قراءة في حقوق الأقليات في مجتمع المدينة النبوية

مقدّمة :

كانت الهجرة أول فتح حقيقي بدون دماء، ويمكن اعتبار الهجرة المحاولة السلمية الخامسة التي خاضها النبي الكريم لبناء الدولة، فبعد مكة ثم الطائف ثم الحبشة ثم الحيرة، نجح أخيراً في توفير أرض خصبة لانطلاق الرسالة وبناء الدولة في المدينة المنورة.

لم يسجل بالطبع في هذه المحاولات الخمس أيّ عمل عنيف، وكانت إرادة السلم هي التي تحرك سائر جهده، على الرغم من أن الفترة التي امتدت ثلاثة عشر عاماً قد واجه فيها رسول الله الحصار والتجويع والاضطهاد وقتل عدد من أصحابه تحت التعذيب، ولكنه لم يتحول قطّ إلى العنف جوابا على  العنف، واستمر في البحث والإعداد حتى سعدت يثرب تلك القرية الوادعة بهجرة الرسول إليها، ودخلها في مهرجان روحي وفني غامر تنشده فتيات المدينة طلع البدر علينا من ثنيات الواع، وكان ذلك إيذاناً ببدء مرحلة بناء الدولة على أساس من الإيمان.

صحيفة المدينة النصّ المؤسس لرعاية الأقليات :

كان على النبي الكريم أن يواجه واقعاً جديداً في المدينة، فالبلدة ليست مسلمة بالكامل، والذين اختاروا الإسلام فيها لم يكونوا كل الناس، وظلت أقليات موجودة في المدينة من اليهود والنصارى والوثنيين، وهو ما يمكن فهمه تفصيلاً من خلال دراسة وثيقة المدينة التي كانت بمثابة إعلان أوّل دولة مدنية حقيقية في الإسلام.

إن أوّل ما يدهشك في صحيفة المدينة أنها تمكّنت من توفير طمأنة الجميع في المدينة، ولم يسجّل نزوح أيّ رجل من أهل المدينة، فقد وجد الجميع ظروفاً تمكّنهم من العيش بسلام وممارسة حياة ناجحة، وربما كان هذا وحده يكفي لفهم طبيعة الرحمة التي جاء بها رسول الله للعالم،  وهو هدي من حكمة ونور لا يشبه في شيء ما تابعناه في السّنوات الأخيرة  حين وصلت التنظيمات الإسلامية المسلحة إلى عدد من المدن في العراق والشام تحديداً، وكان أوّل ما  تابعه العالم من أمر هذه “الغزوات” أو “الفتوح” هو هروب الآلاف من الناس وبشكل خاص من الأقليات إلى المجهول والعذاب والقهر فقد أصبح واضحاً أن كل ما يحلمون به من أمن ومساواة وحرية بات مهدداً تماماً.

إن وثيقة المدينة كانت حدثاً غير عادي، فقد نصّت بوضوح على حقوق الجميع، وكانت  بمثابة عقد  اجتماعي جديد يمنع احتكار الحياة واحتكار السلطة، وكان يهود المدينة قد اعلنوا تمسكهم بدينهم ورفضوا الدخول في الدين الجديد، ومع ذلك فقد نصت وثيقة المدينة بوضوح: إن المسلمين ويهود بني عوف أمة واحدة من دون الناس.

وهناك جدل بين المؤرخين في تأويل نص الوثيقة الذي جاء فيه أن يهود بني عوف أمة واحدة مع المؤمنين، ولكن أحداث السيرة لا تأتي على ذكر هذه التسمية لليهود وإنما تتحدث عن بني قينقاع والنضير وقريظة، وقد أخرجوا من المدينة نتيجة نقضهم للعهد الذي ابرمه معهم رسول الله، ولكن من هم يهود بني عوف.

لدى مقاربة نصوص سيرة ابن اسحق تحديداً فإنه يمكننا الوقوف على نحو إحدى عشرة قبيلة يهودية كانت في المدينة وهي إضافة إلى الثلاثة المذكورة، قبائل يهود بني ساعدة ويهود بني جشم ويهود بني النجار، ويهود بني الأوس ويهود بني ثعلبة ويهود جفنة ويهود بني الشطيبة ويهود بني زريق.[1]

ويترجح أن اسم يهود بني عوف تشمل جميع هذه القبائل، وأن اليهود ظلوا يعيشون في المدينة إلى آخر أيام الرسول الكريم، إلا من نكث العهد وغدر بالمسلمين وهم تحديداً قبائل قينقاع والنضير وقريظة.

 لم يجد أيّ يهودي او مسيحي سبباً يدعوه للخروج من المدينة في ظل الواقع الجديد، ولولا الغدر الذي وقع فيه أفراد أساسيون من قينقاع والنضير لاستمرّ هؤلاء في المدينة، وفي واقع اقتصادي قوي، ولكن من  المؤسف أنّ قبائل اليهود في المدينة المنورة لم تلتزم بالعقد الذي أبرمه معها رسول الله، ونقضت العهد ثلاث مرات متتالية، وانتهى ذلك كلّه بيوم مرير لبني قريظة بعد أن قام أشرارهم بخيانة فاجعة يوم الخندق، وتعاونوا مع مشركي قريش على اجتياح المدينة، ولكن الله سلم، إنه عليم بذات الصدور، وتمت معاقبة المقاتلة منهم في يوم شهير[2].

ولعل من أوضح الأدلة على بقاء اليهود في المجتمع الإسلامي أن رسول الله مات ودرعه مرهونة عند يهودي كما يرويه الإمام البخاري عن عائشة، ومعنى ذلك أن اليهود ظلوا في المدينة بعد إجلاء القبائل الثلاثة وأن أفراداً منهم كانوا في واقع اقتصادي قوي لدرجة أنهم كانوا يقرضون الدولة التي كان يمثلها سول الله.

إشارات نبوية هادية في احترام ثقافة الأقليات:

مهد النبي الكريم لهذا الواقع السياسي من التّعايش في نصوص كثيرة، وقد تجاوز الأمر، في حقوق التعايش، مسالة العيش المشترك إلى قضايا أكثر عمقاً وأهمية، حيث تحدث النبي الكريم عن المشترك بينه وبين رسالات الأنبياء، وعدّ نفسه مجرّد لبنة في تاريخ النبوات به تكتمل وتغتني، وقال: مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى داراً فأحسنها وأكملها وأجملها إلا موضع لبنة فكان الناس إذا مروا بتلك الدار يقولون ما أجمل هذه الدار لولا موضع اللبنة فكنت أنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين.

من الواضح أن هذه النصوص تهدم الحاجز النفسي الذي تبنيه الأقليات للحفاظ على هويتها، وها هنا فإن الرسول الكريم يجعل مشروع الأنبياء رسالة واحدة يتمّم بعضها بعضاً، فلم يقل أنا كل الأنبياء، ولم يقل أنا كل النبوات وإنما قال أنا لبنة في تاريخ النبوات ولبنة في تاريخ الأنبياء.

ومن جانب آخر فقد سبق الودّ لهذه الأقليات عندما اختار رسول الله أن يترك قبلة قومه إلى الكعبة ويتوجه صوب بيت المقدس، ولا شك أن في ذلك ما يكون قد أعطى دفعاً روحياً كبيراً  لأبناء  الديانات السماوية حول تكامل رسالة الإسلام مع رسالات النبوات السابقة.

وربما كانت مواقف النبي الكريم من النجاشي أكثر المحطات إلهاماً في وعي الإسلام بالاختلاف الإيجابي بين الناس، فقد كان النجاشي نصرانياً، ومع ذلك فإن النبي الكريم تحدث مراراً عن مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين، وكانت وفود النجاشي تتوالى إلى مكة أولاً ثم إلى المدينة. ومع أن النجاشي تمسك بعقيدته ولم يتحول إلى الإسلام بالمعنى الدقيق للكلمة  إلاّ أنّه ظلّ يحظى بأكبر احترام من قبل المسلمين، وظل يُنظر إليه على أنه الرّمز الأعظم  الذي يجسّد التّواصل  بين الديانتين والتّكامل بينهما.

وحين مات النجاشي قال النبي لأصحابه مات الليلة أخوكم أصحمة بن أبحر النجاشي قوموا بنا نصلي عليه، فقال عدد من الصحابة كيف نصلي على رجل ليس على ملتنا ولم يدخل في ديننا؟ا فأنزل الله قرآناً يتلى: “وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلاً أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب” سورة آل عمران، الآية 199.

ومع ذلك استمر عدد من الصحابة  في الاعتراض وقالوا: كيف وقد عاش الرجل نصرانياً يصلي إلى بيت المقدس ولم يصل ركعة واحدة صوب مكة؟ فأنزل الله أروع آيات القرآن الكريم، وأكثرها انفتاحاً وتسامحاً وسعة أفق، في نص رائع يرسم أوسع انفتاح ديني: “ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم” سورة البقرة، آية 115.

وفي السياق نفسه فإن النبي الكريم وجّه الأمة باتجاه بناء ثقافة مساواة واحترام بين أبناء الأمة الواحدة على الرغم من اختلاف الدين والمذهب، واعتبر الإسلامُ الإيمان بالأنبياء والكتب السماوية ركنين  من أركان الإيمان لا تصح عقيدة بدونهما، وأمضى نصف عمر الرسالة يشارك النصارى قبلتهم، وأمضى كلّ عمر الرسالة يصلي على أنبيائهم، ويوصي باتباع ملة إبراهيم، لم يكن يرى أن رسالته تتمثل في هدم ما أنجزه الأول، بل كان يواصل ما صنعوه، ويؤسس على ما أنجزوه، ويؤمن بالمشترك الإنساني، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أولى بها، ونصوص القرآن طافحة بهذه الحقيقة، ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك، والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك، ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك، كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم، واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا، إلى عشرات النصوص القرآنية التي تدعو الأمة إلى الاعتبار بما أنجزه الأوائل واقتفاء نجاحاتهم فيما وفقوا إليه وتجنب عثراتهم فيما سقطوا فيه.

ربما كان أجمل اختصار لهذه الحقيقة ما أخرجه البخاري في الصحيح عن الرسول الكريم: مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى داراً فأحسنها وأكملها وأجملها إلا موضع لبنة، فكان الناس إذا مروا بهذه الدار يقولون ما أحسن هذه الدار!! لولا موضع اللبنة!! فكنت أنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين.

وقد نص القرآن الكريم على مساواة العباد في رحمة الله ورزقه وعطاياه، في أول آية  من كتاب الله: الحمد لله رب العالمين، وجاءت آخر آية في القرآن هي أن الله رب الناس ملك الناس إله الناس، فلم يقل رب المسلمين ولا العرب ولا المؤمنين، بل جعل سائر الخلق دون استثناء عيالاً له، تماماً كما قال الرسول الكريم: الخلق كلهم عيال الله، وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله.

إن الله واحد ولكن أسماءه كثيرة، والحقيقة واحدة ولكن الطرق إليها كثيرة، والإشراق واحد ولكن الأديان متعددة، والحبّ واحد ولكن القلوب كثيرة.

وفي القرآن الكريم تكرر مرتين قول الله تعالى: “إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون” سورة البقرة، آية 62.

بل إن القرآن الكريم اشتمل على أربعة عشر موضعاً  تكرر فيها قول الله تعالى: مصدقا لما بين يديه، فهو لم يقل: مبطلاً لما بين يديه، أو ناسخاً لما بين يديه، أو ناسفاً لما بين يديه، أو ملغياً لما بين يديه، بل قال مصدقاً لما بين يديه ومهيمناً عليه، وهذا المعنى يشمل التوراة والزبور والإنجيل من الكتب السابقة، ويشمل الحكمة والعلم مما يتطابق مع المقاصد العظيمة للدين الحق.

ولا شك أن هذه الروح النبوية في احترام الناس، وربط الإيمان بالأنبياء والدعوة إلى معرفة ما بين الأنبياء من إخاء وتواصل كانت جزءاً من المنهج التربوي الذي قدمته السنة النبوية لبناء مجتمع مطمئن يستقر فيه الناس ويختارون إيمانهم في ظروف من الحرية والرضا واليقين.

الجزية.. وسيلة لإنهاء الحرب وليس أصلاً للتعامل مع غير المسلم:

ظل عنوان الجزية يمثل أكبر ظاهرة تمييز في التاريخ الإسلامي، واستمرت تطبيقات الجزية المختلفة تشكل رهقاً وعناء على الأقليات، ولا تزال الجزية إلى اليوم على رأس اعتراضات غير المسلمين على الفقه الإسلامي.

ومن الواجب أن نقول إن أمر الجزية كان سلوكاً حربياً وأنه ليس أصلاً في التعامل مع الآخر المختلف دينياً، وأن قيام الدولة الحديثة على أساس العقد الاجتماعي يسمح بوقف تطبيق الجزية على أساس الالتزام بالنص القرآني: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (سورة المائدة، آية1)، وكذلك قوله تعالى: فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم (سورة التوبة، من الآية4)، وكذلك قوله تعالى: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً ( سورة الإسراء، الآية34)، وقوله تعالى: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله (سورة الأنفال، من الآية61).

ومن الجليّ أن الله تعالى قال: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها، ولم يقل وإن جنحوا للإسلام، وبذلك تركهم وما يدينون، ولكنه نظّم وجودهم في الدولة الإسلامية بعقد اجتماعي مناسب.

ولا شك أن هذه العهود بين الأقليات وبين الدولة قد قامت منذ عقود طويلة، ودليل ذلك هو بقاء هذه الأقليات في واقع اقتصادي واجتماعي قوي وفّر لهم الاستمرار أربعة عشر قرناً، وذلك عبر منطق العقد الاجتماعي الذي كان يختلف من زمان لآخر، ولكنه يبقى في سياق أوامر الشريعة باحترام العهود، وكان أي واقع سياسي يرث الحال  ملزما شرعاً بتنفيذ العقد الاجتماعي المؤسّس وفق ما سقناه من الآيات الكريمة وعموميات كثيرة مثلها في الكتاب والسنة.

وزيادة على ذلك فإن ظروف الدولة الحديثة قد أنشأت علاقات مختلفة كلياً عن الأعراف التي كانت سائدة في الماضي، وقد تأسست هذه العلاقات على الدساتير الاتفاقية، وأصبحت بمثابة العقد الملزم، ويتعين على الأمة المسلمة احترام ذلك على أساس مبدأ الوفاء بالعهود.

والجزية في الأصل تصرّف حربي في مواجهة محاربين مسلحين لهم خصومتهم مع الدولة الإسلامية، وهذا هو مضمون الآية الكريمة: “قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون” (سورة التوبة، الآية 29)، فمن الواضح أن الجزية هي نتيجة الصدام العسكري المسلح، ونتيجة صراع إرادتين سياسيتين كلاهما يريد الاستقلال بالدولة، ولا شك أنه لو انتصر الجانب الآخر لم يكن للمسلمين أن يحلموا بالجزية، بل إن الأعراف كانت آنذاك تطبق قاعدة الناس على دين ملوكها، فكانت الجزية في الحقيقة سبيلاً توافقياً لإنهاء الحرب، وبناء لعلاقة ندّيّة واقعية تحرس السلام، وتحول دون اشتعال الحرب مرة أخرى.

ومن المؤكد أن هذا اللون لا وجه له أبداً مع الكتابيين الذين لا يختارون الحرب، ويوافقون على الانخراط في الدولة المسلمة، وهاهنا فإن الفقهاء جروا على العمل باحترام الكتابيّين الذين اختاروا الجزية بوصفها لوناً من الالتزام المالي للدولة يشبه التزام المسلمين أمام الدولة بالخراج والزكاة، وها هنا يتعين أن يؤدوا الجزية بدون صَغار كما يؤدي المسلم الزكاة والخراج بلا صَغار، وتكون الجزية في مقابل تأمين الحماية والحراسة التي كانت تتم عن طريق الجهاد، وهو ما لا يرغب الكتابيون أن يشاركوا فيه.

“ولو  طلب قوم  ممن يعقد لهم الجزية عرب أو عجم  أن يؤدوا الجزية باسم الزكاة لا باسم الجزية وقد عرفوها حكماً وشرطاً وأن يضعف عليهم أجيبوا إلى ذلك إن رآه الإمام وسقط عنهم الإهانة واسم الجزية اقتداء بعمر رضي الله عنه في نصارى العرب لما قالوا له نحن عرب لا نؤدي ما تؤديه العجم، فخذ منا ما يأخذ بعضكم من بعض، يعنون الزكاة ولم ينكر عليه فيه أحد، فكان إجماعاً، وعقد لهم الذمة مؤبداً فليس لأحد نقض ما فعله هذا”[3].

وقد فصل الإمام ابن رشد الجزية على ثلاثة أصناف فقال: الجزية ثلاثة أصناف:

جزية عنْوية وهي هذه التي تكلمنا فيها أعني التي تفرض على الحربيّين بعد غلبتهم.

وجزية صلحية وهي التي يتبرعون بها ليكف عنهم, وهذه ليس فيها توقيت لا في الواجب ولا فيمن يجب عليه ولا متى يجب عليه وإنما ذلك كله راجع إلى الاتفاق الواقع في ذلك بين المسلمين وأهل الصلح …

وأما الجزية الثالثة فهي العشرية … (والمقصود المعاملة كالمسلمين في دفع الخراج مع زيادة بدلية لكونهم لا يجاهدون) وممن قال بهذا القول الشافعي وأبو حنيفة وأحمد والثوري، وهو فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه .[4].

فالجزية إذن جزية عقد ورضا، وجزية إرغام وصغار، وهذا التقسيم مارسته الدول الإسلامية في معظمها مع الأقليات، واعتبر مقبولاً ومتقدماً في عصر ما قبل الدولة الحديثة.

ونجدّد القول إن الجزية لم تكن أكثر من سبيل لإنهاء الحرب، ولا يمكن اعتبارها  ثابتا من ثوابت الفقه الإسلامي في حقوق الأقليات وبناء مجتمع المواطنة والتشارك.

تطبيقات فقهية أدت للتمييز ضد الأقليات

ومع هذا فإن هناك تطبيقات مارسها حكام مسلمون للجزية كانت تشويهاً سيئاً لروح الآيات ومقاصدها، ومن ذلك الإمعان في إذلال أهل الذمة تحقيقاً لمعنى الصغار في الآية دون تفريق بين جزية الصلح وجزية العنوة، وفي بيان ذلك نختار هذا النص:

“وتؤخذ الجزية بإهانة (الذمي) فيجلس الآخذ ويقوم الذمّي، ويطأطئ رأسه ويحني ظهره، ويضعها في الميزان ويقبض الآخذ لحيته ويضرب بكفه لهزمتيه،(وهما مجتمع اللحم بين الماضغ والأذن)….  ويقول له يا عدو الله أدِّ حق الله، وكل ما ذكر مستحب وقيل: واجب”

وهذا النقل في طريقة تحصيل الجزية ورد في عشرات كتب الفقه على سبيل الإنكار، ولم أجد أحداً أقره، ولكن إيرادهم له دليل على اشتهار هذا اللون من السلوك لدى العسس والحكام.

وقد رد النووي على هذا النقل بقوله: “قلت هذه الهيئة باطلة، إذ لا أصل لها من السنة ولا فعلها أحد من الخلفاء الراشدين ….. ودعوى استحبابها فضلا عن وجوبها أشد خطأ والله أعلم، فيحرم فعلها على الأوجه لما فيها من الإيذاء من غير دليل”[5].

ومن ذلك أيضاً أن بعض الفقهاء اعتبروا أن الجزية تشرع لمعاقبة من لم يدخل في الإسلام ولو كان بدون اعتداء:

“لا يقاتل من لم تبلغه الدعوة حتى يدعوه إلى الإسلام وأما من بلغتهم الدعوة فيستحب أن يعرض عليهم الإسلام ويدعوهم إليه ويجوز بياتهم بغير دعاء، ثم الذين لا يقرون بالجزية يقاتلون وتسبى نساؤهم وتغنم أموالهم حتى يسلموا والذين تقبل منهم الجزية يقاتلون حتى يسلموا أو يبذلوا الجزية”[6].

ولا شك  أنّ هذا التصور مناف بالمطلق لمنطق القرآن الكريم الذي نص غير مرة على منع الإكراه في الدين،  مثلما نص على أن قتال المشركين مقيد بمن يقاتلنا منهم: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يجب المعتدين (سورة البقرة، آية 190).

وعلى الرغم من الرأي المتشدد لدى الشافعية في إرغام الوثنيين والمشركين على الإسلام، وعدم جواز عقد الصلح معهم إلا لضرورة مؤقتة،  فإنّ الفقهاء ظلّوا دوماً يأخدون بخيار الحنفية والمالكية في جواز الصلح الدائم مع المشركين، وأن الصلح ينقضه الاعتداء وليس الكفر.

العهدة العمرية… أوضح صور الجزية الصلحية وإنصاف الأقليات:

ربما كان أوضح مثال لعقد الجزية الصلحية هو ما عقده الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب لأهل مدينة القدس عند فتحها صلحاً، ومن الواضح تماماً أن العهدة العمرية التي كتبها لهم عمر كانت تشكل مدخلاً صالحاً لحماية حقوق الأقليات وتحقيق اندماجهم وتشاركهم في بناء أوطانهم، إذ سافر عمر بنفسه إلى الشام للقاء أبي عبيدة وجيشه في الجابية ومنها توجه معهم إلى القدس، وهناك التقى الأسقف سفرنيوس وتسلم مفاتيح المدينة المقدسة منه في أجواء احتفالية لا يبدو فيها أيّ مظهر من تجبّر الغالب وسحق المغلوب، بل قام بكتابة العهدة العمرية التي لا يزال النصارى إلى اليوم يعلقونها في صدر كنائسهم وأسقفياتهم رمزاً للعدالة وحرية الأديان.

ونص العهدة العمرية كما ساقه المؤرخون: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين[7].

ولا يبدو في الجزية المفروضة هنا إلا قدر من الالتزام المالي تجاه الدولة لتأمين الحماية والأمن، وقد كان هذا مقبولاً في تلك المرحلة من التاريخ، ويسجل لعمر بن الخطاب أنه حقق هذه الغاية بمنتهى الرقي والاحترام لخصمه، وتأمين الاستقرار لهذا الجزء العزيز من الوطن الذي كان الروم يحتلونه، وليس في موقف عمر شيء مما ورد في كتب الفقه بعد ذلك من وجوب إذلال أهل الذمة وتحقيرهم، عبر أداء الجزية من المغلوب للغالب[8].

ويجب الإشارة هنا إلى أن هذا النص الذي رواه الطبري شيخ المؤرخين قد تعرض لتشويه كبير عبر التاريخ، وتناقل الرواة صيغة أخرى للعهدة العمرية، رواها البيهقي، وهو نص يختلف اختلافاً جذرياً عن النص المشهور، وتغلب عليه صيغة الاستعلاء والاستكبار والإذلال، ومما ورد فيه على لسان النصارى المعاهدين: “ألا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة، ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا نجدد ما خرب منها، وألا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل ولا نهار، وأن ينزل من مر بنا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم، وأن نوقر المسلمين، وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم، في قلنسوة، ولا عمامة، ولا نعلين، ولا فرق شعر، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم، ولا نركب السروج، ولا نتقلد السيوف، ولا نتخذ شيئا من السلاح، ولا نحمله معنا، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية، ولا نبيع الخمور، وأن نجز مقاديم رؤوسنا، وأن نلزم زينا حيثما كنا، وأن نشد الزنانير على أوساطنا، وألا نظهر الصليب على كنائسنا،  ولا نخرج شعانين ولا باعوثا، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا”[9].

ومن المؤكد أن هذا النص بالصيغة المذكورة ليس له علاقة من قريب ولا من بعيد بالعصر الذي كتب فيه، فلم يكن في عصر الصحابة شعانين ولا باعوثاً، ولم يعرف النصارى بشد الزنار على أوساطهم إلا في عصر الحروب الصليبية، ولكنه على الرغم من ذلك حظي برواية جمع كبير من المؤرخين والمحدثين وخاصة الحنابلة منهم، وقد رفع هذه الرواية البيهقي بالإسناد إلى عبد الرحمن بن غنم، وعنه نقل ابن كثير في التفسير، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وعنهما نقل ابن زبر الربعي في شروط النصارى، والبهوتي في كشاف القناع، وابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم، واعتمدها الحنابلة عموماً.

ومن المعلوم أن الطبري المتوفى 310 هجريّا أسبق من البيهقي المتوفى 458 بنحو مائة وخمسين عاماً، وأسبق كذلك من ابن كثير المتوفّى عام 774  وابن عساكر المتوفّى عام 571، وكان من المنطقي أن يأخذ اللاّحق عن السابق، ولكن التشدد يختار دوماً الأشد عنتا،ً ولا يلتفت إلى ما هو أقرب إلى روح الإسلام في التسامح والمساواة.

ولا يعرف تاريخ عمر بن الخطاب أنه شهد فتح مدينة مسيحية إلا القدس، ولا يعرف في تاريخه أنه كتب عهداً للنصارى إلا في القدس، وهو ما تدلّ له الروايتان المتناقضتان.

الرسول الكريم يخوض حرباً لحماية الأقليات وإنصافهم:

 قدمت لنا السنّة النبويّة سلسلة مواقف ووصايا في رعاية الأقليات حتى من غير أهل الكتاب، وقدمت السنة النبوية سلسلة وصايا  تعتبر مدخلاً لبناء الدولة الحديثة، فقد هدم الإسلام الجاهلية القديمة التي كانت تفرض أن يكون الناس على دين ملوكهم، وأن يكون تحول الملك من دين إلى دين ملزما للرعية، بل جدد التأكيد على حق الناس في اختيار ما يعتقدون، وفق إعلان قرآني كريم ورد مباشرة بعد آية الكرسي التي هي أعظم آية في القرآن الكريم وهو قوله تعالى: لا إكراه في الدين (سورة البقرة، من الآية 256).

وربما كان من أوضح الأمثلة على ذلك فتح مكة، حيث لا يختلف اثنان أن سبب الفتح الأعظم كان الانتصار لخزاعة بعد أن هاجمها سفهاء قريش، وقتلوا عدداً من أفرادها في ظلال الحرم، واعتبر ذلك نقضاً صريحاً لصلح الحديبية الذي وقعته قريش مع النبي الكريم قبل عامين.

وكانت خزاعة تنصح لرسول الله مؤمنها وكافرها، لقد كانت خليطاً من الوثنيين والمسلمين، تجمع مصالحهم الموالاة للنبي الكريم، ودخلوا في حلفه بعد يوم الحديبية كما دخلت بنو بكر في حلف قريش.

وبتعبير الدولة الحديثة فإن خزاعة وهي قبيلة عربية كبيرة انضمت إلى دولة النبي الكريم، ونالت حقوق المواطنة، ولم يكن من شرط المواطنة أن يدخل هؤلاء في الإسلام، وهي مسألة دقيقة، يخلط فيها الناس، فالشهادتان والصلاة والصوم والزكاة والحج هي شروط دخول الجنة وليست شرط دخول الوطن، فالوطن ينبغي أن يتسع للجميع، أما الجنة فلها شروطها التي يحاسب فيها الله تعالى وحده وعلى الناس الالتزام بهديه ونوره ودعوته.

وفي السيرة النبوية أن عمرو بن سالم وفد مشتغيثاً إلى النبي الكريم، وأنشد قصيدته الشهيرة:

لا همَّ إني ناشد محمداً، حلف أبينا وأبيه الأتلدا

إن قريشاً أخلفوك الموعدا، ونقضوا ميثاقك المؤكدا

هم بيَّتونا بالهجير هجداً، وقتلونا ركعاً وسجداً

فانصر رعاك الله نصراً أرشدا، وأْمر عباد الله يأتوا مدداً

لم يسأله النبي الكريم آنذاك عن صلاته وصيامه ولا عن نسكه وحجه، فهذه الأمور حق الله، والله يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون، ولكنه فقط أكّد له حقه كمواطن في أن يحظى بحماية الدولة بغض النظر عن موقفه الاعتقادي أياً كان.

نعم لقد كان الاعتداء الذي قامت به قريش وبنو بكر على خزاعة اعتداءً على مواطن غير مسلم، ولكن مسؤولية الدولة الإسلامية حيال مواطنيها لا تقرره مذاهبهم الاعتقادية، بل تقرره حقوقهم الوطنية وفق القاعدة التي أكّدها النبي الكريم، الناس سواسية كأسنان المشط، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.

ويمكن القول إن السبب المباشر لفتح مكة هو الانتصار لمواطنين غير مسلمين تعرضوا للاضطهاد والظلم، وكان من واجب الدولة المسلمة حمايتهم والانتصار لهم.

 خاتمة :

 إنّ كل ما كتبناه في موقف الفقه الإسلامي من منح الأقليات حقوقهم على أساس المواطنة وعلى أساس المساوة لا يقنع الفريق المتشدد الذي يرى أن الأمر على ما مات عليه الرسول، وأن آخر ما نزل في شأن الأقليات هو قوله تعالى: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (سورة التوبة، الآية 29 ).

 هكذا نكون قد بينا في هذا المقال موقف الفقهاء الكرام من فقه الجزية والتمييز الواضح تماما بين جزية الصغار التي هي نهاية الحرب بين غالب ومغلوب، وبين جزية العقد الصلحي كما قررها ابن رشد، وهي لون من العلاقات الدولية المتطورة يمكن أن تختار فيها الدولة ما يناسب حالها وواقعها.

وفي سياق هذه الفهوم المتناقضة فإنني أدعو إلى فهم أعمق لكتاب الله وفق ما فهمته الأمة خلال التاريخ، فهذا القرآن مبين وقد فصلت آياته، وقد فهمه المسلمون خلال التاريخ على أنها نصوص تعايش وتسامح وتراحم، وبناء على ذلك عاشت الكنائس والمساجد متجاورة خلال التاريخ الإسلامي، ولم تقم دولة مسلمة بهدم الكنائس أو إحراق ما فيها من كتب العقيدة المختلفة المناقضة للإسلام، ونحن هنا بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن يكون القرآن مبيناً فهذا هو فهم الأمة، وإما أن يكون غير مبين فتكون الأمة قد فهمته خطأً، وعلى عكس المقصود، وفهمه على وجهه الصحيح الخوارج في الماضي والمتشددون من الحركات التكفيرية المعاصرة.

إن العراق على سبيل المثال الذي احتضن الخلافة الإسلامية أكثر من خمسة قرون شهدت أعظم مراحل الحضارة الإسلامية، كان ولا يزال متحف أديان، من إسلام ونصرانية ويهودية وصابئة ويزيدية وزرداشتية ومندائية وبهائية وكاكائية وشبك وغير ذلك، ولا تزال هذه الأديان متجاورة بمعابدها وتراتيلها ولم يقم أي من الخلفاء المسلمين باستئصال دين آخر على قاعدة الولاء والبراء، بل ساد خلال الحضارة الإسلامية منطق لكم دينكم ولي دين، ولم يتعرض للإهانة إلا من اعتدى على المسلمين، ولم يحصل أن تعرضت هذه الأقليات للإبادة إلا على يد الخوارج الذين كانوا يرون كفر مخالفيهم، وهو الأمر الذي يتشابه فيه الفكر الخوارجي القديم والجديد.

وما قلناه عن العراق نقوله عن دمشق عاصمة الخلافة الأموية، والقاهرة عاصمة الأيوبيين، ونقوله عن القدس معراج رسول الله، فهذه هي المدن الرئيسية التي شهدت حضارات الإسلام الكبرى ولا تزال فيها المساجد والكنائس في عافية، “ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعأً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين” (سورة يونس، الآية 99).

وأختم بهذا النص القرآني المبين الذي جعل الأمة الإسلامية مسؤولة بالتضامن والتكافل عن حماية معابد الأديان على اختلافها، تأسيساً على الحرية الدينية وحقوق الناس في المجتمع الإسلامي، “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز” (سورة الحج، من الآية 40).

مراجع الدراسة : 

– [1] انظر سيرة ابن اسحق ج1 ص 22 وانظر ابن سعد في الطبقات الكبرى ج 6 ص 203

[2]- ويجب الاستدراك هنا بأن قصة بني قريظة تعرضت للمبالغة خلال التاريخ، وبلغ عددهم في بعض الروايات 900 قتيل، والصحيح ما رواه البخاري أن النبي قتل منهم المقاتلة، ولا نحفظ في التاريخ من أسماء الذين قتلوا يوم بني قريظة إلا نحو خمسة أفراد هم حيي بن أخطب وكعب بن أسد وغزال بن سموأل، وامرأة ألقت حجراً على خلاد بن سويد  فقتلته، ورواية ابن زنجويه في كتابه الأموال حديث رقم  359 أن عدد من قتل منهم كان 38 رجلا.

[3] – أسنى المطالب  ج1 ص 187

[4] – ابن رشد، بداية المحتهد ونهاية المقتصد ح1 ص 406

[5]– المنهاج للنووي ج1 ص 452 

[6] – اعانة الطالبين ج4 ص11

 [7]- تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ث449 

[8] – في هذا السياق نسير مثلاً إلى نص ابن عابدين في رد المحتار ج 16 ص81 في تفسير الآية: حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وَتَكُونُ يَدُ الْمُؤَدِّي أَسْفَلَ وَيَدُ الْقَابِضِ أَعْلَى قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ يَأْخُذُ بِتَلْبِيبِهِ وَيَهُزُّهُ هَزًّا وَيَقُولُ أَعْطِ الْجِزْيَةَ يَا ذِمِّيُّ … وفي رواية أعط الجزية يا عدو الله !!…… وَيَصْفَعُهُ فِي عُنُقِهِ، الصَّفْعُ أَنْ يَبْسُطَ الرَّجُلُ كَفَّهُ فَيَضْرِبَ بِهَا قَفَا الْإِنْسَانِ أَوْ بَدَنَهُ.

9-  ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، تفسير الآية 29 سورة التوبة.[9]

 

 

 

مقالات أخرى

ماجد الغرباوي : سلطة الفقيه والتشريع وفق منهج مقتضيات الحكمة

بيداغوجيا البرهان في فضاء الثورة الرقمية

ثوابت العدوان في العقيدة الصهيونية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد