إشكالية العدالة بين الأخلاق والسياسة عند محمد المصباحي

إشكاليّة العدالة بين الأخلاق والسّياسة

الملخص:

يتخذ هذا المقال كموضوع له مساهمة المفكر الغربي محمد المصباحي في النقاش مع مجموعة من الفلاسفة المعاصرين حول العدالة كقيمة سياسية أخلاقية؛ وكيفية ترسيخها في السياسة.  وقد كان الدافع إلى هذا النقاش، لدى هؤلاء، هو عودة سؤال الأخلاق إلى السياسة من جديد نتيجة لما ترتب عن انفصالهما، سواء مع فلاسفة النهضة والأنوار، أو الفلاسفة النفعيين، أو الإسلام السياسي، من إساءة لقيمة الإنسان وكرامته.

وهذا الانخراط المصباحي في هذا النقاش الفلسفي كان صادرا عن فرضية كون الغرب لا يختص وحده بالبحث في موضوع العدالة وعلاقتها بالأخلاق والسياسة، بل تشاركه في ذلك سائر الثقافات؛ بما في ذلك الماقبل حداثية، كالثقافة العربية الإسلامية؛ كما يؤكد ذلك بحث ابن رشد في هذا الموضوع.

الكلمات المفتاحية: العدالة، الأخلاق، السّياسة، الفلسفة، الثّقافة.

.

Abstract:

This article examines the contribution of the Moroccan thinker Muhammad Al-Misbahi to the discussion with a group of contemporary philosophers about justice as a moral political value; and how to embed it in politics. The motive for this discussion, among them, was the return of the question of morality to politics again as a result of the consequences of their separation, whether with the philosophers of the Renaissance and the Enlightenment, or the philosophers of utilitarianism, or political Islam, in terms of insulting the value and dignity of man.

This involvement of Al-Misbahi in this philosophical debate was emanating from the assumption that the West is not concerned exclusively with researching the issue of justice and its relationship to morals and politics, but rather it shares it with all cultures, including the pre-modern, such as Arab-Islamic culture; This is also confirmed by Ibn Rushd’s research on this topic.

Keywords: justice, ethics, politics, philosophy, culture.


1- مقدّمة:

تتوزّع دراسات الأستاذ محمد المصباحي حول موضوع العدل أو العدالة[1] على محورين: المحور الفلسفي الغربي المعاصر، وفي إطاره أنجز إلى حد الآن دراستين حول كتاب ”فكرة العدالة” عند عالم الاقتصاد والمفكر الهندي المعاصر أمارتيا صن. الدراسة الأولى تحمل عنوان: ‘العدالة وتعدّد العقل والعقلانية لدى أمارتيا أ. صن. أما الثانية فعنوانها: العدالة من منظور القدرات والحريات عند أمارتيا صن. أما المحور الثاني؛ فيرتبط بالفلسفة العربية الإسلامية التراثية؛ ومن الدراسات التي أنجزها فيه المصباحي دراستان حول ابن رشد وهما: العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد، وقيمة العدالة والظلم عند ابن رشد.

وتنزع  هذه الدراسات، بحكم الإشكالات التي تثيرها إلى الانخراط  في النقاش مع مجموعة من الفلاسفة المعاصرين  حول كيفية ردّ الاعتبار إلى الأخلاق في السياسة، وبالتالي حول ”ضبط حدود علاقة الأخلاقي والسياسي في آليات البرهنة  والاستدلال على القواعد  التي تشكّل البنية الأساس  لإنتاج مبادئ العدالة  وبناء المجتمع العادل”[2] وعلى رأس  هؤلاء الفلاسفة، جون رولز، بول ريكور، هابرماس، أمارتيا صن… وقد كان الدافع إلى هذا النقاش لدى هؤلاء هو عودة سؤال الأخلاق إلى السياسة من جديد  نتيجة لما ترتّب  عن فصل الأخلاق عن السياسة،  سواء مع فلاسفة النهضة والأنوار؛ من قبيل ماكيافيلي، وتوماس هوبز أو مع الفلاسفة النفعيين من أمثال بنتام، وجون ستيوارت ميل ؛ أو مع أنصار الإسلام السياسي . وقد كانت نتيجة هذا الانقلاب، كما يقول ليو شترراوس، الحطّ من قيمة الإنسان وكرامته، بحيث صار كل شيء مباحا وغدا كل إنسان ذئبا لأخيه الإنسان، حسب تعبير توماس هوبز[3].

وانخراط المصباحي في هذا النقاش الفلسفي ينبني، في نظرنا، على فرضية أساسية قوامها اعتقاده بأنّ الغرب لا يختصّ وحده بالبحث في موضوع العدالة وعلاقتها بالأخلاق والسياسة، بل تشاركه في ذلك سائر الثقافات؛ بما في ذلك الماقبل حداثية، كالثقافة العربية الإسلامية القروسطية؛ ممّا يعني التسليم المصباحي مع أمارتيا صن؛ في تأكيده على قدرة كل ثقافة على التأثير في التصوّر العالمي لمعايير العدالة، وبالتالي بقدرة الآخر على التأثير في المعايير والقيم الأخلاقية بالنسبة إلى كل نظام سياسي[4].

ويمكن القول إن هناك ثلاث معطيات تحكّمت في إنجاز المصباحي لهذه الدراسات: معطى منهجيّ ونظري، وعملي. فبالنسبة إلى المعطى المنهجي فيتجلّى في رغبته في الانفتاح على تاريخ الفلسفة وتوسيع مجال البحث في مفاهيم العدالة والأخلاق، والسياسة؛ وما تثيره من شكوك وإشكالات ترتّبت عنها حلول ومنظورات فلسفية مختلفة باختلاف انتماءاتها الثقافية والتاريخية؛ وذلك في أفق، كما يقول، ”قياس المسافة الكبيرة التي تفصل طرح القدماء وطرح المحدثين”[5].

أما بالنسبة إلى المعطى النظري، فقد تماهى فيه المصباحي مع تصوّره للحداثة؛ وما تحيل عليه من قيم أخلاقية وسياسية، وعلى رأسها العدالة، من حيث هي  (أي الحداثة )، كما يقول، مكان كوني ومشترك مفتوح أمام جميع الثقافات، بما في ذلك الثقافة العربية الإسلامية، لاحتلال موقع خاص بها فيه ؛ في إطاره يمكن استئناف النظر في ما توصّل إليه ابن رشد وصن من تحديد لمبادئ العدالة كقيمة سياسية وأخلاقية، وذلك وفق ما يلائم خصوصيات المجتمع العربي المعاصر[6].

وفيما يخصّ المعطى العملي فيتجلّى في رغبة المصباحي في خوض الصراع من أجل تحقيق ما يسميه شيخه ابن رشد ” الوجود الضروري ”، أي ”وجود العقل العملي الذي يضمن استقرار العمران واستمراره”، هذا الوجود الذي لن يتحقّق إلا بالتسلّح بروح ”القول العادل” وما يؤدّي إليه من تعزيز للفضائل ونشر للصنائع؛ والتي بدونها لا تقوم للمدينة قائمة[7] .

وهكذا وعلى ضوء هذه المعطيات الثلاث نعتقد أنّ إثارة المصباحي في دراساته هاته، لقضايا من قبيل: وضعية التنظير للعدالة في فلسفة عند ابن رشد، والعدالة في علاقتها بالعقل، أو بالقدرات والحريات عند أمارتيا صن، إنّما كان وراء ستار استشكاله لموضوع العدالة بين السياسة والأخلاق؛ والذي سيثير بصدده مجموعة من الإشكالات على رأسها:

ما العدالة؟ هل هي واحدة أم متعدّدة؟ هل يختص الغرب بالتنظير للعدالة وممارستها دون غيره من الثقافات والشعوب عبر التاريخ؟ و إذا كانت كلّ الثقافات، وما تقوم عليه من أنظمة أخلاقية وسياسية، لها نصيبها في التنظير للعدالة   فهل هذا يفيد وجود معايير مشتركة حولها بين هذه الثقافات؟ وما هي هذه المعايير؟ وكيف يتحدّد موقع العدالة من السياسة والأخلاق، هل هي مجرد حلم أو طوبى بالكمال والسعادة يتغيّاه الأفراد وتلهت وراءه الدول؟ أم إنها ممارسة وسلوك يومي فردي وجماعي؟  هل العدالة مجرد مؤسسات سياسية عادلة؟  أم إنها أساسا قدرات فردية وجماعية وثقافية على التخفيف من الظلم والاستبداد والتأثير في بناء معايير العدالة والقيم الأخلاقية المرتبطة بها في كل نظام سياسي؟ وما شروط تحقيق هذه العدالة؟

2- موقف ابن رشد من إشكالية العدالة بين السياسة والأخلاق:

إنّ ما يسوغ، حسب المصباحي، الحديث عن إشكالية العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد هو تخصيص هذا الأخير لمؤلفين رئيسيين للبحث في الأخلاق والسياسية[8]، الأول: هو ” تلخيص أخلاق أرسطو ” وهو يشكّل، كما يقول أبو الوليد، الجزء الأول ممّا يسميه بـ ”العلم المدني”، بينما المؤلف الثاني: فهو ” الضروري في سياسة أفلاطون”، ويشكّل الجزء الثاني من هذا العلم[9]. وبحكم انتماء هذين المؤلفين لنفس العلم فإنّهما لا يخلوان من تداخل وتشابك لآراء أفلاطون في السياسة مع آراء أرسطو في الأخلاق؛ مما سيكون له تأثير على استشكال مفهوم العدل[10]. وإضافة إلى هذا فنحن أمام مؤلفين يعالجان العدالة من زاويتين مختلفتين: الزاوية الذاتية / الأخلاقية، والزاوية الموضوعية / السياسية.

ويرى المصباحي أن من شأن هذا التشابك والاختلاف بين العدل الأخلاقي والعدل السياسي أن يثير لدى الباحث الأسئلة التالية: كيف يتحدد مفهوم العدل لدى ابن رشد؟ وما هي أبعاده السياسية والأخلاقية؟ وهل اهتمام العدل الأخلاقي بالعلاقة بين الأفراد، ينفصل عن البعد السياسي لهذه العلاقة، أم أن فضاء العدل الأخلاقي يبقى هو السياسة؛ بحيث لا يمكن إغفال هذه الأخيرة في تحليل العدل الأخلاقي؟[11].

2- 1- في دلالات العدل عند ابن رشد:

يستخلص المصباحي من كتابات ابن رشد أن العدل لدى هذا الأخير يحمل دلالات متعددة: فهو أولا:  مفهوم تقابلي وهو . في نظر أبي الوليد لا يمكن تحديد معانيه إلا من خلال ضده الذي هو الظلم، والذي هو أكثر جلاء منه. ”ولهذا ينتج عن معرفة ضد معين معرفة ضد آخر”[12].  وهكذا فإذا كان الظلم حسب أبي الوليد هو مجموع الأمور الخارجة عن حد الاعتدال بالتعدّي على حقوق الغير ولإلحاق الأذى به أو الإخلال بمبادئ الشريعة الإنسانية وممارسة الاحتيال والكذب وانتهاك الحقوق والمواثيق، فإنّ العدل عكس ذلك. وهذا ما من شأنه أن يشكّل، حسب المصباحي، مدخلا للاعتراف بقدرة الإنسان على محاربة الظلم؛ مثلما يشكّل المرض مدخلا للاعتراف بقدرة الإنسان على مواجهته لتحقيق نقيضه الذي هو الصحة؛ إذ شأن علاقة العدل بالظلم كشأن علاقة الصحة بالمرض، ” فكما أنّ الصحة هي توافق في الأخلاط وتغلب المزاج، فالمرض إنما هو مخالفة للمزاج والتغلب عليه؛ كذلك حال النفس فصحتها إنّما هي للمزاج في موافقتها للجزء العاقل، وعلتها في سيطرة[بعض الأجزاء عليه] ولذلك فالفضيلة ضرب من الصحة والجمال والرذيلة ضرب من المرض”[13].

ثانيا: العدل مفهوم عملي غايته الوقاية من الظلم والحد من أسبابه وعلاج آفاته والحدّ من أضراره. إنّه بمثابة طب المدينة؛ إذ هو الذي يعالج الظلم الذي يلحقه فرد بآخر، أو تكبدّه المدينة لأفرادها، أو ينزله الأفراد بالمدينة[14].

ثالثا : إنّ العدل مفهوم علائقي ؛ إذ العادل، حسب ابن رشد، ” هو الذي يفعل العدل فيما بين نفسه والآخر ويفعله بين الآخر والآخر . وليس العادل هو الذي يعطي لنفسه من الخير أكثر ولغيره أقل، والضارّ فعلى خلاف ذلك، يعني الذي يعطي لغيره الكثير ولنفسه القليل. لكنّ العادل هو الذي يعطي المساوي بين نفسه والآخر وبين لآخر (كذا) من آخر، وأما الجائر فعلى خلاف ذلك ”[15].

رابعا: العدل فعل عقلي غايته فرض منطق الحكمة، وتدبير قضايا المساواة، واللامساواة بفضل الاعتدال، والتوازن والتوسط، وإقامة النظام على مستوى الطبيعة والمجتمع والفرد؛ تفاديا لاختلال التوازن ووقوع الظلم. وعلى العكس من ذلك فالظلم، حسب ابن رشد، فعل لاعقلي فهو نتيجة لتسلّط قوى لاعقلية على النفس هي: القوتان الغضبية والشهوية. لكن المصباحي يرى أنّ لاعقلانية الظلم هاته سيعيد ابن رشد النظر فيها في كتابه تلخيص الأخلاق؛ بحيث إنّه لا ينفي قيام الظلم على العقل لكن على شرط أن يكون الظالم عالما بما يفعل. ومن هنا يرى أنّنا لا يمكن أن ننعت الحيوان بالظالم مثلا. فالظلم قد يكون ثمرة مكر عقلي، وهذا ما يقف حائلا دون اعتبار العقل أو العلم جنسا للعدل والجهل جنسا للظلم. ولذلك كان الظالم حقا هو الذي يقترف الظلم ويمارس العدوان على الآخرين عن حرية وروية وعلم. ونفس الأمر بالنسبة إلى العادل الحق. وإجمالا العقل والحرية يدخلان في جوهر العدل والظلم معا[16].

ومن الدلالات التي يمنحها ابن رشد أيضا للعدل، النظر إليه كفعل سياسي وكفعل أخلاقي. وهذا ما سيخصّص له ابن رشد كتابين كما أسلفنا، أي الضروري في السياسة، وتلخيص أخلاق أرسطو.

2-2- العدالة السياسية:

إن العدل عندما ينظر إليه ابن رشد كفعل سياسي؛ فذلك بالنظر إلى الطابع العلائقي والإضافي لهذا العدل بأنه يفترض وجود الآخر أو المدينة كما أسلفنا، هذا إضافة إلى أن أبا الوليد يرى عدم كفاية القضاء على الظلم وأسبابه وعواقبه بعدالة الشرائع، أو بما يسميها عدالة العادات والتقاليد، ولا بعدالة العقل فقط[17]، بل ينبغي تجاوز ذلك نحو نظرة كلية تعبر عنها العدالة السياسية في إطار المدينة ( لدولة).  ومن هنا يخلص المصباحي إلى أنّفعل العدل في المنظور الرشدي هو فعل سياسي بطبيعته؛ سواء بالمعنى القوي للسياسة؛ وهو إرساء المدينة والدولة، أو بمعنى تدبير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية العامة في المجتمع[18].

والعدالة السياسية في كتاب الضروري في السياسة لها، ثلاثة مداخل متداخلة مع بعضها البعض يحدّدها في: الفضيلة، والكمال، والعقل.

ففيما يخصّ الفضيلة فإنّ ما جعل ابن رشد يعتبرها كمدخل للعدالة السياسية، هو اعتبارها بمثابة فضيلة الدولة. فالفضيلة كعنوان للعدل مفهوم تشترك فيه النفس الإنسانية الخاصة، والنفس الإنسانية العامة، أي المدينة كدولة. لكنّ هذا الاشتراك بين النفس الخاصة والنفس العامة (الدولة) في العدالة هو، كما يشير المصباحي، من باب المشابهة وقياس المثال فقط، إذ إن العدل المديني السياسي لدى ابن رشد هو العدل الحقيقي[19]. وبهذا فالعدالة ليست فضيلة إحدى الطبقات الثلاث التي تتكوّن منها الدولة. فإذا كانت العفّة، كفضيلة للقوة الشهوية، هي التي يختصّ بها العامة، والشجاعة هي فضيلة القوة الغضبية التي ينفرد بها الجند، والحكمة هي فضيلة القوة العقلية التي يختص بها الفلاسفة، فإنّ اجتماع هذه الفضائل الثلاث في المدينة، أي الحكمة، والشجاعة، والعفة، يولّد فضيلة رابعة هي العدالة. هذا بينما فضائل: العفّة، والشجاعة، والحكمة، هي فضائل لأجزاء المدينة، أي فضائل فردية-أخلاقية، وبالتالي فضائل للأفراد بما هم أفراد، لا بما هم جماعة. وبهذا الجمع تغدو المدينة العادلة متصفة بأربعة فضائل: هي الحكمة، والشجاعة، والعفّة، والعدالة[20].

وفيما يخصّ مفهوم الكمال كمدخل ثان للعدالة السياسية، فهو، مفهوم تشترك فيه أيضا لدى ابن رشد، النفس الإنسانية الخاصة (الفردية)، والنفس الإنسانية العامة (المدينة)كما هو الحال في الفضيلة، لكن بمعنيين مختلفين: عقلي ومدني. الكمال العقلي يعبّر عن ماهية الإنسان النوعية؛ والتي بموجبها يتميزّ ويتعالى عن غيره من الكائنات بالعقل الذي به يكتسب الفضائل؛ وعلى رأسها فضيلة العدالة. أما الكمال المدني فيعكس ماهية الإنسان السياسية، أي باعتباره كمواطن في دولة. ولكنّ هذين الكمالين؛ العقلي، والمدني متضايفان عند ابن رشد، فالدولة لا تحقّق كمالها المدني إلا بالكمال العقلي، إذ بفضله تبلغ العدالة، والإنسان لا يحصل على كماله العقلي إلا بالكمال المدني، إذ هو الذي يوفّر للفرد مكان العيش المشترك مع الآخرين.  وهذا التضافر بين الكمالين يجعل تعريف الإنسان بالحيوان الناطق وتعريفه بأنّه كائن مدني بالطبع تعريفا واحدا في العمق[21].

ويرى المصباحي أنه بالنظر إلى التناظر القائم بين طبقات المدينة الثلاث، وبين القوى النفسية الثلاث، فإنّ الكمال عند ابن رشد سينقسم أيضا إلى: كمال القوة العقلية وهو الحكمة؛ وينفرد بها حاكم المدينة، ثم كمال القوة الغضبية وهو الشجاعة؛ وينفرد بها الجيش، وكمال القوة الشهوية وهو العفّة، وينفرد بها العامة. وانسجام هذه الكمالات في المدينة يتولّد عنه كمال الكمالات وهو العدالة. وهذا الانسجام بين الكمالات الثلاثة المؤسّس لكمال المدينة والمتمثل في العدل؛ إنّما يعني اختصاص الطبقة الاجتماعية الواحدة بفعل واحد باعتبارها مؤهّلة بطبيعتها له دون سواه[22].

وهكذا يتّخذ العدل في ”الضروري في السياسة ”معنى مساواة الطبقة لذاتها ومطابقة الفرد لذاته، فالعدل معناه هنا عدم تطاول طبقة ما على طبيعة غيرها من خلال تغيير طبيعتها إلى طبيعة أخرى، كأن يتحوّل الجنود إلى حكام أو تجار، أو أن يتحوّل التجّار إلى حكّام وجنود. وبما أنّ طبائع الأفراد والطبقات مختلفة بالنوع، فإنّ المساواة منعدمة بينها. من هنا يعتبر المصباحي أنّ معنى العدل في ”الضروري في السياسة ”هو تدبير اللامساواة عن طريق النسبة والتناسب بين الطبائع المتباينة لطبقات المدينة، أي عن طريق الاحتفاظ على اللامساواة بين هذه الأخيرة وما تقتضيه هذه اللامساواة من خضوع الأدنى إلى الأعلى بفضل الانسجام القائم بينها كمؤشر على سيادة العدالة[23].

وفيما يخصّ المدخل الثالث للعدالة السياسية والمتمثّل في العقل فيشير ابن رشد، استنادا إليه، إلى،  أن ما دفع الإنسان إلى أن يكون وجوده من أجل المدينة، هو شعوره بنقصه الأصيل الذي يعود إلى اختصاصه بالعقل. وهذا النقص جعله يفتقر في وجوده إلى الآخر. إذ ” أنّ الإنسان يحتاج في حصوله على فضيلته وتحقيق كمالاته إلى أناس غيره، ولذلك قيل بحقّ عن الإنسان: إنّه مدني بالطبع ”[24]. فهو لا يستطيع لوحده أن يقوم بكل الأفعال ويمارس كافة الصناعات؛ فالاجتماع السياسي، أي الدولة، هو الذي يوفّر مختلف الصنائع العملية للفرد[25].

وإضافة إلى العقل، هناك عامل آخر يدخل في تأسيس المدينة عند فيلسوف قرطبة؛ وهو الشريعة (البشرية) أو الناموس. إذ أنّ العدالة إنّما تبني المدينة وتؤثّر في أنشطتها التدبيرية للعلاقات بين الأفراد بواسطة الشريعة البشرية باعتبارها ” هي اللحظة التي تتوسّط بين العدالة والمدينة وبفضلها يتمّ تحويل الجماعة الاجتماعية إلى جماعة سياسية منظمة. تظهر العدالة عندما تتوسّط الشريعة بين الأفراد والجماعات. وبفضل الامتثال للشرائع تتقدّم الأمم والحضارات”[26].

2- 3- العدل الأخلاقي:

إن المقالة الخامسة من ”تلخيص الأخلاق ” لابن رشد يحضر فيها العدل الأخلاقي في معاني متعدّدة، إذ نجده يتحدث عن العدالة الأخلاقية بما هي عدالة كلية، وبما هي أيضا عدالة جزئية، في تمفصلاتها المختلفة ممثلة في؛ العدالة التوزيعية، والتبادلية، والتصحيحية، والإنصافية. ويرجع المصباحي سرّ هذا التعدّد في العدل الأخلاقي إلى تعدّد الموضوعات والعلوم التي تحيل عليها العلاقات الأخلاقية بين الأفراد كأفراد.

وهكذا وفيما يخصّ العدالة الكلية، فإنّها تجسّد الفضيلة التامة. ويرى المصباحي أنّ لها معنيين عند ابن رشد: المعنى الأول: هو أنّها عدالة مضافة إلى الغير، أي أنّها ليست هي الفضيلة، ” فهي والفضيلة متشابهتان بالموضوع مختلفتان بالتعريف”[27]. ويتجلى اختلافهما، في كون العدالة من المضاف، أي تقال بالإضافة إلى الغير، بينما الفضيلة ليست من المضاف، لأنّها تنسب إلى الذات. وحتى إذا جاز لنا أن نعمّم الإضافة عليهما، فلا بد لنا من القول إن “الفضيلة الكلية” بالإضافة إلى الآخر تسمّى “عدالة كلية”، أي أتمّ الفضائل وأكملها وأشدها نفعا،  لأنها تتغيّا بأوامرها ونواهيها الكلية الخير المشترك والفضيلة والعدالة لكل المدينة؛ مما يجعلها تقوم على مبدإ المساواة بين الناس.  إذ متى أمست النواميس التي تقوم عليها هذه العدالة تخدم المصالح الخاصة، ستعجّل بفساد هذه المدينة ونهايتها[28].

أما المعنى الثاني للعدالة الكلية فهو خضوعها للناموس أو للشريعة البشرية التي وضعها مشرعو المدينة. ومن هنا كانت هذه الشريعة البشرية، هي جوهر العدل الكلي، لأنها هي التي تضع السنن وتسنّ الأحكام وتحدّد القواعد التي تحفظ العدل في الدولة. كما تكون العدالة هي ماهية الشريعة وحافظة للسنن كما قال ابن سينا. من هنا يغدو العادل في نظر ابن رشد هو من يخضع لأوامر ونواهي هذه الشريعة، غايته في ذلك تحقيق الخير العام، والظالم في المقابل هو من يخالف الناموس بغية إلحاق الضرر بالغير[29].

رغم ذلك يرى المصباحي أن الشريعة البشرية لا يمكن أن تكون، في المنظور الرشدي، هي عين العدالة الكلية ولا غايتها، لأنّ الشرائع لا تتضمّن كل الفضائل وكل أنماط العدالة، بل قد تكون الشرائع أحيانا ظالمة، أي أن العدالة ليست مجرد سنن وشرائع، بل هي أوسع مدى من الشريعة، من هنا وجب أن تكون العدالة مقياس الشريعة الإنسانية وليس العكس[30].

وهكذا فإنّ للعدالة الكلية حدودها عند ابن رشد بحيث توجب ضرورة تبديل القواعد الشرعية القائمة عليها في كل زمان ”وهذا هو السبب في أن لا تظل نفس القواعد الشرعية ضرورية التطبيق في كل زمان، بل ينبغي أن يقع فيها على مدى الزمان تبديل، لا أن تصبح قوانين كلية”[31].  وهذا ما ستجسده العدالة الأخلاقية الجزئية بفرعيها التوزيعي والتبادلي وكذا الإنصافي.

إن ما يميز العدل التوزيعي؛ هو عدم التزامه الدائم بمبدأ مساواة الجميع أمام الشريعة، كما هو الحال في العدالة الأخلاقية الكلية، ولكنّه يلتزم بالمساواة بمعنى النسبة أو التناسب، الذي يجمع بين المساواة واللامساواة. فمن حيث مبدأ النسبة يتحقّق العدل التوزيعي في توزيع الخيرات المادية والمعنوية بين الأفراد على قدر استئهالهم، إذ ليس من العدل في هذه الحالة جعل الناس متساوين فيما هم غير متساوين فيه بالطبيعة.  أما من حيث مبدإ التناسب فإنّ العدالة التوزيعية تقوم على مبدأ النسبة الحسابية والذي يقوم على الوسط العادل بين الطرفين لتفعيل المساواة بين الأشخاص والخيرات. وتحديد القسط الذي يعود لكل واحد.

أما العدل المعاملاتي فإنّه يقوم لدى ابن رشد، على ” تدبير التوافق في التناسب” في التبادل الاقتصادي باعتباره في نظره هو جوهر الاجتماع البشري، فكما أشار إلى ذلك ابن رشد في العدالة السياسية؛ فإنّ العدل التبادلي يأخذ بعين الاعتبار أن الحياة الجماعية لن تكون نافعة بدون وجود الاختلاف أو اللامساواة، بحيث يقوم كل طرف في المجتمع بتلبية ما تحتاجه الأطراف الأخرى من المنتوجات التي لا تنتجه والعكس صحيح[32].

وأساس العدل المعاملاتي، حسب ابن رشد، هو المساواة والتكافؤ في الميدان الاقتصادي لكي تكون للبضائع المتبادلة نفس القَدْر والاعتبار بين أصحاب الصنائع المختلفة. فدور العدل المعاملاتي هو أنّ يقوم كل طرف في المجتمع بتلبية ما تحتاجه الأطراف الأخرى من المنتوجات التي لا تنتجها. من هنا لا معنى لتبادل الأطباء فيما بينهم مثلا، لأنّهم ينتجون نفس الخير وهو الصحة، بينما يحتاج الطبيب إلى ما ينتجه الفلاح والنجار والبنّاء من خيرات[33].

أما الإنصاف فهو، كما يقول المصباحي، يشكّل لدى ابن رشد   أفقا أخلاقيا لحل أزمات العدالة الجزئية في علاقتها بالعدالة الكلية؛ وبذلك فهو أحد أصناف العدل التصحيحي، إذ ” لما كان صاحب الناموس يملي أقاويل كلية، فيحدث فيها في زمن ما، غير ما قصده من عدل وتصحيح، وجب أن يصحح [المرء] ما اعتقده واضع الناموس مما حصل فيه خطأ”[34]. وهكذا فإن المنصف لم يسم منصفا إلا، لأنه يصحح ما هو نَقَص في الناموس، بسبب كليته التي وضعه عليها مشرعه. ومن هنا كان من واجب المرء المنصف أن لا يتقيد حرفيا بمقتضيات الناموس، بل عليه أن يعمل على تجاوزه ويصحح أخطاءه، لكن من دون أن يتعالى على هذا الناموس. فهو يقوم بمهمته داخل الناموس لا خارجه، بحيث يؤوله ليواكب متغيرات الواقع الإنساني. ومن هنا ” كان الإنصاف عدلا بوجه من الوجوه ن وهو أسمى من نوع من العدل، لا من العدل الذي هو عدل بإطلاق ”[35]. ومعنى هذا، كما يقول المصباحي، أن الإنصاف عند ابن رشد أفضل من العدل، ولكنه مع ذلك عدل، وليس نوعا آخر من العدل، فهما من نوع واحد[36].

هكذا يخلص المصباحي من خلال رصده لموقف ابن رشد من إشكالية العدالة بين السياسية والأخلاق على أنّها أوّلا: موقف مهما ميزّ بين العدالة الأخلاقية والعدالة السياسية، فإنّه قد اعتبر العدالة تتلازم فيها الأخلاق مع السياسية، مادامت أن الذات السياسية ( المدينة) هي أحد موجودات الإنسان، والإنسان هو أحد موجودات المدينة؛ دون أن يكون أحدهما أسبق من الآخر. ومعنى هذا أنّ الإنسان لا يصبح إنسانا ومواطنا إلا بالمدينة، وبالمثل دون الإنسان لا وجود للمدينة[37].

ثانيا إنه موقف يعتبر العدالة بمختلف تجلياتها، التشريعية والأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية هي الشرط القبلي لوجود المدينة، وبدونها تفسد المدينة وتنهار. بهذا الاعتبار تكون المدينة العادلة ضرورية للوجود البشري، إذ لولاها لما تمكّن الإنسان من أن يستكمل نقائصه، ويلبي حاجاته، ويحقّق كمالاته، ويجدّد مطالبه (نقائصه).

ثالثا: إنّه موقف مهما استمد فيه ابن رشد نموذج العلمية من علم النفس؛ فإنّه موقف قد حافظ على طابعه السياسي بحيث ظل هدفه هو تدبير اللامساواة بين طبقات ومكوّنات المدينة بشكل يحافظ على وحدتها وانسجامها وسعيا وراء تحقيق سعادة مواطنيها. وهكذا أصبحت العدالة تجسّد كمالا للمدينة وللمواطن. لكنّ هذا التصور للعدالة لا يؤدّي إلى القول مع الجابري إن العدالة الأخلاقية عند ابن رشد هي أساس العدالة السياسية، بدعوى أنّه إن كان العلم الطبيعي هو ما يؤسّس علم النفس، وعلم النفس هو ما يؤسّس علم الأخلاق، فإنّ علم الأخلاق بالنتيجة هو ما يؤسّس علم السياسة. لكنّ المصباحي يرى أنّه لا يمكن عند ابن رشد استنباط قوانين تدبير العدالة في المدينة أو تحديد قواعد السلوك العادل لدى الأفراد من علم النفس؛ وهذا ما يؤكّده ابن رشد نفسه في أكثر من مناسبة بحيث يؤكّد على وجود  تضافر العلمين أو العقلين؛ النظري والعملي في تأسيس  عدالة المدينة ؛ إذ يقول:  ”وهذه المدينة يقال عنها بالضرورة  إنّها حكيمة  بهذين العلمين، أعني العلم  العملي والعلم النظري”[38]. والعقل العملي هنا لا يحتاج إلى العقل النظري إلا لسبب غائي وهو أنّ الإنسان لا يكفيه تحقيق أي اجتماع سياسي، بل إنّه يطمح إلى تحقيق المدينة الكاملة القائمة على مبدأ العدالة التي لا يمكن تحقيقها إلا بمساهمة العقل النظري[39].

رابعا: ينتهي هذا الموقف إلى الانحياز إلى العقل النظري؛ إذ ”لما كان الفيلسوف هو وحده في نظر ابن رشد يمتلك العقل النظري، فإنّ وجود السياسة وبقاءها يتوقّفان حصريا عليه”[40]. وبهذا يكشف ابن رشد أنّ هدفه من النظر في العدالة كما يقول المصباحي ليس ”البحث عن كيف يعيش الإنسان وإنّما كيف ”ينبغي” أن يعيش على أساس العقل وذلك من خلال تمثّل للعدالة قائم على خضوع الكل لنظام العقل، باعتباره أداة للتوحيد والترتيب والتفاضل . بهذا النحو يحق لنا أن نقول إن العقل تحوّل (….) إلى مبدإ مضاد للعدالة إذا اعتبرناها مساوية للحق في الحرية والمساواة”[41]ومن هنا يتّضح الطابع الغائي والماهوي لموقف ابن رشد. إذ يصبح الفيلسوف الحاكم وفق هذا الموقف كنموذج للعدالة والكمال والسعادة يشكّل قدوة للمواطن وغايته القصوى. وهذا من شأنه أن يحوّل التلازم بين الأخلاق والسياسة، بما هو عنوان تعاونهما وتضافرهما، إلى تكريس للخلط بينهما، كما يقول بعض الدارسين، هذا الخلط الذي من شأنه أن ينتهي إلى تكريس للاستبداد السياسي[42].

3- موقف أمارتيا صن من إشكالية العدالة بين الأخلاق والسياسة:

يؤطّر المصباحي موقف أمارتيا صن من إشكالية العدالة بين السياسة والأخلاق كما أسلفنا ضمن ما ترتّب عن عودة السؤال الأخلاقي في الفلسفة السياسية المعاصرة من نقاشات طالت مراجعة الممارسة السياسية الليبرالية في صورتها المتطرفة، على ضوء المبادئ الأخلاقية، وذلك بالنظر إلى ما أدّت إليه هذه السياسة من انحرافات أخلاقية شكّكت في ديمقراطية هذه السياسة الليبرالية؛ ممثّلة في تعاظم الأنانية، وتفكّك الأواصر الاجتماعية، وانحسار مفهوم المواطنة، وتضخّم الحرية على حساب المساواة[43].

وهكذا سيعتبر المصباحي نظرية صن حول العدالة، الموسومة بـ ‘’ نظرية الخيار الاجتماعي”، من ثمرات هذه النقاشات، والتي استفاد فيها من ما اعتبره هو نفسه كأهم نظرية في العدالة في النصف الثاني من القرن العشرين وهي نظرية الفيلسوف الأمريكي المعاصر جون رولز التي تحمل اسم ” نظرية العدالة كإنصاف”؛ وإن كانت هذه الاستفادة لم تمنعه من انتقاد هذه النظرية، إذ كما يقول : ” يمكن أن يكنّ المرء تقديرا عميقا لنظرية ما ومنتقدا جديا لها بآن ”[44].

وفي إطار هذا النقد الذي سيمارسه أ. صن على نظرية العدالة كإنصاف؛ فإنّه سيواجه الإشكالات التالية: بأي معنى يمكن اعتبار العدالة إنصافا؟ ما هذا الإنصاف؟ هل هو مجرد مؤسّسات مثالية وإجراءات صورية، أم إنه إجراءات عملية وقدرات فردية وجماعية يومية قوامها التخفيف من الظلم الصراع ضده؟، وكيف يمكن تحقيق هذا الإنصاف في مجتمع قائم على صراع وتباين الاعتقادات الأخلاقية والسياسية والمصالح الاقتصادية والاجتماعية؟ وإذا كان لا مناص من ربط العدالة كإنصاف بالعقل؛ وما يستدعيه من نقاش عمومي حول كيفية الحد من الظلم والرفع من قيمة العدل، فهل يتعيّن التفكير في العدالة بعقل واحد أم بعقول وعقلانيات مختلفة باختلاف الثقافات والأزمنة؟ وهل العقل وحده يؤسّس هذا الإنصاف أم يشاركه في هذا التأسيس بتلويناته المختلفة؟ وبأي معنى يجسّد الإنصاف الحرية والمساواة معا، وإلى أي حد يتم ذلك؟

لمعالجة هذه الإشكالات سيقف المصباحي أولا: عند دلالات العدالة عند صن وكذا عند الانتقادات التي وجهها لنظرية العدالة كإنصاف الرولزية هذا إضافة إلى كشفه ثانيا :عن مرتكزات نظرية الخيار الاجتماعي عند صن باعتبارها تقدّم نفسها كبديل عن نظرية رولز وكتطوير لها.

3- 1- دلالات العدالة عند أمارتيا صن:

يعتبر المصباحي بأنّ العدالة في سياق الفلسفة السياسية الما بعد حداثية التي ينتمي إليها أمارتيا صن؛ هي عدالة    تتميّز بالكونية والتاريخية. فهي كونية، لأنّها ليست خاصة بالثقافة الغربية، بل إنّها تشكّل أرفع القيم الأخلاقية والسياسية لدى كل الثقافات، وبالتالي لدى الإنسان كإنسان. لكنّها في نفس الوقت تاريخية أي تتميّز بالتعدّد والاختلاف إي إنّها عدالات وليس عدالة واحدة؛ لأنّها ظلّت وستظلّ مجالا للصراع حول طرق ومعايير تحديدها وإنجازها بين الجماعات، والأفراد، والثقافات / والإيديولوجيات، والأديان عبر التاريخ.  ومن هذه الجهة لا يوجد إجماع حول دلالاتها؛ لكن تماهيا الجميع معها من شأنه أن يخفّف من نسبيتها التاريخية وتعدّدها الدلالي ويسمح بالتوافق حول معايير عامة ومشتركة حولها، مهما اختلفت الأزمنة والحضارات والمذاهب. وتتمثّل هذه المعايير؛ في أنه لكي تكون العدالة عدالات ينبغي أن تقوم أولا: على الحرية وعلى العقل وعلى الحق وعلى الإنصاف وعلى المساواة وعلى الحق في الاختلاف[45].

لكن صن مهما شارك في بناء هذا الإجماع، إلا أنّ مشاركته لها خصوصيتها، حسب المصباحي، إذ بموجبها سيعيد بناء مفهوم العدالة وذلك بالنظر إليه كمفهوم إضافي وتقابلي وعملي، وتتجلّى هذه الخصائص في كون العدالة لا تكتسب معناها إلا بالإضافة إلى نقيضها الذي هو الظلم وبالتالي من خلال الشعور بالظلم وتحليله تحليلا عقليا من أجل الكشف عن أسبابه، والصراع   من أجل التخفيف منه.

وبالرغم من أنّصن يبدو هنا وكأنّه يتقاطع مع ابن رشد في دلالات العدالة، لكنّه سوف لن يبقى في إطار ماهوية هذه الدلالات وغائيتها؛ التي حصرها فيها أبو الوليد بل سيعمل على إنزالها إلى الحياة اليومية باعتبارها حصيلة قدرات الإنسان وحرياته وحواراته الديمقراطية. من هنا سوف ينظر صن إلى العدالة كمشروع غير مكتمل؛ إذا جاز لنا استعمال تعبير سارتر[46]. وبموجب هذا سيمنح صن لمعاير العدالة، أي للعقل، والحق، والإنصاف، والمساواة، والحق في الاختلاف دلالات خاصة به كما سوف نرى؛ والتي على أساسها سيناقش نظرية العدالة كإنصاف عند جون رولز؛ كما سيبني نظريته الموسومة بنظرية ” الخيار الاجتماعي”.

3- 2- في نقد صن لنظرية العدالة كإنصاف عند رولز:

قبل الوقوف عند انتقادات صن لنظرية جون رولز هاته، يشير لمصباحي إلى ذلك الانقلاب الذي أحدثته هذه النظرية في العدالة؛ انتهت بموجبه إلى تأسيس نموذج جديد في الفلسفة السياسية المعاصرة قائم على شعار ” العدالة كإنصاف ”. إنّه نموذج  يعالج  موضوع العدالة من مرجعية أخلاقية كانطية؛ والتي ستلعب  دورا في إنجاز ” تأويل إيجابي لأولوية ما هو عدل على ما هو خير في تعزيز جبهة النقاش النقدي لرولز ضد أطروحة فلسفة الأخلاق النفعية  ” القائمة على أسبقية الخير على العدل، وكذا  ضد ” المذاهب الأخلاقية الفلسفية القائمة على مبدأ الكمال والسعادة ”[47]،   والتي تعتبر العدالة  غاية أخلاقية وسياسية  كما تخلط بين الأخلاق والسياسة، من قبيل فلسفة أفلاطون وأرسطو والفارابي وابن رشد  .وبموجب هذا النقاش مع هذه الفلسفات سيرفض رولز تحويل العدل إلى مجرد أداة في خدمة المنفعة وتحقيق الكمال والسعادة، وبالتالي سيرفض النظر إلى قيمة الفعل أو السلوك الأخلاقي انطلاقا من النتائج التي تترتب عنه، بل سيرصد قيمته من حيث هو فعل أخلاقي فاضل منسجم مع الواجب الأخلاقي؛ من حيث هو قانون كلي منظم للعلاقات البين ذاتية؛ بموجبه يعامل الناس بعضهم بعضا من حيث هم غايات، لا من حيث هم مجرد وسائل. وهذا القانون الأخلاقي الكانطي في صورته الكلية هاته سيكشف لرولز عن خلفيته التعاقدية، عند جون جاك روسو بالخصوص؛ مما سيسهل عليه تحويله إلى إجراء قانوني سياسي/ أخلاقي تقوم عليه نظريته ”العدالة كإنصاف”[48].

ويرى صن أن هذا الإنصاف، الذي هو قوام نظرية رولز في العدالة، يمكن أن يأخذ عدّة أشكال؛ لكن النقطة المركزية فيه تتجلّى في ضرورة التزام النزاهة والحياد في تقييمات السلوكات وأوضاع الآخرين، وذلك بالأخذ بعين الاعتبار مصالح ومشاغل هؤلاء؛ وخاصة تجنّب تدخل الذاتية وما تحيل عليه من حماية للمصالح، ومن آراء مسبقة واختلافات شخصية[49].

ويربط جون رولز مطلب الحياد هذا بما يسميه ”الوضع الأصلي”؛ كوضع متخيلّ وافتراضي من المساواة الأولية لم يكن فيه الأطراف المعنيون عالمين بذواتهم أو مصالحهم الشخصية في المجموعة ككل، ويتعين على ممثليهم الاختيار وبالتالي التعاقد من وراء ”حجاب الجهل” على مبادئ العدالة بالإجماع. وهذه المبادئ هي التي تحدّد، حسب رولز، المؤسسات الاجتماعية الأولية التي يجب أن تحكم المجتمع العادل والمنصف وتحقّق فيه النزاهة الأخلاقية والسياسية[50].

ويرى المصباحي أن صن، وبحكم تماهيه هو أيضا مع مفهوم الواجب الكانطي وما يدعو إليه من عقلنة للأخلاق[51]، سيستعير من رولز فكرة الموضوعية أو النزاهة الأخلاقية السياسية هاته؛ لكن مع العمل على تعديلها حتى تتلاءم مع نظريته في العدالة. وهكذا فقد سجّل صن مجموعة من المؤاخذات على هذه الفكرة تتمثّل في:

أولا: إنّها موضوعية مغلقة، وذلك لأنّها تقوم على منظور واحد للعقد الاجتماعي وللحياد المؤسّس له؛ بموجبه ينظر إلى مفاهيم العقل، والعدل أو الحق أو الإنصاف، وكأنها لها معنى واحدا لدى الجماعة السياسية الممثلة للوضع الأصلي؛ ولا دخل فيه لآراء أفراد هذه الجماعة أو لآراء جماعات أخرى مغايرة؛ والتي يمكن أن تغني وتضيء الجماعة الأولى[52].

وبهذا يعتبر صن  أنّ النزاهة لدى رولز ظلّت متمركزة  على العقلاء من الغرب؛ معتبرة  أن هذا الأخير يشكل نموذجا يحتذى في العدالة والإنصاف والديمقراطية  دون غيره من النماذج التي يزخر بها التاريخ  كنموذج العدالة والديمقراطية  في الثقافة الهندية وفي الثقافة الإسلامية مثلا .فابن رشد مثلا،  بالرغم من أنّ العدل  لديه كما يقول المصباحي  هو من طبيعة العقل، فإنّ هذا العدل، عندما يكون إنصافا، بالنسبة إليه  سيتجاوز العقل والنواميس والشرائع، نحو الدين الإسلامي وما يتضّمنه من قيم أخلاقية دينية  ممثّلة في  المغفرة والرحمة[53].

ثانيا: يعتقد رولز في نظريته أنّ تحقيق العدالة والنزاهة على أرض الواقع رهن بتوافق سلوكات الأفراد وحياتهم مع المؤسسات الاجتماعية والسياسية، (البرلمان والقضاء…..)، وما تقوم عليه من مبادئ وقواعد أخلاقية ومنصفة ونزيهة تماما بطبيعتها ؛مادامت ناتجة عن ”وضع أصلي” مسلّح ب ”حجاب الجهل”[54]. هذا مع العلم، يقول صن، إن رولز لو اهتم بكيفية اشتغال هذه المؤسّسات على أرض الواقع لاكتشف أنّ وجود الظلم في المجتمع قد لا يكون نتيجة عيب في المؤسّسات والقوانين، وإنّما نتيجة تصرفات فردية رعناء لأفراد أو جماعات معينة. وهذا ما يعني أنّ صين يضفي على العدالة بما هي إنصاف طابعا عمليا و نسبيا على اعتبار كما يقول” إن الحقيقة المتجسّدة في الواقع تتخطّى كثيرا الصورة الهيكلية التنظيمية وتشمل أنماط الحياة التي يستطيع الناس أو لا يستطيعون إتباعها”[55].

حقيقة أن رولز، في نظر صن، قد اعتبر بأن سلوك الأفراد يعكس عدالة وإنصاف المؤسسات، لكنّ هذا لا يعني تجاهل دور الفرد في توجيه هذه الأخيرة وقياس مدى عدالتها وإنصافها أو نزاهتها. ويجد هذا التجاهل تفسيره في كون رولز ظل حبيسا للنظرية الأخلاقية الديونطولوجية الكانطية؛ والتي تقوم، حسب بيل صوفي، على أكسيومين: الأول: إنّ القيمة الأخلاقية لأيّ فعل ترجع فقط لمضمون إرادة الفاعل. الثاني: الباعث الأخلاقي الوحيد المقبول هو احترام القانون الأخلاقي[56]. وحتى عندما اهتم رولز بدور الأفراد في تحقيق العدالة والإنصاف، فإنّه أهمل عدم تكافؤهم في القدرات والذي من شأنه أن يحدّ من حرية اختياراتهم واستفادتهم من الفرص التي تمنحها المؤسّسات العادلة أمامهم[57].  وهذا التجاهل من رولز مصدره، حسب صن، انشغاله بالبحث عن التعاقد الاجتماعي الأمثل سياسيا وأخلاقيا، أي ذلك التعاقد الذي يتقبّله الجميع على الأقل فيما يخص ”الوضع الأصلي”، وذلك تحت ذريعة معارضته للتصوّر النفعي المخل بأخلاقية العدالة السياسية والمعارض لكل تصوّر تعاقدي[58].

وهكذا يخلص بنا المصباحي إلى أنّ صن سيؤدي به نقده ”لنظرية العدالة كإنصاف” القائمة على فرضية ”الوضع الأصلي” ”وحجاب الجهل” المؤسّس لها، إلى عدم الاكتفاء بهذه النظرية في تصورها للعدالة بماهي عنوان للإنصاف أو النزاهة، وذلك بالاستئناس   بنظرية أخرى هي نظرية ”الخيار الاجتماعي” والتي تقوم على فرضية ” المشاهد النزيه”؛ الشيء الذي أدى به إلى اعتبار العدالة، أو النزاهة قابلة لأنّ تتمظهر في أشكال مختلفة ومتميزة[59].

4- نظرية ”الخيار الاجتماعي” عند أمارتيا صن:

يرجع أ. صن نظريته في العدالة الموسومة بـ ”الخيار الاجتماعي” في أصلها إلى المفكر الفرنسي كوندورسيه والتي طوّرها مفكرون من اتجاهات متباينة بل وأحيانا متعارضة كآدم سميث وبنتام، وكارل ماركسوجون ستيوارت ميل…  لكن صن، يرى مع ذلك أنّه مهما شاطر هؤلاء المفكرين في نقطة انطلاقهم، ممثلة كما يقول في النزوع إلى الواقعية والنسبية، والعناية بالسلوك الفعلي للناس وبإنجازاتهم في الحياة الواقعية، وتبنّي لمنظور المقارنة بين الثقافات المختلفة، إلا أنّه مع ذلك لا يبدو كما يقول إنه ”متّفق في الجوهر مع نظرياتهم”[60].

وتستمد ”نظرية الخيار الاجتماعي” خصوصيتها من كون صاحبها قد نظر إلى العدالة، باعتبارها مفهوما تقابليا وعمليا. وهذا ما يفسر، في نظر المصباحي، ”تمحور فكر صن في العدل والظلم على القضايا التي تتصل بالعقل العملي، أي بإجراءات عملية لا نظرية على أحوال السلوك الملموسة وعلى كيفيات ممارسة الناس لحياتهم الخاصة”[61].

وتؤسّس هذه النظرية مفهوم ”الموضوعية” أو ”النزاهة ” التي تقوم عليها العدالة على فكرة ” المشاهد النزيه” التي استعارها من عالم الاقتصاد والمفكر الإنجليز آدم سميت. ويفترض صن في هذا المشاهد أن تصدر عنه أحكام مفتوحة وغير منحازة؛ أي موضوعية ونزيهة؛ لأنّه ليس عضوا في المجموعة المركزية[62].

وبهذا اللجوء إلى فرضية ‘المشاهد النزيه ” تقوم ”نظرية الخيار الاجتماعي ”في المنظور المصباحي، على مراعاة الطابع المركب للمعتقدات الأخلاقية والسياسية وما يقتضيه هذا التركيب من فتح الاستدلال العقلي، بما هو حكم على شؤون العدالة والظلم، كشؤون متداخلة ومترابطة، على كل زوايا النظر وآفاق التفكير . وهو بهذا يرد الاعتبار إلى التقييم النسبي وبالتالي إلى الموضوعية المفتوحة والنسبية؛ بدلا عن تقييم المؤسسات الاجتماعية الذي أراد له جون رولز أن يكون موضوعيا بشكل مطلق ومغلق . فوفق أمارتيا صن لكي يكون الحكم على قضايا العدالة الأخلاقية والسياسية موضوعيا ونزيها؛ وجب على التحليل العقلي الذي يقوم عليه هذا الحكم أن يأخذ بعين الاعتبار مختلف وجهات النظر، أي استحضار مختلف العناصر التي تقتضيها الموضوعية. ويرى صن أنّ هذا الاحتضان لوجهات النظر المختلفة، من شأنه أن يجعل الموضوعية عنوانا لتعايش المواقف، بما في ذلك المتضادة منها، هذا من دون أن تكون هذه المواقف مضطرة لأن تكون منسجمة[63].

ومن هنا وبموجب هذا الفهم الذي يمنحه صن للإنصاف أو الموضوعية، يتّضح، كما يقول المصباحي، إن صن لم يكن يبحث عن ماهية العدالة ولا عن غايتها، كما هو الحال مع أفلاطون وأرسطو والفارابي وابن رشد …  وإنما كان يبحث عن أحوالها وإجراءاتها الواقعية، كما لم يكن يتوجّه فقط نحو وصف المجتمعات التي تتّسم بعدالة كاملة، وبالتالي لم يكن مهتما فقط بطرح السؤال كيف تكون المؤسّسات عادلة في المجتمع؟، كما كان يرى رولز ومعه فلاسفة العقد الاجتماعي، وإنما كان مهتما أيضا بطرح السؤال : كيف يمكن إعلاء العدل وإنزال الظلم؟ وهذا الانحياز من أ. صن لمنظور الإنجاز الواقعي كان دافعه، كما يقول المصباحي، هو الانتباه لمظاهر الظلم في العالم والحثّ على النضال من أجل التقليل من آثاره وعواقبه الوخيمة، وكذا تحديد طرق تقدير كيفيات هذا التقليل[64].

ونظرية ”الخيار الاجتماعي” بإعطائها الأسبقية لهذا لسؤال الأخير إنما تكشف أنّ أوّل خطوة في طريق التخفيف من الظلم هي الاهتمام بقدرات الأفراد وما تجسّده من حرية في الفعل؛ ومن فرص لإنجاز هذا الفعل. وهكذا، وبدلا عن المقاربة الرولزية ”العدالة كإنصاف”، يدعو أ. صن إلى تبنّي مقاربة “العدالة كقدرة” والتي تقوم على تقييم الإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في حياة الناس بما لهم من قدرات فعلية على إنجاز ذلك[65].وتتمثّل مزايا القدرة، التي تشكّل قلب نظرية العدالة عند صن، حسب المصباحي، في كونها تقوم على الحرية، والاختيار، والعقل[66].

وفيما يخص قدرة العقل فإنّ توظيفها من طرف الفرد تسمح له بالانتقال من الشعور العام بالظلم إلى التشخيص العقلي لهذه الحالة أو تلك من حالات هذا الظلم؛ بقدر ممكن من الموضوعية أو النزاهة.  لكنّ هذا العقل كما تتصوّره ”نظرية الخيار الاجتماعي” هو عقول مختلفة وليس عقلا واحدا؛ كما تفترضه نظرية العدالة كإنصاف عند رولز.

يأتي إقرار صن بتعدّد العقول في سياق نقده للفكر الأنواري الذي يشكّل مرجعية أساسية بالنسبة إلى نظرية رولز في العدالة ذات الامتدادات التعاقدية. فهو فكر يدافع عن وجود عقلانية واحدة ووحيدة تنسب إلى زمن محدّد هو القرن الثامن عشر، وإلى ثقافة وجغرافية معينة حصرية هي الثقافة والجغرافية الغربية؛ هذا مع العلم أن الفكر الغربي الأنواري بنفسه ليس واحدا وإنما هو فكر متعدّد. ومن هنا ينتقد صن رولز في إقراره أن عقلاء ”الوضع الأصلي” هم عقلاء بنفس الشكل وهم وحدهم عقلاء، هذا مع العلم أنّ لهم أمورا مشتركة مع باقي الإنسانية، تتجلّى في القدرة على جمع المعلومات والمعطيات وعلى الانفتاح الذهني وفحص اختبار الحجج العقلية وعلى الانخراط في حوار عمومي غير مقيّد.  ومن هنا يقول صن إنّ نظرية العدل الرولزية إن لم يسمح فيها ” الوضع الأصلي” بانبثاق عقول متعدّدة فستصاب بالفشل[67].

وهكذا على وحدة العقل الأنواري، وانسجاما مع ما تقوم عليه العدالة في منظور صن من تعدّد في المبادئ، ومن موضوعية مفتوحة، فهي عدالة   مبنية على ” التفكير والحوار”، وبالتالي على تنافس العقول والمطالب ووجهات النظر[68]. إنّها عدالة إذن أراد لها صن، حسب المصباحي، تلافي التشبّث بمحلية العدالة وتمركزها في الغرب؛ كما أراد لها أن تطال فضاء العقل نفسه، أي المطالبة بالعدالة في التعامل مع العقول الأخرى غير الغربية، ومع ضروب مختلفة من المنطق والاستدلال، ذلك أنّه توجد ثقافات عديدة ذات تفكير قائم على حجج منطقية وعقلية، وليس على الإيمان والمعتقدات اللاعقلية كما يتوهّم كثير من مفكري الغرب[69].

وبهذا ينفي صن، وجود تنافر جذري بين الفكر الغربي والفكر الشرقي، أو الغير الغربي حول موضوع العدالة كقيمة أخلاقية/سياسية. فهناك مواقف شبيهة أو ذات صلة وطيدة حول العدل والإنصاف والمسئولية والواجب والخير والاستقامة في الغرب؛ تمّ تطويرها في مناطق متعدّدة من العالم وأنها يمكن أن توسّع مدى الحجج التي استعملت في الأدبيات الغربية والتي تمّ إهمالها أو تهميشها في الغالب في التقاليد المهيمنة للخطاب الغربي المعاصر[70].

ويرى المصباحي أنّ صن لم يكتف بالتشكيك في وحدة العقل الأنواري، بل أضاف إلى ذلك تشكيكه في العقل نفسه؛ باعتباره هو الأداة الوحيدة لتحقيق العدل دون باقي الأدوات الأخرى التي يملكها الإنسان، كالعاطفة، واللاعقل. وهذا ما يخالف ما كان يدعيه أفلاطون مثلا حينما نسب الاستبداد والقهر والظلم للجانب العاطفي؛ بينما نسب العدل والحق إلى العقل. هذا مع العلم، حسب صن، ”أن الفعاليات العقلية يمكن أن تكون وراء مواقف وأفعال ظالمة، كما يمكن أن تكون المشاعر والعواطف مصدرا لمواقف عادلة ونبيلة. معنى ذلك أنه يمكن أن تكون هناك دوافع أخرى للقيام بأفعال العدالة غير العقل”[71]. وهذا ما نلمسه مثلا في الثقافة الإسلامية حيث نجد الحديث عن العدالة الدينية باعتبارها تشكّل نموذجا يحتذى بالنسبة إلى العدالتين: الأخلاقية والسياسية كما هو الحال عند الغزالي[72].

وفيما يخص ربط أمارتيا صن العدالة بقدرة الحرية ربطا جوهريا، كما هو الحال عند رولز، فذلك لأنّ العدالة، وخصوصا في العالم المعاصر، تتطلّب، كما يقول، اهتماما خاصا وعميقا بتحقيق الحريات الشخصية وضرورة تساوي الناس فيها بإعطائها أولوية حقيقية بالقياس إلى الدخل والخيرات الأساسية والمنافع بصفة عامة، التي عليها الفلاسفة النفعيون (جيرمي بنتام مثلا) وبعض علماء الاقتصاد في تصورهم للعدالة[73]. فالحرية   في منظور صن هي إحدى المؤثرات الكثيرة المحددة للتميز العام للشخص .ومن هنا كانت لها قيمتها الكبيرة كقدرة، في نظر صن، فيما يخصّ تحقيق العدل ومحاربة الظلم، وذلك لسببين اثنين على الأقل: الأول: أنّ مزيدا من الحرية يعطي فرصة أكبر للفرد للسعي لأهدافه وتحقيق منافعه، أي لتلك الأشياء التي يقدر ويمنحها قيمة. إنها تدعّم قدرة الفرد على أن يحيا كما يريد ويعمل على إعلاء الغايات التي يريد وعلى رأسها العدالة. أما السبب الثاني: فيتجلّى في عملية الاختيار نفسه فقد يريد الشخص مثلا التيقن من أنّه لا يوضع رغما عنه في حالة ما بسبب قيود فرضها عليه آخرون إي أنّه تتاح له فرص الاختيار وممارسة حريته. ومن هنا يكون التمييز بين جانب الفرصة وجانب العملية من الحرية مهما جدّا وبعيد الأثر هنا[74].

ومن شأن الوقوف عند هذين البعدين للحرية أن يثير، حسب صن، السؤال التالي: هل في مقدور المرء أن يحقّق اختياراته وفرص إمكانياته وبالتالي لحريته بدون تدخل الدولة أو الآخرين؟

يشير صن إلى أنّ الحرية الفعلية أحيانا قد لا تكون صادرة عن الذات، وإنّما نتيجة تدخّل الدولة أو الآخرين. وهذا ما يعني افتقار قدرات وحريات الناس لسياقهم الاجتماعي والسياسي وما يوفّره من فرص لممارسة الفرد لحريته. فالحرية، في منظور صن، ليست ممارسة منعزلة بطبيعتها وليست كذلك حرية مطلقة، بل هي حرية نسبية لأنها أساسا فعل متعدي تفاعلي، أي لا يتحقّق إلا مع الآخر وفي إطار الجماعة.

ومن هنا يرى صن أنّ ما يضمن الحرية ويفعلها هو النظام الديمقراطي، لأنّه هو القادر على نسج العلاقة التناغمية بين العدالة والحرية بكيفية عقلانية وحوارية، على عكس ما يراه الليبراليون المتطرّفون الذين يزعمون أنّ إقرار العدالة والمساواة في مجتمع ما؛ من شأنه أن يهدّد الحريات الفردية غير المشروطة بالإتلاف مع الآخر. في مقابل ذلك فإن ذوي النزعة الاشتراكية يعتقدون أنّ رفع الحرية إلى منزلة القيمة العليا المطلقة من شأنه أن يخلق مجتمعا فردانيا خاليا من قيم التضامن الاجتماعي بين أفراده الشيء الذي ينتج عنه بيئة اجتماعية مليئة بمظاهر الظلم وغياب الإحساس بالآخر وبالخير المشترك[75].

والديمقراطية حسب صن ليست مجرد مسألة قواعد صورية وإجراءات مسطرية تنحصر غايتها في إعطاء الحكم للأغلبية التي جاءت بها على أساس صناديق الاقتراع، بل إنها يجب أن تكون وسيلة من وسائل حفظ حقوق الإنسان واحترام الشرعية وضمان النقاش الحرّ وتدفّق المعلومات والحق في تفسيرها وتأويلها واستفادة المواطنين من الفرص المتاحة أمامهم. بهذا تكون الديمقراطية بمثابة ذلك الفضاء الأمثل للملاءمة بين الحرية والعدالة، لأنها تحول دون تحول العدالة إلى نظام كلياني، وانقلاب الحرية إلى فوضى تعبد صناديق الاقتراع؛ متجاهلة حقوق الجماعات والأفراد في العدالة والإنصاف.فالديمقراطية في منظور صن إذن لا يكفي أن تكون تمثيلية، بلعليها أن تسعى أيضا إلى أن تكون تداولية حتى يشعر الفرد فيها بمسئولية الالتزام في الحياة السياسية وفي تشكيل قيمها الأخلاقية بشكل جماعي عبر حوار يحترم حريات الآخر ورغباته وتصوراته في الحياة[76].

وهكذا يخلص بنا المصباحي أن موقف أمارتيا صن من إشكالية العدالة بين الأخلاق والسياسة يقوم أساسا على الدفاع عن جدلية الأخلاقي والسياسي في العدالة بما هي عنوان لتضافرهما لكن من دون الخلط بينهما، كما حصل مع ابن رشد. فالعدالة عند صن هي ممارسة وسلوك قبل أن تكون نموذجا يقتدى أو حلما أو شعارا أو غاية،  وبالتالي فإنّها أولا قدرات، ومؤسّسات ومبادئ ثانيا . وإيلاء صن أهمية للقدرة يأتي من كونها تعبيرا حقيقيا على الفعل البشري كفعل عقلي وحرّ وتواصلي يخرج الذات من شرنقتها الماهوية المغلقة نحو علم الآخر المنفتح. كما أنّها تعبير عن أنّ العدالة بماهي إنصاف ذي حمولة أخلاقية وسياسية هو عنوان لتلك الموضوعية أو النزاهة المفتوحة والتي يشارك في بنائها جميع الأفراد والجماعات والثقافات عبر النقاش العقلاني الحرّ باعتباره يشكّل أساس كل تحسين لمسألة العدالة وتطوير أحوال الناس وتقليص التفاوت في القدرات والحريات بين الأفراد فيظلّ دولة ديمقراطية تجمع بين الحرية والمساواة والعدالة .

إن الموقف الذي يتبنّاه  صن  من إشكالية العدالة بين السياسة والأخلاق  يستمدّ مرجعيته الفلسفية من الفلسفة المابعد حداثية  كفلسفة  احتضنت، كما تقول بيل صوفي، عودة  جديدة ”للذات ” كفكرة فلسفية   لها حضورها القوي  في  كتابات آلان، وبول ريكور، وآلان تورين، وأمارتيا صن كذلك…[77] إنّها، كما يقول المصباحي، تلك الذات البرزخية  والبينداتية، ذات لا تملك هوية واحدة  وانتماء وحيدا، أي إنّها لم تعدّ في إمكانها اليوم ” أن تعيش منكفئة على فرديتها من دون الآخر؛ إذ صار الآخر جزءا من الذات، ولا يمكنها الانفصال عنه ولا معنى لها من دونه ‘[78].

5- خلاصات وآفاق:

يخلص المصباحي مما سبق أنّ العلاقة بين موقفي ابن رشد وأمارتيا صن من إشكالية العدالة بين السياسة والأخلاق لا تخلو من تقاطعات بين الرجلين وذلك من حيث إنّهما معا يدافعان عن ضرورة تخليق الممارسة السياسية وما يقتضيه هذا التخليق من نقد للاستبداد السياسي وترسيخ للعدالة عموما، وللعدالة التوزيعية خصوصا، في العلاقات بين أفراد المدينة، هذه العدالة التي تشكّل عنوانا للإنصاف والحق والحرية والعقل وتدبير المساواة واللامساواة في هذه المدينة.

لكنّ هذه التقاطعات لا تخفي عنّا، حسب المصباحي، وجود اختلافات بين ابن رشد وصن؛ مصدرها اختلاف خلفياتهما الفلسفية. فقد كان موقف صن بحكم رغبته في أن يجعل مفهومه للعدالة أكثر رحابة، يمتح أولا: من علوم عصره وعلى رأسها العلم المتخصّص فيه، وهو علم الاقتصاد، كما يمتح ثانيا: من فلسفة الأنوار وعلى رأسها الفلسفة الكانطية، وثالثا: فإنّه، كفيلسوف ما بعد حداثي، سيجعل تصوّره للعدالة معبرا عن عودة جديدة للذات؛ هذه العودة التي جعلت هذه الأخيرة منفتحة على الآخر وتشرط وجودها به مما نتج عنه جعل العدالة عنوانا للحوار العمومي وللموضوعية المفتوحة .

أما ابن رشد فإنّ الخلفية الفلسفية التي حكمت تصوّره للعدالة بين الأخلاق والسياسة هي، كما يقو ل المصباحي، نظرية النفس الأفلاطونية ونظرية الأخلاق الأرسطية كنظريتين ميتافيزيقيتين. حقيقة إن أبا الوليد قد تجاوز الأصل النفسي واللاهوتي للعدالة؛  لدرجة أنّه لم يتطرّق في تلخيص أخلاق أرسطو إلى تصوّر الشريعة الإسلامية للعدالة الإلهية في علاقتها بالشريعة العقلية[79]. كما نزع إلى تأسيس هذه العدالة على العقل العملي لتصبح متماهية مع شؤون البشر فيما بينهم، وليس بالعدالة الإلهية في الآخرة [80]، ولتصبح العدالة عدالات : كلية، وجزئية ولتصبح هذه الأخيرة هي بدورها: معاملاتية، وتصحيحية، وإنصافية. لكنّ العدالة عند ابن رشد؛ ظلّت، في نظر المصباحي، ذات طابع ماهوي، وفي خدمة العقل النظري في برهنته على العدالة الكلية وحل أزماتها التي تحول دون تحقيق ما تتغيّاه من كمال وسعادة وحق[81]. وبالتالي فإنّها ظلّت عدالة معطاة سلفا أخلاقيا وسياسيا باعتبارها حلم أو غاية   لمدينة فاضلة تتحقق فيها العدالة بعيدا عن العقل العملي عقل الإقناع والجدل. هذا مع العلم كما يقول صن إن العدالة مبناة باستمرار، فهي ممارسة فردية وجماعية يساهم فيها جميع الأفراد والعقول والقدرات والثقافات   من خلال حوار عمومي حرّ حول كيفية التقليل من الظلم وتحقيق قدر أكبر من العدل في ظل نظام سياسي ليبرالي ديمقراطي .

لكنّ هذه الاختلافات القائمة بين موقفي ابن رشد وأمارتيا صن من إشكالية العدالة بين الأخلاق والسياسة؛ سينظر إليها المصباحي باعتبارها تنسجم مع ما تدعو إليه أطروحة صن من تنسيب للعدالة السياسية والأخلاقية باعتبارها تجسّد الموضوعية المفتوحة على مختلف وجهات النظر. وهذا ما يعني إمكانية إدراج أطروحة ابن رشد ضمن وجهات النظر التي يطالب صن برد الاعتبار إليها باعتبارها تقدّم لنا تصوّرا للعدالة يمكن أن يساهم في إغناء العدالة وزحزحتها من تمركزها في الغرب. لكن دون أن يعني هذا، حسب المصباحي، عدم استئناف التفكير في هذه الأطروحة الرشدية، وكذلك في أطروحة صن على ضوء حاجات العالم العربي اليوم، وذلك في أفق بناء موقف مصباحي من هذه الإشكالية يتلاءم مع مطلب العدالة في المجتمع العربي المعاصر.   

وهكذا يمكن القول إن هذه الدراسات المصباحية حول العدالة هي بمثابة ترسيخ لذلك الحوار الديمقراطي التشاوري الذي دعا إليه صن بين قيم العدالة الأخلاقية والسياسية في الغرب والشرق. وهو ترسيخ قوامها لدفاع عن راهنية معركة ابن رشد في مواجهة أخلاق الطاعة المهيمنة في عصره على الممارسة السياسية؛ مادامت هذه الأخلاق ما تزال سائدة في العالم العربي اليوم.  لكنّ هذا الدفاع يظل مشروطا لدى المصباحي بإنزال العدل الرشدي، وما ترتبط به من قيم أخلاقية سياسية، من عالمه المتعالي كحلم، إلى عالم الممارسة اليومية للناس في مواجهتهم للظلم   كما يدعو إلى ذلك صن[82].

كما أنّ ترسيخ الحوار الديمقراطي حول العدالة الذي دعا إليه صن يجعل استئناف المصباحي لمعركة ابن رشد هاته يستمد مسوغه ممّا ظلّ ابن رشد يدعو إلى التمسك به، وهو مبدأ الانفتاح على الآخر مهما كان مخالفا لنا في الملة حسب تعبيره. وبهذا يدعو المصباحي إلى ضرورة تعديل تصوّر فيلسوف قرطبة للعدالة، كتصوّر ماهوي وغائي في جوهره  ينتهي إلى تكريس الخلط بين السياسة والخلاق، على ضوء الفلسفات السياسية المعاصرة التي منحت للعقل العملي، عقل الحوار والنقاش والاختلاف  والحرية، الأولوية، مقارنة بالعقل النظري، بما يؤدّي إلى تحسين العدالة الرشدية وإعطاء الأولوية للتفكير في كيفية إنجازها في حياة الأفراد والجماعات على ضوء  مستجدات الواقع العربي اليوم، ما دامت ”لا توجد  عدالة في ذاتها، وإنّما توجد عدالات من أجل الإنسان الذي يتصورها  ويتفّق على عقد اجتماعي بشأنها حسب مستواه التاريخي والفكري”[83]. ومن شأن هذا التعديل أن يساهم، حسب المصباحي، في توفير البيئة المناسبة في العالم العربي” للشعور بالتعاطف مع المظلوم، وفتح أفق شفاف يمكّن الناس من رؤية الظلم ظلما والتنديد به، والعمل على استئصاله قدر الإمكان. ذلك أنّ البيئة المحرومة من ظروف مواتية للإحساس بضرورة العدل وللتفكير فيه تفكيرا عقليا؛ قد تجعل الناس غير قادرين على الشعور بالظلم حتى بالنسبة لأنفسهم ”[84]، وليست هذه البيئة، كما يقول المصباحي ومعه صن، سوى الديمقراطية. فـ ”الديمقراطية، بمعناها الشريف، ليست فعلا علميا أو إيمانيا أو دعويا أو جمعويا أو نقابيا، الديمقراطية فعل سياسي يتّخذ شكل صراع بشري سلمي غايته إقرار العدالة بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والثقافية”[85].

لكنّها ديمقراطية مهما تقاطع فيها المصباحي مع صن، فإنّها يفترض فيها، حسب هذا الأخير، أن تنشغل بعودة سؤال الأخلاق إلى السياسة لكن من خلال عودة أخرى هي عودة السؤال الديني إلى حقل السياسة والذي كانت من نتائجه ظهور ما يسمى بــ ”الإسلام السياسي”، هذا الإسلام الذي انتهى أنصاره، من المتطرفين بالخصوص، إلى إفراغ العدالة السياسية من حمولتها الأخلاقية عن طريق إضفاء الشرعية الدينية على الاستبداد والظلم والإرهاب. ومن هنا يرى المصباحي أنّ الدفاع عن العدالة كقيمة أخلاقية سياسية في العالم العربي لا يمكنه أن يتحقّق إلا في ظلّ نظام سياسي ليبرالي ديموقراطي و ما بعد علماني؛ إذ في ظل هذا النظام وحده سيتمكن الديمقراطيون العرب والمسلمون من”فتح أبواب الحوار مع تيارات “الإسلام السياسي” لإغناء دلالات الديمقراطية وتوسيعها. إذ كلما زاد منسوب العقل والحرية في الحركات والتيارات الدينية، كان ذلك إغناءً للفكر الديمقراطي”[86].

لكن ألا يمكن القول إن مراهنة المصباحي على اتخاذ الحوار وسيلة لاستقطاب أنصار الإسلام السياسي، وخاصة منهم الأصوليون المتشدّدون، ليصبحوا من دعاة العدالة والديمقراطية هي مراهنة تقوم على وهم التماثل بين المجتمعات الغربية كمجتمعات حداثية ومعلمنة لمدة خمسة قرون، وبين العالم الإسلامي الذي لم يحقّق بعد تعلمنه وحداثته. فبموجب هذا التماثل أضحت الأصوليات الدينية في العالم الإسلامي وكأنها متماثلة مع الأصوليات الدينية الغربية؛ هذا مع العلم أنّ هذه الأخيرة إن كانت قد استجابت لتحديات الحداثة، فإن الأصوليات الإسلامية على العكس من ذلك؛ فقد ظلّت ترتبط بالصراعات الدينية وبالتطرف والإرهاب وبمعارضة الحداثة ومكتسباتها وعلى رأسها الديمقراطية وهي إن أظهرت قبولها للديمقراطية   فذلك من أجل استغلالها لصالحها[87].

المصدر والمراجع:

المصادر:

  • المصباحي، محمد، العدالة بين الأخلاق والسياسة عند ابن رشد، مقال غير منشور.
  • المصباحي، محمد، حقيقة العدالة والظلم عند ابن رشد، مقال غير منشور.
  • المصباحي، محمد، أوجه التقابل بين الديموقراطية والإسلام السياسي، مقال غير منشور.
  • المصباحي، محمد، الذات في الفكر العربي الإسلامي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، ط1، 2017.
  • المصباحي، محمد، جدلية العقل والمدينة في الفلسفة العربية المعاصرة، منتدى المعارف، بيروت، ط1، 2013.
  • المصباحي، محمد، من أجل حداثة متعددة الأصوات، دار الطليعة بيروت، ط1، 2010.
  • المصباحي محمد، مع ابن رشد، دار توبقال، الدار البيضاء، ط1، 2007.
  • المصباحي محمد، الوجه الآخر لحداثة ابن رشد، دار الطليعة بيروت، ط1، 1998.

المراجع:

  • إمام، عبد الفتاح إمام، الأخلاق والسياسة، دراسة في فلسفة الحكم، المجلس الأعلى للثقافة.
  • سؤال العدالة، مؤلف جماعي ـ تنسيق المصباحي محمد، منشورات كلية ا لآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، ا ط1، 2014.
  • ابن رشد، تلخيص أخلاق أرسطو، ترجمه عن العبرية شحلان أحمد، ط1، 2018.
  • ابن رشد، الضروري في السياسة، ترجمه عن العبرية شحلان أحمد، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط1، 1998.
  • صن، أمارتيا، فكرة العدالة، ترجمة جندلي ماجد، الدار العربية العلوم ناشرون ن بيروت، ط1، 2010.

المجلاّت:

  • مجلة دراسات فلسفية، الجزائر، عدد 11نوفمبر2018.
  • مجلة الصراط، كلية العلوم الإسلامية، السنة التاسعة، العدد 15حولية 207.
  • مجلة مدارات فلسفية، العدد13، 2006.

المراجع الأجنبيّة:

  • Pelle Sophie Amartya sen La possibilité d’une éthique économique rationnelle pluridisciplinaire   L’archive ouverte ,  Hal , septembre 2010.
  • Revue économique N 2, 2002, Volume 53.

[1]– يشير المصباحي إلى أنّ للعدالة في اللغة العربية، أكثر من مرادف، لكنّه سيستعمل اسمي العدل والعدالة بمعنى مترادف، ويقترح أن يكون التمييز بين الاسمين على الشكل التالي: أن يدلّ اسم العدالة على عالم السياسة والاقتصاد والمجتمع،  أما اسم  العدل فيدلّ على عالم التشريع والحقوق، أي على فعل بناء العلاقة الأخلاقية بين الأفراد ؛ ”ومن ثمّ  ( يقول ) يمكن أن يكون العدل بمعناه الفردي هو مقابل الظلم، والاستبداد هو مقابل العدالة في معناها السياسي” محاضرة : العدالة بين الأخلاق والسياسة عند ابن رشد( غير منشورة).

[2]– حنفي مصطفى، من كانط إلى جون رولز، الثابت الأخلاقي والمتغير السياسي في نظرية العدالة، مجلة كلية العلوم الإسلامية، الصراط، السنة التاسعة، العدد 15، حولية 207.

[3]– المصباحي محمد، من أجل حداثة متعدّدة الأصوات، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2010، ص149.

[4]– فازيو نبيل، العدالة بما هي رهان عمومي، أمارتيا صن ضد جون رولز، ضمن، سؤال العدالة   مؤلّف جماعي، تنسيق محمد المصباحي كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط، الطبعة الأولى، 2014، ص75.

[5]– المصباحي محمد، العدالة وتعدد العقل والعقلانية لدى أمارتيا صن، ضمن: سؤال العدالة في الفلسفة السياسية المعاصرة، كتاب جماعي، تنسيق محمد المصباحي، سلسلة ندوات ومناظرات، رقم 179، كلية الآداب والعلوم الانسانية، الرباط، الطبعة الأولى 2014، ص42.

[6]– المصباحي محمد جدلية العقل والمدينة في الفلسفة العربية المعاصرة، منتدى المعارف، بيروت، الطبعة الأولى، 2013، ص367.

[7]– المصباحي محمد، الوجه الآخر لحداثة ابن رشد، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى 1998، ص5.

[8]– هذا لا يعني حسب المصباحي غياب موضوع العدالة عن باقي مؤلفات ابن رشد كتلخيص كتاب الخطابة لأرسطو، وتلخيص كتاب الجدل لأرسطو، وتلخيص السفسطة لأرسطو، ومختصر المستصفى في أصول الفقه، وبداية المجتهد إلخ. محاضرة العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد (غير منشورة)

[9]– يقول ابن رشد ” والقسم الأول من هذه الصناعة َ[ أي العلم المدني] يتضمنه الكتاب المعروف بـ ”نيكوماخيا”  لأرسطو  والثاني يفحص عنه في كتابه المعروف ب ”السياسة ”، وأيضا في كتاب أفلاطون  الذي نروم تلخيصه هنا [أي الجمهورية ]  ”، الضروري في السياسة، نقله من العبرية إلى العربية شحلان أحمد، تقديم محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولى، 1998، ص73 ويذهب الجابري إلى أنّ الاحتمال  وارد في أن يكون ابن رشد قد أضاف إلى ”الضروري في السياسة”، كجزء من العلم المدني، كتابه ”تلخيص أخلاق أرسطو” بحيث جعل الكتابين كتابا واحدا” من تقديم ”الضروري في السياسة”، ص 33

[10]– هذا ما يتوقّف عنده المصباحي في الفصل السادس من كتابه ” مع ابن رشد ” والذي يحمل عنوان: حضور أرسطو في مختصر سياسة أفلاطون.

[11]– محاضرة: العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد، م. س.

[12]– ابن رشد، تلخيص أخلاق أرسطو، نقله عن اللغة العبرية شحلان أحمد، الطبعة الأولى 2018   ص201.

[13] . الضروري في السياسة، ص 122/123 يشير المصباحي في كتابه ” مع ابن رشد” إلى أن تشغيل ابن رشد مفهوم التضاد أو ‘ العلية الضدية للطبيعة ” في صناعة الطبّ يشكّل مدخلا” للاعتراف بقدرة الإنسان على التدخل في الطبيعة والتأثير عليها من أجل تسريع فعلها وضمان غايتها وإنجازها، أي من أجل ضمان الصحة للجسم ”مع ابن رشد، دار توبقال، الدار البيضاء، الطبعة الأولى2007، ص161.

[14]– المصباحي، مقال: حقيقة العدالة والظلم عند ابن رشد.(غير منشور).

[15]– ابن رشد، تلخيص أخلاق أرسطو، مرجع سابق، ص226.

[16]– . حقيقة العدالة والظلم عند ابن رشد، مرجع سابق.

[17]– يشير المصباحي إلى أنّ ابن رشد قد اعتبر في المقالة الخامسة من ”تلخيص أخلاق أرسطو” “العدل المدني” باعتباره يضمّ عدلين: “عدل طبيعي ناموسي” وهو الأشياء العادلة «الفاعلة للعدل من قبل الطبيعة»، و”عدل ناموسي فقط” أو الأشياء الفاعلة للعدل من «قبل وضعها والعمل بها«، وهذا ما يفيد أنه قد قسم العدالة إلى “عدالة العادة”، وهي ثمرة تجارب المجتمعات، وإلى “عدالة النواميس” التي هي حصيلة اجتهاد المشرعين. ما يميز ” العدل الطبيعي ” هو الوحدة والثبات في كل مكان، بينما يتصف ” العدل المكتسب”، عدل الأعراف والمواضعات، بالتعدّد والتغير والاختلاف بين الثقافات المتباينة. ويبدو حسب المصباحي أنّ العدل الناموسي يعود بأصله عند ابن رشد في نهاية الأمر إلى العدل الطبيعي، بدليل أنه وصفه “بالطبيعي والناموسي” معا. عن محاضرة العدالة بين السياسة والأخلاق. (غير منشورة)

[18]– قيمة العدالة والظلم عند ابن رشد (غير منشور).

[19]– المرجع نفسه.

[20]– العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد. مرجع سابق.

[21]– المرجع نفسه.

[22]– العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد،  مرجع سابق.

[23]– المرجع نفسه.

[24]– ابن رشد، الضروري في السياسة، مرجع سابق، ص74.

[25]– العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد، مرجع سابق.

[26]– قيمة العدالة والظلم عند ابن رشد،  مرجع سابق.

[27]– ابن رشد  ، تلخيص أخلاق أرسطو   ، مرجع سابق، ص208.

[28]– العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد، مرجع سابق.

[29]–  حقيقة العدالة والظلم عند ابن رشد، مرجع سابق.

[30]– هذا مايفسّر، حسب المصباحي، أنّ واضع الشرائع مختلف مع ذلك مع واضع مبادئ الأخلاق’ عند ابن رشد’ فواضع الشرائع يقوم بتشريع الجزئيات وهي كثيرة ولانهائية وواضع مبادئ الأخلاق ينهض بتشريع الأوائل والكليات وهي محدودة ” حقيقة العدالة والظلم عند ابن رشد ”

[31]– ابن رشد، تلخيص الأخلاق، مرجع سابق، ص 244.

[32]– المرجع نفسه.

[33]– العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد، مرجع سابق.

[34]– تلخيص الأخلاق   مرجع سابق،ص244.

[35]– المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

[36]– العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد، مرجع سابق.

[37]– المرجع نفسه.

[38]– الضروري في السياسة، مرجع سابق، ص117.

[39]– قيمة العدالة والظلم عند ابن رشد، مرجع سابق.

[40]– العدالة بين السياسة والأخلاق عند ابن رشد.

[41]– العدالة وتعدّد العقل والعقلانية لدى أمارتيا صن  ضمن” سؤال العدالة ”، مرجع سابق ، ص43-44.

[42]– إمام، عبد الفتاح إمام، الأخلاق والسياسة، دراسة  في فلسفة الحكم، المجلس الأعلى للثقافة، ص 10-11.

[43]– هاشمي، محمد، من تقديم لمقاله المترجم” في مفهوم العدالة”، جون راولز، مجلة مدارات فلسفية، العدد 13، 2006

[44]– صن أمارتيا فكرة العدالة، ترجمة مازن جندلي، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، الطبعة الأولى، 2010، ص108.

[45]– المصباحي، العدالة وتعدد العقل والعقلانية، ضمن ”سؤال العدالة” مرجع سابق، ص40.

[46]– المرجع نفسه، ص39.

[47]– حنفي مصطفى، ، من مقال :  من كانط إلى جون رولز، الثابت الأخلاقي والمتغير السياسي في نظرية العدالة، مجلة كلية العلوم الإسلامية، الصراط، السنة التاسعة، العدد 15 /، 2007.            

[48]– يشير حنفي  مصطفى إلى أن ” تقرير هذا القانون ( الكانطي) على مقتضى قاعدته الكلية  يبدو فيها لهذا المبدأ ( وكأنه تطبيق للفكرة التي دافع عنها روسو  في الاستدلال على مبدإ العدالة  في العقد الاجتماعي، وذلك بالمعنى الذي تكون  فيه الحرية هي نفسها ”طاعة القانون الذي يعينه الإنسان لنفسه ‘ وتكون دلالة التعاقد  بمثابة إعلان عن تخلي مجموعة  من الأفراد  عن حريتها الخارجية لتسترجعها في الوقت نفسه كأعضاء في المتحد الجماعي”   مصطفى حنفي، من مقال :  من كانط إلى جون رولز، الثابت الأخلاقي والمتغير السياسي في نظرية العدالة، مجلة كلية العلوم الإسلامية، الصراط، السنة التاسعة، العدد 15، 2007

[49]– أمارتيا صن، فكرة العدالة،  م .س، ص102.

[50]– المرجع نفسه، ص102-103.

[51]– العدالة وتعدد العقل والعقلانية لدى أمارتيا صن، ضمن   ”سؤال العدالة ‘‘ مرجع سابق، ص51.

[52]– المرجع نفسه، ص 56/57.

[53]– المصباحي، محاضرة العدالة بين السياسة والأخلاق.  يستشهد صن هنا بنموذج الديمقراطية التي لها في نظره تاريخ جليل  في الشرق الأوسط  ويشهد على هذا مثلا ؛ أنّ الفيلسوف اليهودي ابن ميمون  عندما أجبر على الهجرة من الأندلس [المسلمة] في القرن 12 الميلادي نتيجة لقيام نظام حكم غير متسامح  أو أقل تسامحا من الأنظمة السياسية السابقة، فإنه لم يلجأ  إلى أوروبا  بل لجأ إلى مملكة إسلامية متسامحة في العالم العربي منحته وظيفة شرفية في بلاط الإمبراطور صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة.  فكرة العدالة، ص469.

[54]– ”فكرة العدالة” مرجع سابق، ص42.

[55]– المرجع نفسه ص56.

[56]– Pelle Sophie,   la morale   ‘’déontologique’’   selon le Dictionnaire des notions philosophiques   vient du mot ‘’déontologie’’ qui vient aussi      (du grec deon _ deontos et logos) désigne des règles, devoirs, obligations, ce qu’il faut faire . Ethimologiquement il est presque synonyme de ‘’morale ou d’éthique’’  (Durant ,1990 ,p 597).

Par contre la morale téléologique ;selon  pelle Sophie; elle désigne les perspectives anthropomorphiques du monde pour lesquelles ce dernier évolue selon un dessein particulier . Pelle Sophie: Amartya sen / la possibilité d’une éthique économique rationnelle p 270 _ 271 / l’archive ouverte pluridisciplinaire Hal 2 septembre 2010.

[57]– Denis Maguain / Les Théories de la justice distributives post- Rawlsiennes / Revue économique /No 2 /2002/vol 53.

 في إطار مقارنته بين ”التيليولوجيا ” و”الديونطولوجيا” في الفلسفات السياسية يرى الأستاذ مصطفى حنفي أنّ ما يميز النظريات التيليولوجية هو أنها لا تقيم الفعل من جهة المبدأ أو القاعدة المحددة له، وإنما من خلال النتائج التي من شأنها أن تترتب عنه، كما تقول بذلك نظريات المنفعة والمذاهب الأخلاقية الفلسفية القائمة على مبدأ الكمال والسعادة (كما هو الحال مثلا عند ابن رشد) . بخلاف ذلك فإنّ الديونتولوجيا، كما تحضر مثلا عند جون رولز، تؤكّد على أسبقية العدل والحق على الاعتبارات المتعلقة بالخير والسعادة وترجمة ذلك أن قيمة الفعل لا تتحدد من خلال النتائج التي تنتج عنه وإنما من مدى توافقه مع قناعاتنا الراسخة حول العدل والحرية والمساواة . من مقال: من كانط إلى جون رولز، الثابت الأخلاقي والمتغير السياسي في نظرية العدالة، مجلة كلية العلوم الإسلامية، الصراط، السنة التاسعة، العدد 15، 2007.

فازيو  نبيل ، العدالة بما هي رهان عمومي، ضمن سؤال العدالة، مرجع سابق، ص 73[58]

[59]– العدالة وتعدّد العقل والعقلانية عند أمارتيا صن، ضمن ”سؤال العدالة’‘ ص57.

[60]– فكرة العدالة، مرجع سابق، ص44.

[61]– العدالة وتعدد العقل والعقلانية   عند أمارتيا صن، ضمن” سؤال العدالة” ص46.

[62]– المرجع نفسه ص59.

[63]– المرجع السابق، ص57.

[64]– العدالة من منظور القدرات والحريات لدى صن مرجع سابق.

[65] .  يعتبر صن القدرة سمة مركزية في الحياة البشرية وتعني عنده، حسب المصباحي، ”الاقتدار على فعل شيء أو  القيام به أو أنها مجموع الوظائف والأفعال التي يملكها الإنسان بالقوة (بالمعنى الأرسطي )وقادر على استعمالها وتفعيلها متى شاء وفي أي غرض شاء. وهذا معناه أن القدرة فرصة وإمكان حقيقي بحرية الاختيار والإنجاز، مما يعني أنها تنطوي في نفس الوقت على بعد الفعالية وعلى بعد الإمكان أو الفرص الممكنة” عن مقال: العدالة من منظور القدرات والحريات  لدى صن  م س

[66]– العدالة من منظور القدرات والحريات لدى صن، مرجع سابق.

[67]– العدالة وتعدد العقل والعقلانية لدى صن، ضمن ”سؤال العدالة”، ص53.

[68]– المرجع نفسه، ص59.

[69]– المرجع نفسه، ص51.

[70]– المرجع نفسه،ص51- 52.

[71]–  المرجع نفسه، ص54.

[72]– هذا ما يؤكده الإمام الغزالي مثلا عندما يقول بأن الله” سبحانه وتعالى لا موجود سواه إلا وهو حادث بفعله وفائض من عدله على أحسن الوجوه وأكملها وأتمها وأعدلها”. ورد هذا القول في كتاب : محمد المصباحي، الذات في الفكر العربي الإسلامي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، الطبعة الأولى 2017، ص240.

[73]– فكرة العدالة، ص338.

[74]– المرجع نفسه، ص334.

[75]– العدالة من منظور القدرات والحريات عند صن، مرجع سابق.

[76]– المرجع نفسه.

[77]– Pelle Sophie: Amartya sen, la possibilité d’une éthique économique rationnelle, l’archive ouverte pluridisciplinaire, Hal 2, septembre 2010, p.9.

[78]– المصباحي محمد، الذات في الفكر العربي الإسلامي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، الطبعة الأولى، 2017، ص27

[79]– يفسّر المصباحي عدم اكتراث ابن رشد بشريعة الوحي المتصلة بالعدالة بأنّه يعرب عن تخليه عن فكرة اتصال الحكمة بالشريعة فيما يخص مسألة العدالة وهو تخل من بين أسبابه المحتملة هو أنّ كتاب تلخيص الأخلاق   في نسخته الحالة أي كترجمة عن اللغة العبرية قد لا يكون مؤلّفه هو ابن رشد.  ”قيمة العدالة والظلم عند ابن رشد. ” مرجع سابق.

[80]– نفسه. يرى الجابري أن ما يؤكد هذا الربط الرشدي للعدالة بشؤون البشر، هو أنّ ابن رشد يبدو في كتابه ”الضروري في السياسة” ” يندّد بجميع أشكال التسلط والاستبداد، وينشد الإصلاح في الحكم والسياسة كما نشده في العقيدة الدينية والعلم والفلسفة ”   الجابري، مدخل ” الضروري في السياسة ”، مرجع سابق، ص 27

[81]– قيمة العدالة والظلم عند ابن رشد،  مرجع سابق.

[82]– بنعدي يوسف، مسألة العدالة عند الفارابي وابن رشد، دور النفس في القول الفلسفي العدل، مجلة التفاهم : عدد28، 2020.

[83]– المصباحي، من مقدّمة ”سؤال العدالة” مرجع سابق، ص7.

[84]– العدالة وتعدّد العقل والعقلانية لدى صن، ضمن كتاب سؤال العدالة، مرجع سابق،  ص40.

[85]– المصباحي محمد، تغريدة فايسبوكية بتاريخ 28ابريل 2021.

[86]– المصباحي محمد، أوجه التقابل بين الديمقراطية والإسلام السياسي، (مقال غير منشور).

[87]– حسين مجدي عز الدين، قراءة في طرح ”ما بعد العلمانية” مجلة دراسات فلسفية، العدد 11 نوفمبر 2018.  ص59- 74.

مقالات أخرى

الشّعر الشّعبيّ التّونسيّ

التخييل والواقع في سرد محمد حياوي أو الوطن واقعا وتخييلا

الطيب التيزيني متجلياً في الذاكرة حاضرٌ أبداً في الوجدان

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد