دوافع العلاقات بين الأطفال في المدرسة: من التّشخيص إلى الوقاية من المخاطر النفسية الاجتماعية

دوافع العلاقات بين الأطفال

الملخّص

هذه الدراسة هي وقفة لإعادة قراءة جانب من نتائج بحث ميداني أجريناه حول مظاهر تطور العلاقات بين المتعلمين في جماعة الفصل الدراسي، موظفين في ذلك المقاربة السوسيومترية وأدواتها. ونظرا لكون طبيعة البحث –الذي نعيد هنا قراءة بعض معطياته الميدانية- كانت ذات بعد تطوري، حيث هم عينة من المتعلمين تجاوزت 700 تلميذ وتلميذة، امتدت مستوياتهم الدراسية من التعليم الأولي إلى مستوى القسم السادس من التعليم الأساسي، فإن العديد من التساؤلات التي تشكل امتدادا للبحث ظلت تطاردنا، ولم يكن من الممكن مناقشتها حينها، على رأسها تجليات دوافع العلاقات بين الأطفال، وعلاقتها بالمخاطر النفسية الاجتماعية للمتعلم بالمدرسة، وكيف يمكن الاسهام في إرساء جو نفسي اجتماعي سليم.

فالحديث عن المخاطر النفسية الاجتماعية والبحث عن وسائل الوقاية منها موضوع مألوف في تدبير المقاولات والمؤسسات الصناعية، ومندمج ضمن مفردات استراتيجياتها، لكن على مستوى المؤسسات التربوية، لا نجد ما يكفي من الدراسات –على الأقل في العالم العربي- في الموضوع، خصوصا ما يتعلق في هذه المخاطر بالعلاقات بين المتعلمين في الفضاء المدرسي. من هنا ارتأينا أن نطرح الموضوع هنا كقراءة في دوافع العلاقات بين المتعلمين من خلال معطيات ميدانية، وتقديم محاور للاشتغال مع بعض المقترحات التي يمكن للباحثين وكل المهتمين استثمارها عند بناء وبلورة أية استراتيجية وقائية في الموضوع، وقد رتبنا هذه المقترحات في محاور ثلاث: محور بناء المناهيج والبرامج الدراسية، محور الكتابة والتأليف للأطفال والمراهقين، ثم محور تكوين الأطر التربوية والإدارية.

Abstract

This study is an essay to re-read part of the results of field research we conducted on the aspects of the development of relationships between learners in the classroom groups, using socio-metrics and its tools as an approach. In regard of the nature of the research, which had an evolutionary dimension, a sample of learners that exceeded 700 male and female students, whose academic levels extended from elementary education to the level of the sixth grade of basic education, was summoned for investigation. However, many questions, which constitute an extension of the research, continued to haunt us, and it was not possible to discuss them at the time, have turned to be beneficial at last. This study sought to investigate: the manifestations of the motives for relationships between children, its relationship to the psychosocial risks of the school learner, and their relationship to psychological risks, the social education of the school learner, and how it can contribute to establishing a healthy psychosocial atmosphere.


مقدمة:

 في هذه الدراسة سنحاول إعادة قراءة جانب من نتائج بحث ميداني أجريناه حول مظاهر تطور العلاقات بين المتعلمين في جماعة الفصل الدراسي، موظفي نفي ذلك المقاربة السوسيومترية بمختلف أدواتها. ونظرا لكون طبيعة البحث –الذي نعيد قراءة بعض معطياته الميدانية هنا- كانت ذات بعد تطوري، حيث هم عينة من المتعلمين تجاوزت 700 تلميذة وتلميذ، تمتد مستوياتهم الدراسية من التعليم الأولي (خمس سنوات في العمر) إلى مستوى القسم السادس من التعليم الأساسي ( وصل لدى بعض أفراد العينة إلى خمس عشرة سنة)، فإن طبيعة التساؤلات التي طرحها، والفرضيات التي اقترحها طالت مجموعة من المستويات في تطور العلاقات بجماعة الفصل، ولم يكن ممكنا قراءتها خارج المنظور التطوري الذي اخترناه في البحث، نظرا لتشعب وتعدد المستويات التي ركزت عليها أطروحة البحث، وهي مستويات صغناها وفق هندسة عامة يمكن – للتذكير فقط- تلخيصها في الخطاطة التالية (جدول رقم 1).

وإذا كانت مساهمتنا ستقتصر فقط على إعادة قراءة نتائج مستوى دوافع ومحفزات العلاقات في جماعة الفصل (المشار إليها باللون الأزرق في الشكل السابق)، سواء منها دوافع علاقات الانجذاب أو دوافع علاقات
النفور، فإن أهمية هذه القراءة تندرج ضمن توجه لاستشراف جانب من جوانب تطوير آفاق هذا البحث، والانفتاح به على مواقع جديدة مرتبطة بموضوع تفاعل وتطور العلاقات الإنسانية، ولقد تطلب منا هذا الانفتاح استحضار إسهامات نظرية في تخصصات متعددة لم تكن ضمن اهتمامنا العلمي من قبل، وتناولت محاور شكلت موضوع دراسات طبية، وأبحاث نفسية واجتماعية، وتقارير تنموية وحقوقية، تحت عناوين مختلفة، تتعلق تارة بالوقاية من المخاطر النفسية الاجتماعية عموما، أو الوقاية من بعض الظواهر الشائعة في مقرات العمل كالتحرش والعنف[1]، وتارة أخرى بتحسين جودة الحياة وظروف العمل[2]، وأحيانا تركز على المرافعة لضمان الحق في الأمن والصحة بالعمل[3]، ويمكن أن يخلص بعضها إلى بلورة توجيهات لاختيار طرق التدبير الناجعة، [4]. غير أننا نسجل أن هذه الإسهامات العلمية والجد مفيدة، للأسف تركز اهتمامها فقط على دراسة شروط العمل وتحسين ظروفه في المقاولات والمؤسسات الصناعية، أي انصبت بالدرجة الأولى على المؤسسات المنتمية للقطاع الخاص، في حين نعتبر أن نفس مجالات الاهتمام العلمي ينبغي أن تطال أيضا شروط العمل في كل القطاعات المهنية المصنفة ضمن الوظيفة العمومية، وضمنها طبعا قطاع التربية والتكوين، بما فيهام ن موارد بشرية على اختلافها، وما يرتبط بها من فاعلين ومتدخلين ومستفيدين من خدمات هذه المؤسسات (أساتذة، أطر إدارية، تلاميذ..).

اضغط هنا لمشاهدة الجدول (1)

وقد ارتأينا تنظيم وتقديم هذه الدراسة وفق ثلاثة محاور:

الأول نوضح فيه بعض المنطلقات التي نعتبرها تأطيرا نظريا ومنهجيا لهذه الدراسة، ويحدد سياق إعدادها، ويبرز انسجامها مع موضوع الوقاية من المخاطر النفسية الاجتماعية في الفصل الدراسي.

الثاني نذكر فيه ببعض نتائج الدراسة الميدانية التي أجريناها حول دوافع العلاقات بين المتعلمين في جماعة الفصل الدراسي، باعتبارها منبعا للمخاطر النفسية الاجتماعية، وأيضا يمكن أن تكون منطلقا للوقاية من هذه المخاطر.

الثالث نحلل من خلاله الأبعاد الممكن الارتكاز عليها في هذه الدوافع، بهدف الوقاية من المخاطر النفسية الاجتماعية في جماعة الفصل الدراسي، مع بلورة بعض التوصيات بصددها.

منطلقات نظرية ومنهجية:

تنطلق هذه الدراسة بداية من تعريف منظمة الصحة العالمية لمفهوم “الصحة”، الذي أعتبره شعارا مغريا لم يفقد جاذبيته رغم مرور أزيد من ستين سنة على تبنيه في ديباجة دستورها، والذي ينص على أن “الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنيًا وعقليًا واجتماعيًا، وليس مجرد انعدام المرض أو العجز”[5]. وتتجلى أهمية هذا التعريف من خلال ما يتميز به من شمولية ومرونة وانفتاح، شمولية جعلته مستوعبا لمفهوم الصحة في أبعادها البدنية والعقلية والنفسية الاجتماعية. ومرونة وانفتاح تؤهله لاحتضان كل ما يمكن أن تتوصل إليه المجتمعات من تطور ومعارف في العلوم الطبية والنفسية لبلوغ أعلى المستويات الصحية. فالصحة في شموليتها (بدنيا، عقليا، نفسيا..) ليست ترفا، بل إن “التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة، هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان ودون تمييز..”[6]. ويهمنا في هذا المنطلق أولا تأكيده على الأهمية التي ينبغي أن تعطى للصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي كبعد من أبعاد اكتمال سلامة وصحة الأفراد، وثانيا اعتباره ذلك من الحقوق الأساسية التي ينبغي أن تضمن لهم وبدون أي تمييز، وثالثا الاقتناع الذي تؤكده العديد من الدراسات بكون النجاح في تحقيق ذلك سيساهم بفعالية في تطوير مردودية المؤسسات التي ينتمي أو يشتغل فيها هؤلاء الأفراد.

من المنطلقات النظرية التي نستحضرها أيضا إسهامات علم نفس الشغل[7] والأرغونوميا[8]. ونؤكد هنا أن هذه الدراسة تتناغم نسبيا مع اتجاه حاضر في مجموعة من الدراسات، مفاده الاقتناع بكون العمل التربوي في الفصل الدراسي هو نشاط مهني بامتياز[9]، ومن تمحرصه إلى إخضاع نشاط المدرس أو عمله للتحليل عبر الرصيد الهام من الأدوات والمفاهيم الموظفة في علم نفس الشغل والأرغونوميا. فمهنة التدريس وما يحيط بها من أنشطة–كباقي المهن إن لم نقل على رأسها- يتعرض الفاعلون فيها باستمرار للضغط النفسي، وتنتابها المخاطر النفسية الاجتماعية risques psychosociaux، ويمكن أن يصل ذلك إلى الاحتراق النفسي أو أبعد من ذلك.

غير أن الدراسات القليلة التي تمكنا من الحصول عليها، والتي حاولت الانفتاح بأدوات ومفاهيم الأرغونوميا وعلم نفس الشغل على مجال التربية والتكوين، توقف اهتمامها فقط عند المدرس كفاعل في سيرورة العمل التربوي[10]، وجعلت منه المعني الوحيد بهذا التحليل، في حين نرى أن فعاليات نشاط المتعلم–طفلا كان أم مراهقا- ودينامية علاقاته في إطار جماعة الفصل الدراسي، هي أيضا معنية بهذا التحليل، فالمتعلم بدوره عرضة لضغوط نفسية اجتماعية، يمكن مع شدة واستمرارية وثيرتها أن تفقد لديه الاهتمام بالدراسة والمدرسة ككل، وتضعف لديه حوافز بذل أي مجهود في التعلم، وتشل قدرته على التركيز والعطاء، ويترتب طبعا عن كل ذلك تدني مردودية المتعلمين كأفراد، وأيضا كأعضاء داخل جماعة فصل ينتمي لمؤسسة تربوية محددة، خصوصا حينما تنعدم البنيات والهيئات-كما هو واقع بالمغرب- التي يفترض فيها تقديم الدعم النفسي والاجتماعي في الفضاء المدرسي والأسري.

استنادا إلى الفقرة السابقة، يمكن أن نقف عند مجموعة من الظواهر والقضايا بالمؤسسات المدرسية، تشغل بال المدرسين والمسؤولين التربويين، وتتطلب مقاربة نفسية اجتماعية من أجل فهمها، وهي ظواهر متعددة التجليات، منها ما هو سلوكي: الانسحاب وعدم المشاركة بالفصل الدراسي، عدم الاهتمام بالواجبات والأدوات المدرسية، كثرة التأخرات والتغيبات، تراجع نتائج التحصيل الدراسي، العنف اتجاه زملاء الدراسة واتجاه المدرسين..، ومنها ما هو انفعالي وجداني: سرعة الغضب، الخوف والقلق، الشعور بالإحباط واليأس، الاكتئاب، تبخيس واحتقار للذات، الشعور بالعجز والفشل..، ومنها ما هو معرفي: تشتت الانتباه، ضعف التركيز، ضعف قدرات التذكر..، ومنها ما هو جسمي: اضطرابات في النوم، سرعة التعب، آلام بالمعدة والرأس… ورغم ما يمكن أن يلاحظ على هذه المظاهر من كون أغلبها تعبر عن سيرورات نفسية فردية بعيدة عما هو نفسي اجتماعي، فإن التعارض بين ما هو فردي وما هو جماعي يفقد وجاهته حسب فرويد Freudفي كل وضعية يحضر فيها الآخر في حياة الفرد، علما أن ” الآخر حاضر باستمرار في حياة الفرد، حاضر كنموذج وقدوة، أو حاضر كموضوع، أو كشريك، أو كخصم..، فموقف الفرد اتجاه أبويه، إخوانه وأخواته، الشخص الذي يحبه، طبيبه، وباختصار كل العلاقات التي هي موضوع دراسة في التحليل النفسي هي ظواهر اجتماعية..”[11] ، ويستثني فرويد فقط “السيرورات النفسية التي يصفها بالنرجسية، لأن إشباع الحاجات والرغبات فيها يتم بعيدا وفي استقلالية عن الأشخاص الآخرين”[12] .

إيمانا منا بأهمية دراسة العلاقات بين المتعلمين في جماعة الفصل الدراسي، واقتناعا بأثر دينامية هذه العلاقات على الجو النفسي الاجتماعي بالفصل، وعلى تماسك ومردودية الأفراد، اخترنا دراسة دوافع وحوافز هذه العلاقات على اعتبار أن هذا التوجه هو بحث في جذورها، ورصد للحوافز المحركة لها، وجرد للأسباب التي تخلق الظواهر التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة. وهو أيضا استباق توقعي لمختلف العوامل التي يمكن أن تشكل مصدرا للمخاطر النفسية الاجتماعية في علاقات أعضاء جماعة الفصل. لقد جرت العادة في أن يتم الانتباه لمجموعة من الظواهر السلبية بالمؤسسات التربوية بعد أن تقع، وأحيانا بعد أن تستفحل، فينشغل المتدخلون بالأعراض وليس بالآليات المنتجة لها. فإذا أخدنا ظاهرة العنف مثلا “في المؤسسات المدرسية فإنه يبدأ الاهتمام به بعد أن يقع، وحينها فقط نلجأ إلى إرساء إجراءات وقائية بعد أن نكون قد عشنا حالات من العدوانية والعنف الخطيرة[13]، وهذا ما يفرض ضرورة تبني مقاربة وقائية واستباقية، ترصد دينامية العلاقات التي تنشأ بين المتعلمين في الفضاء المدرسي، وتتتبع دوافعها ومختلف مظاهر تطورها، وتقدم اقتراحات عملية لحل الصراعات الحاصلة أو الممكنة بهدف تحصينها وتحسين بنائها.

انطلاقا من أهمية ووجاهة تحقيق الأغراض المشار إليها في الفقرات السابقة، فقد اقتنعنا منهجيا بتوظيف الاختبار السوسيومتري كأداة لاستكشاف ورسم خريطة العلاقات في جماعة الفصل، واستخلاص أهم السلوكات والتصرفات والمواقف التي تساهم في تحسين أو تسميم العلاقات بين المتعلمين، مع تتبع تطوراتها ورصد تجلياتها. وتركزت أسئلة هذا الاختبار على الحوافز والدوافع التي تساهم في تمتين العلاقات بين المتعلمين، وتلك التي تؤدي إلى توترها وتصدعها. وانطلقنا في طرحها من وضعيات علائقية واقعية يحدد المتعلم بحرية من خلالها من يفضل أن يرافقه فيها، ومن لا يريده أن يصاحبه خلالها، مع تبيان الأسباب التي تقف وراء كل اختيار أو رفض. ارتبطت الوضعية الأولى بنشاط يتعلق بالعمل، ويتطلب تعاونا مشتركا بين المتعلمين، أما الوضعية الثانية فتعلقت بنشاط ذا بعد ترفيهي وترويحي. وتتجلى أهمية هذه الأسئلة على بساطتها في كونها ترتبط بوضعيات علائقية معيشة بين المتعلمين، تحثهم على التعبير عن الدوافع التي تقف وراء تماسك العلاقة فيما بينهم، أو تلك التي تقف وراء تصدعها. ويمكن تلخيص بروتوكول الأسئلة في كل وضعية كالتالي:

الوضعية الأولى:

  • نطلب فيها من كل متعلم أن يحدد على الأكثر ثلاثة أسماء –من زملائه وزميلاته- الذين يفضل أن يكونوا معه في مجموعة أو فريق للدراسة بالفصل.
  • كل اسم يختاره نطلب منه أن يبين لماذا فضل اختياره ليكون معه في الفريق أو المجموعة؟
  • نطلب منه أيضا أن يحدد على الأكثر ثلاثة أسماء –من زملائه وزميلاته- الذين لا يفضل أن يكونوا معه في مجموعة أو فريق للدراسة بالفصل.
  • كل اسم يتم تسجيله نطلب منه أن يبين لماذا لا يفضل أن يكون معه في الفريق أو المجموعة؟

الوضعية الثانية:

  • نطلب فيها من كل متعلم أن يحدد على الأكثر ثلاثة أسماء –من زملائه وزميلاته- يفضل أن يكونوا معه في فترة الاستراحة، أو في نشاط اللعب أو في رحلة مدرسية.
  • كل اسم يختاره نطلب منه أن يبين لماذا فضل اختياره ليكون معه في ذلك النشاط؟
  • نطلب منه أيضا أن يحدد على الأكثر ثلاثة أسماء –من زملائه وزميلاته- الذين لا يفضل أن يكونوا معه في فترة الاستراحة، أو في نشاط اللعب أو في رحلة مدرسية.
  • كل اسم يتم تسجيله نطلب منه أن يبين لماذا لا يفضل أن يكون معه في ذلك النشاط.

ونشير إلى أن النتائج التي نعرضها هنا تتعلق بأجوبة أفراد العينة عن الأسئلة: 2، 4، 6 و8. فهي الأسئلة المفتوحة المطلوب فيها من كل فرد في العينة أن يبين حيثيات اختياره لكل زميل من زملائه في نشاط كل وضعية من الوضعيتين السالفتين، وكذلك الأسباب والدواعي التي تجعله ينفر من زملاء له آخرين في نفس النشاط.

دوافع العلاقات في جماعة الفصل الدراسي، نتائج دراسة سوسيومترية:

في معالجتنا لمعطيات الأجوبة الخاصة بهذه الأسئلة، استعملنا طريقة تحليل المضمون لأجوبة المتعلمين، واستخلصنا ثم صنفنا وحدات التحليل من مثن هذه الأجوبة لكي تكون قابلة للإحصاء والتكميم، وبعد تحليل وتصنيف هذه الوحدات، توصلنا إلى بناء شبكة قمنا بتفريغ المعطيات فيها. ضم تهذه الشبكة ثلاث فئات من دوافع العلاقات التي تم استنتاجها وتصنيفها وفق منظور تطوري ارتقائي، وهي كالتالي:

الفئة الأولى تضم دوافع ذات طابع آني ونفعي، وتتعلق بأحداث متزامنة مع تمرير الاختبار، أو وقعت في وقت قريب، أو بأسباب تمكن المتعلم من تحقيق منافع مادية مباشرة وملموسة. تسود هذه الفئة من الدوافع على الخصوص في المرحلة العمرية الممتدة من 5 إلى 9 سنوات.

الفئة الثانية تتعلق بدوافع تعاقدية أو تشاركية، وتظهر كمؤشر لظهور شكل جديد من العلاقة يتم التأكيد فيه على التكافؤية والندية، وهي دوافع وجدنا المتعلمين يحرصون عليها فيما بينهم خلال المرحلة العمرية8/10 سنوات.

أما الفئة الثالثة من الدوافع، فهي ذات بعد قيمي أخلاقي، وهي تميز المرحلة العمرية 10/15 سنة، حيث تتبلور الدوافع التي يفسر من خلالها المتعلمون طبيعة علاقتهم مع زملائهم بسلسلة من الصفات والقيم الأخلاقية والمجردة.

ولقد خلصنا أيضا –واعتمادا دائما على معطيات أجوبة المتعلمين أنفسهم- إلى التمييز داخل كل فئة من الفئات الثلاث السابقة بين عدة بنود، هي في الأصل عبارة عن أمثلة لوحدات التحليل التي اعتمدناها، وفي إطارها قمنا بتفريغ أجوبة المتعلمين. وسنعرض النتائج الخاصة بها في بعدها الكمي قبل الوقوف عند قراءتها نوعيا من خلال استعراض عينات منها، والتي تمثل لنماذج من أجوبة المتعلمين. نعرضها في جدولين: الأول نخصصه لدوافع الانجذاب المساهمة في بناء العلاقة بين المتعلمين في جماعة الفصل، والتي تيسر العيش المشترك بينهم في انسجام، وميزنا -في الجدول المتعلق بها- بين وضعية العمل ووضعية الترفيه. والجدول الثاني خاص بدوافع النفور التي تساهم في تصدع علاقاتهم في العمل والترفيه، والتي تشكل الجذور الأولية -من وجهة نظرنا-للمخاطر النفسية الاجتماعية، والتي يمكن أن تساهم في ظهور أعراض أو سلوكات تعاني منها المؤسسات التربوية، التنمر والتحرش والعنف أمثلة لها.

وإذا انتقلنا من عرضا لنتائج الكمية الواردة في الجدول(2)، إلى قراءة سريعة لهذه الدوافع من خلال الفئات الثلاث المقترحة في شبكة تحليل المضمون، ومن خلال البنود التفصيلية لكل فئة منها، فإننا نجد أن العطاء والهدية بين الأطفال يأخذ أكثر من 50% من مجموع وحدات الدوافع الآنية لدى أطفال التعليم الأولي، سواء تعلق الأمر بدوافع علاقات العمل أو الترفيه، فالطفل في هذا السن يفضل زميلا له لأنه “يذوقني معه”، “يعطيني لعبته”، “يعطيني الطباشير”، “يعطيني الممحاة”… ويأتي بعد العطاء والهدية الإشراك في اللعب ثم تقديم المساعدة: ” يلعب معي” و “يساعدني” أو” تيوريني”[14].

وإذا كانت الفئة الأولى من دوافع العلاقات بين المتعلمين في مرحلة التعليم الأولي (4-5 سنوات) هي دوافع نفعية وملموسة، ولها حضور قوي حيث تصل إلى حوالي 80% من مجموع الدوافع، فإن فئتي الدوافع التشاركية والقيمية على ضعف نسبتهما تتعلق ب “نسكن في عمارة واحدة”، “نسير في نفس الطريق”، “نجلس في طاولة واحدة”، “نلعب معا في الساحة”، “يحبني وأحبه “بالنسبة للدوافع التشاركية. و”يعرف القراءة، مجتهد، جميل، قوي” بالنسبة للدوافع القيمية المجردة.

اضغط هنا لمشاهدة الجدول (2)

أما أطفال القسم الأول من التعليم الأساسي (6-7 سنوات)، فرغم أن نسبة الدوافع الآنية تظل مرتفعة متجاوزة نسبة 60%، فإنها تختلف اختلافا نوعيا طفيفا عما لاحظناه لدى أطفال التعليم الأولي، حيث تغطي دوافع تقديم المساعدة حوالي 50% من مجموع الدوافع، ” يساعدني في القراءة، في الكتابة، يراجع معي…”. يليها الإشراك في اللعب” يلعب معي”، ثم العطاء والهدية “يذوقني، يعطيني الأدوات، يعطيني كل ما أحتاجه”، كما تظهر أيضا دوافع الحماية والأمن” يدافع عني، لا يضربني”. أما الدوافع التشاركية فترتبط على الخصوص بالاشتراك في المكان والتجاور، “يجلس معي في الطاولة، يسكن معي في الحي، يسير معي في الطريق إلى المدرسة”. أما الدوافع القيمية فتتركز غالبا على قيمة الاجتهاد في الدراسة “مجتهد، يقرأ جيدا، يحفظ دروسه”.

وبانتقالنا إلى القسم الثاني من التعليم الأساسي (7-8 سنوات)، نلاحظ أن نسبة الدوافع الآنية تتساوى تقريبا مع نسبة الدوافع التشاركية، وذلك بتزايد نسبة هذه الأخيرة على حساب الأولى. وتتدرج مكونات بنود الدوافع الآنية حسب الأهمية على التوالي كالآتي: تقديم المساعدة “يساعدني في القراءة، الدراسة…”، اللطف في المعاملة “ظريف معي”، العطاء والهدية “يعطيني الأدوات المدرسية، يعطيني الشكلاط، يسلفني الدراهم..”، يكلمني، لا يتخاصم معي…”، الإشراك في اللعب “يلعب معي”، الحماية والدفاع “لا يضربني”. والملاحظ أننا هنا أمام دوافع غير متمركزة في بند أو بندين بل هي موزعة على خمسة بنود من فئة الدوافع الآنية. وهي نفس الملاحظة المسجلة على الدوافع التشاركية، ولكن يحتل البند الخاص بالاشتراك في اللعب أكثر من 40% من هذه الفئة “نلعب معا”، فالاشتراك في العمل المدرسي “نتعاون في الدراسة”، ثم الاشتراك في المكان والتقارب” ندرس جميعا، نسكن معا بالخيرية[15]، يسكن قربنا، يجلس بجانبي، نقف معا في الساحة، يرافقني في الطريق”… أما الدوافع القيمية، فيظل الإعجاب باجتهاد الآخر وبنتائجه الدراسية والتعبير عن الموقف العاطفي منه المكونيين الوحيدين في هذه الفئة، “مجتهد” و”جميل، أحبه، صديقي العزيز، صديقي الوفي، عزيز علي..”.

 أما إذا انتقلنا إلى القسم الثالث من التعليم الأساسي(9-10 سنوات)، والذي نجد فيه الدوافع القيمية والأخلاقية المجردة تحتل أكثر من 50%، ويتوزع الباقي بالتساوي تقريبا بين الدوافع الآنية والدوافع التشاركية 25% و 20%، فإن التركيز ينصب على حسن المعاملة وتقديم المساعدة بالنسبة للدوافع الآنية، وفي الدوافع التشاركية نجد استمرار أهمية الاشتراك في أنشطة اللعب والتجاور أو الاشتراك في المكان، ويضاف إليهما دوافع تعبر عن الشعور الوجداني بالانتماء لنفس الأسرة ” يعاملني كأخيه، كأننا إخوة، هو مثل أخي…”.أما الدوافع القيمية والتي تبدأ من هذا المستوى قفزتها التطورية، فإنها تتوزع على عدة بنود مرتبة حسب الأهمية كالتالي: التعبير عن الإعجاب والانجذاب العاطفي للآخر :”أحبه، صديقي العزيز، جميل، عزيز علي، لا أرتاح في الذهاب إلى المدرسة إلا معه..”. تقدير صفات المرح والبشاشة المميزة للقرين: “نشيط، يضحكني”. واحترام بعض خصاله الأخلاقية ” وفي، يحب الخير للجميع، حنون، أخلاقه حسنة”. وتقدير تفوقه الدراسي “يدرس جيدا، مجتهد”. وحتى الإعجاب بقوته البدنية “سريع في الجري”.

أما بخصوص الأقسام الرابع والخامس والسادس من التعليم الأساسي (10-15 سنوات)، فالقاسم المشترك بينها هو تراجع نسبة الدوافع الآنية والتشاركية حيث تتراوح بين 6% و18% لكل منهما، غير أننا نلاحظ استمرار أثر اللطف في المعاملة، وتقديم المساعدة والاشتراك في أنشطة اللعب والدراسة على العلاقات بين الأقران في هذه المستويات، وإن كانت بنسب أقل مما سبق بالمستويات الدراسية الأولى. وبمقابل هذا التراجع في الدوافع الآنية أو بموازاته، نلاحظ أيضا ارتفاع نسبة الدوافع القيمية، حيث تتراوح بين 67% و83%. أما بالنسبة لمضمون القيم السائدة أكثر في العلاقات بين الأقران في هذه المستويات الدراسية، فهي بالإضافة إلى مستوى التحصيل الدراسي والإعجاب بجمال أو حسن الهيئة -وهي استمرار لما نجده في المستويات الدراسية السابقة- فإن قيما أخرى تبدأ تعرف الاهتمام، كالإشادة بالخصال والأخلاق الحسنة، ” مؤدب، أخلاقه حسنة…”، وبعض الصفات السلوكية العامة والمفضلة لدى التلاميذ، “صدوق، أمين، وفي، مخلص، متواضع…”.

أما بالنسبة للأسباب والدوافع التي تقف وراء تصدع العلاقات بين الأطفال، وتجعل بعضهم ينفر من البعض الآخر، فقد وضعنا لها شبكة لتفريغ النتائج وفق نفس منطق الإطار العامل شبكة دوافع الانجذاب، ويمكن تلخيص نتائج دوافع علاقات النفور في الجدول (3).

نلاحظ من خلال هذه النتائج، أن الدوافع الآنية بعدما تكون متجاوزة لنسبة 76% بالتعليم الأولي، تتراجع إلى أقل من 50% بالأقسام الأول والثاني والثالث، وأقل من 15% بالأقسام الرابع والخامس والسادس. ونجد من خلال الشبكة التفصيلية أعلاه لهذه الدوافع، أن البنود المرتبطة بالعطاء والهدية هي التي تقف أيضا وراء علاقات النفور، وتليها في الأهمية تلك المتعلقة بسوء المعاملة، فالطفل يرفض العمل واللعب مع آخر لأن هذا الأخير “لا يذوّقني” (أي لا يعطيني مما يأكل من حلويات)، ” يضربني، يدفعني، يسبني يخاصمني، لا يكلمني” ويأتي بعد ذلك في الأهمية المنع من اللعب: “لا يتركني ألعب معه”.

نلاحظ أيضا وجود تراجع في فئة الدوافع الآنية، بينما نسجل نوعا من التعويض لذلك من خلال تزايد نسبة الدوافع القيمية، حيث تنتقل من 17.12% بالتعليم الأولي، إلى أكثر من 52%، و37%، و44%، على التوالي بالأقسام الأول والثاني والثالث، وتواصل هذه النسبة في التزايد، حيث تتراوح بين 60% و80% بالأقسام الرابع والخامس والسادس. وإذا كان الطفل بالقسمين الأول والثاني يرفض قرينا له بسبب ضعف التحصيل الدراسي لهذا الأخير وهي نفس القيم -كما رأينا سابقا- التي تقف وراء دوافع علاقات الانجذاب، فإن القيم المتعلقة بالصفات الأخلاقية هي البارزة خصوصا بالقسمين الخامس والسادس، “غير مؤدب، غير متخلق، يسرق، كذاب، خائن، متكبر، أناني، مسموم…”

أما الدوافع التشاركية هنا، فتظل نسبيا ضعيفة مقارنة بالدوافع التشاركية في علاقات الانجذاب، حيث وصلت هناك إلى أكثر من 40% كأعلى مستوى لها بالقسم الثاني، بينما هي هنا تتراوح في أعلى مستوى لها بين 15% بالقسم الرابع و24% بالقسم الخامس. وكأن الطفل المغربي في علاقته بالآخر يحرص على البحث عن المشابه، ولا يغامر بالقبول بالعلاقة مع الآخر المخالف، وهذا يعني غياب علاقات اجتماعية تكاملية متفهمة للاختلاف، ومستعدة للاندماج عند وجوده.

اضغط هنا لمشاهدة الجدول (3)

أبعاد الوقاية من المخاطر النفسية الاجتماعية في جماعة الفصل الدراسي:

أصبح الحديث عن “الوقاية من المخاطر النفسية الاجتماعية” موضوعا مألوفا في تدبير المقاولات والمؤسسات الصناعية، وصار مندمجا ضمن مفردات استراتيجياتها، رغم أن بعض الباحثين يرى أن العديد من هذه المؤسسات يفتقر في الغالب لطرق وأدوات تساعد على الانخراط في برمجة خطط عملية لذلك[16]. لكن على مستوى المؤسسات التربوية، لا نجد ما يكفي من الدراسات عن هذه المخاطر النفسية الاجتماعية، خصوصا ما يتعلق من هذه المخاطر بالعلاقات بين المتعلمين في الفضاء المدرسي. لهذا ارتأينا أن نقدم مجموعة من المقترحات ومستويات للاشتغال، يمكن للباحثين وكل المهتمين استثمارها عند بناء وبلورة أية استراتيجية وقائية في الموضوع، وذلك استنادا لنتائج هذه الدراسة حول دوافع العلاقات في جماعة الفصل. ونشير إلى أن مستويات الاشتغال في هذه الاقتراحات تتطلب تعاونا جماعيا لتفعيلها، وتتوزع هذه المقترحات على مستويات متعددة، حصرناها في ثلاثة كالتالي:

مستوى بناء المناهيج والبرامج الدراسية، سواء ما يتعلق منها بتسطير الكفايات والأهداف، أو اختيار المضامين والأنشطة التربوية المرتبطة بها، أو انتقاء الوسائل المناسبة لها، مع تحديد صيغ التقويم والضبط المواكب لكل ذلك. فعبر مختلف هذه العمليات لبناء المناهيج والبرامج ينبغي أن نستحضر كفايات تستهدف تطوير المهارات الاجتماعية لدى الأطفال، وآليات التواصل بينهم والانفتاح على الآخرين، والعيش المشترك وتقبل الآخر والتسامح..، في كل الأسلاك والمستويات، فهي لا تقل أهمية عن باقي الكفايات والأهداف والأنشطة التي تحظى بعناية خاصة في المقررات.

غير الذي نريد التأكيد عليه من خلال نتائج الدراسة حول دوافع العلاقات بين المتعلمين، هو ضرورة اعتبار هذه الدوافع في تطورها عند بناء المناهيج والبرامج الدراسية عبر مختلف محطاتها. فإذا كانت قيم العطاء والهدية مثلا من دوافع بناء وتوطيد وتعزيز هذه العلاقات بينهم في مرحلة التعليم الأولي، فلابد من برمجة أنشطة تجعل المتعلمين في وضعيات تواصلية تسمح بذلك، بل تنبيه المربيات إلى تشجيع ذلك والمكافأة عليه…

وإذا كانت سوء المعاملة بين المتعلمين من أسباب تصدع العلاقات بينهم (يضربني، يدفعني، يسبني يخاصمني، لا يكلمني)، فينبغي للمربيات أن يتحلين بما يكفي من يقظة تربوية لمساعدة المتعلمين على حل الصراعات والنزاعات بينهم بدون اللجوء لمثل هذه السلوكات، ودعوتهم إلى إرساء آليات تمكنهم من ذلك، كالحوار والتسامح، والوساطة والتحكيم..، وهي آليات يمكن فتح المجال للمتعلمين لإبداع أشكال أجرأتها بحسب نموهم المعرفي ونضج كفاياتهم الاجتماعية، وبلورة أنشطة وبرامج قابلة للإدماج في المنهاج الدراسي.

 وغني عن التذكير أننا وقفنا هنا فقط عند مثال مختصر لجانب من دوافع العلاقات بين المتعلمين في مستوى التعليم الأولي، لكن يمكن القياس على ذلك بباقي المستويات الدراسية، بحيث يتم تنويع الأنشطة ومضامينها بتنوع طبيعة دوافع العلاقات التي تربطهم، والتي تتلون أيضا بطبيعة خصائص كل مرحلة عمرية من مراحل نموهم.

مستوى الكتابة للأطفال والمراهقين عموما، سواء من خلال إعداد المراجع المدرسية، أو من خلال تأليف الكتب، أو من خلال إعداد البرانم والبرامج الإعلامية المسموعة والمرئية. ويتطلب الأمر هنا تدقيق اختيار مختلف النصوص والحوارات والوضعيات والمواقف، التي تستحضر سياقات للتفاعل بين الأطفال، وتقترح آليات لدعم ذلك التفاعل وتعزيزه، وتصحح العديد من الأحكام المسبقة والسلوكات المؤثرة في العلاقات بين المتعلمين، والتي يحملونها معهم من سياق تنشئتهم بالأسرة، وهي أحكام وسلوكا تتكون عائقا أمام تطوير إمكانات الطفل للتفاعل مع الآخر، والاعتراف بالاختلاف معه، واحترام ذلك الاختلاف. فانتقال الطفل من وسطه الأسري -بما استدمجه من قيم واتجاهات ومواقف تتباين من أسرة إلى أخرى- إلى عالم المدرسة -رغم ما تفرضه من ضوابط موحدة محكومة بهاجس تكافؤ الفرص- هو انتقال ينبغي أن يتيح المجال للتعدد والتنوع الثقافي، والاعتراف بذلك عبر كل الوسائط الديداكتيكية، والتي في مقدمتها ما يتم تأليفه أو كتابته أو إخراجه والموجه خصيصا لهم، كل هذا الإنتاج ينبغي أن يكون فرصة للتحسيس والاعتراف بهذا التعدد والاختلاف، ودعوة لتشجيع العيش المشترك والقبول بالآخرين واحترامهم والتعاون معهم، ومناسبة لتنمية الذكاء العلائقي والعاطفي.

مستوى تكوين الأطر التربوية والإدارية، فإذا كان موضوع دينامية الجماعة يعتبر من الفقرات الأساسية في برامج التكوين الأساس للمدرسين والإداريين وكل المؤطرين للحقل التربوي على اختلاف مهامهم وأسلاكهم، فإنه مطلوب إدماج محور خاص بالوقاية من المخاطر النفسية الاجتماعية، مع تزويد الأطر المعنية بأدوات التشخيص واستراتيجيات وضع خطط للتدخل، ليس فقط في مرحلة التكوين الأساس، ولكن في حلقات للتكوين المستمر أيضا، مع إعداد برامج ودلائل ووسائط خاصة بهذا التكوين.

خلاصة:

تتلخص هذه المساهمة في عرض وقراءة جانب من نتائج بحث كنا قد قمنا به حول “مظاهر تطور التفاعل الاجتماعي في جماعة الأقران من 5 سنوات إلى 15 سنة”، وهو المتعلق بتطور دوافع العلاقات بين المتعلمين، معتبرين ذلك منطلقا للوقاية من المخاطر النفسية الاجتماعية في علاقاتهم، وقد حاولنا -من خلال هذه المساهمة- التأكيد على:

  • أهمية دراسة العلاقات الإنسانية في المؤسسات والجماعات من منظور تحقيق الصحة النفسية والعقلية والاجتماعية، واعتبارها مكونات أساس لمفهوم الصحة ككل.
  • الانفتاح في دراسة العلاقات الإنسانية بالمؤسسات التربوية على رصيد هام من الإنتاج العلمي في مجال علم نفس الشغل وعلم نفس المنظمات.
  • تحسين العلاقات الإنسانية بين المتعلمين في جماعة الفصل هي تحسين لشروط وظروف التعلم، ومن تم هي تطوير ورفع من مردوديتهم في ذلك.
  • تبني مقاربة وقائية لتحسين هذه العلاقات في جماعة الفصل، والانطلاق من دوافعها ومراعاة خصائص تطورها، بدلا من التركيز على بعض أعراض الخلل فيها (العنف ..)
  • كل خطة وقائية لتحسين العلاقات في الفصل الدراسي ينبغي أن تكون مندمجة في مختلف عمليات إعداد المنهاج الدراسي، والوسائط الموجهة للمتعلمين (مراجع مدرسية، كتب، برامج سمعية بصرية..)، وكذا تكوين الموارد البشرية.

 

[1]– Fondation européenne pour l’amélioration des conditions de vie et de travail, Prévention du harcèlement et de la violence sur le lieu de travail ;Dublin, 2003.

[2]– Fondation européenne pour l’amélioration des conditions de vie et de travail, Quatrième enquête européenne sur les conditions de travail ; Dublin, 2007.

[3]– Agence européenne pour la sécurité et la santé au travail, La dimension de genre dans la sécurité et la santé au travail, 2007.

[4]-Philippe Nasseet Patrick Légeron, Rapport sur la détermination, la mesure et le suivi des risques psychosociaux au travail, mars 2008.

[5]– الوثائق الأساسية لمنظمة الصحة العالمية، دستور المنظمة، ص 1.

[6]– نفس المرجع السابق، ونفس الصفحة.

[7]– يمكن الرجوع في موضوع علم نفس الشغل إلى:

– Traité de psychologie du travail et des organisations ; Sous la direction deJean-Luc Bernaud et Claude Lemoine ; Dunod /2012-(3e édition).

[8]-يمكن الرجوع في موضوع الأرغونومياإلى تعريف الجمعية الدولية للأرغونوميا وإلى المرجعين التاليين:

-Traitéd’ergonomie. Toulouse : (sous la direction de Cazamian P, Hubault F, Noulin M. (1996)) Octarès.

-Pierre Rabardel et autres, Ergonomie concepts et méthodes– 1998.

[9]– نسجل هنا ملاحظة تدعم هذا التوجه، ويتعلق الأمر باستراتيجية التكوين المعتمدة في تأهيل المدرسين، حيث أصبح مصطلح “المهننة” professionnalisation من المفردات الأساس في هذه الاستراتيجية، ويمكن أن ندعم هذا التوجه بالكتابات التي تتبنى مفهوم “مهنة التلميذ”.

[10]– كمثال على ذلك، يمكن الرجوع إلى أطروحة نوقشت مؤخرا: -Soufian Azouaghe. Santé psychologique au travail dans le milieu scolaire public : étude des déterminants organisationnels et psychologiques chez les enseignants marocains. Université Grenoble Alpes ; Université Mohammed V (Rabat), 2019.

[11]-Sigmund Freud, “Psychologie collective et analyse du moi” (1921).

[12]-Sigmund Freud, “Psychologie collective et analyse du moi” (1921).

[13]Édith Tartar-Goddet; Prévenir et gérer la violence en milieu scolaire ; Retz (septembre 2006) p: 85.

[14]– العبارات الواردة بين مزدوجتي هي حرفيا التي استعملها الأطفال في المقابلة أو الاستمارات، لهذا أوردناها كما هي رغم أنها بالدارجة المغربية.

[15]-ضمن العينة البحث كانت مجموعة من الفتيات القادمات إلى مدرسة عمر الخيام من مؤسسة خيرية هي: جمعية البر بالفتيات، والتي تقع على مقربة من المدرسة.

[16]– voir Philippe Douillet: Prévenir les risques psychosociaux, outils et méthodes pour réguler le travail par, Editions ANACT, mai 2013.


المراجع:

  • دستور منظمة الصحة العالمية.
  • Soufian Azouaghe. Santé psychologique au travail dans le milieu scolaire public: étude des determinants organisationnels et psychologiques chez les enseignants marocains. Université Grenoble Alpes; Université Mohammed V (Rabat), 2019. https://tel.archives-ouvertes.fr/tel-02371977/document
  • Philippe Douillet : Prévenir les risques psychosociaux, outils et méthodes pour réguler le travail, Editions ANACT, mai 2013. ÉdithTartar-Goddet; Prévenir et gérer la violence en milieu scolaire; Retz(septembre 2006).
  • Sigmund Freud, “ Psychologie collective et analyse du moi ” (1921).
  • Jean-Luc Bernaud, Claude Lemoine : Traité de psychologie du travail et des organisations ; Dunod /2012 (3e édition).
  • Cazamian P., Hubault F., Noulin M. (1996). Traité d’ergonomie. Toulouse.
  • Pierre Rabardel et autres, Ergonomie concepts et méthodes– 1998.
  • Fondation européenne pour l’amélioration des conditions de vie et de travail, Prévention du harcèlement et de la violence sur le lieu de travail ; Dublin, 2003.
  • Fondation européenne pour l’amélioration des conditions de vie et de travail, Quatrième enquête européenne sur les conditions de travail ; Dublin, 2007.
  • Agence européenne pour la sécurité et la santé au travail, La dimension de genre dans la sécurité et la santé au travail 2007.
  • Philippe Nasse et Patrick Légeron, Rapport sur la détermination, la mesure et le suivi des risques psychosociaux au travail, mars 2008.

مقالات أخرى

مجلة نقد وتنوير – العدد التاسع عشر (آذار- مارس) 2024

مجلة نقد وتنوير – العدد الثامن عشر (كانون الأول- ديسمبر) 2023

القرآن في التّديّن الصّوفيّ

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد