ما زلت أومن بل ربما أكثر من أي وقت مضي بأنه يصعب على المرء دراسة التفكير الفلسفي دون المرور بقضية ماهية الفلسفة وحدّها الجامع المانع ولكن عدد قليل من الفلاسفة حاول تقديم جواب شاف عن السؤال الشائك: ما الفلسفة؟، وهذا الأمر في الحقيقة مثير للاستغراب والدهشة بالنظر لانتماء معظمهم إلى المشروع الفلسفي ومساهمتهم في تركيز دعائمه(1).
فلم يتفق الفلاسفة حول تعريف دقيق ونهائي للفلسفة ولا يوجد أمر معين اختلفوا حوله وتخاصموا أكثر من تعريفها إلى درجة أن بعض المؤرخين نفى إمكانية حصول اتفاق في العمق حول الأساس الذي يقوم عليه المشروع الفلسفي والمضمون الحي الذي تقوم الخبرة الفلسفية بتحليله والمقصد الذي يسعى الفيلسوف من خلال ممارسته وأفعاله وسيرته تحقيقه وبلوغه والمنهج الذي يجدر بكل تفلسف فعلي أن يتبعه ويسلكه، ولم يسبق أن تعرضت الفلسفة إلى التجاهل والاستخفاف من قبل العامة والخاصة لمثل ما تتعرض له زمن العولمة المتوحشة والثقافة الاستهلاكية ومجتمع الفرجة وبعد سيطرة الصورة وظهور أنماط الاستنساخ(2).
ويحوز غالبية الفلاسفة على فن الصياغة الفريدة للمفاهيم ويحاولون من خلال آثارهم فتح العالم وتحرير الإنسان. لكن أي مكان للفلسفة اليوم؟ ولماذا يبحث الإنسان دائما عن طرق للتفلسف؟ وهل ثمة تلازم بين ازدياد المعرفة الفلسفية والتقدم المادي في الحياة؟ وماذا تبقى للفلسفة من دور تقوم به زمن الاضطراب؟ وما الفائدة المرجوة من تدريس الفلسفة ؟ ولم تصلح الفلسفة في الوجود البشري؟، هل يجب رد الاعتبار إليها ؟ ما هو الثمن الذي يجب تقديمه في سبيل ذلك؟ وهل من شروط يلزم توفيها لتحقيق رقيها؟(3).
وفي اعتقادي أن هناك ثلاثة وظائف اساسيه للفلسفة لا غنى عنها، هذه الوظائف هي: أ- المعرفة الموضوعية، بـ- والتفكير المنهجي، ج- والافكار او النظريات الشمولية الكبرى بالمعنى المعرفي علاوة على الروح النقدية، فالفلسفة ليست تهويمات غير واقعيه، بل هي مرتبطة بالواقع والتفكير المنهجي المستقل(4).
الفلسفة اذن، هي البحث المتواصل، الذي لا ينتهي، ولا يكل عن التساؤل عن أسرار الوجود الذي حركه وعي الإنسان النقدي، الذي نَوَّر العقل، وشَحَذَ الفكر، ودفعه لمزيد من التساؤل والنقد للوصول إلى الحقيقة، وحل ألغاز الوجود واسرار الحياة.
بالطبع كان الصراع الفكري محتدماً بين الفلسفة الرأسمالية والفلسفة الاشتراكية طوال أكثر من مائتي عام، إنه الصراع بين الاستغلال وبين العدالة الاجتماعية، بين الظلام والنور، وسيظل هذا الصراع قائما طالما كان الانسان بحاجه الى الخلاص من الظلم والتبعية والاستبداد والاستغلال لتحقيق مبادئ الحرية والنهوض الديمقراطي التقدمي للشعوب.
وهنا بالضبط يتجلى إدراك القوى التقدمية الديمقراطية في بلداننا للمضمون الجوهري لمعنى وغايات الفلسفة عموماً والفلسفة الحديثة على وجه الخصوص، وتطبيقها على مجتمعاتنا العربية، هو إدراك منحاز لمفاهيم العقل الحداثي، والتطور والنهوض وفق قواعد وأسس المجتمع التقدمي الديمقراطي في كل قطر عربي، وذلك عبر ممارسة النقد الجذري لكل ما هو قائم، وهو نقد بمعنيين، الأول: لا يهاب استنتاجاته، والثاني لا يتراجع أمام الاصطدام بالإيديولوجيات اليمينية والغيبية الرجعية، أو تلك التي تعبر عن المصالح الطبقية الرأسمالية للأنظمة الحاكمة، وهو أيضاً نقد لا يتراجع أمام الاصطدام بسلطات الاستبداد والقهر القائمة، لكن هذه العملية النقدية التغييرية لابد أن تبدأ من المجابهة العقلانية الديمقراطية للحالة الراهنة للفكر الفلسفي في الوطن العربي، التي تتميز بسيطرة الأفكار اليمينية بمختلف أطيافها عموماً، وخاصة الأفكار الغيبية المتخلفة التي تحرص على ترويجها الشرائح والطبقات الحاكمة والمتنفذة في إطار التحالف الكومبرادوري البيروقراطي المهيمن على الانظمة العربية، وذلك بما يتوافق مع مصالحها الطبقية من ناحية، ولتبرير تبعيتها وخضوعها للنظام الامبريالي إلى جانب تبرير مظاهر الاستبداد والاستغلال الطبقي ورفضها لكافة مفاهيم وآليات التطور الديمقراطي والحريات الفردية من ناحية ثانية.
وفي مثل هذه الأوضاع، كان من الطبيعي منع تدريس الفلسفة ومنع الحريات الديمقراطية في معظم بلداننا العربية، لأن التفكير الحر يخيف الطبقات الحاكمة فيها، ولذلك نلاحظ أن الفلسفة وكافة مفاهيم الحداثة ما زالت في بلداننا العربية تعاني من تخلف شديد على عدة صعد اجتماعية ومعرفية وثقافية عموماً، وتعليمية خصوصاً، كما هو مطبق في المدارس والجامعات العربية عبر برامج ومناهج شديدة التخلف مستمرة منذ عقود طويلة في تاريخنا الحديث والمعاصر، ساهمت فيما نسميه اعادة إنتاج وتجديد التخلف الاجتماعي والثقافي والاقتصادي في مجتمعاتنا، بمثل ما خلقت كل المعوقات في وجه الابداع والبحث المعرفي عموماً والفلسفي بوجه خاص(5).
قصدت أن أقدم هذه المقدمة لأمهد للحديث عن تحليلي للكتاب الشيق الذي بين يدي، وهو كتاب بعنوان ” الفلسفة الأخيرة – رؤية معرفية سلوكية للفكر العربي ” ظريف مصطفى أحمد حسين- أستاذ الفلسفة المعاصرة بجامعة الزقازيق- (ويقع في “359” صفحة من القطع الكبير)، وفي رأيي أن هناك نمطان من الأساتذة الجامعيين، نمط تقليدي تتوقف مهارته عند تقليد الآخرين والنقل عنهم وضبط الهوامش، والحرص علي أن يكون النقل أميناً، وكلما كان من مصادر ومراجع أجنبية كان أفضل، وكلما قل فيما يقولون فإن ذلك هو الصواب عينه، ونمط مبدع يسخر قراءته لإبداء الرأي أو للتدليل علي صواب الاجتهاد العقلي الشخصي، وبالطبع فإن النمط الثاني هو الأقرب إلي النمط الفلسفي الحق، فالتفلسف ينتج الإبداع ولا يتوقف عند النقل وإثراء الهوامش.
ولا شك في أن الأستاذ الدكتور “طريف حسين” من هؤلاء الذين ينتمون إلي النمط الثاني، فهو صاحب موقف فلسفي ونقدي واضح من كل ما يقرأ ولا يكتب إلا في حول أو في قضايا فلسفية ” حديثة ومعاصرة” بغرض بلورة موقف مبدع ومستقل عن كل المواقف ومختلف عن كل الآراء المطروحة حول نفس الموضوع سواء قيل من قبل أو لم تعبث به يدي الباحثين.
علاوة علي أن “طريف حسين” ( مع حفظ الألقاب) يعد واحداً من أساتذة الفلسفة الذين يعملون في صمت وتواضع ودون ضجيج، أو تعالٍ لخدمة تخصصهم الدقيق، وقد قال عنه الدكتور حمدي الشريف:” منذ فترة- ليست قليلة- بدأت أتابع عن كثب ما يكتبه الشاعر والأكاديمي الدكتور ظريف حسين (أستاذ الفلسفة بكلية الآداب- جامعة الزقازيق)- بدأت أتابع عن كثب ما يكتبه من منشورات ومقالات على صفحات الجرائد والفيس بوك، وفي كل مرة كان يثير انتباهي أسلوبه النقدي الحاد وتعبيراته الصادمة التي يمكن أن يلاحظها أي قارئ لكتبه ومقالاته(6).
ومن ناحية أخري وجدت في شخصية الدكتور ظريف حسين وفاء العملاق وقلب الطفل، ومثاقفة الفارس وأريحية المفكر، والنبوغ المبكر، والعبق القديم، وعطر الزمان الجميل وغير ذلك من الخصال، الأمر الذي كان وراء حيرتي وقلمي في اختيار أحد الجوانب لأتحدث عنه، فراق لي أن أتحدث عنه كعملاق في الفلسفة المعاصرة.
ولم يكن الدكتور ظريف حسين مجرد مفكر مبدع نذر حياته للبحث عن الحكمة متذرعاً بمبادئ الحق والخير والجمال، لكنه كان – قبل كل ذلك إنساناً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. إنساناً في تفلسفه، ومفكراً في إنسانيته، وبين الإنسان والفكر تتجلى شخصية الدكتور ظريف حسين متعددة الأوجه، كمترجم وكناقد وكأديب.
والدكتور ظريف حسين هو واحداً من الأساتذة الجامعيين الذين استطاعوا بحوثهم ومؤلفاتهم أن ينقلوا البحث في الفلسفة المعاصرة من مجرد التعريف العام بها، أو الحديث الخطابي عنها – إلي مستوي دراستها دراسة موضوعية، تحليلية – مقارنة. وقد كان في هذا صارمة إلى أبعد حد: فالنص الفلسفي لديه هو مادة التحليل الأولي، ومضمونه هو أساس التقييم، والهدف منه هو الذي يحدد اتجاه صاحبه.
ومن هذا المنطلق يعد الدكتور ظريف حسين بلا شك واحدا من أساتذة الفلسفة الكبار في مصر والعالم العربي المشهورين الذين اهتموا في مشروعهم الفكري بالأخلاق والقيم والعقل، ولديه ما يزيد عن ثلاثين كتابُا منشورًا في الفلسفة ما بين ترجمات ومؤلفات؛ تذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر: مفهوم العقل عند هوسرل، ميتافيزيقا الاخلاق عند شوبنهور دراسة نقدية، ومفهوم الروح عند ماكس شيلر، و”الفلسفة الأخيرة”، ومفهوم الإضافة عند مارتن بوبر، ومشكلة الكليات في المنطق المعاصر، وفلسفة اللغة عند ميرلوبنتي، نحو نظرية للأخلاق الكونية.. الخ.
إن كتابات ظريف حسين تنتمي – فيما يرى البعض – إلى نمط الكتابة ما بعد الحداثية: أي الكتابة غير النسقية، وهي كتابة لا تتقيد ببناء محدد أو خط سير معين، وإنما تمضي في كل اّتجاه بحسب الحاجة والضرورة التي تفرضها المناسبات البحثية والقضايا الآنية. فكتابات ظريف حسين – في معظمها – كانت أبحاث ودراسات قصيرة أتت بهدف المشاركة في الفعاليات البحثية والدوريات المتخصصة، ولعل هذا كان هو السبب في أن ظريف حسين لم يصرح بكونه يسعى باتجاه إنجاز مشروع فكري ما، ولكنه صاحب رسالة.
ولقد شهد له زملاؤه ومعاصروه له بالدقة، والأمانة العلمية، والثقافة الواسعة.. إلي جانب ما يتمتع به من خلق رفيع، وتمسك بتعاليم الدين الحنيف. ولا غرو في ذلك فهو يمثل منظومة حافلة بالعطاء العلمي الجاد، والشموخ الإنساني المتميز، باحثا ومنقبا، محققا ومدققا، مخلفا وراءه ثروة هائلة من الكتب العلمية، والبحوث الاكاديمية الرصينة، وطائفة كبيرة من المريدين والاتباع الذين أعطاهم خلاصة فكره وعلمه.
نعم لقد كنا نري في ظريف حسين نعم الرجل المتوحد الشامخ: سراجا هاديا، عاليا كالمنار، وارفا كالظل، زاخرا كالنهر، عميقا كالبحر، رحبا كالأفق، خصيبا كالوادي، مهيأ كالعلم، لا يرجو ولا يخشي، طاقته لا تنضب، كأن وراءها مددا يرفدها من سر الخلود.
علاوة على كونه واحدا من عمالقة الفلسفة المعاصرين الذين تراهم كشعلة نشاط، إنه لا يكل ولا يمل، وهو يمثل علامة وضاءة ومشرقة ولا يمكن لأي دارس للفلسفة المعاصرة أن يتغافل عن الدور الرائد لهذا العالم الشامخ، ومن واجبنا أن نهتم كل الاهتمام بدراسة أفكاره وآرائه، تحية خالصة من القلب لأستاذي الدكتور ظريف حسين الذي أدعو الله أن يمتعه بالصحة والعافية.
أهمية الكتاب:
إن البحث الفلسفي في نظر “طريف حسين” تعبير خالص عن الموقف الفكري المستقل الخالص بالباحث وليس مجرد مجموعة من النقول والشروح والتعليقات المفتعلة. وعلاوة علي ذلك فإن جدية “طريف حسين” وأصالته تتكشف عندما يطرح القضايا الفكرية والسياسية، حيث نجد الغاية من هذا الطرح ليست مجرد تكرار للأفكار، وإنما يسلط الضوء علي أفكار وقصايا بعينها، من أجل أن يكشف عن المجتمعات العربية عموما، والمجتمع المصري خصوصا، وكذلك من أجل أن يستقي القارئ العربي منها مصادر خلاصة من مشكلاته التي تؤرقه وخاصة مشكلة وجوده كإنسان له كرامته الأصلية.
ولهذا يعد “طريف حسين” واحداً من أبرز الوجوه الثقافية من زملائنا المعاصرين، وهو يمثل قيمة كبيرة وشعلة من التنوير الفكري التي بدأها منذ ربع قرن باحثاً ومنقباً عن الحقيقة والحكمة. إنه الباحث عن سبيل يحفظ للإنسان حريته وكرامته فهو ينقب في ثنايا الفكر العربي الحديث والمعاصر، لكنه لا يسلم به من ما يكتب عنه من قبل زملائه الباحثين، بل لديه قدرة عظيمة علي أن يلقي بنفسه في خضم المشكلات المطروحة، ويشق لنفسه طريقه الخاص غير عابئ بما يقوله هذا الفيلسوف أو ذاك من أعلام الفلسفة الشوامخ.
وإذا ما أكتب اليوم عنه هذه الورقة، فما ذلك إلا نقطة في بحر فكره، وقد آثرت أن تكون ورقتي منصبة حول أحد إسهاماته في الفلسفة المعاصرة، وقد اخترت كتابه الذي بين يدي وهو بعنوان “الفلسفة الأخيرة”، حيث يعد هذا الكتاب واحداً من تلك المؤلفات التي عني بها مؤلفها ” طريف حسين” بالدفاع عن “الرؤية المعرفية السلوكية للفكر العربي”، وقد قال عنه الدكتور حمدي الشريف:” عندما أصدر الدكتور ظريف حسين كتابه “الفلسفة الأخيرة” (عام 2021 عن مركز ليفانت للدراسات الثقافية والنشر بالإسكندرية)، أثار انتباهي أيضًا عنوان الكتاب- كعادة المؤلف في عناوينه المثيرة ذات الدلالة لكتبه ومقالاته الفكرية- وعندما انتهيت بالأمس من قراءة معظم فصول هذا العمل، وجدت نفسي مدفوعًا إلى إلقاء إطلالة سريعة- قد تكون غير وافية- على موضوعه والجوانب الإيجابية وكذلك الجوانب السلبية التي لاحظتها أثناء تصفحي وقراءتي لفصول الكتاب. أول ما يلفت انتباهنا هو عنوان الكتاب (الفلسفة الأخيرة: رؤية معرفية سلوكية للفكر العربي)، ويصارحنا المؤلّف بداية أن هذه التسمية لا تعني تجاهلا تاما لـ”الفلسفة الأولى” أو ذلك الاسم الذي أطلقه الكندي على مبحث الإلهيات أو الميتافيزيقا كما وصفها أرسطو، ولكن الفلسفة الأخيرة- والحديث للمؤلّف- “سوف تمتص الفلسفة الأولى في داخلها لتجعلها مفهومة في سياق عقلاني وعلمي جديد، وتعيد اللحمة إلى نسيج النشاط الإنساني الواعي الذي تصوره ديكارت باسم الأنا، بعكس قوى العقل الذي مزقه كانط؛ فانطوى على تناقضات وتشوهات داخل الطبيعة الإنسانية الواحدة”، ومن هنا تبدو غاية المؤلّف تقديم رؤيته الخاصة لبعض القضايا الفلسفية النظرية سعيًا إلى المساهمة في حل المشكلات التي تؤرقنا جميعًا في العالم العربي. “فالفلسفة الأخيرة تمثل حصادًا نهائيًا لخبرة واسعة في العمل الفلسفي. وهي مشروع أو رؤية لتطوير مفهوم الفلسفة ووظيفتها، بناء على دراسة مسحية استقصائية لاستكشاف المحاور التي عملت عليها الفلسفة طوال تاريخها وكانت فيها منتجة باستخدام مناهج مناسبة لها وببعض طرائق الاستدلال من داخلها”، ومن هذا المنطلق يتجه المؤلّف إلى تعميق نظراته واستخدام معارفه وأدواته الفلسفية لإصلاح منظومة التعليم والثقافة في المجتمعات العربية التي عانت ولا تزال تعاني من التدهور والانحطاط الحضاري، مركزًا على تطوير المناهج الدراسية وطرق التدريس والمحتوى الدراسي والخطط المسئولة رسميًا عن التعليم. وبالتالي فإن معظم الأهداف التي يصبو إليها المؤلّف هي أهداف تربوية وتنويرية في المقام الأول.، ثم يستطرد فيقول ” عندما قال بأن: كتاب “الفلسفة الأخيرة”، لا يعني تجاهلا تاما للفلسفة الأولي، ذلك الاسم الذي أطلقه الكندي على مبحث الإلهيات أو الميتافيزيقا كما وصفها أرسطو ولكن الفلسفة الأخيرة سوف تمتص الفلسفة في داخلها لتجهلها مفهومة في سياق عقلاني وعلمي، وتعيد اللحمة إلى نسيج النشاط الإنساني الواعي الواحد الذي تصوره ديكارت باسم ” الأنا”، بعكس قوي العقل الذي مزقه كانط أي ممزق ؛ فأنطوي على تناقضات وتشوهات داخل الطبيعة الإنسانية الواحدة(7).
ولقد جاء الكتاب في مقدمة وثلاثة أقسام، فكانت المقدمة عرضاً منهجياً لرؤية المؤلف في الفهم الصحيح الواعي المنضبط للفلسفة الأخيرة وذلك من خلال إثارة كثير من الإشكاليات مثل: كيف تتحول الفلسفة من مجرد نحلة أو نحل سرية أو تعاليم خاصة بجماعة معينة يطلقون على أنفسهم اسم “الفلاسفة” ويتناقلون تعاليمها بمنهج نقلي مدرسي صارم وتنطوي مؤلفاتهم على تقديس عال للنصوص الأصلية لأسلافهم والتي يعملون عليها وتشكل جسد أبحاثكم التي يتكسبون من وراء تلقينها للطلاب أو للحصول على الدرجات العلمية – طيف يتحول هذا الشئ المسمى فلسفة إلى طريقة لفهم الأشياء والعلاقات والشئون الإنسانية بشكل فعال، منخرطة في العالم، ومشاكرة في تنشيط الحس الإنساني والملكات الإبداعية؟ كيف تتحول تتكامل أفعال العقل الإنساني في وحدة واحدة مشتركة في صور فنية وعلمية وسلوكية ينتج عنها توحيد نظرتنا للأشياء، وللمشكلات التي تواجهنا مع التركيز على خصوصيتها وأصالتها؟ مع النظر إلى هذا التوحيد بوصفه بديلا مما يدل مما قيل إنه “الموضوعية في العلوم الإنسانية” من جهة، كما يساهم في تكريس تراكم معرفي ا في المعرفة النظرية بدلا من تكريس النظريات أفقيا والبدء من الصفر في كل مرة، من جهة أخرى(8).
ويستطرد المؤلف فيقول: وبالاختصار: كيف تعود الفلسفة إلى أصلها الذي جاءت منه، أي الطموح إلى فهم مشترك، والتعاون والتآزر لمواجهة التحديات، في صورة ما أطلق عليه القدماء “اللوجوس” الذي استحال في العصور المتأخرة وخاصة هذه الأيام إلى مجرد “لغو مقدس”، أي خطابات تُحكم الانغلاق على نفسها لغة ومضمونا، ويتوهم أنه بذلك يحمي نفسه من الانقراض والتفسخ ! وهو بالقطع رد فعل إفلاسي عام على تقهقر الفكر الإبداعي والنقدي أمام طوفان المقدسات الأخرى، وخاصة الدينية والعليمة!.. ولقد رضيت الفلسفة تاريخيا بالخدمة في بلاط غيرها حسب مقتضيات عصرها فانتقلت من خدمة الأساطير في الفلسفة القديمة إلى خدمة الأديان في العصور الوسطي، وانتهت بالتشبه بالعلم والتوحد مع الأدب، وخاصة ” السرد” على يد دريدا وأتباعه من نقاد الأدب المتطفلين على الفلسفة، وبذلك كانت وما تزال مجرد كائن طفيلي يتعيش على غيره ويموت بموته ! أنها لا تملك كيانا خاصا بها من حيث مجرد طريقة للنظر إلى الأشياء، ومع ذلك فإنها وبوصفها طريقة لتناول الأشياء تتمتع بقوة تعقل وشمولية تسمحان بعمليات تبرير وتفسير – ولو – مؤقتة- أفعالنا، وأننا لو نجحنا في إيجاد صيغ توافقية وتفاهمات تتعلق بكيفية معالجات المشكلات واستراتيجيات متشابهة على الأقل، لانتهينا إلى حلول عملية لأكثر مشكلات البشر في الوقت الحالي، وسيظل من شأن اكتشاف هذه الصيغ المتشابهة أن تعطي القوة للجهود الإصلاحية والتوجهات الأخلاقية نحو الإيثار بدلا من الأنانية المدمرة للجميع، مع الاحتفاظ بخصوصية الأفراد والعقائد والثقافات، أي مع الإبقاء على الوزن النسبي الطبيعي للثقافات وللتنوع الثقافي المطلق بين البشر، ويبقي لأعظم دروس الفلسفة(9).
وكان القسم الأول من الكتاب خاصا بمرض الفلسفة المزمن العضال، ويقسمه المؤلف إلى عدة محاور فجاء المحور الأول ليناقش قضية الوضع الصحي للفلسفة وفيه يؤكد المؤلف أن: دراسة الوضع الصحي للفلسفة تعد بمثابة كشف حساب للمحصول الفكري لتاريخها، أي إنها بحث علمي صارم في اقتصاديات الفكر التأملي، وبيان واقعها في الغرب والبلاد العربية، تمهيدا لإعادة تأهيلها، لا بإحلال فلسفة محل أخرى بل بتغيير مفهومها ووظيفتها وتحويلها من مجرد نصوص تحمل رؤي متضاربة عن الأشياء إلى أداة للتنمية وحماية للأمن الاجتماعي والقومي(10)، أما المحور الثاني فيختص بمتلازمة الفلسفة، وتعني في نظر المؤلف مجموعة الظواهر والأعراض المصاحبة للعمل بالفلسفة والاستغراق في قراءة نصوص الفلاسفة (11)، ثم بعد ذلك يناقش المؤلف محاور أخري عديدة نذكر منها: الفلسفة: بدراسة حالة (12)، والوضع في الفلسفة العربية(13)، والوضع الحالي للفلسفة الغربية(14)، والواقع الفكري وأزمة العقلانية في العالم العربي(15)، وخصائص العقل العربي الإسلامي(16)، والإجراءات التنفيذية للتأهيل(17)، والفلسفة الجديدة(18).
أما القسم الثاني فيتناول بعض النماذج التطبيقية لرؤيته الفلسفية التي طرحها في القسم السابق، وتمتاز المشكلات المعالجة بشدة ” المحلية” لكونها الشغل الشاغل للثقافتين العربية والإسلامية وموضع فتنتها ومقتلها في الوقت نفسه، كما تمتاز بـ “الإلحاجية” لأنها تشكل أقوي جوافع التطرف والتخلف وأهم منطلقات الانقسام والتشرذم والتعصب، ولذلك فقد عالجها المؤلف ببساطة وواقعية وإقناع ومن داخل روح العلم والدين مهما كانت طبيعته. فضلا عن إيجابية الطرح التزاما من المؤلف بقيم الوطنية الجامعة والتدين الحر المستنير، وتعزيزا للتماسك الاجتماعي والتضامن وتوحيدا للروح العامة للشعوب بهدف توحيد توجهاتهم وبالتالي مسالكهم تدريجيا(19).
ثم يأتي القسم الثالث والأخير ليضم باقة من المقالات التي تمثل نماذج للكتابة الفلسفية الحرة وتتناول ببساطة وتعمق أهم المشكلات التي تشغل بال الإنسان العربي الليبرالي والتقليدي على السواء، فلم لألتزم فيها بلغة كلاسيكية مقعرة، بغية الوصول بالأفكار إلي أكبر قاعدة من القراء وليس أهل التخصص كما الحال الان، وكما لو كانت الفلسفة وكما سري المؤلف خليطا من العقائد الخاصة وطقوسا غارقة في الهوي والذاتية(20).
وهنا المؤلف أراد أن يطبع كتابه بخصائص جعلته يرقي إلي مستوي علمي رفيع، ومكنته من الوصول وبذلك يمكن قراءة أهداف المؤلف في هدفين أساسيين، أو جعلهما في دافعين:
الدافع الأول: نظري معرفي، يقوم علي ضم الفروع والجزئيات بعضها إلي بعض، والتماس الروابط بينها، وصياغتها في صفة نظرية، وهو ما لا يعلم المؤلف أن أحدا قام به من قبل، لا في شيء محرر، ولا في كتاب مصنف، بل لم ير أحدا حام حوله طائر فكره، أو جعله غاية بحثه ونظره، فرسخ في ذهنه أن هذا أمر مستحسن إظهاره، وإبراز تعم فائدته، وبيان خفيت معالمه، وهذا الدافع قد نصفه بالهدف الأول لتأليف الكتاب، أو الدافع الظاهري أيضا.
الدافع الثاني: واقعي دعوي، يقوم كما يقول المؤلف:” الفلسفة الأخيرة ليست أخيرة في الزمان، بل لكونها تمثل حصادا نهائيا لخبرة واسعة في مجال العمل الفلسفي، وهي مشروع أورؤية لتطوير مفهوم الفلسفة ووظيفتها بناء على طريقة مسحية استقصائية قمت بها لاستكشاف المحاور التي عملت عليها الفلسفة طوال تاريخها وكانت فيها منتجة باستخدام مناهج مناسبة لها وببعض طرائق الاستدلال من داخلها. ويستهدف هذا المشروع تطوير أدوات تحقيق الرؤية، وأولها تغيير نظام التعليم الفلسفي في العالم العربي إعادة دمج منهج التفكير الفلسفي في النسق الفكري الشامل للعلوم الإنسانية، أي الثقافة بصفة عامة ؛ لكي تصبح الفلسفة منتجة وآلة من آلات تنمية المجتمعات التي تعاني الانحطاط الحضاري(21).
لقد استطاع المؤلف الوصول إلي نتائج ترفع من مستوي القارئ، وتجعله يقترب بسهولة من الكتاب إلي درجة الألفة والاستئناس، ويمكن إيجاز هذه الجوانب الإيجابية من المؤلف ما يلي:
أولا: الجانب المعرفي: لقد جاء الكتاب مفعماً بالجانب المعرفي من حيث أن المؤلف وقف في الوصول إلي المعارف الضرورية لإنجاز هذا الكتاب، فقد تتبع المسار التطوري للفهم الصحيح للفلسفة الأخيرة وهو أن كل التفاسير التي تحاول الاستناد إلى أسبقية الفكرة على الفعل في كل ممارسة إنما تصدر عن سوء نية، وتدل على إساءة استعمال القياس التمثيلي والنظر إليه على أنه قياس دقيق، ورغم أن جميع المذاهب المؤلهة تؤمن بأن الله يريد أولا ثم يفعل، لكنها تنسي مثلا أن فعله وإرادته إنما يكونان بلا تدبير سابق، لأن التدبير السابق يدل على مراجعة المواقف خشية الوقوع في الخطأ(22).
ثانياً: التتبع الدقيق للقضايا الفلسفية المعاصرة، وذلك من أجل إثبات مفهوم الإقناع، وهو المفهوم في نظر المؤلف يعول على أن إيصال أفكارنا ومعتقداتنا للآخرين مرهون بلغة واحدة، وخلفية واحدة، والالتزام بقيم مشتركة للتحاور، والإيمان المسبق بأن التحاور هو الطريقة الواحدة للتسوية والاتفاق(23).
ثالثا: الإحاطة الجيدة لحدود الموضوع المدروس، لقد أبان المؤلف عن حسن تبصر، وعن رؤية واضحة للموضوع المدروس، مما جعله متمكناً من المعلومات التي يعرضها، حتي استطاع أن يوجهها لخدمة الغرض الديني الذي وُضع من أجله الكتاب، كما أستطاع أن يبرز لنا خلال ثنايا الكتاب بأن كل الاتجاهات الثورية التي شهدتها الفلسفة المعاصرة أو زعمت قدرتها على تخليص الناس دفعة واحدة وبمخلص واحد هي اتجاهات دينية حتى لو قادها ملاحدة بالمعني التقليدي، فالنتيجة كانت واحدة مثلما فعلت النازية والفاشية والماركسية، وكلها تستند إلي أمنية الخلاص دفعة واحدة، وبلا بذل أي تضحيات وبصورة سلبية، بأن تفني هي نفسها رجاء بقائها تحت ظلال مخلص مثل الطبقة، أو النقابة، أو الحزب، أو الأمة، أو حتى عقيدة واحدة(24).
وفي ظني أن القيمة الكبرى لهذا الكتاب تنبع من المنهجية المحكمة التي قام عليها وفحواها: ضرورة ربط المنتج الإبداعي بالأرضية الفكرية والمنطلقات الفلسفية التي انطلق منها ؛ لأن خيوط هذه المرجعية سوف تظل – مهما كثرت المدارة والتقية – تتحكم في رؤية النص الفلسفي ومستوياته المضمونية والشكلية علي حد سواء.
والسؤال الان هو: هل نجح المؤلف في تحقيق هذا الهدف الذي نذر كتابه له؟
في ظني أن المؤلف تمكن – إلي حد كبير – من تحقيق هذا الهدف، إذ يلحظ القارئ –المنصف- أن المؤلف ظل يطرح الأسئلة الكبرى، ثم يقدم الإجابة عنها بطريقة المحاججة العقلية البعيدة عن التعسف والاتهام، كما ظل يتكئ علي أكثر من شاهد وأكثر من دليل حتي يجلو الفكرة ويؤكدها، دون الاعتماد علي الشوارد من الشواهد أو المفرد من الأدلة، كما أن معظم المصادر والمراجع التي اتكأ المؤلف عليها هي من الكتب والدراسات الحديثة لأولئك الذين يحاورهم المؤلف، إذ يثبت بطلان مقولاتهم من مصادرهم هم، ومما حطت أيديهم، مما يجعل عبارة ”إن الفكر الفلسفي المعاصر لا يضيق بالأفكار طالما أنها في جانب البناء، ويرحب دوما بالاختلاف الذي يثري ويضيف، ومن ثم فلا مانع من تعدد وجهات النظر المختلفة”؛ وهنا يقول المؤلف: ومن واقع خمسة وثلاثون عاما قضيتها مع الفلسفة أحاول الآن إنعاشها، وهي في حاجة إلى نبي من غير عالمها لإنقاذها، فأرجو أن أكون هو، وعلى ضوء تجربتي فإن الحصيلة الحضارية لتاريخ الفلسفة تتلخص في ثلاثة أمور: التعددية والسلم، ومنطق وأساليب حجاج(25).
وفي خاتمة الكتاب نجد المؤلف يجمل آراءه باختصار شديد وهدوء لافت، مدافعاً عن منهجه، مبرزاًً حقه في الجدل والنقاش ليس بغرض التجريح الشخصي، بل بحثاً عن الحقيقة العلمية، وفي إشارة من إشاراته الدالة النادرة يكبر المؤلف في صاحب المشروع اعتداده برأيه والجهر فيه بلا مواراة أو تمويه، مؤشراً إلي ضرورة أنه لا بد وأن نقول بأن ما يشهد به الواقع وما يضمن أكبر مصلحة عامة وأشملها ولغة القرآن ” ما ينفع الناس “، فالمصلحة العامة هي أيضا كل الشرائع والمشكلة هي في التزييف والتضليل بالتوحيد بين مصلحة المجموع ومصلحة قطاع من المجتمع، أو جماعة، أو وظيفة، أو طبقة ن أو فئة.. أو بين حقبة، أو فترة تاريخية(26).
ويسرني في نهاية هذه القراءة أن أبارك للأستاذ الدكتور ظريف حسين تأسيسه لموضوع جديد يهم الكاتب والمؤلف؛ خاصة وأنه يعد واحداً من البحاثة الذين تميزوا بنزعة فلسفية نابعة من تبنيه الاتجاه العقلي في تمحيص القضايا الفلسفية المعاصرة وغربلتها في ضوء الرؤية المعرفية السلوكية للفكر العربي، إلي جانب البحث الدقيق العميق، والذي تجلي في نفسه الراضية المطمئنة، ولا شك في أن الدكتور “ظريف حسين”، كان عالماً مبدعاً، وكان له أثر فعال في مجال عرض الفقه وأصوله، في ثوب جديد أعاد بمراجعاته للفكر الفلسفي المعاصر رونقه وبريقه.
وحتى لا يطول بنا الحديث أقول في نهاية حديثي تحيَّة طيبة لأخي الدكتور ” ظريف حسين ”، الذي كان وما زال يمثل لنا نموذجا فذا للمفكر والفيلسوف الموسوعي الذي يعرف كيف يتعامل مع العالم المحيط به ويسايره في تطوره، وهذا النموذج، هو ما نفتقده بشدة في هذه الأيام التي يحاول الكثيرون فيها أن يثبتوا إخلاصهم لوطنهم بالانغلاق والتزمت وكراهيَّة الحياة، وإغماض العين عن كل ما في العالم من تنوع وتعدد وثراء.
وأخيراُ وعلي كل حال لسنا نستطيع في مقال كهذا، أن نزعم بأننا قادرون علي تقديم رؤية ضافية شاملة ومستوعبة لكل مقدمات شخصية الدكتور” ظريف حسين”، بأبعادها الثرية، وحسبنا هذه الإطلالة السريعة الموجزة علي الجانبين الإنساني والعلمي لمفكر مبدع في أعمال كثيرة ومتنوعة، ونموذج متفرد لأستاذ جامعي نذر حياته بطوله وعرضه لخدمة الثقافة العربية، وأثري حياتنا الفكرية بكل ما قدمه من جهود.
تحيةً لظريف حسين، الذي لم تستهويه السلطة، ولم يجذبه النفوذ، ولكنه آثر أن يكون صدى أميناً لضمير وطني يقظ وشعور إنساني رفيع، وسوف يبقى نموذجاً لمن يريد أن يدخل التاريخ من بوابة واسعة متفرداً.
بارك الله لنا في ظريف حسين قيمة جميلة وسامية في زمن سيطر عليه “أشباه المفكرين” (كما قال أستاذي عاطف العراقي)، وأمد الله لنا في عمره قلماً يكتب عن أوجاعنا، وأوجاع وطنناً، بهدف الكشف عن مسالب الواقع، والبحث عن غداً أفضل، وأبقاه الله لنا إنساناً نلقي عليها ما لا تحمله قلوبنا وصدورنا، ونستفهم منه عن ما عجزت عقولنا عن فهمه.
الهوامش:
- د. زهير الخويلدي: ركائز المشروع الفلسفي، أنظر الرابط ttps://annabaa.org/arabic/authorsarticles/8248
- المرجع نفسه.
- المرجع نفسه.
- غازي الصوراني: حول أهمية الفلسفة ودورها في تطور واستنهاض شعوب بلدان مغرب ومشرق الوطن العربي، الهدف، الثلاثاء 04 أكتوبر 2022 | 08:05 ص.
- المرجع نفسه.
- حمدي الشريف: د. ظريف حسين والفلسفة الأخيرة: ملاحظات نقدية، الحوار المتمدن-العدد: 7385 – 2022 / 9 / 28 – 23:51.
- د. ظريف حسين: الفلسفة الأخيرة –رؤية سلوكية للفكر العربي، مركز ليفانت للدراسات الثقافية والنشر، القاهرة، ط1، 2021، ص10.
- المصدر نفسه، ص17.
- المصدر نفسه، ص18.
- المصدر نفسه، ص21.
- المصدر نفسه، ص26.
- المصدر نفسه، ص32.
- المصدر نفسه، ص33.
- المصدر نفسه، ص35.
- المصدر نفسه، ص39.
- المصدر نفسه، ص42.
- المصدر نفسه، ص43.
- المصدر نفسه، ص44.
- المصدر نفسه، ص9.
- المصدر نفسه، ص9-10.
- المصدر نفسه، ص9.
- المصدر نفسه، ص23.
- المصدر نفسه، ص44.
- المصدر نفسه، ص24.
- المصدر نفسه، ص21 -26.
- المصدر نفسه، ص26.