الملخّص:
مرّ تعليم أبناء الجاليات المسلمة، ومن في حكمهم من الأقليات والمهاجرين والوافدين في البلاد الأجنبية ودول المهجر، وفي البلاد الإسلامية والعربية ذاتها، بمراحل عديدة من المصاعب ومازال. حيث يعيش أبناء هذه الجاليات والأقليات في ظروف متفاوتة ومتناقضة، فبعض دول المهجر توفر قدرا جيدا من الوفادة أو الرعاية، أو التقدير لأبناء هؤلاء في الخدمات التعليمية، وتضع في مقابل ذلك شروطا ومعايير من أهمها ألا يترتب عن التسهيلات التعليمية التأثير السلبي على المجتمع من خلال ما قد يتم بثّه من أفكار دينية ونحوها. وفي الدول الإسلامية والعربية هناك نوع آخر من الضغوط والمصاعب الثقافية والمادية التي تعاني منها المؤسسات التعليمية الإسلامية تحديدا. وبين حين وآخر تتخذ إجراءات تحمل بريقا من الأمل بشأن تحسين مستوى الخدمات التعليمية لأبناء الوافدين والمهاجرين والجاليات ومن في حكمهم، ومع كل ذلك يظلّ تعليم هذه الفئات متأخرا كثيرا عن المستوى المنشود. وتلعب الأنظمة السياسية في دول المهجر، وفي البلاد الإسلامية والعربية الدور الأكبر في التحكم في نوع ومستوى التعليم الإسلامي الذي يقدم لأبناء هذه الشرائح. وتوجد تنظيمات دولية تؤكد على حماية حق التعليم الأمثل لأبناء المهاجرين والأقليات ومن في حكمهم، لكن بعض الممارسات الفعلية في عالم الواقع تعمل ضد هذا الحق. وأكثر الذين يعانون في الساحة الدولية من بين جميع الأقليات ومن في حكمهم هم أبناء المسلمين، وتتوقف فعالية الخدمات التعليمية لأبناء الأقليات الإسلامية في البلاد المختلفة على مدى الإمكانات المتاحة للجمعيات والمنظمات الإسلامية لدعم هذه الخدمات، وعلى مدى ما تتمتع بها بعض القيادات المجتمعية المسلمة في هذه البلدان من المقدرة القيادية، والمهارات الاجتماعية، والالتزام الديني والولاء للهويّة والجذور عامّة. وحتى الآن، لا يوجد تنظيم دولي إسلامي محدد يرعى مصالح تعليم أبناء المهاجرين والوافدين والأقليات ونحوهم في النطاق المحلي والإقليمي والدولي، لكنْ هناك دول عربية وغير عربية تدعم التعليم الإسلامي لهذه الشرائح بشكل واعد.
Abstract:
Educating children of Muslim communities and those of similar minorities, immigrants, and immigrants in foreign countries, and in Islamic and Arab countries themselves, have gone through many stages of difficulties and still are. Where the members of these communities and minorities live in varying and contradictory conditions. Some countries of the Diaspora provide a good level of delegation, care, or appreciation to their children in educational services, and set conditions and standards in return for that, the most important of which is that educational facilities do not have a negative impact on society through what religious ideas may be broadcast and the like.
In Islamic and Arab countries, there is another type of cultural and material pressures and difficulties experienced by Islamic educational institutions in particular. From time to time, measures are taken that carry a glimmer of hope regarding improving the level of educational services for the children of immigrants, expatriates and the like, and despite all this, the education of these groups remains far behind the published level. The political systems in the Diaspora, and in the Islamic and Arab countries, play the biggest role in controlling the type and level of Islamic education provided to the children of these classes.
There are international regulations that affirm the protection of the right to an optimal education for children of immigrants, minorities, and the like, but some actual applications and practices in the real world work against this right. And those who suffer most in the international arena among all minorities and those in their rule are the children of Muslims. The effectiveness of educational services for members of Muslim minorities in different countries depends on the extent of the capabilities available to Islamic societies and organizations to support these services, and on the leadership ability, social skills, religious commitment and loyalty enjoyed by some Muslim community leaders in these countries.
Even until now, there is no official organizational structure to those students in reality, for the children of immigrants, minorities, and the like in the local, regional and international arenas, but there are Arab and non-Arab countries that support Islamic education for these segments promisingly.
1- المقدمة:
تعيش العديد من شرائح المهاجرين في أوطان أخرى بعيداً عن معاقلهم لأسباب عديدة، أبرزها الهروب من الاضطهاد أو الظلم الذي يتعرضون له في بلدانهم لأسباب تخرج عن إرادتهم في مختلف الحالات. وهم عندما ينتقلون للعيش في بلدان أخرى يتعرضون لمصاعب شتى، وخاصة المهاجرين غير الشرعيين. ويكوّن هؤلاء لأنفسهم، في أوطان المهجر، كيانات اجتماعية واقتصادية خاصة بهم، فيمارسون أنشطة متنوعة قد يمتد بعضها إلى الجوانب السياسية، إلا أنّهم، في الغالب الأعم، يعيشون في عزلة يحافظون من خلالها على ثقافتهم، وعلى أشكال مختلفة من الخصوصية. وفيما يعيش البعض منهم كأقليات في مجتمعات المهجر، يندمج البعض الآخر، وينصهر في بوتقة الحياة الاجتماعية والسياسية في هذه المجتمعات الجديدة، ويصبحون أعضاء أساسيين فيها مع مرور الوقت، وتصعب عودتهم إلى بلدانهم الأصلية حتى عند انتهاء أزمات بلدانهم تلك. وقد نظر بعض المثقفين إلى جماعات المهاجرين باعتبارهم أقليات، حيث يرون أن هؤلاء عبارة عن جماعات فرعية تعيش بين جماعات أكبر، تكوّن لنفسها ملامح تميّزها من الجماعات الأكبر حولهم، وعادة ما تنظر إلى نفسها باعتبارها مجتمعات معاناة مقارنة بغيرهم، وهذه المعاناة قد تكون بسبب حرمانهم من مزايا اجتماعية واقتصادية عديدة في بلدان المهجر، وتزداد شدة المعاناة عندما يشاهدون أقليات أخرى تتمتع بمزايا ووتحظى بمنزلة أفضل منهم، وعادة ما ينظر إليهم المجتمع الكبير على أنهم من الأغراب، ولذلك يقوم هؤلاء المهاجرين بتكوين العديد من المؤسسات الثقافية الخاصة بهم كالمدارس والمستوصفات الطبية، والمتاجر ونحوها. وقد تكون أسباب العزلة عرقية، أو لغوية، أو ثقافية، أو لونية، أو دينية، وقد تكون مزيجاً من هذا وذاك. وفي الآونة الأخيرة أضحت مشكلات الهجرة من أعقد المشكلات السياسية، ذلك أن العديد من بلدان المهجر اكتظت بالمهاجرين الذين شرعوا بقصد أو من دون قصد إلى التأثير على كافة مجريات الأحداث داخلها سياسياً وثقافياً واقتصادياً، هذا إلى جانب الامتزاج الاجتماعي، وتكوّن صور نمطية أو غير نمطية حول احتمالات تحولهم إلى مجتمعات أغلبية، مع ترهل المجتمع الأصلي وشخصياته، هذا فضلاً عما يسببه هؤلاء المهاجرون من ضغوط اقتصادية على حكومات دول المهجر، واحتياج إلى الخدمات الصحية والتربوية بأنواعها. وتجد بعض الحكومات نفسها، بفعل موقعها الديني أو السياسي، ملزمة بتأمين هذه الخدمات بغض النظر عما يسبّبه ذلك من ضغوط عليها وعلى مواطنيها. كما أنّ هؤلاء المهاجرين يحتاجون إلى خدمات أخرى غير تقليدية كالتأشيرات للدخول والخروج والسفر، والهويات التعريفية، وتصاريح العمل، وصكوك الامتلاك، وإدخال أبنائهم إلى مدارس الأغلبية وتخطي انعكاسات ذلك على أبنائهم، وعلى الأبناء الآخرين، وخدمات البلدية، وتوسيع نطاق الخدمات خارج المواقع المحددة، وحاجة هؤلاء إلى العديد من المنشآت المدنية والمرافق المتنوعة. وقد اتضح من خلال أحد العروض الإحصائية أنّ المسلمين الذين تنطبق عليهم مواصفات الأقلية والذين يعيشون وفق هذه الخاصية قد وصل عددهم إلى ما يقارب ثلث المليار نسمة (assakina.com). كما تشير إلى ذلك إحصائية صادرة عام 2015م، حيث أظهرت بياناتها أنّ هناك أكثر من عشر دول يقصدها المهاجرون، وأن هناك ما يزيد عن 232 مليون مهاجر حول العالم حتى تاريخ الثاني من يناير عام 2015م (الأمم المتحدة، 2015م)، (2012 ali,)، (2004 Clary,).
1-1- المشكلة:
منذ أن تم إنشاء مدارس الجاليات في البلدان المختلفة والجهود الرسمية والأهلية في عمل مستمر لتقديم الخدمة التعليمية اللائقة لأبناء هذه الجاليات. وقد اتضح من خلال العديد من المشاهد والوقائع والتقارير أن عدم توفر الأوضاع النظامية للإقامة وقلة الفرص في المدارس الحكومية أو ندرتها، كانت مدعاة للعديد من المخاوف والمصاعب لاسيما أن مصير أبناء هؤلاء المهاجرين الوافدين هو مصير في عالم المجهول، ولا أحد يعرف إلى متى ستظل، أوضاع هؤلاء في تَرَدٍّ وتراجع، خاصة في ظل الصمت والسكوت أو التجاهل الدولي لما يجري من أعمال عنف وقمع وتردي الأوضاع عامّة، والإخلال التام بحقوق الإنسان. ولذلك فإن المدارس المنشأة لخدمة الأبناء ظلت تعاني من أجل البقاء لفترة ليست بالقصيرة، فهناك أعداد هائلة من الأفراد يعيشون في مواقع الإقامة دون تعليم، ودون فهم للإسلام والتربية الإسلامية على غرار المشردين أو أبناء الشوارع، هذا إلى جانب المشكلات المادية وغيرها مما أضحى يشكّل تهديداً للأمن الاجتماعي والوطني. وقد كانت أوضاع المدارس المنشأة متردية للغاية في بداية نشأتها، حتّى أنّه يصحّ نعتها بالبدائية جداً، فكان الكثير من الطلبة يجلسون على الأرض داخل فصول هذه المدارس التي كانت معتمدة بشكل كلي تقريباً على إعانات المحسنين، وتفتقر إلى أبسط التجهيزات والإمكانات، هذا فضلاً عن سوء مواقعها، وعدم تلقيها أي دعم من الجهات المختلفة، وكانت تخضع لإشراف مكاتب الدعوة والتوعية. وفي عام 1423هـ تم إنشاء هيئة الإشراف على مدارس الجاليات في المملكة العربية السعودية، وبدأت هذه المدارس تتلقى بعض الإعانات من مؤسسات كبرى مثل مؤسسة الحرمين الخيرية، كما تم لاحقاً تأهيل العديد من المعلمين والمعلمات من الأقليات نفسها للعمل بهذه المدارس، زاد عددهم عن 450 معلماً ومعلمة. وقد بينت الدراسة التي أجراها الشيعاني عام 1432هـ أنّ مدارس الجاليات الخيرية مرت بظروف وانتكاسات عديدة خلال نشأتها، وهي وإن شهدت أوضاعها بعض التحسّن، فإنّها لا تزال بحاجة إلى مزيد من الدراسة والعناية (الشيعاني، 1432هـ). وبموجب قرار إدارة تعليم منطقة مكة المكرمة في 15/10/1437هـ فقد تم توحيد مكتبي التعليم للإشراف على مدارس الجاليات بمنطقة مكة المكرمة (بنين وبنات) في مكتب واحد بمسمى (مكتب التعليم للإشراف على مدارس الجاليات) (الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة، 1437هـ).
وأيدت الدراسة التي أجراها عوكل عام (2008م) أنّ أبناء الجاليات يعانون ظروفا سلبية كان لها تأثيرها على نجاحهم الدراسي، واندماجهم في المجتمع التربوي. وقد لوحظ أن معدّلات اندماج أبناء الجاليات في العديد من الدول مازالت منخفضة لأسباب مختلفة (عوكل، 2008م). كما أنّ المعلمين الوافدين أنفسهم الذين يعملون في مدارس الجاليات أو في غيرها تتملّكهم مشاعر دونية أو سلبية في بلدان الوفادة أو المهجر، وربما لا يحصل بعضهم على نفس مزايا أقرانهم من جنسيات أخرى. ويدعم ذلك ما توصلت إليه دراسة الكندي عام (2014م)، من أن معدلات الرضا الوظيفي تنخفض بشدة لدى المعلمين الوافدين (الكندي، 2014م). وبينت الدارسة التي أجراها مركز الدراسات الدولية والإقليمية في قطر أنّ الجاليات العربية الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي تجد أحياناً مصاعب جمة في التكيف أو الاندماج، والحصول على فرص التعليم المناسب لأبنائهم، هذا عدا الضغوط الإدارية والتنظيمية التي يتعرضون لها في بلدانهم (مركز الدراسات الدولية والإقليمية 2016م). وبالرجوع إلى نتائج الدراسة الميدانية التي أجراها الصغير عام 1422هـ اتضح أنّ مستوى التكيف الاجتماعي والنفسي للطلبة الوافدين منخفض بسبب ظروفهم الخاصة، وأحياناً بسبب بعض الممارسات الإدارية والتنظيمية الخاطئة (الصغير، 1422هـ)، (2000 Haddad,).
ومن المشاهد الثقافية والاجتماعية المؤثرة سلباً على حالة الطلبة الوافدين من أبناء الجاليات المختلفة، وخاصة الطلبة المسلمين في دول الوفادة أو المهجر، مشكلات الهجرة والزواج من الأجنبيات، وتأثير ذلك على التكوين النفسي والاجتماعي للأبناء، وتغير العديد من المفاهيم الجوهرية عندهم، وتذبذبها ما بين الواقع والمثال (نظيف، 2000م)، ويدعم ذلك ما توصلت إليه دراسة مرسي عام 2010م التي أوضحت أنّ إشكالات المهاجرين العرب في أوروبا وحدها تشكل معضلة ثقافية اجتماعية سياسية عظمى. إذ يعاني أبناء المهاجرين في مدارس الوفادة في بلاد المهجر من مصاعب جمة عرقية، ودينية، وتنتشر حالات التهميش والتمييز ضدهم بشكل كبير وواضح (مرسي، 2010م). واتضح من نتائج الدراسة التحليلية عن الطلاب الوافدين في مصر التي أجريت عام 2010م، أن الطلبة الوافدين لديهم مشاعر ومواقف سلبية لأسباب تتعلق بهممباشرة، وأخرى تتعلّق بالنظم، وبطبيعة الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية في مصر، وبالتقلبات المختلفة للأوضاع الاقتصادية (الإدارة العامة للبحوث الثقافية، 2010م). ومن خلال العديد من المشاهد الأخرى، فإن الوافدين بعد مرور وقت طويل على إقامتهم في بلدان الوفادة والمهجر، يصلون في بعض الحالات إلى مستوى عال من التكيف لا يفكرون بعده في الرجوع إلى أوطانهم الأصلية، فيتكون لديهم نوع من الرغبة في التحول إلى مواطنين ولو من درجة أقل، وهذه الظاهرة لا تخص جاليات بعينها، بل تشمل العديد من الوافدين من البلاد العربية أو الأجنبية أو من البلاد الإسلامية. وفي الواقع فإن الهجرة والوفادة إلى دول الخليج العربية أصبحت ظاهرة حديثة غير اعتيادية، وشملت حتى الوافدين من بلاد أوروبا وأمريكا وغيرهما. ولكن هذه الظاهرة في الهجرة تزامنت مع زيادة السكان في هذه الدول، وأضحى المهاجرون الجدد مهددين للعمالة المحلية، ومزاحمين للسكّان المحليين على الفرص، لاسيما أن العديد منهم يتفوق على المواطنين في جوانب شتى. كما أنّ هناك اليوم وافدين جددا هم الأكثر حظّاً في الحصول على موافقات الجهات الرسمية، وارتياح المواطنين، وهم الوافدون للعمل من دول آسيا تحديداً. ومعظم الوافدين لا يأتون بنيّة الحصول على فرص العمل وحدها، بل أيضا للحصول على فرص الاستقرار النسبي الذي تشهده بلدان الخليج العربي. ومؤخراً بدأت بعض الدول الخليجية في اتخاذ إجراءات كثيرة من شأنها أن توجد حلاً لمشكلات العاطلين عن العمل من مواطنيها الذين زحمتهم العمالة الأجنبية، ومع ذلك فهذه الدول لا تستطيع أن تستغني عن العمالة الأجنبية في المرحلة الحالية. وستظلّ حتى الدول الأكثر حظاً في أوروبا وأمريكا بحاجة إلى المهاجرين الوافدين للعمل في أراضيها لأسباب كثيرة ومتنوعة، وقد فشلت النظريات التي كانت ترى أن عهد الهجرات الكبرى قد مضى، وأن العاطلين المحليين سيحلون محل العمال المهاجرين، وأن التقسيم الدولي للعمل قد يجعل الهجرة دون جدوى. ولهذا فإن من الأهمية بمكان النظر إلى واقع الجاليات المختلفة، بشكل غير تقليدي، ولابد أيضا من النظر إلى أن عدد المهاجرين للعمل في بعض البلدان الخليجية يقترب، إن لم يزد، عن عدد السكان المواطنين، وهذا قد يصنع ضغوطاً محلية وخارجية ليس لها حدود. ووفقاً لذلك فإن البعد التربوي قد يحتل أهمية خاصة في صناعة فكر تربوي تعليمي يعزز الهوية الوطنية، ويغرس صوراً من التكافل والتواد والتكافل والحوار والاحترام مع الآخرين أكثر من أي وقت مضى. ومن جانب آخر فقد أصبحت اليوم الهجرة جماعية وعائلية ولم تعد فردية، وتؤثر الأحداث السياسية المعاصرة كثيراً على ذلك. حيث أنّ عدد المهاجرين من النساء والأطفال والشباب سيتزايد بشكل ملحوظ خلال المرحلتين الحالية والمستقبلية، وقد تصبح بعض أنواع الهجرة غير الشرعية مكملة للهجرة القانونية لتغطية بعض أنماط الطلب الاجتماعي على أصحاب الحرف. وفي بعض البلدان الأوروبية مثلاً تم تشجيع الهجرة إلى أرضيها – كما يشير أحد الخبراء إلى الخصوصيات الديموغرافية لهذه القارة التي تتميز بالشيخوخة وانخفاض الخصوبة، ذلك أن شيخوخة السكان تؤدي إلى انخفاض النشاط الاقتصادي، كما تؤدي في الوقت نفسه إلى ضغط كبير على نظام الضمان الاجتماعي والخدمات التعليمية، وأنظمة التقاعد، وأشارت بعض تقارير الأمم المتحدة إلى أنّه على أوروبا أن تستقبل وحدها ما لا يقل عن 160 مليون مهاجر مع عام 2025م. ولذلك فقد ارتفعت نسبة الزواج والتجنّس وعدد الأطفال الأجانب، وهذا الوضع نفسه يتكرّر – ولو بدرجات – في العديد من الدول في العالم (2003 Jacob,)، (1979 Lomax,)
ولعلّ من الأهمية بمكان السعي إلى نشر هذه الجاليات بشكل مناسب في أنحاء كل دولة عوضاً عن تجمّعهم الكبير في مواقع محددة، فقد يساعد هذا الانتشار في المحافظة على المقدرة على تقديم خدمات متنوعة تعليمية وغيرها بشكل مناسب، كما أنّ هذا الانتشار قد يساعد على إحياء بعض المواقع المهمشة في الجانب الجغرافي للبلاد. ويظل الجانب التعليمي بمثابة نقطة تحول في وضع هذه الجاليات، فكلّما كان التعليم متاحاً للجميع مع توفّر نفس الظروف، والارتقاء بفرص التوظيف، وإزالة العوائق والعقبات، كلّما كان ذلك مدعاة للحفاظ على الوحدة رغم التنوع، ومدعاة لمعالجة مشكلات البطالة عند المهاجرين التي قد تتسبب في زعزعة الأمن الاجتماعي أو حتى تقويضه. وربما يكون من المناسب أن يتمّ النظر إلى المهاجر الوافد لا على أنه مجرد أداة أو وسيلة للإنتاج وللخدمة، بل على أنّه كائن بشري حث الشرع الإسلامي وبعض الدساتير الدولية على احترامه وتقديره ومراعاة حقوقه وإنسانيته في شتّى المجالات، مثلما حثّ على ضرورة تجنّب جميع أشكال التمييز القبلي واللوني والعرقي واللغوي، وأن تسقط أشكال الاستعباد أو التهميش والإلغاء ويحل محلها التسامح وحسن التعايش والتقبل للآخر (1998 Clegg,) (1996 Brooks,).
وتأسيساً على ما تقدم، فإن المشكلة تنحصر في السعي إلى مراجعة تحليلية نقدية لتعليم أبناء الجاليات وحل مشكلات تعليم اللاجئين المسلمين، والوصول إلى صيغ متطورة للارتقاء بتجربة تعليم أبناء الجاليات، وتقويمها، وبناء نموذج عالمي لتعليم الوافدين ومن في حكمهم.
1-2- أسئلة البحث:
يروم البحث الإجابة عن الأسئلة التالية:
– ما واقع تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) المسلمين في بعض الدول العربية والإسلامية والأجنبية؟
– ما الجهود التي قامت بها بعض الدول العربية والإسلامية والأجنبية لمتابعة مشكلات تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، والوافدين)؟
– ما الصيغة العلمية المقترحة للارتقاء بتعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، والوافدين) في الدول العربية والإسلامية والأجنبية؟
1 -3- أهمية الموضوع:
تنبثق أهمية هذه المراجعة من الآتي:
- (من المتوقع أن تسهم نتائج المراجعة في التّحسيس بالوضعيّة التّعليميّة لأبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) في الدّول المختلفة) أملا في تحسينها.
- قد تسلط المراجعة الضوء على مستوى الجهود المبذولة في رعاية أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) تعليميا، من قبل الدول المختلفة.
- قد تساعد نتائج المراجعة في توجيه عناية متّخذي القرار في الدول المختلفة بأهمية الارتقاء بمستوى الخدمات التعليمية لأبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين).
- قد تساعد نتائج المراجعة في طرح/تقديم أفكار جديدة لدعم تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين والوافدين) من الجوانب المختلفة.
- قد تساعد نتائج المراجعة والمناقشات الواردة القيادات التربوية المختلفة على حسن اتخاذ تدابير واحتياطات وإجراءات مناسبة للتعامل مع تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) وحسن إدارته وفق معايير ومؤشرات تعليمية مرموقة، وسن القوانين اللازمة.
- قد تشجع نتائج المراجعة ومداولاتها الباحثات والباحثين على البحث العلمي في شؤون تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) في الدول المختلفة.
1 -4- أهداف العرض التحليلي النقدي:
يستهدف الباحث من وراء هذه المراجعة التحليلية النقدية ما يلي:
- توفير مستند علمي عن واقع تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) المسلمة في بعض الدول العربية والإسلامية والأجنبية.
- رصد بعض الجهود الأساسية المبذولة من قبل بعض الدول العربية والإسلامية والأجنبية في متابعة مشكلات تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين).
- اقتراح صيغة علمية للارتقاء بتعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) في الدول المختلفة.
1 -5- المصطلحات:
- مفهوم الأقلية والجالية: بحسب بعض الوثائق فإن مفهوم الكثرة والقلة يؤخذ بشكل نسبيّ، فما زاد على النصف فهو الكثرة، وما نقص عن النصف فهو القلة. أما الجالية فبحسب القاموس المحيط (جلوا عن منازلهم يجلون جلولا، وجلاً، جلوا، وهم الجاله)، أما في المنجد (قل خرج من بلده إلى آخر، فهو جال، الجاله: هي الجامعة جلت من منازلها وأوطانها واستوطنت البلاد التي حلت فيها).
- تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) ويقصد به مستوى ونوع الخدمات التعليمية المقدمة في الدول العربية والإسلامية والأجنبية لأبناء الجاليات والمهاجرين والوافدين المسلمين في هذه الدول.
- مؤسسات تعليم أبناء الجاليات: ويقصد بها المدارس أو المراكز أو المعاهد التي تقوم بإنشائها الأقليات المسلمة في البلدان المختلفة التي تستقبل أبناء الجاليات أو المهاجرين أو الوافدين في بلد الإقامة للمحافظة على جذورهم الثقافية المختلفة، وقد تحصل هذه المؤسسات على بعض أشكال الدعم من السلطات الحكومية التعليمية وغيرها، وتختلف مستويات التعليم التي تقدمها هذه المؤسسات بحسب الحاجة.
- تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) في مؤسسات بلد الإقامة: ويقصد به سعي دول الإقامة إلى توفير الحد الأدنى من التعليم المجاني لأبناء الجاليات أو المهاجرين أو الوافدين ضمن المؤسسات الرسمية التابعة لها، كنوع من الالتزام الأخلاقي والأدبي والدولي.
1 -6- المنهجية:
اعتمد الباحث على المنهج الكيفيّ وذلك في استنباط معالم الظاهرة وهي (تعليم أبناء الجاليات، المهاجرين والوافدين) والبحث عن بعض الشواهد المرتبطة بها، ورصد العوامل أو القوى المؤثرة على الظاهرة، وفهم تجليات الوثائق والمستندات الرسمية، والجوانب الثقافية ذات العلاقة بغية استجلاء جوانبها المختلفة، والخروج بتعميمات محددة (اسماعيل، 1986)، (عبد الكريم، 1982). والهدف من تطبيق المنهج الكيفي هو توفير وصف متكامل عن موضوع ظاهرة تعليم أبناء الجاليات ومن في حكمهم، وذلك عبر تحقيق غايات استطلاعية (الوليعي، 1433هـ)، (2008 Babu,)
مفهوم الأقليات والمهاجرين والجاليات والوافدين:
يدلّ اللفظ على شريحة من السكان يستوطنون بلدا ما لظروف قسرية تحتّم عليهم الانتقال أو الهجرة أو الوفادة إلى بلد ذي أغلبية، بقصد العثور على ما يمكنهم العثور عليه من فرص الإيواء، والسلامة. ويتّجه بعض هؤلاء إلى بلدان الأغلبية كمهاجرين، أو مقيمين إقامة مؤقتة ووافدين لحين انتفاء الظروف التي دعتهم إلى مغادرة بلادهم، أو بوصفهم جاليات تبحث عن فرص العيش بسلام ولو إلى حين. وغالبا ما تكون هنالك قواسم مشتركة بين هؤلاء المنتمين إلى الأقليات أو المهاجرين أو الجاليات أو الوافدين من أهمها البحث عن فرص للعمل، والهروب من قسوة الأنظمة القائمة في بلدانهم، أو النجاة من قسوة ظروف الطبيعة. والعديد من هؤلاء تربطهم روابط القرابة أو الدين، أو اللغة أو الموطن. وقد تصبح الأقلية أغلبية، ولكن في أغلب الأمم تعيش الأقليات في بلاد ذات أغلبية سكانية مختلفة عنها في كل شيء تقريبا. والأقليات المسلمة بشكل خاص هي أكثر أنماط الأقليات معاناة في دول الوفادة والهجرة لأسباب سياسية ودينية ونحوها، على أنّ بعض هؤلاء يتمكنون من التكيف السريع، والاندماج في المجتمع الجديد، بل والوصول فيه إلى النفوذ والسلطة (بكر، 1432هـ)، (الكتاني، 1975). ويرى النجار أن الأقلية تعني الفئة أو الطائفة أو الجماعة من الناس الذين يجمعهم الدّين ويعيشون وسط أنظمة وطوائف ومجتمعات وشعوب أكثر منهم عددا ولا يؤمنون بالدين نفسه أو يعتقدون فيه، ويحاولون بكل الإمكانيات المحافظة على هويتهم الدينية لكي لا تذوب في خاصيات الأغلبية التي ليست على الدين نفسه (النجار، 1438هـ) ورغم أنه توجد اختلافات في التوصل إلى مفهوم جوهري بشأن تعريف الأقلية وخاصة الأقلية المسلمة من وجهه النظر الفقهية، إلا أنّ الواضح أن هذه الأقلية هي عادة ما تكون طائفة مستوطنة تجمع بينها روابط محددة أو متنوعة، وتسعي للعيش الكريم في الموطن الجديد (2016 Gibsondawn-Marie;).
وتشير معظم الأدبيات العلمية إلى أن جماعات الأقلية تسعى إلى الحفاظ على الهوية والتمسّك بالجذور، وبعضها ينجح في ذلك، وتتراجع لدى البعض الآخر عناصر الهوية بسبب الانغماس في المجتمع الجديد. كما أنه من الواضح أنّ العديد من دول العالم المتحضرة تقوم بجهود متنامية من أجل منح هؤلاء حقوقا متنوعة. ومع ذلك تظل بعض الأقليات، حتى وهي تبدي انتماء إلى الأرض والمكان، في معاناة دائمة بسبب الاضطهاد السياسي الذي تمارسه السلطات عليها، وخاصة المسلمين منهم. وقد أوضحت بعض الأدبيات أن الأقليات المسلمة ليس لها تمثيل سياسي أو برلماني داخل بعض الدول، ولا يسمح لها بتكوين مرجعيات سياسية، وغالبا ما تجد صعوبة في المنافسة على الأصوات الانتخابية، ومن الصعوبة بمكان أيضا أن تكون لهم منظمات حقوقية تدافع عن كياناتهم (الميمي، 2008). ورأى بعض الخبراء أن العديد من الأقليات وخاصة الأقليات المسلمة تعاني من مشكلة الانغلاق وعدم المقدرة على التغلغل داخل نسيج الدولة التي تستوطنها بسبب الإبقاء على التواصل الزواجي ضمن حدود أفرادها، ولذلك لا يجد أبناؤهم فرص التعليم المناسبة، ولا فرص العمل التي لغيرهم (توبولياك، 1441هـ)، (Demographic Poatrate, 2017).
2- تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) في الدول الأجنبية: منظور تحليلي نقدي:
تشير العديد من الوثائق والأدبيات إلى أن أبناء الجاليات (المهاجرين الوافدين) في دول أوروبا وأمريكا وكندا، يحظون بخدمات تعليمية مناسبة، وتكاد تكون متكافئة تماما مع مستوى الخدمات التعليمية المقدمة لأبناء البلاد الأصليين. وقد تكون طبيعة الأنظمة السياسية التي تنتهج الدّيمقراطيّة، وتسعى إلى ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان، وطبيعة القوانين المنظمة للحياة المدنية هي المسؤولة عن ذلك. فهذه الدول تسمح للأقليات المسلمة بدراسة علوم الدين الإسلامي في المراحل التعليمية المختلفة، وتسمح للخبراء والعلماء بتقديم الدروس والخبرات والمحاضرات عن الإسلام وتعاليمه، وتسمح أيضا بتدريس الطلبة المقررات الدراسية المعبرة عن روح الإسلام، وتسعى في الوقت نفسه إلى تصحيح الصورة الذهنية النمطية التي تكونت عن الإسلام وأهله وعلومه بفعل المتغيرات السياسية والمواقف التاريخية ونحوها. كما أنّ هذه الدول ترعى العديد من مبادئ ثقافة السلام، والتسامح، وحقوق الإنسان، وتجعل من ذلك مجالا مهما في الخدمات التعليمية والتربوية لأبنائها ولغيرهم من الأقليات والجاليات ومن في حكمهم. (الكتاني، 1975)، (المسعودي،1439هـ)، (2019 Beshir And Diamant,)
وعموما، فإن تعليم أبناء الجاليات (المهاجرين، الوافدين) ومن في حكمهم يندرج تحت عدة أقسام (خاصة في أوروبا وأمريكا) وهي:
- تعليم أبناء القادمين من الدول الإسلامية طلبا للرزق وتحسينا للوضع المعيشي.
- تعليم أبناء الوافدين طلبا للعلم.
- تعليم أبناء اللاجئين السياسيين الذين هاجروا بسبب احتلال أراضيهم وديارهم، أو بسبب العنف السياسي أو الديني في بلادهم.
- تعليم أبناء أصحاب الأعمال باختلاف أنماطهم وظروفهم، وهم عادة فئة تقيم في هذه البلدان مدّة طويلة جدا أشبه ما تكون بالهجرة.
- تعليم أبناء أصحاب البعثات الدبلوماسية وما هو في حكمها (بشاري، 1997)، (السيد وآخرون، 1979).
وبحكم أن الإسلام هو الأكثر نموا في الساحة العالمية، وفي أوروبا تحديدا، وكذلك في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أنّ المسلمين يأتون من خلفيات وجنسيات متعددة، فإن التعدد العرقي للمسلمين هو الأكثر وفقا لبعض الدراسات التي أجريت من معهد السياسة الاجتماعية عام 2017 في أمريكا، واتضح منها أن الأغلبية العرقية تأتي من المنتمين إلى قارة أفريقيا السوداء حوالي 25% من مسلمي أمريكا، وحوالي 24% من السلالات البيضاء، وحوالي 18 % من الآسيويين، وحوالي 18% من العرب، علاوة على أعراق مختلطة حوالي 17%، وأن حوالي 50% من مسلمي أمريكا هم من الوافدين إما مع آبائهم وعائلاتهم، وإما أنهم ولدوا خارج أمريكا. وهناك ما يشير إلى أن أكثر من مليوني فرد من المسلمين المهاجرين إلى أمريكا أصبحوا سكانا قانونيين بها. ووفقا لبعض التقديرات فإن هناك حوالي 3.45 مليون مسلم بنسبة 1.1 % من مجموع سكان الولايات المتحدة الأمريكية هم من المسلمين، وبلغت معدلات الحفاظ على الدين الإسلامي من قبل هؤلاء نسبة أعلى من كافة الديانات الأخرى، وهناك توقعات تشير إلى أن المسلمين سيكونون أكبر مجموعة دينية بعد المسيحيين في الولايات المتحدة الأمريكية خلال العشرين سنة المقبلة، والأمر عائدٌ إما إلى ارتفاع معدلات الخصوبة عند المسلمين، أو إلى ارتفاع معدلات الهجرة إلى أمريكا، مع ذلك فهناك نسبة من المسلمين تترك الإسلام لأسباب مختلفة، وتحتاج هذه الشريحة إلى عناية فائقة (2001 Sacirbey,).
وتشير بعض التقارير إلى أن كثيرا من الأفراد المودعين في السجون يعتنقون الإسلام وأن حوالي 80% ممن يعتنقون دينا ما خلال فترات السجن يعتنقون الإسلام. وتشكل المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية مصدرا أساسيا للتعليم الإسلامي. فهناك ما يزيد عن 2000 مسجد في أمريكا، هذا عدا المراكز الإسلامية الكبرى. وهناك ما يزيد عن 400 مدرسة لتدريس أبناء المسلمين خلال العطلات الأسبوعية، علاوة على ما يزيد عن 200 مركز لتدريب الأطفال على السلوك الإسلامي وممارسة الشعائر الإسلامية عمليا. وتقوم بعض الأكاديميات الإسلامية بتعليم أبناء المسلمين إلى جانب المنهج العام في أمريكا المناهج الدراسية الإسلامية، وخاصة الأكاديمية الإسلامية السعودية في واشنطن وهناك أعدادا كبيرة من المدارس الدينية الإسلامية تنتشر في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتدريس المناهج الدراسية الإسلامية جنبا إلى جنب مع المنهج الدراسي الأمريكي العام. وإلى جانب هذه المؤسسات هناك مدارس أخرى من نوع خاص تقوم بتدريس الدراسات الإسلامية واللغة العربية مثل مدارس الأخت كلارا، ومعهد الدراسات الإسلامية في لوس أنجلوس، والمدراس العامة التي تقام في مواقع تجمعات المسلمين لتدريس اللغة العربية في المدارس الحكومية (الإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية: t.ly/4XIa). كما أنّ لبعض معتنقي الإسلام المهاجرين أو الذين خضعوا للاضطهاد الديني من أمثال درو علي، وما لكولم إكس وواريث دين محمد دور بارز في نشر الإسلام وخاصة الإسلام السني في الولايات المتحدة الأمريكية، هذا إلى جانب المعابد الإسلامية المختلفة، ومنظمة أمة الإسلام، وشخصيات أخرى سياسية ورياضية مثل كريم عبد الجبار، وحكيم عليوان، وأحمد رشاد، وشريف عبد الرحيم، وروبن كارت، ومايك تايسون، ومحمد على كلاي، ورشيد والاس، جنبا إلى جنب مع سياسيين بارزين من أمثال كيث إليسون، ولاري شو، وإلهان عمر، وتشارلز بلال، وأكو عبد الصمد، وأندريه كارسون، وجميلة نشيد وغيرهم (المسلمون الامريكيون من أصل افريقي: t.ly/WkAx).
ومع ذلك، فإن هناك ازدواجية في المنظور السياسي العام نحو الجاليات (المهاجرين، الوافدين، الأقليات) الإسلامية مقارنة بغيرهم. إذ تشير بعض الوثائق إلى أن المهاجرين اليابانيين والكوريين والصينين يتم النظر إليهم كأقليات نموذجية، ويتم إلحاق الطوائف اليهودية بهم، حيث ينظر إلى هذه الأقليات على أنها تحقق درجة أعلى من النجاح الاجتماعي والاقتصادي مقارنة مع المتوسط السكاني فيتم النّظر إلى كل من مؤشرات الدّخل والتعليم وانخفاض معدلات الجريمة، والاستقرار الأسري للحكم على مستوى النّموذجية لهؤلاء الأقليات ومن في حكمهم. كما أنّ هذا التصنيف ليس وقفا على الولايات المتحدة الأمريكية، بل وفي أوربا كذلك، حيث يحتل الإندو المقام الأول في جملة الأقليات في هولندا. وفي ألمانيا يتم النظر إلى الألمان من أصل كوري أو فيتنامي باعتبارهم أقليات نموذجية. أما في فرنسا، فيعتبر الفرنسيون من أصول اللاوسية والفيتنامية كأقليات نموذجية، باعتبار هؤلاء أكثر اندماجا ونجاحا في الحياة الأكاديمية، وفي دخل الأسرة من غيرهم (1990 Uzra,)
وفي الكيان الإسرائيلي يعطى المقام الأول للمسيحيين العرب، وهم شرائح تحظى بفرص تعليم أفضل من غيرهم، والمؤشر الأقوى في تفضيل هذه الشريحة يعود إلى الجوانب الأكاديمية، والعمل في المهن الراقية، بينما تسيطر الصور الذهنية النمطية السلبية على المنظور العام للآخرين رغم تفوق العديد منهم. ومع ذلك كلّه، فإن هناك تغيرات في نوع وحجم الصور الذهنية النمطية السلبية المكونة حول العديد من الأقليات العربية والآسيوية، فهناك من ينظر إليهم بوصفهم أفرادا مجتهدين وعاملين جيّدين منضبطين، وخاصة الأمريكيين الهنود الذين بدأت النظرة تتجه نحوهم كأقليات نموذجية. وفي بعض الدول الأخرى كالمكسيك يحتل اللبنانيون تصنيفا نموذجيا في دائرة الأقليات (1993 Terry,)، (2005 Samuel And Others,) (أقلية نموذجبة: t.ly/aWwj ).
ورغم كل ذلك، فإن الأقليات المسلمة في الولايات المتحدة الأمريكية تمكنت من المحافظة على رباطة الجأش تجاه جميع محاولات الإقلال من شأنها، وساعد ذلك على تأسيس مجموعة من الجمعيات والمؤسسات الإسلامية لها علاقة مباشرة بتحسين الخدمات التعليمية للأقليات الإسلامية في أمريكا، ومن هذه المنظمات الاتحاد الإسلامي لأمريكا الشمالية (Isna) وهو اتحاد معنيّ بالجوانب العلمية والطبية ونحوها، واتحاد الطلاب المسلمين وله ما يزيد عن 215 فرعا، واتحاد الجمعيات الإسلامية (Fia)، ورابطة الطلاب المسلمين (Msa)، ورابطة الشباب المسلم العربي (Maya)، وجمعية المجتمع الإسلامي (Mas). تتعامل هذه الجمعيات مع العديد من المصاعب الفكرية والمذهبية والسياسية ذات العلاقة بالإسلام ومبادئه وتطبيقاته والمنظور الوطني له وللمسلمين، لاسيما في ظل اتساع القارة الأمريكية، ووجود مصاعب الانسجام، ومشكلات الهوية بينهم، وقلة الكفاءات العلمية القادرة على قيادة الفك، والإشراف على الشأن الإسلامي، والمقدرة على التخطيط الاستراتيجي، والقدرة على الحوار (الشريفين، 1426هـ). وأشار عبد الحميد إلى أنّ اللغة العربية ماتزال موضوعا بعيدا عن الاستهداف في نشاط المؤسسات الثقافية الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، كما توجد مشكلة أخرى تهدد الأقليات الإسلامية هناك، وهي تراجع الهوية الإسلامية في خضم التيارات الفكرية والنزعات المختلفة داخل القارة الأمريكية، والاحتكاكات بين الأقليات المسلمة، وتراجع دور الأسرة المسلمة وضعف المقدرة على إدارة أفرادها بطرق تناسب الظروف المعاصرة، ومشكلات الزواج المختلط، ومشكلات الاختلاط وعدم الالتزام. وهي أمور تحدث في بلاد الإسلام أصلا، فكيف بها في بلاد غير المسلمين. وإلى وقت قريب كانت المناهج الدّراسية في الولايات المتحدة الأمريكية تكتظ بعرض صور نمطية عن الإسلام وعن العرب وعن الممارسات الإسلامية. هذا فضلا عن أنّ أبناء المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية يلتحقون ببرامج دراسية فيها قدر هائل من التنوع، ولابد من أجل النجاح والتفوق من امتلاك مهارات لغوية وعلمية متعددة. ومعظم المدارس الخاصة أو مدارس الأقليات لا تتلقّى دعما من حكومات الولايات. وبسبب كثرة أعداد الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا فإن هؤلاء الطلبة يدرسون بأعداد كبيرة داخل المدارس الحكومية لهذه البلدان، وهي مدارس ذات ثقافات لا تتماشى والنزعة الإسلامية (قناوي، 2003)، (القزار، 2002)، (الشريفين،1426هـ)، (محمود، 1407هـ). وعموما فإنّ هناك حملات إعلامية، وغير إعلامية يتم القيام بها ضد المؤسسات التعليمية الإسلامية داخل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في محاولات لتشويه صورة هذه المؤسسات والادّعاء بأنها مؤسسات تصدر التطرّف والإرهاب ونحوهما. وتعاني هذه المؤسسات من قلة الموارد، بل ومن قلة عدد الطلبة الملتحقين بها في بعض منها لأسباب عديدة، هذا إلى جانب قلة الكوادر القيادية والتعليمية المؤهلة للعمل بها. كما أنّ مدارس نهاية الأسبوع تمثل عبئا على الطلاب الذين يضطرون إلى دراسة جميع أيام الأسبوع وفقا لهذا التوجه (1963 Lomax,)، (2008 Muha) (2003 Turner,)
ومن أبرز الخدمات التي تحظى بأهمية بالغة من جملة احتياجات المهاجرين هي الخدمات التعليمية، حيث تشير العديد من الممارسات في العالم إلى أنّ هؤلاء المهاجرين يتعرضون إلى الكثير من أوجه التعسف في بلدان المهجر، وذلك عندما يجبر أبناؤهم على دراسة مناهج دول المهجر التي قد تكون مختلفة جذرياً وعقائدياً مع مواقعهم الأصلية، لاسيما في غياب التعليم الذي يعبر عن كياناتهم الثقافية والعقدية، هذا إلى جانب مشكلة الاعتراف بالشهادات الممنوحة للطلبة في المدارس التي ينشئها المهاجرون لأبنائهم، وذلك من قبل السلطات التعليمية لبلدان المهجر، واعتبارها جواز مرور إلى التعليم العالي أو المتخصص. وقد قام بعض الأفراد بإنشاء العديد من المدارس لأبناء المهاجرين شعوراً منهم بالمعاناة التي يكابدها هؤلاء في بلدان المهجر، وتقوم بعض الحكومات بتقديم بعض أنواع الدعم والخدمات الفنية أو اللوجستية كنوع من العون والمساعدة لأبناء المهاجرين. وقد أكدت تقارير اليونسكو لسنوات عديدة على أهمية العناية بتعليم أبناء المهاجرين والأقليات في جميع مواقع العالم بغض النظر عن ظروف الحرب أو المشكلات الاقتصادية والثقافية والسياسية ونحوها (اليونسكو، 1970م). ولذلك فإنّ الأمم المتحدة ومنظماتها أطلقت العديد من التشريعات التي تجيز للجاليات في مختلف المواقع في العالم إنشاء مدارس لأبنائها تحت قانون حق ممارسة الدين والعقيدة، وحق إنشاء المؤسسات التعليمية، وقوانين الحق العام، ومع ذلك مازالت العديد من الممارسات الحكومية في بعض دول المهجر تكيل بمكاييل مختلفة عند التعامل مع هذه القوانين، خاصة عند التعامل مع المهاجرين المسلمين، إذ تشير إحدى الدراسات إلى أن ما يزيد عن 570 ألف طالب وطالبة من المسلمين مثلا يدرسون في مدارس ألمانية لا يتمّ فيها تدريسهم الإسلام أو السماح لهم بذلك (أباكورا، 1435هـ) (1994 William,)، (Turner, 2003).
وتتعدّد مدارس الجاليات وتتنوّع، فهناك مدارس المجتمع وهي نوع من المدارس تموّلها الحكومة في بعض الدول على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، وتقدّم خدماتها باعتبارها مؤسسة تعليمية ومركزا للحياة المجتمعية، وتعبر عن شراكة بين المدرسة والمجتمع، وتهتم بتقديم المواد الأكاديمية، وتنمية الشباب، ودعم الأسرة، وتحسين الصحة العامة، وتوفير خدمات متنوعة خلال فترات الدراسة الرسمية وقبلها وبعدها وفي عطلات نهاية الأسبوع، وعادة ما تخضع هذه المدارس إلى نوع من التحالفات أو التكتلات أو الائتلاف ولذلك فهي مدارس عامة حكومية تمول من الضرائب.
وهناك دول كبلجيكا أوجدت أنظمة مدرسية متعددة ترعى من خلالها أبناء الوافدين (المهاجرين) كمدارس التعليم الأولي، ومدارس التعليم الثانوي، وتقدم الدراسة عادة باللغتين الفرنسية والهولندية، وتقوم مؤسسات المجتمع بتقديم بعض الخدمات التعليمية إلى جانب الجهود الحكومية. ويختلف مفهوم الوافد في المدارس الفرنسية عنه في المدارس الهولندية، ففي المدارس الهولندية يتعين أن تتوفر بعض المعايير في الطالب لكي يلتحق بها، من أهمها ألا يقل سنّه عن خمس سنوات وألاّ يزيد عن 18 عاماً، وألا تكون لغته الأم أو اللغة الوطنية هي الهولندية، وأن يكون ملمّاً بمقومات تجعله قادراً على التفاعل، وأن يكون حديث عهد بالإقامة في بلجيكا، وتتشدّد المدارس الهولندية في معيار اللغة، ومع ذلك توفر الحكومة برامج لأبناء الوافدين حتى عند عدم توفر المعايير المذكورة. ولكي تحصل المدراس الابتدائية على مواد إضافية يتعين عليها تسجيل الحدّ الأدنى من عدد الوافدين الذين يتم تخصيص أوقات دراسية أطول لهم من غيرهم، أمّا إذا كان عدد الطلبة الوافدين محدوداً، فلا يتم إعداد دروس منفصلة لهم. وإلى جانب ذلك فإنّ المساجد في بلجيكا تقدم خدمات تعليمية لأبناء الوافدين كذلك. وفي بلجيكا يتم التركيز على المفاهيم والقيم الأخلاقية في المدارس، وبإمكان الأهالي اختيار المدارس بحسب ما يرغبون، وذلك لتعدد برامج المدارس الحكومية والخاصة، والمجتمعية، والمحلية، ومدارس الجاليات (Uzra ، 1990).
3- مؤسسات التعليم لأبناء الجاليات(المهاجرين، الوافدين):
في بعض الدول العربية والإسلامية: عرض تحليلي نقدي: من الملاحظ أن مدارس الجاليات في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول تتنوع بشكل ملفت للنظر، فهناك مدارس الجاليات المصرية، مدارس الجاليات البرماوية، ومدارس الجاليات اليمنية، وهناك مدارس الجاليات العربية، مدارس الجاليات السودانية، وهكذا، وفي الوقت نفسه، يوجد عدد من الهيئات تشرف على مدارس الجاليات العربية والإسلامية مثل الاتحاد العالمي للمدارس العربية والإسلامية الدولية (منظمة عالمية تتولى نشر الثقافة العربية الإسلامية داخل العالم باللغة العربية، وتعزيز الدراسات الإسلامية) وجمعية المدارس الإسلامية بأستراليا، والمدارس العربية ببريطانيا، ومدارس الجاليات الإسلامية في أوروبا ومنظمة رعاية الطلاب الوافدين، والمدرسة العالمية الإسلامية في ماليزيا، والمدارس العالمية بالمملكة العربية السعودية، والأكاديميات السعودية في الخارج، هذا إلى جانب بعض المدارس الأهلية متعددة الفروع التي تنتشر في عدد من الدول العربية وغيرها. وتجدر الإشارة إلى أن هناك أعداداً كبيرة من المدارس التي تركز على الثقافة الإسلامية واللغة العربية والدعوة الإسلامية أنشأها بعض المشايخ والدعاة من حسابهم الخاصّ في بعض دول أفريقيا وآسيا وغيرها تطوّعا.
والمملكة العربية السعودية هي إحدى الدول الداعمة لقضايا المسلمين في أنحاء العالم، ويحتم عليها موقعها الريادي في العالم الإسلامي القيام بأدوار متعددة للحفاظ على قيم الإسلام، ووحدة المسلمين وتضامنهم، وتعاونهم في شتى المجالات. كما أنّ المملكة العربية السعودية تحتضن أكبر قدر من الجاليات الإسلامية في مختلف المواقع وخاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومن أبرز هذه الجاليات النازحة إلى أرض الحرمين الشريفين الجالية البرماوية. وقد أشار تقرير أعده المغامسي ونشرته عكاظ إلى العديد من الجوانب التي تتعلق بالطائفة البرماوية المهاجرة إلى المملكة العربية السعودية بفعل أعمال القمع والاضطهاد الذي يتعرضون له في بلادهم على أيدي البوذيين، ويزيد عددهم على نصف مليون نسمة، وقد قامت حكومة المملكة العربية السعودية بتصحيح العديد من الأوضاع التي اقترنت بقدومهم الواسع سواء في الجوانب النظامية أو الجوانب الأمنية أو الجوانب التعليمية، أو الجوانب الصحية والاجتماعية. وبموجب هذه الإصلاحات تمكنت الجاليات البرماوية من تشكيل مجالس لرعاية مصالحهم في مناطق سكناهم وخاصة في كل من مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، وأصبح (كيلو 14) معروفاً بالبرماويين في جدة على سبيل المثال، كما أنّ بعض البرماويين سكنوا مواقع أخرى بالمدن، علاوة على سكنى الطائف، والمنطقة الشرقية. ويغلب على هذه الفئة التدين، والعمل في تجارة المواد الغذائية، ويعيشون في عشوائيات.
ولم يكن نزوح البرماويين للمملكة العربية السعودية وحدها، بل هناك فئات نزحت إلى سريلانكا وماليزيا، والهند، وبنغلاديش في البداية ثم هاجروا إلى المملكة العربية السعودية منذ أكثر من 60 عاماً. ونظراً لإقامتهم الطويلة في البلاد، فقد أصبحت لهم امتدادات عديدة تمثلت في ولادة آلاف الأطفال البرماويين في المملكة، لاسيما بعد أن منحتهم حكومة المملكة العربية السعودية حق الإقامة النظامية. ولعل من أفضل ما برعت فيه الجالية البرماوية تعليم الأبناء القرآن الكريم حفظاً وتجويداً، وتلاوة. وفي منطقة مكة المكرمة وحدها تم القيام بتصحيح أوضاع تعليمية للجالية البرماوية استفاد منها أكثر من 70 ألف طالب وطالبة منهم في مختلف المراحل التعليمية، حيث تم استحداث 121 مدرسة منها 109 مدرسة ابتدائية للبنين وللبنات، وعدد 12 مدرسة متوسطة للبنين وللبنات، لخدمة 41312 طالباً وطالبة، هذا إلى جانب استحداث أرقام وزارية لهذه المدارس وتسديد احتياجاتها من الكوادر التعليمية الوطنية، وتحسين مواقع هذه المدارس، وتحسين البيئة التعليمية بها، وتسهيل عملية الوصول إليها، وتوفير خريطة تحديد مواقع لجميع المدارس البرماوية بالمنطقة. علاوة على ذلك قامت الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة بتعيين قادة لهذه المدارس، وصرفت ميزانيات تشغيلية لها، وتم تزويدها بالتجهيزات المدرسية على اختلافها، هذا إلى جانب توفير أعمال النظافة والصيانة وتطبيق مجانية التعليم لجميع الطلبة، وإيقاف دفع أية رسوم من قبل هؤلاء الطلبة أو أهاليهم (وطن، 2016م). واتجهت الجهات التعليمية الرسمية إلى دمج الطلاب البرماويين في مدارس التعليم العام مع السماح للمدارس الأهلية بافتتاح دروس ليلية لهم. والجدير بالذكر أن حكومة المملكة العربية السعودية قامت بمنح ما يزيد عن 190 ألف إقامة مجانية للبرماويين، وقامت بتسوية أوضاع أكثر من سبعة آلاف أسرة برماوية خلال الآونة الأخيرة. ورغم كل ذلك فإن مدارس الجالية البرماوية لا تزال بحاجة إلى دراسة عملية متعمقة تتناول العديد من المحاور الثقافية والتربوية والاجتماعية وغيرها، حتى تكتمل الجهود المبذولة من الحكومة السعودية، وتصل إلى مستوى الإشادة العالمية، وتكون مثالاً يحتذى به في الساحة الدولية. وفي بعض البلدان في شرق أسيا والباسفيك يتعرض كثير من المسلمين إلى مشكلات وتحديات عديدة بسبب الطوائف والديانات المنافسة، وبسبب النزعة العدائيّة التي يتبناها أولئك القوم تجاه أي دين أو فكر. ومن أكبر المصاعب هناك عدم الإلمام باللغة العربية، وانقطاع التواصل مع الدعاة من الأقطار العربية. وإلى جانب ذلك فإن المدارس الإسلامية التي تحرص على بناء التماسك والحفاظ على الهوية الإسلامية، تعاني أشد المعاناة من ضعف الإمكانات بأنواعها، وهي مدارس في مجملها بدائية في إمكاناتها، وفي بنيتها الأساسية، فضلا عن قلة فرص تقديم التعليم الحديث فيها بسبب منافسة البيئة العلمانية المحيطة بها، علاوة على أن بعض الدول لا تعترف بالمدارس الإسلامية مما يعوق دخول الطلبة إلى امتحانات الثانوية العامة، ويحرمهم بسبب ذلك من فرص التعليم الجامعي، ومن التوظيف في المؤسسات الحكومية والأهلية. ورغم ذلك، فإن الأهالي المسلمين يرفضون إدخال أبنائهم إلى المدارس الحكومية بسبب الخوف عليهم من الذوبان في الثقافات غير الإسلامية، ولذلك تغلب على هذه المدارس أساليب الكتاتيب والحلقات الدراسية في المساجد، وخاصة في كمبوديا، والفلبين، وتايلاند، مع العلم بأن هناك أعدادا هائلة من المسلمين تسكن هذه البلدان. ويضاف إلى ذلك تدني مستوى المعلمين، حيث أنّ عددًا ليس بالقليل من هؤلاء المعلمين ليس لديه مؤهلات تناسب التدريس، وربما يعرف أغلبهم قراءة القرآن الكريم، وشيئا بسيطا من اللغة العربية، وربما تغلب النزعة غير الدّينيّة في مناشط التدريس على بعضهم بسبب تأثرهم بغيرهم من المعلّمين.. ولأنّ هذه الدول تقوم بحظر القيام بمناشط دينية إلا أنّه يتمّ في بعض الأحيان تجاوز هذه الأنظمة. وفي رأي بعض سكان تلك الدول من المسلمين، فإن التعليم المهني لأبناء المسلمين في هذه المناطق قد يكون له أولوية، فقد يساعدهم ذلك في الحصول على فرص للعمل خارج بلدانهم، أو ربما استكمال دراستهم الجامعية خارجها إن أمكن. كما أنّ أبناء تلك البلدان المسلمين لا تتوفر لهم فرص المنح الدراسية الكافية والمناسبة للدراسة في البلاد العربية والإسلامية (العمري، 2008). وبالنسبة للهند، فقد كان لدخول الإسلام إليها دور كبير في نشر التعليم الإسلامي على الرغم من المعاناة من الغزاة والمستعمرين، ومن الصرعات الطائفية والدينية التي أشعل فتيلها الاستعمار قبل مغادرته لتلك البلاد. وقد كان بعض الهنود يستخدمون الكتابة العربية لأوقات طويلة إلى أن تدخل الاستعمار الإنجليزي وقضى على هذا التوجه، ولم يكتف بذلك، بل أسهم الاستعمار في إدخال أنماط من التعليم والقيم غير السوية وعمل على نشرها بين الشباب المسلمين(فرنس بريس، 2020).
أما في الصين، فعلى الرغم من اندماج المسلمين في المجتمع الصيني قبل العهد المنشوري، فإنهم عانوا وما زالوا يعانون في عهد المنشوريين ومن تلاهم، إلا أنّ المذهب الشيوعي طغى على معظم سكان الصين، فكان سببا في تقليص رقعة المؤسسات التعليمية الإسلامية، ومه ذلك استمرت المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية الإسلامية بالصين في تقديم برامج تعليمية إسلامية بارزة بما في ذلك تدريس اللغة العربية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مؤسسات التعليم الإسلامي العليا. وكان لبعض الدول نشاط ملموس في دعم الصينين المسلمين تعليما إسلاميا متميزا كالمملكة العربية السعودية، وبعض المنظمات الإسلامية جمعية التقدم الإسلامي)، و (الجمعية الاتحادية لعموم الصين). لكن الحكومة الصينية تتدخل في العديد من مناشط المسلمين بشكل غير لائق، على غرار منع الصيام في بعض الحالات خلال شهر رمضان. وتقوم الجمعية الإسلامية الصينية بالإشراف على كثير من مؤسسات التعليم الإسلامي بالصين، إلا أنّ مستوى التعليم ضئيل ومحدود خاصة في تايوان، وتايبيه، وهونج كونج. كما أنّ لبعض الجمعيات الإسلامية الأخرى مثل الجمعية الباكستانية الإسلامية، والجمعية الإسلامية الهندية، والجمعية البهارية نشاط ملموس في خدمة التعليم الإسلامي في الصين.
وفي نيبال، يعيش المسلمون داخل مجتمع الأغلبية فيه هندوسية مع أقلية بوذية، لكنهم يستطيعون ممارسة شعائرهم الدينية الإسلامية بحرية رغم الضغوط والتحديات القائمة. وتمكنت الأقلية المسلمة من إنشاء العديد من المدارس والمراكز الإسلامية مما أدى إلى الحفاظ على الهوية الإسلامية للطلبة المسلمين داخل نيبال، وساعدتهم في ذلك الجمعيات الخيرية الإسلامية، حيث قامت هذه الجمعيات بفتح المدارس الإسلامية والمراكز الدعوية، وتعيين الدعاة والأئمة ليقوموا بالتدريس والدعوة، وتقوم هذه الجمعيات كذلك بإرسال بعثات طلابية إلى الهند والمملكة العربية السعودية للدراسة من أجل استكمال تعليمهم.
وفي ماليزيا، على الرغم من أن الأغلبية هم من المسلمين حوالي 61% إلا أن الدستور الماليزي ينص على أن الإسلام هو دين الاتحاد الماليزي، لكن القوانين والأنظمة تعتمد على القانون الإنجليزي العام، لذلك لا تطبق الشريعة الإسلامية إلا على المسلمين، ويتركز التطبيق على جوانب الشعائر الدينية والأحوال الأسرية. ومع ذلك فإن المؤسسات التعليمية الإسلامية هي مؤسسات متطورة قياسا إلى ما يماثلها في البلدان الأخرى، وفي الغالب الأعم، فإن هذه المؤسسات تأخذ بنظم التعليم الحديث، ولذلك فإن النظام التعليمي الماليزي يعدّ من أفضل الأنظمة التعليمية عالميا.
أما في سنغافورة، فإن المؤسسات التعليمية الإسلامية تلقى عناية فائقة، ولذلك تتصدر سنغافورة العالم في نظامها التعليمي في معظم الأحيان. وهناك جمعيات إسلامية متعددة لها تأثير على المؤسسات التعليمية الإسلامية مثل جمعية الشبان المسلمين، وجمعية الملاويين، وجمعية دار الأرقم، وجمعية الشابات المسلمات، وجمعية الدعوة الإسلامية وجمعية التأميل المسلمة، وجمعية المسلمين الجدد، وجمعية تثقيف النشء وغيرها (بكر، 1432هـ)، (العمري، 2008).
كذلك فإن مؤسسات التعليم الإسلامي في سيريلانكا، تحظى باهتمام كبير من الحكومة السيريلانكية، حيث تشرف الحكومة على مئات المدارس الإسلامية وخاصة في التعليم الابتدائي، كما توجد بسيريلانكا مئات المعاهد العربية التي تستقبل عددا من الطلاب المسلمين من مختلف البلدان بما في ذلك البلدان العربية. كما توجد مدارس نهاية الأسبوع التي تقدم تعليما دينيا لأبناء المسلمين، وفي الواقع فإن هناك نشاطا ملحوظا جدا للتعليم الإسلامي في سيريلانكا يفوق التوقعات، وهو أمر معاكس تماما لما يحدث في الصين التي تعمل عنوة على طمس معالم الهوية الإسلامية ع للعديد من الشرائح السكانية المسلمة عبر انتزاع الأبناء من عائلاتهم وإدخالهم في مدارس ذات صبغة داخلية تستهدف تنميطهم وإخراجهم من الهوية الإسلامية، وأعداد هؤلاء الأبناء والبنات الذين يتعرضون لذلك بالملايين خاصة فئة الإيغور والكازاخيين. وتشير الدلائل إلى أن الحزب الشيوعي الصيني الحاكم يعمل على تشغيل عدد من المدارس الداخلية في معظم المواقع التي يوجد بها المسلمون من أجل عمليات طمس للهوية الإسلامية على الرغم من اعتراض المجتمع الدولي على ذلك، وغالبا ما يتمّ اعتقال الوالدين أو أحدهما كنوع من الضغط على الأبناء للذهاب إلى هذه المدارس، ويتم كذلك استبعاد المعلمين المسلمين بطرق شتى من بينها السّجن، واستبدالهم بمعلمين من عرقيات أخرى تعادي الإسلام والمسلمين، هذا إلى جانب القواعد والأنظمة الصارمة التي تمارسها الحكومة الصينية على الأطفال في هذه المدارس (فرنس بريس، 2020).
ومؤخرا، قامت بعض البلدان العربية بمبادرات لتعليم أبناء الجاليات في بعض التخصصات الجامعية بها، كما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة حيث فتحت الباب لقبول الطلبة في تخصصات الدراسات الإسلامية واللغة العربية وآدابها (عبد الحميد، 2017).
كما أنّ الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية تعد جامعة متخصصة في تعليم أبناء المسلمين في التخصصات المختلفة بها، على حساب الدولة بنسبة تصل إلى ما يزيد عن 80% من الطلبة الذين يقبلون بها كنوع من الالتزام الإسلامي تجاه أبناء المسلمين. وهناك جامعات أخرى في المملكة العربية السعودية وغيرها من البلاد العربية والإسلامية تقدم منحا دراسية لأبناء المسلمين للدراسة بها منذ فترات طويلة. كما أنّ أبناء الجاليات في مستوى التعليم العام يحظون بفرص الدراسة المجانية في المدارس الحكومية، وفي بعض الحالات يتم قبول هؤلاء في المدارس الأهلية وتقوم الدول بتسديد نفقات دراستهم.
ومع تزايد الجاليات والمهاجرين المسلمين إلى دول العالم المختلفة، فقد أضحى تعليم اللغة العربية شائعا في بعض الدول التي يطلق عليها دول المهجر. إذ تدل بعض الوثائق على أن اللغة العربية هي اللغة الثانية في فرنسا حيث يوجد أكثر من 5 ملايين فرد يتحدثون اللغة العربية بها، ولذلك أضحت هنالك حاجة إلى المعلمين الذين لديهم القدرة على تعليم اللغة العربية في بلاد المهجر بشكل كبير. لكن السلطات الفرنسية لا تقدم الدّعم المادي المناسب لتعليم اللغة العربية في المدارس الفرنسية، حيث لا يزيد عدد الطلبة الذين يدرسون اللغة العربية في تلك المدارس عن 1% فقط مقارنة باللغات الأجنبية الأخرى (عبد الحميد، 2017).
4- الاعتبارات المؤثرة على تعليم أبناء الجاليات الإسلامية في الدول المختلفة:
يعاني المسلمون في أنحاء العالم من الضغوطات والتحديات السياسية والاقتصادية والدينية بشكل يفوق كل التوقعات.. فالإعلام الدولي يشن من فترة إلى أخرى نوعا من الاتهامات الباطلة ضد الإسلام وأهله، وبعض أبناء المسلمين – بسبب الجهل ونحوه – يرتكبون أخطاء وحماقات تزيد من قوة الهجمات الإعلامية والضغوطات السياسية شراسة، وأمام تراجع العديد من المواقف الإسلامية عن متابعة الشأن الإسلامي الدولي بالشكل المطلوب، فإن معاناة أبناء المسلمين في المواقع المختلفة تزداد حدة وضراوة. فهناك ألوان من الاضطهاد السياسي والعنف يتعرض لها هؤلاء الأبناء. وفي الحقيقة إنّ الخاسر الأكبر هو الإسلام وأهله نتيجة لهذه المعاناة. ومن أمثلة هذه المعاناة التي تؤثر بشكل سلبي على تعليم أبناء المسلمين التغريب والتجهيل والاستبعاد والتهميش، والتضييق، وتشويه مكانة الإسلام وصورته، وتكوين الصور الذهنية النمطية السلبية عن الإسلام وتنامي ما بات يعرف بـ “الإسلاموفوبيا” في كل مكان، والضغط على المجتمعات الإسلامية بشعارات متنوعة تحت شعار الحداثة، وما بعد الحداثة والتنوير، والعولمة، والانفتاح وتحقيق ما يسمى بالاستلاب الثقافي ونبذ الهوية الإسلامية أو التشكيك في نماذجها ورموزها وأقطابها، هذا عدا الضغوط الاقتصادية، وإثارة الفتن والقلاقل والحروب داخل البلدان الإسلامية، والسعي الحثيث لإجبار المسلمين على الدخول في موجات متعاقبة من الانصهار الثقافي الدولي. لهذا، ومن منطلق الشرع الإسلامي يعد دعم الأقليات المسلمة في بلاد المهجر أو في بلاد الوفادة، باختلاف أنماطهم، مطلبا حضاريا دينيا ملزما. ومما لا شك فيه أن البلدان الإسلامية والعربية تعمل جاهدة على الوقوف ضدّ التحديات والضغوط الدولية وغير الدولية، لدعم العمل الإسلامي في مختلف المواقع، كما أنّ العديد من الأنظمة السياسية في دول المهجر طورت مواقفها إيجابا نحو الأقليات المسلمة بها، هذا فضلا عن تبني العديد من الدول العربية والإسلامية مبادئ التواصل الإنساني والحوار الحضاري والديني مع الدول الأجنبية من أجل رفع قيمة الإنسان، والارتقاء بالجهود الدولية التي تعمل من أجل السلام.
وأوضحت بعض الدراسات أن إهمال الأقليات المسلمة يعد سببا في حالات النكوص والتراجع التي تحدث لدى أبناء هذه الأقليات. وجلّ ما تحتاجه هذه الأقليات هو الحرية في ممارسة العقيدة والعبادة والحصول على الخدمات المناظرة في التعليم وغيره. وبعض دول المهجر تتخذ إجراءات غير عادلة، وغير متسقة مع أنظمتها الدولية والثقافية كمنع الفتيات المسلمات من دخول المدارس بالحجاب، وهي إجراءات تمتد في بعض الظروف إلى نوع من بسط النفوذ داخل الدول العربية والإسلامية نفسها مما يضعف من مقدرة الأقليات المسلمة على نيل حقوقها في دول المهجر. وتدل بعض الوثائق على أن الأنظمة التعليمية الوطنية لدول المهجر وخاصة في مستوى التعليم العام، إنما هي أنظمة تركز على جوانب وطنية وقومية وتاريخية قد لا تتناسب مع التوجه الإسلامي مما يزيد من إمكانية فقدان الهوية الإسلامية لأبناء المسلمين الذين يتعلمون داخل هذه الأنظمة، وهو موضوع يستحيل علاجه على الصعيد الرسمي، لكن عدم توفر إمكانات التعليم الإسلامي المكثف في دول المهجر تضطر الأهالي المسلمين إلى إلحاق أبنائهم وبناتهم بهذه الأنظمة (t.ly/ue7u).
وتأسيسا على ما تقدم، فإن تعليم أبناء الجاليات الإسلامية يتطلب الآتي:
- أن تهيئ البرامج والخدمات والمناشط التعليمية الفرص الكافية لضمان الحفاظ على الهوية الثقافية الإسلامية.
- أن تتم مراجعة المناهج الدراسية الإسلامية التي تقدم للطلبة بحيث تكون معتمدة على وسطية الإسلام، وعلى الاعتدال، واستبعاد كافة النصوص أو الموضوعات التي تهيج المشاعر نحو الآخر، حتى وإن كانت هنالك تجاوزات من الآخر. وبالتالي، فإن العمل وفقا للمنظومة الدولية في التعليم التي تشجّع على غرس ثقافة السلام، واحترام الآخر، والتسامح، ومراعاة حقوق الإنسان ونحوها، سيوفر مساحات جيدة لنيل الحقوق، والحصول على منافع جمة عوضا عن ثقافة الكراهية وما يتولّد منها من آثار سلبيّة.
- من المهم أن تتناول المقررات الدراسية جوانب اللغة والتاريخ والثقافة الإسلامية بموضوعية ودونما تحيزات طائفية أو مذهبية، أو خلافات من أي نوع.
- التنبّه الواعي لمختلف أشكال التأثير على تعليم النشء والشباب مما قد يطال الفكر، أو الانجرار وراء تيارات منحرفة دون قصد أو علم، مما يستلزم إكساب الطلبة نوعاً من الحصانة العلمية والفكرية لمقاومة الأفكار المتطرفة أو المنحرفة أو الضالة، أو العلمانية، أو الإلحادية ونحوها.
- أن يتم اتّخاذ الإجراءات المناسبة لربط الشباب المتعلم بالمواقع الإسلامية كالديار المقدسة، والبلدان العربية والإسلامية والآثار القائمة فيها من خلال الزيارات الميدانية أو الروابط الإلكترونية وما يقع في عدادها.
- أن تعزز المناهج والبرامج الدراسية مفاهيم وتطبيقات التعددية الثقافية، وصناعة التقارب أو التكامل الثقافي الإسلامي عوضا عن الانتماءات غير المستندة إلى الجذور الإسلامية.
- اغتنام المناسبات الدينية الإسلامية في ترسيخ المفاهيم الثقافية الإسلامية، وإدراك أهمية هذه المناسبات ومغزاها، وسبل تعظيم شعائر الله الصحيحة، واكتساب المعارف والمهارات والاتجاهات الإيجابية المرتبطة بهذه المناسبات.
- الاستمرار في توحيد الجهود الحكومية والأهلية الرامية إلى فتح المزيد من المدارس لخدمة أبناء المسلمين في دول المهجر، وفي غيرها، ووضع المناهج الدراسية المناسبة لها، وتوفير الكوادر الفنية المؤهلة، والعناصر التربوية الأخرى كالإدارة والإشراف والتخطيط والتقويم وغيرها وفق أفضل التطبيقات المعاصرة الممكنة.
- أن تتكامل أجهزة الإعلام العربية والإسلامية مع الأجهزة التربوية في ترسيخ جذور الهوية الإسلامية، مع تفعيل أنظمة التعليم والتوعية عن بعد لتوصيل الخدمة التعليمية إلى المحتاجين لها من أبناء الأقليات المسلمة أو المهاجرين أو الوافدين والجاليات، واعتماد البرامج والشهادات عند استكمال حلقات التعليم المستهدفة لهم.
10- أن يتم تفعيل زيارات العلماء المسلمين وكبار الأساتذة، ومن في حكمهم، إلى مواقع أبناء الأقليات المسلمة التعليمية والسكنية لتقديم المحاضرات والدروس التي توفّر نوعا من التعليم والتثقيف المتطور للناشئة وللشباب المسلمين في دول المهجر وغيرها.
11- إكساب الطلبة في جميع مستويات التعليم نوعا من الثقافة الأمنية للوقاية من ممارسات المتطرفين من غير المسلمين في جميع المواقع، وخاصّة في الدول أو المواقع التي يزداد فيها وجود الحملات الإعلامية المضادة للإسلام وللمسلمين.
12- أن توفر البرامج التعليمية توعية للطلبة تدعم المحافظة على الانتماء الأسري والوطني بحيث لا يترتب على الإقامة في بلاد المهجر أو غيرها انقطاع عن الأهل وبلد المنشأ والولادة.
13- أن تعزز البرامج التعليمية الرسمية أو غير الرسمية متابعة أبناء المسلمين في دول المهجر وغيرها لقضايا الأمة الإسلامية. كما لا بدّ لجميع الدول الإسلامية أن تعزز الجوانب المعنوية للطلبة المسلمين في دول المهجر والدول الأخرى إما من خلال التواصل المباشر، أو من خلال التواصل عن بعد.
14- أن تمكن البرامج التعليمية الطلبة المسلمين في دول المهجر أو غيرها من التحدث باللغة أو اللغات الأجنبية، حيث يوفر ذلك منافع جمة للطلبة ولمجتمعاتهم وللأمة الإسلامية جمعاء.
15- أن تعزز البرامج الدراسية لدى الطلبة المسلمين أهمية بناء العلاقات الاجتماعية السوية مع الغير، وألا يتم اللجوء إلى العزلة عن الغير.
16- أن يحرص الآباء والأمّهات المسلمون في جميع المواقع على أن يولوا أبناءهم وبناتهم عناية فائقة لاستكمال البرامج الدراسية الإلزامية وما بعد الإلزامية خاصة برامج التعليم العالي. وفي الوقت نفسه يجب أن يكون لهم دور في تعزيز مفاهيم التربية الإسلامية لديهم، والسعي الجاد إلى تصحيح المفاهيم المرتبطة بالتطور والتحضر والانفتاح والعولمة والحداثة ونحوها، مما يساهم في خلق نوع من التضامن بين الثقافة الإسلامية والثقافة غير الإسلامية في العديد من المعاملات الأسرية وخارجها، كالاختلاط والممارسات الإباحية، والسفور والتبرج، وعادات الطعام والشراب، واللباس ونحوها، وردع كل نمط من السلوكيات التي قد تقوض الأسرة، أو تتسبب في نوع من التفكك الأسري، أو تكون عاملا في تمرد الأبناء والبنات على القيم والمعاملات.
17- أن تسعى حكومات الدول الإسلامية مجتمعة إلى اتخاذ تدابير وإجراءات من شأنها أن تحسن الصور الذهنية النمطية السلبية عن الإسلام والمسلمين في بعض البلدان التي يتعرض فيها الإسلام وأهله إلى التشويه المتعمد من قبل اللوبيات المعادية، والأقليات المتطرّفة، أو من قبل الجاهلين بالإسلام، أوالكتب الدراسية والثقافية غير المستندة إلى المصادر الإسلامية الصحيحة، فضلا عن محاولات كثير من المستشرقين وأمثالهم للنيل من الإسلام وأهله، أو عبر تلك الحملات المغرضة التي تقوم بها منظمات سرية أو علنية تستخدم فيها أحيانا أفرادا من أبناء المسلمين أنفسهم ضد الإسلام وأهله، أو المؤامرات والدسائس الدولية الظاهرة أو المستترة التي تحاك للمسلمين وللإسلام في مختلف الجوانب، على أنه يجب أن يكون في الحسبان أن تصحيح الصور الذهنية السلبية يعتمد إلى حد كبير على إصلاح الخلل في العالم الإسلامي نفسه الذي يعجّ بممارسات لا تتفق مع الإسلام أصلا سواء في البعد السياسي، أو البعد الاقتصادي، أو البعد الإعلامي.
18- من المهم أن يهيئ التعليم الإسلامي لأبناء الجاليات والأقليات المسلمة ومن في حكمهم الفرص للنبوغ والتميز العلمي في البرامج الدراسية المختلفة، الأمر الذي يستلزم تحفيز النشء والشباب على الجدية، وعلى المثابرة، وعلى التفوق، وإفهامهم أنّ فرص المسلمين في المنافسة ضئيلة إلا إذا تبنى هؤلاء الطلبة العلم وتسلحوا به في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، لاسيما إذا اقترن ذلك بالتمكن من مناهج البحث العلمي وأدواته.
19- تجديد الخطاب الديني والثقافة الإسلامية هو أحد المداخل العلمية لتخطي عقبات عديدة.إن امتلاك المسلم للأدلة وللبراهين العلمية والفقهية المناسبة يصنع تحولا فكريا ذاتيا، وتحولا أكبر عند الآخر لصالح الإسلام.
إن تجديد الخطاب الإسلامي يتطلب فهم النصوص الشرعية فهما دقيقا معتدلا وسطيا، يعتمد على الدليل العقلي والدليل ا الحسّي وعلى الجمع بين النظرية والتطبيق. ويستدعي ذلك كلّه الخروج من النمطية والشخصنة أو الذاتية الفردية إلى الانفتاح العقلي عوضا عن الدوغمائية والانغلاق الفكري، كما يتطلب ذلك الحوار ومهارات الحوار البناء، وإعادة النظر في فهم الآخر، وتفعيل علم الاستغراب.
المراجع:
- أباكورا، نسيد (1435هـ) دور المركز الإسلامي – كيل (ألمانيا) في تعليم الأقليات المسلمة، إشراف د. عيد بن حجيج عيد الجهني، المركز الإسلامي، كيل، ألمانيا.
- بشاري، محمد (1997) واقع الأقليات الإسلامية في القارة الأوروبية، ورقة مقدمة للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، مصر.
- ــــــــــــــــــــــ: الأقليات الإسلامية في أوروبا، مجلة الجامعة الإسلامية، العدد 31.
- بشاري، محمد (1998) الأقليات الإسلامية في الغرب: الواقع، والتحديات والأفاق أوروبا نموذجا، المؤتمر الإسلامي الأوروبي، الفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا.
- بكر، سيد عبد المجيد (1432هـ) الأقليات المسلمة في آسيا واستراليا، الطبعة الثانية، هيئة الإغاثة الإسلامية.
- بلبشير، محمد (2006) الأقليات سيرة المصطلح ودلالة المفهوم، كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة تلمسان، الجزائر.
- توبولياك، سليمان محمد (1441هـ) الأحكام السياسية للأقليات المسلمة، موقع بصائر الإلكتروني.
- الخطيب، محمد شحات (1413هـ) تعليم الأقليات، مجلة جامعة الملك سعود: الدراسات التربوية، الرياض، المملكة العربية السعودية.
- الخطيب، محمد شحات وآخرون (1429هـ) صورة العرب والمسلمين في مناهج الآخرين، المجلدات 1-9، مدارس الملك فيصل، الرياض.
- أبو زيد، صلاح (1424هـ) مليون مسلم في كندا يواجهون العاصفة، صحيفة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، العدد 1787، الاثنين 5 صفر 1424هـ.
- السعودي، هناء (1438هـ) جغرافية العالم الإسلامي، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
- السيد، غلاب محمد، وحسن عبد القادر، ومحمود شاكر (1399هـ) البلدان الإسلامية والأقليات الإسلامية في العالم المعاصر، المؤتمر الجغرافي الإسلامي الأول.
- الشريفين، عماد عبد الله محمد (1426هـ) الأقليات المسلمة في أمريكا الشمالية ومشكلاتها التربوية، موقع مداد الإلكتروني com.
- الشيعاني، محمد بن حسين (1432هـ) مدارس الجاليات الخيرية في مدينة مكة المكرمة وأثرها في الدعوة إلى الله: دراسة ميدانية تحليلية، رسالة دكتوراه مقدمة في قسم الدعوة والثقافة الإسلامية، المدينة المنورة.
- الصغير، صالح بن محمد (1422هـ) التكيف الاجتماعي للطلاب الوافدين: دراسة تحليلية مطبقة على الطلاب الوافدين في جامعة الملك سعود بالرياض.
- طعيمة، صابر (1988) محنة الأقليات الإسلامية والواجب نحوها، دار الجيل، بيروت.
- عبد الحميد، كمال كامل () أضواء على التربية والتعليم لدى القلية المسلمة في الولايات المتحدة الأمريكية (الأقليات المسلمة في العالم)، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الجزء الأول.
- عبد الغني، أحمد عبد الغني محمود، مشكلات الأقليات المسلمة في الغرب، موقع الألوكة الإلكتروني.
- العمري، سعاد (2008م) المسار الحديث موضوع خاص من تاريخ مسلمي أسيا وشرق أوروبا، محاضرات مقرر 418ترخ، قسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة الملك سعود، الرياض.
- عوكل، هشام (2008م) دراسة حول الجالية العربية في بلجيكا بين الاندماج والعزلة.
- فرانسبرس، 26 قتلى وجرحى في 3 تفجيرات هزت العاصمة الأفغانية، ديسمبر 2020: ly/pqf5 .
- القزاز، إياد (2002) صورة العرب والإسلام في الكتب المدرسية التمهيدية لعلم الاجتماع في الولايات المتحدة الأمريكية، مجلة المستقبل العربي، العدد 278.
- قناوي، سليمان (2003) الدراسات تؤكد أن الصورة قاهرة سطحية متميزة سلبية في المناهج الدراسية حول العالم، مجلة المعرفة، الرياض.
- الكتاني، علي المنتصر (1975م) الأقليات المسلمة في العالم اليوم، الطبعة الأولى، مكتبة المنارة.
- : أوضاع الطفل المسلم في مجتمعات الأقليات الإسلامية، (رعاية الطفولة في الإسلام)، منظمة المؤتمر الإسلامي.
- الكندي، مصطفى بن هلال بن بدر (2014م) الرضا الوظيفي لدى المعلمين الوافدين في مدارس التعليم الأساسي بمحافظة الداخلية في سلطنة عمان، رسالة ماجستير بقسم التربية والدراسات الإنسانية، جامعة فزوي، سلطنة عمان.
- محمود، جمال الدين محمد (1407هـ) الأقليات الإسلامية، المشكلات الثقافية والاجتماعية مجلة الإسلام اليوم، العدد 5، ذو القعدة 1407هـ ص 56-59.
- مرسي، مصطفي عبد العزيز (2010م) قضايا المهاجرين العرب في أوروبا، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الإمارات، الطبعة الأولى.
- مركز الدراسات الدولية والإقليمية (2016م) الجاليات العربية الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي، وتقرير موجز لمجموعة العمل، فرع جامعة جورج تاون، قطر، الدوحة.
- مرفت عبد الحميد، قبول أبناء الجاليات العربية في بكالوريوس كلية الدراسات الإسلامية مجانا، 18 يناير 2017: ly/zIU9.
- الميمي، أشرف عبد العاطي (2008م) فقه الأقليات المسلمة بين النظرية والتطبيق، دار الكلمة للنشر والتوزيع.
- النجار، احمد فتحي (1438هـ) الأقليات المسلمة خارج ديار الإسلام، شبكة الألوكة.
- نظيف، محمد (1426هـ) الهجرة بين الحاجيات وعوائق الاندماج، كلية الحقوق، الرباط (مكتب الجمعية المغربية الأوروبية، كلية الحقوق، وجده، المغرب.
- نوري، محمد عثمان الأمين (1435هـ) تصميم البحوث في العلوم الاجتماعية والسلوكية، الجزء الأول، خطوات البحث العلمي، خوارزم العلمية، الطبعة الرابعة، المملكة العربية السعودية.
- الوليعي، عبد الله بن ناصر (1433هـ) المدخل إلى إعداد البحوث والرسائل الجامعية في العلوم الاجتماعية، الطبعة الأولى، توزيع مكتبة جرير، الرياض.
- الإدارة العامة للبحوث الثقافية (2010م) دراسة تحليلية عن الطلاب الوافدين في مصر، إعداد وتحليل سيد سيد عبد السميع عمارة، إدارة الدراسات والبحوث.
- Ali, jawed (2012) Research Methodology in Physical Educathon and Sports.
- Babu, G. Ramesh (2008) Research methodology in Social Sciences.
- Brooks, royL. (1996). integration or Separation?:A Strategy for Racial Equality. Harvard university Press.
- Clary, Francoise (2004). “L’Islam afro-americain aux Etats-Unis: entre universalisme. Musulman et nationalism noir”.Materiaux Pour L’histoire de notre temps.
- Clegg, Claude Andrew (1998). An Original Man: The Life and Times of Elijah Muhammad. Macmillan ISBN.
- Dawn-marie, Gibson (2016) the Nation of islam Louis Farrakhan and the men who follow him. New York. ISBN OCLC.
- Demographic portrait of Muslim Americans”. (2017) pew Research Center’s Religion & public” Life Project
- Diouf, Sylviane (2014). Servants of Allag: African Muslims Enslaved in America. New York University Press. ISBN
- Haddad, Yvonne Yazbeck (2000). Muslims on the Americonization path? Oxford university Press.
- Jacob Neusner, World Religions in America (2003) An lntroduction, Westminster john knox press (2003), pp. 180-181.
- Lomax (1979). When the word lsGiven Estimates of black Muslim membership vary from a quarter of a milliom down to fifty thousand. Available evidence indicates that about one hundred thousand Negroes have joined the movement at one time or another, but few objective observers believe that the Black Muslims can muster more than twenty or twenty-five thousand active temple people.
- Lomax, Louis E. (1963) When the Word lsGiven : A Report on Elijah Muhammad, malcom X, and the Black Muslim World. Cleveland: World Publishing OCLC 1071204.
- Mohamed, Besheer, Diamant, jeff (2019) “Black Muslims account for a fifth of all U. S. Muslims, and about half are converts to islam“ pew research Center.
- Muha,,ad. Elijah (2008).the true history Of master Fard Muhammad (Allah In Person) Secretarius MEMPS Publications.
- Sacirbey, Omar (September 11, 2001) “When is Long Overdue” Beliefnet. Com.
- Samuel S. Hill, Charles H. Lippy, Charles Reagan Wilson. (2005) Encyclopedia of religion in the South, mercer University press, P. 394.
- shamaa.org/FullRecord?Id=32009
- Terry, Don (1993) “Black Muslims Enter Islamic Mainstream “ New York Times.
- The common response of Malcolm X to questions about numbers – Those who know aren’t “saying, and those who say don’t know’- was typical of the attitude of the leadership.
- Turner, Richard breen (2003) islam in the African – American Experience. Indiana University press.
- Uzra Zeya (1990) islam in America: The Growing Presence of American converts to islam (http://www.wrmea.com/backissues/0190/900142.html) washington Report on Middle East Reports. https://web.archive.org/web/20080724183609/http://) نسخة محفوظة. Retrieved November 16,2009يوليو 2008 على موقع واي باك مشين. www.wrmea.com/backissues/0190/9001042.html)
- William W, sales (1994) From Civil Rights to black liberation: Malcolm X and the Organization of Afro – American Unity. South End Press, P. 37.
- alukah.net
- https://ar.wikipedia.org/wiki/أقلية-نموذجية
- (t.ly/4XIa ) https://ar.wikipedia.org/wiki/الإسلام-في-الولايات-المتحدة
- https://ar.wikipedia.org/wiki/المسلمون-الأمريكيون-من-أصل-أفريقي
- https://arabthought.org/ar/researchcenter/ofoqelectronic-article-details?id=118&urititle=تعليم-العربية-في –أوروبا-فرنسا-نموجاً
- https://www.alifta.gov.sa/Ar/Magazine/Pages/issues.aspx?cultStr=ar&View=Page&PagelD=319&pageNo=1&BookiD=2