“بعد أن كافح الإنسان في الماضي كي لا يتحول إلى عبد،عليه أن يناضل كي لا يتحول إلى آلة… ” (آريك فروم) استلاب حرية
بدأت بوادر إعصار الثورة الصناعية الرابعة تنذر بتغيرات عاصفة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلا من قبل. إنها عصف شديد الوطأة بكل ما عرفته الإنسانية من خبرات وتجارب وأنظمة وأفكار وقيم، وسقوط مروع لكل الأنظمة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها الإنسانية عبر تاريخها المديد. إنها حالة من الانفجار الحضاري الشامل في مختلف أنماط الوجود الإنساني الذي ينذر بزوال جميع الأنظمة الاجتماعية والفكرية التي سادت عبر التاريخ الإنساني. إنه صورة مذهلة من صور الانصهار النووي بين ثورات متدافعة في مختلف مظاهر الوجود، انصهار تتقاطع فيه الثورات المعرفية بالطفرات التكنولوجية وتتحد ثورات الاتصال بالثورات المعرفية ليحدث نوع من الاندماج الأسطوري العجيب بين ثورات مدهشة في مختلف العلوم الإنسانية والفنون والعلوم الدقيقة. وتتحد هذه الثورات جميعها في صورة نظام معقد فائق الذكاء يفوق كل ما أبدعته الإنسانية من حكايات وأساطير وأوهام. وهي بعبارة واحدة حالة من التزاوج بين الذكاء البشري والذكاء الآلي بطريقة عبقرية ليس لها مثيل أو نظير.
وما على المرء إلا أن يطلق لخياله العنان في وصف معجزات الثورة الصناعية وسيرتد ومض الخيال خائبا مسحورا. وتلك هي المرة الأولى في التاريخ التي يضعف فيها الخيال الإنساني عن قدرته على وصف صيرورة التغير في الحياة الإنسانية لأن ما يجري من حوادث واختراعات يفوق كل أشكال التخيل ويرتد قاصرا عما نحن إليه آيلون في زمن الاندماج الثوري الرهيب بين مختلف الثورات الإنسانية في مختلف المجالات العلمية والوجودية.
فنحن نعيش اليوم في عالم متفجر بالذكاء الاصطناعي الذي يشكل الفضاء الذي نعيش فيه والذي يحيط بنا في كل مكان وفي كل لحظة من لحظات وجودنا، حتى في لحظات نمونا العميق وأحلامنا التائهة في ظلام الليل. ويتمثل هذا الذكاء الاصطناعي في تدفق هائل من المخترعات الذكية في عالم افتراضي عجائبي لم يسبق له مثيل، مثل: أجهزة تحديد المواقع (GPS) وبرامجه، والسيارات ذاتية القيادة، والطائرات المسيرة ( بدون طيار)، وبرمجيات الترجمة، والحاسبات الذكية، والروبوتات المذهلة، والطابعات ثلاثية الأبعاد، وأنترنيت الأشياء، والنانو التكنولوجي، والطبابة الرقمية بالحاسبات الذكية، والمحاماة البرمجية، ووسائل التواصل الاجتماعي المذهلة، والفضاء السيبرنتي، والمكتبات الرقمية، والسفر الافتراضي في دائرة الزمان، والمحاكاة الافتراضية في كل الأشياء.
ومن أجل تقديم تصور سردي بسيط للعالم الافتراضي الذي نشارف أن نعيش فيه في مستقبل قريب جدا ضمن فضاء سيبراني يدور كل شيء فيه حول الإنسان وسنستعير وصفا أدبيا لأحد الكتاب الذي يصف صورة من الحياة اليومية في عالم الثورة الصناعية الرابعة التي تدق علينا الأبواب بكل ما هو مدهش ومثير وعجيب بقوله:
” تستيقظ في الساعة السادسة صباحا، بعد نوم عميق على انغام ساعتك الذكية، في ذات اللحظة تدب الحياة في بيتك، في غرفة النوم تبدأ الإضاءة في ساعة من الصباح تستنير الغرفة ذاتيا، ويبدأ الحمام بالاستعداد كي تأخذ حمامك الصباحي المعتاد، وكذلك الحال في المطبخ. وبعد أن تنتهي من إفطارك تبدأ بارتداء ملابسك التي فصلت على مقاسك، وبعدها يبدأ محرك سيارتك بالعمل في الكراج استعدادا للذهاب للعمل. تحاول الاتصال بكبير المهندسين بالمصنع الذي تملكه، ولكنك تفاجأ بأن بطاريته على وشك النفاد، لكن الهاتف يعطيك تنبيهاً بأنه لا داعي للقلق فعملية استبدال البطارية تتم الآن داخلياً دون مشاكل. تستلم رسالة على هاتفك تفيد بأن إحدى الآلات في المصنع قد تعطلت وأن عملية التصليح الذاتي قد بدأت بالفعل وأنها ستنتهي خلال ساعة تقريباً. ليس من الضروري أن تذهب يوميا الى المصنع فالمصنع يدير نفسه بالكامل ويعتني بنفسه في كل الحالات الطارئة التي قد تستجد، وأن اليوم ذاهب هناك لمجرد الرغبة بالذهاب لا أكثر. هذا ليس فيلم من أفلام الخيال العلمي، نحن في عالم ما بعد الثورة الصناعية الرابعة، حيث أن كل ما تحتاجه مصّنع لك حسب طلبك ومن أجل زيادة رفاهيتك” [1].
وتتميز الثورة الصناعية الرابعة بفكرة محورية مفادها: “أن العالم يدور حولك ” فكل شيء مصمم لك وحدك ومن أجلك ». ففي ذاك الزمن، وهو قاب قوسين أو أدنى من يومنا هذا، سيقوم الزبائن باستخدام تطبيقات برمجية على هواتفهم الذكية للحصول على أي سلعة استهلاكية، ويكفي للمرء ببساطة أن يسجل مواصفات المنتج الذي يريده ليقوم المصنع بتصنيعه على المقياس وإرساله على الفور إلى أمكان السكن والعمل بصوة مبسطة لا عناء فيها. فعلى سبيل المثال “لو أن هاتفك الذكي عرف موعد نهاية عمره الافتراضي في المستقبل القريب، فسيقوم الهاتف بإعطاء ملاحظة للمصنع والذي سيقوم بدوره بتغيير مستويات انتاجه ليعكس المعلومات التي منحها إياه هاتفك الذكي. بمعنى آخر فإن عملية التغذية الراجعة الخاصة بالمنتجات المصنعة ستكون ذاتية مما يساعد المصنع بشكل تلقائي على تطوير طريقة تصنيعه”. وبمجرد أن يتوقف هاتفك الذكي عن العمل فستجد هاتفا آخر جاهزا تم تصنيعه خصيصاً لك ليحل محله على الفور، وسيكون الهاتف الجديد على نفس الشكل الذي تفضله والذي كان عليه هاتفك القديم المفضل[2].
وفي مثال آخر: ” عندما يدخل الزبون (امرأة أو رجل) إلى مخزن البيع، يبدأ بانتقاء الزي المطلوب (الموضة) من الصور المعروضة عليه، ثم يختار نوع القماش المطلوب، ليدخل بعد ذلك إلى «غرفة القياس»، وهي غرفة سرّية مغلقة تشبه غرف التصوير الضوئي القديمة وتحتوي على عدد من «الكاميرات الرادارية» المثبتة في أماكن مناسبة من الجدران والتي تلتقط مقاس الجسم بطريقة تجميع أكبر عدد من النقط لمحيطه بطريقة «المسح الضوئي». وبهذا يتحول محيط الجسم إلى شبكة من النقاط المتوزعة في الفراغ ثلاثي الأبعاد. وخلال دقائق قليلة تنتهي عملية القياس لتنتقل البيانات إلى أجهزة القصّ والخياطة الذكية بحيث يتم الانتهاء من صناعة القطعة المناسبة خلال دقائق”. [3] وهذه الأمثلة غيض من فيض عن التطورات الحادثة في مجال الصناعة والإنتاج والتكنولوجيا في الزمن القادم.
وكما هي فرص الثورة الصناعية الرابعة فهناك تحديات جسام، ولا تعدو أن تكون الصورة التي قدماها أكثر من الوجه الجميل لهذه الثورة، فلكل ثورة، كما لكل شيء في الوجود جانبين أحدهما يومض بالضياء وآخر ينكمش في الظل والعتمة، ولا تشكل الثورة الرابعة استثناء إذ تحمل في ثناياها كثيرا من الويلات وفي طواياها كثيرا من الإكراهات التي لن تروق لكثير من بني البشر. وفي هذا الوجه المظلم تكمن إشكاليات العطالة عن العمل والاغتراب الإنساني أو ما يسمى بتشيؤ الإنسان، وقضايا الضياع وفقدان الإنسان لذاته في مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي، والانقسام الطبقي الحاد، والحروب الاقتصادية، والأزمات الخطيرة في الحياة والمجتمع. وفي هذا البحث سنتوقف لمقارية التحديات التي تتعلق بسوق العمل وفقدان الوظائف وما ينجم عن هذه القضية من إشكاليات وقضايا إنسانية واجتماعية. والسؤال الرئيس الذي تطرحه دراستنا هذه: كيف ستؤثر الثورة الصناعية في سوق العمل؟ وهل يمكن في النهاية تحقيق التوازن في ميدان العمل مع مرور الوقت؟ وهل تحمل الثورة الصناعية في طياتها حلولا للمشكلات التي تطرحها في هذا الميدان؟
ويتضح في هذا السياق “أن سرعة الاختراقات العلمية الحالية لا يوجد لها مثيل في التاريخ البشري، إذ نرى بأعيننا تطور التقنيات الرقمية بسرعة مذهلة مقارنةً بالثورات الصناعية السابقة. واستطاعت هذه التطورات الجديدة أن تقلب موازين ومفاهيم التكنولوجيا السائدة إلى عهد قريب. فما كان ينظر إليه على أنه تكنولوجيا متقدمة تم نسفه تماماً وأصبح بلا فائدة اقتصادية، فنحن نرى بلايين البشر يتواصلون بواسطة الهواتف المحمولة مع إنترنت ذات سرعات خيالية، وقدرات غير محدودة للوصول إلى المعلومة، إضافةً إلى إنجازات تكنولوجية غير مسبوقة في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والمركبات الذاتية القيادة، والطباعة الثلاثية الأبعاد، وتقنيات النانو، والتكنولوجيا الحيوية، وعلوم المواد، والحوسبة الكمومية” [4].
بين الإنسان والذكاء الاصطناعي:
ويعتقد بعض الباحثين بأنه يمكن لمعطيات الأتمتة الاصطناعية في مضمار الثورة الصناعية الرابعة أن تحدث تغييرا جوهريا في وضعية العمل وقد تؤدي إلى إلغاء الشعار المعروف “العيش من أجل العمل“، واستبداله بشعار “الحياة من أجل الترفيه” وممارسة الهوايات، فعندما تؤدي الآلات الذكية معظم الأعمال والوظائف في المجتمع، يمكن للمواطنين تكريس مزيدا من الوقت للعمل التطوعي، وريادة الأعمال، والعيش مع الأسرة، والمشاركة المدنية، والنشاطات الإبداعية.
ويحمل لنا المستقبل في طياته الألفية الثالثة ما يفوق قدرتنا اليوم على الفهم، وما يتجاوز إمكانية التصديق، والأخطر أن حوادثه المحتملة قد تفوق قدرة البشر على التخيل. فهناك تغيرات مذهلة قد تفقد الإنسان توازنه الاستراتيجي في مواجهة التغيرات التي تعصف بمختلف مظاهر الكينونة والوجود. وفي تأثيرها على الأفراد، فإن الثورة الصناعية الرابعة “لن تغير فقط ما نقوم به ولكنها ستغير أيضا ما نحن عليه أي ستغير في جوهر هويتنا وكينونتنا. انها سوف تؤثر على هويتنا وجميع القضايا المرتبطة به: خصوصيتنا واستقلاليتنا وأفكارنا وأنماط استهلاكنا، والوقت الذي نكرسه للعمل والترفيه، وكيف نطور عملنا، ومهاراتنا وكيف نلتقي بالأخرين ونطور علاقاتنا معهم.
فالوظائف تتجه إلى الاختفاء والشركات إلى الاندثار، فالجديد يولد والقديم يموت من غير احتواء. والعالم يتغير والذهنيات تتبدل، وكأن الإنسان في عصف من جحيم التغير والتبدل والاختراع، التي يتحجر فيها الإنسان إلى حالة من التشيؤ والانصهار في عالم مادي تحكمه الآلات المدججة بالذكاء الاصطناعي. وإذ كان الإنسان في العصور القديمة يناضل كي لا يكون عبدا فعليه اليوم أن يناضل كي لا يكون آلة كما يقول أحد الحكماء.
وفي مواجهة هذا العالم المتدفق بالذكاء الاصطناعي فإن المجتمعات الإنسانية مطالبة اليوم بوضع استراتيجيات مضمخة بالأمل في مواجهة التحديات وتمكين الفرص في إقامة مجتمعات عادلة خلاقة. وهي معنية ضمن هذه الاستراتجيات الجديدة أن تقدم جوانب مضيئة في مجال احتواء مختلف التحديات ولاسيما مسألة الاغتراب الرقمي وتنامي الحضور المكثف للذكاء الاصطناعي وذلك لحماية الإنسان من الآثار السلبية للثورة الصناعية الرابعة.
وفي المجال التربوي فإنه لمن الواجب على الأنظمة التربوية في العالم أن تطور استراتيجيات جديدة لمواجهة مختلف التحديات الناجمة عن الثورة ولاسيما تحديات اختفاء الوظائف والعمل على تأهيل الناشئة تأهيلا مستقبليا يعتمد على احتمالات الذكاء الاصطناعي وتمكين الناشئة من الخبرات والمهارات والمعارف التي يمكنها أن تواكب حركة التطور التكنولوجي الهائل في العقود القادمة من القرن الحادي والعشرين. وفي الختام نقول بأن الإنسان استطاع حتى يومنا هذا أن يجد لكل معضلة مخرجا عبر تاريخه الطويل وهو بطاقته اللامحدودة وإمكانياته المذهلة لقادر على أن يحقق المستحيل، وكلنا أمل أن تجد الإنسانية طريقها المستنير في المحافظة على الكينونة الإنسانية في معركة البقاء والمصير.
فالروبوتات “تبدو مذهلة في قدرتها حالية ومستقبلية على احداث تغيير في الطريقة التي نحيا بها ونرى وجودنا من خلالها ونرى في المستقبل مظاهر لا نهائية لتغيير المنبثق عن تعايش الجماعتين الانسانية والروبوتية، مما ستبدو آثاره متبادلة على سوى الجماعتين على حد سواء فربما تتكاثر الروبوتات ذاتيا أو تتزوج مع البشر وترتاد محلات التجميل والأناقة وربما معالج بشري نفسي ليقنعها انها ليست بشرية”.[5]
خاتمة
يشير التطور الجاري في التقنيات البيولوجية إلى امكانية نشوء سلالات بشرية فائقة نتيجة التفاعل بين التركيبات الجينية للبشر وتخصيبها مع الذكاء الاصطناعي، فيصبح لدينا سلالة أكثر ذكاء أو أخرى أطول عمرا، وهكذا دواليك فسيما يسمى بوجود ما بعد البشريpost-humanism. وقد يقودنا هذا التطور إلى توليد كائنات هجينة كائنات نصف بشرية -نصف ألية. أو بعبارة أدق طبيعية جديدة شبه بشرية بواسطة المزج بينما هو بيولوجي وما هو آلي ضمن مكوناتها. وعندئذ سوف تكون عملية تميز الفروقات الشاسعة بين الكائنات الحية والروبوتات شبه حية بمثابة مهمة صعبة حيث تصل إلى حد التعقيد.
يقول رامي عبود في كتابه ديجوتوليا “: “عندما نشعر بالجوع، تصدر المعدة إشارات عصبية لتنبيه المخ إلى حاجة الجسم للتزود بالطاقة، ومن ثم نبدأ بشكل واعي في البحث عن مصدر للطعام لتلبية حاجة الجسم. هذا ما يحدث عادة في حالة الوجود البشري. أما في الوجود ما بعد البشري فأن تكنولوجيا المستقبل سوف تتخذ قرارات ذاتية نيابة عن صاحب المعدة الخاوية نفسه. وهنا تصبح المعدة ذكية مستقلة وقادرة على إرسال طلبات الطعام مباشرة إلى أقرب مطعم أو الاتصال بروبوتات طاهية لإعداد الوجبات اللازمة[6].
يقول عبود: “إن أحد السيناريوهات قد قيد التطوير في المختبرات، يتمثل في استنساخ الدماغ بطريقة اصطناعية أو إعادة تفعيله بعد وفاة صاحبه عن طريق أنظمة حاسوبية معقدة. وفي هذه الحالة نضمن استمرار الاستفادة من عقول العلماء والمفكرين بعد انتقالهم إلى حياة أخرى على سبيل المثال. بيد أن كثير من المعلومات المتوفرة حاليا عن الدماغ البيولوجي لاتزال غير كافية لاسيما وأنه يتضمن بلايين الخلايا العصبية التي ينبغي محاكاتها كمبيوتريا، ونحتاج اليوم سنوات طويلة من البحث والتجريب للوصول إلى نتائج مرضية. ويمكن القول بأن الجهود العلمية على الطريق لتحقيق ذلك في المستقبل ما بعد البشري [7] .
أما الأكثر إدهاشا من كل ذلك عندما نتمكن في المستقبل من إحياء (افتراضيا وليس بيولوجيا ) عبقريات غادرت وجودنا الدنيوي مثل نجيب محفوظ وغابرييل جارسيا ماركيز وإلبرت إنشتاين وستيف جوبز وإدوارد سعيد وغيرهم عبر تطبيقات محاكاة المخ البشري في هذه الحالة سوف نضمن استمرارية عطائهم الفكري والعلمي عبر حضورهم الافتراضي. ولعل هذه الفرضية قد غادرت مؤخرا دائرة المحال والمتعذر واستقرت في دائرة الممكن والمستطاع، نتيجة التطور المتلاحق في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والابحاث العالمية المتفرقة التي تحاول محاكاة المخ البشري داخل بيئة كمبيوترية ولابد وانها ستعاود تقدمها في المستقبل القريب لينتهي إلى دائرة الثابت واليقيني الذي لا يحتمل الشك[8].
في هذه الحالة مثلا، “إن اغتيال القادة السياسيين أو الروحيين مثل مارتن لوثر كينغ والمهاتما غاندي وجيفارا، لن يعود حقا يجدي نفعا في المستقبل فعبر تكنولوجيات المحاكاة بـ”الهولوجرام” أو الروبوتات “الهيومندية” أو الواقع الافتراضي أو ما قد يستجد لاحقا، قد نجد مارتن لوثر كينغ بين أنصاره يشعل الميدان بخطاباته الملتهبة ضد التمييز العرقي، ليس في الولايات المتحدة فقط وانما كذلك في بلدان اخرى حول العالم وبلغات محلية عديدة. وقد نجد قاندي يسير بثوبه الشهير في شوارع الهند بينما يبعث الإلهام في أجيال الانترنت أو جيفارا يقود حركات مقاومة ضد استخدام الروبوتات المقاتلة بصورة غير مكافأة ضد شعوب العالم الثالث “[9]. وإن “التبعات المرتبة على ذلك جدا مدهشة في ظل إذابة الفواصل بين عالم الأحياء وعالم آخر غامض. قد تبدو هذه السيناريوهات مجد خيالات علمية أو سرديات خرافية مثل تلك التي يعج فيها فضاء الانترنت إلا أن الانترنت ذاته كان في الماضي القريب خيالا علميا هو الآخر ثم تحول إلى حقيقة نلمس وجودها جميعا في حياتنا بنفس الوتيرة التي سوف نلمس بها وجود موتانا في حياتنا المستقبلية” [10].
هوامش ومراجع :
[1] – ورد هذا الوصف في عدد من الدراسات دون الإسناد إلى المصدر الأساسي.
[2] – محمد نجيب السعد، الثورة الصناعية الرابعة. . هل نحن مستعدون؟ جريدة الوطن العمانية، 6 فبراير، 2016،. متوفر: http://alwatan.com/details/97392
[3] – Eric Schmidt & Jared Cohen , The New Digital Age: Reshaping the future of People,Nations and Business،(United States: Alfred A. Knopf، 2013)
[4] – سلام أحمد العبلاني، وعود الثورة الصناعية الرابعة منعطف هائل في تاريخ البشرية، مرجع سابق.،
[5] – رامي عبود، ديجيتولوجيا، الإنترنيت، اقتصاد المعرفة، الثورة الصناعية الرابعة… المستقبل. العربي للنشر والتوزيع، القاهرة 2016. ص 25.
[6] – رامي عبود، المرجع السابق ،ص 100.
[7] – رامي عبود، المرجع السابق ،ص 101.
[8] رامي عبود ، مرجع سابق 122 .
[9] – رامي عبود ، مرجع سابق ، 123.
[10] – رامي عبود ، مرجع سابق ، 123.
20 تعليقات