البيوثيقا وعلم البيولوجيا

biologie

الملخّص

نهتمّ في هذه المقالة بدراسة مخاطر العلم البيولوجي والتطور البيوثيقي، وتكتسي هذه الدراسة قيمتها العلميّة من كونها تنبّهنا إلى أهمّية الإيثيقا في استجلاء ملامح الإشكاليات المترتبة عن التطبيقات التكنولوجية. ذلك الخطر الحقيقيّ الذي بات يهدّد مصير الإنسان ومحيطه. إن الحيويّة المفرطة للعلم والفراغ الإيثيقي هي من المشاكل المطروحة في عصرنا الراهن، وتعكس في ذات الحين التطور البيوثيقي.

ألزمنا هذا الالتقاء بين المجال الإيثيقي والمجال البيولوجي بالوقوف في مناسبة أولى عند تعريف العلم البيولوجي ومخاطره، وعند تعريف الفراغ الإيثيقي والإيثقا في مناسبة ثانية، وذلك لما تكتسيه هذه المفاهيم من أهمّيّة في هذه الدّراسة، كما ألزمنا ذاك الالتقاء بالبحث في علاقة التّقاطع التي انعقدت بين المجال الإيثقي والمجال البيولوجي وهي علاقة تستحقّ النظر والمعالجة بامتياز في عصرنا الراهن، بسبب ما أحدثته من انقلاب في تصوراتنا للعالم.

الكلمات المفاتيح: التطبيقات البيولوجية- الإيثيقا- البيوثيقا- الفراغ الإيثيقي- العلم-الأخلاق.

 

Abstract

 We are interested in this article in studying the critical issue of ethics and its relationship with the consequences of the application of modern technologies upon the fate and dignity of human beings. We believe that the state of affair at hand necessitates the development of new ethical code, which traditional codes fail to deal with, to accommodate all issues sparked by headways of biology. Weenvision the convergence between the technical and biological sphere by studying firstly the definition of biology and its risks, and then the definition of ethics secondly. The importance of the concepts of this study lies in its danger to change the fate of the human race.

Words keys: Biological danger- bioethics, human dignity- technologies- ethics.


مقدمة:

إن الخطر الحقيقيّ الذي بات يهدّد مصير الإنسان وكرامته، يستوجب وقفة تأمل ونظر قصد التّساؤل: هل أنّ النسقيةّ المتسارعة للعلم قد حقّقت سعادة الإنسان أم أنها مثلت كما قال الفيلسوف غاستون باشلار الصفة الأكثر دراميّة في عصرنا؟[1] وهل يمكن للكائن الحيّ أن يتهافت إلى درجة يصبح فيها إحدى المواد التي يوظفها كمادة خاضعة للتّحوير والتّحويل الجيني؟

نهتمّ في هذه المقالة إذن بدراسة علاقة العلم البيولوجي بالإيثيقا، وتكتسي هذه الدراسة أهميتها من حيث هي نقطة تواصل بين المجال البيولوجي والمجال الإيثيقيّ، وتعكس في ذات الحين التطور البيوثيقي الذي شهده عصرنا الراهن والذي تدعّم حضوره بما يفرضه من تساؤلات وإحراجات، خاصّة فيما يتعلّق بالمجال العلمي. هذا الذي أحدث انقلابا في تصوراتنا للعالم. إن الحيويّة المفرطة التي اختص بها العلم مكّنته من أن يغيّر باستمرار حدود العالم وملامح الكون والإنسان، وهو ما جعله يعبر عن إشكاليات لا فلسفية فقط، وإنّما إيثيقية وأخلاقيّة أيضا.

يُلزمنا هذا التقاطع بين المجال الإيثيقي والمجال البيولوجي بالوقوف في مناسبة أولى عند تعريف مخاطر العلم البيولوجي، وفي مناسبة ثانية بالوقوف عند تعريف الفراغ الايثيقي، وذلك لما تكتسيه هذه المفاهيم من أهمّيّة في هذه الدّراسة، كما يلزمنا بالبحث في العلاقة التي انعقدت بين المجال الإيثقي والمجال البيولوجي. وهي علاقة تستحقّ النظر والمعالجة بامتياز.

 مخاطر العلم البيولوجي

ينفتح راهننا اليوم على مخاطر البيوتكنولوجيا التي يمكن أن ينجرّ عنها خلق كائنات حيّة جديدة أو”أشياء- نصف حيّة”. هذا الواقع الجديد ينبّهنا على معطى جديد وخطير، فقد أعلنت هذه العلوم عن اللّحظة الصفر، لحظة أحدق فيها الخطر بالإنسان من كل جانب، سواء ما تعلّق منه بحياته الخاصة أو العامة، أعني لحظة تدخل الإنسان المباشر في ميدان التحكم في الموروث الجيني، حيث فُتِحت كلّ إمكانيات التلاعب بمصير الإنسان وبهويته وبنوعه على مصراعيها.

 فكيف يمكن رؤية هذه المخاطر التكنولوجية والعلمية؟ وما هي أسبابها؟ وكيف يمكن تجاوزها؟

لقد أثار هانس جوناس هذه المسألة مؤكدا على “فكرة الخطر”. هذه الفكرة التي يجب أن تحدّد اليوم مسار تفكيرنا وأن توجّه مجال أفعالنا لمحاولة تجاوز هذا “الوضع الخطر”، إذ أنّ تطوّر العلوم وتقــدم التكنولوجيا واستقلال التّقنية بات أمرا واضحا وجليّا، وهو ما بيّنه جيلبار هوتوا بقوله: “ما فتئت التقنية تتطور وتتعدّد دون برمجة مسبقة حتى أنه لا أحد اليوم يستطيع تحديد أبعادها غدا”[2].

إن تطور العلوم والتقنية واختلاف مجالات التكنولوجيا وتشعب طرقها جميعا وتراكم معارفها إنّما تقوم على مبادئ أساسيّة يسميها جيلبار هتوا “بمبدأ التأقلم” و”مبدأ الاستقلالية” و”مبدأ التجرد” والتقنية كما يعرفها بيتر كامب بأنّها “القدرة على الاحتكاك اليومي بالأشياء، واستعمالها والعيش معها”. أما من جهة علاقة التكنولوجيا بالعلم، فيؤكّد بيتر كامب بأنّنا: “لا نعتبرها تقنية فقط، وإنّما علاقة تقاطع بين التقنية والعلم[3];، ويمكن أن نوجز تلك المبادئ الثلاثة على النّحو الآتي:

  • مبدأ التأقلم الذي يصفه بيتر كامب بقوله: “التّقنية ليست فقط وسيلة لتحقيق الفعل. التقنية هي ذكاء الطريقة التي يحقق الإنسان بها قدره على العيش مع الأشياء”[4].
  • مبدأ الاستقلالية وقد عرّفه جلبار هوتوا”[5] إنّ كل تقنية تتأقلم مع التقنية الموجودة سابقا موسّعة من مجال إمكانيات تطبيقاتها”، مؤكدا أنها تتطور بطريقة مهولة، فكأنها “كرة الثلج “[6] وفق عبارته، فهي من ناحية سريعة التأقلم مع الأفراد والجماعات، ومن ناحية أخرى سريعة التأقلم مع ذاتها. الأمر الذي يجعلها تتطور وكأنّها كيان مستقل بذاته.
  • ثم مبدأ التجرّد حيث أن تقدم التقنية والعلم بصفة عامة هو تقدم في حِلّ من أي تقييم أخلاقي، ووفق جيلبار هوتوا لا يمكن أن نصف التقنية بالحسنة ولا بالسيئة، فالوسائل التقنية مجردة تتطوّر بمعزل عن الأخلاق وعن القيم الإنسانية. لعل هذه المبادئ الثلاثة هي التي جعلت من المجال العلمي بوجه عام الفيصل في مسيرة التاريخ الشاسعة، إذ هو ينتقل من إبداع إلى إبداع، ومن اكتشاف إلى اكتشاف آخر، ويساهم باستمرار في حلّ المعضلات الإنسانية كالمرض موفّرا للإنسان الرفاه والنّجاعة والحماية على نحو ما ذهب إلى ذلك بيكون مؤكّدا على مفهوم “العظمة”. هذا المفهوم الذي عبّر عنه ديكارت بأن يكون الإنسان سيدا للطبيعة ومالكا لها، إذ المعرفة قوة وفق بيكون. بها يؤصّل الإنسان عظمته، ويكون ذلك في مستوى الفرد: موضوع الأخلاق، والمواطن: موضوع السياسة، والإنسان لإحكام سيطرته على الطبيعة محققا الرفاهية لذاته.

اقترن العلم اليوم بالتقنية والتكنولوجيا اقترانا جعل رجال العلم يرفعون شعارا مفاده أنّ “كل ما هو ممكن نستطيع فعله، وكلّ ما نستطيع فعله يجب فعله”، حتى أن الاكتشافات العلميّة والتكنولوجية والبيولوجية أتاحت صنع أسلحة قادرة على تدمير العالم في غضون لحظات، كما أنّها قادرة على تهجين الحيوان، وبرمجة الإنسان. وهكذا أصبحنا اليوم نتحدّث عن الأجنّة المجمدة وعن التبرّع بالأمشاج وعن الاستنساخ، وعن الأسلحة النوويّة والبيولوجية. لقد بات الإنسان مهدّدا بمختلف المخاطر، ومن بينها مخاطر الثّورة البيولوجيّة التي أقحمت الإنسان في مسار قلبت كلّ أساليب حياته اليومية وتقاليده الاجتماعية ومفاهيمه الأكثر رسوخا. فقد أتاحت هذه الثورة سيطرة الإنسان على نفسه وعلى الطبيعة، وهي سيطرة وتحكّم يتمّان على ثلاثة أوجه كما أشار إلى ذلك جون برنار، وهي: التحكم في التناسل” و”التحكم في المجال الوراثي” و”التحكم في مجالات الجهاز العصبي”[7].

يلزمنا درس المجال البيولوجي بالوقوف عند تعريف التحكم في التناسل أولا، وعند تعريف التحكم في المجال الوراثي ثانيا، وعند “التحكم في مجالات الجهاز العصبي ثالثا، وعند التّحكّم في الخلايا الجنسية رابعا، وذلك لما تكتسيه هذه المفاهيم من أهمّيّة في هذه الدّراسة.

.1التّحكّم في التّناسل.

حقّق الإنسان في هذا المجال قفزة نوعية، مكّنته من حلّ معضلات كانت قديما مستعصية بل ومستحيلة. وقد عرف الإنجاب التكنولوجي تقدّما هائلا منذ ما يقارب العشرين سنة، إذ مكّن من ولادة آلاف الأطفال المتمتّعين بصحة جيدة، وقد جاء هذا التطوّر لحل معضلة العقم المتفشية في كثير من بلدان العالم، وتشير تقديرات المنظمة العالمية للصحة أنّ حوالي 10 بالمائة من الأزواج الذين هم في سنّ الخصوبة يعانون العق [8]. وقد تمّت ولادة أول طفل أنابيب (نسبة إلى الأنبوب) الذي تمت فيه عمليّة التلقيح في 25 جويلية 1978 في بريطانيا الكبرى، ويدعى المولود “لويس براون”، ثم تواصلت هذه العمليّة في الانتشار; ‘أمندين’ أول طفلة أنبوب في فرنسا ولدت في 25 فيفــر [9]1982.

إن الإخصاب الاصطناعـي والتلقيح في الأنبوب ليستا إلا وسائل تقنيـة غايتها تجاوز حالات وقف الطبّ عاجزا حيالهـا. غير أنّ بعض التجاوزات قد أفضت، وأقحمت صيغا جديدة لمفهوم الأبوة والأمومة. وبناءً على ذلك يثير بول ريكور مثلا مسألة الهويّة قائلا: “إن الذي تضرر حقيقة، هو الهويّة الشخصية”[10]. فماهي التكنولوجيات الإنجابية؟ وما مخاطرها؟

إنّ عرض تكنولوجيات الإنجاب يتطلب مناّ أوّلا تحديدا اصطلاحيّا، به نتبيّن أنّ لفظة “الإنجاب” تقابلها بالفرنسية لفظة “Procréation”، إضافة إلى لفظ ُEngendrer”، بمعنى “التولّد” أو التوليد أو “الانسال” مماهية للفظة “Génération” في لاروس الصغير، فإنّ الإنجاب يعني “وهب الحياة” من طرف امرأة ورجل عند عملية الإخصاب[11]. ولمّا كان الإنجاب طبيعيا هو التولّد والتوالد والتناسل، فإنّ العقم هو “حالة لا يستطيع فيها الإنسان فيزيولوجيـا أن يوفر تلك التربة الصالحة للإخصاب الجنسيّ، أي عدم القدرة على إنجاب الأطفال. بعبارة أيلي جورج قنبر[12]. وقد عمد الطبّ إلى محاولة توفير هذه التربة الخصبة اعتمادا على أساليب علمية وتكنولوجية يحدّدها جون فرانسوا ماتيي في طريقتين اثنين[13]: أولهما الإخصاب الاصطناعي Insémination Artificielle.، وثانيهما التلقيح في الأنبوب ونقل الأجنّة. Fécondation in vitro et transfère des embryons.

 فما هو الإخصاب الاصطناعي؟ وما هو الإلقاح في الأنبوب؟ وما المقصود بالأمّ الظّئر؟

 أ. الإخصـاب الاصطنـاعي.

هو تقنيـة بسيطة إلى حدّ ما، وتتمثل في إخصاب امرأة، ويسمّى تلقيحا داخليّا. ويتمّ هذا النّوع من الإخصاب عادة في حالة عقم الرجل تبعا للحالات: فإذا كان الزوج هو الذي يعاني مثلا من نقص في نسبة الحيوانات المنويّـة، فإنّه يتمّ تجميعها وحفظها على فترات، انتهاءً بإلقاح زوجته به، وهذه العمليّـة تُسمّى “الإخصاب الاصطناعي وفق الزوج[14]. أما في حالة عجز الزوج تماما عن الإنجاب فإنّ هذه العمليّـة “تسمّى الإخصاب الاصطناعي وفق “المتبرّع”. ولا يعتبر الإخصاب وفق متبرّع طريقةً طبّيةً يتمّ وفقها علاج العقم، كما أشار إلى ذلك جون لويس بودان[15]، وذلك لأنّها تدمج طرفا ثالثا في عملية الإنجاب، هذا الطّرف الذي يتبرّع بنطفتـه لصالح الآخرين. ولا مراء في أنّ عملية الإخصاب وفق متبرّع تثير جملة من الاحراجات والمشاكل الايثيقية والاجتماعية، ومنها: هل يمكن أن يرفض أو يقبل هذا المتبرّع أن يلقح عزباء أو أرملة؟ ومنها كذلك: هل يقبل أو يرفض استغلال نطفتـه بعد موته؟

 لقد تمت أوّل عمليّة إخصاب وفق الزوج في العالم على يد الدكتور جون هانت، ويرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر. أما عمليّة الإخصاب وفق متبرّع فقد تمت في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر. ولئن مثلت تقنيّـة الإخصاب الاصطناعي طريقة ناجعة لتجاوز عقم الرجل، حيث لا تطرح مسألة إخصاب المرأة بنطفـة زوجها أيّ إحراج إيثيقـي، فإنّ إخصاب المرأة وفق متبرّع تثير جملة من الإحراجات أهمّها مسألـة النّسب، فضلا تجاوزات التّلقيح الاصطناعي (مثل: تلقيح المرأة العزباء والأرملة والعجوز).

ب. التّلقيح في الأنبوب ونقل الأجنة.

يقع التّلقيح في الأنبوب خارج رحم المرأة، إذ تتمّ عمليّة حقن نطفة الرجل لبويضة المرأة في مناخ اصطناعي يعدّه الأطباء ويقع إحداثه داخل وعاء أو أنبوب خاصّ بهذه العمليّة، وتسمّى بالحقن الخارجيّ[16]. وقد تمّ تحسين هذه التقنية على يد كل من Edwards وSteptoe أما Greenblatt فقد استعمل سنة 1961 سائلا يُدعىCitrate declomifène لإثارة المبيض، أو للتّحريض على تنبيه مبيض المرأة، في حين استعملal وDrook سنة 1962 علاجا هرمونيا يدعىFolléculo. Stimulante Gonadotrophine chorionique للتّحريض على تنبيه المبيض، وذلك لغاية التقاط البويضات. ولا يتمّ ذلك إلا بعد عدة إجراءات انتهاء بعملية جراحيّة في مستوى الرحم، وعندما يتمّ التقاط البويضات توضع في أنبوب خاص، وبعد مرور خمس ساعات أو أقل يتم التلقيح. ثم إن الأجنّة المنقولة يقع التبرّع بها لصالح نساء عاجزات عن إنتاج البويضات. وهي إما أجنة مجمّدة ومحفوظة لمدة من الزمن، وإما أجنّة حديثة العهد.

 وتجدر الإشارة في هذا المستوى إلى مسألة مهمّة مثلت اليوم موضوع جدل ونقاش، وقد أشار إليها الباحث بشير حمزة، وتتمثّل في الانعكاسات السلبيّة للإنجاب بمساعدة طبيّة على صحة الأمّ وعلى صحّة الطفل على السّواء، أمّا فيما يخصّ المضاعفات التي تلحق بصحة الأمّ على المدى القصير، فإن التّحريض على تنبيه المبيض قد يتسبب في مضاعفات سرطانيّة للمبيض وللثديين، وأما فيما يخص المضاعفات التي تتعرّض لها صحّة الطفل فإنّ الإخصاب الاصطناعي قد يخلف ولادات متعدّدة، وهو ما من شأنه الإضرار بصحة الطّفل.

 وتجدر الإشارة إلى أنّنا لا نستطيع اعتبار هذه الطرق وسائل طبيّة بحتة لأنها تثير مشكلا اجتماعيا “، خاصة عند اعتمادها على متبرع أجنبيّ خفيّ الاسم، سواء كان ذلك التّبرّع بنطفة رجل أجنبي، أو ببويضة امرأة أجنبيّة في حالة عقم الزوجين، أو بويضة ونطفة زوجين أجنبيين في حالة عقم الزوجيـن معا. كما يمكن اللّجوء إلى امرأة متطوعـة (الأم الظئــــر) لتحمل اللقيحـة في رحمها في حالة مرض الزوجـة.

ت. الأم الظئـــر

تقنية الأمّ الظئر هي خدمة تقدّمها امرأة لصالح أخرى إما لعقم هذه الأخيرة أو لمرض تعجز معه عن القيام بهذا الدور (مثل اضطراب البويضات، أو اعوجاج الرحم، أو انسداد أنبوب الفالوب…). في الحالة الأولى يمكن للمرأة المعوّضة أن توفر إلى جانب الحمل والوضع بويضتها، ويتم ذلك عبر الإخصاب الاصطناعي أين تلقح المرأة تلقيحا داخليّا. أما في الحالة الثانيّة، فإن الزّوجة توفّر بويضتها لصالح الأم الظئر التي يتم زرع البويضة الملقّحة خارجيا (في الأنبوب)، فتتكفل بحملها وتسمّى هذه العمليّة بالحمل لفائدة الغير أو بـ “كراء الرّحم!

 ث. كراء الرّحم

يمكن أن تتجاوز هذه التكنولوجيّة بعدها العلاجي لتتحوّل إلى أبعاد ثانويّة لا تتصل بالمجال الطبي بأيّ شكل من الإشكال مثل إمكانية إنجاب العجوز أو المتجانسة جنسيا. وقد فتح هذا المجال إمكانيات مختلفة ومتعددة، منها مثلا إمكانية الحمل والإنجاب دون اللجوء إلى نطفة الرجل، وهو ما ذهب إليه جون لانساك مبينا أنّه منذ 1977 طلب “زوج” يتكون من امرأتين فاحشتيْ الثراء من بيولوجيّ يدعىPierre soupart وهو من أصل بلجيكي أن يمكّنهما من إنجاب طفل دون اللجوء إلى الرجل[17]. لقد فتح إجراء كراء الرّحم مجالا للتلاعب بالكرامة الإنسانية. هذا التلاعب الذي ظهر لحظة تحديد الثّمن أو مقابلا ماليّا للحمل. إن وضعية كهذه وكلّ ما يمكن أن تسفر عنه من تلاعب بالبويضـة الإنسانيـة مدعاة لعدة استفهامـات فلسفية وإيثيقيـة واجتماعية. ولعلّ الإحراجـات والمشكلات الإيثيقيـة التي تعترضنا في مستوى تقنيات الإنجاب بمساعـدة طبيـة تزداد تشعّبا وخطورة بتوفر التقنيات الموازية لها. فما هي التقنيـات الموازية؟

2- التحكم في المجال الوراثيّ.

تعتمد مختلف تقنيات الإنجاب بمساعدة طبية على جملة من التّقنيات تعتبر موازية لها، لما توفّره من إمكانيات كبيرة للنجاح كتقنيات التجميد والحفظ والتقنيات التابعة لعلم الوراثة كالتّشخيص المرضي قبل الولادة والمعالجة الجينيّة…

أ- تقنيات الحفظ والتجميد

تطورت إمكانيات معالجة عقم الرحل منذ السبعينات نتيجة الاهتمام المكثف بهذا الميدان، وتدعّم هذا الأمر باكتشاف تقنيات متطورة تمثلت في تقنيات الحفظ والتجميد، إذ تعود أوّل عمليات الحمل وفق هذا الإجراء إلى حوالي سنة 1954 في الولايات المتحدة، وازداد هذا الأمر تطوّرا حوالي سنة 1963 عند استغلال سائل يدعى سائل الأزون الذي يحول فعلا مني الرجل مدة طويلة من مستوى حراري يصل إلى 196 درجة. هذه الإمكانيات المتطورة كانت سببا في إنشاء أول بنوك حفظ المني في كل من الولايات المتحدة واليابان، أما فرنسا فقد كانت متأخرة قليلا، حيث أنشأت أول البنوك حوالي سنة 1973.

لقد مثلت بنوك الحفظ وسيلة إضافية لمواجهة عقم الرجل، وتحققت أول إمكانيات حفظ بويضة المرأة سنة 1984، فكان أن تمّ إعفاء المرأة من إمكانية التقاط البويضات كلّما أرادت الإنجاب، وبالتالي حمايتها من أجراء عمليات جراحية متتالية وقد بدا حفظ بويضة المرأة ناجعا على الأجنة أيضا[18].

ويحسن بنا أن نشير في هذا المجال إلى أنّ عملية التّجميد يمكن أن تصل، كما قال بيتر كامب[19] إلى 600 سنة، ممّا يفتح المجال واسعا لإمكانية تجاوز حدود الزمان والمكان، فإذا ظهور أول طفل مجمد قد كان في 28 مارس 1984 في بلدة ميلون يدعى ” أول طفل جاء من البرد”، أو أول “طفل أزوت” نسبة لمادة الأزوت التي وقع حفظه فيها، وإذا كانت مدّة تجميده قد دامت ستة أشهر، فإن إمكانيات التحوير والتغيير والتبديل تصبح واردة في هذا المجال. ويؤكد جون برنار “وجوب تحديد المعنى الدقيق للفظة التحوير، فهي ليست تجربة تقام داخل المخابر، ولا تحويرا عشوائيّا، وإنما هي تحديدا التدخّل الإنساني في نظام تطوّر الظواهر الطبيعية”[20]، مبيّنا أنّ إمكانيات التحويل تتصاعد بتوفّر تقنيات التجميد والحفظ، حيث لا يعلم العلماء ولا الأطبّاء تأثيرات هذه الوضعية التقنية على تركيبة الطفل النفسية والجسدية وهي في الوقت نفسه تفتح آفاقا واسعة لإحراجات إيثيقية واجتماعية خطيرة. فما هو علم الوراثة وما هي السّلبيات المنجرة عنه؟

ب. الوراثيـات

علم الوراثة أو الوراثيات «Génétique» هو “علم يبحث في الحدود الوراثية للكائنات الحية، وفي تبدّل أشكالها باعتبارها أنواعا، أو هو دراسة الوراثة دراسة تجريبية لتهجين بعض الأصناف”[21]، أو هو “جزء من علم بيولوجي يتناول التناسل في مختلف مستوياته أين يمكن “إنتاج” شخص، أو خلية، وهو يهتم بصفة خاصّة بالأسس التي تخصّ الحياة وشروط انتقالها من جيل إلى جيل آخر..

 يوجّه علم الوراثة اهتمامه بالخصوص إلى أهم جانب في حياة الإنسان وأخصّها، ألا وهو جانب الجينات الوراثية والتناسلية، الأمر الذي أدّى إلى ظهور عدّة علوم ترتكز بالأساس على الوراثيات، وهي علم الأجنة، والتّشخيص المرضيّ قبل الولادة.

ت. التشخيص المرضي قبل الولادة.

التّشخيص المرضيّ قبل الولادة إجراء يعتمد على جملة من التقنيات التي تسمح بإقامة تشخيص دقيق لمرض جيني شديد الخطورة لدى الأجنة[22]، وقد ظهر في نهاية الستينات وبداية السّبعينات. إنّهّ تطور تكنولوجي لافت، إذ تمّ صنع آلات خاصّة تقدّم صورة شديدةَ الوضوح للجنين في أبعاده الثلاثة، وهو لم يتجاوز 12 أسبوعا ومن فوائد هذه التّقنية أنّه يتمّ عبرها القضاء على عدة أمراض وراثية خطيرة يمكن أن تظهر في فترة ما بعد الولادة، مثل مرض السكري وداء السرطان وداء سرطان الثدي، حيث تمّ التعرف اليوم على ثماني خلايا تسبّب هذا المرض.

 إنّ هذا الإجراء يمكن أن يسمى بالطب التنبئي، إذ يتنبأ الطبيب بمرض مستقبلي، فيعمد الأطباء إلى تفاديه بإجراء عملية الإجهاض. وفي فرنسا مثلا يمكن إجهاض المرأة خمس دقائق قبل الولادة[23]. لئن حقّق هذا الإجراء الطبيّ نجاحات كبيرة، فإنّه قد مثّل في الوقت ذاته منزلقا إيثيقيا حقيقيا، إذ أنّ 80 بالمائة من النساء الفرنسيات مثلا يطالبن بالإجهاض لأسباب مرضية لا تعدّ خطيرة. ويبقى السؤال الايثيقي مطروحا: لمن يعود قرار الإجهاض؟ هل للطبيب أم للعائلة؟ ثم ألا يمثّل ذلك مساسا من مفهوم الإنسان؟

3. التّحكّم في مجالات الجهاز العصبيّ.

 أ. المعالجة الجينيّـــة.

تعدّ المعالجة الجينيّة “تقنيات ماتزال قيد التّجريب، وتهدف إلى تعديل واحدة أو أكثر من الجينات، حيث إن العلاقة الرابطة بينها يمكن أن تمثل مرضا خطيرا يفتك بالإنسان، إذ أن التدخل الطبيّ في مرحلة متقدّمة من تكوّن الجنين أو في أوّل فترات انقسام اللقيحة من شأنه أن يصبح وراثيا، وينتقل إلى الأجيال اللاحقة، وهو ما من شأنه التحكم في مجالات الجهاز العصبيّ.

 إن هذا التعديل يمثّل ثورة حقيقية داخل الميدان الطبي بتأصيله لإمكانيات المعالجة دون دواء، وذلك بإدخال معطيات جديدة داخل الجينات. ويعتبر هذا أوّل تدخل حقيقيّ للإنسان في “جينومه” الخاصّ، ممّا يمثل خطرا على النوع الإنساني. وتتفرع هذه التقنية إلى نوعين: الأول يخصّ المعالجة الجينيّة لخلايا الجسم، والثانية المعالجة الجينيّة للخلايا الجنسية. وتتمّ هذه عبر التلقيح الاصطناعي الخارجي، أين يتمّ تجزئة اللقيحة إلى جزأين منفصلين يُخصّص أحدهما لتشخيص وتحديد المرض، أمّا الثاني فيواصل نموه ليكتمل جنينا. إنّ عملية التقسيم والفصل هذه تطرح قضايا إيثيقية لكونها تمثل إخلالا بالنوع الإنساني لحظة التدخّل في الخلايا الجنسية التي يمكن أن تحوّر وتغيّر الإرث الوراثي للشخص، إلاّ أن سيطرة الإنسان على الطبيعة، قد باتت موجهة نحو الإنسان ذاته، فقد أحكم الخناق عليه بالسيطرة عليه سيطرة كليّة، وبتجريده من استقلاليته، ومن قدرته على التأقلم، وهكذا تمّت سيطرة مختلف التقنيات العلميّة على كل جزئيات حياة الإنسان الخاصة والعامة، حتى أنّه بات في مواجهة مباشرة لوضعيات جديدة ومتجددة، أضحى معها السؤال عن الأخلاق والايثيقا والفلسفة من أشدّ الأسئلة ضرورة. ويؤكّد جاك تستار ذلك بقوله: “لقد فرض علينا التقدمُ العلميُّ الراهن تفكيرا أخلاقيا، إذ أن الأجنة المجمدة ومختلف استعمالاتها جعلت من أسلوب تفكيرنا واستيعابنا مرتدا، ومن نظام قيمنا منقلبا، فالعلم الذي طور مجال معارفنا قد قلص في ذات الوقت من مجال الطبيعة”[24].

4- التّحكّم في الخلايا الجنسية وتغيّر الإرث الوراثي.

 لم يقف دور البحوث العلميّة في حدود الملاحظة البسيطة لنمو وتطور اللقيحة الإنسانية داخل المخابر وعبر المجهر بل تعداه إلى التقليب والتحوير وتغيير الإرث الوراثي للكائن الحي. فكثيرا ما اعتبرت الوراثة مخزونا وثروة ثابتة لا يعتريها تغيير ولا تبديل. لكن الصبغيات اليوم هي في الواقع موضوع تحويرات دائمة. إذ أن الهيئة الوراثية قابلة للقسمة والتحوير والتمطيط والتصغير والتقليب. ولعل ذلك ما يبرر انتقالنا الى العنصر الموالي ألا وهو الاستنساخ، حتى نتبين شكلا آخر من أشكال مخاطر تغيير النوع الإنساني، وهو ما قد يؤدي إلى الإخلال بمعنى الكرامة الإنسانية. فما هو الاستنساخ؟ وما هو الاستنساخ التناسلي والعلاجي؟ وماهي مخاطر تغيير الجنس الانساني وما مدى تقاطعه مع مفهوم الكرامة الانسانيّة؟

أ. الاستنساخ:

“إن الاستنساخ هو عبارة عن نزع نواة من أي خليّة للكائن الحي المراد استنساخه وزرعها داخل بويضة منزوعة النواة، ثم تدمج المجموعة تحت تأثير حقل كهربائي لتعطي خلية ملقحة تأخذ في النمو والانقسام، فتشكل جنينا قابلا للزرع عند الأم الظئر. وبذلك يتم استنساخ كائنات مخبريّة متماثلة”[25]. وفي هذا المستوى يطرح باتريك فيرنسبيرن استفهامه: ألم يقع بذلك تجاوز الحد الحاسم؟ ألا يجدر، وبسرعة غلق الباب على هذا الشكل من التمشي؟[26].

إن الاستنساخ هو شكل من أشكال التدخل المباشر في اللقيحة والعمل على تحويرها حيث يعتبر هذا التحوير إحداث نسخة من الإنسان فهل يمثل الاستنساخ البشري تشويها للإنسان؟

يحسن بنا أن نشير في هذا المستوى من البحث إلى أنّ الاستنساخ الإحيائي يتفرع إلى أصلين الأول تناسلي والثاني علاجي. وقد رأينا التوقّف عند هذين النوعين علّنا نقف على مستوى الإحراجات المتعلقة بهما وسوف نبدأ أول.

ب. الاستنساخ التناسلي:

فإذا كانت مختلف التجارب المجراة على بويضة الحيوانات قد انتهت باستنساخ ‘العنزة دولي’ سنة 1997 من طرف كامبل وويلنت فإن إمكانيات جعل ” الاستنساخ مكملا شرعيا لطرق الإنجاب بمساعدة طبية” قد بات أمرا ممكنا، كما أشار ذلك باتريك فيرنسبيرن[27]. وإذا ” اعتبرنا أن الاستنساخ غرفة خلفية للاستنساخ البشر”، فهل يمكن أن يكون ذلك بمعزل عن نظرة أخلاقية واجتماعية؟

 يمثل المخزون الجيني الأصل والأساس الذي تقوم عليه الهندسة الوراثية ويمثل جوهر التنوع الجيني. ويعدّ هذا التنوع الجيني ميزة دالة على ثراء الطبيعة وتنوعها. وقد فتح جيمس وطسن وفرانسيس كريك مجال الهندسة الوراثيّة لحظة توصلهم إلى للتركيب الحلزوني المزدوج لجزء الحمض النووي الريبوزي المختزل DVA الذي فتح مجالا شاسعا في التحكم في الجينات.

 وقد فتح التحكم الجيني عالما شاسعا من الإحداثيات، تمثل إما في إنتاج كائنات مهجّنة وراثيا أو معدلة وراثيّا بإدخال عناصر جديدة مخالفة لعناصرها الأصلية، وإما بإنتاج كائنات متماثلة بإحداث بعض الإجراءات التقنيّة وهذا الأخير هو ما يطلق عليه بالاستنساخ الحيوي. وقد يعتبر الاستنساخ عاملا إيجابيا في مستوى المحافظة على الكائنات، الحيوانية منها والنباتية خاصة تلك المهددة بالانقراض مما يخول المحافظة على نوعها. غير أن تطبيق نفس هذا الإجراء على الإنسان ربما يؤدي إلى هلاكه وإتلاف نوعه، وفي هذا الشأن يطرح باتريك فرسيرن استفهامه التالي: الاستنساخ لأي غاية[28]؟

إذا كانت غاية الاستنساخ هي التناسل فهل، يمكن في هذه الحالة، النظر للاستنساخ بمعزل عن طرح إيثيقي فلسفي وآخر سيكولوجي واجتماعي؟ إنها حقيقة فعليّة تمت تجريبيا على الضفادع. ولا يستغرب تحققها على الإنسان. فلقد تمكن العلماء من القيام بعمليّتي ضم ودمج لبويضتين غير ملقحتين لبعض الفئران. وتم كذلك انقسام البويضة غير الملقحة، لكن دون التوصّل إلى إنجاب فئران صغيرة. إنها تجارب يبدأ تحققها على الحيوانات وتنتهي ضرورة بالإنسان. وتدخل هذه الإجراءات العلميّة ضمن ميدان “تكنولوجيات الجينات”، حيث يتم، من خلال هذه التكنولوجيات الحديثة، توحيد أو فصل الجينات، ومضاعفتها أو التقليص منها، ومعرفة أصولها وتحويرها. مما أدّى إلى انفتاح آفاق علمية مختلفة. وفي هذا المستوى ينبهنا بتير كامب إلى ضرورة التميز بين تكنولوجيا الجينات وتكنولوجيا الخلايا. إذ أن أبسط أشكال هذه التكنولوجيات هو الاستنساخ الذي يتم بانشطار “ما قبل الجنين مزدوج الخليّة”[29] إلى جزئين أين يمكن إنجاب توأمين. أما أعقد هذه التكنولوجيات فهو الاستنساخ الحيوي. وهو استنساخ يدخل ضمن عمليّة الإنجاب اللاجنسي من حيث المبدأ، أي انعدام وجود العنصرين الأساسين في عمليّة التناسل. ولما كان كل فرد يختلف عن الآخر وراثيا بامتلاكه لبصمته الوراثية الخاصة به، فإن أي طفل يحصل على نصف هذه التنوّعات من الأم وعلى النصف الآخر من الأب مكوّن مزيجا وراثيّا جديدا يجمع بين مميزات وخصائص الوالدين معا وخصائص الأسلاف أيضا. فكيف الحال هنا والطفل يولد فاقدا لتلك البصمة الوراثية التي تخصه؟ إنه طفل مرتدّ وراثيّا لفرع واحد، بل لنقل فهو ذات الشخص وراثيا.

د. الاستنساخ العلاجي:

لعل أبرز ملامح هذه التكنولوجيّات الحديثة في خصوص الاستنساخ هو تحولها من إطار التناسل إلى إطار التداوي والعلاج. فلئن تحددت صفة الأجنة بكونها أشياء عندما نسميها ما قبل أجنة فإن التكنولوجيّات الحديثة لم تستثن هذا التحديد. وحولت الأجنة إلى مخبر للتجارب. حتى بات السؤال المهم هو: “معرفة لحظة المساس بالكرامة الإنسانيّة. هل هي لحظة تحول البويضة الإنسانية إلى لعبة في يد البحوث العلمية أم لحظة التدخل الجيني لأسباب علاجية؟”[30] على نحو ما طرح ذلك بيتر كامب.

ولا عجب، فالأمشاج والأجنة لم تسلم من التحوير والتبديل والتغيير لتتحول إلى شيء للعلاج. وقد تدعم هذا الأمر خاصة بتطوّر تكنولوجيات الزرع فأضحت البحوث في خصوصها من أهم توجهات العلماء. وهو ما أكده بيتر كامب بقوله: ” إن هذه البحوث ليست مهمّة لزرع الأنسجة والأعضاء فقط، وإنما أيضا لتطوير وتحسين بعض تكنولوجيات إنتاج الأدوية الجديدة”[31]. ونشير في هذا السياق إلى أنّه يمكن استعمال الأنسجة والأعضاء والأجنة لمعالجة بعض الأمراض التي تصيب الكبار أو الصغار على السواء خاصة في مستوى الجهاز العصبي، كما يؤكد ذلك بيتر كامب[32]. أي ضرورة تعويض الخلايا الميتة بخلايا جديدة وحيّة. وقد كانت بدايات هذه الطريقة الحديثة تمارس على الفئران. فقد تحصل فأر كبير السن ومريض على خاصّيات فأر صغير السن مثل خاصيّات السرعة والقوة والنشاط. وليس ذلك إلا عند زرع بعض الخلايا الحية في مستوى جهازه العصبي. وقد تعدى ذلك مستوى الفئران والحيوانات ليتحقق على الإنسان. فقد حقق التطور العلمي والتكنولوجي في هذا الميدان نجاحات باهرة تم بفضلها إنقاذ أناس أشرفوا على الموت، ولامسوا عن قرب أمراضا مستعصية. غير أن ذلك لا يخلو من طرح فلسفي وآخر إيثيقي. فما هو الحد الذي ينبغي أن تتوقف عنده هذه البحوث؟ وإلى أي حد يمكن أن تقلص من مفهوم الكرامة الإنسانية؟

ج. مخاطر تغيير الجنس الانساني

إن التدخل في الخلايا الجنسية يمكن أن يحوّر ويغيّر الإرث الوراثي للشخص، ومن شأن هذا المنعرج التقني نسف كل صفات التمييز والتفرد التي خصّت بها الطبيعة الإنسان. فماذا نقول إذا أصبح من الممكن وجود مجتمعات متماثلة؟ أليس ذلك ضربا من الجنون؟ ألا يتم القضاء على كل البنى العائلية والاجتماعية والعاطفية وهو ما ذهب إليه باتريك فرسيرن[33] قائــلا: “إنه تحطيم للعلاقات الاجتماعيّة الأساسية وإخلال بالعلاقات بين الأجيال وتهديد للنموذج العائلي”، فإذا كان الطفل السوّي مطمح عديد الأطراف من علماء نفس وعلماء اجتماع، وهو أشبه بالغاية التي لا تدرك داخل التنشئة الطبيعيّة للطفل في الأطر العائليّة، فكيف الحال هنا والطفل يولد خارج إطار عائلي واضح المعالم، خارج ما درجت عليه البنية العائلية التقليدية؟ وإذا كان المجتمع يقوم أساسا على البنى العائلية أين يرتبط الأفراد بعلاقات قرابة ورحم تعدّ مصدرا لكل الواجبات والحقوق، فكيف يمكن تصور مجتمع مستنسخ يرتد تقريبا إلى “لا شيء” حسب عبارة باتريك فيرسبيرن[34]؟ وهل من الممكن تصور مجتمع كهذا سويا خاليا من المشاكل؟

فقلد بات من الممكن اليوم إنتاج حيوانات تنقسم أصولها إلى نوعين أو فصيلتين مثل العنزروف على نحو ما ذكر ذلك بيتر كامب[35]. ولما كانت التجارب الممارسة على الحيوان يمر بها الإنسان ضرورة. ويتدعم ذلك بتأصيل حق العلم في حرية البحث عملا بشعار “كل شيء مباح” وضروري لتقدم الإنسان وتطور معارفه “فإنه لا يستبعد إنتاج أشخاص لا يمكن إلحاقهم بالإنسانيّة ولا بالحيوانية ولا بالآليّة. فهم أما نصف إنسان ونصف حيوان وإما نصف إنسان ونصف آلة، كما يمكن إنتاج أشخاص يصنفون ضمن أصناف معينة (أ.ب.ج) يكون بعضه أرقى من بعض كما جاء ذلك على لسان بيتر كامب[36]، على شاكلة العالم الموصوف من طرف ألدو هسكلي Aldous Huxley سنة 1932. يؤكد فرنسوان جاكوب حيث لا يستبعد أيضا إنتاج أشخاص لا هي بالإنسانية ولا بالحيوانية ولا بالآلية، فهي إما نصف إنسان ونصف حيوان، وإما نصف إنسان ونصف آلة.

إن من شأن هذه الظواهر أن تصبح حقيقة حيث يؤكد ف. جاكوب[37] أنه بوجود سياسات حاملة لإيديولوجيات معينة لن تتردد في إنتاج مثل هذه الظواهر بتسخيرها في المهمات الصعبة حيث “من خلال المني والبويضة نتجه إلى إنتاج آلة حية وسط بين الإنسان والقرد. إنه الكائن المضاعف” حسب قول فرانسوان داقوني[38]. هكذا يمكن أن يصبح الإنسان مهددا في نوعه وخاصياته الإنسانية. فلما كان من الممكن ضمّ جينات دخيلة على الجينات الإنسانية تنتقل عبر الأجيال فإن الإنسان مهدد مستقبليّا في أن يكون غير الإنسان بعبارة جاك تستار[39]. إن معرفة الواقع البيولوجي الذي تتميز به الأحياء أمرا يعد مقبولا إيثيقيا. أما بعض التطبيقات التكنولوجية، كما عبر عن ذلك بتر كامب، فهي على عكس ذلك تعبر عن جملة من الانزلاقات والإحراجات الإيثيقية التي يجب الاهتمام بها، لأنّ في عدم الاهتمام الإنساني بهذا الجانب إغفالا لمختلف أبعاده الوجودية والإنسانية “فالذي لا يحترم بويضته لا يحترم الإنسانية المتضمنة فيها، ثم إن الذي لا يحترم ما هو إنساني في بويضة أو جثة ينتهي إلى البربرية كما أشارا إلى ذلك جاك تستار وبتر كامب. وكنتيجة لذلك فقد كثرت المطالبة بضرورة وضع أسس أخلاقية للعلم حتى لا يتحول إلى نقمة ودمار للإنساني فينا.

 إذا لما باتت اللقيحة الإنسانية موضوعا وشيئا لا تتضمن نفس الكرامة التي لدى الإنسان الواعي لعدم امتلاكها خاصيّات العقل والإحساس بالألم والوعي، كما أشار ذلك بيتر كامب[40]، أصبح من السهل على بعض العلماء اقتراح زرعها في أرحام بعض الحيوانات، بل أنّ هناك بيوسوسيولوجيا قد اقترح زرع لقيحة الدول المتقدمة في رحم نساء دول العالم الثالث. وليس ذلك إلا بمقابل مالي رغبة منه في حل مشكلتين: مشكلة الهجرة بالنسبة للبلدان المتقدمة، ومشكلة البؤس بالنسبة للدول المتخلفة. وفي هذا الشأن يقول ف. داقوني ” نصدر نطفا ونستورد أطفالا ما أروعه من نقل للتكنولوجيا “[41].

إنّ هذه التكنولوجيا قد تطوّرت لدرجة أصبح بالإمكان التفكير في إنجاب أشخاص دون اللجوء إلى عمليّة التزاوج بين نطفة الرّجل وبويضة المرأة. إنه إنجاب لأشخاص وفق إلقاح لقيحة بأخرى دون اللجوء الى نطفة الرجل[42]. فضلا عن التفكير في إمكانيّة حمل الرجل إلى جانب امكانيّة إنجاب فتيات دون كروموزومات ذكورية أو فتيان دون كروموزومات أنثويّة. إنها احلام علماء وأفكار أطباء تبغي تحقيق رغبات وطموحات تعبر من ناحية عن قوة العلم ومن ناحية أخرى عن الفراغ الإيثيقي بعبارة هانس جوناس الذي يقول مؤكدا ” إننا الآن في عدميّة تقاطعت فيها أقصى أشكال القوة مع الفراغ الأكبر”[43].

يستقيم لنا القول إذن، إن خطر المجال العلمي على حياة الإنسان يتدعّم بحضور خطر آخر مواز له ألا وهو الفراغ الايثيقي بعبارة هانس جوناس[44].فما هو الفراغ الايثيقي؟

 الفراغ الإيثيقي.

المقصود بالفراغ الايثيقي هو ضياع المراجع والأسس والمبادئ الأخلاقية الموجِّهة للفعل الإنسانيّ. عديدة هي التطبيقات العلمية التي ساهمت في الإعلان عن موت الميتافيزيقا تجاوزا لكلّ تصور أخلاقي قديم على نحو أزيلت معه عديد المعايير والقيم، ممّا أدّى إلى بروز أكبر فكرة للتقدم الإنساني في غضون عصرنا الراهن معلنة “نهاية فكرة التقدم” ذاتها على نحو ما ذهب إلى ذلك روني لنوار.

 ولئن افترض كندورسيه[45] إمكانية تقهقر التقدم البشري في حال حدوث انقلاب عام في نظام الكون أو تحول كبير في نسقيتها لا يكون معه الإنسان قادرا على المحافظة على نوعه ولا على استعمال نفس القدرات أو استغلال نفس المصادر، فإن هانس جوناس يؤكد” أنّ الفعل الإنساني بات منقلبا”[46] على نحو يجعله يخاف عدم قدرته على المحافظة على نوعه. فقد بات الإنسان اليوم عاجزا عن التمييز بين الخير والشر، وبين والحسن والسيّئ، كما أشار إلى ذلك هانس جوناس بقوله: “ليست هناك أي إمكانية لتطبيق الإيثيقا التقليدية في مجتمعاتنا الراهنة إذ أنه ليس هناك إيثيقا”[47].

أوشكت معالم إنسانية على الاهتزاز المتولّد من “سيطرة الوعي التقني الذي لم يعمل إلا على لفظ الوعي العملي”[48]، كما أشارت ذلك مونيك كاستلو، حيث عرف عصرنا الراهن علامات “اختلال الأخلاق”[49]، كما تقول جاكلين رويس. أما بيتر كامب فيقول: “إن كل المبادئ الموجودة إلى حد الآن لا تسعفنا في شيء، وليس ذلك إلا لعدم فاعليتها وضعفها، وعجزها أمام وضعيات فرضها العلم”[50]. ودعمها “الفراغ الايثيقي” على نحو ما ذهب إلى ذلك هانس جوناس مؤكّدا “أنّ الثمن الحقيقي لتراكم المعرفة هو ضياع الأخلاق”[51]. وزوال المبادئ والمثل والقيم التقليدية وهو ما عبرت جاكلين رويس بقولها: “ما الذي يجعلنا اليوم قادرين على تحديد صواب قانون ما؟ إننا نجهل ذلك. ففي فراغ مطلق تنبثق الإثيقا الراهنة”[52]، مضيفة أّنّ الإيثيقا والأخلاق قد ضاعتا. وفي هذا السّياق يؤكد ستيفان ليبيناردو أنّ عصرنا عرف وضعية مفارقة في خصوص العلم. ذلك أنّ ما بات يهم العالم بالأساس هو الوفاء للحقيقة العلمية التي يجب أن تحافظ على استقلاليتها بقطع النظر عن أيّ اعتبارات أخرى سواء كانت تلك المتعلقة بالكرامة أو باحترام الإنسان. ولعل هذه المفارقة قد عبرت من ناحية عن السعادة المفرطة بنجاحات أحرزها العلم، وأبانت، من ناحية أخرى، عن الخوف من مخاطر ممكنة. إن هذين الوجهين المتقابلين للعلم يقابلهما وجهان عبرا بدورهما عن مفارقة أخرى، إنّها محاولة تجاوز هذه المخاطر اعتمادا على المراقبة الإيثيقية للتطور العلمي التي من شأنها أن تصبح- كما تقول مونيك كاستلو دون فائدة[53]، بل ويمكن أن يؤدي كذلك، كما يقول جون لمساك فارو، “إلى ولادة وضعيات مسكوت عنها في تاريخ الإنسانيّة”[54] بسبب التقدم البيولوجي والتكنولوجي الطبيّ ذاته. إنّ من شأن تطور العلوم دون تحديد واضح لأبعاده أن يهدّد مصير الإنسان. وفي هذا المضمار يطرح جون لادريي استفهامه التالي: “هل ترك العلم مكانا للدين؟[55]، وكأن بالعلم قد تحوّل ليصبح مبدأ إلحاد، من حيث بات مبدأ قاطعا مع كلّ الأصول والمبادئ والمذاهب الأخلاقية الأخرى، إذ لم يعد للإنسان اليوم مرجع يلتجئ إليه في حكمه على الأشياء.

 هكذا، يستقيم لنا القول “إن الإيثيقا الراهنة تتموضع في فراغ مطلق وهو ما ذهبت إليه جاكلين رويس. إنها أزمة الأخلاق وعجز الأسس على استيعاب الوضعيات الجديدة والمتجددة التي يفرضها العلم كل يوم أزمة تجاوزت العلم والفلسفة والقانون لتتحول إلى مجال الأخلاق. أين ينتهي الشاهد؟ أين المرجع؟

لعل جملة هذه الاعتبارات هي التي أباحت القول بضرورة التّأسيس لإيثيقا جديدة على نحو ما ذهب إلى ذلك بول ريكور مؤكدا على راهنية الإيثيقا بقوله: “لقد عبرت الحاجة إلى الايثيقا عن وضعية مفارقة، ذلك أنّه في لحظة الحاجة الماسة إليها عرفت هذه الأخيرة إشكالا”[56]. وبالرّغم من تأزم الوضعية الأخلاقية، وربّما بسببها كذلك، فإننا اليوم في أشدّ الحاجة لإيثيقا الفعل الإنساني، علّه يستدرك ما أحدثه الخواء الأخلاقي وسوء استعمال العلم، ويؤكد بيتر كامب ذلك قائلا: “يأخذنا التطور العلمي والتكنولوجي اليوم إلى الإيثيقا، في حين طال اعتقادنا كون تحسين الوجود الإنساني لا يكون إلا بالابتعاد عن الإيثيقا. إن التطور جعل من هذه الأخيرة ضرورة عملية”[57].

فما هي الإيثيقا؟

وما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه داخل هذا الميدان العلمي؟

1. الإيثيقا.

إن الإنسان اليوم، وهو في غمرة بحثه وتفكيره في الإنجازات المدهشة التي أحرزتها العلوم الطبيّة والتكنولوجية منذ النصف الثاني من القرن العشرين، قد شعر بفداحة الوضع الذي وجد نفسه فيه، مما أشعره بكثير من الرهبة والتهيب أمام قدرة العلم ومدى تحكمه بمصير الحياة والطبيعة، وتحوّله إلى خطر شديد على الإنسان. فما هي مخاطر العلم؟ وما هو الموقف الايثيقي من ذلك؟ فما هي راهنية الايثيقا؟

أ. راهنية الايثيــقــــا.

          إنّ عمليّة تصفّح سريعة للإرث الفلسفي في مجال الأخلاق توقفنا على جملة من الرؤى لعلّ أبرزها التمييز بين الأخلاق والإيثيقا، إلاّ أنّ اللجوء إلى التحديد اللفظي لكلا المفهومين: الإيثيقا المشتقة من اللفظة الإغريقية «éthos»، والأخلاق المشتقة من اللفظـة اللاتينيـة “MOS” لا يسعفنا في شيء، لأنّ لهما نفس المعنى تقريبا، فهما يشتركان في معنى الفضيلة، إلاّ أنّ التطور التدريجي لهاتين اللفظتين أدّى إلى اختلاف معانيهمـا.

 أمّا لفظة الأخلاق أصبحت تستعمل عادة لوضع الحدود اللازمة في الحياة اليومية، وهو ما ذهبت إليه جاكلين رويس في قولها “إنها جملة المبادئ والقيم الخاصة بثقافة معينة”[58]، “أو هي جملة المبادئ والنظم التي تحدد الفعل الفردي والجماعي” [59].واعتبر أرسطو بأن الأخلاق وليدة االعادة. تتطور وفق التمارين والدّربة والمداومة عليها وهي ليست طبيعية فينا ولا مولودا معنا. ولمّا كانت الغاية القصوى للفعل الإنسانـي تكمن في الخير، كما أكد ذلك أرسطو معتبرا الإنسان حيوانا سياسيّا. ومن ثمة تتضافر القيم الفرديـة ضرورةً مع القيم الجماعيـّة لكونها تمثل تحقيقا للخير الجماعي، فقد نُظر إليها باعتبارها جملة المبادئ والقيم والممارسـات اليوميـة والقواعد الموجهـة للسلوك في علاقة تاريخيـة بالثقافات والمجتمعات. وتعبر عن قوالب جاهزة على نحو ما ذكر بيتر كامب[60]، مثيرا ضرورة تغيير هذه المبادئ وتحويل هذه الأسس، لأنها لا تسعفنا في وضعيات فرضها العلم بجدتها وغرابتها.

أما لفظة الإيثيقـا فتستعمل عادة للتعبير عن التفكير الفلسفي في الحياة الحسنة، حيث يكون انشغالها نظريا ونسقيا موجّها للتّأسيس. أو هي كما يحدّدها لالاند بأنّها “علم له، كموضوع، الأحكام التفضيلية بما هو تمييز بين الحسن والسيّئ، وتتموضع الإيثيقا بحسب جاكلين رويس خارج الأخلاق، فهي، وفق عبارتها: “ما فوق الأخلاق”، وهكذا، فالإيثيقا رؤية وتفكير وتأمل في الحياة الحسنة ” مع الآخر، ومن أجله بعبارة بول ريكور.

 من نافلة القول إنّ أشدّ التخوّفات والإحراجات متعلّقة بالمستوى الأخلاقي، وتخصّ تلك التخوّفات وهذه الإحراجات أطرافا شتّى من رجال دين وبيولوجيين وأنثروبولوجيين. ويُلاحظ أنّ الفريق الأول يرفض هذه التغيرات والتحويرات، لأنها تغيير لخلق الله، أما الفريق الثاني فيرفض تغيير النظام الطبيعي وقوانين الإنسان البيولوجية.أما الفريق الثالث فمتخوف من تغيّر علاقات النسب، وما يتعلق بها من تحوّلات داخل البنى العائلية والاجتماعية. إن مجمل هذه التخوفات تعبر بكل وضوح عن مدى راهينية الايثيقا ومدى الحاجة إليها كما عبر عن ذلك بيتر كامب قائلا: “إننا محتاجون لصورة الإنسان(…) إننا محتاجون للإيثيقا”[61]. إنّ حاجتنا لإيثيقا جديدة تنبجس من عجز الإيثيقا التقليدية على استيعاب جملة المشاكل المطروحة في عصرنا الراهن. وفي هذا السّياق يذهب بيتر كامب إلى القول بضرورة تغيير هذه الإيثيقا، مما يجعل السؤال راهنيّا على النّحو الآتي: “كيف يمكن تحويل أو تغيير الإيثيقا التقليدية هل “لإيثيقا المسؤولية”[62] أو إلى “الإيثيقا التطبيقية” (للبيوثيقا(؟ إنها أزمة الإيثيقا لحظة الحاجة إليها كما قال بول ريكور. ويبدو أنّ الاستفهام الكانطي الثاني: ماذا يجب أن أفعل؟ هو، في هذا السّياق، من أشد الاستفهامات ضرورة، فالاستفهامات الكانطيّة، ماذا يمكن أن أعرف؟ ماذا يجب أن أفعل؟ ماذا يمكن أن آمل؟ هي استفهامات غدت الإجابة عنها أمرا ملحّا.

ب. التّأسيس لإيثيقا جديدة

نخلص ممّا تقدّم إلى أنّ الإيثيقيّا التقليدية لا تستطيع إسعافـنا في الوضعيـات الجديـدة وغير المتوقعـة و”لا تقدم حلولا جاهـزة”، وهي كذلك لا تحتوي على مبادئ مسبّقـة ومنجزة سلفا، كما هو الشأن بالنسبة إلى لأخـلاق. و”لقد شهد عصرنا الراهن حيويّة مفرطة في تطور العلم البيولوجي. وهو ما يقتضي أن يكون كذلك عصرا إيثيقيّا. وهكذا غدا دور الإيثيقـا التطبيقية أوالبيوثيقا ضروريا وقاطعا، بمقتضـاه يمكن للإنسان أن يبتدع أجوبة في كل لحظة يأتي فيها العلم بجديد. فهي ليست قاعدة أخلاقية وإنما هي القدرة على احتواء المغاير والمخالف، وهي بأسسها النظرية والتجريديـة، إنّما تقوم على التهديم والتأسيس، متّخذة التحوّلات، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، موضوعا لها، وموجّها لاهتمامها إلى أشكال تطور العلوم وتقدم التكنولوجيا بوجهيه الإيجابي والسلبي”. وبهذا المعنى فإنّ من شأنها أن تشفي غليل البيولوجـي ورجل الدين والأنثروبولوجي.

كيف يمكن تحويل أو تغيير الإيثيقا التقليدية؟ هل نلجأ لإيثيقا المسؤولية كما ذهب إلى ذلك هانس جوناس؟[63] أم نعمد إلى الإيثيقا التطبيقية كما هو الشأن بالنسبة للبيوثيقا؟

 أ. ايثيقيا المسؤولية والبيوثيقا

ينفتح راهننا اليوم على مخاطر البيوتكنولوجيا التي يمكن أن ينجرّ عنها خلق كائنات حيّة جديدة أو “أشياء- نصف حيّة”. هذا الواقع الجديد ينبّهنا على معطى جديد وخطير، فقد أعلنت تدخل الإنسان المباشر في ميدان التحكم في الموروث الجيني، حيث فُتِحت كلّ إمكانيات التلاعب بمصير الإنسان وبهويته وبنوعه على مصراعيها. الأمر الذي دفع إلى محاولة المراقبة الايثيقية على نحو ما ذهبت إلى ذلك مونيك كاستيلو[64]. هذه المراقبة الايثيقية التي تعتمد أساسا على مبدأ المسؤولية، وهو ما عبر عنه هانس جوناس بضرورة إرساء إيثيقا المسؤولية التي يجب أن يتحملها كل من العالم ورجل السياسة والمواطن. وتؤكد، في هذا الإطار، آن. فاجولارجو أنّ الكائن الإنساني كائن جدير بالاحترام من أول لحظات تكوّنه قائلة: “حتى وإن اعتبرت الأجنة أشخاصا بصفة مؤقتة، فإن انتماءها إلى النوع الإنساني يخول له حق الاحترام “[65]. إن احترام كرامة الإنسان واحترام ذاتيته وحريته يفترض عدم استعمال جسده بصفة عشوائية، بل إنّ مجرد اعتباره موضوعا للعلم والتجربة العلمية يعدّ ممّا يخلّ بتلك الكرامة. تقول نوال لنوار: “يجب احترام الإنسان لا فقط لكونه كائنا مختلفا، وإنما أيضا لكونه جزءا من ذاته، لذلك يجب ألاّ يكون موضوعا للعلم”. ومن هذا المنطلق يفترض عدم أخذ عينات من جسم الإنسان كالخلايا للمتاجرة بها، إذ يمنع مبدأ احترام الإنسان كل الأفعال المهددة للإنسان سواء تلك المتعلقة بجسمه أو بذاته. ثم إن مبدأ حماية حرية وحق الإنسان يملي احترام الحياة الخاصة لعدم استعمال واستغلال المعلومات المنتقاة من علم الوراثة إذ يمكن أن تهدد هذه المعلومات الحياة العائلية والمهنيّة والشخصيّة والاجتماعية لهذا الشخص، مما يسمح بالقول إنّ المسؤولية تنبجس من ضرورة احترام “الجينوم البشري”. وتؤكد نوال لنوار ذلك قائلة[66]: “إن الأرضية الوراثية تتطلب الحماية من إمكانيات الاستغلال والتحوير التي تمارس لغايات غير علاجيّة “[67]. إن مبدأ حماية حريّة حقوق الإنسان يملي منح الحرية الكاملة للفرد في رفض أو قبول التجارب الممارسة عليه، وذلك بصفة واضحة وجليّة. إن المعنيّ بالأمر يجب إن يطّلع اطلاعا ضافيا ووافيا، لا فقط على موضوع وطبيعة التجربة وتأثيراتها والوسائل المستعملة فيها فحسب، وإنما أيضا على زمن بداياتها ونهاياتها. وقد تمّ التّأكيد على هذا المبدأ في عدة إعلانات مختلفة منها طوكيو 1975 هلسنكي Helsinki 1964 ماي Maille 1988. ويحاول القانون الألماني كذلك أن يحدّ من التجارب الممارسة على الأجنة، كما يحال أن يحدّ من الاعتماد على الإخصاب الاصطناعي وليس ذلك إلا لغاية حماية مصالح الطفل، أما القانون الفرنسي فيعمد إلى معاقبة كل من يعتمد إلى برنامج الانتقاء الإنساني[68]. وتؤكد نوال لنوار ذلك قائلة:” إنّ الاستفهامات البيوثيقيّة ينظر إليها من وجهة حمايتها لحقوق الذات الإنسانية في كل تمفصلاتها الفرديّة والاجتماعيّة “[69]. وغنيّ عن البيان أنّ هذه المبادئ هي أساسا في خدمة احترام الكرامة الإنسانية وحماية حرية حقوق الإنسان. ويفترض مبدأ احترام الكرامة الإنسانية، كما يثير جون برنار، تأصيل الإنسان ككائن متفرد لا يمكن تعويضه. تقول نوال لنوار: “إن منطق الحزم في البيوثيقا يمنع الإنسان من أن يضر بالإنسان[70].

خاتمة

إن التقدم العلمي والثورة البيولوجية قد احتوى مضمونهما معطيات جديدة ساهمت إلى حد بعيد في تطوير الحياة الإنسانية، وتقليص عديد الأمراض والأوبئة، ولكنها في المقابل، عملت على تطوير جملة من الاعتبارات والمظاهر هزت مفهوم الإنسان، وأخلت بكرامته، وهددت نوعه. ولئن ذهب جون فرانسوا ماتي إلى محاولة محاربة هذا النوع من التمشي التقني، فلأنه يمثل تحويرا لحياة الإنسان ولمصيره. ولا مراء في أنّ الحياة الكريمة هي القيمة القصوى للإنسانية، ولكن دون فصل الإنسان عن إنسانيته. لذلك يبقى “التداوي بالإنسان” قرارا عائدا إلى الفرد، وإلى الضمير الإنساني الجماعي تعود مسؤولية الإيثيقية في أشكال موضعة الإنسان وفي اتخاذ الأجنة المضافة عينات للتجارب وفي استخدام كل أنواع التحوير للنوع الإنساني. فلما غدا الإنسان غير الإنسان والكائنات الحية غير الحياة فكيف التمييزّ الجذري بين الشخص والشيء؟ وهل الجسم شخصا؟ يطرح لوسيان ساف هذه الأسئلة[71].

إن تقنيات ما قبل عملية الإنجاب تترك لنا خيار استعمال الأمشاج والأجنة المجمدة والمتراكمة كوسائل يحسن استغلالها في معالجة بعض الأمراض. ولذلك تبقى عملية فصل الأجنة ووضعها في أوعية، وتجميدها، وإيداعها للتجارب مسؤولية جماعية تنبجس لحظة عدم تأصيل الجنين داخل رحم أمه. إنها عملية الفصل بين الحب والتناسل تلك التي فصلت الإنسان عن جسمه، فبات غريبا عنه لا يعرف له تعيينا ولا تحديدا! إنه إذن ذاك التحوّل بين الإنجاب والإخصاب والإخصاب والحمل، وما انجر عن ذلك من تفجر داخل البنى الاجتماعية للقرابة ومن تحول صورة الأبوة والأمومة وما يتولّد عن ذلك من إعادة النظر في هوية الذات وفي دلالة الزمان والمكان ونظام تعاقب الأجيال، وفي منزلة الجسد-الأداة، وما يمكن أن يفعل الإنسان بالإنسان. 


[1]-Bachelard Gaston, L’homme devant la science, rencontre international, la bacon neiere neuchater, 1952, p: 63.

[2] -Hottois Gilbert, Evoluer la technique, Paris, vrain, 1990, p: 50.

[3] -Kemp Peter, L’irremplaçable. Une éthique de la technologie, Paris, Cerf, 1959, p: 66.

[4] -Ibid. p: 67.

[5] -Ibid. P: 69

[6] -Hottois Gilbert, Evoluer la technique, op. cit, p: 15.

[7]– Bernard Jean, L’homme changé par l’homme, Paris, Chastel, 1976, p: 55.

 – [8] حمزة بشير ، ” الإسلام و المستحدثات الطبية في علم الإحياء ، الهداية عدد 4، سنة 21، تونس ص 59.

[9] -Boudouin J.L: Produire l’homme de quel droit? Etude juridique et éthique des procréations artificielles Paris, Puf, Pa ris, 1987, p: 36.

[10]– Ricœur Paul, Le temps de responsabilité, Paris, Fayard, 1991, p: 55.

[11]– Larousse, Paris, boudasse, 1998, p: 826.

[12] – قنبر، أيلي جورج، ” طفل الأنبوب ” إنجاز بشري في إطار مشاركة الله في الخلق، المسرّة كانون 1981 السنة السابعة والستون العددان 681 و672.

 [13]- Mattei Jean François,La vie en question. Pour une éthique biomédicale la documentation française. Rapport officiel au 1er ministère, p84.

[14]– Engler Y vont, Insémination artificielle intra conjugal (IAC). Développement de la définition et histoire, la nouvelle encyclopédie de bioéthique, ed. De Boeuk université bruxcelle 2001, p: 537.- 538.

[15]– Boudouin J.L, Produire l’homme de quel droit ? Etude juridique et éthique des procréations artificielles. Op. cit.p. 24.

[16] -Fermand leroy, « fécondation in vitro et transfert d’embryon », Nouvelle encyclopédie de bioéthique, p: 455.

[17]– Lansac jans, Problème éthique, l’insémination artificielle, Paris, Masson, 1991, p: 428.

[18]– Fernand Leroy, Banque d’embryen, Nouvelle Encyclodie Bioethique, op, cit, p: 85.

[19] -Kemp Peter, L’irremplaçable, Une éthique de la technologie Paris, Cerf, 1959, p: 146.

[20] -Bernard Jean, l’homme changé par l’homme, Paris, Chasetel, 1976, p: 84.

[21]– Notion philosophique, Dictionnaire I, PUF, A2 ; 1990, p: 1053.

[22]– Huert Doncet, «diagnostique prénatal», Nouvelle Encyclopédie de bioéthique, op. cit, p: 277.

[23]– Nisend Israil, «Procréation et nouvelle technologie» colloque international sur Biotique et droit de l’enfant, Monaco 28-30 Avril 2000, p: 31.

[24]– Testart Jaques, La procréation médicalisée, Paris, Flammarion, 1993, p: 20.

[25]– HOTTOIS Gilbèrt: La nouvelle encyclopédie de bioéthique, Boeuk université, burxelle, 2001.

[26]– VERSPIERN Patrick, le clonage humain et ses avatars, Etudes, Novembre 1990, autrement, Paris, p12.

[27]– Ibid.

[28]– VERSPIERN Patrick, le clonage humain et ses avatars, op. cit. p12.

[29]– Kemp Peter, L’irremplaçable, op. cit., p158.

[30]– Ibid.

[31]– Ibid.

[32]– Ibid.

[33]– VERSPIERN Patrick, le clonage humain et ses avatars, op cit. p: 20.

[34]– Ibid, p: 14.

[35]– KEMP Peter, L’irremplaçable, op cit, p: 145

[36]– Ibid. p: 146.

[37]– Jacob. François, La logique du vivant, Paris, Gallimard, 1970. p: 56

[38]– DAGOGNET François, la maîtrise du vivant, op cit., p: 75.

[39]-TESTART Jaques, La procréation médicalisée, op cit., p: 143.

[40]– Kemp Peter, L’irremplaçable, op cit., p: 156.

[41]-DAGONNET François, la maîtrise du vivant, op cit., p: 30.

[42]-Kemp Peter, L’irremplaçable, op cit., p: 145.

[43]-Jonas Hans, Le principe responsabilité, op. cit, p: 11.

[44]– Ibid.

[45]– Condorcet, Esquisse d’un tableau historique, Paris, Brissot nivas, 1822, p: 99.

[46]– Jonas Hans, Le principe responsabilité, op. cit, p: 50.

[47] -Ibid.

[48] -Castillo Monique, Le vide éthique, Paris, Puf, 1990, p: 20.

[49]– Russ J, La pensée éthique contemporaine, Paris Puf, 1994, p: 30.

[50]– Kemp Peter, L’irremplaçable. Une éthique de la technologie, Paris, Cerf, 1959, p: 66.

[51]– Jonas Hans, Le principe responsabilité, Paris, cerf, 1995, p: 13.

[52] -Russ Jacqueline, La pensée éthique contemporaine, op.cit, p: 65.

[53]– Castillo Monique, «Question d’éthique» Revue tunisienne des études philosophique, 1990, N°24-25, p: 11.

[54]– Lansac jans, Problème éthique, l’insémination artificielle, Paris, Masson, 1991, p: 77.

[55] -Landier Jean, La science, le monde et la foi, Paris, Gasterman, 1972, p: 15.

[56] -Testart Jaques, La procréation médicalisée, Paris, Flammarion, 1993, p: 20.

[57]– Testart Jacque, «Le mordue genre humain. », Revue de métaphysique et de morale n°3, 1987 p: 41.

[58]– Russ Jacqueline, La pensée éthique contemporaine, op. cit. p: 17.

[59]– Les Notions philosophiques, France,PUF, 1990, p: 26.

[60]– Kemp Peter, L’irremplaçable, op.cit, p: 147.

[61]– Kemp Peter, L’irremplaçable, op. cit. p: 147.

[62]– Jonas Hans, Le principe responsabilité, op. cit. p: 11.

[63] -JONAS Hans, Le principe responsabilité, op. cit. p: 11.

[64]– CASTILLO Monique, «Question d’éthique» Revue tunisienne des études philosophique N°24-25, p: 11.

[65]– LARGEAUT. A. Fogot, respect de patrimoine génétique et respect de la personne, Esprit n° 1991, p: 30.

[66]– LENOIR. Noël, «bioéthique, constitution et droit de l’homme», Diogène, n° 172 Octobre, Décembre, 1995, p: 22.

[67]– Ibid.

[68]– Ibid. p: 25.

[69]– Ibid.

[70]– JANINE Noël, que dire a un enfant qui se préoccupe de son origin? destine, Identité, Esf, Paris, p: 28.

[71]– SEVE Lucien, pour une critique de la raison Bioéthique, Odile Jacob, Paris, 1994, p: 30.


المراجع

المراجع بالفرنسيّة:

  • BOUDOUIN Jean. Louis, Produire l’homme de quel droit, Etude juridique et éthique des procréations artificielles, PUF, Paris.1987.
  • BLANC Marcel, « L’Etat des sciences et des techniques », Enjeux éthiques et philosophiques, éd. 1983-1984, Paris.
  • CONDORCET, Esquisse d’un tableau historique, Paris, Brissot nivas, 1822.
  • DAGOGNEt François, la maîtrise du vivant. Histoire et philosophie de la science, Hachette, Paris.
  • FREUD, Malaise dans la civilisation Paris, PUF, 1976.
  • FOX Robin, Entopologie de la parenté, une analyse de la consanguinité et de l’alliance, Gallimard, Paris 1972.
  • GROS François, vers un anti- destin ? Patrimoine génétique et droits de l’humanité, Paris, Odile Jacob, 1992.
  • HOTTOIS Gilbert, Evoluer la technique, Paris, Vrain, 1990.
  • Kant, Fondement de la métaphysique des mœurs, Paris, Vrain, 1997.
  • KEMP Peter, L’irremplaçable. Une éthique de la technologie, Paris, Cerf, 1959,
  • Jonas Hans, le principe responsabilité, Paris, Cerf, 1995.
  • Lansac jans, Problème éthique, l’insémination artificielle, Paris, Masson, 1991.
  • RICŒUR Paul, Le temps de responsabilité, Paris, Fayard, 1991.
  • RUSS Jacqueline, La pensée éthique contemporaine, Paris, PUF, 1994, p.15.
  • SEVE Lucien, pour une critique de la raison Bioéthique, Odile Jacob, Paris, 1994.
  • TORT Michel, le désir froid, Procréation artificielle et crise des repères symboliques, éd. de la découverte, Paris, 1992.
  • TESTART Jaques, La procréation médicalisée, Paris, Flammarion, 1993.
  • TERRE François, L’enfant de l’esclavage, génétique et droit, Paris, Flammarion, 1994.
  • VELDMAN France, le nom du père sa forclusion, Paris, Seuil 1980.
  • XAVIER Randers Enfance, santé Mentale et société, Paris, Louvrain 1994.

المعاجــــــــــم

المعاجم بالعربيّة:

  • لالاند موسوعة الفلسفيّة، المجلّد الأوّل(A-G)، منشورات عويدات الذات بيروت، باريس.
  • المعجم الفلسفي جميل صليبا، دار الكتاب اللبناني، 1982.
  • المعجم الطبي الموحد “مجلس وزراء الصحة العرب، منظمة الصحة العالمية، اتحاد الاطباء العرب، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم” طبعة3، سويسر1983.
  • معجم مصطلحات البيولوجيا، بدوي شريف فهمي، دار الكتاب المصري، القاهرة، الطبعة الأولى، 2002.
  • . معجم المصطلحات والشواهد لجلال الدين سعيد. دار الجنوب للنشر. تونس 1994

المعاجم بالفرنسيّة:

  • Hottois Gilbèrt, La nouvelle encyclopédie de bioéthique, Boeuk, Université burxelle, 2001
  • Lalande André, Vocabulaire Technique et critique de la philosophie, 16ème édition, Paris, PUF.1988
  • Le petit larousse, Paris, ed entièrement nouvelle Larousse boudasse, 1998.
  • Le petit Larousse, Dictionnaire encyclopédique, Paris, Larousse, 1993.

الدّوريـــــــــــــات

الدوريات بالعربيّة:

– الأخــزوري، بكر، “عينات من الممارسات العلماويّة وموقف الفقه منها”، وقائع ندوة مصرية عن أخلاقيات الممارسات البيولوجية أساسها في حماية الإنسان ودعمها للتنمية المتواصلة، القاهرة 27-30 سبتمبر 1997 عام 1998.

– بوحديبة، عبد الوهاب، “القيم الأخلاقية والاجتماعية والمسكوت عنه في قضية الاستنساخ”، الاستنساخ ندوة أبحاث المجلس الإسلامي الأعلى1418 – جوان 1997.

– حمزة، بشير، ” الإسلام والمستحدثات الطبية في علم الإحياء”، الهداية عدد 4، سنة 21، تونس. ص 19.

– الحامدي، المنصف، “اشكالية القيم الأخلاقية في ظلّ التطوّرات الطبيّة”، مجلة القضاء والتشريع عدد 9 السنة 40 رجب 1419 نوفمبر 1998 وزارة العدل تونس.

– ابن عبد الله أبو زيــــد، بكر،” طرق الإنجاب في الطب الحديث وحكمها الشرعي”، مجلة الفقه الإسلامي، الدورة الثالثة العدد الثالث الجزء الأوّل،1987.

– محمد، فوزي منير، أستاذ أمراض النساء كلية الطب جامعة عين شمس: أخلاقيات الممارسات البيولوجية أساسها في حماية حقوق الإنسان ودعمها للتنمية المتواصلة.

 

الدوريات بالفرنسيّة:

  • ALBER Brunois, L’enfant médicalement assisté, une interrogation universelle, Revue de sciences morale et politique N° 4, 1992, ed Gauthier Villars.
  • ABALLEA François et Garmen sota, La famille monoparentale, une marginalité en mutation, recherche sociale n° 85 Janvier -Mars, 1983.
  • Bachelard Gaston, L’homme devant la science, rencontre internationale, éd. Bacon neiere neuchater, 1952.
  • BACHELARD Gaston, L’homme devant la science, rencontre internationale, éd du Bacon neiere neuchater, 1952.
  • BADINET Robert, Un nouveau moyen de donner la vie”, les droits de l’homme face aux progrès de la médecine, de la biologie et de la biochimie. Revue de problème politique et sociaux n° 669.
  • CASTILLO Monique, « Question d’éthique » Revue tunisienne des études philosophique N°24-

مقالات أخرى

مجلة نقد وتنوير – العدد التاسع عشر (آذار- مارس) 2024

مجلة نقد وتنوير – العدد الثامن عشر (كانون الأول- ديسمبر) 2023

القرآن في التّديّن الصّوفيّ

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد