عمد الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر، في أخريات أيامه، إلى تخيُّرِ عنوان شعار لمجموعة مؤلفاته، مُطلقاً عليها هذه التسمية:” طُرُقٌ، لا مؤلفات!”.
لقد أراد، عبر هذا العنوان الطريف، التدليل على أن تجليات فكره – وأيّ فكر – لا يمكن اختزالها إلى عدد من الأطروحات، كون الفكر مُشَرّع الأبواب على آفاقٍ بلا ضفاف، وهو في تحولاته وفي حركته التساؤلية مستمرٌ، كما أمواج البحر التي لا يهدأ لها مدٌ ولا جزر!
استيحاءً من هذا العنوان/ الشعار، الذي يستبطن معاني غائرةً في بُعدها الفلسفي، فإننا، مع بعد الشقّة بيننا وبين ذلك الفيلسوف، ننهد من خلال هذه المقاربة إلى أن نسلك طريقاً نترصّدُ فيها صورة الآخر المختلف التي تصوغُها عقولٌ أعماها الجهل ورانَ عليها التخلف وسائر “القيم الهابطة”، إلى نفوسٍ يسكنها مرضٌ عُضال؛ فإذا بهذه الصورة حبيسةُ قوالبَ من “الإسمنت المسلّح” ، تعصى على الاختراق، وإذا بعقل السَجّان وبجُدُرِ السجنِ من مادةٍ بل من طبيعةٍ واحدة!
igniorance_de_lautre_mostafa