إرادة القوّة في حالة الضّعف

إرادة القوّة في حالة الضعف

الملخص:

إنّ إرادة القوّة من طرف الإنسان في حالة ضعفه هي تحسّس الاستقواء على منطق الخيبة في الوجود. هذه الخيبة عبّرنا عنها بالضعف الذي يداهم الإنسان في وجوده. وحقيق بنا في هذا الموطن أن نشير إلى أنّ محاولة المرء الاستقواء على الخيبة هي محاولة ثلاثيّة المواجهة. مقدّمتها محاولة التغلّب على المشهد المكانيّ الذي يمثّل شحّا وقفرا، وذلك عن طريق تحقيق الذات بتحريرها من تأثيرات الخيبات التي طرأت على المأوى في آنية اللّحظة.

أمّا جوهرها فسعي الذات إلى مجابهة كرّ الزمان من خلال تأصيل الكيان، وهو ما نتبيّنه في علامة بثّ الحياة في الربوع الموات ومحاورة الديار واستحضار بعض الأيقونات. فمظاهر الحياة التي محاها الزمن أعادها الإنسان في مضماره الخطابيّ الإيحائيّ الرامز الذي لا يعدو أن يكون حلما جميلا.

أمّا خاتمتها فمقاومة الدثور بفرض عالم حياتيّ مجازيّ، القصد منه نحت الوجود. وهذا يعني أنّ الذات الإنسانيّة في سياق معاودة الوجود بغية تأصيل كيانها وتحقيق ذاتيّتها أو تذويتيتها ونحت وجودها، هي ذات قد رسمت عالمها الحالم وشكّلت أحلامها في لوحة الواقع[1] الذي أخضعته العين الرائية والمشخّصة لنشاطها.

الكلمات المفاتيح: تأصيل الكيان – تحقيق الذات – إحلام الواقع – الدثور الكونيّ – الإدراك التذويتيّ.

Abstract:

The will to power on the part of man in a state of weakness is a feeling of bullying on the logic of disappointment in existence. This disappointment is expressed by the weakness that overwhelms man in his existence. It is true for us in this homeland to point out that the attempt of one to gain strength over disappointment is a three-way confrontation. Its premise is an attempt to overcome the spatial landscape that represents scarcity and desperation, through self-realization by liberating it from the effects of the disappointments that occurred in the shelter in the immediate moment. Its essence represents the self’s quest to confront the affliction of time through the rooting of the entity, and this is what we see in the sign of breathing life into the dead quarters, the dialogue of the homes, and the evoking of some of the times. The manifestations of life erased by time are restored by man in his rhetorical and suggestive context, which is nothing more than a beautiful dream.

The conclusion of this confrontation was represented in resisting the revolution by imposing a figurative world of life, the aim of which is to sculpt existence. This means that the human self, in the context of re-existence in order to root its entity, achieve its subjectivity or subject it and sculpt its existence, is a self that has drawn its dreamy world and formed its dreams in a painting of reality that the visionary and personifying eye has subjected to its activity.

Keywords: the rooting of the entity – self-realization – dreams of reality – cosmic destruction – subjective realization.


1- العتبة البحثيّة أو النّص المنطلق:

تقول ميمونة:

“الشجاعة أن تصبر على الشكّ ويقوى له قلبك. الشجاعة أن ترضى بنفسك وقصورك ونقصانك وعجزك، أن لا تطمح إلى الجبال وترضى بالأغوار والوهاد. كفاني التعالي لتسقط الأعالي على الأسافل تعجيلا بالدمار تعجيلا بالقضاء”.

فتُجيب ميارى:

“سنخلق الرياح العواصف ونخلق الرعود الزلازل. سنُنشئ السّد ونُنشئ الحب”.

فينتصر غيلان لفكرة ميارى قائلا:

“نعم سنُنشئ ونخلق، سنعلّم هذه الأرض الشجاعة والبأس والشدّة حتى يتوب أهلها من الهزل والجبن وحبّ القحط. وننفخ في كلّ شيء حياة. ولنقوّمنّ الصخور فتقع مواقعها من السدّ. لننشئنّ ولنخلقنّ خلقا لأنّ القوّة والوثبة فينا”.

فتنتهي ميمونة إلى القول:

“هذه يا غيلان النهاية وإنّي لأرى إلى بعيد بعيني. أرى ويلا، دمارا وثبورا. كانت ميارى عُتيّك وستكون خسرانا. اللّيلة ليلة الخيبة والسقوط هويّا”[2].

2- المقدّمة:

حين نتحدّث عن إرادة القوّة الإنسانيّة مذّ حالة الضعف المحسوس، نكون مذّاك إزاء واقع الصورة. نقصد الصورة الواقعيّة التي جسّدت المنظر الوجوديّ. نعني الواقع الباعث على العناء والخراب والبلى والإقفار والوحشة. وهي مظاهر فاجعة للذّات الإنسانيّة.

ولعلّ في التقاء المشهد الفاجع بالواقع الواجع ينشأ نوع من الإيقاع المرير في الوجود وهو ما نعبّر عنه بالإنشاد الفنائيّ أو بمناشدة الفناء كحسّ تفجّعي على الوجود الذي تحوّل من الإعمار إلى الدّمار. ومثل هذا الجدب وهذا الفراق يُشعران الذات الإنسانيّة بالعقم. وهذا ما يُعرف بنشأة الكون (Cosmogonie)، وهو الأمر الذي جعل المرء يعاني حالة مأساويّة دامية[3].

والرأي عندنا، أنّ الإنسان وهو يقف في الكون يشخّص علاماته ومظاهر الدّمار فيه فيمقط هذا المنظر الخلّب القُلّب مقطا. فإنّه بذلك يقوم بفعل خلّاق قوامه استلال الوجود من رحم الدّمار. فليس كحسّ الموت للذّات مروّعا، ذلك أنّه حسّ الزّوال في عنفوانه استعدادا لنسف الموجودات.

3- في الخلق الأنطولوجيّ:

من نافلة القول، أنّ الذات الإنسانيّة تعي جيّدا أنْ لا حول ولا قوّة لها أمام حقيقة القدر المحتوم، وبالرغم من ذلك تؤمن بالإبداع والخلق. وهذا ما عبّرنا عنه باستلال الوجود الخلّاق من رحم العدم القوّة الدهريّة الداهمة.

وضمن هذا الإطار يقول غيلان متحدّيا الفرض الكونيّ المقدّر على الإنسان: “سنُنشئ ونخلق سنعلّم هذه الأرض الشجاعة والبأس والشدّة حتى يتوب أهلها من الهزل والجبن وحبّ القحط. وننفخ في كلّ شيء حياة. ولنقوّمنّ الصخور فتقع مواقعها من السدّ. لننشئنّ ولنخلقنّ خلقا لأنّ القوّة والوثبة فينا”[4].

نفهم أنّ بناء السّد هو صرح الذات الذي يحميها من المخاطر الكونيّة. يسعى غيلان أنموذج الذات الخلّاقة إلى نحت موطئ قدم في الوجود تنقدح عنده شرارة الإدراك الذاتيّ. فالإنسان دون إنشاء وخلق وابتكار وتحدّ، هو نسي في الوجود منسيّ. فحظّ الذات المسكونة بتأصيل كيانها هو ألّا تستسلم للضعف وتسلم قيادها للعدم، بل عليها أن تقارع العدم وتبني سدّها صرحا يحميها من مظاهر الزوال. وهذا من استدعاء القوّة والتطلّع إليها إبّان حلول العدم في كلّ شيء.

فمن يُمعن النظر في المركّبات االفعليّة التي يتصدّرها التنفيس [ستُنْشئُ– سنخلق – سنعلّم – نعلّم…] يُلاحظ سعي الإنسان إلى تكرار ولادة الكون وتعمير المكان وبذلك يتّجه المعنى إلى التبرّك أو التقديس المرتكنيّ. ومن ثمّة فإنّنا نؤوّل العدم أصل النوائب، على أنّه قوّة تنشّط إرادة الذات. فالنوائب لم تعد تُعطّل مسار انوجاد الموجود في الوجود، إنّما أصبح الكائن ينشط بالنوائب.

4- في مُقارعة العدم:

تولّدت إرادة القوّة رغم حلول الهزيمة المهدّدة للذات. فلا غرو أنّنا نلحظ تغيير المسار الوجوديّ من مأساويّة الفناء – أي الصورة الواقعة في الواقع وهو ما نُعبّر عنه بواقع الصورة –   إلى نشيد إنتشاء وهو ما أردنا تسميته صورة الواقع. نقصد الصورة المنتقاة والمشتهاة من قبل الذات التي عليها يُبنى الوجود الأفضل والأمثل. إذن فإنّ عدول غيلان بطل المسعدي عن الواقع في صورته الأصليّة إلى خلق الواقع في صورته الاشتهائيّة يمثّل خلقا جديدا للوجود وولادة متجدّدة للكون. وعلى هذا الأساس يكون قد رسم نموذجه المثاليّ في الحياة[5].

ولعلّ هذا ما يتيح للمرء فرصة نسف الافتقار الماثل في الوضع الماحل وفي الواقع القاحل فيتسنّى له بذلك تشييد إرادة الاقتدار. والوجه فيما نقول أنّ واقع الصورة المتمثّل في وجود أقفر، سفت عليه الرمال وعصفت به الرّياح، أصاب الذات الإنسانيّة ضعفا وافتقارا، بيد أنّ نفي الذات لواقع الصورة الافتقاريّ وغوصها في صورة الواقع المتمنّاة، تكون قد باعدت المشاكلة الحقيقيّة المتمثّلة في الواقع الفظيع وعكست رؤيتها له وفق إدراكها البصيري والمحدوس والمأمول.

وبناء على ما تقدّم فإنّ القوّة الحادسة المشتهاة التي أنشأتها الذّات الشاعرة بخلقها الوجود خلقا جديدا تكون قد خلقت قيمة الاقتدار تمرّدا على الافتقار. فلا مراء من أنّ غيلان في عدوله عن واقع الصورة وخوضه غمار صنع صورة الواقع، يكون قد أعاد للذات أفضليّتها الكونيّة المتمثّلة في الاقتدار فكان سمّوها على افتقارها. أوَ ليس استبدال واقع الصورة بصورة الواقع يجلّي انتقالا من الافتقار الوجوديّ إلى الاقتدار الأنطولوجيّ؟

بلى «الإنسان لا يُشاكل بصورة الواقع الذي يصوّره مشاكلة حقيقية لأنّه يصوّر هذا الواقع في ذاته ويعكس رؤيته له. ومن ثمّ فإنّه حين يعرض لتصويره يحرص على أنْ يخلق صورته خلقا جديدا… ومثل ذلك يفرض على الدّارسين استكشاف تلك العلاقات الجديدة التي خلقها الأدباء بين عناصر الصورة المختلفة»[6].

وبذا يكون المرء المتأمّل للكون بصريّا وبصيريا قد تفجّع لاضمحلال الفضاء الخصيب ومخافته الزمن الرهيب. وبموجب ذلك صحّ منه العزم على تحويل رهبته من الواقع الفظيع إلى رغبة ذاتيّة تجلي في جوهرها الحلم الباعث على حبّ الحياة وطيبها. هي رغبة قوامها تحويل الواقع حسب أهوائه وميولاته.

5- في الاقتدار تمرّد على الافتقار:

إنّ واقع الصورة بما هو حركة الزمن الخؤون قد حوّله غيلان بمعيّة ميارى-وإن كانت طيف خيال-إلى صورة واقع يحكمها الإدراك الذاتيّ. هذا الإدراك الذي يُمثّل فعلا إراديّا خلّاقا وإحساسا بقدرة الذات على الخلق والانبعاث. ولهذا كان لابُدّ من ردّ الاعتبار إليها. واستنادا إلى هذا، فإنّ تدرّج الذات من الافتقار إلى الاقتدار قد حوّل الخطاب القوليّ الدائرة رحاه بين فواعل القصّة: [غيلان، ميمونة، ميارى] من نشيد فناء إلى غناء انتشاء.

إنّ اقتدار الذات في هذا الموضع هو تصييرها جحفل الابتلاء والأتراح محفل انتشاء وأفراح. فلا مراء من أنّ هذا من شأنه أن يُضفي على الفضاء المكانيّ جوّا احتفاليّا احتفائيّا. والفضل في ذلك عائد لا محالة إلى القوّة المخياليّة للذات التي هي للوجود خلّاقة وللإرادة عشّاقة ووعيها بقدرتها الذاتيّة وتأهّبها للحركة النشيطة الخفية[7]. وضمن هذا السياق، يمكن أن نطعّم التحليل بالمثال ليكتمل السبيل البحثيّ.

صوة الواقع الماحل القاحل:

“الشجاعة أن تصبر على الشكّ ويقوى له قلبك. الشجاعة أن ترضى بنفسك وقصورك ونقصانك وعجزك، أن لا تطمح إلى الجبال وترضى بالأغوار والوهاد. كفاني التعالي لتسقط الأعالي على الأسافل تعجيلا بالدّمار تعجيلا بالقضاء”[8].

“سنخلق الرياح العواصف ونخلق الرعود الزلازل. سنُنشئ السّد ونُنشئ الحب”

فينتصر غيلان لفكرة ميارى قائلا:

“نعم سنُنشئ ونخلق سنعلّم هذه الأرض الشجاعة والبأس والشدّة حتى يتوب أهلها من الهزل والجبن وحبّ القحط. وننفخ في كلّ شيء حياة. ولنقوّمنّ الصخور فتقع مواقعها من السدّ. لننشئنّ ولنخلقنّ خلقا لأنّ القوّة والوثبة فينا”[9].

6- في التدبّر الوجوديّ أو الواقع المشتهى:

إنّ تدرّج الذات من افتقارها المأوى والمرأة والأحبّة إلى اقتدارها على تصيير الإعمار يسري في الدمار وتحويلها خواء الكون خصبا وجوديّا هو استبدال واقع الصورة الفظيع بصورة واقع رفيع. نقصد إزاحة الضعف في جحفله العدميّ الفظيع بحثا عن الإرادة سليلة القوّة في لحظة تشهد مداهمة الضعف الذّات. وهو ما وسمناه باستلال الوجود من رحم العدم.

وهكذا فإنّ غيلان قد محا الحاجز الضعفيّ الماثل في العدم وبثّ الحياة في الوجود تجاوزا للهنات وإضفاء قيمة على الحجارة الموات. فهو القائل: “لنقوّمنّ الصخور فتقع مواقعها من السدّ. لننشئنّ ولنخلقنّ خلقا لأنّ القوّة والوثبة فينا”[10]. ومن ثمّة يكون قد شكّل الطبيعة فكرا وأحال الفكر إلى الطبيعة[11].

نُلاحظ أنّ التأمّل الذاتيّ للوجود وقد أضناه العدم أضحى تدبّرا للوجود وفهما للكون واعتبارا للحياة. وإذا كان مبحثنا في إرادة الذات التي تُمثّل سمّو القوّة على حالة الضعف المفروضة كونيّا، فإنّنا نلاحظ أنّ عدول الذّات عن واقع الصورة ووُلوجها في صورة الواقع كان بدافع الانفعال والعاطفة[12].

 نقصد الانفعال المتولّد عن صدمة الذات إزاء خلّب المكان كما نقلته لنا ميمونة قائلة: “الشجاعة أن لا تطمح إلى الجبال وترضى بالأغوار والوهاد. كفاني التعالي لتسقط الأعالي على الأسافل تعجيلا بالدّمار تعجيلا بالقضاء”[13]. ونعني بالعاطفة حبّ المرء للحياة ومتعلّقاتها. وهو الشأن لدى غيلان للحياة خلّاقا. يقول: “سنُنشئ ونخلق، سنعلّم هذه الأرض الشجاعة والبأس والشدّة حتّى يتوب أهلها من الهزل والجبن وحبّ القحط. وننفخ في كلّ شيء حياة. ولنقومنّ الصخور فتقع مواقعها من السدّ. لننشئنّ ولنخلقنّ خلقا لأنّ القوّة والوثبة فينا”[14].

7- في علاقة الأَلف بالإِلف:

نلاحظ أنّ دوس غيلان على واقع الصورة وتوقه إلى صورة الواقع أو رفضه حالات انكساراته وتطلّعه إلى اقتداراته، خلق ألوفا تحنّ إلى الإلف. والإلف في هذا المقام حمى في عرض الصحراء أو دارة ذات منظر عجيب فيها ميلاد كون رحيب. فالتّوق إلى الإرادة هو هاجسلا ينفصل عن حبّالكون المأوى والمرتكن[15].

إنّ واقع الصورة المتجسّد في رؤية ميمونة هو مأساة تنوء على الإنسان بكلكلها وتجعله مسيّجا بانكسارات جمّة من بينها حياة غائمة [سقوط الأعالي، التعجيل بالقضاء، التعجيل بالدّمار] وشجاعة غائبة [الشجاعة أن لا نطمح إلى الجبال] ومظاهر خراب قائمة [الرضاء بالأغوار والوهاد].

إنّ واقع الصورة المأساويّ الذي أصاب من الذات الانكسار هو واقع فظيع جعل الذات تعيش جزع الحياة وقلق الوجود بما باعتبارهما حدثيْن ليس للإنسان عليهما يدان[16]. وقد اجتمعت لذلك ثلاثة معاجم وهي:

معجم الأسر الوجوديّ أو الشح الكونيّ الماثل فـــــــــي العدم وإيمان الإنسان بالعجز كمــــــا فـــــــــــي قـــــــول ميمونة: “الشجاعة أن لا تطمح إلى الجبال وترضى بالأغوار والوهاد. كفاني التعالي”.

ومعجم الوحشة والاستيحاش الكامن في خلاء الوجود وحلول القفر بدل الإعمار كما دلّ على ذلك رأي ميمونة: “لتسقط الأعالي على الأسافل تعجيلا بالدّمار”.

ومعجم الفناء الرّابض في البلاء كاسر الأنا ونستدلّ عليه بقول ميمونة: “هذه يا غيلان النهاية وإنّي لأرى إلى بعيد بعيني. أرى ويلا، دمارا وثبورا. كانت ميارى عُتيّك وستكون خسرانا. اللّيلة ليلة الخيبة والسقوط هويّا”[17].

والمتأمّل في تواشج هذه المعاجم يُلاحظ أنّها تشكّل واقع صورة وجوديّة قوامها مأساة الحياة في عنفوانها. وهكذا أضحى واقع الصورة المأساويّ وقول ميمونة كتلة كلاميّة صمّاء لا ينفصل فيها المعنى عن المغنى. إنّ مثل هذه القتامة الوجوديّة التي فرضها واقع الحال أحالت مقام المتكلّم إلى منفى وجعلت من وحدته غربة. فلا مرفأ لروحه ولا مأوى لها إلّا كون قفر خواء خلاء.

فمثل هذه السمات المأساويّة من شأنها أن تكبّل الذات بضرب من ضروب الانكسار. ولعلّ مبرّر ذلك هو شعور المرء بأنّ الحياة غامضة وأنّ لحظة الحبّ الوجوديّ مهدّدة بالتناهي والفناء. وبسبب من هذا سرعان ما تغرق واحات الاخضرار في مجاهل الصمت والعدم والبيّن والرحيل[18].

8- وقود الإدراك التذويتيّ:

لمّا كان من سمات الإنسان إرادة السموّ بذاته وبحثه المستمرّ عن الأفضليّة الوجوديّة وتوقه إلى اختراق الحُجب الكونيّة، فإنّ غيلان الذي كبّله الانكسار جرّاء صدمته أمام الواقع الماحل لم يرتكن إلى لعنة الزمان ولم ينس المكان، بل تمرّد على الاستسلام وعمد إلى تسوية الوضع المكانيّ والإصلاح الذاتيّ[19]، إيمانا منه بقدرة الذات على الخلق. ولعلّ هذا ما يجعلنا حيال مفهوم الاقتدار الذاتيّ المتمثّل في تحويل واقع الصورة إلى صورة واقع حلميّة اشتهائيّة ميسمها استلال الوجود من رحم العدم.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الفضل في تحوّل الوضع الذاتيّ من الانكسار إلى الاقتدار عائد إلى المخيّلة التي ظلّت وقود الإدراك التذويتيّ. أخرجت الذات من أسرها المتمثّل في الواقع الفظيع لتجعلها تنتشي بنفسها داخل العالم، عالم الأشياء والموجودات. ووفق هذا المعطى، فإنّ العالم المتخيّل أو الوجود الذي انتقته الذات – فكان لها المشتهى والنعيم- مثّل عنصر تخلّص من ربقة واقع الحال وملاذا تلوذ به الذات للهروب من مأساويّة اللّحظيّ والمباشر[20].

فلئن شخّصت ميمونة الواقع بفوتوغرافيّة البصر ورأت فيه خلوّ المدى والفضاء – وهي رؤية عيانيّة أصابت منها الانكسار- فإنّ غيلان وميارى عمدا إلى المخيّلة يستلهمان منها صورة الواقع المراد والمتمنّى. وكان عمادهما في هذا هو فوتوغرافيّة البصيرة التي أتاحت للذات فرصة الاقتدار على الخلق. وهو اقتدار روّض إملاءات الكون وجعل الوجود في أحكامه يأتي صاغرا إلى الذات يُلبّي أحلامها ويستجيب لمطلبها الوجدانيّ المبتغى ولخيارها الوجوديّ المشتهى.

إنّ الذات من خلال استعمالها للمناويل التركيبيّة وأساسها المركّبات الفعليّة [سنخلق، سننشئ، سنُعلّم، لنُنشئنّ…] كما هو بارز للعيان في قولها: “سنُنشئ ونخلق سنعلّم هذه الأرض الشجاعة والبأس والشدّة حتّى يتوب أهلها من الهزل والجبن وحبّ القحط. وننفخ في كلّ شيء حياة. ولنقوّمنّ الصخور فتقع مواقعها من السدّ. لننشئنّ ولنخلقنّ خلقا لأنّ القوّة والوثبة فينا”[21]. قد أحدثت علقة تبريريّة بين التركيب والتعبير. وبمقتضى ذلك سما الخطاب القوليّ على فظاعة الواقع وقفر الوجود لاستحالة قوامها إخصاب الأرض وعودة الحياة إلى المكان وسريان الأمل في الإنسان. وهو ما يترجم علوّ الذات في محفلها الاقتداريّ على الزمن في جحفله الانكساريّ.

9- في إحلام الوجود:

إنّ تشبّث الذات برغبتها الوجوديّة قد أسهم في توالد الإنشائيّة الاشتهائيّة وعمادها صورة الواقع التي هي عالم حالم قُدّت مواده من حلم تمنّته الذات بغية زرع الأمل في الربوع الموات. فكان من تداعيات المقام واقع متمنّى يفيض أملا وحياة. وهو ما يمثّل مواجهة ذاتيّة في وجه الزمن الكالح وإزاء خواء المكان الواضح. هي مواجهة يتوق من خلالها صاحبها إلى فرض اقتداره الذاتيّ على انكسارات فرضها الواقع الكونيّ عليه.

ومن هذا المنظور، تكون الذات الإنسانيّة من خلال تطلّعها إلى صورة الواقع المنتقى والمشتهى قد أحلمت وجودها بلحظة أمل وإن كان هذا الأمل من الوهم ينهل. وضمن هذا الإطار، إلى أنّ التفاتة غيلان إلى النماء المجسّد في صورة الواقع المتمنّى ورفضه الفناء الماثل في واقع الصورة الموجود كان بدافع الخوف من الخراب البالي الباعث على زوال الحياة.

وهكذا فإنّ الخوف من مظهر الرعب ورعب الذات من المشهد المكانيّ الخُلّب القُلّب هو الذي حفّز المرء على القيام بجهد حيويّ[22]. وهو ما مكّن الذات من خلال طاقتها الكلاميّة من خلق الزمن الإنسانيّ الرائق. وعلى هذا الأساس، أضحى نبع الكلام في فضائه المخياليّ يشكّل الواقع في صورة حلميّة أو هو يصوّر وجوديّة الإنسان الاشتهائيّة بمنظار انتقاء الأفضليّة الكونيّة.

لقد ظلّ إحلام الواقع بالأمل المسوّر بإرادة الذات النزّاعة إلى استلال الوجود من رحم المأساة والعدم، تمثيلا لفظيّا للوجود الذي يشكّل زمنيّة الفرد داخل المنظومة الكونيّة[23]. وقد وظّف المسعدي في روايته السّد التمثيــل اللّفظــيّ مقابلـــــة لغويـّــة وسمت صــورة الــواقــع المشتهــى بتــوازي التقابــل (Parllélisme antithétique) المقابل لواقع الصورة. فقد تبيّنّا في الشاهد المذكور آنفا [إرادة غيلان مقابل عجز ميمونة] [الاستسلام للدمار الكونيّ مقابل عزيمة فيها تحدّي لعراقيل وجوديّة].  نلاحظ أنّ «للنفوس في تقارن المتماثلات فتشافعها والمتشابهات والمتضادّات وما جرى مجراها تحريك وإيلاع بالانفعال إلى مقتضى الكلام[24]».

وما يمكن مُلاحظته هو أنّ تدرّج الذات من الانكسار إلى الاقتدار بضربها صفحا عن واقع الصورة وتشبّثها بصورة الواقع – نعني العالم الواهم الذي أنتجته قوّة المخيال التذويتيّ – تجسّد في مناشدة تخصّة الهوية الذاتيّة ونحت الأفضليّة الوجوديّة اللّتيْن ضاعتا في خضمّ واقع الصورة باعتبارها كونًا أقْفرَ.

ومن ثمّة فإنّ صورة الواقع المنتقاة ووجوديّة الفرد المشتهاة مثّلتا ردّا للقيمة الحياتيّة الضائعة. وهكذا يتبيّن جليّا أنّ الخيال الذي منح المرء عالما حالما قوامه الحياة في سخائها والوجوديّة في عطائها والطبيعة في نمائها قد أتاح للإنسان سمة الاقتدار التي بمقتضاها تحطّمت قيود الانكسار.

فلا مراء من استنتاج أنّ الطاقة الخياليّة الخلّاقة بهذا المنحى من المناحي قد مثّلت مرآة الذات الحالمة بالوجود. وأنّ تحوّل الذات من وضعها الانكساريّ الذي يمثّل عدميّة الوجود والتواجد الوجوديّ إلى وضعها الاقتداريّ الذي يجسّد أفضليّة الانوجاد وكذلك صعودها بالواقع الذي يكتنف وجودها من جحفليّة الفناء إلى محفليّة النّماء، هو تمثيل لصرخة الوجدان المثاليّة المتساميّة في أعماق الإنسان لينتصر على القيود المكبّلة لكينونته. فيتسنّى له بذلك توحيد عناصر الكيان[25]. ولعلّ إحلام غيلان وميارى للواقع يُعدّ في وجه من وجوهه من التعاريف التي بها يمتدّ انخراط الإنسان في الكينونة، فتـنبثق تبعا لذلك حياة تعدم العدم لتوجد[26].

ومن هذا المنطلق، فإنّ تسوير الذات بواقع هو مشتهاها ورفضها الفظاعة المتربّصة بالكون، يُجلّي عدما يملؤه الوجود وينسف وجودا يفزعه العدم إذا ما فهمنا أنّ الإنسان مسكون بهاجس وجود له مصدر الفيض الدائم. فإذا ما تساءلنا، لمَ مواجهة الذات الواقع؟ ولماذا سعيها الدائم إلى تغيير الموجود والوجود؟ كانت الإجابة أنّ ميزة الكون أو خاصيّة الوجود هي أن يفيض عمّا هو موجود[27]. أوَ لم يكن تحويل غيلان واقع الصورة إلى صورة واقع مشتهى فيضا عمّا هو موجود؟ ألا يعدّ تدرّج الذات من انكسارها الذي أصابها إلى اقتدارها الذي ناشدته عدولا عن الموجود وطموحا إلى المنشود؟ ألا يمكن أن نعتبر هذا وذاك إرادة قوّة في حالة الضعف؟ ألا يعني هذا استلال الوجود من رحم العدم؟

وممّا ينبغي الإشارة إليه، أنّ يقين المرء بأنّ صورة واقعه المشتهى وعالمه المبتغى-التي خوّلت له الملاذ من واقع الصورة المحاطة بالبلاء والمنوطة بالفناء – هي التقنية المخياليّة أو هي الطاقة الخياليّة الخلّاقة التي تنسيه فاجعته، فإنّه تبعا لذلك استأنف الرحيل ذهنيّا بحثا عن معنى آخر للحياة يراه أنسب وأجدر وأخلق بإنسانيّته وأدحض للموت. ولعلّ هذا التمشّي الذي تحرّكه إرادة المرء، يلبّي للذات مطلبها الأسمى في الوجود. ونعني به تغلّب اقتدارها على انكسارها. واستنادا إلى ما ذكرنا يتراءى لنا جليّا أنّ نفور غيلان من الحياة في خلّبها وقلّبها استدعاءه الحياة في محفلها ومبهجها هو بحث عن سعادة الذات داخل المنظومة الكونيّة. سعادة تستقطبها مصادر ثلاثة وهي:

تخييل ما تشتهيه الذات أن يكون وقوامه العقل المدبّر المقبل على حبّ الحياة. ويعدّ تعلّق الذات بالحياة بحثا عن المحاسن الوجوديّة. وهو ما يفتح الآفاق على المصدر الثاني للسعادة ونعني به حبّ الذات[28]. ولمّا كنّا نتحدّث عن حبّ الذات في مسارها الوجوديّ وضمن مسيرتها الوجدانيّة، فإنّ ذلك يمهّد لمصدر السعادة الثالث ونقصد به غريزة حبّ البقاء.

وهكذا يغدو العقل الذي بواسطته تدبّر غيلان الوجود في نمائه بدل الوجود في فنائه ويعدّ حبّ الذات التي هي ترجمان الأفضليّة الكونيّة للذات الإنسانيّة وأيضا غريزة حبّ البقاء، أقوى وازع للحياة يخوّل للمرء أن يلقي على الحياة ظلاله. إجمالاً يعدّ تدرّج الذات من انكسارها إلى اقتدارها تجسيدا للحياة في وجهها المشتهى، وقوام ذلك العطاء والنماء. وليس في وجهها المعطى الموجود، وأساسه الجدب والفناء. وبهذا التمشّي يمكننا القول، إنّ وازع الحياة هذا الذي ذكرنا يُجلّي كلّ ما ينبغي أن يكون عليه الوجود[29]. ونحن نتقفّى تدرّج الذات من افتقارها إلى اقتدارها، نشير إلى أنّ خلق الإنسان للحياة وسط الموت الكونيّ يمثّل شعور الإنسان بالجليل الذي يشعره باقتداره على الفعل وعلى الخلق وعلى بثّ الحياة في الربوع الموات.

وبناء على هذا المسار التحليليّ التأويليّ، يتوضّح عندنا أنّه ما لم يكن لنا القدرة والاقتدار والرغبة في نحت الأفضليّة الوجوديّة للذات، فإنّ ما عدا ذلك يعدّ خلوا من القيمة[30]. واللّافت للانتباه ضمن هذا المقام، أنّ المرء في مثوله أمام الخراب الوجوديّ وتفجّعه إزاء الفظاعة الوجوديّة، لم يستكن لنائبات الزمان ولم ينهزم أمام النوازل الدهريّة القاهرة. فقد حوّل واقع الصورة إلى صورة واقع. وهو ما يمثّل مقارعة للاغتراب الذاتيّ والمكانيّ والوجوديّ والوجدانيّ. ولعلّ هذا من شأنه أن يوحي لنا بأنّ سعي غيلان لبثّ الحياة في الربوع الموات هو تجلّ لإرادة الحياة وطموح إلى التغلّب على كلّ ما يعوق حريّة الإنسان عن تحقيق إمكانيّاتها في الوجود[31].

10- على سبيل الخاتمة:

إنّ مواجهة الذات الانكسار الذي أصابها ورفضها واقع الصورة وتشييدها صورة واقع متمنّى وإحلامها الوجود نماء وخصبا وعطاء من شأنه أن يخفّض الشعور بالتوتّر، بل بفضل هذا الحلم الذاتيّ الوجدانيّ وهذا الإحلام الوجوديّ يزداد الشعور بقيمة الذات[32]. إنّ الذّات في تمرّدها على فظاعة الواقع وخلقها الواقع بمنظار حلمها واشتهائها هي تجسيد صورة الإنسان الذي لا يرضى أن يعيش إلّا في اللّانهاية.

ولعلّ هذا ما يكسبه نحتا للحياة في أفضليّتها واستنباطا من ممكنات الوجود فيتسنّى له بذلك تحقيق الذات[33]. ولئن كان التحقيق الذاتيّ وتأصيل الكيان يتّخذ سبلا عدّة ومناح عديدة، فإنّنا من خلال هذا البحث العلميّ القائم على مسار تأويليّ منوط برؤية أنثروبولوجيّة، نلاحظ أنّ نحت الكيان كان عن طريق الإرادة. هذا المطلب الذي يُطلب لحظة الضعف فيُدرك. وبموجب ذلك، يكون استلال الوجود الرفيع من رحم العدم الفظيع.

قائمة المصادر والمراجع:

باللغة العربيّة:

المصدر:

  • محمود المسعدي، السّـــــــد، الطبعة الأولى 1992، دار الجنوب للنشر، تونس، ط1، 1992.

المراجع:

  • إبراهيم عبد الرحمان، الشعر الجاهلي: قضاياه الفنيّة والموضوعيّة، منشورات مكتبة الشباب، القاهرة، مصر، ط1، 1399 هــ / 1979 م.
  • حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تقديم وتحقيق محمّد الحبيب بن الخوجة، منشورات دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، ط2، 1986.
  • حسناء بوزويتة الطرابلسي، حياة الشعر في نهاية الأندلس، دار محمّد علي الحامّي للنشر، صفاقس، تونس، الطبعة الأولى أوت 2001.
  • ديفيد وورد، الوجود والزّمان والسّرد، فلسفة پول ريكور، ترجمة وتقديم سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي للنشر، الدار البيضاء، المغرب / بيروت، لبنان، ط1، 1999.
  • سعد دعبيس، تيّارات معاصرة في التراث العربي، دار الثقافة للنشر، القاهرة، مصر، ط1، 1987.
  • عبد الرحمان العيسوي، سيكولوجيــة الإعاقــة الجسمية والعقليـــة، منشورات دار الراتب الجامعيـــة، بيروت، لبنان، ط1، 1997.
  • عبد العزيز العيّادي، اتيقا الموت والسعادة، منشورات دار صامد، صفاقس، تونس، ط1، 2005.
  • عبد العلي الجسماني، علــم النفس وتطبيقاته الاجتماعيــة والتربويــة، منشورات الــدار العربية للعلــوم، بيروت، لبنان، ط1، 1994.
  • عدنان بن ذريل، الفكر الوجوديّ عبر مصطلحه، منشورات اتّحاد الكتّاب العرب، دمشق، سوريا، ط1، 1985.
  • علي حرب، لعبة المعنى: فصول في نقد الإنسان، منشورات المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، ط1، 1991.
  • محمّد بن عيّاد، جدلية القصّة والشعر، جدلية القصّة والشعر، مطبعة التسفير الفنّي، صفاقس، تونس، الطبعة الأولى 2003.
  • محمّد بن عيّاد، الكيان والبيان، مطبعة التسفير الفنّي، صفاقس – تونس، الطبعة الأولى جانفي 2013.
  • مصطفى ناصف، الصّورة الأدبيّة، مكتبة مصر للنشر، القاهرة، مصر، 1378 هــ / 1958 م.
  • موسى ربابعة، قراءة النصّ الشعريّ الجاهليّ، مؤسّسة حمادة ودار الكندي للنشر، الأردن، ط1، 1998.
  • ميرسيا إلياد، المقدّس والدّنيويّ: رمزيّة الطّقس والأسطورة، ترجمة نهاد خيّاط، العربي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا.
  • نــدرة اليـــازجـــي، فلسفــة الإنسان الثائــر، دار الغــربال للنشـــر، دمشق، سوريا، ط2، 1995.

باللغة الأجنبيّة:

 

  • U. F, Esquisses d’Alain, tome III : La Recherche du bonheur, Paris, 1968.
  • R. Mullik, Literary criticism, its principales and history, Chand and Delhi, New York, 1969.
  • Ruth L. Munroe, Schools of Psychoanalytic thought, An exposition, Critique and Attempt at Integration, Holt, New York, 1955.
  • Robert Mauzi, L’idée du bonheur dans la littérature et la pensée française au XVIII siècle, Armand Colin, Paris, 1969.
  • Jolivet (Regis), Le problème de la mort, édition Fontenelle, Paris 1950.

[1]– موسى ربابعة، قراءة النّص الشعري الجاهلي، مؤسّسة حمادة ودار الكندي للنشر، الأردن، ط1، 1998، ص 30.

[2]– محمود المسعدي، السّــد، دار الجنوب للنشر، تونس، ط1، 1992، ص128، 133،134، 140.

[3]– ميرسيا إلياد، المقدّس والدّنيويّ: رمزيّة الطّقس والأسطورة، ترجمة نهاد خيّاط، العربي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى 1987، ص50.

[4]– محمود المسعدي، السّــد، مصدر سابق، ص134.

[5]– ميرسيا إلياد، المقدّس والدّنيويّ: رمزيّة الطّقس والأسطورة، مرجع سابق، ص34.

[6]–  إبراهيم عبد الرحمان، الشعر الجاهلي: قضاياه الفنيّة والموضوعيّة، منشورات مكتبة الشباب، القاهرة، مصر، ط1، 1399 هــ / 1979 م، ص193.

[7]–  محمّد بن عيّاد، جدلية القصّة والشعر، مطبعة التسفير الفنّي، صفاقس – تونس، الطبعة الأولى 2003، ص130.

[8]– محمود المسعدي، السّـد، مصدر سابق، ص128.

[9]– المصدر نفسه، ص133-134.

[10]– المصدر نفسه، ص134.

[11]– مصطفى ناصف، الصّورة الأدبيّة، مكتبة مصر للنشر، القاهرة، مصر، 1378 هــ / 1958 م، ص27.

[12]– B. R. Mullik, Literary criticism, its principales and history, Chand and Delhi, New York, 1969, p71.

[13]– محمود المسعدي، السّــد، مصدر سابق، ص128.

[14]– المصدر نفسه، ص134.

[15]– حسناء بوزويتة الطرابلسي، حياة الشعر في نهاية الأندلس، دار محمّد علي الحامّي للنشر، صفاقس – تونس، الطبعة الأولى أوت 2001، ص404.

[16]– Jolivet (Regis), Le problème de la mort, édition Fontenelle, Paris 1950. Pp 48-50.

[17]– محمود المسعدي، السّـد، مصدر سابق، ص140.

[18]– سعد دعبيس، تيّارات معاصرة في التراث العربي، دار الثقافة للنشر، القاهرة، مصر، ط1، 1987، ص74.

[19]–   محمّد بن عيّاد، الكيان والبيان، مطبعة التسفير الفنّي، صفاقس – تونس، الطبعة الأولى جانفي 2013، ص124.

[20]– إنّ هروب الذات من الواقع الفظيع وتأسيسها وَاقِعًا تتمنّاه، يدخل في حيّز رفض العالم غير المرغوب فيه ووُلوج عالم مغاير يُحقّقُ للذات أفضليّتهــــا الوجوديـــّــة ومكانتها الكونيّة. اُنظر محمّد بن عيّاد، الكيان والبيان، مرجــع سابق، ص134.

[21]– محمود المسعدي، السّـد، مصدر سابق، ص134.

[22]– Ruth L.Munroe, Schools of Psychoanalytic thought, An exposition, Critique and Attempt at Integration, Holt, New York, 1955, p581.

[23]– ديفيد وورد، الوجود والزّمان والسّرد، فلسفة پول ريكور، ترجمة وتقديم سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي للنشر، الدار البيضاء، المغرب / بيروت، لبنان، ط1، 1999، ص64.

[24]– حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تقديم وتحقيق محمّد الحبيب بن الخوجة، منشورات دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، ط2، 1986، ص44-45.

[25]–  نــدرة اليـــازجـــي، فلسفــة الإنسان الثائـر، دار الغــربال للنشـــر، دمشق، سوريا، ط2، 1995، ص35.

[26]– عبد العزيز العيّادي، اتيقا الموت والسعادة، منشورات دار صامد، صفاقس، تونس، ط1، 2005، ص120.

[27]– علي حرب، لعبة المعنى: فصول في نقد الإنسان، منشورات المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، ط1، 1991، ص98.

[28]– لا يذهبنّ بنا الظنّ أنّ حبّ الذات ضمن هذا الإطار هو الأنانية، إنّما نعني به خلق العالم الذي تبتغيه الذات أو تشتهيه. ومن ثمّة يضحى حبّ الذات هو المثال الرفيع الذي يجعل بريق العقل يتوهّج بُشرى بميلاد الوعي في الإنسان اعتباره قادرا على منح ذاته الأفضليّة المنتقاة في الوجود. وعلى هذا الأساس فإنّ حبّ الذات يترجم حبّ المرء لاقتداراته ونسفه لانكساراته.

[29]– Robert Mauzi, L’idée du bonheur dans la littérature et la pensée française au XVIII siècle, Armand Colin, Paris, 1969, Pp 110-111.

[30]– P. U. F, Esquisses d’Alain, tome III : La Recherche du bonheur, Paris, 1968., p31.

[31]–  عدنان بن ذريل، الفكر الوجوديّ عبر مصطلحه، منشورات اتّحاد الكتّاب العرب، دمشق، سوريا، ط1، 1985، ص160.

[32]– عبد الرحمان العيسوي، سيكولوجيــّة الإعاقــة الجسميّة والعقليّـــة، منشورات دار الراتب الجامعيـــة، بيروت، لبنان، ط1، 1997، ص68.

[33]– عبد العلي الجسماني، علــم النفس وتطبيقاته الاجتماعيّــة والتربويّــة، منشورات الــدار العربيّة للعلــوم، بيروت، لبنان، ط1، 1994، ص309.

مقالات أخرى

تعدّد الطّرق الصّوفيّة

جماليّة التّناصّ في الشّعر الصّوفيّ

“زيارة” الضّريح بإفريقيّة مطلع العصور الوسطى

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد