إشكالية التعميم في البحوث النفسية والتربوية

التعميم في البحوث

مقدمة:

لقد أدى التفجر المعريف الذي نعيشه اليوم إلى زيادة الحاجة إلى الدراسات والبحوث، التي أصبحت ضرورية أكثر من أي وقت مضى من أجل الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المستمدة من العلوم .

يعترب البحث العلمي ميدانا خصبا ودعامة أساسية لتقدم ورفاهية اإلنسان، باعتباره نشاطا فكريا منظما، يقوم على تقصي وتتبّع الحقائق حول مشكلة معينة وفق منهج خاص، من أجل حل مشكلة، أو استقصاء وضع معني، أو تصحيح فرضية، أو التحقق من صحة نتائج توصلت إليها دراسة سابقة. كما يهدف العلم إلى الاستفادة من الدراسات السابقة، على اعتبار أن المعرفة متراكمة، وتبدأ من حيث انتهى إليه اآلخرون.

إن من أهم مبادئ البحث العلمي “التعميم”، الذي يتمثل في الوصول إلى حلول ملائمة أو إلى نتائج صاحلة للتعميم على المشكالت المماثلة،ويعتمد على متماثا الجزئيات وتشابه الظروف.

حيث يتم تعميم نتائج العيِّنة موضوع البحث على مفردات المجتمع الذي أُخِذَتْ منه، ومن ثم تعميم ما يتوصل إليه الباحث على جزئية ما إلى جميع الحالات المتشابهة، والخروج بقواعد عامَّة يستفاد منها في تفسير ظواهر أخرى مماثلة. وإذا كانت عملية التعميم سهلة في العلوم الطبيعيَّة، فإنها لا تختلو من الصعوبة التي قد تجعل منها عملية محفوفة بالشك والارتياب في العلوم الاجتماعيَّة والإنسانيَّة.

إذا كانت الظواهر الطبيعية تتميز بتجانس الصفات الأساسيَّة، فإن الأمر مختلف بالنسبة للعلوم الاجتماعيَّة، أين بختلف البشرُ يف شخصيَّاتهم وعواطفهم ومدى استجاباتهم للمؤثرات المختلفة ممَّا يصعبُ معه الحصول على نتائج صادقة قابلة للتعميم.

يعتبر التعميم مصدر قلق كبير للباحثبن في العلوم الاجتماعية والنفسية بصفة خاصة، حيث يشير هذا الأخير إلى صحة الفرضية التي تم اختبارها وتأكيدها عن طريق التحليل الكمي أو الكيفي، في المقابل فإن الفرضية التي تفتقر إلى مثل هذا التعميم هي فرضية عدبمة الفائدة.

ولأن علم النفس أصبح علما مستقلا عن الفلسفة والفيزيولوجيا منذ سنة 1879م – حين أنشأ العالم الألماني (وليم فنتيليام فونت Wundt Wilhelm) أول مختبر لعلم النفس، يهتم ببحث ودراسة كل ما يتعلق بالإنسان وأيضا التنبؤ بسلوكيات الأفراد والجماعات ورد فعلهم المستقبلي-، فإن تعميم النتائج أصبح أمرا مهما جدا، ليس فقط من خلال تحليل البيانات ومن ثم تعميم النتائج على مجتمع أو عينة أكبر، وإنما أيضا لإبجاد حلول لمختلف المشاكل النفسية لكل أفراد الجمتمع والتحكم فيها .

من هذا المنطلق، فإن التعميم القائم على أخذ عينات غير صاحلة، أو التطبيق عليها دون تمحيص واعتناء بمعايير التعميم، يمكن أن يؤدي إلى التقييم الخاطئ للتعميم في كثير البحوث والدراسات النفسية.
لذا فإن الغرض من هذا المقال هو توضيح مفهوم التعميم، وأهم أنواعه سواء تعلق الأمر بالبحوث الكمية أو الكيفية، ومن ثم التعريج على معوقات التعميم في العلوم النفسية والتربوية. 

مقالات أخرى

تعدّد الطّرق الصّوفيّة

جماليّة التّناصّ في الشّعر الصّوفيّ

“زيارة” الضّريح بإفريقيّة مطلع العصور الوسطى

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد