التغير الاجتماعي.. قراءة في المفهوم والموضوع

التغير الاجتماعي

 ملخص البحث:

يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على موضوع التغير الاجتماعي من زاويتي المفهوم والموضوع، من وجهه نظر علم الاجتماع. إذ يعد موضوع التغير الاجتماعي من أهم الموضوعات التي شغلت بال العديد من المفكرين منذ القدم وحتى اليوم، وتناولته مختلف العلوم الاجتماعية، وعلى الرغم من أن دراسة التغّير الاجتماعي تُعد واحدة من الاهتمامات المعاصرة لعلم الاجتماع الحديث؛ إلاّ أن الفلاسفة والمفكرين الأوائل لم يغفلوا اهتمامهم بظواهر التغير الاجتماعي، إذ لاحظوا التغير الاجتماعي في حياة المجتمعات القديمة وفي المجتمعات التي عاشوها، وبنوا في ضوء تلك التغيرات الأفكار المختلفة. كما ذكر القرآن الكريم كثير من الآيات التي تشير إلى مفهوم التغيب. كل ذلك شكل التراث النظري والخلفية المعرفية التي استند عليها مفهوم وموضوع التغير الاجتماعي.

إن موضوع التغير الاجتماعي يُعد من أهم الموضوعات التي شغلت بال العديد من العلوم الاجتماعية، وقد زاد الاهتمام بالتغير الاجتماعي في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى؛ وذلك بسبب حجم التغيرات الاجتماعية وسرعتها وآثارها التي عصفت بحياة كثير من الأفراد والجماعات والمجتمعات.

ونحاول هنا أن نعرض موضوع التغير الاجتماعي بعدد من المفردات التي تمحورت تحت عنوان الورقة أعلاه والموسوم بـ (التغير الاجتماعي – قراءه في المفهوم والموضوع)، نستعرض ذلك من خلال بحث مفهوم التغير الاجتماعي من جوانبه المختلفة في ضوء الرجوع إلى عدد من المؤلفات العلمية والأسس النظرية التي استند إليها تفسير موضوع التغير الاجتماعي، بوصفه مبحثا رئيسا من مباحث علم الاجتماع بخاصة والعلوم الاجتماعية والإنسانية بعامة.

لذا فإن العلوم الإنسانية بعامة، وعلم الاجتماع بخاصة، معنيون اليوم أكثر من أي وقت مضى في الاهتمام بدراسة التغير الاجتماعي واغنا نظرياته ومناهجه العلمية لتتمكن من تفسير الظواهر الاجتماعية وكشف أسرارها وميكانزماتها والتخيط السليم للتحولات المنشودة التي تؤدي إلى حدوث التغير في المجتمعات.

لقد احدثت التكنولوجيا تغيرات واسعة في الحياة الاجتماعي، وجاءت بالعديد من التجديدات العلمية والصناعية الحديثة التي أسهمت في بناء المجتمعات المعاصرة، عبر تفاعلات التغير في بناء هذه المجتمعات، وامتد تأثير التكنلوجيا وانتشارها بمستويات مختلفة لتشمل نواحي عديدة في جميع بلدان العالم كنمط ثقافي عملي أكثر كفاءة، من الحياة التقليدية السابقة.

وتعد التكنولوجيا من أهم مظاهر العصر الحديث التي ارتبطت بالمجتمعات الصناعية المتقدمة، حيث حظيت باهتمام كبير من قبل تلك المجتمعات. لذا فإن ظاهرة التغير الاجتماعي قد ارتبطت بشكل كبير بعامل التكنولوجيا، وعليه فان دراسة التغير الاجتماعي وعلاقته بالتكنولوجيا الحديثة وما تركه من اثار في تغير حياة المجتمعات البشرية تستدعي أعطاها نفس القدر من الاهتمام على مستوى المجتمع الإنساني بعامة.

لم تكن دراسة التغير الاجتماعي امر يسير، حيث تكمن صعوبة دراسة التغير الاجتماعي في جانبين مهمين هما: (الجانب الأول يتعلق في طبيعة الظاهرة الاجتماعية المدروسة، والجانب الثاني يتعلق في موقف الباحث-الدارس-من الظاهرة المتغير).

اولاً: مفهوم التغير الاجتماعي (مقاربة نظرية):

إن تحديد المفاهيم والمصطلحات أمر مهم في البحوث والدراسات العلمية، فهي تمد القارئ والمختص بالتوضيح الكامل بما تنطوي عليه هذه المفاهيم من مضامين تسهم في توضيح المعاني والدلالات لتلك المفاهيم التي لها علاقة بالعناوين والموضوعات التي تحتويها البحوث والدراسات وتساعد القارئ على فهمها[1].

 يمكن القول أن مفهوم التغير الاجتماعي مفهوم شائك ومعقد، إذ لا يوجد هناك تعريف واحد لمفهوم التغير الاجتماعي كما هي إشكالية المفاهيم الاجتماعية التي تتعدد تعريفاتها بحسب اهتمامات الباحثين والعلماء وتعقيد الظاهرة الاجتماعية نفسها.

فالحديث عن التغير الاجتماعي يعني الحديث عن المجتمع برمته وتفاعلاته المعقدة وفي اتساعه المكاني والزماني.

ويعد مفهوم التغير الاجتماعي مفهوم حديث نسبياً بوصفه دراسة علمية، رغم انه قديم من حيث الاهتمام، فلقد كانت النظرة قديما تقوم على الملاحظة الخارجية للتغير ومقارنة أجزاء الثقافة التي تتغير بصورة بطيئة أو سريعة، وقد أخذت الدراسات الاجتماعية في التغير مساراً اكثر علمياً بعد أن ظهر مفهوم التغير في العام 1922م، عندما كتب وليام أوجبرن كتاب عن التغير الاجتماعي[2].

وقد جاء مفهوم التغير الاجتماعي هنا ليبين القصور في المفاهيم السابقة التي تشير للتغير الاجتماعي مثل مفهوم التقدم الاجتماعي والتطور الاجتماعي والنمو الاجتماعي والتحديث على سبيل المثال لا الحصر. وقبل الخوض في مفهوم التغير الاجتماعي، سوف نعرف التغير لغويا:

مفهوم التغير لغويا:

تعني كلمة التغير في المعاجم العربية بـ بالتحول والتبدل والانتقال من حالة الى حالة أخرى[3]، كما يشير مفهوم التغير من الناحية اللغوية إلى:” التحول وينطوي على الاختلاف، ويقال غيرت الشيء أي جعلته على غير ما كان عليه، أو أصلح من شأنه أو بدله[4]“. وجاء في لسان العرب ” تغير الشيء عن حاله،” تحول وغَيَّرَهُ” حولَّـه وبدَّله، كأنه جعله غير ما كان عليه.

أما في الدلالة الفلسفية، فنجد أن ” التغير يعني عمل أو فعل يتبدل بواسطته شيء دائم، أو يتبدل في واحدة أو في كثير من سماته، ويعني كذلك تحول شيء إلى آخر، أو إبدال شيء من شيء آخر[5]“.

وذكر التغير في القران الكريم ” ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم[6]“.

التغير في حد ذاته حقيقة وجودية، وظاهرة عامة تخضع لها كل مظاهر الكون وشؤون الحياة إجمالاً، وهو أكثر وضوحاً في الحياة الاجتماعية التي هي في تغير مستمر. وهذا ما حدا ببعض العلماء إلى القول إن ليس هناك مجتمعات ثابته، ولكن الموجود تفاعلات وعلاقات اجتماعية في تغير دائم وآثار متبادلة. وحينما تضاف كلمة الاجتماعي إلى التغير، والتي تعني بها ما يتعلق بالمجتمع لتصبح الجملة بـــ (التغير الاجتماعي) فنحن نشير بها إلى التحولات أو الاختلافات المتعاقبة التي تطرأ على البناء الاجتماعي خلال مدة من الزمن[7].

وهنا يذكر الدكتور (حسن الخولي) أن اصطلاح يعني انتقال الأشياء أو الظواهر من حالة إلى أخرى، وهذا الانتقال يمثل التغير الذي طراء على بناء الظاهرة. اما اصطلاح، يعني الشخص وتفاعله مع الآخرين. ليصبح مصطلح (التغير الاجتماعي) هو العملية المستمرة والتي تمتد في فترات زمنية متعاقبة يتم خلالها حدوث تعديلات واختلافات في العلاقات الإنسانية أو في الأدوار الاجتماعية أو في المؤسسات والتنظيمات[8].

بأن التغير الاجتماعي عادةً ما يشير إلى الأوضاع الجديدة التي تطرأ على بناء المجتمع ووظائفه ويتضمن تغييراً في النظم والمعايير المحددة لأدوار الأفراد في المجتمع. وبناءً على ذلك فقد تعددت المفاهيم الخاصة بالتغير الاجتماعي، فينظر كنجزلي دايفز بانه التغير الاجتماعي الذي يحدث في بناء التنظيم الاجتماعي ووظائفه، وهو جزء من التغير الثقافي الواسع الذي يصيب المجتمع[9].

غير أن كل من جيرث وملز ينظرا إلى ماهية التغير الاجتماعي، على أنه التحول الذي يطرأ على الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها الأفراد، وكل ما يطرأ على النظم الاجتماعية وقواعد الضبط الاجتماعي التي يتضمنها البناء الاجتماعي خلال مدة معينة من الزمن[10].

وعرّف ماكيونس، التغير الاجتماعي بأنه” التحول في تنظيم المجتمع وفي أنماط الفكر والسلوك عبر الزمن”. أما ريتزر قال: ” أن التغير الاجتماعي يشير إلى التباين التاريخي في العلاقات بين الأفراد والجماعات والتنظيمات والثقافات والمجتمعات”. بينما عرّفه فارلي بأنه ” التبدل في أنماط السلوك والعلاقات الاجتماعية والنظم والبناء الاجتماعي[11]“.

ويحدث التغير الاجتماعي نتيجة لتفاعل عدة عوامل ثقافية واقتصادية وسياسية، يتداخل بعضها في بعض، ويؤثر بعضها في بعض. وفي هذا الإطار يذهب عالم الاجتماع الإنجليزي أنتوني غدنز إلى القول بأن” التغير الاجتماعي هو تحول في البنى الأساسية للجماعة الاجتماعية أو المجتمع، ويرى غدنز أن التغير الاجتماعي هو ظاهرة ملازمة على الدوام للحياة الاجتماعية[12]“.

 فالتغير الاجتماعي هو كل تحول يحدث في النظم والانساق والأجهزة الاجتماعية، سواء كان ذلك في البناء أو الوظيفة وننظر له من خلال المقارنة في مدة زمنية محددة. ولما كانت النظم في المجتمع مترابطة ومتداخلة ومتكاملة بنائياً ووظيفياً فإن أي تغير يحدث في ظاهرة لابد وأن يؤدي إلى سلسة من التغيرات الفرعية التي تصيب معظم جوانب الحياة بدرجات متفاوتة[13]“.

لذا فهو كل تغير يطرأ على البناء الاجتماعي في الوظائف والقيم والأدوار الاجتماعية خلال مدة زمنية محددة، فقد يكون هذا التغير إيجابياً أي تقدماً أو سلبياً أي تخلفاً [14].

ويعرّفه معجم العلوم الاجتماعية على أنه كل تحول يقع في التنظيم الاجتماعي سواء في بناءه أو في وظائفه خلال فترة زمنية معينة ويشمل ذلك كل تغير يقع في التركيب السكاني للمجتمع أو في بناءه الطبقي ونظمه الاجتماعية أو في أنماط العلاقات الاجتماعية أو في القيم والمعايير التي تؤثر في سلوك الأفراد والتي تحدد مكانهم وأدوارهم في مختلف التنظيمات الاجتماعية التي ينتمون إليها[15].

وبهذه الرؤية نلاحظ أن التغير الاجتماعي يشير إلى العملية التي تؤدي إلى اختلاف في النظم والعادات والآلات أو في النسق او القيم…. الخ، بالمقارنة بحالة اختلافها في فترات زمنية سابقة.

أما عادل الهواري فقد عرّفه بأنه تحول يحدث في النظم والأنساق والأجهزة الاجتماعية من الناحية المورفولوجية أو الفيزيولوجية خلال مدة زمنية محددة. ويتميز التغير الاجتماعي بصفة الترابط والتداخل، فالتغير في الظاهرة الاجتماعية يؤدي إلى سلسلة من التغيرات النوعية التي تصيب الحياة بدرجات مختلفة[16].

لذا نرى بان التغير الاجتماعي يشير إلى كافة أشكال التحول الجزئية أو الكلية التي تطرأ على البناء الاجتماعي – الثقافي في أي مجتمع من المجتمعات والتي تحدث عبر سلسلة متصلة من العمليات المستمرة عبر الزمن ويكون لهذه التحولات نتائج بعيدة المدى عبر المستويات المختلفة للبناء الاجتماعي[17].

ولقد جاء مصطلح التغيير في القرآن في أربعة مواضعَ مختلفةٍ في سور مدَنيةِ النزول وهي[18]: في سورة النساء؛ قال تعالى: ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ [النساء: 119]، وهو ما يُحدِثه الإنسان من تغيير في خلْقِ الله بسبب غَوَاية إبليس كما أشارت الآية. وقد جاء أيضًا في سورة محمد؛ قال تعالى: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ… ﴾ [محمد: 15] فيما وعد الله به عباده المؤمنين.

فيما جاء في سورة الأنفال؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 53] في إشارة إلى تغيير نعمة الله على عباده، إن هم قابلوا نِعَمَه بالكفر والفسوق والعصيان.

 و جاء ايضاً في سورة الرعد بمعنى: تغيير ما بأنفس القوم إلى الأفضل والأحسن، وهو المرادُ شرعًا؛ حيث يقول الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

ورغم كل ما عرضناه أعلاه من تعاريف لمفهوم التغير الاجتماعي، التي بينت لنا بوضوح التعريف الشامل للتغير الاجتماعي. وهي تعاريف عديدة ومن أجل تسهيل فهم واستيعاب التغير الاجتماعي، سوف نحاول عرض أهم ما جاء في تعريفات التغير الاجتماعي، من خلال فرزها إلى خمس مصفوفات او مجموعات، موزعه بحسب الحالات التي تضمنتها التعاريف السابقة، في الاتي19]:

المجموعة الأولى:

وهي التي تشير إلى التحولات الهيكلية في المجتمع والمحدد في التحولات أو التبدلات في بناء المجتمع، أي في الهياكل الأساسية فيه مثل حجم المجتمع، وتركيب أجزائه المختلفة، والتوازن بين هذه الأجزاء ومن هذه التعريفات: تعريف جنزبرج، الذي حدد التغير في البناء الاجتماعي كالتغير في حجم المجتمع وتركيبة ونمط التوازن بين أجزائه أو نمط تنظيماته، أو مثل تضاؤل حجم الأسرة وتغير الاقتصاد المعيشي على إثر ظهور المدن[20].

 وقد يشير التغير ايضاً إلى التحولات في أنماط الفعل الاجتماعي، ويتضمن ذلك تحول في العلاقات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي التي تشترك فيه العلاقات الاجتماعية المنظمة والتي هي جوهر البناء الاجتماعي وتشمل التغير الاجتماعي في القيم والمعايير وقواعد السلوك الضابطة لأنماط التفاعل بين الأفراد كما جاء به عدد من العلماء في تعريفاتهم للتغير الاجتماعي والتي تتمحور حول التحولات الجوهرية في بنية المجتمع وأنماط الفعل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي والتي تنعكس في التغيرات التي تطرأ على القيم والمعايير الاجتماعية وكل ما يتصل بالمنتجات والرموز والقيم الثقافية.

فهذه التعريفات البنائية تهتم بالتحولات الكبرى التي تطرأ على المجتمعات، بصورة تدريجية ومتوالية وتأخذ زمناً طويلاً في حدوثها، وتترك آثاراً واضحة بعيدة المدى على الهياكل الثابتة لبناء المجتمعات[21].

 المجموعة الثانية:

 وهي التعريفات التي ركزت على الوظائف التي ترى أن التغير الاجتماعي هو تغير في المكونات النسبية أو النظامية في المجتمع، ومن ثم فهو تغير في الطريقة التي تعمل بها النظم والأنساق، أو في نوعية الأداء الوظيفي لهذه الأنساق كتعريف فرنسيس ألين الذي يذهب إلى أن التغير يشتمل على التعديلات في النظم الاجتماعية والأنساق الفرعية داخل البناء الاجتماعي وكذلك التعديلات التي تتم في الأدوار والوظائف التي تؤديها النظم والأنساق الاجتماعية، عبر الزمن.

 فالتغير لا يحدث في الانساق الأساسية والفرعية فحسب؛ ولكنه يحدث في وظائف الانساق مما يؤدي الى ان يصبح النسق أكثر كفاءة او اقل كفاءة في الوظائف وذلك يعتمد على الطريقة الت يحدث فيها التغير[22].

المجموعة الثالثة:

من بعض التعريفات، فقد ركزت على المستويات المختلفة للتغير الاجتماعي والذي يرى أنه عندما يحدث التغير الاجتماعي فإنه يؤثر على بناء المجتمع، وعلى طبيعة العلاقات الاجتماعية فيه، وعلى وظائف الأنساق، وكذلك يمتد أثرة على الأفراد. لذلك فإن التغير هنا عملية شاملة متعددة المستويات إذ يمكن النظر إليها لتشمل التغيرات الكونية التي تظهر على المستوى العالمي ومن أشهر التعريفات التي تهتم بمستويات التغير الاجتماعي تعريف روبرت لامبور الذي ينظر إلى التغير الاجتماعي على أنه يشير إلى التبدلات في الظواهر الاجتماعية عبر المستويات المختلفة للحياة الإنسانية بدءاً من الفرد وانتهاء بالكون كله.

المجموعة الرابعة:

اهتمت هذه المجموعة بالتعريف بعنصر الزمن في عملية التغير الاجتماعي بالإضافة إلى العناصر البنائية والوظيفية، إذ ترى أن التغير الاجتماعي هو عملية ممتدة عبر الزمن، ولا يوجد تغير اجتماعي بغير زمن يحدث فيه ومن هذه التعريفات التي تهتم بعنصر الزمن، تعريف روبرت ينسبت الذي يعرف التغير الاجتماعي بمعناه الواسع بأنه مجموعة من التحولات التدريجية والبطيئة المتوالية، يتم فيها التبدلات (الاختلافات) التي تحدث عبر الوقت داخل كيان مستمر في الوجود لتصل إلى المستقبل[23]، وفي ضوء ذلك فإن التغير الاجتماعي يشير إلى مجموعة من العمليات المتتابعة عبر الزمن والتي تنتج أشكالا من الاختلاف والتباين التي تؤدي إلى تغير البناء الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية والجوانب الثقافية المختلفة كالقيم والمعايير والمعتقدات[24].

 المجموعة الخامسة:

أخيراً هناك بعض التعريفات التي عبر عنها واهتم بها كثير من العلماء بتعريف التغير الاجتماعي الذين تناولوه من جوانب مختلفة كالتغير الاقتصادي أو السياسي أو الايكولوجي أو التغير الثقافي مثل التغير الذي يطرأ على البناء ألأسري من حيث وظائف وبناء ألأسرة أو التغير في نمط العادات والقيم والمذاهب الدينية والأخلاقية.

أجمالاً يمكن الوصول إلى تعريف التغير الاجتماعي بمعناه العام والذي يجمع بين هذه التعريفات المختلفة هو (ما يتصل بالتحول أو التبدل الجزائي أو الكلي في إطار الوظائف أو البناء أو النظم أو العلاقات الاجتماعية وهي عمليات متصلة تحدث عبر الزمن). لذا فالتغير هو في حالة دائمة من الحركة والتطور المستمر شأنه في ذلك شأن الكائنات الحية تماماً فهناك فترات تاريخية يتم فيها التغير الاجتماعي بسرعة بينما قد يكون في فترات أخرى يتم ببطء[25].

وتجدر الإشارة إلى التغير قد يشير إلى زيادة لعناصر جديدة مضافة للعناصر السابقة للظاهرة أو يأتي بأشياء جديدة، حيث أنه قد يسير إلى الأمام أو يؤدي إلى التقهقر إلى الخلف.

حيث يعتبر موضوع التغير الاجتماعي من أكثر مشكلات علم الاجتماع صعوبة فقد بدأ علم الاجتماع مع محاولات أوجست كونت وغيره من علماء الاجتماع في القرن التاسع عشر في تفسير أسباب التغير الاجتماعي ومساره الذي وجد تعبيره في الثورة الفرنسية والثورة الصناعة في إنجلترا.

 وكان يسيطر على علم الاجتماع البحت عن نظرية في تفسير واكتشاف قوانين حركة المجتمعات، حيت كان لقيام المجتمع الرأسمالي والثورات الاجتماعية وما صاحبها من حراك سياسي وثقافي ونمؤ حضري الفضل الكبير في إثارة الاهتمام الواضح بالتحليل السوسيولوجي لموضوع التغير الاجتماعي.

ومن خلال التعاريف السابقة يمكن القول أن مفهوم التغير الاجتماعي هو: كل تحول يقع سواء في بناء المجتمع أو في وظائفه، أو في التركيب السكاني للمجتمع، أو نظمه الاجتماعية، أو في أنماط العلاقات الاجتماعية، أو في القيم والمعايير التي تؤثر في سلوك الأفراد وتحدد مكانتهم وأدوارهم، وذلك خلال فترة زمنية معينة، نتيجة تأثير العوامل المادية وغير المادية. وتجدر الإشارة هنا إلى توضيح الفرق بين بين التغيُّر والتغيير الاجتماعي.

الفرق بين التغّير والتغيير:

للوصول إلى معرفة ادق وأعمق في فهم أهمية دراسة التغير الاجتماعي والالمام بنظرياته وقوانينه، وسننه لابد لنا أولا ان نشير إلى الفرق بين مفهومي (التغيُّر والتغيير) فالتغيُّر يدل على التحول المفاجئ في ظاهرة ما، وهو شيء واضح يظهر على الظاهر المعينة، وقد يحدث في كافة شؤون الحياة والمخلوقات.

أما التغيير فهو التحول الممنهج المدروس الذي يتم تخطيطه بما يهدف إلى التقليل من الأخطار، والسلبيات التي قد تنتج عن عملية التغير التلقائي، او للوصول إلى اهداف محدده، وفي هذا الاتجاه ينبغي علينا استيعاب ذلك. لاسيما في العصر الراهن الذي يشهد تغيرات كبيرة طالت كافة مستويات الحياة الإنسانية، الأمر الذي تستدعي الحاجة إلى السيطرة على عمليات التحول والتغير التي تتعرض لها المجتمعات الإنسانية، بما يؤدي إلى النتائج المرجوة[26].

 التغير الاجتماعي قديماً وحديثاً: 

تبين فيما سبق أن التغير الاجتماعي يخضع للنسبية الزمانية والمكانية حيث يختلف من مجتمع إلى آخر؛ سواء في السياق الزماني أو المكـاني وذلك نتيجة الاختلاف الثقافي بين المجتمعات، ولو أمعنا النظر في عملية التغير الاجتماعي قديماً وحديثاً فإننا نجد اختلافاً بيناً بينهما حيث يتميز التغير الاجتماعي اليوم عنه قديماً، في عدة جوانب أهمها الاتي:

  1. أصبح التغير الاجتماعي اليوم أسرع من التغير قديماً نتيجة الثورة الصناعية التي غيرت كثير من القيم والأبنية الاجتماعية مثل قيمة الوقت وقيمة العمل والبناء الأسري والسياسي والديني والاقتصادي وغيرها. فالاتصال الواسع بين المجتمعات المعاصرة نتيجة للتقدم في وسائل الاتصال المختلفة أدى إلى سرعة عملية الانتشار الثقافي ومن ثم إلى سرعة التغير بوجه عام، أي أن سرعة التغير تتناسب طردياً وكثرة المخترعات التكنولوجية.
  2. الترابط بين التغيرات الحالية زماناً ومكاناً بعكس التغير في القديم الذي كان يحدث بصورة منفصلة ومتقطعة، حيث نسمع اليوم بما يسمى بالقرية العالمية والعولمة في ضوء شبكات الاتصال وتدفق المعلومات، فالتغير الذي يحدث في غرب العالم سرعان ما نجد صداه في مجتمعاته الشرقية والعكس صحيح.
  3. أصبح التغير اليوم متوقعاً وأسرع قبولاً لدى المجتمعات، وهو دلالة طبيعية على الانفتاح الحاصل بخلاف التغير السابق.
  4. إن تغير اليوم ذو طابع إداري مخطط وهادف ومقصود تصنعه المجتمعات وفق إرادتها، أما التغيرات التي كانت تتم في السابق فهي ذات طابع عشوائي وتلقائي.

 ثانيا: التغير الاجتماعي ظاهر مستمرة (تحليل سيوسولوجي):

 يُعد موضوع التغّير الاجتماعي من أهم الموضوعات التي تناولتها العلوم الاجتماعية بعامة، وعلم الاجتماع بخاصة، نظراَ لما لموضوع التغير الاجتماعي من ارتباط وعلاقة وثيقة بقضايا المجتمع كالتنمية والحراك السياسي والتحول الثقافي والاجتماعي والتطور والتقدم والتحضر والتحديث وغيرها من المفاهيم والموضوعات والظواهر الاجتماعية ذات الصلة بالتغير الاجتماعي، والتي حظيت باهتمام العلماء، وتناولوها في دراساتهم المختلفة وبحثت أنواع واتجاهات التطورات والتحولات التي تحدث في النظام الاجتماعي وتؤثر على بناء المجتمع ووظائفه وادواره. وتشكل الأسئلة التي تبحث عن التغير في الحياة الاجتماعية والشخصية ملمح لكثير من الكتابات في عالمنا المعاصر[27].

إن التغير الاجتماعي هو سمة الوجود، وأن كل شيء في حياتنا يتغير باستمرار، فجميع الاشياء لا تبقى على الثبات، لذا فقد أهتم علم الاجتماع وعلم الانثروبولوجيا وعلم النفس وعلم الاقتصاد وعلم السياسية وعلوم الشرع كما جاء في مؤلفات المفكر الإسلامي ابي بكر العدني بن على المشهور في مفهوم المتغيرات والمستجدات في علم فقه التحولات[28]. وغيرها من العلوم الأخرى التي تناولت التغير من خلال استخدام عدد من المناهج العلمية والأساليب البحثية التي بموجبها تجري عملية رصد وتحليل وقياس درجة التغير الاجتماعي في حياة المجتمعات البشرية، بهدف الكشف عن أسباب حدوث ذلك التغير والتعرّف على مظاهره وعوامله ونتائجه والعمليات الدينامية المشتركة المؤدية للتغير الاجتماعي والقادرة على تفسير ما تمر به المجتمعات من تغيرات مختلفة.

وقد تميزّت دراسات التغير الاجتماعي بتنوعها ووفرة المناقشات حولها، وتزايد القلق حول التغير الاجتماعي والنظر للمستقبل[29]. لاسيما بعد التغير الكبير الذي احدثته الثورة الصناعية والتكنولوجية والمعلوماتية في عالمنا المعاصر، إذ صارت ظاهرة التغير ظاهرة بارزة في كل الأنشطة والمجالات الاجتماعية المختلفة، التي أحدثت تأثيرا ت واضحة في جميع المجالات.

ورغم أن دراسة التغّير الاجتماعي تُعد من أبرز الاهتمامات المعاصرة لعلم الاجتماع الحديث؛ إلاّ ان الفلاسفة والمفكرين الأوائل لم يغفلوا اهتمامهم بظواهر التغير الاجتماعي، إذ لاحظوا التغير الاجتماعي في حياة المجتمعات القديمة وفي المجتمعات التي عاشوها، وبنوا في ضوء تلك التغيرات الأفكار المختلفة التي شكلت التراث النظري والخلفية المعرفية التي استند عليها مفهوم التغير الاجتماعي في علم الاجتماع الحديث[30].

إذ كان الفيلسوف اليوناني القديم هيرقليطيس (540-475ق.م) هو أول من اشار للتغير الاجتماعي بقوله ان التغير هو قانون الوجود وإن الاستقرار موت وعد.

وقد شبه التغير بعبارته الشهيرة ” إن الإنسان لا يستطيع إن ينزل النهر مرتين ” لان مياه النهر تكون قد تغيرت في المرة الثانية فليست نفس المياه التي نزل بها في المرة الأولى؛ [31]. وهذا يشير إلى دلالات التغير في القوانين التي تفسر الوجود الاجتماعي.

كما قدم المحللون الاجتماعيون محاولاتهم العلمية في تحليل سببية للأحداث والتغيرات التي تجري في المجتمعات لتمكنهم من الوصول إلى افتراضات علمية ووضع قوانين عامة يمكن اختبارها وتعميمها والاستفادة منها في معرفة سير أحداث التغير الاجتماعي التي تحدث في المجتمعات الأخرى المماثلة[32].

لقد برز الاهتمام بالتغير الاجتماعي في شكل واضح في عصر التنوير الأوربي حين كان هذا العصر شاهد على تلك التغيرات الواضحة التي طرأت على الحياة الاجتماعية وتضمنها ذلك الفكر الذي قدمه فلاسفة هذا العصر والتي اعتمدت على نظريات افتراضية عكست اهتماماً كبيراً بالتغير الاجتماعي ودوره في حياة المجتمعات [33].

إن الاهتمام بظاهرة التغير الاجتماعي قد دفع بعلماء الاجتماع الأوائل إلى مواصلة دراساتهم للتغير الاجتماعي في جوانبه المختلفة، إذ درسوا التحولات الاقتصادية والإنسانية التي مرت بها المجتمعات البشرية وتمحورت دراساتهم في البحث عن إجابات لأسئلتهم عن كيف سارت المجتمعات والحياة الإنسانية بالتطور والتحول منذ بداية ظهور الإنسان على ظهر هذا الكوكب؟ متأملة التغيرات التي حدثت في المجتمعات عبر عدد من الأجيال، بواسطة استخدامهم عدد من المناهج والطرق العلمية التي مكنتهم من توجه التفكير والبحث عن إجابات لأسئلتهم المختلفة التي تتمحور حول استمرارية عملية التغير التي مرت بها الإنسانية؛ الأمر الذي جعلهم يسلمون ويقرون بالتقدم ويؤكدون على أن الحاضر أفضل من الماضي، وان المستقبل أفضل من الماضي والحاضر معاً. وعلية فإن التغير الاجتماعي في الحياة الإنسانية أمراً دائم كما هو في مختلف مجالات الطبيعة الأخرى.

حيث مرت المجتمعات البشرية في تغير دائم، فتغيرت من أشكالها البسيطة إلى أشكالها الكبيرة والمعقدة، وهو ما أشار إليه ابن خلدون – في مقدمته – بقضايا التحول من البداوة إلى الحضارة، إذ أدرك ابن خلدون إن التغير الاجتماعي لا يسر على وتيرة واحدة، بل يأخذ مساران: ” الاول وهو التغير التدريجي الذي يحدث في العمران ككل أو في جزء من أجزائه. والثاني هو التغير الجذري الذي يخلق نمطاً جديداً [34]“.

وينطوي التغير الاجتماعي على سلسلة من الفوارق والاختلافات التي تحدث مع مرور الزمن في إطار هوية ثابته منظورة سواء كانت شجرة أو انسان أو جماعة أو رابطة اجتماعية، فنحن لا نرى التغير إلاّ عندما ندرك سلسلة اختلافات وفوارق في كيان متواصل ومستمر[35].

بهذا القدر من الايضاح ننظر للتغير الاجتماعي بأنه ظهور اختلاف يمكن ملاحظته في البناء الاجتماعي أو في القيم والعادات وانماط السلوك المعروفة والمألوفة لنا، أي انه وضع جديد لم يكن مألوف وموجودة من سابق. ونفهم من ذلك بأن التغير الاجتماعي يشير إلى اختلاف ما نحن بصدد ملاحظته أو دراسته من خلال مقارنته بالفترة الزمنية السابقة له سواء كانت على المدى القريب أو البعيد.

وعليه فأننا نقصد بموضوع التغّير الاجتماعي هو مجموعة الاختلافات التي تطرأ على النظم والظواهر الاجتماعية خلال فترة معينة من الزمن والتي يمكن ملاحظتها وتقديرها، كالتعديلات التي تحدث في أنماط الحياة الاجتماعية وما تضمنه من طبيعة وبناء ونظم…. الخ. ويطلعنا التراث الثقافي والتاريخ الاجتماعي بان كل مظاهر الحياة الإنسانية لا تبقى على حال واحد وثابت لا تتغير، وإنما هي خاضعة للتغير باستمرار، شأنها شأن التغير الذي يحصل في حياة الفرد الذي يبدأ بنطفه في بطن امُه ثم جنين ثم طفل، ثم شاب ثم كهل، كما ان كل مظاهر الطبيعة المختلفة تظل في حاله دائمة من الحركة والتغير.

وتُعد مسيرة التغير الاجتماعي ظاهرة مستمرة لن تنقطع، وعملية الاستمرار هي منتج واضح للراي العام القائل بان التغير شبيهة بعملية النمو وتكتسب فكرة الاستمرارية التغير الاجتماعي معنى وفائدة في النطاق الواسع[36].

إن عملية التغير الاجتماعي ليست مجرد إضافة آلية أو أقصى لبعض الأنماط والسمات السابقة للظاهرة بطريقة كمية فحسب؛ بل هي إلى جانب ذلك عملية إضافة وتعديل كيفية لسمات ثقافية مختلفة ايضا[37]. وهذا ما ذهب إليه كلٍ من (ميل تشيرتون وآن براون) بتسميته بالتغير التطوري الذي يشير إلى أن التغير قد حدث إلا أنه لا يدلُ على فجر حقبة جديدة، بل هو مُجرد شكل أكثر تقدما للحقبة الحالية[38]. وهذا يؤكد صلة التغير الاجتماعي بالتحولات العديدة التي تحدث في مختلف أنماط الحياة الانسانية.

وقد أوضح ابن خلدون صفت الاستمرارية في دراسته المعمقة الموسومة بــ (المقدمة) حينما تحدث عن تبدل الأحوال مع تغير الازمان.

وكل التحولات والتغيرات التي تجري في حياة المجتمعات لا يمكن فهمها ان كل تغير صغير ينمو حتى ان يصبح كبيرا، اذ ان التقطع لا التواصل هو الميزة المحددة الرئيسية للتغير الاجتماعي[39].

وقد تزايد الاهتمام بظاهرة التغير الاجتماعي من قبل الكثير من المفكرين وعلماء الاجتماع الأوائل الذين بحثوا ودرسوا حركة التغير في المجتمعات، وجاؤوا بالنظريات التي تفسر ذلك التغير، الا أنهم لم يستعملوا مفهوم التغير الاجتماعي، ولم يظهر مفهوم التغير الاجتماعي في دراساتهم تلك، بل استعملوا مفاهيم أخرى كالتطور والتقدم، كما ظهر في أعمال ماركس، وماكس فيبر، وبارتيو، وسبنسر. اما مفهوم التغير لم يظهر الا في العام 1922م، في اعمال وليام أوجبرن في كتابه عن التغير الاجتماعي[40].

يمكن القول ان التغير الاجتماعي سمة لصيقة بحياة الإنسان وأفكاره والتجمعات الإنسانية والنظم الاجتماعية، حيث سارت المجتمعات البشرية في حركة تغير دائمة. لذا فإن مبدأ التغير هو أحد المبادئ الأساسية التي ينهض عليها الوجود الاجتماعي بجوانبه الطبيعية والاجتماعية، فظواهر الكون الطبيعية والكائنات الحية تخضع في حركتها وتطورها لمبدأ التغيير أيضاً، وعندما ظهرت تكوينات التجمعات التي أُطلق عليها ” المجتمعات الإنسانية البدائية ” وهي بطبيعة الحال بسيطة من حيث أشكالها وبنائها الاجتماعي وتفاعل العلاقات داخلها، وهي أقل تعقيداً من وضع المجتمعات المعاصرة “الحديثة”، وهذا يعني أنها خضعت لعملية تغير بعيدة المدى، حتى وصلت إلى حالة المجتمعات المعاصرة والتي هي الأخرى ما تزال عرضة للتغيرات التي تطرأ عليها بصورة مستمرة كما نلاحظه اليوم.

لعل أول من لفت الانتباه إلى قوانين التغير العامة التي تحكم كل الأشياء هو الفيلسوف اليوناني القديم (هيراقليطس) الذي قال ” لا يستطيع الإنسان أن ينزل في النهر مرتين لأن مياه النهر دائمة[41]“. بهذا القول أراد ان يوضح بأن عملية التغير الاجتماعي بانها عملية دائمة ومستمرة لا تتوقف.

من جانبه أدرك أفلاطون بأن المجتمع الذي عاش فيه كان مجتمعاً معقداً إلى حداً ما، وانه قد ظهرت عليه بعض التطورات عنما كانت سابقة عليه، موضحا ان المجتمع الأول كان مجتمعاً بسيطاً لا يتجاوز الأسرة الواحدة، وقد جرت علية بعض التطورات، وقد شملت هذه التطورات تغيراً في نظم تقسيم العمل وفقاً لتغير حاجاته فظهرت الحرف والصناعات والتجار والعمال والجنود، وكلما تنوعت حاجة ومطالب الناس كلما ظهرت الحاجة إلى إحداث تغيرات سريعة[42].

أما أرسطو فقد قام بتوضيح العمليات التي أصابت المجتمعات الصغيرة وحولتها إلى مجتمعات أكثر تعقيداً مثل التعاون والتضامن وتقسيم العمل، وأكد أن التغير يأتي تدريجياً وتلقائياً في بناء المجتمعات، إذ أوضح أن الدولة أو المجتمع السياسي هو في الأصل قد تشكل من الأسرة، ومن الأسرة ظهرت القبيلة، ومن القبيلة تكونت القرى، ثم المدن، ثم المجتمع السياسي الكبير– الوطن – كما أشار إلى ظهور التغير المفاجئ وهو الناتج عن الثورة أو الانقلاب الذي يظهر عندما تتأسس الدولة على نظام خاطئ للعدالة[43].

وتناول إبن خلدون التغير الاجتماعي من خلال تفسيره للمجتمع الذي شبهه بالكائن الحي الذي يظهر إلى الوجود عبر مراحله الثلاث طفلاً ثم يبلغ شبابه وكهولته، وأخيراً يصيبه الهرم فيفنى ويزول، فالعمران عند ابن خلدون له عمر محسوس كأعمار البشر وهو يفنى ويدركه كالأعمار الطبيعية للحيوانات[44].

ويبدو أن إدراك ابن خلدون لطبيعة التغير الاجتماعي في المجتمعات البشرية هو الذي جعله ينشغل بقضايا التحول من البداوة إلى الحضارة، ومن الرئاسة إلى الملك، ومن الصنائع البسيطة الضرورية إلى الصنائع الكمالية[45].

لقد بلغ الاهتمام بالتغير الاجتماعي درجة عالية في عصر التنوير الأوروبي إذ أهتم فلاسفة عصر التنوير بالمتغيرات التي طرأت على الحياة الاجتماعية منذ نشأتها وحتى قيام الدولة المدنية الحديثة، ورغم أن التصورات التي قدمها فلاسفة عصر التنوير قد اعتمدت على نظريات افتراضية، إلا أنها عكست اهتماما كبيراً بالتغير الاجتماعي، وإدراكاً واعياً لدوره في تقدم المجتمعات، فالتغير الاجتماعي في نظر فلاسفة عصر التنوير هو تغير تقدمي ينقل المجتمعات من حالة إلى حالة أفضل أي ينقلها إلى نظام سياسي يحقق فيه الأفراد أهدافهم وهذا ما أكده توماس هوبز، وجون لوك، و روسو الذين ركزوا اهتمامهم على نمو الروح الجماعية الأخلاقية في المجتمع[46].

كان علماء الاجتماع الأوائل أمثال (أوجست كونت، دور كهائم، ماكس فيبر، ماركس، سبنسر وغيرهم)، لم يسِتعملوا مفهوم التغير الاجتماعي بهذه التسمية الواضحة، بشكل مباشر، ولم تتضمن مؤلفاتهم العلمية مفردات واضحة تتحدث عن التغير الاجتماعي. رغم انشغالهم برصد حركة المجتمع وتغيره، وما قدموه من تفسيرات وقوانين تتعلق بتطور وتغير المجتمعات البشرية.

وقد وجدناهم يستعملون او يذكرون مفاهيم الأخرى كالتطور والتقدم، حتى ظهر مفهوم التغير الاجتماعي بشكل منظم وواضح في عام 1922م عندما كتب عالم الاجتماع الألماني وليام أوجبرن كتابه عن التغير الاجتماعي[47]، وهناك كثير من المصطلحات والمفاهيم المتداخلة مع مفهوم التغير الاجتماعي، والمتضمنة في معناها العام مفهوم التغير الشامل، الذي كان مزجاً بين مفاهيم (الإصلاح الاجتماعي، الثورة الاجتماعية، النمو الاجتماعي، التطور الاجتماعي، التقدم الاجتماعي، التحديث، التحضر، التنمية التصنيع (إلى غير ذلك من المصطلحات والتصورات المشابهة ذات الصلة بمفهوم التغير الاجتماعي الواسع[48]).

ثالثا بعض مكونات وعوامل التغير الاجتماعي

 1: مكونات التغير الاجتماعي:

التغير الاجتماعي ظاهرة عامة في كل العصور والمجتمعات، وتتم عملية التغير الاجتماعي وفقاً لعدة اشكال كما هي محددة في الشكل البياني الاتي:

شكل (1) يبّين اشكال ومكونات التغير الاجتماعي

2: عوامل التغير الاجتماعي:

اهتمت عدد من النظريات الاجتماعية التي فسرت التغير الاجتماعي في تحديد العوامل التي تؤدي في حدوث التغير الاجتماعي، وقد حاول بعض علماء الاجتماع تحديد عوامل التغير الاجتماعي، إذ أهتم بعضهم بالعوامل الاقتصادية، وأهتم أخرون بالعوامل الثقافية، وهناك من أهتم بالعوامل التكنولوجية.

وقد ميّز العلماء بين العناصر المادية واللامادية التي تِحدث التغير الاجتماعي، فهي اما ان تكون خارجة عن نطاق الإنسان مثل العوامل الطبيعية والبيئة، أو ناتجة عن تفاعل الانسان مع البيئة المحيطة به ” الطبيعة والاجتماعية[49]“. ويكاد يجمع العلماء اليوم على ان التغير الاجتماعي يحدث نتيجة لعدد من العوامل المتنوعة والمترابطة. إذ يمكن الإشارة إلى بعض هذه العوامل وهي:

شكل (2) يبّين عوامل التغير الاجتماعي

3: عمليات التغير الاجتماعي:

في البداية لابد من طرح السؤال الاتي: كيف يحدث التغير الاجتماعي؟ وهو السؤال الذي كان قد شغل بال العديد من علماء الاجتماع وغيرهم، حيث حاول كل منهم أن يجيب على ذلك السؤال سواء من خلال وجهة النظر الخاصة به، أو من خلال اتجاه مميز لتفسير عملية التغير الاجتماعي، إذ حاول البعض تعليل كيفية حدوث التغير الاجتماعي عن طريق إرجاعه إلى عامل أو إلى مجموعة من العوامل.

شكل (3) يبّين عمليات التغير الاجتماعي

4: معوقات التغير الاجتماعي:

نلاحظ قوى الثبات والاستمرار في كل مكان، والتي هي في الأصل تميل إلى العادة والروتين في الحياة النفسية والاجتماعية، فالتعلق العاطفي والمادي بطرق وفوائد الموجودة يزداد مع توالي السنين، وتشكل عامل معيق في وجه التغيير.

 فالناس الذين يرون ان التغيرات تصيبهم بالخسائر مثل مراكز سلطتهم أو طرق حصلهم على الموارد نجدهم اشد المقاومين للتغير، بينما هناك قوى شديد التدافع نحو التغير الاجتماعي.

شكل (4) يبّين معوقات التغير الاجتماعي

 

قائمة المراجع والمصادر:

  1. القرآن الكريم.
  2. أبو بكر بن علي المشهور، فقه التحولات.
  3. إبراهيم عثمان وقيس النوري، التغير الاجتماعي، الشركة العربية المتحدة للتسويق والتوريدات، القاهرة، 2009م.
  4. إبن خلدون، مقدمة إبن خلدون، دار الفكر العربي، بيروت، د. ت.
  5. أحمد الثكلاوي، التغير والبناء الاجتماعي، مكتبة القاهرة الحديثة، القاهرة، مصر، 1968م.
  6. أحمد زايد و اعتماد علام، التغير الاجتماعي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، مصر،1992م.
  7. أحمد زايد، مقدمة في علم الاجتماع السياسي، دار قطري بن الفيحاء، الدوحة، قطر، 1988م.
  8. أحمد زكي بدوي، معجم العلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان، بيروت، 1982.
  9. ام الخير بدوي، التغير الاجتماعي رؤية نظرية، مجلة التغير الاجتماعي، جامعة بسكره، الجزائر.
  10. أنتوني غدنز، علم الاجتماع، ترجمة: فايز الصياغ , المنظمة العربية للترجمة، بيروت،2005م.
  11. اندرية لا لاند، موسوعة لا لا ند الفلسفية، ترجمة: خليل احمد خليل، منشورات عويدات, المجلد الأول، 1996م.
  12. التغير الاجتماعي، http://www.marefa.org/index.php/
  13. السيد رشاد غنيم، التكنولوجيا والتغير الاجتماعي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2008م.
  14. السيد الحسيني وآخرون، تاريخ الفكر الاجتماعي، دار قطري بن الفيحاء للنشر والتوزيع، قطر، الدوحة، 1987م.
  15. الدسوقي عبده إبراهيم، التغير والوعي الطبق “تحليل نظري”، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية، مصر.
  16. جولي ماكليود ورتشيل طومسون، بحث التغير الاجتماعي (المقاربات الكيفية)، ترجمة: سحر توفيق , مراجعة: محمود الكردي، مطبوعات المركز القومي للترجمة، القاهرة، مصر، 2014م.
  17. دلال ملحس أستيتة , التغير الاجتماعي والثقافي , الطبعة الأولى, دار وائل للنشر والتوزيع , عمان , الأردن , 2004م.
  18. روبرت ىنيسبت وربرت بيران، علم الاجتماع، ترجمة: جريس خوري، ط1، دار النضال، بيروت، لبنان، 1990م.
  19. سناء الخولي، التغير الاجتماعي والتحديث، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر, 1988م.
  20. عادل مختار الهواري، التغير الاجتماعي والتنمية في الوطن العربي، ط1، مكتبة الفلاح، الكويت، 1988م.
  21. عبد الباسط محمد حسن، التنمية الاجتماعية، مكتبة وهبة، القاهرة، مصر 1982م.
  22. علي السيد الشجيبي، في اجتماعات التربية، دار الفكر، عمان، الأردن، 2009م.
  23. فضل عبدالله الربيعي،التغير الاجتماعي مقدمة في المفهوم والنظرية، إصدارات بيت الحكمة، العراق , 2020.
  24. لطيفة طبال، التغير الاجتماعي ودوره في تغير القيم،
  25. dz/jspui/bitstream/123456789/6172/1/S0823.pdf
  26. مجموعة مؤلفين، المعجم الوسيط، ط4، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، مصر، 2004م.
  27. محمد عبد الولي الدقس، التغير الاجتماعي بين النظرية والتطبيق، دار مجدولاي، عمان، الأردن , 1987م.
  28. محمد أحمد الزغبي، التغير الاجتماعي، ط1، دار الطليعة، بيروت، لبنان، 1982.
  29. محمد علي محمد، تاريخ علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية،1985م.
  30. محمد عمر الطنوبي، التغير الاجتماعي، نشأت المعارف، الإسكندرية، مصر، 1996م.
  31. ميل تشيرتون وآن براون، علم الاجتماع النظرية والمنهج، ترجمة: هناء الجوهري، ط1، مطبوعات المركز القومي للترجمة، القاهرة، مصر، 2012م.
  32. وولتر ستيس، تاريخ الفلسفة اليونانية، ترجمة: مجاهد عبد المنعم مجاهد، دار الثقافة والنشر، 1984م.
  33. يوسف خضور، التغير الاجتماعي، منشورات جامعة دمشق، سوريا، 1994م.
  34. Cinsberg, M: social change, British Journal of sociology, Vol. 4, 1958m.

[1 فضل عبدالله الربيعي ،التغير الاجتماعي مقدمة في المفهوم والنظرية، إصدارات بيت الحكمة، العراق 2020، ص40.

[2] –  محمد الزعبي، التغير الاجتماعي، ط1، دار الطليعة ،بيروت، لبنان،1982،ص17.

[3] – ام الخير بدوي، التغير الاجتماعي رؤية نظرية، مجلة التغير الاجتماعي، جامعة بسكره، الجزائر، ص 14.

[4] – مجموعة مؤلفين، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، ط4، القاهرة، مصر، 2004م، ص692

[5] –  اندرية لا لاند، موسوعة لا لا ند الفلسفية، ترجمة خليل احمد خليل، منشورات عويدات المجلد الأول، 1996م، ص 177.

[6] – القرآن الكريم، سورة الأنفال، آية 53.

[7]. يوسف خضور، التغير الاجتماعي ، منشورات جامعة دمشق ،سوريا، 1994م ، ص 12.

[8] . محمد عمر الطنوبي، التغير الاجتماعي، نشأت المعارف بالإسكندرية، مصر،  1996م ص 52 .

[9] – فضل الربيعي، التغير الاجتماعي، مصدر سبق ذكره ، ص43.

[10]–  أحمد الثكلاوي، التغير والبناء الاجتماعي، مكتبة القاهرة الحديثة، القاهرة، مصر، 1968م، ص 8

[11]– إبراهيم عثمان وقيس النوري، التغير الاجتماعي، الشركة العربية المتحدة للتسويق والتوريدات، القاهرة، 2009م، ص7 .

[12] – أنتوني غدنز، علم الاجتماع، ترجمة فايز الصياغ. المنظمة العربية للترجمة، بيروت ،2005م، ص 743.

[13]–  دلال ملحس أستيتة، التغير الاجتماعي والثقافي، مصدر سبق ذكره ، ص19 .

[14]–  محمد الدقس،  التغير الاجتماعي ،مصدر سبق ذكره، ص 15.

[15]– أحمد زكي بدوي،  معجم العلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان، بيروت، 1982، ص 382.

[16]– عادل مختار الهواري، التغير الاجتماعي والتنمية في الوطن العربي، ط1، مكتبة الفلاح، الكويت، 1988م، ص 45. 

[17]– أحمد زايد واعتماد محمد علام، التغير الاجتماعي، مصدر سبق ذكره، ص 21.

[18] – القران الكريم ، راجع السور المذكورة أعلاه.

[19] – فضل عبدالله الربيعي ، مصدر سبق ذكره، ص 43.

[20] – Cinsberg, M: social change, British Journal of sociology, Vol. 4, 1958m pp205 .

[21] – أحمد زايد، مقدمة في علم الاجتماع، مصدر سبق ذكره، ص12.

[22] – علي السيد الشجيبي، في اجتماعات التربية، دار الفكر، عمان، الأردن، 2009م، ص 91.

[23] –  عبد الباسط محمد حسن، التنمية الاجتماعية، مكتبة وهبة، القاهرة، مصر 1982م، لطيفة طبال، التغير الاجتماعي ودوره في تغير القيم، مجلة: ouargla.dz/jspui/bitstream/123456789/6172/1/S0823.pdf

[24] – أحمد زايد واعتماد علام، التغير الاجتماعي، مصدر سبق ذكره، ص13.

23- فضل الربيعي، التغير الاجتماعي في مصدر سبق ذكره ص53.

[25] – فضل الربيعي ، التغير الاجتماعي ، مصدر سبق ذكره، ص 53.

[26] – فضل عبدالله الربيعي ، مصدر سبق ذكره، ص 54/55.

[27] –  جولي ماكليود ورتشيل طومسون، بحث التغير الاجتماعي (المقاربات الكيفية)، ترجمة سحر توفيق مراجعة محمود الكردي، مطبوعات المركز القومي للترجمة، القاهرة، مصر، 2014م، ص13.

[28] – ابي بكر بن علي المشهور ، التليد والطارف “شرح منظومة فقه التحولات ، دار المعين للنشر والتوزيع، اليمن ب ت ، ،

[29] . جولي ماكليود  ورتشيل طومسون، المصدر السابق، ص 17.

[30] – أحمد زايد و اعتماد علام، التغير الاجتماعي، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة ، مصر ،1992م، ص6.  

[31] –  السيد رشاد غنيم، التكنولوجيا والتغير الاجتماعي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2008م، ص 22.

[32] – سناء الخولي، التغير الاجتماعي والتحديث، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر1988م، ص8/9.

[33] – أحمد زايد واعتماد علام، التغير الاجتماعي ، مصدر سابق ذكره، ص 6. 

[34] – السيد الحسيني وآخرون، تاريخ الفكر الاجتماعي، دار قطري بن الفيحاء للنشر والتوزيع، قطر، الدوحة، 1987م، ص97.

[35] – روبرت ىنيسبت وربرت بيران، علم الاجتماع، ترجمة جريس خوري، ط1، دار النضال، بيروت، لبنان، 1990م، ص 305. 

[36] – روبرت نيسبت وروبرت بيران، المصدر السابق، ص324.

[37] –  سناء الخولي، التغير الاجتماعي والتحديث، مصدر سبق ذكره. ص 12.

[38] – ميل تشيرتون وآن براون، علم الاجتماع النظرية والمنهج، ترجمة د. هناء الجوهري، ط1، مطبوعات المركز القومي للترجمة، القاهرة، مصر، 2012م، ص360.

[39] – روبرت نيسبت وروبرت بيران، علم الاجتماع، مصدر سبق ذكره، ص326.

[40] –  محمد الزعبي، التغير الاجتماعي، ط1، دار الطليعة، بيروت لبنان، 1982م، ص37.

[41]–  وولتر ستيس، تاريخ الفلسفة اليونانية، ترجمة مجاهد عبدالمنعم مجاهد، دار الثقافة والنشر، 1984م ، ص70 .

[42]–  محمد علي محمد، تاريخ علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية،1985م، ص23.   

[43]– السيد الحسيني وآخرون، تاريخ الفكر الاجتماعي، مصدر سبق ذكره، ص29.

[44]– إبن خلدون ،  مقدمة إبن خلدون، دار الفكر العربي، بيروت، ب ت، ص371-374

[45] –  المصدر نفسه .

[46]–  أحمد زايد، مقدمة في علم الاجتماع السياسي، دار قطري بن الفيحاء، الدوحة، قطر، 1988م، ص49-55.

[47] –  محمد أحمد الزغبي، التغير الاجتماعي، مصدر سبق ذكره، ص37.

[48]–  التغير الاجتماعي، انظر الرابط: http://www.marefa.org/index.php/  

[49] – الدسوقي عبده إبراهيم ، التغير والوعي  الطبق “تحليل نظري”، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية ، مصر ، ص46.

مقالات أخرى

الإيهامُ في القصيدة العربيّة الحديثة

تعدّد الطّرق الصّوفيّة

خطاب المقدمات في النقد العربي القديم

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد