الطّقوس وتعرية الأنساق الثقافية، نسق السّحر في سيّدات القمر نموذجا

ملخّص:

اعتنينا في هذا البحث بالحياة اليوميّة في رواية سيدات القمر لجوخة الحارثي. فسلّطنا الضوء على ما زخرت به من ممارسات وطقوس فعليّة وقوليّة. وقد توسّلنا بأدوات النّقد الثّقافي للحفر فيما استبطنته هذه الطّقوس من أنساق ثقافيّة مضمرة تتقن الضّمور في الخطاب الرّوائي وتؤثّر في الأذواق والتوجّهات والتمثّلات المكوّنة للثّقافة.

ولأنّ الأنساق بنى تتكوّن بدورها من أنساق فرعيّة بعضها معلن وبعضها مخفي، فقد خصّت هذه الدّراسة نسقَ السحر بالحفر في أنساقه الظاهرة من خلال أنواعه وفواعله ووظائفه ورموزه في الرّواية، وذلك للكشف عن أهمّ أنساقه المضمرة المترسّبة في البيئة الثقافيّة، ولمحاولة فهم آليات تستّرها وهيمنتها في الثقافة التي تمثّلها.

Abstract:

In this research paper, I study daily life in Celestial Bodies of Jokha Al Harthi. I, in particular, examine verbal and concrete practices and rituals. Referring to analytical tools from cultural criticism, I try to unravel the intricately woven cultural modes in literary rhetoric, which affect the composite tastes, tendencies, and representations of culture.

As modes stand for structures including hidden and visible sub-modes, I focus on the mode of magic, especially its manifestation in the novel, by exploring its types, effects, functions, and codes in order to disclose its main sub-modes fossilized in the culture and grasp its hiding mechanisms used to maintain its dominance on the culture that it represents. 


1- المقدمة:

إذا ما تعدّدت مدارس النّقد الأدبي وتنوّعت مقاربات الظّواهر الإبداعيّة[1]، فإنّ ذلك دليل على الوعي بتعقدّ الظاهرة الأدبيّة وبصعوبة الإمساك بأسرارها الملتصقة “بالحياة في ثرائها وفي تعدّد مشاربها “[2].

 ولئن أثبتت مناهج كثيرة نجاعتها في مقاربة النّصوص الأدبيّة وفي الكشف عن مظاهر الإبداع والجماليّة فيها، فقد انفتح لها مع النّقد الثّقافيCultural Criticism[3] عهد جديد لم يكتف بالنّص من حيث لغته وأساليبه ومجازاته، بل تجاوز ذلك إلى ما هو مخبوء مضمر تحت البلاغي والجمالي وذلك باستخدام منهج في التّحليل يعمد إلى “المعطيات النّظريّة والمنهجيّة في السوسيولوجيا والتّاريخ والسّياسة من دون أن يتخلّى عن مناهج التّحليل الأدبي النقدي”[4].

 لقد تعامل النّقد الثّقافي بصفة خاصّة والدّراسات الثّقافية بصفة عامة[5] مع الظّاهرة الأدبيّة باعتبارها “ظاهرة ثقافيّة مفتوحة التّحليل من وجهات نظر عديدة”[6] تستوجب قراءتها اتّباع مداخل كثيرة لأنّ “الثقافة دينامية نشطة وحية ومتعددة الأوجه.. يدخل فيها الاقتصاد والتنظيم الاجتماعي والقيم الأخلاقية والمعنوية والمعتقدات الدينية والممارسات النقدية والأبنية السياسة وأنظمة التقييم والاهتمامات الفكرية والتقاليد الفنية “[7]

وانطلاقا من هذه المعطيات النظرية تجاوز النّقد الثّقافي ” التّصنيف المؤسّساتي للنّص بوصفه وثيقة جماليّة إلى الانفتاح على الخطاب بوصفه ظاهرة ثقافيّة أوسع له نظامه الإفصاحي الخاص”[8] فتغيرت استراتيجيات القراءة بحثا عن الأنساق المضمرة[9] غير المصرّح بها في الأعمال الأدبيّة كما تغيّرت مجالات البحث لتشمل “الفنون الرّاقية والثّقافة الشّعبية والحياة اليوميّة وحشدا من الموضوعات المرتبطة”[10] لا سيما ما اتصل منها بالهامشي، فقد أصبح للمهمّش والعرضيّ وغير الرّسمي مكانته وقيمته[11].

 وقد تمّ ذلك بالالتفات إلى “كثير من متغيّرات الحياة اليوميّة المعيشة في مستوياتها المختلفة خاصّة تلك المستويات المهمّشة وربّما السوقيّة أو الوضيعة.. والكثير من المواضيع المرفوضة والممنوعة في الأوساط الأكاديميّة التي لم يكن يأبه بتأثيرها أحد من قبل[12]“.

ويعتبر موضوع الحياة اليومية everyday life من أهمّ المواضيع التي هُمّشت في الماضي لأنّها اعتبرت تافهة مبتذلة لا جدوى منها لذلك فهي غير جديرة بالاهتمام، ولكنّها تحوّلت إلى مشغل جوهري للعديد من العلماء والمفكرين لا سيما الفلاسفة وعلماء الاجتماع والأنثروبولوجيا في فترة ما بعد الحداثة لأنّ تركيز هؤلاء قد انصبّ على خبرات النّاس “وممارساتهم المتكرّرة في الحياة اليومية ومواقفهم ومعتقداتهم وأساليب آرائهم مع اهتمام خاص بكيف يجسدون خبراتهم”[13].

ففي اليوميّ بكل أبعاده السلوكيّة والتّواصلية مع الآخر ومع الفضاء “يتموضع الرّمز الذي يحيلنا لا فحسب إلى موقع الفرد أو الجماعة، بل أيضا تستفزّ وتثير تمظهرات اليوميّ[14] الذاكرة الجماعية[15].وهكذا التفت النّقد الثّقافي إلى الظواهر الأدبيّة يحفر بأدوات منهجيّة متنوّعة متعدّدة فيما نقله الخطاب الأدبي من تفاصيل الحياة اليوميّة للنّاس العاديين ومن عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم ومعتقداتهم وأساليب تفكيرهم وطرائق عيشهم.

 وإذا ما تعامل نقّاد الثقافة مع النّصوص الأدبيّة كلّها باعتبارها صالحة ناجعة للنّقد الثّقافي فقد اعتبرت الرّواية التي “تستعين وتستلهم مادتها وبناءها الفني من المجتمع[16] من أكثر الفضاءات الإبداعيّة خصوبة للدّراسة الثّقافيّة بسبب استحضارها “للمعالم التاريخية وللمظاهر الاجتماعية[17] واختزانها “للأشكال الثقافة المادية والروحية “[18]. ولأنّ هويتها لديهم تتجاوز “البناء اللغوي والتراكيب المجازية إلى محاولة تأسيس خطاب جديد يتعالق مع الكائنات والأشياء ويعيد صياغة علاقته بالكون”[19].

ولأنّ أكثر ما لفت انتباهنا عند قراءتنا رواية سيّدات القمر لجوخة الحارثي[20] انتصارها “للمخيّلة التي أعادت عبرها كتابة تاريخ المهمّشين من خلال أصوات النّساء والعبيد بل وبعض الرّجال”[21] وأخذها القارئ إلى “أغوار المجتمع العماني وطقوسه وعاداته”[22]، فقد ارتأينا إعادة قراءة الرّواية قراءة ثقافيّة تسلّط الضّوء على طقوس الحياة اليوميّة كما نقلها الخطاب الروائي وتحاول الإمساك بأنساقها الثقافيّة ما ظهر منها وما بطن.وقد شجعنا على ذلك أنّنا لم نجد في حدود ما توصّلنا إليه من دراسات اهتمت بالحفر في الممارسات والأنشطة اليومية في الرّواية باعتبارها طقوسا دالة رامزة تكشف عن أنساق[23] تسيّرها وتوجهها وذلك رغم انشغال الكثيرين بالرّواية وإقبالهم على دراستها[24].

تعتبر الطقوس rites[25] من أهم مشاغل الدراسات الأنثروبولوجية وتتمثل أساسا في” كل سلوك فردي أو جماعي يلتزم بمجموعة من القواعد التي تشكّل طقوسيّته وأبرزها التّكرار وهذا السّلوك له معنى ووظيفة.. وللطّقوس بعد ممارساتي يكشف عن طابعها الدّيني والسّحري من خلال معانيها ووظائفها التي تظهر على مستوى العاملين بها، وهذه الممارسات حمّالة بالضرورة لمجموعة من التّصورات ذات معان وأهداف فهي ليست عشوائية ولا اعتباطية”[26]. وعلى هذا الأساس تم ّالتعامل مع الطقوس باعتبارها بنى وأنساقا كلية تكوّن المعيش المشترك اليومي وتتكوّن بدورها من أنساق فرعيّة كأن يتكوّن نسق الضّيافة[27] من نسق دعوة ونسق استقبال ونسق إطعام …[28]. إنّها شبكة “دقيقة ومركّبة حيث كلّ عنصر وموضوع وذات وعلاقات عابرة وكلّ الأحداث المهمّة وكلّ فكر وفعل وعلاقات… ألخ، لا تأخذ قيمتها إلا بارتباطها بالكلّ ولا تأخذ معناها إلاّ في الشّمولية وبها”[29].

وإذا ما تعددت الطّقوس في سيّدات القمر، مثل طقوس الزواج وطقوس النّفاس[30] وطقوس الضّيافة وطقوس السّفر… وإذا ما تنوّعت وظائفها فإنّ الذي يجمع بينها كلّها أنّها ممارسات وأنشطة قوليّة وفعلية منظمة ومكرّرة ويشترك في ممارستها الأفراد المنتمون إلى المؤسسة الاجتماعيّة التي تحتفي بها الرّواية . ولعلّ ما في هذه الطّقوس من انتظام وتكرار ودلالة ووظائف ما يجعلها أنساقا ثقافية بدت لنا مسيّرة لتفاعل الأفراد منظّمة لتواصلهم.

وقد رأينا أن نصطفي طقس السّحر[31] وأن نسلّط عليه الضوء بسب قوّة حضوره في الرّواية وفي الحياة بصفة عامّة[32]، ولأنّ “الاعتقاد بقوى السّحر ليس منتشرا في جميع أرجاء العالم فقط، بل يشكّل أيضا أقدم صيغة لفلسفة الحياة والدّين فقد عاش هذا الاعتقاد آلاف السنين وما نزال نلحظه في حياتنا المعاصرة هذه[33]. وتحفل سيدات القمر بالتصوّرات الماورائية “على أنّ هناك كائنات تعيش إلى جانب الإنسان تدركه ولا يدركها وهي تفوقه قدرة على الحركة والقوة”[34]. وهذه التصوّرات مؤثّرة لأنّها توجّه السّلوك اليومي وتنتج العديد من الممارسات القوليّة، والفعليّة، والتمثّلات الفرديّة، والجماعيّة.

 وقد شجّعنا على هذا الاختيار ما عمدت إليه الكاتبة من تقنيات سرديّةّ يسّرت للقارئ الخروج بتصوّر شامل عن واقع يوميّ في سياق اجتماعيّ ديناميكيّ تفاعلت فيه مجمل الفئات والشرائح الاجتماعيّة التي كشفت أفكارها وطقوسها، وقد بدت كلّها مشدودة إلى نسق السّحر[35] باعتباره منتجا “للطمأنينة والقدرة -حتى وإن كانت واهمة – على السّيطرة على ظواهر الخوف والقلق والتأزّم الاجتماعي[36].

فكيف تشكّل طقس السّحر في الرّواية باعتباره نسقا ظاهرا من خلال ممارسة الأفراد له، وما هي أنواعه أبعاده، ودلالته، ورموزه، ووظائفه؟ وكيف يؤدي الحفر في طقوسه الفرعيّة إلى تعرية أنساق أخرى مضمرة، ولكنّها فاعلة فعلها في الذائقة والتّصورات ومجمل الممارسات؟

2- في تجليّات السّحر نسقا ثقافيا:

يعتبر السّحر من الأشكال الأوليّة الأزليّة للثّقافة ويتمثّل في “كلّ الأنشطة التي يمارسها بعض الأفراد والتي تبدو في معظمها غامضة وملفتة[37] للانتباه سواء من حيث مقاصده أو الوسائل المعتمدة في ممارسته. إنّه بالتّالي جوّ طقوسي خاص تتآلف فيه جملة من العناصر المحسوسة واللاّمحسوسة وكأنه عالم من الخوارق والعجائب يتحوّل فيه المستحيل إلى ممكن، السّهل إلى صعب والعجيب إلى مألوف والغيب إلى معلوم”.[38]

وإنّ البحث في أنشطة السّحر وطقوسه كما وردت في “سيّدات القمر” قد اقتضى منّا أوّلا القيام بعمليّة استقراء دقيقة لفصول الرّواية كلّها لاستقصاء كلّ الممارسات القوليّة والفعليّة الدّالة على الظاّهرة السّحرية [39] ساعدنا في ذلك ما عجت به الرّواية من تعدد صوتي[40] Polyphonyتجسم من خلال أصوات المتكلّمين الممثّلين لأصوات المجتمع بمختلف فئاته من الرّجال والنّساء والأطفال والعبيد والأسياد والمهاجرين والتّجار، وأصوات اللّهجات[41] والأساطير[42] والأمثال[43] وأصحاب المهن[44].

وقد بدت لنا كل هذه الأصوات دالة كاشفة عن الظاهرة السّحرية لأنّها تنقل تفاصيل المعيش المشدود إلى السحر من خلال جملة من الممارسات السحرية المنظمة المكررة التي تجتمع كل الفئات على ممارستها وإن اختلفت أنواعها ووظائفها. لذلك فدراسة السحر بوصفه نسقا ثقافيا لا يعني ” عزله عن سياقه الكبير الذي يضم ما أسماه فنسنت ليتش Vincent leitch لأنظمة العقلية واللاعقلية بوصفها مفهوما يحيل إلى شبكة متداخلة من الأنساق والممارسات الفاعلة في ثقافة من الثقافات[45].

وتجنّبا للتكرار في عرض الأمثلة جرّدنا من الرّواية أكثر الأصوات دلالة على هذا الطقس وبوّبنا ذلك في جدول يضم ّالصوت الكاشف لنسق السحر فالأقوال المحققة لذلك:

الصوت الكاشف لنسق السّحر

الأقوال المحققة للكشف عن نسق السحر

سالمة

“ليش يا حبّة عيني تريدي أنّ تسميها على اسمي وأنا حيّة أرزق … تتفاءلي لي بالموت؟ من أجل أن تخلفني البنت”. ص 12

عبد الله

“قرّرت سالمة أنّ الوقت قد حان لترجع ابنتها وحفيدتها إلى بلدها العوافي لتكمل أربعين النّفاس في بيت أمّها وتحت رعايتها”. ص 13

سالمة

“اسمع يا ولدي يا عبد الله هذه حرمتك تبكرت ببنت والبنت بركة تساعد أمّها وتربّي إخوتها نريد للنّفساء أربعين دجاجة حيّة وزجاجة عسل من عسل الجبل الأصلي وزجاجة سمن بقر بلدي. ” ص 13

سالمة

“لمّا تكمل أسبوعا احلق شعرها وتصدّق بوزنه فضّة واذبح عنها شاة ووزّع اللّحم على الفقراء” ص 13

سالمة

“اذبح عن لندن وأحضر عشرين دجاجة حيّة لامرأتك النّفساء”. ص 14.

عبد الله

“وميّا طبخت وليمة كبيرة بمناسبة البيت الجديد في مسقط ودعت كلّ صديقاتها”. ص 15

ظريفة

“باسم الله ما شاء الله اللّهم صلّ على النّبي اللّهم صلّ على الحبيب باسم الله في عين الحاسد ما شاء الله البكر بنت والبنت تربّي إخوتها عشرة صبيان يلحقوها إن شاء الله”. ص 21

سالمة

“إيّاك يا ميّا أن تقومي لأحد”. ص 21

سالمة

“لكنّه ما زين للنّفساء.. ليش السّمك المملح مادام حبّابي عبد الله جاب لها أربعين دجاجة”. ص 22

أسماء

“اسمعي يا أمي لا بدّ أن تعلمي هذه الخلطة لميّا كما قال صاحب كتاب فاكهة ابن السبيل إنّها مكوّنة من …”. ص 24

سالمة

أنا لا أحتاج لكتب الطب والدخاتر[46] تعلمني إيش أصنع لابنتي.. أنا ربّيت خمسة نفوس وما أحد علّمني شيء ” ص 24

أسماء

“تعالي يا ميّا أثبت الطبّ الحديث أنّ التّمر مفيد للنّفساء مثلما ورد في القرآن حين هزّت السيدة مريم النّخلة فتساقط عليها رطبا جنيا” ص 24

سالمة

“دعي عنك ميّا ستأكل لوحدها”. ص24

زوجة المؤذن

“ستأكل لوحدها لأنّ فيها نجاسة ولا يجوز أن تشارك النّاس الأكل”. ص 24

أسماء

“عن أبي هريرة قال رسول الله يا عائشة ناوليني الثّوب فقالت إنّي حائض فقال إنّ حيضتك ليست في يدك… كنت متأكّدة لكن حرمة المؤذن”. ص 34

عبد الله

“لم أجد من أسأله كيف ماتت أمّي حين كبرت سألت عمّتي قالت إنّ شجرة الرّيحان قتلتها”. ص 30

الرّاوي

“نحرت ناقتين … كان أخوها يمشي على قدميه”. ص 42

عبد الله

“في مكان من هنا كانت شجرة الرّيحان التي اقتلعتها أمّي فقتلتها وها أنا أكاد أشمّها” ص 47

الرّاوي

“النّساء الزّائرات كلّ صباح وعصر ومساء مرق الدّجاج الطازج بصاق ظريفة وهي تنفث في وجه الرّضيعة وتتمتم بالأدعية الأقمطة البيضاء ولسان الرّضيعة الصّغير وأظافرها التي منعت من قصّها كيلا تصبح لصّة في المستقبل” ص 49

ميا

“كلّ ما تشعر به هو الإرهاق الشّديد وآلام الظّهر والبطن والحاجة الماسّة للاستحمام …وأمّها سمحت لها أخيرا أن تستحم، ولكن بدون أن يمسّ الماء شعرها”. ص 49

سالمة

“البرد يتصيّد النّفساء وإذا أصابها فإنّ حمى النّفاس قاتلة”. ص 50

الرّاوي

“أحمد ضفائره ترفرف في الهواء وحرز الفضّة على عنقه”. ص 51.

ظريفة

“كاسر جارك ولا تنام عصر” ص 40.

ظريفة

أمّك لم تمت يا ولدي عبد الله …أمّك حيّة أمّك حيّة، حرّاس شجرة الرّيحان أخذوها لكنّها حيّة.. ص 56

الرّاوي

أعدّت ظريفة صينية كبيرة ملأتها بأصناف من الأطعمة المعدة لميّا النّفساء: صحن من الأرز والدّجاج المطبوخ بالقرنفل والسّمن، صحن من خبز الرقاق بالعسل، كمية من التّفاح والبرتقال والموز، وملء مغرفة كبيرة من الحلوى. غطت ظريفة الصينية ووضعتها على رأسها خرجت من بيت سالمة اجتازت قناة الفلج والبيوت وقلعة الشيخ سعيد والمدرسة … حتى أفضى بها الطّريق إلى المزارع.. واصلت طريقها حتّى أصبحت في الفضاء الأجرد بعد المزارع توقّفت أسفل الحصاة البيضاء الضّخمة التي تعرفها تماما أنزلت ظريفة الصينية عن رأسها وجثت على ركبتيها وقالت بصوتها الجهوري يا بقيعوه”. ص 58

ظريفة

“يا بقيعوه يا بقيعوه.. هذا أكلك ودعي لنا أكلنا هذا نصيبك ودعي لنا نصيبنا هذا من خراثة ميا بنت سالمة دعيها في حالها ولا تضريها ولا تضري المولودة”. ص 59

الرّاوي

انتصبت ظريفة واقفة وبدأت رحلة العودة للعوافي هذا المشوار قامت به قبل يومين فقط من أجل أن تبعد الضّرر عن زوجة ابنها النفساء وحفيدتها وقامت به أيضا قبل ذلك مرات ومرات وكان النجاح حليفها دائما ص 59

الرّاوي

لم تغضب الجنيّة بقيعة لا في مدة تخصّص ظريفة في خدمتها ولا في عهد أمّها من قبلها إلا في تلك المرّة حين سحروا أمّ عبد الله وهي في النّفاس”. ص 59

الرّاوي

“من قبل ظريفة قامت أمّها بهذا الواجب ومن قبل أمّها قامت به جدّتها وكلّهن يعرفن أدقّ الأسرار عن بقيعة الجنيّة التي تختصّ بافتراس كلّ نفساء لا تطعمها من طعامها”. ص 59

الرّاوي

“عنكبوتة هي في الحقيقة الماما الكبري في حفلات الزّار[47] التي تقام كلّ شهر في الصّحراء خارج حدود العوافي وقلعتها ومزارعها”. ص 60

الرّاوي

“لمدّة أربعين يوما كان على ميّا احتمال الدّفء الزّائد للحصاة مرتين يوميّا على بطنها ….. أزعجها اللّف المحكم للّحاف على بطنها ليلا ونهارا طوال أربعين يوما حتّى اغتسلت من نفاسها”. ص 101.

عزّان

“ولد أحمد ضعيف وشاحبا.. ألبسته كلّ أنواع الحروز”. ص 102

الرّاوي

“تركت أمه ضفائره تطول خوفا من الحسد وظلت حروزه الجلدية والفضية مخفية تحت ثيابه حتى بلغ الثامنة”. ص 103

لراوي

حين اشترى الشيخ سعيد السيارة.. أمه العجوز توكأت على عبداتها وخرجت لتراها وحين سمعت هدير المحرك ورأت العجلات السوداء المسرعة رجمتها بالحجارة صرحت لأهل العوافي أنها من عمل الشيطان وكسرت إحدى نوافذها بحصاة ضخمة”. ص 104.

مسعودة

“يا ولدي يا عبد الله يقول المتوصف النهار حال حد والليل حال حد أمّك مشت في الليل رمت بحصاة ما تعرف أش بتصيب صابت رأس ولد الجنيّة الجنيّة خادمة شيوخ الجنّ جاءت لأمك وقالت لها: اقلعي شجرة الرّيحان في الحوش رائحتها تجلب الأفاعي باكر ولدك بيكبر وبيلعب عندها وبتلدغه أفعى. وأمّك الله يغمد روحها الجنة ظنّت الجنيّة امرأة مسكينة وصدقتها في الفجر قطعت شجرة الرّيحان وطاحت المسكينة مريضة يومين ثلاثة وماتت”. ص 128

شنة

“أمك ما ميتة أمك حيّة سحروها.. وأخذوها.. خلّوا مكانها حطبة وأبوك دفن الحطبة وأمّك صارت مغيّبة السّاحر غيّب عقلها وخلاها خادمته.. أبوى شافها في اللّيل في الضاحية لابسة أبيض”. ص 129

عبد الله

“فجأة بعد أسبوعين من الولادة تغيّر لونها للأزرق وانقبضت حدقتا عينيها أخذ العرق يتصبب منها لا وهي تتشنج فقال النّاس إن السحرة يتقاتلون عليها ولذا تتشنج وتتصبب عرقا م فاز بها أقواهم ولذا همدت فخيّل للنّاس أنّها ماتت ودفنوها”. ص 160

لندن

“ولكن الأرجح أنّها أعراض تسمّم.. العديد من الأعشاب تنمو في الصحراء المحيطة بالعوافي قالت جدّتي إنّ بعض الضّرائر كنّ يدّسسن كميّات خفيفة منها في طعام ضرائرهنّ حتّى يمرضن ويتفرّغ لهنّ أزواجهن” ص 161

ظريفة

“المتعة الحقيقية في حفلات الزّار تكون قد ثملت من الشّواء والشّراب والطّبول العنيفة فتغيّبها النّشوة في حالات شتّى قد تمشي على الجمر المتّقد أو تستلقي تحت سنابك الخيل أو تتقلب في التّراب وسط حلقات الرّقص الجنونية وأمها فليرحم الله أمها”. ص170

الرّاوي

“عنكبوتة هي الماما الكبيرة قيّمة الحفل والقائمة عليه والمخاطبة المباشرة للّجان المتّصلين بالإنس المتمرغّين على الجمر”. ص 170

الرّاوي

“في ولادتها المتعسّرة جربت أمّها كلّ شيء لتسهيل ولادتها سقتها الماء المخلوط بتراب القبر وماء تراب مسجد مهجور”. ص 171

الرّاوي

كان زحل مستقيما وكان الرجل وحيدا في الصّحراء مستعدا أعدّ دخن زحل الزعفران وقشور الكتّان ووسخ الصّوف ومخّ النّسور. كان قد تأكّد من قبل أنّ الطالع برج متقلّب والقمر أيضا في برج متقلب وزحل والمريخ ناظران إلى القمر. تنفس الرجل الصعداء …

مزج الرّجل الدخن: الزعفران والقشور والمخّ ووسخ الصوف وأحرقه بخورا بين يديه ثمّ ارتدى ثيابه مستعدا للاتّصال بزحل … كان النّصف المقابل من ثوبه لزحل ديباجا أسود وأخضر وفي يده من جانب زحل سوار من حديد وقد أخذ بيده تلك عظما.

انخرط الرّجل الوحيد في الصحراء في ندائه الحار ” يا أيها السيد” ص181

الساحر

…” يا أيّها السيّد العظيم الرّاجل القاهر الجبّار القادر العفريت العظيم الشأن.. زحل النّجم البارد اليابس الصادق الموددة العزيز المحبة كثير العقد طويل الكيد عظيم الغضب قوي الحسد وتمم الوعيد والتعب والنصب الكبير المختال المكار الغدار ويل لمن نحسته وتعسا لمن أبغضته. أيّها الأب الأول بحق آبائك العظام وأصحابك الكرام إلاّ قطعت نجية بنت شيخة عن عزّان بن ميا بحق هذه الأرواح الرّوحانية وفرّقت بينهما كافتراق النور والظلمة وألقيت بينهما العداوة كعداوة الماء والنار أسألك أيها الأب الأول إلا عقدت روحانية شهوة عزّان بن ميا عن نجية ببنت شيخة وأخذتها بقوة هذه الأرواح الرّوحانية كعقد الجبال الصّلبة وصخورها” ص 182

بالتمعّن في الجدول نتبيّن كثرة الأصوات المتكلّمة المفصحة عن الظّاهرة السّحرية وعن مختلف ممارساتها القوليّة والفعليّة ونتبيّن اشتراك مجتمع الرّواية في ممارسة طقوسها: الأسياد والعبيد الدّاية والطبّيبة النّساء والرّجال.. وهذا ما يثبت وجود الظاّهرة في مجتمع الرّواية، “فالسّحر موجود بكلّ بساطة لأنّه يمارس ولو لم يكن موجودا لما كان يمارس”[48] وهو يمارس بصفة منظّمة مكرّرة يشترك الأفراد في ممارساته للوظائف التي تؤديها في تفاعلهم ووجودهم بصفة عامّة و “هي في مجملها محاولات رامية إلى التّأثير في القوى الغيبيّة والاستفادة منها”[49]. وعندما نتأمّل في السّياقات السّردية للممارسات السّحرية في الرّواية يتجلّى لنا السّحر نسقا ثقافيا جلياّ يستبطن أنساقا ثقافية مضمرة، ويكون هذا التّجلي من خلال الوقوف على أنواعه، وأشكاله، وأدواته، ووظائفه.

2 -1- أنواع السّحر:

تتعدّد أنماط الممارسات السّحرية في رواية “سيدات القمر”، ولكنّنا عندما ندقّق فيها النّظر مستأنسين بجهود الأنثروبولوجيين[50] نتبيّن أنّها صنفان أساسيان مختلفان باختلاف الوظيفة والهدف من الالتجاء إلى السحر أصلا إذ نجد أنّ بعض الممارسات السّحرية تستعمل من أجل الخير وتحقيق المصلحة بتلبية أغراض الفرد دون إلحاق الأذى بشخص آخر كأن تقول سالمة لزوج ابنتها ” اذبح عن لندن وأحضر عشرين دجاجة حية لامرأتك النفساء”[51] لحمايتها من الأرواح الشريرة، أو أن تلبس ابنها “كل أنواع الحروز لأنّه ضعيف شاحب”[52].

كما نجد ممارسات سحريّة أخرى يكمن وراءها هدف إلحاق الضّرر بالآخر بسبب الحقد أو الانتفاع من وضع معين “وقد يصل الضرر إلى الهلاك المشار إليه في الرّواية بالاختفاء والزوال من المكان فقد كشفت شنة لعبد الله سرّ يتمه وموت أمه قائلة “أمك ما ميتة أمك حية سحروها.. وأخذوها.. خلّوا مكانها حطبة وأبوك دفن الحطبة وأمك صارت مغيبة الساّحر غيّب عقلها وخلاها خادمته.. أبوى شافها في الليل في الضاحية لابسة أبيض”[53]. ونجد في ما روته الجدّة لحفيدتها عن بعض علاقات النّساء ما يشي بانتشار هذا الضّرب من السّحر بينهنّ “فبعض الضّرائر كنّ يدّسسن كميات خفيفة منها في طعام ضرائرهن حتى يمرضن ويتفرغ لهن أزواجهن”[54]

 ويطلق علماء الأنثروبولوجيا على هذين النوعين من الممارسات السّحرية اسمي السّحر الأبيض[55] والسّحر الأسود[56] .

2-2- أشكال السحر:

يكشف المسار السردي في “سيدات القمر” عن أشكال متعدّدة متنوّعة للسّحر لعلّ أهمّها مقولة الحسد باعتباره من الأمراض الرّوحانية “التي تصيب النّاس ويتّخذون جملة من التّدابير للوقاية منها”[57] ونتبين مقولة الحسد من خلال بعض الممارسات الشّفوية المتمثّلة في الأدعية والتّعاويذ كأن تتردّد في الرّواية “باسم الله في عين الحاسد”[58]، أو بعض الممارسات الفعليّة مثل وضع البخور وتعليق الحروز. كما قد يتّخذ مظهر الامتناع عن بعض الممارسات خوفا من عين الحاسد مثلما فعلت سالمة عندما قالت لابنتها عند زيارة النّساء لها وهي نفساء” إياك يا ميا أن تقومي لأحد”[59]، خوفا عليها من إصابة عين امرأة حاسدة.

 ومن أشكال السحر في الرّواية كذلك مقولة البركة[60]. تقول الجدّة لصهرها مشيرة إلى ما في التّبكير ببنت من بركة “اسمع يا ولدي يا عبد الله هذه حرمتك تبكرت ببنت والبنت بركة تساعد أمّها وتربي إخوتها”[61] وتأتي ظريفة لتوضح مجال البركة فتربطه بأنّ التبكير بالبنت مبشّر بإنجاب الصبيان فتقول لميا” باسم الله ما شاء الله اللهم صل على النّبي اللهم صل على الحبيب باسم الله في عين الحاسد ما شاء الله البكر بنت والبنت تربي إخوتها عشرة صبيان يلحقوها إن شاء الله”[62].

أمّا الشّكل الثّالث فيتمثّل في النّذور والقرابين بمختلف أنواعها التي تجسّد منذ أقدم الحضارات الرّغبة في إرضاء الآلهة “وكبت غضبها فقد كانوا يعتقدون أنّها آلهة سريعة الغضب ولتملقها وإسكات غضبها ابتكروا النّذور بتقديمها لها”[63]. وتّتصل النّذور[64] والقرابين بمجمل طقوس الحياة اليوميّة في “سيّدات القمر” مثل طقوس النّفاس فتتحدث سالمة عن المولودة مثلا قائلة: “لمّا تكمل أسبوعا احلق شعرها وتصدق بوزنه فضّة واذبح عنها شاة ووزّع اللّحم على الفقراء[65] أو طقوس العلاج فقد تعطّل شفاء أخ لنجيّة وعندما “نحرت ناقتين … كان أخوها يمشي على قدميه”[66].

ولئن تعدّدت أشكال القرابين في كلّ الحضارات والدّينات فإنّها في مجتمع الرّواية تّتصل بالقربان الحيواني[67] أو بهبة الطّعام فقد طبخت ميّة وليمة كبيرة بمناسبة البيت الجديد”. وبالنّظر في سياقات تقديم هذه الهبات للقوى الغيبية في الرّواية نتبيّن طابعها الإيماني أو الاعتقادي”[68] الاعتقاد بأنّ الأرواح الخفيّة تحيط بالإنسان وهي قادرة على إيذائه الأمر الذي يستوجب أخذ الحيطة منها والتقرّب إليها. وليس أدلّ على هذا الطّابع الإيماني الإلزامي من التزام سكّان القرية جيلا بعد جيل من إطعام الجنيّة بقيعة من طعام النّفساء حتّى لا تؤذيهن إذ “لم تغضب الجنيّة بقيعة لا في مدة تخصص ظريفة في خدمتها ولا في عهد أمها من قبلها إلا في تلك المرّة حين سحروا أمّ عبد الله وهي في النّفاس”[69].

ولعلّ أكثر مقولات السّحر على الإطلاق خطورة وانتشارا مقولة الاختفاء الملتبس بالموت والهلاك تفسر ظريفة لعبد الله موت أمّه قائلة ” يا ولدي يا عبد الله أمك مشت في الليل رمت بحصاة ما تعرف أش بتصيب صابت رأس ولد الجنيّة الجنيّة، خادمة شيوخ الجنّ جاءت لأمك وقالت لها: اقلعي شجرة الرّيحان في الحوش رائحتها تجلب الأفاعي وأمّك الله يغمد روحها الجنة ظنّت الجنيّة امرأة مسكينة وصدّقتها في الفجر قطعت شجرة الرّيحان وطاحت المسكينة مريضة يومين ثلاثة وماتت”[70].

2 -3- فواعل السحر:

 من تجليّات السّحر باعتباره نسقا ثقافيا مهيمنا في “سيدات القمر” هيمنة حضور شخصياّت مفارقة بسبب ما تمتلكه من قوى مؤثّرة في حياة الأفراد سواء كان ذلك خيرا أو شرا. وعندما حاولنا رصد سياقات ظهور هذه الشّخصيّات في الفضاء السّردي تبيّنا ارتباطها بفعل السّحر الذي يتحقق بفواعل تنجزه وتؤديه إذ ليس “هناك سحر بدون ساحر” على حد عبارة مرسيل موس[71].

 ويؤدي التّدقيق في هذه الفواعل إلى تبيّن أنّها بدورها أنساق ثقافيّة يجمع بينها الاقتناع بوجود كائنات مفارقة غير بشريّة تقاسم الأفراد مجال تحرّكهم وتتحكّم فيهم متى دعت الضّرورة إلى ذلك وبأنّها تسكن بعض الأماكن المعلومة. فقد وصلت ظريفة إلى مكان الجنيّة بعد أن توغّلت بين الأفلاج والمزارع إلى أن “أفضى بها الطريق إلى المزارع فواصلت طريقها حتّى أصبحت في الفضاء الأجرد بعد المزارع توقفت أسفل الحصاة البيضاء الضّخمة التي تعرفها تماما أنزلت ظريفة الصينية عن رأسها وجثت على ركبتيها وقالت بصوتها الجهوري يا بقيعوه”[72].

ويعتبر الجنّ أهمّ الفواعل المهينة في آداء الفعل السّحري في الرّواية فهو الذي يتلازم ظهوره بالسّحر الضّار وله أناس متخصّصون في استحضاره وتسخيره لإلحاق الضرر بمن يريدون. وتعتبر حفلات الزّار أشهر مقامات استحضار الجن لتكليفه بالمهام المطلوبة[73]، ففي الرّواية تعتبر أم ظريفة “الماما الكبيرة قيمة الحفل والقائمة عليه والمخاطبة المباشرة للجان المتّصلين بالإنس المتمرغين على الجم”[74].

 وتتراوح الأعمال الشريرة التي يطلبها السّحرة من الجنّ بين إلحاق الضّرر بمن يريدونوبين التفريق بين النّاس لاسيما المحبين[75] والهلاك[76] مثل ما حصل لأم عبد الله ونجية عشيقة عزّان. وتتكفل الشّياطين إلى جانب الجنّ بالكثير من الأعمال السّحرية فالشّيطان مثل الجنّ “من الأنماط الأوليّة التّاريخية الثقافيّة الأسطوريّة والدينيّة في ذاكرة أغلب المجتمعات لما يحمله من أبعاد رمزيّة وكنائيّة تنحصر في دائرة العدوانية والشرّ تجاه الإنسان”[77].

 ونحن نتبيّن صدى كبيرا لهذا التّصور في الرّواية حيث تفسّر ظواهر كثيرة تواجه الإنسان بفعل الشّياطين لذلك لابد من استحضار موقف الرّجم بالحجارة، لما اشترى الشيخ سعيد السيّارة.. “توكّأت أمّه العجوز على عبداتها وخرجت لتراها، وحين سمعت هدير المحرّك ورأت العجلات السّوداء المسرعة رجمتها بالحجارة. صرحت لأهل العوافي أنّها من عمل الشيطان وكسرت إحدى نوافذها بحصاة ضخمة”[78].

 وإلى جانب الجنّ والشّياطين تتجلّى الكواكب فواعل نافذة القوّة في تحقيق الفعل السّحري لاسيما كوكب زحل وبسبب طول المقاطع السرديّة الواردة على لسان السّحرة متوسّلين من زحل إلحاق الضّرر بضحاياهم تدخل الرّواية في مسار عجائبي يختلط فيه البخور والتّعزيم والكلمات السّاحرة. لمّا طلبت سالمة من السّاحر سحر نجيّة “مزج الدخن: الزعفران والقشور والمخ ووسخ الصوف وأحرقه بخورا بين يديه ثم ارتدى ثيابه مستعدا للاتصال بزحل، انخرط الرجل الوحيد في الصحراء في ندائه الحار “يا أيها السّيد يا أيها السّيد العظيم الرّاجل القاهر الجبّار القادر العفريت العظيم الشّأن”[79]

2 -4- وظائف السّحر:

 تشترك أهمّ الدّراسات الاجتماعيّة والأنثروبولوجيّة حول السّحر في إثبات ارتباط وجوده بحاجة الأفراد إليه إذ “يؤدي السّحر على مستوى النّفسيات الجماعيّة حماية الذّات من التّقلبات وحالات القلق المرتبطة حتما بالتّغيرات الاجتماعيّة ّ”[80]. وبالتأمّل في تردّد الممارسات السّحرية لدى مجتمع الرّواية نتبيّن انتشارها بصفة أكثر عند فئتين أولهما فئة العبيد الذين يتوارثونها[81] ويستمتعون بممارستها[82] بحسب ما تشير إليه الرّواية.

أما الفئة الثّانية فتتمثّل في أولئك النّاس الذين تحاصرهم التّوترات والأزمات في حياتهم اليوميّة فيكون السّحر أهمّ وسائلهم لمجابهة مشاكلاتهم وضغوطات معيشها اليومي. وهكذا تتشكّل الممارسات السّحرية “وفق حاجيات المجتمع وعقائده وتصوراته فهو مثل الدين يمثل الواسطة بين الأفراد والغايات التي يسعون إليها حسب حاجياتهم وتطلعاتهم”[83].

ولعلّ أهمّ الحاجيات مثلما تكشف عنها الرّواية تتمثل في الحاجة إلى الأمان، فالسّحر ردّة فعل لشعور الإنسان بالقصور وقلّة الحيلة في عالم خارج عن سيطرته ولا قدرة له على التّحكم فيه ولا في ظواهره. إذا فالسّحر له وظيفة نفسية هي جلب الحظ والنجاح وإبعاد الخطر والشر وله وظيفة معرفية هي سد الثغرات في المعرفة “[84].

ويتّصل مطلب الأمان في الرّواية بأنساق ثقافيّة متنوّعة لعلّ أهمّها العلاج من الأمراض ويكون ذلك بتعليق الحروز[85] أحيانا وبممارسات أكثر غرابة أحيانا أخرى مثل الممارسات التي تقوم بها النّسوة لما تتعسّر الولادة على إحداهن فيسقينها” الماء المخلوط بتراب القبر وماء تراب مسجد مهجور”[86]. وهذا الموقف يفسر بنزوع هؤلاء النسوة إلى تفسير الظواهر التي تظهر دون سبب مرئي ” كالمرض أو الموت والنجاح والإخفاق.. إلى أسباب سحرية تحدّد سلوك جميع الكائنات والأشياء”[87].

وبمحاولة فهم سياق الأمان بإبعاد الأذى المتوقّع من القوى الغيبيّة نفهم حرص كلّ نفساء على إطعام الجنيّة التي عرفت بالتهام النّفساء ومولودها إذا لم تطعم من طعامها، ويتجسّد ذلك من خلال “التوسّل إلى الروح الشريرة لتجنب خطرها “[88] مثل توسّل ظريفة للجنيّة قائلة وهي تمدّها بالطعام هبة: “يا بقيعوه يا بقيعوه .. هذا أكلك ودعي لنا أكلنا هذا نصيبك ودعي لنا نصيبنا هذا من خراثة ميا بنت سالمة دعيها في حالها ولا تضريها ولا تضري المولودة”[89].

وفي توارث هذه الممارسات السّحرية المرتبطة بالنّفاس محافظة الكثير من الطّقوس السّحرية البدائية على استمراريتها من خلال ممارسات تستجدي القوى الغيبية للكفّ عن الأذى عن طريق “أداء رمزي كالذي يتجلّى في الطّقوس الخاصّة بطلوع الشّمس واستنزال المطر تعتقد هذه الشعوب أنّ أيّ تقاعس عن ممارسة هذه الطقوس سينتج عنه توقّف هذه الظّواهر عن إسداء بركتها للبشر فالشّمس ستتوقف عن البزوغ والمطر سينحبس إذا ما تقاعس النّاس يوما عن أداء واجباتهم التي لا يجوز أن يملوا من أدائها”[90].

وفي كلّ الحالات نلاحظ في مجتمع الرّواية تزامنا ظاهرا بين ظهور المشاكل والأزمات من ناحية والممارسات السّحرية من ناحية ثانية.

3- في الأنساق المضمرة لنسق السّحر: دونية النّساء نموذجا:

لئن اعتبرت الأنساق الثقافية أهمّ مشاغل النقاد الثقافيين”[91] فذلك يعود إلى وعيهم بهيمنتها وسيطرتها على سلوك الأفراد وأفكارهم فهي “مجموعة من الأدوات الرّمزيّة التي تتحكم في سلوك أفرادها أو هي مجموعة من ميكانزمات الضّبط والتّحكّم مثل الخطط والوصفات والتعليمات للتّحكم في السلوك [92].

 ونحن في هذا القسم من عملنا سنحاول استنطاق الممارسات السّحرية كما تجلّت في الرّواية للوقوف على أهمّ أنساقها الثقافيّة المضمرة “لأنّ المضمر النّسقي لا يتبدّى على سطح اللغة، ولكنه نسق مضمر تمكّن مع الزّمن من الاختباء وتمكّن من اصطناع الحيل في التخفي… حتى ليخفى على كتّاب النّصوص من كبار المبدعين والتجديديين، وسيبدو الحداثي رجعيّا بسلطة النّسق المضمر عليه”[93].

علما وأن دراسة الرّواية ثقافيا ومحاولة البحث عن أنساقها الثقافيّة تقتضي من الباحث ضرورة “المواجهة مع كلّ ما هو متشكّل تاريخيّا ومتحيّز ومموضع مؤسساتيّا ومع كلّ ما يشرّع للاحتواءات والاقصاءات وإعطاء بعض الأشياء امتيازا على الأخرى”[94]. ويكفي أن ندقّق النّظر في الممارسات المكوّنة لنسق السّحر المهيمن على مجمل أنساق الحياة اليوميّة لنتبيّن أنّ هذا النّسق المكوّن بدوره من جملة أنساق ظاهرة على مستوى الممارسات السّحرية وعلى مستوى الخطاب الروائي يستبطن أنساقا ثقافية أخرى مضمرة بدا لنا أنّ أهمّها تمثّل في نسق دونيّة النّساء.

لقد ذهبت دراسات كثيرة إلى اعتبار “سيدات القمر” رواية تردّ الاعتبار للنّساء باعتبارهنّ مهمّشات قد اخترقن دوائر المركز[95]، مستشهدين في ذلك أحيانا ببناء الشّخصيات وبمسارات السّرد مستدلين أحيانا أخرى بأهمّ عتبات الرّواية المتمثّلة في العنوان “سيدات القم” وهو عنوان يمنح للنّساء السّيادة ويربطهن بدوائر السّلطة.

ولكنّنا بالحفر في الممارسات السّحرية باعتبارها طقوسا دالة رامزة نتبيّن نسقا مضمرا مخالفا لما يظهر على سطح النّص والممارسة. إنّه نسق مشدود إلى هيمنة إيديولوجية ذكورية تعبّر عنها جملة من الممارسات القوليّة والفعليّة الدّالة على دونيّة المرأة. هذه الدونية التي تبدو محكومة كلّ ما”يحوّل كل خاصية نسويّة إلى سمة دونية حين مقارنتها بالمختلف عنها ذكوريا “[96].

ويكفي أن نتتبّع مصير الشّخصيات المعاقبة بالهلاك في الرّواية بمفعول سحري لنكتشف أنّهما امرأتان جمع بينهما ضمنيا نسق الخطيئة. ثم تتعدّد ملامح الخطيئة المرتبطة بهنّ في ثنايا متفرّقة من الخطاب الروائي. نذكر على سبيل المثال منها مما روي عن أمّ عبد الله الذي ظل رواية كاملة يبحث عن سرّ موتها. واعلم بأنّها سحرت بسبب قطعها شجرة الريحان الآهلة بالجنّ. ولكن صوت عجوز معتوهة يرتفع ضمن الأصوات المرتفعة في الرّواية ليعلمنا بأنّ موتها قد دبّر من قبل زوجها وأخته لأنّ البعض شاهدها تتحدث إلى رجل قرب شجرة الريحان[97].

ويتعرّى هذا النّسق ثانيا بتتبّع قصّة الشخصيّة الثانية التّي كان مصيرها السّحر القاتل لأنّها أخطأت وعشقت زوج سالمة فاستنجدت سالمة بالساحر وطلبت منه التدخل ليزرع العداوة ويفرق بين زوجها وعشيقته. فيعلمنا الراوي بأنّ السّاحر لم يكتف بالتّفريق بينهما إذ قتلت ودفنت في ظلام اللّيل.

لا شك في أنّ هذا المصير يخضع للنموذج الأنثوي المحمّل بكلّ الرموز الدّالة على معاني الخطيئة والدنس وهي معان نجد صداها في أنساق أخرى في الرّواية أهمّها نسق النفاس الذي تصرّ ممارساته على اعتبار المرأة نجسة نجاسة تصل إلى عزلها ومقاطعة مشاركتها الطعام أربعين يوما.

 ورغم معارضة أسماء المتعلمة لهذه الممارسة وما تستبطنه من تحيّز ضد المرأة مرددة في كل مرة “عن أبي هريرة قال رسول الله يا عائشة ناوليني الثوب فقالت إني حائض فقال إن حيضتك ليست في يدك”، فإن الجميع يصر على إقصاء ميا لنجاستها مرددين ” دعي عنك ميا ستأكل لوحدها.. ستأكل لوحدها لأن فيها نجاسة ولا يجوز أن تشارك الناس الأكل”[98].

وإذا ما اتفق العلماء على اعتبار السّحر من الوسائل البدائية للإنسان في فهم الوجود وتفسير الأشياء والاحتماء منها وذلك مقارنة بالدين والعلم[99] فإننا بالتأمل في الرواية نلاحظ تأصيلا لفعل السحر في النّساء رغم وجود السحرة من الرّجال. وقد تحقق هذا التأصيل من خلال جعل أكثر الأفراد المتعاملين بالسّحر من النّساء متوارثا عندهن[100]، إلى جانب أن شيخة السّحرة ومعلمتهن هي امرأة.

 فعنكبوته والدة ظريفة هي الماما الكبيرة قيمة الحفل والقائمة عليه والمخاطبة المباشرة للجان المتصلين بالإنس المتمرغين على الجمر”[101] وتتمثل متعة ابنتها الحقيقية في حضور حفلات الزار وقد ثملت من الشّواء والشراب والطبول العنيفة فتغيبها النّشوة في حالات شتّى قد تمشي على الجمر المتقد أو تستلقي تحت سنابك الخيل أو تتقلب في التراب وسط حلقات الرقص الجنونية”[102].

إنّ ما توحي به الرّواية من سلطة النّساء وسيادتهن، ابتداء من العنوان الذي يسند إليهن سيادة القمر مرورا باختيارهن الزوج وتسمية المولود وصولا إلى منحهنّ الحريّة في الطّلاق وهي مواضيع استأثرت بمفاصل مهمّة من السّرد. وقد عوّل عليها النقاد كثيرا في الحديث عن سيادة “سيدات القمر”، إنّما هي بمثابة “الأقنعة التي تختبئ من تحتها الأنساق وتتوسل بها لعمل عملها”[103] لتظل صورة المرأة منجزة راسخة موسومة بالدنس الموصول بالخطيئة والشر الموصول بالسحر.

ثمّ إنّ في تعامل هؤلاء النّساء بالسّحر والشعوذة قصد تحقيق أمنياتهن والتخفيف من حدّة مصائبهن ما يلمّح إلى ضعفهن وعجزهن فحتي القوياّت منهنّ[104] يستنجدن بهذه الكائنات للاستقواء بها ضد من يهدّدهنّ أو يحاول إيذاءهن “لأن هذه الكائنات تتمتّع بحرية مطلقة وبقوة مطلقة تظهر متى تريد وتختفي متى تريد وبالشّكل الذي تريد، ولأنّ سلطتها أقوى من من سلطة الإنس فهي تستطيع أن تفتك به وتؤذيه”[105].

4- خاتمة:

لقد حاولت هذه الدّراسة تسليط الضّوء على طقوس الحياة اليوميّة في رواية “سيدات القمر” والحفر في الأنساق الثقافيّة المهيمنة عليها ما ظهر منها وما بطن، ثمّ اصطفت من بين الطّقوس طقس السّحر باعتباره بنية ونسقا تكوّنه جملة من الممارسات المنظمة المكرّرة الرامزة والمسيرة لحياة النّاس ولأشكال تفاعلهم. وقد توصل البحث إلى النتائج التالية:

  • أثبتت هذه الدّراسة المتوسّلة بأدوات النّقد الثّقافي أنّ “سيّدات القمر” لجوخة الحارثي تمثّل نموذجا لقدرة النّص الروائي على إضمار الأنساق الثقافيّة بوسائل متعددة لعلّ أهمّها الطّقوس باعتبارها ممارسات ورموزا وباعتبارها أنساقا ثقافية ذات أبعاد ثنائية بعضها ظاهرا مرئيا وبعضها الآخر مضمرا مخفيّا.
  • تمثّلت مظاهر طقسنة السّحر من خلال انتظام ممارساته وتكرارها واشتراك مجتمع الرّواية في ممارساتها ومن خلال كثرة الوظائف والأدوار التي يؤديّها.
  • اتّسمت “رواية سيدات القمر” بجملة من التقنيات السردية التي أتاحت للشّخصيات التعبير عن تفاصيل حياتها اليومية وما تحتكم إليه من طقوس.
  • كشفت الدراسة أهمّ الطقوس اليومية مثلا لزواج، الولادة، والطعام …وأبرزت انتظامها كلّها في نسق كلّي جامع هو نسق الحياة اليومية كما أبرزت هيمنة طقوس السّحر عليها جميعا إذ تتصل ممارساته وتصوّراته بمجمل طقوس الحياة اليوميّة وتتسم بطابعها الإيماني الإلزامي.
  • لقد كشف البحث السّحر في الرّواية نسقا ظاهرا جليا من خلال تجليات أنواعه وأدواته وفواعله ووظائفه الواقعية والرمزية كما كشف ارتباط نشاطه وخفوته بحاجة الإنسان إليه لأنّه وسيلته لتحقيق حاجياته وتطلّعاته.
  • تتمثل أهم حاجيات الإنسان إلى السّحر في البحث عن الأمان الذي يتحقق بأوجه متنوعة لعلّ أهمّها ضمان العلاج والشّفاء والاتقاء من شر الكائنات البشرية وغير البشرية.
  • أثبت البحث أن تحت الأنساق الظّاهرة تنضوي أنساق ثقافيّة مضمرة تتواشج مع أنساق أخرى وتفعل فعلها في سلوك الأفراد وأفكارهم وتمثّلاتهم.
  • مثل أنساقه الظاهرة يضمر نسق السحر أنساقا أخرى مضمرة مناقضة ولعلّ أهم هذه الأنساق المضمرة نسق دونية المرأة المرتبط بما تأصّل في الوجدان الجمعي من وسم للنّساء بالخطيئة والشر.

[1]– من ذلك المنهج البنيوي والأسلوبي والإنشائي والمقارني والسيميائي إلى جانب مناهج التّحليل النّفسي والاجتماعي.

[2]– السّماوي، أحمد: النّماذج البشريّة في دنيا الله لنجيب محفوظ، مكتبة علاء الدين صفاقس، ط1، 2018، ص 10.

[3]– لقد ظهرت أهمّإ رهاصات النّقد الثّقافي في كتابات مثقفي نيويورك منذ بروز جيلهم الأول في فترة الثلاثينيات وقد اعتادوا أن يصفوا النّقد الثّقافي الذي اتّسمت به مدرستهم باسم النقد الاجتماعي. وفي أواخر القرن العشرين تبلورت السّمات المعرفيّة والمنهجيّة للنّقد الثّقافي بفضل جهود جيل آخر من المفكرين لعلّ أهمّها جهود النّاقد الأمريكي فنسنت ليتش Vincent B Leitch الذي دعا إلى نقد ثقافي ما بعد بنيوي يخرج النّقد الأدبي من القيود الشكلانية إلى الحفر في مختلف أوجه الثقافة. انظر للمزيد ليتش. فنسنت ب: النقد الأدبي الأمريكي من الثلاثينيات إلى الثمانيات، ترجمة محمد يحيى، المجلس الأعلى للثقافة، 2000. وانظر أيزابرجر أرثر: النّقد الثّقافي تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية، ترجمة وفاء إبراهيم، رمضان بسطاويسي، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ط1، 2003.

أمّا في الدّراسات العربية فقد ارتبط النّقد الثّقافي بالناقد السعودي عبد الله الغذامي الذي مثلت مجمل كتاباته مشروعا في النّقد الثّقافي وهو يعرف النّقد الثّقافي قائلا هو: ” فرع من فروع النّقد النّصوصي العام ومن ثمّ فهو أحد علوم اللغة وحقول الألسنيّة معني بنقد الأنساق المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكلّ تجلياته وأنماطه وصيغه ما هو غير رسمي وغير مؤسساتي وما هو كذلك سواء بسواء من حيث دور كلّ منها في حساب المستهلك الثقافي الجمعي” الغذامي عبد الله: النّقد الثّقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية، المركز الثقافي العرب، الدار البيضاء، المغرب، ط 3،2005. ص 83.

[4]– الغذامي، عبد الله: النّقد الثّقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية ص 32..

[5]– لا بد من التفريق بين النّقد الثّقافي والدّراسات الثقافية فالنّقد الثّقافي هو نشاط وليس مجالا معرفيا خاصا بذاته لأنّ نقّاد الثّقافة يطبّقون المفاهيم والنّظريات على الفنون الرّاقية والشّعبيّة والحياة اليوميّة وعلى حشد من الموضوعات المرتبطة. وهم يأتون من مجالات مختلفة ويستخدمون أفكارا ومفاهيم متنوّعة وبمقدور النّقد الثّقافي أن يشمل نظريّة الأدب والتّحليل الفلسفي والتحليل النّفسي وعلم العلامة والنظرية الماركسيّة والنظريّة الاجتماعيّة والأنثروبولوجية إلخأمّا مصطلح الدّراسات الثقافيّة فليس مصطلحا جديدا حيث شرع مركز الدّراسات الثقافية المعاصرة بمركز برمنجهام Birmingham سنة 1971في نشر صحيفة أوراق عمل في الدّراسات الثقافية Working papers in Cultural studies والتي تناولت وسائل الإعلام Media والثقافة الشعبية Popular culture والأدب Literatureوالمسائل المرتبطة بالجنوسة gender related issues والحركات الاجتماعية Social movementsوالحياة اليومية everyday life.أيزابرجر أرثر: النّقد الثّقافي تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية، ترجمة وفاء إبراهيم، رمضان بسطاويسي، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ط1، 2003، ص30.

[6]– النقد الأدبي الأمريكي من الثلاثينيات إلى الثمانيات، ص 104.

[7]– نفسه

[8]– قطوس بسام: المدخل إلى مناهج النّقد المعاصر، دار الوفاء، الإسكندرية مصر، ط1، 2006، ص 229.

[9]– الأنساق المضمرة هي من المفاهيم الأساسية التي قام عليها النّقد الثّقافي ” يعد لفي ستراوس من أوائل الذين نقلوا مصطلح النسق إلى الحقل الثقافي في دراسته الأنثروبولوجية سنة 1957.

[10]– النّقد الثّقافي تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية ص30.

[11]– ” إن النّقد الثّقافي يرفض المعيارية الأدبيّة ويحاربها ويحاول إبعاد المتلقي عن التفكير في أعمال محددة بوصفها أفضل الأعمال التي أنتجتها ثقافة معينة لكونه لا يؤمن بفكرة النص النخبوي فهو يتناول بالدّراسة كل أشكال الخطاب بغض النظر عن مدى القدرات البلاغية المتوفرة للنص فليس النص الأدبي النخبوي فقط هو من يستحق الدّراسة بوصفه حاملا للمعايير الجمالية البلاغية التي بذل النقد الأدبي جل اهتمامه في دراستها متجاوزا العديد من الخطابات الشعبية بأنواعها وأشكالها المختلفة كالنكتة والحكايات الشعبية ” خلباص حمادي إسماعيل: النّقد الثّقافي مفهومه منهجه إجراءاته مجلة كلية التربية واسط، العدد 13.

[12]– رزق، صلاح: إشكالية المنهج في النّقد الثّقافي، مجلة علامات، ج 51، سنة 2004، ص 73.

[13]-النّقد الثّقافي تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية، ص 223

[14]– كذا.

[15]– اليحياوي، شهاب المفاهيم الأساسية لمقاربة الفضاء المديني والتغير الاجتماعي31 ماي 2010.

[16]– أصواب الله عروبة جبار: الأهوار في الرّواية العراقية دارسة في ضوء النّقد الثّقافي، رسالة ماستر جامعة البصرة، 2013.

[17]– قندوز، تركية: الأنساق الثقافية في رواية الشمعة والدهليز لـ الطاهر وطّار ص 26، مذكرة مقدمة لنيل رسالة ماجستير، جامعة البويرة، الجمهورية الجزائرية، انظر الرابط https://bit.ly/3dZYRq1

[18]– دبار، نعيمة: تجلي الأشكال الثقافية في الرّواية الجزائرية، المجلة الثقافية الجزائرية، جوان.

[19]– قندوز، تركية: الأنساق الثقافية في رواية الشمعة والدهاليز لطاهر وطار رسالة ماجستير، جمعة الجزائر 2015.

[20] – صدرت الرّواية سنة 2010، وتوجت سنة 2019 بالترجمة أولا وقد ترجمتها إلى الإنجليزية مارلين بوت Marilyn Booth بــ “أجرام سماوية Celestial Bodies. وبالفوز بأشهر الجوائز الأدبيّة العالمية جائزة مان بوكر الدولية The Man Booker International prize ثانيا.

[21]– الشمري، سارة: المهمشات يعدن صناعة الماضي: قراءة في رواية سيدات القمر لجوخة الحارثي، انظر الرابط: https://bit.ly/3aZ7sas، تاريخ النشر 28/7/2019.

[22] – برادة، محمد: تخييل الذات والتاريخ والمجتمع: قراءة في روايات عربية الدار المصرية اللبنانية- سلسلة رؤى نقدية – 2018.

[23] – يعتبر النّسق المضمر مفهوما وأداة مركزيّة في مشروع النّقد الثّقافي الذي يرى أنّ لكلّ ثقافة أنساقا تهيمن عليها وتوجّهها ولا نظفر بها في النّصوص الأدبيّة بالبحث فقط في أنساقها اللّغوية والجماليّة لأنّه ا تكون مضمرة مطمورة منغرسة في الخطاب، انظر المزيد حول هذا الموضوع الغذامي عبد الله: النّقد الثّقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط 5، 2012.

[24] – لئن ظهرت دراسات نقدية حول سيدات القمر منذ صدورها سنة 2010، فإنّ العدد تضاعف في سنة 2019 بعد فوز الرّواية بجائزة المان بوكير وليس أدلّ على هذا التّضاعف من أن خصصت لها مجلة ” ميريت الثقافية الشهرية الالكترونية ملفا بعنوان ” سيدات القمر تفكيك مركزية السرد العربي” تضمن 11 مقالا نذكر على سبيل المثال من هذه المقالات الطائي عزيزة: القرية مخزون التاريخ وتحولاته، البوعلي آسيا: مفردات الفلكلور في سيدات القمر، مقلاتي فريدة مرجعية التراث الشعبي في سيدات القمر، السلطي سعيد: قراءة سيميائية لرواية سيدات القمر، . انظر عدد أغسطس 2019.

[25]– لا تتضمّن المعاجم العربية كلمة” طقس” ولكنّها تضمّنت كلمات أخرى قريبة منها لعلّ أهّمها المناسك والشعائر. وقد اتّفق علماء الأنثروبولوجيا مثل إيميل دوركهايم ومارسيل موس وفان جينيب على أنّها ضرب من الممارسات الرمزيّة المنظّمة التي ينخرط فيها النّاس بكثافة وبمختلف فئاتهم، وتكاد لا تخلو منها أفعالهم الجماعية والفردية. ولئن أشارت لفظة طقس المتأتية من”Rite” في اللاتينية من “Ritus” إلى الكيفيّة التي يتمّ بها أداء الأنشطة المقدّسة وتنظيمها في إطار احتفالي فإنّ مجال الطّقوس يشمل أيضا إلى جانب ذلك الأنشطة والممارسات غير الدينيّة بما في ذلك الأنشطة الاقتصاديّة والسياسيّة والرياضيّة، وأفعال التّواصل والتّبادل التي تتمّ بين الأفراد في معيشهم اليومي. انظر: المحواشي منصف الطّقوس وجبروت الرموز: قراءة في الوظائف والدلالات ضمن مجتمع متحوّل المجلة الجزائرية في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية، الرابط: https://journals.openedition.org/insaniyat/4331

[26]– حميدة، نسيمة: تمثلات المرأة التبسية لبعض المعتقدات الشعبية دراسة أنثروبولوجية بمدينة الشريعة، رسالة دكتوراه الجزائر، 2017، ص 56.

[27]– انظر حراثي هاجر، النّساء وأداب حسن السلوك عند العرب من خلال كتب الأدب. ضمن أعمال المؤتمر الدولي الثامن للغة العربية دبي 2018.

[28] انظر حراثي هاجر، النّساء وأداب حسن السلوك عند العرب من خلال كتب الأدب.

[29]– مافيزولي، ميشيل: تامل العالم: الصورة والأسلوب في الحياة الاجتماعية، ترجمة فريد الزاهي، المجلس العلى للثقافة، القاهرة، 2005. ص .75

[30]– حراثي، هاجر: في التعدد الصوتي وتعرية الأنساق اليومية: نسق الحياة اليومية في رواية سيدات القمر نموذجا. منشور ضمن أعمال المؤتمر الخامس للتعلم والتعليم بجامعة صحار،2019.

[31]– أخذ موضوع السحر نصيبا كبيرا من اهتمام العديد من الفلاسفة والمؤرّخين وعلماء اللاّهوت وعلماء النثروبولوجيا. فتوصّل بعضهم مثل هربرت سبنسر (1820-1903) إلى اعتباره نموذجا بدائيا للدّين قابلا للتكيف معه بحيث يستطيع الدّين والسّحر التعايش معا واعتبره البعض الآخر مثل تايلور من “الباقيات” من عناصر الثقافة البدائية التي استطاعت البقاء على قيد الحياة في العالم المعاصر. أمّا جيمس فريزر الذي عرفه بأنه”إيمان بقوى أعلى من قدرة البشر، ومحاولة لىسترضائها أو استعطافها “فإنه يضعه في المرحلة الأولى ضمن النموذج الثلاثي الذي قدمه لمراحل تطور الفكر الإنساني: من السحر إلى الدين إلى العلم. أما من منظور علم الاجتماع، فقد رفض إميل دوركايم في كتابه “أشكال أولية للحياة الدينية” حصر السّحر في نطاق الآلهة واعتبره نظاما موحدا من المعتقدات والممارسات يختلف عن الدين في وظائفه الاجتماعية. ثمّ ذهب ابن أخته مرسيل موس إلى أنّ الدّافع الدّيني قد تطوّر قبل السّحر فقد كان الدّين أحد أشكال التّعبير عن المجتمع، ثمّ نشأ السّحر عندما قرر الأفراد اتّخاذ الطّقوس والمفاهيم المرتبطة بالقدسيّة وملاءمتها لأنفسهم. ولعلّ الأنثروبولوجيا أكثر فروع المعرفة تناولا للسّحر خاصة خلال القرن العشرين عندما ارتحل علماؤها الاوائل في جميع أنحاء العالم لدراسة النّظم العقائدية والوظائف الاجتماعيّة وطقوس الثّقافات الأخرى مثل مالينوفسكي (1884-1942) ورادكليف براون (1881- 1973). انظر المزيد في:ديفيز أوين: السحر مقدمة قصيرة جدا، ترجمة رحاب صلاح الدين، مؤسّية هنداوي للتعليم والثقافة، ط 1، مصر، 2013. ص 19.

[32]– تناولت بحوث كثيرة علاقة السّحر بالإبداع الأدبي تعلق بعضها بالشعر واتصل بعضها الآخر بالرّواية وهي بحوث مفيدة، ولكنها لم تتطرق إلى السّحر في الأدب باعتباره نسقا ثقافيا يخفي أنساقا مضمرة. في علاقة السّحر بالشعر، انظر على سبيل المثال لا الحصر المناعي مبروك السّحر والشعر دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2004. وانظر عن دراسة السّحر في الرّواية، الفواز علي الحسن سرديات السّحر في رواية أنفس لعبده الخال على الرابط https://bit.ly/3b22J7M تاريخ النشر 9/7/2019.

[33]– يوليوس ليبس أصل الأشياء بدايات الثقافة الإنسانية ـ ترجمة كامل إسماعيل، دار المدى للنشر والثقافة، دمشق 2006 ص 288.

[34]– عبدلي سعيد الحسين: السّحر في تونس من أجل المال والسلطة والجنس دراسة سسيولوجية أنثروبولوجية الدار المتوسطية للنشر ط1، تونس، 2018، ص 27.

[35]– للزّواج والموت والنّفاس والنّوم والسّفر والطّعام ….. ممارسات سحريّة قوليّة أو فعليّة.

[36]– وّناس، المنصف: مقدمة كتاب السّحر في تونس من أجل المال والسلطة والجنس دراسة سسيولوجيةأنثروبولوجية الدار المتوسطية للنشر ط1، 2018، ص 10.

[37]– نفسه، ص 65.

[38]– السّحر في تونس ص 65.

[39]– وقد ساعدنا على هذا الاستقصاء ما اتّسمت به الرّواية من ظواهر سردية لعل أهمها تمثّل في التّعدّد الصوتي Polyphony باعتباره ضربا من الحوار بين الأصوات والأساليب واللّغات المتفاعلة في العالم الروائي تفاعلا يمنح الشخصيات أصواتا تجعلها “ذواتا اجتماعيّة تاريخيّة. انظر الحسحوس محمد التعدّد الصوتي في رواية الجسد وليمة لفرج الحوار، مكتبة علاء الدين صفاقس تونس 2019.ص 13.

[40]– التعدد الصوتي polyphony مصطلح نفدي كان أوّل ظهور له في دراسة باختين Bakhtin للملافيظ الروائية لدى دوستويفسكي وقد استعمل مصطلحا رديفا للّعدد الصّوتي هو الحواريّة dialogism وقوام هذا المصطلح أن أي قول مسكون بأصوات وآراء أخرى لقائلين آخرين، ولذلك فالقائل ليس بالضرورة هو مصدر القول بل هو مشارك فيه. وكل خطاب ملتبس بخطابات ثاوية فيه أصواتا أو لغات أو أشكالا أو كلّها جميعا. انظر Esthétique et théorie du roman tel Gallimard, 2011.P152

[41]– “أمك صارت مغيّبة الساّحر غيّب عقلها وخلاها خادمته.. أبوى شافها في اللّيل في الضاحية لابسة أبيض” الحارثي جوخة، سيدات القمر، دار الآداب بيروت ط5، بيروت 2019. ص 129.

[42]– ” إنّ البارئ خلق النّاس يمشون على أربع، ثم شطرهما نصفين، فأصبح كل نصف يبحث عن نصفه الآخر”ص 43.

[43]– كاسر، جارك ولا تنام عصر، نفسه، ص 40.

[44]– مثل قول الساحر: “يا أيها السّيد العظيم الرّاجل القاهر الجبّار القادر العفريت العظيم الشأن إلاّ قطعت نجية عن عزّان بحق هذه الأرواح الروحانيّة وفرّقت بينهما كافتراق النّور والظلمة وألقيت بينهما العداوة والبغضاء كعداوة الماء والنّار ص 182.

[45] – كاظم، نادر، تمثيلات الآخر صورة السّود في المتخيّل العربي الوسيط، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 1،2004، ص 101.

[46]– كذا في الرّواية وفي بعض اللهجات العمانية القديمة.

[47]– حفلات راقصة تقام لطرد الأرواح الخبيثة، انظر حول حفلات الزار: المصري فاطمة، الزار دراسة نفسية تحليلية انثروبولوجية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر، 1975.

[48]– محمد، أسليم: هوامش في السّحر، وكالة الصحافة العربية القاهرة 2001، ص 3.

[49]– ليبس، يوليوس: أصل الأشياء بداية الثقافة الإنسانية، ترجمة كامل عيسى، دار المدى للثقافة والنشر، سوريا 2006، ص 288.

[50]– اشتغل العديد من الأنثروبولوجيين على السّحر وصنفوه بحسب وظائفه والمواد المستخدمة فيه نذكر على سبيل المثال لا الحصر دوتي Doutte Edmond الذي صنف الطّقوس السّحرية إلى أصناف فذكر السّحر الشيطاني والسّحر التعاطفي وسحر الروائح…. انظر دوتي ادموند: السّحر والدين في إفريقيا الشمالية ترجمة فريد الزاهي، منشورات مرسم، المغرب، 2008..

[51] – سيدات القمر ص14.

[52] – نفسه ص 102.

[53] -نفسه ص 129.

[54]– نفسه ص 161.

[55] – هو السّحر الذي يستعمل لأغراض نافعة يقول عنه مصطفى واعراب “ويجمع العلماء على أن أهم نوعين من السّحر الأبيض في كل أنحاء العالم هما السّحر الخاص بالتنبؤ بالمستقبل أو التنبؤ بالغيب والسّحر الخاص بالعلاج أو التداوي والتطبيب”، واعراب مصطفى المعتقدات السّحرية في المغرب، الدار البيضاء، منشورات الأحداث المغربية 2003، ص 12.

[56]– يعرف جيمس فرايزر Frazer James George السّحر الأسود بأنّه: سحر ضاّر يمارس بقصد إلحاق الأذى بالآخرين أو على الأقل لإيذاء شخص ما من أجل شخص آخر أو لتحقيق نفع شخص ما على حساب شخص آخر. وهذا الشكل في السّحر شائع شيوعا كبيرا في كلّ المجتمعات والثقافات وفي كلّ العصور، فرايزر جورج جيمس: الغصن الذهبي دراسة في السّحر والدين، ترجمة نايف الخوص، دار الفرقد، دمشق، 2014. ص 29

[57]– السّحر في تونس ص 96.

[58]– سيدات القمر ص 21.

[59]– نفسه ص 21.

[60] – ترى، ماري دوغلاس، أن البركة أشكالا متعددة متنوعة منها ما اتصل بالبركة الإسلامية إلى السعد التوتوني إلى المانا البولينيزية. انظر المزيد حول هذا في دوغلاس ماري: الطهر والخطر، ترجمة عدنان حسن، دار المدى للثقافة والنشر دمشق، ط1، 1995.

[61]– سيدات القمر ص 13.

[62]– نفسه ص 21.

[63]– أصواب الله، جابر عروبة: الأهوار في الرّواية العراقية، رسالة ماجستير، جمهورية العراق، 2013،

[64]– النذر في اللغة هو ما ينذره الإنسان فيجعله واجبا عليه وهو من المقولات الواردة في الدين إذ ورد في القرآن” إني نذرت للرحمان صوما” ولكنه في الرّواية يلتبس مع الخرافة والسّحر.

[65]– سيدات القمر ص 13.

[66]– نفسه ص 42.

[67]– وتمثل في الرّواية في الناقة والدجاج، نفسه ص 15.

[68]– السّحر في تونس ص 26.

[69]– سيدات القمر ص 59

[70] – نفسه ص ص 128.

[71]– الوكيلي، يونس، تراث الأنثروبولوجيا الفرنسية في تقدير الممارسة الفكرية لمارسيل موس، مؤسسة مؤمنون بلا حدود، 2016، ص 85.

[72]– سيدات القمر ص58.

[73]– نفسه، ص 59.

[74]– نفسه ص 170.

[75]– يقول الساحر: إلا قطعت نجية عن عزّان بحق هذه الأرواح الروحانية وفرقت بينهما كافتراق النور والظلمة وألقيت بينهما العداوة والبغضاء كعداوة الماء والنار … نفسهص 182.

[76]– مثال ذلك ما وقع لنجية بعد ذهاب سالمة إلى الساحر كي يبعدها عن زوجها فقد ورد” وحين انتشرت الشائعات عن اختفاء البدوية الفاتنة عشيقة أبيها قالت ميا لأمي علاقة بهذا. وقال آخرون أنها جنت ” ودفنوا جثمانها سرا باليل تحت عرق الرمل” نفسه، ص 189.

[77]– أصواب الله، جابر عروبةـ: لأهوار في الرّواية العراقية.

[78]– سيدات القمر ص 104

[79]– نفسه ص 182.

[80]– Mauss Marcel, Sociologie et anthropologie paris P.U.F 1968, p 54.

[81]– ظريفة ورثتها عن أمّها التي ورثتها بدورها عن جدّتها، سيدات القمر ص 59.

[82]– تقول ظريفة إن المتعة الحقيقية في حفلات الزّار وهي حفلات استحضار الجن والتّواصل معهم نفسه، ص 170.

[83]– السّحر في تونس ص 131.

[84]– المرأة التبسية ص 19.

[85]– تركت أمّه ضفائره تطول خوفا من الحسد وظلّت حروزه الجلدية والفضيّة مخفيّة تحت ثيابه حتّى بلغ الثامنة، سيدات القمر ص 103.

[86] نفسه ص 171.

[87]– أصل الأشياء ص 288.

[88]– موس، مارسيل، بحث في الهبة شكل التبادل وعلته في المجتمعات القديمة، ترجمة المولدي الأحمر، المنظمة العربية للترجمة، ط1 بيروت 2011، ص67.

[89]– سيدات القمر ص 59.

[90]– أصل الأشياء ص 289.

[91] – Leitch, Vincent: Cultural Criticism, Literary Theory, Poststructuralism New York Columbia University Press 1992 preface.

[92]– تمثلات الآخر ص 13.

[93]– الغذامي، عبد الله: اصطيف عبد النبي: نقد ثقافي أم نقد أدبي، دار الفكر دمشق سوريا، دار الفكر المعاصر بيروت لبنان، ط 1، 2004. ص38.

[94]– تمثلات ص 101.

[95]– انظر على سبيل المثال الشمري سارة: المهمشات يعدن صناعة الماضي: قراءة في رواية سيدات القمر لجوخة الحارثي، الرابط https://www.7iber.com/culture/%D8%B1%D9%88% %D8% ، تاريخ النشر 23 حيزران 2019.

[96] الغذامي نقلا عن القحطاني سهام: الجنوسة النسقية ودراما الحب الغذامي ماي 2018، الرابط http://www.al-jazirah.com

[97]– سيدات القمر ص 60.

[98]– سيدات القمر ص 24.

[99]– يمثل السحر حسب تايلور المرحلة البدائية الأولى في سلسلة مراحل تطور الفكر الإنساني ثم يأتي بعده الدين فالعلم. ويقارن فريزر بين السحر والعلم فيضع السحر في منزلة ” أخت غير شرعيّة للعلم” لأنه قائم على قانونين مغلوطين. أوّلهما قانون العدوى أي إن الأشياء التي كانت في وقت ما على اتصال مع بعضها تظل تربطها علاقة حتى لو فصلت بينها المسافات. وثانيهما قانون التشابه الذي يذهب إلى أنّ النتائج تشبه مسبباتها. لكن إذا ما ثبت يوما أنّ السحر صحيح وفعاّل “فهو ليس سحرا وإنما علم” ديفيز أوين: السحر مقدمة قصيرة جدا ص 21.

[100]– أخذت ظريفة السّحر عن أمها التي أخذته عن جدتها

[101]– سيدات القمر ص 170.

[102]– نفسه ص 170.

[103]– النّقد الثّقافي ص78.

[104]– مثل إلباس سالمة ابنها حرزا لتبعد عنه المرض والموت، وتوسلها إلى المشعوذ كي يبعد عن زوجها عشيقته.

[105]– الرايس حياة: جسد المرأة من سلطة الإنس إلى سلطة الجان، دار سينا للنشر، القاهرة، 1995، ص 43.


المراجع:

المراجع العربية:

  • أرنولد توينبي وآخرون: الإنسان وهموم الموت، ترجمة عزت شعلان، المركز القومي للترجمة، ط1، القاهرة، مصر سنة، 2011.
  • أصواب الله، عروبة جبار: الأهوار في الرّواية العراقية دارسة في ضوء النّقد الثّقافي، رسالة ماستر جامعة البصرة، 2013، http://mohamedrabeea.net
  • الحارثي، جوخة، سيدات القمر، دار الآداب بيروت ط5، بيروت 2019.
  • الحسحوس، محمد: التعدد الصوتي في رواية الجسد وليمة لفرج الحوار، مكتبة علاء الدين صفاقس تونس 2019.
  • أيزابرجر أرثر: النّقد الثّقافي تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية، ترجمة وفاء إبراهيم، رمضان بسطاويسي، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ط1، 2003.
  • برادة، محمد: تخييل الذات والتاريخ والمجتمع: قراءة في روايات عربية الدار المصرية اللبنانية- سلسلة رؤى نقدية، القاهرة، 2018.
  • حميدة، نسيمة: تمثلات المرأة التبسية لبعض المعتقدات الشعبية دراسة أنثروبولوجية بمدينة الشريعة رسالة دكتوراه الجزائر، 2017، https://bit.ly/3kLwI7v
  • حراثي، هاجر: النّساء وأداب حسن السلوك عند العرب من خلال كتب الأدب. ضمن أعمال المؤتمر الدولي الثامن للغة العربية دبي 2018، https://bit.ly/3uyr5xI
  • حراثي، هاجر: في التعدد الصوتي وتعرية الأنساق اليومية: نسق الحياة اليومية في رواية سيّدات القمر نموذجا. ضمن أعمال المؤتمر الخامس للتعلم والتعليم بجامعة صحار،2019، انظر الرابط SSRN: http://dx.doi.org/10.2139/ssrn.3531525
  • خلباص، حمادي إسماعيل: النّقد الثّقافي مفهومه منهجه إجراءاته مجلة كلية التربية واسط، العدد 13.
  • دبار، نعيمة: تجلي الأشكال الثقافية في الرّواية الجزائرية، المجلة الثقافية الجزائرية، جوان 2017 https://thakafamag.com
  • ديفيز، أوين: السحر مقدمة قصيرة جدا، ترجمة رحاب صلاح الدين، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، ط 1، مصر.
  • دوتي، ادموند: السحر والدين في إفريقيا الشمالية ترجمة فريد الزاهي، منشورات مرسم، المغرب.
  • دوغلاس، ماري: الطهر والخطر، ترجمة عدنان حسن، دار المدى للثقافة والنشر دمشق، ط1، 1995.
  • الرايس، حياة: جسد المرأة من سلطة الإنس إلى سلطة الجان، دار سينا للنشر، القاهرة، 1995.
  • رزق، صلاح: إشكالية المنهج في النّقد الثّقافي، مجلة علامات، ج 51، سنة 2004.
  • السماوي، أحمد: النماذج البشرية في دنيا الله لنجيب محفوظ، مكتبة علاء الدين صفاقس، ط1، 2018.
  • الشمري، سارة: المهمشات يعدن صناعة الماضي: قراءة في رواية سيدات القمر لجوخة الحارثي، انظر الرابط: https://bit.ly/3aZ7sas، تاريخ النشر 28/7/2019.
  • الشمالي، نضال: الرّواية والتاريخ بحث في مستويات الخطاب في الرّواية التاريخية العربية، دار الكتاب العالمي للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 2006.
  • عبدلي، سعيد الحسين السحر في تونس من أجل المال والسلطة والجنس دراسة سوسيولوجية أنثروبولوجية الدار المتوسطية للنشر ط1، 2018.
  • الغذامي، عبد الله، اصطيف عبد النبي: نقد ثقافي أم نقد أدبي، دار الفكر دمشق سوريا، دار الفكر المعاصر بيروت لبنان، ط 1، 2004.
  • الغذامي، عبد الله: النّقد الثّقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية، الدار البيضاء، ط 5، 2012
  • فرايزر، جورج جيمس: الغصن الذهبي دراسة في السّحر والدين، ترجمة نايف الخوص، دار الفرقد، دمشق، 2014.
  • الفواز، علي الحسن، سرديات السحر في رواية أنفس لعبده الخال، https://bit.ly/3unVUVE، تاريخ النشر 9/7/2019.
  • القحطاني، سهام: الجنوسة النسقية ودراما الحب الغذامي ماي 2018، http://www.al-jazirah.com
  • قطوس، بسام: المدخل إلى مناهج النقد المعاصر، دار الوفا، الإسكندرية مصر، ط1، 2006.
  • قندوز، تركية: الأنساق الثقافية في رواية الشمعة والدهليز لـ الطاهر وطّار ص 26، مذكرة مقدمة لنيل رسالة ماجستير، جامعة البويرة، الجمهورية الجزائرية، انظر الرابط https://bit.ly/3dZYRq1.
  • كاظم، نادر: تمثيلات الآخر صورة السود في المتخيل العربي الوسيط، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط 1، 2004.
  • ليتش، فنسنت ب: النقد الأدبي الأمريكي من الثلاثينيات إلى الثمانيات، ترجمة محمد يحيى، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة،2000.
  • ليبس، يوليوس: أصل الأشياء بداية الثقافة الإنسانية، ترجمة كامل عيسى، دار المدى للثقافة والنشر، سوريا 2006.
  • محمد، أسليم: هوامش في السحر للمغربي وكالة الصحافة العربية القاهرة 2001.
  • المحواشي، منصف: الطقوس وجبروت الرموز: قراءة في الوظائف والدلالات ضمن مجتمع متحوّل المجلة الجزائرية في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية، 2010 https://journals.openedition.org/insaniyat/4331.
  • المصري، فاطمة، الزار دراسة نفسية تحليلية انثروبولوجية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر، 1975.
  • المناعي، مبروك، السحر والشعر دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2004.
  • موس، مارسيل، بحث في الهبة شكل التبادل وعلته في المجتمعات القديمة، ترجمة المولدي الأحمر، المنظمة العربية للترجمة، ط1، بيروت، 2011.
  • واعراب، مصطفى: المعتقدات السّحرية في المغرب، الدار البيضاء، منشورات الأحداث المغربية 2003.
  • اليحياوي، شهاب: المفاهيم الأساسية لمقاربة الفضاء المديني والتغير الاجتماعي الرابطhttp://anfasse.org/- تاريخ النشر 31 ماي 2010.
  • الوكيلي، يونس، تراث الأنثروبولوجيا الفرنسية في تقدير الممارسة الفكرية لمارسيل موس، مؤسسة مؤمنون بلا حدود، 2016

المراجع الأجنبية:

  • BakhtineMikhaïl, Esthétique et théorie du roman tel Gallimard,2011.
  • Leitch Vincent, Cultural Criticism, Literary Theory, Poststructuralism New York Columbia University Press 1992 preface.
  • Marcel Mauss, Sociologie et anthropologie paris P.U.F 1968.

مقالات أخرى

أيّ نموذج إيتيقي للإنسانيّة المعاصرة

معطّلات الفهم في الشعر العربي المعاصر

شعريّة اللّباس

1 تعليق

شهد محمد الختلان 22 أغسطس، 2021 - 1:10 ص
الطقوس (ritual) هي مجموعة من الإجراءات التي يؤديها بعض الأشخاص، والتي تُقام أساسًا لقيمتها الرمزية. وقد يحدد تلك الطقوس أو المراسم تراث الجماعة المشتركة، بما في ذلك المجتمعات الدينية. ويشير المصطلح عامةً إلى مجموعة الأفعال الثابتة والمرتبة، ويُستثنى من ذلك الأفعال التي يقوم بها المؤدون للطقوس اعتباطًا وقد وفرت الدراسات التي أُجريت في مجال الطقوس والمراسم مجموعة متضاربة من التعريفات للمصطلح، ومنها تعريف كيرياكيديس (Kyriakidis) (2007) للمراسم بأنها فئة خارجية أو سلوكية (etic) تشمل مجموعة من الأنشطة (أو مجموعة من الأفعال) التي قد تبدو من الخارج أنها غير حكيمة، أو متنافرة، أو غير منطقية. أوقد يُستخدم المصطلح اجتماعيًا (emic)، بواسطة المؤدين للطقوس، للدلالة على إدراكه أن المشاهد لتلك الأفعال قد يظنها كذلك وقد تقام الطقوس في بعض المناسبات الخاصة، أو تحت طلب الأفراد أو المجتمعات. وقد يؤدي الطقوس شخصٌ واحدٌ، أو مجموعة من الأشخاص، أو مجتمعٌ بأكمله؛ في أماكن محددة، أو في أماكن محجوزة مخصصًا لذلك، سواء في الأماكن العامة، أو الخاصة، أو من قبل أشخاص معينين. وقد تقتصر الطقوس على جزء معين من المجتمع، أو قد تجتاز الطريق بين المؤسسات الدينية والمؤسسات المجتمعية. هناك نظرية عن الطقوس تنص بأن القاعدة الأساسية للطقوس هي تطبيق القيم الطقوسية على الأشياء والحوادث والمناسبات التي يمكن اعتبارها بمثابة الأهداف ذات المصالح المشتركة التي تربط أعضاء المجتمع الواحد أو تمثل تمثيلاً رمزياً جميع الأشياء التي تستند على تأثير السلوك الرمزي بأنواعه المتعدده وتقام الطقوس للعديد من الأغراض، مثل: المناسبات الدينية، أو لإشباع بعض الحاجات الروحية والعاطفية للمؤدين، أو لتعزيز الروابط الاجتماعية، أو لبعض أغراض التربية المجتمعية والأخلاقية، أو كدليل على الاحترام والطاعة، أو دليل على انتماء الفرد، أو كمؤشر لبداية بعض الأحداث، أو قد تقام المراسم أحيانًا بهدف الترفيه فقط تعتبر المراسم والطقوس بأنواعها المختلفة أحد سمات كل المجتمعات الإنسانية، سواء في الماضي أو الحاضر. ولا تقتصر الطقوس والمراسم على الأنواع المختلفة من طقوس الـعبادة، أو الأسرار المقدسة في بعض الأديان أو الطوائف فقط، ولكنها تمتد أيضًا لتشمل طقوس العبور في بعض المجتمعات وطقوس الكفارة، وطقوس التطهير، وقسم الولاء، ومراسم التتويج، والافتتاحات الرئاسية، ومراسم الزواج، والجنازات، وتقاليد الدراسة والتخرج، والاجتماعات، والأحداث الرياضية، وحفلات الـهالووين (Halloween)، ومواكب المحاربين القدامى، وموسم تسوق عيد الميلاد، وغيرها الكثير. وهناك العديد من الأنشطة التي يتم تنفيذها ظاهريًّا لأغراض محددة، مثل؛ المحاكمات، وتنفيذ عقوبة الإعدام في المجرمين، والمؤتمرات العلمية، ولكنها مليئة بالإجراءات الرمزية التي تتحكم فيها القوانين أوالتقاليد، ولذا تعتبر مثل تلك الإجراءات مراسم وطقوس بالفطرة. وعلاوة على ذلك، فإن كل الأفعال العامة التي نقوم بها يوميًّا مثل المصافحة أو حتى كلمة آلو (hello) تندرج تحت مسمى المراسم والطقوس ويُستخدم مصطلح طقوس في علم النفس أحيانًا ليشير إلى السلوكيات المتكررة التي يقوم بها الفرد لتقليل أو منع الخوف، وتعد أحد أعراض الوسواس القهري
Add Comment

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد