المناظرة، مقام خطابي/جنس كلاميّ

فن المناظرة في الأدب العربي

ملخص:

تعد المناظرة نمطا خطابيا عريقا في الثقافة الاسلامية نشا في قصور الخلفاء وفي المجالس الفكرية والادبية خاصة زمن الخلافة العباسية ففي المناظرات التي دونها الجاحظ في كتابه “الرسائل” يلاحظ الباحث باشا العيادي ان في المناظرات روحا يونانية وهو ما سمح له بأن يستنتج في أن أصلها يوناني مختلفا بذلك عن استنتاج الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمان الذي يرى في أن أصلها هو “الجدل القراني”. وأيا كان الأمر فإن كتاب الباشا العيادي “فن المناظرة في الثقافة الاسلامية” يعد كتابا شاملا يدرس فيه صاحبه هذا النمط الخطابي من جهة بنيته وعناصره وخطابه ومقاصده .

الكلمات المفاتيح: مناظرة- خطاب- التوحيدي- حجاج- إقناع- مغالطة.

Abstract:

The controversy is regarded as a kind of discussion which took place in the intellectual meeting between arab-islamic thinkers from different sects and religious theories. In this book which entitled “the controversy in the Arabic literature “the searcher Bacha Ayadi tries to study the structure of this controversy and its content in order to analyze how the Islamic reason dealed with the religious and philosophique questions.

Keywords: Controversy-reason- discours- conviction- argument.


1- في ماهية المناظرة:

في العقد الأخير تتكرر على الأسماع وبوتيرة مرتفعة مفردة ” المناظرة ” و “التناظر ” باعتبارها ظاهرة مرئية نلاحظ حضورها في شاشات التلفزيون وفي المحافل السياسية وفي الخصومات الايديولوجية وغيرها وتتشكل المناظرة – بنيويا – من أطراف ثلاثة أو فواعل وهي الطرفان المتناظران حول فكرة ما أو حول قضية بعينها والطرف الذي يسير هذه المناظرة ويحدد إيقاعاتها صعودا نحو التوتر المقصود ونحو إدراك لذروة الصراع الفكري أو هبوطا نحو التهدئة والسيطرة فيما الطرف الأخير هو هذا المشاهد الذي سيحسم فعل التناظر في اتجاه التعاطف مع احد المتناظرين مع ما في هذا التعاطف من انحياز ايديولوجي يمتد ويتمظهر خارج المناظرة ،وفي الأغلب تتواجد لدى الهيئات المنظمة لهكذا مناظرة أجهزة للقيس بما يحدد النسب المأوية التي تكون في صالح هذا الطرف أو ذاك .

ليست المناظرة – بالقطع – فنا أمريكيا أو ابتدعه الأمريكيون أو الغرب بوجه عام وان كانوا هم الذين أفلحوا في إخراجها الإخراج المرئي المبهر الذي يعكس فلسفة في التعاطي مع الآخر المختلف من موقع القبول بمبدأ الخلاف في الفكر والرأي ومبدأ قبول مسرحة هذا الخلاف أمام الجميع، أنصارا كانوا أم معارضين.

…ولكن إذا ما تأخر ظهور المناظرات في المشهد الإعلامي العربي لأسباب يطول شرحها في غير هذا المقام، فإنها كانت – بحسب الباحث والأكاديمي باشا العيادي – شكلا تراثيا ضاربا في القدم يؤرخ له من العصر الجاهلي وأدرك ذروته وسنامه في القرنين الثاني والثالث للهجرة على يد الجاحظ ثم التوحيدي قبل ان يتهاوى منحنى رسمه البياني لكي يغيب وراء أجناس أخرى (غير مناظرية اطلاقا) مثل الخطبة باعتبارها ضديدا للمناظرة وشكلا مناقضا لها في البنية وفي الوظيفة وفي المقصد.

هل يمكن أن نتكلم عن “مناظرة تأسيسية ” في التراث العربي الإسلامي تفرعت عنها سائر المناظرات واستلهمت منها صورتها وشكلها؟ أم أن المناظرة هي استلهام من الفلسفة اليونانية بعد عمليات الترجمة التي نهضت بها الدولة العباسية زمن المأمون والمعتصم من بعده بما خلفته من ممكنات التثاقف ليس فحسب في الأفكار وفي العقائد وإنما في الأشكال والبنيات وفي طرائق تنظيمها سواء في المحافل العامة (الأسواق، المساجد…) أم المحافل الخاصة والنخبوية (قصور الخلفاء، بيوت الحكمة …) وهل يمكن ان نعدها حدثا قرآنيا إذا ما اعتبرنا الحوار بين الله وإبليس شكلا من المناظرة لا يخلو من الحجج والأدلة بقدر ما لا يخلو من المقاصد والمألات.

وفي كتابه المهم “فن المناظرة في الأدب العربي ” لا يختزل باشا العيادي منشأ المناظرة في مصدر واحد فالمؤكد لديه أن ” المناظرة جنس أدبي “[1] وهي في بعض أصوله الأولى “حوار لدى أفلاطون ابتدعه لنقل المعرفة الفلسفية ” كما إنها نص قرآني “متضمن في القرآن كتلك التي دارت بين قابيل وهابيل أو بين نوح وقومه …”[2].  وفي كل الأحوال فان المناظرة لدى الباحث تعد ” ثنائية صوتية لابد منها “[3] يشترك فيها بالضرورة طرفان على الأقل ليس لعقد اتفاق على موضوع ما وإنما لأنها فضاء لساني / تداولي يكون فيه “الحوار خلافيا بل صداميا وهو لا يؤسس تعاونا بين المتحاورين قدر ما ينشئ خصومة ومنازعة “[4].

للجاحظ فضل السبق    المناظرة هي – في بعض تعريفاتها – فن إدارة النزاعات فهي لم تخلق منذ نشأتها في أثينا إلى إقرار الإجماع وإنما إلى إظهار الخلاف والى تنسيبه والى “إظهار الصواب”[5]. وأمام استحالة ردها إلى مصدر واحد وأول ونهائي فإننا نرى أنها اقرب ما تكون إلى البنية العرفانية في الدماغ البشري التي تشتغل متى تفاقم الخلاف بين النخب العليا لأي مجتمع من المجتمعات لئلا يتحول الخلاف إلى عنف فهي إستراتيجية عرفانية/لسانية في الآن ذاته ،وفي الحضارة الإسلامية كانت المثاقفة الإغريقية قد بوأت المناظرة المنزلة العليا في ابيستيمية العقل الإسلامي إذ أن الترجمة المنهجية لتراث أرسطو وأفلاطون قد الهم العرب الإيمان بان إدارة الخلاف العقائدي والفكري لا يمكن أن يكون بحد السيف أو في الشارع أو في المواقع الهامشية في مؤسسات هي المساجد وقصور الخلفاء المتفلسفين والوزراء المثقفين فالمناظرة قد وقع عمليا “مأسستها” وتنظيم بنيتها مع المعتزلة خاصة وهذا ما يذهب إليه الباحث باشا العيادي الذي يستنتج بان “فن المناظرة ازدهر مع المعتزلة لأنهم وظفوا هذا الفن للدفاع عن الشريعة وعن الدين”[6]. وإذا ما لابد من بدء مشخصن لهذا الفن الكلامي فان الباحث يشير إلى أن الجاحظ هو من نهض بتأصيل المناظرة وتوطينها في فضاء العقل الإسلامي ،سواء كانت هذه المناظرات حقيقية وتاريخية أم إنها مخترعة ومتخيلة فريادة الجاحظ لا يطالها الشك لمكانة هذا الرجل في فلسفة الاعتزال ولأنه نهض بمشروع لازلنا نحن – إلى هذه الساعة – مدينون به إليه وهو الشروع في التدوين والكتابة وإخراج الثقافة العربية من طورها الشفوي الى طور الكتابة بما انخلق معه جيل من الكتاب والأدباء مهيئين إلى الجدل والحوار والى التناظر في مسائل الدين والدنيا على حد سواء .

إذا كان الجاحظ هو بحسب الباحث فيكتور شلحت “منشئ البلاغة العربية ” وإذا ما كان الباحث البارز حمادي صمود ينشئ مشروعه في قراءة البلاغة العربية بما يسميه ” الحدث الجاحظي” فهل أنه يعد بصورة قياسية منشئ فن المناظرة ومحدد قواعدها وشروطها؟ الباحث باشا العيادي يشتغل على هذه الفرضية من أجل أن يؤرخ لنشأة هذا الفن الكلامي العزيز الشأن خاصة وأنّ هناك تماهيا مؤكدا قد استوحاه الباحث وعقده ما بين المناظرة والحجاج إذ المناظرة فن حجاجي تلتقي مع البلاغة وتتقاطع معها في ” البصر بالحجة التي هي أساس البلاغة لدى الجاحظ”[7].

إن لحظة التأسيس للمناظرة تاريخيا وابيستميا لحظة فارقة وفاصلة ولأجل ذلك كانت عملية وصفها آو توصيفها عملية اقرب ما يكون إلى الإخراج الفني والجمالي فالخطاب الجاحظي الواصف لها لا يقف فحسب على موضوعها وأطرافها ونسق صعودها وهبوطها، شدتها ورخاوتها وإنما أيضا ما يتّصل بشخصية المناظر ذاتها، على ما يطلق عليه في علوم البلاغة والحجاج بـ “الايتوس“ وهو ما يعرفه أرسطو في كتاب الخطابة “أن يكون الخطيب موضع قبول عاطفي لدى المتلقي”..  فالمناظرة تحصل بالكلام وأيضا بحركات اليد وبملامح الوجه وبانفعالات الجسد وبجولان البصر على الحضور وهذا ما انتبه إليه الباحث باشا العيادي حينما قال ” الجاحظ أشار إلى بعض العلامات السيميائية المصاحبة لخطاب المناظرة وأهمها رفع الصوت وحركة اليد”[8]. وهذه العلامات غير اللسانية تغدو جزءا من خطاب لساني لا يكتفي بإظهار المعارف وبالاقتدار في امتلاك زمام الأمور وإنما إلى الإقناع والإفحام وإلى كل ما يؤشر إلى انتصار محتمل على الطرف الآخر فنحن أمام مشهد أو محفل يضم مثقفين ومفكرين ونخبة المجتمع العباسي ممن استوطن في وعيهم الجمعي أن الخلاف يدار بالحوار وبالحجة خاصة أنّ البيئة العباسية زمن الخلفاء العباسيين الذين أفصحوا عن ولائهم للفكر الاعتزالي (وهم ثلاثة: المأمون ،المعتصم ،الواثق ويمتد حكمهم على مدى جيل كامل)[9] قد أصبحت تزدحم بالمذاهب والانتماءات المختلفة بفعل المثاقفة الإغريقية والتعطش إلى التدوين بحسب العبارة البليغة للباحث الكبير حمادي صمود ( في تجليات الخطاب ) فكانت المناظرة إيذانا بميلاد فاعل جديد من بين الفواعل الصانعة للثقافة العربية (مع الخطيب والشاعر والفقيه …) هو فاعل المناظر الذي يجب أن يتمتع بكفاءة اصطلاحية وثقافة موسوعية وبشروط التناظر ومنهجيته وآدابه بما يحقّق التقدّم في المناظرة بحسب ما ورد بقلم الباحث باشا العيادي في هذا الصدد.

في بحثه عن المناظرة يبدو هاجس التجنيس هاجسا منهجيا وتأويليا في ذات الحين فهو يعتبر المناظرة “جنسا أدبيا”[10] أكثر من كونها مقاما حجاجيا أو فضاء لتداول الأفكار ويؤيد استنتاجه ذاك بكونها “تنتسب إلى أدب الترسل والخطابة وما إلى ذلك من الفنون النثرية التي توطدت مع الجاحظ وشاعت معه وبعده مسنودة بالقيم العليا للتدوين في حفظ العلم وتوثيق الذاكرة .إلا أننا نرى أن تسليم الباحث بأنها جنس أدبي لا يستقيم كثيرا خاصة وانه يخلو من الخيال والتخييل لاسيما – والكلام للباحث – “نظر عقلي بين الطرفين ” ص.52 وان ركنه الركين وعمدته التي لا مشاحة فيها هو ” المنازعة الحجاجية التي تجري بين الطرفين محتكمة إلى العقل”[11].  وهذا كله ما ينزع ادبيتها إلى الحد الأدنى فيما يتضاعف منسوب العقلنة والتعقل إلى الحد الذي يجعلنا نستيقن إننا لسنا أمام نص أدبي (أو جنس أدبي) وإنما أمام نص فلسفي أو نص ينزع إلى التفلسف الذي لا ينشغل بالزخرفة اللفظية قدر اهتمامه بالمفهومات وبالحجاج.

لا خلاف في أن للجاحظ منزلة مهمة ومفصلية في إرساء فن المناظرة ومرد ذلك إلى الوعي الابيستيمي الهائل الذي اتصف به من جهة انتصاره لفاعلية التدوين على ما هو شفوي ومروي وانحيازه للنثر على الشعر وهو ما أبانه بوضوح في الرسائل التي تزخر بضروب من المناظرات في كل الموضوعات التي انتخبها للحديث ولكن هناك مسالة سعى الباحث إلى إبرازها لأنها تتصل ببنية العقل الإسلامي أكثر من اتصالها بعملية الكتابة الأدبية وهي ان المناظرات في الفضاء الإسلامي قد نشأت في المحافل وفي المجالس وفي الاحتفاليات (وللباحث عنوان فصل كامل وهو :في المحفل التناظري ) ولم تنشأ بفعل الالتقاء بالنص (القرآن /الحديث،الشعر …) مثل البلاغة والعروض على سبيل المثال ما يعني أنها تشترك مع المحاورة اليونانية في النشأة وفي عملية الانبناء والتشكل ففي المناظرة شيء من الروح اليونانية ومن المثاقفة التي ظهرت بصماتها واضحة جلية على العقل الإسلامي ،ومن خلال هذا الطرح يختلف باشا العيادي عن الفيلسوف المغربي طه عبدالرحمان الذي يرى أن أصل المناظرة هو ” الجدل القرآني” و “أن القران نفسه”[12] هو مصدرها ومنبتها. إن باشا العيادي لا ينفي أن تكون بعض عناصر المناظرة قائمة في القرآن مثل المحاورة والرغبة في الإقناع وتقديم الحجة والتساؤل والاستفهام… ولكنه يرى أن المعتزلة – وخاصة أن الجاحظ هو واحد منهم – هم الذين وطنوا هذا النمط الكلامي في الابيستيمية العربية الإسلامية على نحو تأسيسي وضمن بنية نهائية في القرنين الثاني والثالث وعنه اخذ التوحيدي فـ “فن المناظرة ازدهر مع المعتزلة لأنهم وظفوا هذا الفن للدفاع عن الشريعة والدين”[13]  ولكنهم – إذ وطنوه – فلكي يعضدوا بها حكم المأمون والمعتصم لا سيما – والكلام للمؤرخ المغربي عبدالله العروي – أنهما اتخذا من الاعتزال فلسفة رسمية للدولة العباسية  وهي في عز قوتها وتوسعها .

إن المناظرة تحيل رأسا إلى التناظر الذي هو “سر التماسك في أدب الجاحظ”[14] ولكن الأهم من ذلك أن التناظر يحيل أيضا إلى التفكير بالأزواج وبالأضداد والمتعارضات سواء في البنيات الأسلوبية (سؤال/جواب) أو في المحمولات القضوية التي تتولد من هذا المذهب أو ذاك ومن إستتباعات ذلك الموضوعية أن الفكر الإسلامي قد ألف المختلف والغريب والوافد من الآخر لأن هذا الآخر قد أمسى مصدرا للمعرفة ومنتجا لها ولم يكن حضوره مجرّد حضور اثنيّ منفرد بلباسه وبأشيائه وبشعائره. ويلتقي الباحث التونسي في هذه الخاصية المنهجية مع الفيلسوف المجدد طه عبد الرحمان في أن نمط التفكير الذي ازدهر في هذه المناظرات ينهض على “بناء مثنوي تقابلي يتواجه فيه عارض ومعترض وهذه المقابلة المثنوية من شأنها أن تغير تصديقات أو اعتقادات المتقابلين”[15].  ولأجل ذلك يشق التقابل بنية المناظرة لا من أجل تشظيها وإنما لكي تتعالى عن المتناقضات على نحو مسالم ومتعقل ومتكافئ إلى حد ما بل لعل من مقاصد المناظرة الكبرى إشاعة قيم السلام بين أتباع المذاهب والأديان المختلفة في بغداد وفي الحواضر الإسلامية الكبرى وهذا ما دفع بالباحث باشا العيادي إلى أن يطرح فرضية حول نشأة المناظرة (وهي تقتضي المزيد من النظر على أية حال) وتقوم على الصيغة الآتية: اذا ما كانت المنافرة قد تولدت من صميم الفتنة الكبرى والصراع من أجل الخلافة فان المناظرة قد تولدت من دينامية أخرى غير دينامية الصراع والفتن ،هي دينامية البحث عن ممكنات السلام في مجتمع طوائفي أصبح لكل طائفة مثقفوها وكبراؤها فكانت المناظرة بما فيها من آليات السجال والحجاج فضاء تداوليا للتحاور وللصراع السلمي بين الأفكار والمعتقدات .

وفي شيوع المناظرات تغيب مفردات ومصطلحات أو يتضاءل حضورها بين الناس مثل: الهرطقة، الزندقة، التبديع …وتزدهر مفردات أخرى مثل الحوار، المحاورة، الجدل، المقابسة وهي مفردات تشي بعقل يشتغل وبحراك فكري يتمأسس تدريجيا في الفضاءات الرسمية (القصور، المساجد ،المحافل) ويتخذ لنفسه بنية وشكلا زادها التدوين ( والتدوين الجاحظي خصوصا) رسوخا وأصالة .

يبدو أن الباحث باشا العيادي قد خلص إلى إحدى النتائج المهمة في دراسته لفن المناظرة ويمكن صياغتها على النحو الآتي :المناظرة =علم الكلام= الاعتزال فمنذ أن غدت المناظرة فضاء “لطرح المسائل الإيمانية الكبرى ” ص.55 أمسى المذهب الاعتزالي أكثر ظهورا مع الجاحظ ومع غيره فكبار المتكلمين المعتزلة هم في الآن نفسه كبار المتناظرين والمتحاورين بل إن الباحث يرى ما هو أعمق من ذلك ،انه يرى أن اغلب نصوص المعتزلة ،حتى وان لم تكن على هيئة مناظرة ،فهي ” من صميم الخطاب التناظري “[16] لأنها تفترض دوما أن هناك أطرافا أخرى أمامها تتواجه معها بالحجاج وبالجدل وبكل فنون الإقناع خاصة وأن المسائل الإيمانية الكبرى التي أثارها المعتزلة هي مسائل خلافية مثل مرتكب الكبيرة وخلق القران والجبر والاختيار والإمامة والذات والصفات وهي مسائل بعيدة من أن تحظى بأي إجماع بين الفرق الإسلامية ،وعلى أية حال لم يكن هاجسهم وهاجس المناظرة البحث عن الإجماع فهذا مقصد بعيد المنال ولكن ما هو في متناول اليد هو الاقتدار على التفكير هو الفضيلة السقراطية الكبرى بالنسبة للكائن البشري ،وهو تشغيل فاعلية التفلسف الذي يستدعي حتما مرجعيات أخرى في عملية التفكير لا تكون متاحة إلا للنخبة والصفوة، ويلتقي باشا العيادي مع الفيلسوف طه عبدالرحمان في أنه “لايزال المرء فيلسوفا ما ناظر غيره أو ناظره غيره” بحسب العبارة البليغة للفيلسوف المغربي في كتابه “في أصول الحوار وتجديد علم الكلام”[17].

2- ريادة التّوحيدي:

من القرنين الثاني والثالث إلى القرن الرابع والخامس ننتقل من مناخ معرفي إلى آخر ومن رموز إلى أخرى أيضا فإذا ما كان الجاحظ متسيدا علم المناظرة إلى نهاية القرن الثالث تسيده للنثر وللفنون النثرية فان القرن الرابع سيشهد بروز أبي حيان التوحيدي الذي يعد التلميذ المختلف للجاحظ، ومعه ستشهد المناظرة اكتمالا في البنية والإخراج وفي المضمون عز نظيره في القرون الموالية .ويذهب باشا العيادي إلى تمييز التوحيدي عن الجاحظ لأن المحفل التناظري لديه قد “انبنى على السمر والتعليم والإمتاع والمؤانسة”[18]. وأضحت المناظرة لديه إنتاجا للمعرفة فيما كانت لدى الجاحظ دفاعا محموما عن الايدولوجيا الاعتزالية التي هي – في حقبة من الحقب – الايديولوجيا الرسمية للدولة العباسية.

مع التوحيدي نقف على المناظرة/النموذج، على المناظرة/المرجع والتي دارت بين أبي سعيد السيرافي النحوي ويونس بن متى القنائي المنطقي، الأول ينحاز إلى النحو العربي فيما ينتصر الثاني إلى المنطق اليوناني. وفي هذه المناظرة يسعى كل طرف إلى أن يجر الآخر إلى ميدانه وإلى اختصاصه ليقر بعجزه “وليريق ماء وجهه”[19].  وإذا بنا لا نقف على مناظرة بين رجلين ورأيين وإنما بين نظامين من أنظمة الفكر لا تسعهما البلاغة بزخارفها المعهودة بل يستوعبهما “أوساع الحجاج”[20] بحسب العبارة الجميلة للباحث باشا العيادي.

مع التوحيدي أضحت المناظرة أكثر جدية وتمثيلية للعصر بعد أن جنحت لدى الجاحظ “إلى التطرب والتماجن “على حد تعبير المؤرخ المسعودي في وصفه لأدب الجاحظ[21] مثلما تحولت أيضا إلى ضرب من المحاكمة ليس الغرض منها إنتاج المعرفة وإنما الانتصار إلى ايدولوجيا الدولة والإيقاع بخصومها وتسميتهم واتهامهم فأمست المناظرة فضاء لتصفية الحسابات بين المتناظرين ما سمح بصيغة التفضيل أن تكتسح البنية الأسلوبية والفعل العرفاني والتأثير التداولي الكامن في المناظرة ، ولكن مع التوحيدي يرتقي الأسلوب إلى ما يسميه باشا العيادي بـ “وحدة تناظرية ” وهو أسلوب لا يتبع العبارة بل يمس الخطاب الكامن في المناظرة لا عبارة منها أو اثنتين وينمو لسانيا ومعرفيا عبر “إخراج السؤال من التعليم إلى السجال والتناظر “[22] . وضرب الباحث في ذلك أمثلة عديدة استوحى كلها أو جلها من كتب التوحيدي وخاصة من “الإمتاع والمؤانسة” و من ” المقابسات” ومن غيرهما وكان الهاجس من وراء هذه المناظرات هو البحث عن الحقيقة وعن الصواب وعن أي وجه جديد من وجوه المعرفة، وهو ما لم يكن متيسرا لدى الجاحظ الذي كان محكوما بالخلفية الاعتزالية في منطلقاته وفي المقصد السياسي في أفقه وانتظارا ته، ولكن مع التوحيدي كان أسلوب “الوحدة التناظرية ” هو الأسلوب الأبرز والأكثر تواترا مقابل صيغ التفضيل لدى الجاحظ  وهي صيغة تخفي أحكاما معيارية قد تصل ببعض المتناظرين إلى حبل المشنقة، فمن صميم صيغ التفضيل نشأت ما سمّاه الباحث باشا العيادي بـ “المناظرة الامتحانية”، وهي المناظرة التي طالت الأسئلة الإيمانية الكبرى وتنبش في النوايا وفي النفوس .

يبدو أن المناظرة الامتحانية هي في أدني المراتب، إذ أنها تسمح وتبيح كلّ الأساليب مثل السخرية و”العبارات الساقطة والألفاظ الخسيسة ككثير من ألفاظ الشطار والمتماجنين وأهل المهن والنساء والصبيان”[23] من أجل الانتصار لهذا الرأي أو ذاك. أما مع التوحيدي فإن للمناظرة وظيفة أسمى هي الوظيفة التعليمية والابيستمولوجية بين طرفين لا تراتبية بينهما، وإنما اقتدارات في إنتاج المعرفة التي يتلهف عليها السامعون الحاضرون و” النظارة بوصفهم طرفا ثالثا في المناظرات”[24]، ولكي تنتج المعرفة توجب اختيار موضوع بعينه أو مجموعة من الموضوعات تكون موضع جدل وخلاف وتناظر واللافت في هذا السياق أن المناظرة أضحت عملا منهجيا قائما على ما يسميه طه عبدالرحمان بـ “المجانسة” والمقصود بها “أن يكون المنهج من جنس الموضوع …فعلى سبيل المثال الموضوع التاريخي لا يناسبه إلا المنهج التاريخي”[25]. ومع التوحيدي نلاحظ بقوة هذا المعطى المنهجي فالأدلة في هذه المناظرة لا تناسب المناظرة الأخرى ما يعني -على سبيل التمثيل– إن الأدلة القرآنية والنقليّة عموما لا يمكن تحريكها في كل السياقات وفي كل المناظرات وهذا لا يناسب تمشيات أهل السنة والجماعة ممن يستحضرون الحديث النبوي نفسه في مقامات مختلفة ،وبهذه المجانسة تنوعت المناظرات إلى ما لا نهاية وأمست تمسّ موضوعات متباعدة لم يكن مفكرا فيها، ولكنّها الآن تتنزل في صميم العقل الإسلامي (مثل المفاضلة بين النّحو والمنطق ) وبهذه المجانسة استدعيت المعارف من الأمم الأخرى واستوطنت التفكير الإسلامي وخلقت المؤسّسات لتستوعبه: بيت الحكمة ، قصور الوزراء ،المحافل التناظرية… وفي تفكير الباحث باشا العيادي فإنّ المحفل التناظري هو المقام الأنسب للمناظرة، وهو مختلف عن غيره من المقامات التي يلقى فيها الشعر والخطبة والدعاء والابتهال وما شابه من فنون القول النثريّ، وذلك لأنّه محفل يُستدعى إليه عِلية القوم ونخبة المجتمع ويتشكل على هيئة مجالس لم تعد مقصورة على “الخلفاء ولا محصورة في بغداد مركز الرؤساء والوزراء ورجال الدولة “[26]  أي إنها أضحت شكلا من الحضور تماما كالخطبة الجمعية ولكن بدون أية قداسة ،إنها نشاط مديني، مدني تنهض به صفوة المجتمع من المتكلمين (في زمن الجاحظ) ومع غير المتكلمين (زمن التوحيدي) ،من الفلاسفة وكبار المترجمين ومن أتباع الأديان الأخرى فليس يشترط أن يكون المناظر متكلما لكي يكون طرفا في المناظرة بل ما يهم هو أن يكون من أهل الاختصاص في ميدانه متبحرا في علومه ولا يهم دينه ولا معتقده وإنما المعرفة التي ينتجها والتي يضعها موضع المناظرة والمسائلة مع غيره فهذه المناظرات هي إيذان بنشأة المثقف في الفضاء العربي الإسلامي مقابل الفقيه ،هذا المثقف الذي تنهض منهجيته على مبدأ/قانون التجانس ما بين الموضوع والمنهج (بلغة طه عبدالرحمان ) وليس على من يحرك دلائله في كل المقامات وما نؤاخذ عليه الباحث البارز باشا العيادي هو انه لم يدرس بما فيه الكفاية انبثاق صورة المثقف من صميم هذه المناظرات وان كان قد لامسها لمسا خفيفا حينما درس شخصية المناظر ذاته او ما يطلق عليه في علوم البلاغة والحجاج “الايتوس” ولكننا نعتقد أن صفة المثقف اشمل من صفة المناظر والمحاجّ وكان من الممكن لو تعمق فيها أكثر أن يخرج بنتائج لم يصل إليها غيره.

يبدو أن التوحيدي في مناظراته لم يعد معنيا “بالمسائل الإيمانية الكبرى ” التي شغلت عقل الجاحظ على امتداد قرن من الزمان فاتسعت الرؤية لديه واستحالت المناظرات إلى فضاء للصراع الفكري السلمي الحضاري شبيه بتلك المحاورات التي كانت تنعقد في مدينة أثينا زمن سقراط وتلاميذه وساعد ذلك بالتأكيد على ميلاد شخصية المثقف في الفضاء العربي الإسلامي وهي شخصية لا تناوئ السلطة أو تعارضها بقدر ما تعلقت همتها بالمعرفة والثقافة والفكر فالتوحيدي مثلا يدفع السلطة والوزير ابن سعدان لكي يكون طرفا في المحاورات وينصت إلى المناظرات لكيلا يتهيب ما يحدث فيها من حجاج ومن نقاش وثيق الصلة بالظرف التاريخي والابيستمولوجي المحيط بالجميع وهذا كان من الممكن أن يدفعه إلى الاجابة عن هذا السؤال ذي الأفق المقارني :كيف هي صورة المثقف في الفضاء الإسلامي مقارنة بمثيلتها في الفضاء المسيحي (نحيل إلى كتاب المؤرخ الفرنسي البارز جاك لوغوف عن صورة المثقف في القرون الوسطى).

3- الجمهور طرف حيّ :

هل يمكن اعتبار المناظرة بين أبي سعيد السيرافي النحوي ويونس بن متى القنائي هي المناظرة المرجعية ؟وهي المثال الأعلى في المناظرات ؟ إن باشا العيادي لا يجيب عن هكذا سؤال وربما لم يكن في مخططه أن يطرحه أصلا ولكنه مع ذلك يعتبر هذه المناظرة منجما من المعلومات ولا يكف عن الاحتكام إليها باعتبارها الذروة في ما وصل إليه فن المناظرة في الثقافة الإسلامية، كما أن الباحث يستشهد أيضا بالمناظرة التي تمت بحضور المعتصم الخليفة العباسي بين القاضي ابن أبي دؤاد وبين احد خصومه وما يثير الانتباه حقا هو البنية الكلية للمناظرة التي تضم في أعطافها “جمهور النظارة (الذي هو مصطلح جاحظي) للدلالة على انتشار حدث التناظر في العصر العباسي”[27]. وهذا الجهور يبدو انه يدعي الحياد لأنه منحاز لأحد الطرفين ويدفع باتجاه نصرته على خصمه وإذا ما كان بين الجمهور خليفة أو وزير “فان النتيجة تكاد تكون محسومة قبل بداية المناظرة “[28]. فالجهور طرف رئيسي وهو يمثل ما نسميه الآن بالرأي العام، وهو رأي عام تسعى بعض الأطراف في المناظرة إلى توجيهه والى ضبط حركته تماما كما يحدث الآن في العالم المعاصر عبر ما يسمى بالاستبيانات والإحصائيات وأجهزة القيس وكل وسائل التأثير.

حقا إن للجمهور تأثيرا قويا على سير المناظرة وعلى ضبط إيقاعاتها وتحديد متجهاتها وهذا الجمهور ليس من العامة بل نخبوي وعليم وينقسم إلى طائفتين ،المع والضد ،ولكن ما يميزهما هو ” أن بعض الحاضرين في المناظرة يمثل السلطة السياسية “[29] خاصة في زمن الجاحظ أما في زمن التوحيدي فيكون المدون صاحب الكلمة الأخيرة في الانتصار إلى هذا المناظر أو ذاك (والذي هنا هو التوحيدي ) فهو ليس مجرد سارد أو ناقل لما يحدث وإنما يدلي بدلوه في هذا “المحفل العظيم الذي يحتشد فيه الخصوم “[30]  من أجل التناظر أولا ومن أجل أن تعرف الدولة أنصارها وخصومها ومن أجل ألا تنفلت الأمور في اتجاه المعارضة لها وإنما تعتبر المناظرة شكلا من أشكال إنتاج الخطاب الذابّ عن أفكارها الداحض لأطروحات معارضيها من المذاهب والأعراق الأخرى .

إنّ الباحث باشا العيادي يقف بدقّة على الوظيفة المناطة بعهدة “جمهور النظارة ” فالمؤكد لديه أن هذا الحضور ليس فرجويا أو سلبيا أو ديكوريا وإنما- لدى الجاحظ – يتّخذ شكل المبايعة للخليفة العباسي و لدى التوحيدي يتخذ شكل التمذهب الذي يتقاطع فيه الابيستمولوجي مع المذهبي في زمن خفت فيه وتضاءلت مؤشرات الحضور للسلطة العباسية في المشهد العام (مقابل ظهور قوى أخرى ) …وفي كلا الحالتين تسعى السلطة القائمة (العباسية فالبويهية …) على امتداد مأتي عام إلى إنتاج خطابها عبر تلك المناظرات مثلما تنتجه عبر الخطب الجمعية والرسائل الديوانية والتفسيرات القرآنية وكل الأساليب النثرية التي ثبتت نجاعتها في تسويق هذا الخطاب وهي نجاعة تفوق نجاعة الشعر بكل تأكيد.

هل إن ابيستيمية العصر قد أيقنت أن المسلمين يعيشون زمن النثر بديلا عن زمن الشعر؟ ومن استتباعات ذلك أن شاعرا كبيرا مثل المتنبي لم يذكر اسمه ولا شعره في عالم المناظرات لا من قريب ولا من بعيد؟ إن المؤكد لدينا أن الخلافة العباسية (خاصة زمن الجاحظ) قد أرست إيديولوجيتها في كل مفاصل الدولة والمجتمع، في المساجد، في دور القضاء، في المحافل، وفي اللقاءات المناظرية، وحيثما كان هناك اجتماع للحشود فان هذه الدولة لا تغيب وهذا ما يفسر إلى حد كبير قوتها وتماسكها وهذه القوة لا تنهض على الجيش والخراج الذي يأتيها حيثما هطلت الأمطار بحسب القولة الشهيرة لهارون الرشيد وإنما أيضا على القوة الناعمة التي تنفذ إلى كل تلافيف المجتمع والى شقوقه بما يزيد من هيبة الخلافة ويحاصر خصومها وأعدائها.

إن أجواء المناظرة لا تبقى حبيسة المناظرة فحسب وإنما تتردد أصداؤها إلى الخارج لان هناك متلقيا – من الدرجة الثانية ربما – وهو المجتمع بأسره، ويذكر التوحيدي في هذا المعنى بما نصه “ثم يفيض القول في ما كان لها من صدى وفي لهج الناس بها”[31].  ويرى الباحث باشا العيادي أن الكتابة والتدوين هما المقامان اللذان يحولان المناظرة إلى أدب قائم الذات لا يقتصر ذكره في المحافل النخبوية ولدى الصفوة من المجتمع والدولة وإنما تتسرب إلى الأسواق والى أزقة بغداد والى الارباض بحيث تتردد أسماء المناظرين أسوة بكبار الصحابة وأهل البيت وهذا يشي بان السلطة في الدولة العباسية قد أصبحت معنية بإيصال ثقافتها إلى العامة والدهماء خاصة وان مشكلات عدم الاستقرار والتمرد والعصيان كثيرا ما تجد في تلك البيئات فضاء للانتعاش ولذلك فان ثقافة السلطة تصل إليهم وتراقبهم في الآن ذاته حفاظا على المصالح العليا لدولة الخلافة.

4- حداثة أخذها منّا الآخرون:

لست متحققا من أن انهيار الدولة العباسية 1258 هو انهيار للمناظرة بوصفها جنسا أدبيا وفضاء محفليا ومقاما حجاجيا في ذات الحين ولكن ما يمكن أن نستوحيه من هذا الكتاب المهم للباحث باشا العيادي في أن انعقاد المناظرة يشي دوما بمنسوب عال من التحضر ومن الثقافة ومن التثاقف، وأيا كانت الغاية من انعقادها: إنتاج المعرفة، إنتاج المذهبيات، مراقبة الخصوم، إراقة ماء الوجه للبعض… فإنها تعد ناطقة بما في العقول من اقتدارات نحو الحوار والإقناع والصراع…

لم يستخدم باشا العيادي أبدا – خاصة في نهاية بحثه – مفردة الحداثة رغم أن فن المناظرة فن يشي بالحداثة وهو يذكرنا بالمناظرات بين الرؤساء والمرشحين في أمريكا مثلا من اجل أن يعتلي أحدهم الحكم فالغرب يبدو وكأنه قد استعار من الثقافة الإسلامية هذا الجنس الأدبي المهم والمقام الخطابي الرفيع الشأن وما أضفى عليه هو فقط البعد الفرجوي والدّيكوري.

أما في الفضاء العربي المعاصر فيمكن اعتبار الخصومة بين طه حسين والرافعي مناظرة وإن لم تتوفر فيها كلّ الشروط (المواجهة المباشرة وغياب الطرف الثالث …) أما في المجال السياسي فهي تكاد تكون غائبة وفي غيابها هذا أكثر من معنى وغيابها قصة أخرى.


[1]– باشا العيادي، فن المناظرة في الأدب العربي، دار كنوز، الأردن، 2020، ص38.

[2]– المصدر نفسه، ص39.

[3]– المصدر نفسه، ص49.

[4]– المصدر نفسه، ص22.

[5]– المصدر نفسه، ص71.

[6]– المصدر نفسه، ص41.

[7]– المصدر نفسه،  ص55.

[8]– المصدر نفسه، ص150.

[9]– المصدر نفسه، ص198 -232.

[10]– المصدر نفسه، ص38.

[11]– المصدر نفسه، ص54.

1- طه عبد الرحمان، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، المركز الثقافي العربي، المغرب ،2000، ص21[12].

[13]– باشا العيادي، فن المناظرة في الأدب العربي، مصدر سابق، ص41.

[14]– المصدر نفسه، ص105.

[15]– طه عبد الرحمان، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، مصدر سابق، ص66.

[16]– باشا العيادي، فن المناظرة في الأدب العربي، مصدر سابق، ص166.

[17]– طه عبد الرحمان، في اصول الحوار، مرجع سابق، ص66.

[18]– المصدر نفسه، ص23.

[19]– المصدر نفسه، ص57.

[20]– المصدر نفسه، ص125.

[21]– المصدر نفسه، ص172.

[22]– المصدر نفسه، ص304.

[23]–  المصدر نفسه، ص324.

[24]– المصدر نفسه، ص463.

[25]– طه عبد الرحمان، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، مرجع سابق، ص23.

[26]– المصدر نفسه، ص371.

[27]– المصدر نفسه، ص643.

[28]– المصدر نفسه، ص471.

[29]– المصدر نفسه، ص466.

[30]– المصدر نفسه، ص464.

[31]– المصدر نفسه، ص439.

مقالات أخرى

أيّ نموذج إيتيقي للإنسانيّة المعاصرة

معطّلات الفهم في الشعر العربي المعاصر

شعريّة اللّباس

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد