يظهر استخدام مفهوم العائق الإبستيمولوجي في حقل العلوم التجريبية والرياضية مألوفا، فقد بيّن باشلار في دراسته لتطور المعرفة العلمية، وخاصة الثورة العلمية المعاصرة في مجال الميكروفيزياء والرياضيات اللاإقليدية، أن ذلك ما كان يمكن ليحصل دون تجاوز العوائق الإبستمولوجية، هذه العوائق التي عملت المعرفة اللاعلمية على غرسها في بنية الوعي، بما في ذلك الحس المشترك، الملاحظة المباشرة، البداهة، اليقين، التطبيق العملي )…( في حين أن المعرفة العلمية المعاصرة تقوم على مبادئ وأسس جديدة مناقضة تماما لما سبقها. لقد أصبحت المعرفة تقوم على منهج البناء العقلي للحوادث بالإنطلاق من الفرضي إلى التجريبي.
في مجال العلوم الإنسانية وفيما يخص الموضوع المدروس، أي التراث العربي الإسلامي، فإنه يمكن اعتبار التكفير عائقا يحول دون تطور القراءة النقدية، لأن الخطاب الديني وضع مجموعة من الطابوهات أو المجرمات بمثابة مقدسات لا يحق للدراسة العلمية أن تتطرق إليها. وفي حالة اختراق الباحث لهذه الحدود الحمراء، تشتغل آلية التكفير كرد فعل دفاعي، لتضع حدا لهذه الاختراقات بإقصاء الباحث من دائرة الإسلام ووضعه في دائرة أخرى رغما عنه و هي دائرة الكفر، مما يجعل القارئ المسلم لا يثق في أفكار الباحث ونظرياته، لسبب واحد كونه ليس مسلما، وبالتالي لا يمكن لنظرياته أن تخدم الإسلام. العلاقة التي أقامها الخطاب الديني المنغلق مع غير المسلم، هي علاقة عداوة وصراع، فوجود الآخر وجود آثم ليس له من مبرر إلا هدم الإسلام. متابعة القراءة