقرّر فيها أولئك الذين نتحدّث ونفكّر ونقرّر باسمهم الدّخول في تمرّد مفتوح ضد المتحدّثين الرسمييّن. نحن لا نحكم دون عقاب باسم… إن الشعب هو في الآن ذاته مرجع النظام التمثيليّ وخط الصدع فيه باعتباره يمكن أن ينفجر في أي لحظة فيرفع الغطاء التمثيليّ من خلال التأكيد على أن انتظاراته واهتماماته وإرادته ليست تلك التي ينسبها إليها الممثِّلون. عندما يحدث هذا الموقف، وعندما يتعرّى النظام التمثيليّ، فإن التعبير، الذي يُفرض على القلم – كما لو كان بالصدفة-، هو زلزال، أو زلزال سياسيّ.
هذا هو واقع الحال اليوم، حيث تتضاعف علامات الفجوة بين الحكّام والمحكومين. فالنظام التمثيليّ اختلّ، والرّابط التمثيليّ تم قطعه، حيث لم يعد الممثَّلُون يرون أنفسهم في أجساد ممثِّليهم، ولا ينصتون إلى أنفسهم في أصواتهم، ولا يعرفون ذواتهم في القرارات التي يتّخذها أولئك الممثِّلون الذي لا ينظرون ولا يسمعون ولا يعرفون أولئك الذين يفترض أنّهم يمثّلونهم.
المساواة السياسيّة:
هل يجب أن نلقي بالرّضيع مع ماء الاستحمام؟ مبدأ التمثيليّة مع الشكل التمثيلي ونؤسّس ديمقراطيّة بلا تمثيليّة، وإقامة ديمقراطيّة مباشرة؟ الإغراء قويّ ولكن وجبت مقاومته. في الواقع ليست التمثيليّة نقصا ولا عيبا ولا خطيئة، ولكنّها شرط الديمقراطيّة وعلى وجه التحديد الركح الذي يتمّ ضمنه بناء شخصية المواطن التي هي أحد شروط إمكانيّة الديمقراطيّة. في واقع الأمر، في الفضاء الأوّليّ يؤخذ البشر بتحديداتهم الاجتماعيّة – الجنس، المهنة، الدين، الدخل…، إنّهم مأخوذون في كيانهم الاجتماعيّ الذي يبرز بالضرورة الاختلافات بين الناس وعدم المساواة في توزيع الرأسمال الاقتصاديّ والثقافيّ والرمزيّ. إن هذه اللحظة هي لحظة الجماعويّة حيث تدافع كلّ مجموعة اجتماعيّة عن هويّتها المنفردة بسب فقدان الركح أين يتمّ التفكير في المساواة السياسيّة. إن التمثيليّة هي على وجه التحديد ذلك الركح الذي يتيح للناس إمكانيّة “الخروج” عن الحتميّات الاجتماعيّة، ومن ثم عدم النظر إلى ذواتهم من خلال اختلافاتهم الاجتماعيّة أي تقديم أنفسهم على أنّهم كائنات متساوية الحقوق. وهذا الاعتراض على التمظهرات الاجتماعيّة هو مبدأ أساسي للمساواة السياسيّة. فإذا كان الناس في الفضاء الأوّلي غير متساوين، فإنّهم في فضاء التمثيليّة يغدون متساوين.
هكذا تكون لحظة “التمثيليّة” في بناء الديمقراطيّة، تلك التي تسمح للناس بالخروج من جماعاتهم الأوليّة للدخول في التجمّع السياسيّ بصفة الفرد الديمقراطيّ. ليس المواطن معطى حينيّا ومباشرا للوعي، ولا هو بالمعطى الطبيعيّ ولا هو بالحقيقة الموجودة لذاتها وقادرة على أن تُفهم كما هي. إنّه بناء تشارك فيه المؤسّسات – المدرسة، الجمعيّات- النقابات- الصحافة…، وليست المؤسّسة السبيل الوحيد الباقي ولكنّها شرط لتمثيليّة كل فرد كمواطن وبالتالي شرط للديمقراطيّة.
سلّطت حنّا أرندت Hannah Arendt في كتابها أسس التوليتاريّة الضوء على هذه الثنائيّة عند الإنسان: الإنسان كفرد مختلف عن الآخرين في الحياة الخاصة وكمواطن مساو لجميع الآخرين في الحياة العامة. لقد سمح الإعلان الثوريّ، بأتمّ معنى الكلمة، لسنة 1789، تحديدا من خلال تأكيده على “المساواة في الحقوق” للبشر بتقديم أنفسهم لا باعتبارهم أفرادا وإنّما مواطنين. وبإبعاد المؤسّسات والتمثيليّة تكون الديمقراطيّة المباشرة ديمقراطيّة دون مواطنين فتتحوّل بسرعة إلى نظام قيصريّ.
الديمقراطيّة المستمرّة
يفرض القطع مع الشكل التمثيليّ للديمقراطية الاعتراف بمشروعيّة تدخّل المواطنين بشكل مستمرّ ومتواصل في صنع السياسات العامة المحليّة والوطنيّة وما فوق الوطنيّة، وإقامة المؤسّسات التي تسمح بهذا العمل السياسيّ المتواصل. إن هدف فكرة “الديمقراطيّة المستمرّة” هو بالتحديد تشكيل المواطن وتمكينه من المؤسّسات التي تجعله موجودا.
توجد الأسس الدستوريّة لهذا الشكل من الديمقراطيّة في ديباجة إعلان حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789 . في شرحهم للمبرّرات التي أعلنوا من خلالها عن الحقوق التي ستصيّر الأفراد مواطنين، كتب الثوّار يتعلّق الأمر بالسماح لأعضاء الهيئة الاجتماعيّة le corps social بمقارنة أعمال السلطة التشريعيّة وتلك الخاصة بالسلطة التنفيذيّة بالحقوق المعلنة، وإذا لزم الأمر السماح للمواطنين بالمطالبة باحترام هذه الحقوق من قبل الممثّلين: المقارنة والمطالبة.
بعبارة أخرى، إذا كان لهيئة الممثّلين عضو هو اللسان لإسماع صوتها، فإن للمواطنين عضو هو العين التي تمكّنهم من رؤية ومقارنة عمل الممثِّلين ومعاقبته. لا تندمج الهيئتان؛ هيئة الممثّلين وهيئة النّاخبين، مثلما هو الحال في النظام التمثيليّ، بل تظلاّن منفصلتين، لكلّ منهما عضو يضمن لها استقلاليتها. وفي السياق السياسي الحالي، ليس من باب الصدفة أن يتمّ المسّ من حريّة الصحافة واستقلاليّة القضاة، أي من كل الوسائل والأدوات التي تمكّن المواطنين من المراقبة، في بولونيا والمجرّ وأماكن أخرى من العالم. ويعني جعل المواطنين عميانا إعادتهم إلى وضعيتهم كأفراد والانزلاق إلى شكل غير ليبيرالي من النظام السياسيّ.
لا يكفي القطع مع مبدأ سياس Sieyès بتشكيل استقلاليّة المواطن، ذلك أنّه من الضروريّ تمكين هذا الأخير من المؤسّسات التي تسمح له بممارسة هذه الاستقلاليّة. ولا يمكن لاستفتاء المبادرة المواطنيّة Le référendum d’initiative citoyenne (CIR) أن يكون هذه الأداة (أنظر الإطار).
استفتاء المبادرة المواطنيّة: فكرة جيّدة وخاطئةلا يمكن أن يكون استفتاء المبادرة المواطنيّة أداة لتدخّل المواطنين المستمرّ في صناعة القوانين والسياسات العامة. وحول هذه النقطة بالذات، أثار أصحاب السترات الصفراء Les gilets jaunes فكرة قديمة دون مناقشتها مفادها أن الاستفتاء هو بامتياز وسيلة ديمقراطيّة، والحال أن الفكرة قابلة للنقاش على المستويين النظريّ والتطبيقيّ. بما أن كلّ العالم يتّخذ من أثينا مرجعا، فإنّه يجب التذكير بأن مكان الديمقراطيّة كان الساحة العامة l’agora وأن أسلوب صناعة قوانين المدينة كان المداولات العامة ، أي التمرين العام على ممارسة العقل والمحاججة. إن تعبئة الفضاء العام هي مُنتجة القوانين مثلما تبيّن ذلك عمليّة تبنّي قانون الإجهاض. كانت النسوة تجهضن سرّا في الفضاء الخاص، ثم صار بعضهن يتحدثن عن ذلك في الفضاء العام، الأمر الذي قاد القضاة (محاكمة بوبيني Bobigny في 1971) والنواب المنتخبين (قانون فايveil في 1974) إلى الاعتراف بحق النسوة في التصرّف في أجسادهن. لا حاجة للاستفتاء إذن. يمكن أن يعزّز الاستفتاء الأفكار المسبقة، الأفكار التي وضعها النظام اللّيبيراليّ في رؤوس الناس، وفي الغالب أيضا في مشاعرهم. وبمنأى عن بعض الاستثناءات، فإن سجل الحجاج لحملات الاستفتاء هو سجل التأثيرات والغرائز والخوف. وهذا يصدق في سويسرا والمملكة المتحدة وكولمبيا. في إيطاليا وخلال حملة الاستفتاء على الدستور سنة 2016 خطب بيبي غريللو Beppe Grillo زعيم حركة 5 نجوم “ثق في أحشائك و لا تثق أبدا في عقلك لأنّه يجعلك ترتكب أخطاء”. إن التداول يعزّز الوعي وأمّا الاستفتاء فيؤدّي إلى خفضه. دومينيك روسو |
يرتبط الاستفتاء بجمع الحدّ الأدنى من الإمضاءات، ويتحقّق ذلك في لحظة التصويت ولكن عين المواطنين يجب أن تكون قادرة على ممارسة الرقابة بشكل متواصل بين فترتي الانتخاب. لهذا المبرّر وجب تضمين مؤسّسات جديدة في الدستور: المجالس التداوليّة للمواطنين les assemblées délibératives de citoyens. تُجمّع هذه المجالس كل مواطني دائرة انتخابيّة ما. وسيلزم الدستور البرلمانيّين بعرض جميع مشاريع ومقترحات القوانين على مداولات هذه المجالس قبل عرضها على الجمعيّة الوطنيّة ومجلس الشيوخ. وبإدراجها بالدستور، ستكون هذه المجالس الأوّليّة الخاصة بالمواطنين (مجالس المواطنين الأوّليّة) دائمة وذلك على خلاف استفتاءات المبادرة المواطنيّة المتقطعة، ومن ثم تضمن تلك المجالس فعلا مواطنيّا مستمرّا في شؤون المدينة.
مجلس المواطنين:
يمكن تحويل المجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ والبيئيّ le conseil économique , social et environnemental (Cese) بشكل جذريّ ليكون – إلى جانب مجلس الأقاليم، مجلس الشيوخ، مجلس الأمة، المجلس الوطنيّ- وتكون له ثلاثة كفايات أساسيّة. بداية يقوم بتنظيم الاستشارات العامة لإنارة السلطات العموميّة حول النتائج الاجتماعيّة والبيئيّة لقراراتها على المدى البعيد. ثم يتقبّل عرائض المواطنين ويتولّى تحليلها مع الملتمسين لتلك العرائض ومواطنين تم سحبهم بالقرعة ومن ثم تكون إحالة ذلك إلى الجمعيّة الوطنيّة وإلى مجلس الشيوخ، حتى تستجيب هذه الجمعيّات لهذه المبادرات المواطنيّة. وأخيرا سيتمّ تجريد المجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ والبيئيّ (Cese) بشكل منهجيّ من جميع مشاريع القوانين ذات الصبغة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة ويتعيّن على مجلس المواطنين إبداء رأيه في تلك المشاريع قبل رأي مجلس الدولة وقبل مداولات مجلس النوّاب.
وفي الختام، وجب الاعتراف بالوضع الدستوريّ لمطلقي صفارات الإنذار المدنيّ. ففي فرنسا، كما هو الشأن في بقيّة أرجاء العالم، تمّ الإعلان للعموم عن معظم القضايا- قضيّة مدياتور Mediator وبنك ه- س-ب-س HSBC وبدائل الأثداء prothèses mammaires ولحوم الخيل في الهامبرغر لا من طرف النوّاب ولا من قبل الصحافيّين وإنّما من طرف المواطنين الذين، وهم في مؤسّساتهم وشركاتهم، أدركوا تأثيرات الإخلالات وتضارب المصالح والمناورات الغامضة، فصرّحوا بذلك علنا. وبحديثهم عن ذلك علنا في الفضاء العموميّ أجبروا السياسات على تناول تلك القضايا وتقنينها. لذلك وجب الاعتراف بهؤلاء مطلقي صفارات الإنذار المدني كمواطنين وحمايتهم في ممارستهم ل”مهنة المواطن” métier de citoyen.
لقد استنفد الشكل التمثيليّ للديمقراطيّة، وإعادة بناء الديمقراطيّة تمرّ عبر ميلاد القدرة المعياريّة للفضاء العام. وبعيدا عن كونه مكانا فارغا، يبدو الفضاء العام كمكان اجتماعيّ أين تتشكّل عبر المداولات ومقارعة الحجج الإرادة العامة بشأن الأسئلة المتّصلة بالحياة اليوميّة – الحماية الاجتماعيّة، جودة الغذاء، تنظيم الأسرة، الإفصاح عن المعتقدات الدينيّة…-، وأكثر من ذلك المكان الذي من خلال تعبئة الفاعلين يشكّل قوة قادرة على أن تفرض روزنامة عمل على الممثّلين السياسيّين، أي قوة قادرة على إخافتهم ومن ثم إجبارهم على الإجابة عن تلك الأسئلة التي لأجلها تمّت التعبئة. ولكن، ولأجل ذلك يجب الاعتراف بهذا الفضاء في الدستور من خلال إضفاء الطابع المؤسّسي على المجالس التداوليّة للمواطنين أين لا يتمّ إزعاج سياس Sieyès، ويكون الشعب قادرا على الكلام والتصرّف والإرادة. وبهذه الطريقة يتمّ بناء الديمقراطيّة المستمرّة.
[1] دومينيك روسو Dominique Rousseau، أستاذ بجامعة باريس1 البانتيون –سوربون Panthéon Sorbonne، مدير معهد السوربون للعلوم القانونية والفلسفية. وهو مؤلّف كتاب Radicaliser la démocratie : Propositions pour une refondation: ، Seuil 2015
[2] Sieyès, « Sur l’organisation du pouvoir législatif et la sanction royale », in Les Orateurs de la Révolution française, La Pléiade,1989, p 1026-1027