من مفهوم التنمية إلى مفهوم التنمية البشريّة: قراءة نقدية في مسارات التحول

الملخّص:

إنّ محاولات تناول مفهومَيْ التّنمية والتّنمية البشريّة، سواء من المؤرّخ أو عالم الاجتماع أو عالم الاقتصاد أو من المختصّين في العلوم الاجتماعية عامة، غالبا ما تجابه بإشكالات مختلفة ذات صلة بما ينطوي عليه مفهوم التّنمية من تعقيدات. ورغم أنّه شكّل مصدر إلهام للكتّاب والمؤلّفين، فقد ظلّ وضع تعريف علميّ دقيق له من أكثر الصّعوبات التّي تعترض المهتمّين بالموضوع نظرا لتعدّد أشكاله وتوسّع انتشاره، الأمر الّذي يجعل مقولة التّنمية والتّنمية البشريّة منفلتة من كلّ تنميط أو تعريف جامع مانع.

الكلمات المفاتيح: التّنمية، التّنمية الثقافيّة، التّنمية الاقتصاديّة، التّنمية الاجتماعيّة، التّنمية البشريّة.

Abstract:

Attempts to address the concepts of development and human development, whether by the historian, sociologist or economist, or by specialists in social sciences in general, are often confronted with various problems related to the complexities involved in the concept of development even though it has served as a source of inspiration for writers and authors. The development of an accurate scientific definition of it, has remained one of the most difficult challenges facing those interested in the subject, due to its spread and its continuation, which makes the concept of development separated from all stereotypes or an inclusive definition.

Keywords: development, cultural development, economic development, social development, human development.


1- مقدمة:

يُعدّ مفهوم التّنمية من أهمّ المفاهيم العالميّة في القرن العشرين، إذ أُطلق على عمليّة تأسيس نظم اقتصاديّة وسياسيّة متماسكة فيما يسمّى بعمليّة التّنمية. وقد نشأ مفهوم التّنمية وترعرع في الغرب سواء عن طريق سوسيولوجيا الغرب أو عن طريق الهيآت الدوليّة. ولا تخلو هذه النّشأة من إيديولوجيا، فجميع المصطلحات المستعملة ونوعيّة ميادين التّنمية لها منحى خاصّ من ورائها (الميادين) أغراض إيديولوجيّة تحرّكها. ولقد ظهر مفهوم التّنمية لأوّل مرّة في بريطانيا سنة 1944، وذلك في تقرير اللّجنة الاستشاريّة للتّعليم، وصدر أوّل تعريف منظّم لتنمية المجتمع خلال مؤتمر “كامبردج” الصيفيّ حول الإدارة الإفريقيّة سنة 1948.

2- مفهوم التنمية:

عُرّفت التّنمية بأنها “حركة تستهدف تحقيق حياة أحسن للمجتمع المحلّيّ نفسه من خلال المشاركة الإيجابيّة للأهالي ، وإذا أمكن من خلال مبادرة المجتمع المحلّيّ. وفي سنة 1954 تبنّى مؤتمر “استردج” للتّنمية الاجتماعيّة صيغة التعريف السّابق أي أنّ التّنمية الاجتماعيّة هي “حركة مصحّحة لتحقيق حياة أحسن للمجتمع ككلّ عن طريق المشاركة الفعّالة”[1].

ويذهب ناصر عارف إلى أنّ مفهوم التّنمية قد برز بصورة أساسيّة منذ الحرب العالميّة الثانية، وأنّه قبل هذا التّاريخ كان يستخدم مصطلحان للدلالة على حدوث التّطوّر في المجتمع وهما: التّقدّم المادّيّ أو التّقدّم الاقتصاديّ[2]. وقد برز مفهوم التّنمية في علم الاقتصاد أين استخدم للدلالة على عملية إحداث مجموعة من التغيّرات الجذريّة في مجتمع معيّن بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التّطوّر الذاتيّ المستمرّ بمعدّل يضمن التحسّن المتزايد في نوعيّة حياة كلّ فرد، وبمعنى آخر، زيادة قدرة المجتمع على الاستجابة للحاجات الأساسيّة والحاجات المتزايدة لأعضائه بالصّورة التّي تكفل زيادة درجات إشباع تلك الحاجات، عن طريق الترّشيد المستمرّ لاستغلال الموارد المتاحة وحسن توزيع عائدات ذلك الاستغلال[3]. ويرى ناصر عارف أن هذا المفهوم قد انتقل إلى حقل السّياسة منذ السّتّينيّات، حين ظهر حقلا منفردا يهتمّ بتطوير البلدان غير الأوروبيّة تجاه الديمقراطيّة، ولاحقا تطوّر مفهوم التّنمية ليرتبط بعدد من الحقول المعرفيّة فأصبحت هناك التّنمية الثقافيّة، وكذلك التّنمية الاجتماعيّة”[4].

يمكن القول بأنّه يوجد اختلاف بين العلماء في نظرتهم إلى هذا المفهوم، فنجد مثلا روستوف Rostow يعرّف التّنمية بأنّها عمليّة تخلّي المجتمعات المتخلّفة على السّمات التّقليديّة السّائدة فيها وتبنّي الخصائص السّائدة في المجتمعات المتقدّمة. أمّا عبد المنعم شوقي فيقول: “إنّ عمليّة التنمية هي ذلك الشّكل المعقّد من الإجراءات والعمليّات المتتالية…. التّي يقوم بها الإنسان في مجتمع مّا من خلال عمل تغيير مقصود وموجّه يهدف إلى إشباع حاجة” وبالنسبة لكارل ماركس:” فالتّنمية هي تلك العمليّة الثوريّة التّي تتضمّن تغييرات جديدة جذريّة وشاملة في البنيات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والقانونيّة أيضا، زيادة إلى نمط الحياة وأساليب العيش والقيم الثقافيّة”، وهنا يؤكّد كارل ماركس كذلك أنّ البلدان الأكثر تقدّما من النّاحية الصّناعيّة تمثّل المستقبل الخاصّ بالنسبة إلى البلدان الأقلّ تقدّما، ويقول سميلسر Smelser: “إنّ التّحديث والتّنمية هما عمليّة تتضمّن عدّة تحوّلات في متغيّرات الحياة مثل التّكنولوجيا وذلك عن طريق تقدّم هذا الميدان وتعقيده… والسّكّان عن طريق التّمدّن والتّحضّر والزّراعة بالمزيد من المنتوجات التجاريّة، أمّا بالدوين Baldwin، فإنّ عمليّة التّنمية تحتاج عنده إلى توفير معدّلات عالية من النّموّ في الميادين الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة”[5].

وبالنسبة إلى بول باسكون Paul Pascon تعدّ التّنمية مستوى شاملا للوعي بالتّغيّر المجتمعيّ، وعيًا يختلف لدى القرويّ عنه لدى الحضريّ، ويتّخذ صيغا متغيّرة ومتباينة عند الطّبقات والفئات والنّخب الاجتماعيّة، بحيث تتجاذبه تقابلات تجعله متراوحا بين الاستلاب والتّحرّر، الوهم والواقع، الأصالة والمعاصرة، التّقليد والتّحديث، الاطمئنان والقلق، الفعل وردّ الفعل[6]. و في هذا الصّدد، يعتبر بول باسكون أنّ تساؤل سوسيولوجيّة التّنمية في الأمم الفتيّة عن كيف يدرك التغيّر الاجتماعيّ، وكيف يمكن التّأثير في التّغيّر الاجتماعيّ، يلتبس مع التّساؤل الرّاهن للمجتمع وهو يبحث عن معرفة ذاته، وضرورة التّحليل النّقديّ للوعي بالتّغيّر الاجتماعيّ كشرط (كذا) لمباشرة العمل التنمويّ، قد يعطي كلّ دلالته لتعبير جاك بيرك الذّي يبدو متناقضا لأوّل وهلة، إذ يؤكّد أن ليس هناك مجتمعات متخلّفة، ولكن مجتمعات لم تحلّل تحليلا كافيا[7].

ويرى عبد العزيز بلال Abdelaziz Bilal أنّ التّنمية هي عبارة عن عمليّة تغيير اجتماعيّ وبالتّالي هي عمليّة صراع طبقيّ بين طبقات تستفيد من الوضع القائم وأخرى تطمح للتّغيير: إنّها عمليّة سياسيّة في نهاية التّحليل[8].

وبالنّسبة إلى عبد الجليل حليم، فالتّنمية عبارة عن تغيّر اجتماعيّ كلّيّ يهدف إلى الانتقال من وضع يعتبر متردّيا ولا يفي بمتطلّبات كلّ أفراد المجتمع، إلى آخر يعتبر أفضل وأحسن. إنّها إذن، مشروع ذو أبعاد متعدّدة: اقتصاديّة، اجتماعيّة، سياسيّة، ثقافيّة…[9].

أمّا جاك براسّول Jacques Brasseul ، فالتّنمية عنده تقتضي الزّيادة في تلبية الحاجات الأساسيّة كالتّغذية، الصّحّة، التّربية، وتقليص اللّامساواة والبطالة والفقر[10].

وبالنسبة للعالم الاقتصاديّ الهنديّ أمارتيا صن Amartya Sen فإنّه يرى أنّ التّنمية يمكن النّظر إليها باعتبارها عمليّة توسّع في الحريّات الحقيقيّة التّي يتمتّع بها النّاس، فالتّنمية في حقيقتها هي إزالة مصادر افتقاد الحريّة كالفقر والاستبداد والغلو والتطرف وإهمال المرافق العامّة[11].

وبشكل عام، “فإنّ مفهوم التّنمية مفهوم شاسع يختلف الباحثون في تعريفه، ولكن ما لا يمكن نفيه هو أنّ التّنمية عمليّة شموليّة لا تقبل الاختزال الذّي غالبا ما رجّحته النظريّات السّائدة في مرحلة الستّينيّات بوجه خاصّ، كما أنّ التّنمية لا يمكن اختزالها في مجرّد اقتباس نموذج رأسماليّ أو غيره باعتباره الوصفة الطبّيّة الجاهزة لمرض التّخلّف المزمن”[12]. فالتّنمية عمليّة شموليّة تتداخل فيها مجموعة من الأبعاد الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسّياسيّة والثّقافيّة؛ إذ هي تنطلق من الإنسان لتوجّه إلى الإنسان ثمّ تخدم الإنسان.

وتنطوي كثير من النّظريّات الاجتماعيّة على خلط غير قليل بين مفاهيم مجاورة لمفهوم التّنمية كالتّغيير والتّطوّر والنّموّ والتّقدّم. ويمكن تحديد أوجه الاختلاف بين اصطلاحيْ النّموّ والتّنمية في أنّ النّموّ يشير إلى عمليّة الزّيادة الثابتة أو المستمرّة التّي تحدث في جانب معيّن من جوانب الحياة، أمّا التّنمية فهي عبارة عن تحقيق زيادة سريعة تراكميّة ودائمة عبر فترة من الزّمن.

والنّموّ يحدث في الغالب عن طريق التّطّور البطيء والتّحوّل التّدريجيّ، أمّا التّنمية فتحتاج إلى دفعة قويّة ليخرج المجتمع من حالة الرّكود والتّخلّف إلى حالة التّقدّم والنّموّ. وثمّة فارق آخر بين عمليّتيْ النّموّ والتّنمية؛ فالنّموّ يُنظر إليه على أنّه عمليّة تلقائيّة تحدث من غير تدخّل من جانب الإنسان، أمّا التّنمية فتشير إلى النّموّ المتعمّد الّذي يتمّ عن طريق الجهود المنظّمة الّتي يقوم بها الإنسان لتحقيق أهداف معيّنة[13].

وهناك من يرى أن النمو هو مفهوم واقعي ينحصر في استخدام الموارد المالية لزيادة الإنتاج في المستقبل من دون أن يهتم بعملية التوزيع والآثار الجانبية الأخرى التي ترافقها، أما التنمية فهي العملية التي تستهدف رفع قدرة أفراد المجتمع في الاعتماد على أنفسهم في توفير متطلبات استمرار حياتهم بالشكل الذي يختارونه، ولا يمكن تصور مجتمع يحقق التنمية بالاعتماد على غيره[14].

إنّ التّفريق بين النّموّ والتّنمية كالتّفريق بين التّطوّر والتّطوير والتّغيّر والتّغيير، فالفارق في الاصطلاحات المختلفة ومنها مصطلح التّنمية يتمثّل في مدى تدخّل الإنسان في إحداث التّنمية أو التّطوير أو التّغيير، بينما يعني النّموّ ترك التّقدّم الاجتماعيّ والاقتصاديّ لعفويّة الظّروف دون اتّخاذ تدابير معتمدة بصورة أو بأخرى[15].

  • تنقسم التّنمية إلى أنماط ومستويات:

ففيما يخصّ أنماط التّنمية هناك:

أ- التّنمية الاقتصاديّة:

هي النّمط الأكثر شيوعا، وتنصبّ على الجوانب الماديّة والاقتصاديّة والإنتاجيّة في المجتمع وتعرف بأنها: “تلك الإجراءات والتّدابير المخطّطة المتمثّلة في تغيير هيكل الاقتصاد الوطنيّ…وتستفيد منها الغالبيّة العظمى من أعضاء المجتمع”[16].

فالتّنمية الاقتصاديّة تتّجه إلى تنمية الإنتاج وزيادة الدّخول القوميّة والفرديّة أي زيادة الثّروة[17].

ويرى عبد الإله سطي، بأن التّنمية الاقتصاديّة هي كمّيّة ما يحصل عليه الفرد من سلع وخدمات ماديّة، إذ كلّما استطاع الفرد أن يحصل على المزيد من تلك السّلع والخدمات، ارتفع مستوى معيشته وبالتّالي زادت رفاهيّته، وهنا تتحقّق التّنمية كما كان سائدا[18].

ب- التّنمية السياسيّة:

انطلاقا من التعاريف التي تداولها منظّرو التّنمية السّياسيّة الأوائل، عرّف لوسيان باي Pye Lucien سنة 1965 التّنمية السّياسيّة بأنّها عمليّة تغيّر اجتماعيّ متعدّد الجوانب، غايتها الوصول إلى مصاف الدّول الصّناعيّة، وتتميّز بمظاهر ثلاثة هي[19]:

– التمايز البنيويّ: “هو مسلسل تتوزّع وتتغيّر من خلاله الأدوار، وتصبح أكثر تخصّصا واستقلاليّة، كما قد تتأسّس بموجبه أدوار سياسيّة جديدة، تفضي إلى بروز بنى جديدة”.

– قدرة النّظام أو كفاءته: ترتبط بفعاليّة النّظام السياسيّ في تطبيق السّياسات العامّة والاستجابة لمطالب الجماهير بشكل يؤثر في مختلف جوانب الحياة الاجتماعيّة، وميّز لوسيان باي في هذا الصّدد بين ثلاث قدرات:

– التّجديد (innovation): أي قدرة التكيّف مع الأوضاع.

– التعبئة (Mobilisation): تعني تعبئة الموارد الماديّة والبشريّة في اتّجاه تحقيق المنجزات المطلوبة.

– القدرة على البقاء (Survie): تحيل على تجاوز مهددات استقرار النظام واستمراريته بفعل التوظيف المحكم والواعي لمختلف وسائل التنشئة السياسية.

– الاتجاه نحو المساواة، يتحقق من خلال إجرائين:

– انتشار وازدياد ثقافة المشاركة في الأنشطة السياسيّة.

– إقرار الكفاءة والاستحقاق في مجال التّعيين في المناصب العموميّة[20].

ويمكن تعريف التّنمية السّياسيّة كمفهوم إجرائيّ “بأنّها ليست حالة، بل عمليّة تتميّز بالديناميكيّة والحركيّة، ومرتبطة بالجوانب الثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة، تستهدف تحقيق وإحداث تغيرات إيجابيّة في الأبنية والمؤسّسات السّياسيّة القائمة وفي وظائفها، وتطوير الثّقافة السّياسيّة السائدة في اتّجاه قدرة النّظام السياسيّ ككلّ، في إطار من الحريّة والعقلانيّة”[21].

ج- التنمية الثقافية:

هي التّدبير المعقلن للتّعدد الثّقافيّ الّذي يتميّز به مجتمع من المجتمعات. والغاية من ذلك التّدبير هي تحرير الطّاقات الإبداعيّة لمختلف الشّرائح الاجتماعيّة، حتّى تتمكّن من المساهمة في البحث عن أنجح الحلول للمشاكل الّتي تواجهها في حياتها اليوميّة، ويقتضي بلوغ تلك الغاية، احترام ثقافة كلّ مكوّن من مكوّنات المجتمع وهويّته، وصيانة حقوقه اللّغويّة والثّقافيّة والعقائديّة، مع المحافظة على حدّ أدنى من الثّقافة المشتركة الضروريّة للهويّة الوطنيّة، والاندماج والتّضامن الوطنيّين، ولن يتأتّى ذلك إلّا في ظّل سيادة نواة من القيم والمبادئ تشكّل أرضيّة مشتركة بين الثّقافات المختلفة والمتنوّعة، سواء على صعيد الوطن الواحد أو على صعيد المجتمع العالميّ. ولعلّ أهمّ تلك القيم والمبادئ:

  • الإيمان بقدرة العقل البشريّ على إيجاد الحلول الملائمة لمختلف المشاكل التي تواجهها المجتمعات الإنسانيّة في حياتها اليوميّة.
  • اعتبار العقل الأداة البشريّة الوحيدة التي يتوفّر عليها البشر للفصل فيما هم فيه مختلفون.
  • احترام الحقوق والحرّيات الفرديّة، بما في ذلك حرّية الرّأي، وحرّية التّعبير، وحرّية العقيدة، في حدود لا تمسّ بحقوق وحرّيات ومعتقدات الآخرين.
  • التّسامح وقبول الاختلاف
  • العدالة والدّيمقراطيّة[22].

د- التنمية الاجتماعيّة:

يعرفها عبد الباسط محمّد حسن، إذ يقول: التّنمية الاجتماعيّة هي عبارة عن عمليّات تغيير يلحق بالبناء الاجتماعيّ ووظائفه، وأنّها تسعى إلى إقامة بناء اجتماعيّ جديد، يمكن عن طريقه إشباع الحاجات الاجتماعيّة للأفراد[23]. ويعرف أحمد الطّلحي التّنمية الاجتماعيّة بأنّها تلك التّنمية الّتي تهدف إلى مساعدة المحتاجين على ألاّ يكونوا عالة على أحد، وتؤهّلهم كي لا يحتاجوا للمساعدة في المستقبل، بل أحيانا تسيّرهم وتحوّلهم إلى محسنين في المستقبل. فهي تهدف بصفة عامّة إلى القضاء على الفوارق الاجتماعيّة من خلال محاربة الفقر والرّفع من المستوى المعيشيّ للفئات الاجتماعيّة غير الميسورة أو دون طبقة الأغنياء[24].

ويمكن تلخيص محاور التّنمية الاجتماعيّة في ثلاثة عناصر أساسيّة:

– العنصر الأوّل: إنجاز أنشطة مدرّة للدّخل لفائدة الفئات الاجتماعيّة الضّعيفة بهدف التّشغيل الذاتيّ وتوفير دخل قارّ، فالنسيج الاقتصاديّ بمختلف مستوياته (المقاولات الكبرى، والمقاولات المتوسّطة والصّغرى) لا يستطيع توفير الشّغل أي الدّخل القارّ للجميع، والدّولة كذلك. وهذا الأمر أصبح ينعت بالاقتصاد الاجتماعيّ.

العنصر الثّاني: التّكوين ودعم قدرات السّكان والمتدخّلين في مجال التّنمية الاجتماعيّة، أساسا المجتمع المدنيّ، إضافة إلى المنتخبين والإداريّين الّذين يتولّون تأطير السّكان المستفيدين من التّنمية الاجتماعيّة.

– العنصر الثّالث: إنجاز بعض مشاريع البنيات التحتيّة الأساسيّة الّتي لا تستطيع الدّولة والجماعات المحليّة إنجازها، لسبب أو لآخر، والتّي بدونها لا تتحقّق التّنمية[25].

أمّا امحمد عليلوش، فيرى أنّ القصد من التّنمية الاجتماعيّة هو تفتّح كلّ الطّاقات المادّيّة والروحيّة الكامنة في المجتمع (المتخلّف) ومن ثمّ توجيهها في سبيل تحرير الفرد والمجتمع من سيطرة القوى الطّبيعيّة والاجتماعيّة أي بما يؤدّي إلى تبديل الحالة الاجتماعيّة الرّاهنة المتّسمة بالتخلّف أو الاستغلال أو هما معا (اختلال النّسق الاجتماعيّ) إلى حالة تتّسم بالعدل والمساواة وتخلو من الفقر والجهل والمرض (النّسق الاجتماعيّ المتوازن) [26].

والتنمية الاجتماعيّة عند فؤاد حيدر، هي المنهج الّذي تتّبعه الدّول النّامية عن طريق استغلال مواردها المادّيّة والبشريّة بهدف رفع المستوى المعيشيّ لغالبيّة النّاس في مختلف المناطق وخصوصا المناطق الرّيفيّة[27].

وترى منظّمة اليونسكو UNESCO أنّ التّنمية الاجتماعيّة تعطي معنى أدقّ لمفهوم التّنمية بعيدا عن المعيار الاقتصاديّ، إذ حدّدت قمّة “كوبنهاغن” للتّنمية الاجتماعيّة سنة 1995، ثلاث أولويّات للعمل توجّه صوبها المجموعة الدّوليّة كلّ جهودها وهي: القضاء على الفقر، وتعميم التّشغيل وضمانه، والاندماج الاجتماعيّ. ورغم أنّه يرتكز في عمقه على الجانب الاقتصاديّ، كما هو الشأن بالنسبة للتنمية البشرية، فإنّ البرنامج التنمويّ الاجتماعيّ يذهب أبعد من ذلك ليترجم النّموّ الاقتصاديّ بالعيش الرّغيد الملموس. وخلافا للتّنمية البشريّة الّتي تنظر إلى المجتمع من زاوية الفرد، فإنّ التّنمية الاجتماعيّة تعترف بأنّ انسجام الجماعة ووحدتها أساسيّان للوصول إلى الاستقرار الاقتصاديّ والرّفاهيّة[28].

أمّا من جهة مستويات التّنمية، فيمكن أن نميّز بين ثلاثة مستويات أساسيّة متعارف عليها عند خبراء التّنمية:

المستوى الأوّل: التّنمية الوطنيّة أي على المستوى الوطنيّ، ويقصد بها اتّخاذ الدّولة بالكامل اتّجاها لتحقيق التّنمية الشّاملة في كافّة القطاعات والأنشطة الإنتاجيّة والخدماتيّة.

المستوى الثّاني: التّنمية الإقليميّة وهي التي تتّخذ من إقليم محدّد حيّزا ووحدة للتّنمية، سواء كان هذا الإقليم وحدة سياسيّة أو جغرافيّة أو اقتصاديّة أو ثقافيّة أو إداريّة[29].

المستوى الثّالث: التّنمية المحليّة، وغالبا ما يرتبط مفهومها في الخطابات الرّسميّة باللاّمركزيّة، وقد يتمّ الخلط بينهما أحيانا، ذلك أنّ جلّ الخطابات تعتبر بأنّ اللاّمركزيّة هي الوسيلة (الوحيدة أو الأساسيّة) الّتي تعتمد عليها التّنمية المحليّة. وقد تذهب هذه الخطابات إلى حدّ الخلط بين المفهومين (التّنمية المحليّة، واللاّمركزيّة) إلى درجة أنّها تجعل من اللاّمركزيّة هدفا في حدّ ذاته بالنّسبة إلى مسلسل التّنمية.

لذا يبدو، من الضروريّ، تقديم بعض التّوضيحات في هذا الموضوع، مع التّأكيد على ضرورة التّمييز بين غاية (أو أهداف) التّنمية المحلّيّة من جهة، وبين مسلسل التّنمية من جهة أخرى. فباعتبارها غاية، تتمثّل التّنمية المحلّيّة في تحسين ظروف عيش السّاكنة في منطقة معيّنة، مع الأخذ بعين الاعتبار حاجات واختيارات تلك الساكنة[30].

3- مفهوم التّنمية البشريّة:

إنّ الخاصّة المركزيّة لمفهوم التّنمية البشريّة، ترتبط في مستواها النظريّ بالإسهامات العلميّة لمجموعة من الباحثين والمفكّرين من أمثال (أمارتيا صن)، وفي مستواها الإجرائيّ باعتماد هذا المصطلح مقاربةً مرجعيّةً مؤطّرة للتّصوّر الأمميّ المعاصر في مجال الدّفع بشروط تحقيق التّنمية خاصّة في الدّول النّامية.

إلى حدود سنة 1990، كان مفهوم التّنمية البشرية مقصورا على ما يحصل عليه الإنسان أو الفرد من خدمات مادّيّة. وانطلاقا من سنة 1990، أصبح مفهوم التّنمية البشريّة مرتبطا بالإنسان بوصفه صانعًا للتّنمية وهدفًا لها. وقد تبنّى البرنامج الإنمائيّ للأمم المتّحدة لسنة 1990 مفهوم التّنمية البشريّة، واعتبره قائما على: “أنّ البشر هم الثّروة الحقيقيّة للأمم، وأنّ التّنمية البشريّة هي عمليّة توسيع اختيارات البشر. فكما أنّ التّنمية البشريّة مرتبطة بالوضع السياسيّ للإنسان، المتمثّل في الدّيمقراطيّة، فهي مرتبطة بوضعه الاقتصاديّ والاجتماعيّ كذلك”[31].

ويعرّف تقرير التّنمية البشريّة الصّادر عن البرنامج الإنمائيّ لهيئة الأمم المتّحدة (PNUD) لسنة 1990 التنمية البشرية بأنّها: “صيرورة تؤدّي إلى توسيع الخيارات المتاحة أمام الناس. وأهمّ هذه الخيارات هي الحياة الطّويلة الصّحيّة، واكتساب المعرفة، والتّمكّن من الموارد الضروريّة للتّمتع بحقوق الإنسان واحترام الذات”[32].

ويعرّف تقرير الخمسينيّة التّنمية البشريّة بالقول:” يمكن تحديد التّنمية الإنسانيّة (التّنمية البشريّة) ببساطة بكونها عمليّة توسيع الخيارات. ففي كلّ يوم يمارس الإنسان خيارات متعدّدة، بعضها اقتصاديّ، وبعضها اجتماعيّ، وبعضها سياسيّ، وبعضها ثقافيّ. وإذا كان الإنسان هو محور تركيز الأنشطة المنجزة في اتّجاه تحقيق التّنمية، فإنّه ينبغي توجيه هذه الأنشطة لتوسيع نطاق خيارات كلّ إنسان في جميع ميادين النّشاط البشريّ لفائدة الجميع. تصبح التّنمية الإنسانيّة وفق هذا التّحديد، مفهوما بسيطا، لكونه ينطوي على دلالات بعيدة الأثر، ففي المقام الأوّل، تتعزّز الخيارات الإنسانيّة حينما يكتسب النّاس القدرات، وتتاح لهم الفرص لاستخدامها. ولا تسعى التّنمية الإنسانيّة إلى زيادة القدرات والفرص فقط، ولكنّها تسعى أيضا إلى ضمان توازنها المناسب من أجل تحاشي الإحباط النّاجم عن فقدان الاتّساق بينهما”[33].

ويعرّف التّقرير الوطنيّ التّنمية البشريّة بأنّها” تنمية للسّاكنة بالسّاكنة ومن أجلها، ويرى أنّ الفرص الاقتصاديّة والعدالة الاجتماعيّة والأمن الوقائيّ تنمّي قدرة الفرد على العيش بحرّية”[34].

إنّ هذا المفهوم الّذي هو موضوع بلورة مستمرّة في كلّ أرجاء العالم، محطّ قراءات تكون تارة مختزلة وتارة شاملة، لجدير بأن يجمع بين أربع ميزات أساسيّة لا تقلّل من أهمية المفاهيم الأخرى للتّنمية الّتي تغلب عليها السّمات الاقتصاديّة أو السياسيّة أو السّوسيو ثقافيّة[35]:

  • إذ يعبّر هذا المفهوم عن انشغال إنسانيّ دائم بأنّ الغنى الحقيقيّ لبلد مّا يتمثّل، قبل كل شيء، في نسائه ورجاله.
  • وينطلق من تصوّر أوسع من مفهوم النموّ الاقتصاديّ، بإدماج عناصر العدالة الاجتماعيّة والاستدامة، وتمكين الأشخاص من الأخذ بزمام مصيرهم.
  • ويوفّر مؤشّرات بسيطة ومبسّطة من أجل استيعاب الوضع المقارن للتّنمية الوطنيّة أو الجهويّة.
  • ويستند أخيرا إلى مقاربة تقوم على المنهجيّات الناجعة، وعلى نشر الممارسات المثلى، دون الاعتماد في نشاطه، على أيّ نموذج نمطيّ ثابت.

ويمكن أن نعتبر الهدف الأساسيّ للتّنمية البشريّة هو توسيع دائرة الاختيارات الّتي تنشأ عن طريق توسيع القدرات البشريّة والطريقة الّتي يعمل بها البشر؛ أي ما يفعله النّاس وما يمكن أن يفعلوه في حياتهم.

وعلى جميع مستويات التنمية، توجد بضع قدرات تعتبر أساسيّة للتّنمية البشريّة، لا تتاح بدونها خيارات كثيرة في الحياة. وهذه القدرات هي: أن يحيا المرء حياة مديدة وصحّيّة، وأن يكون عارفا، وأن يتمكّن من الحصول على الموارد اللّازمة لمستوى عيش كريم. وهذه القدرات تنعكس في دليل التّنمية البشريّة. وهناك خيارات إضافيّة كثيرة يعطيها الـنّاس قيمـة ومـن بينها: الحرّية السياسيّة والاجتماعيّة والاقتـصاديّة والثقافيّة، والإحساس بالجماعة، وفرص الإبداع والإنتاج، واحترام الذات،- وحقوق الإنسان[36].

ويوجد اتّفاق واسع إلى حدّ مّا بشأن بعض جوانب مفهوم التّنمية البشريّة منها:

  • يجب على التّنمية البشريّة أن تجعل النّاس محور اهتماماتها.
  • إنّ الغرض من التّنمية هو توسيع جميع خيارات الإنسان وليس الدّخل وحده، ومن ثمّ يركّز مفهوم التّنمية البشريّة على المجتمع بأكمله، وليس على الاقتصاد فحسب.
  • إنّ التّنمية البشريّة معنيّة بتوسيع القدرات البشريّة (من خلال الاستثمار في النّاس) وبتأمين الاستخدام الكامل لهذه القدرات ( من خلال إطار تمكينيّ).
    • تقوم التّنمية البشريّة على أربعة أعمدة أساسيّة هي الإنتاجيّة والإنصاف وقابليّة الاستدامة، والتّمكين. وهي تعتبر النموّ الاقتصاديّ أساسيّا، لكنّها تؤكّد على الحاجة إلى إيلاء اهتمام لنوعيّته وتوزيعه، وتحلّل باستفاضة صلته بحياة البشر، كما أنّها تعالج الخيارات القابلة للاستدامة من جيل إلى جيل[37].

وبصفة عامّة فالتّنمية البشريّة تربط بين قدرات البشر من جهة وبين خياراتهم من جهة أخرى وبينهما تتسيّد قيم الحرّية في جانبها الإيجابيّ (اختيار نوعيّة الحياة) والسلبيّ (الحرّية من الفقر) كما فصّل في ذلك عالم الاقتصاد الهنديّ أمارتيا صن[38].

فالتّنمية البشريّة لا تكتمل دون التّمتع بالحريّات والحقوق الإنسانيّة، وثمة ارتباط موجب بينهما في الأغلب الأعم. وهذه الحرّيات والحقوق هي جوهر إنسانيّة الإنسان، وهي من أفضل الوسائل في تحقيق الاحتياجات الأخرى التي يتطلّبها وهو يسعى لتنمية قدراته. وقد قيل بحقّ “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان” كما أنّه لا يعيش بغيره. ومع الحرّية تبرز مقوّمات الإرادة والكرامة الإنسانيّة. وتمتدّ هذه الحرّية إلى مجالات السّياسة والفكر والثّقافة والاعتقاد وممارسة الشّرائع الدّينيّة. وللتّمتّع بالحرّية لا بدّ من بعدين أساسّيّين: أحدهما: الحرّية في جانبها السلبيّ الّذي يعني التّحرر من العوائق والقيود الّتي تحول دون توفّر الاحتياجات، ونموّ الطّاقات؛ كالتّحرّر من العنف والعوز والمرض، ومن قسوة الطّبيعة وقهر السّلطة. ومع هذا التّحرر تتاح الفرص لممارسة البعد الثاني، وهو الحرّية في جانبها الإيجابيّ الفعّال الّذي يؤدّي إلى القدرة على الاختيار، وعلى الفعل، وعلى التّعاون في العمل المشترك، من خلال الحوار وعقلانيّة القرار. (أيّ عمل فيه إضرار بالغير لا يعدّ ممارسة للحرّية، وإنّما يدخل في عداد ممارسة الظّلم والعدوان) [39].

وقد يوقع فقدان القدرة على ممارسة الحرّية الإيجابيّة الإنسان، حين يعجز عن الفعل والتّأثير، في حالة من الضّياع والاغتراب، أو يلقي به إلى مجرّد الإنسان غير الواعي وراء قيادات زائفة، تعشق السّلطة، وتوهم أنّها المنقذ من الضّلال أو إلى مجّرد الوصول إلى حالة من الشّلل والعزلة في انتظار القيادة المنقذة [40].

نخلص إلى أنّ التّنمية البشريّة تعدّ توجّها إنسانيّا للتّنمية الشّاملة المتكاملة؛ فهي أكثر المفاهيم التنمويّة اتّساعا من باقي المفاهيم كالتّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسّياسيّة والثّقافيّة، لأنّها ترتبط بجودة حياة البشر ورفاهيّتهم وتدفعهم للمشاركة في بناء مجتمع إنسانيّ يتحقّق فيه مبدأ تكافؤ الفرص، فهي اعتراف ضمنيّ بالإنسان إذ تعتبره ثروة حقيقيّة يلزم استثمارها بشكل معقلن لإخراجه من بؤر التّخلّف والفقر والإقصاء الاجتماعيّ.

ويتكامل مفهوم التّنمية البشريّة مع مفهوم آخر هو مفهوم التّنمية المستديمة[41] ويمكن تعريف التنمية المستديمة بأنها تلك التّنمية الّتي تفي باحتياجات المجتمع في حاضره دون الإقلال من قدرة أجيال المستقبل للوفاء باحتياجاتها[42]. وقد صاغت اللّجنة العالميّة للتّنمية المستديمة في سنة 1987 تعريفا شاملا لهذه التّنمية يقول بكونها: “تلبية احتياجات الحاضر دون أن تؤدّي إلى تدمير قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصّة؛ لأنّ هناك حاجة إلى طريق جديد للتّنمية طريق يستديم التّقدم البشريّ لا في مجرّد أماكن قليلة، بل للكرة الأرضيّة بأسرها وصولا إلى المستقبل البعيد[43].

وتعرف المذكرة 21 المحلّيّة Agenda 21 local التّنمية المستديمة بأنّها مجموع الأعمال المنجزة من أجل ترجيح تنمية اقتصاديّة واجتماعيّة تحترم البيئة، وهي أعمال يقوم بها الكلّ من أجل الكلّ مع مراعاة اللّحظة الراهنة والأخذ بعين الاعتبار التّطوّرات المستقبليّة للمجال ولساكنته[44].

ويقول أصحاب الخطاب التنمويّ، اليوم، إنّ التّنمية المستديمة تختلف عن التّنمية، لكونها تطرح سؤال البيئة وتسعى لإيجاد أنجع الأساليب وأمثلها للتّخفيف من الآثار السّلبيّة لعمليّة التّنمية عن البيئة[45].

وتتضمن التنمية المستديمة ثلاث أبعاد:

– البعد البيئيّ: ويتمثّل في الاستغلال الأحسن للرّأسمال الطبيعيّ بدلا من تبذيره وذلك بالتّقليل ما أمكن من الاعتماد عليه في التّصنيع وغيره، وعدم تدميره بشكل غير مباشر بواسطة عوامل التّلوّث.

– البعد الاقتصاديّ: أي تفادي ما أمكن من الانعكاسات السلبيّة الرّاهنة والمقبلة للتّدهور البيئيّ على الاقتصاد، والعكس أيضا، وذلك باستعمال تقنيات جديدة في الإنتاج والاستهلاك، تقنيات تتميّز بكونها: نظيفة غير ملوثة، وغير مستهلكة للموارد الطّبيعيّة بكثرة، وتمكّن من إعادة استغلال الموادّ المستعملة كإعادة استعمال المياه العادمة في السقي الفلاحيّ وفي التّصنيع والبناء بعد معالجتها.

– البعد الاجتماعيّ: أو البعد الإنسانيّ المتمثّل في التّضامن الاجتماعيّ بين الأغنياء والفقراء، بين الشّمال والجنوب، والتّضامن بين الأجيال[46].

وكما سبق أن أشرنا، فإنّ مفهوم التّنمية البشريّة يتكامل مع مفهوم التّنمية المستديمة حيث نجد، مفهوم التنمية البشريّة المستديمة. وسنعمل على توضيح هذا المفهوم الأخير.

4- التّنمية البشريّة المستديمة:

توحي كلمة “مستديمة” في تعبير” التّنمية البشريّة المستديمة” خطأ بأن أهدافها تنحصر في تنمية اقتصاديّة تنطلق من الحرص على البيئة، ومصلحة الأجيال المقبلة في عدم استنزاف الموارد البيئيّة والطبيعيّة. وبرغم أنّ هذه الجزئيّة تدخل بالضّرورة في تركيب مفهوم التّنمية البشريّة المستديمة، فإنّ الكلمة الأهمّ في تعبير التّنمية البشريّة المستديمة هي كلمة “البشريّة” فالتّنمية البشريّة المستديمة هي نظرية في التّنمية الاقتصاديّة/ الاجتماعيّة، لا الاقتصادية فحسب، تجعل الإنسان منطلقها وغايتها، وتتعامل مع الأبعاد البشريّة أو الاجتماعيّة للتّنمية باعتبارها العنصر المهيمن، وتنظر للطّاقات العاديّة باعتبارها شرطا من شروط تحقيق هذه التّنمية، دون أن تهمل أهميّتها الّتي لا تنكر[47].

إذن التنمية البشرية المستديمة لا تنكر أهمية النموّ الاقتصاديّ ودوره في تحسين مستوى المعيشة، بيد أنّها تريد له أن يكون نموّا يوسّع من خيارات النّاس، أي نموّا يمكن أن يستمتعوا بثماره في شكل غذاء وخدمات صحّيّة أفضل، وحياة أكثر أمان، ووقاية من الجريمة والعنف الجسديّ، ووصول أفضل للمعرفة، وساعات راحة أكثر كفاية، وحرّيات سياسيّة وثقافيّة، وشعور بالمشاركة في نشاطات المحيط الّذي يعيش الإنسان ضمنه. إنّ هدف التّنمية الحقيقيّ هو خلق بيئة تمكّن الإنسان من التّمتّع بحياة طويلة وصحّيّة وخلّاقة، فالتّنمية البشريّة المستديمة منظور يتناول التّنمية بطريقة تعنى بكيفيّة توزيع ثمارها، وبآثارها الاجتماعيّة والبيئيّة، بقابليّتها للاستمرار والارتقاء بجهود المستفيدين منها؛ فالتّنمية الّتي تتمّ على حساب الفئات الأكثر فقرا، أو الّتي تغني شرائح اجتماعيّة على حساب غيرها، أو المدّمرة للبيئة، أو المنتهكة للحرّيات، أو المخلّة بالتّوازن الاجتماعيّ والسياسيّ هي نقيض التّنمية البشريّة المستديمة. ومن هنا، فإنّ الرّابط بين النّموّ الاقتصاديّ وحياة البشر لا بدّ أن يكون سياسة عامّة واعية تبدأ وتنتهي بالإنسان والمجتمع، وليس بنموّ الأرقام على أهمّيّتها. إنّ القضيّة، إذن، ليست في من يستفيد من النموّ فحسب، الّذي تمكن معالجته بسياسات إعادة توزيع الدّخل والثّروة، بل قضيّة نمط النّموّ بشكل عامّ وكيف يمكن أن ينتج تغييرا في البيئة الاقتصاديّة والاجتماعيّة نحو الأفضل بالنّسبة إلى الجميع، حتّى بالحدّ الأدنى من سياسات إعادة توزيع الدّخل والثّروة[48].

وبشكل عامّ، فالتّنمية البشريّة المستديمة، هي عمليّة توسيع اختيارات النّاس وقدراتهم من خلال تكوين رأس المال الاجتماعيّ الّذي يستخدم بأكثر درجة ممكنة من العدالة لتلبية حاجات الأجيال الحاليّة، بدون تعريض حاجات الأجيال المستقبليّة للخطر[49].

تبرز التّنمية البشريّة المستديمة بوصفها تركيبة مشكّلة من استراتيجيّة التّنمية البشريّة الأصليّة، كما عبّرت عنها تقارير التّنمية البشريّة الّتي يصدرها البرنامج الإنمائيّ للأمم المتّحدة، ومفهوم التّنمية المستديمة كما طوّره المعنيّون بالبيئة وتمّ تبنّيه من مؤتمر الأمم المتّحدة حول البيئة والتّنمية الّذي عقد في ريو دي جانيرو عام 1992.

إنّ خلاصة هذه التّركيبة الناشئة[50] تتمثّل في الوصف الّذي قدّمه مدير منظّمة البرنامج الإنمائيّ للأمم المتّحدة، في تقريره المسمّى (مبادرات من أجل التّغيير) والّذي يمكن اختزاله في أربعة عناصر[51]:

أوّلا: الإنتاجيّة، أو مقدرة البشر على القيام بنشاطات منتجة وخلّاقة.

ثانيا: المساواة، أو تساوي الفرص المتاحة أمام كلّ أفراد المجتمع دون أيّ عوائق أو تمييز بغضّ النّظر، عن العرق، الجنس، مستوى الدّخل أو الأصل أو غيره.

ثالثا: الاستدامة، أو عدم إلحاق الضّرر بالأجيال القادمة سواء بسبب استنزاف الموارد الطّبيعيّة وتلويث البيئة، أو بسبب الدّيون العامّة الّتي تتحمّل عبئها الأجيال اللاّحقة، أو بسبب عدم الاكتراث بتنمية الموارد البشريّة على نحو يخلق ظروفا صعبة في المستقبل نتيجة خيارات الحاضر.

رابعا: التّمكين، فالتّنمية تتمّ بالنّاس وليس من أجلهم فحسب، لذلك عليهم أن يشاركوا بشكل تامّ في القرارات والإجراءات التي تشكّل حياتهم. وتبرز هنا بشكل خاصّ أهميّة منظّمات المجتمع المدنيّ وإمكانيّة المحاسبة، وتعديل المسار عند الضّرورة؛ فالنّاس في التّنمية ليسوا مجرّد متلقّين سلبيّين، وإنّما هم فاعلون في تشكيل التّنمية.

نخلص إلى أنّ التّنمية البشريّة المستديمة، تتمحور حول تطوّر المقدرة البشريّة بسياسات وبرامج اقتصاديّة، واجتماعيّة ودوليّة تعزّز قدرة الإنسان على تحقيق ذاته.

5- مؤشّرات قياسات التّنمية البشريّة:

يعتبر مصطلح التّنمية البشريّة من الانتاجات الاصطلاحيّة للهيآت الدوليّة، خاصّة برنامج الأمم المتّحدة للتّنمية، وذلك منذ سنة 1990 في التّقرير العالميّ الأوّل حول التّنمية البشريّة الّذي اعتمد على أبحاث الدكتور “أمارتيا صن” (الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد سنة1998) ودراساته، وكذلك تقارير الهيأة الأممية بحوثها (صندوق النّقد الدّوليّ، البنك الدّوليّ، برنامج الأمم المتّحدة لرعاية الطفولة، المنظّمة الدّوليّة للصّحّة، المكتب الدّوليّ للشّغل).

ويرتكز مفهوم التّنمية البشريّة، الّذي أصبح يعتمد أكثر على المعطى الاجتماعيّ في عمليّات التّنمية على تنمية القدرات البشريّة للأفراد، وعلى توسيع إمكانات الاختيار لديهم قصد التّحسين المثاليّ لرفاهيّتهم دون رهن أو النّيل من حظوظ الأجيال القادمة، وذلك بالمحافظة على الاستدامة الزمنيّة داخل وما بين الأجيال، والمحافظة على البيئة والتّوازن الطّبيعيّ للمجالات والأنظمة الإيكولوجيّة[52].

وفي هذا الإطار، يمكن استحضار مفهوم” الإمكان البشريّ” الموظّف من “أمارتيا صن” الّذي يعدّ في الوقت ذاته محرّك التّنمية البشريّة وغايتها. إنّ التّنمية انطلاقا من هذا المفهوم تفرض ربطها بمجموعة من المفاهيم كالنّموّ والتّقدّم والرّقيّ والرّفاه. وما دامت التّنمية في ظلّ هذا المفهوم تنبع من داخل المجتمع لتتوجّه للمجتمع، فهي بذلك تفيد تلك التّركيبة من التّغييرات الفكريّة والاجتماعيّة لمجتمع مّا والقدرة على بلورتها وتطويرها كمّيّا ونوعيّا واستمراريّةً، قصد الدّفع بها إلى الرّفاه البشريّ والكرامة الإنسانيّة[53].

ويعتمد برنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ بالأساس على ثلاثة مؤشرات تتمثّل في الصّحّة والتّعليم ومستوى المعيشة في قياس التّنمية البشريّة.

1- ففي ما يخصّ الصّحّة: يعتمد طول العمر لدى السّاكنة، ونسبة وفيات الأطفال دون الخامسة.

2- وبالنسبة إلى التعليم: تعتمد نسبة السّكّان غير القادرين على القراءة والكتابة، أي النّسب المئويّة من الأمّيّين، وكذلك متوسّط عدد سنوات الدّراسة بالنّسبة إلى الفرد.

3- المستوى المعيشيّ: يتكوّن من متوسّط نصيب الفرد من الدّخل الوطنيّ، ومن مدى إمكان تلبية حاجاته الأساسيّة بهذا الدّخل[54].

6- جوانب القصور في المقياس:

تثار تحفّظات متعدّدة حتّى من واضعي تقارير الأمم المتّحدة أنفسهم، على اختيار تلك المؤشّرات الثّلاثة (الصّحّة، التّعليم، المستوى المعيشيّ) للدّلالة على التّنمية البشريّة، ومن بين هذه التحفّظات مدى دقّة البيانات الّتي اعتمد عليها، ومنها خلط المدخلات والمخرجات، كما هو الحال في مؤشّر التّعليم والدّخل مقارنة بالعمر… فالكمّ في التّعليم وسنواته لا يدلّ بالضّرورة على نوعيّة القيم وأثرها العينيّ في اكتساب المعرفة وتنمية القدرات والمهارات. والدّخل كذلك يمكن إنفاقه بطرائق رشيدة تعين على الوفاء باحتياجات الإنسان، كما يمكن إنفاقه في كماليّات مظهريّة، بل في استهلاك سلع ضارّة كالتّدخين والمخدّرات. وفي مؤّشر العمر، قد تصاحب طول العمر علل[55].

وبشكل عام، فمن أبرز الانتقادات التي يمكن توجيهها إلى هذا المقياس هو اختزاله الشّديد الّذي يفتقد معه الوصول، إلى تشخيص وفهم أمثلين، لمستويات الرّفاهيّة الإنسانيّة كما هو منصوص عليها في التّقرير؛ وذلك نظرا لإغفاله للعديد من المؤشّرات المهمّة والّتي تدخل في صلب تحقيق الرّفاهيّة الإنسانيّة، كمؤشّر الأمن والاستقرار السياسيّ ومؤشّر البيئة، بالإضافة إلى مؤشّر الحرّية… فضلا على أنّ هذه المقاييس نفسها الّتي يعتمد عليها تقرير التّنمية البشريّة، لا تلتمس الدقّة في التّقرير: فمثلا مؤشّر توقّع الحياة عند الميلاد- الذي يقصد به متوسّط عمر الإنسان بالسّنوات- قد لا يعبّر بالضرورة عن مدى سلامة الصّحّة البدنيّة والنّفسيّة للأفراد. أمّا معدّل أميّة البالغين، فهو لا يعكس بالضّرورة مستوى التعّليم ومدى مساهمته في اكتساب الأفراد للمعرفة وتنمية قدراتهم واختياراتهم، وكذلك ما يتعلّق بالدّخل الفرديّ فهو أيضا بعيد عن الدقّة المطلوبة لعدم أخذه في الحسبان معايير سوء العدل في توزيع الدّخل[56].

7- محاور التنمية البشرية:

حدّد “علي حيدر” من خلال دراسته لمختلف التّقارير الصّادرة حول التّنمية البشريّة منذ سنة 1990، عن برنامج الأمم المتّحدة الإنمائيّ، محاور أساسيّة لتفعيل مضمون التّنمية البشريّة وفق ما يلي[57]:

1- تحرير البشر من كلّ ما يعترض تطوير معارفهم وقدراتهم، وتمكينهم من الارتقاء بهذه المعارف والقدرات، واكتساب المهارات والخبرات الّتي تساهم في إطلاق طاقات الإبداع الكامنة فيهم، وبناء قاعدة وطنيّة للبحث العلميّ والتّطوير التكنولوجيّ.

2- تمكين البشر من توظيف قدراتهم ومعارفهم ومهاراتهم في أعمال مفيدة، وذلك من خلال التوسّع المستمرّ في الطّاقات الإنتاجيّة الّتي تكفل فرصا كافية لتشغيل كلّ قادر على العمل وراغب فيه.

3- تحرير البشر من القيود التي تحرمهم من المشاركة في صنع القرارات الّتي تمسّ شؤون حياتهم، وشؤون مجتمعهم، وتمكينهم من التّمتّع بهذه المشاركة من خلال المؤسّسات الرسميّة والأهليّة على السّواء.

4- تحرير البشر من الفقر والحرمان ومن كل صنوف الظلم الاجتماعي، وتمكينهم من إشباع حاجاتهم الإنسانية المشروعة، ومن الحصول على نصيب عادل من ثمار ما يحقّقه المجتمع من نموّ اقتصاديّ، ومن ثمّ تضييق الفوارق بين الطّبقات، دون الإضرار بالحوافز الضّروريّة للارتقاء بإنتاجيّة العمل، والارتقاء بمستوى الأداء.

5- تمكين البشر من تحسين نوعيّة حياتهم على نحو مطّرد دون الافتئات على حقوق الأجيال التالية وتأمين ما يكفي من الموارد الطبيعيّة لتحقيق مستوى معيشيّ لائق، وصيانة حقهم في العيش في بيئة نظيفة.

6- تحرير الوطن من القيود المفروضة على إرادته وعلى حرّيته في إعادة ترتيب أوضاعه وتمكينه من تعديل موقع الاقتصاد الوطنيّ في نظام تقسيم العمل الدّوليّ بما يساعد على إحراز وضع أكثر تكافؤا وأكثر إنصافا.

7-إعادة بناء السّلطة السياسيّة في المجتمع، بما ينقل سلطة اتّخاذ القرارات إلى الطّبقات والفئات صاحبة المصلحة في هذا النّوع من التّنمية، وبما يقيم نظما للحكم تسمح بالمساءلة والمحاسبة والمشاركة، أي أنّ نقطة الانطلاق إلى التّنمية الوطنيّة المستقلّة الشاملة والمطّردة هي نقطة نضاليّة سياسية وثقافية في آن واحد.

8-    خاتمة:

حاولنا في هذه المقالة تقديم السّياق التاريخيّ لظهور مفهوم التنمية وتشكّله، إضافة الى تقديم تعريفات هذا المفهوم عند علماء الاقتصاد والسوسيولوجيا. ثمّ تطرّقنا إلى المفاهيم القريبة في مضمونها من مفهوم التّنمية كالتّنمية البشريّة والتّنمية المستدامة.


[1]– امحمد عليلوش: التّربية والتّعليم من أجل التّنمية، ط1، منشورات مجلّة علوم التّربية، العدد 10، مطبعة النّجاح الجديدة، الدّار البيضاء، 2007، ص 105.

[2]– لحسن مادي: محاربة الأميّة مدخل لتحقيق التّنمية البشريّة، ط 1، منشورات علوم التّربية، مطبعة النّجاح الجديدة، الدّار البيضاء، 2006، ص9.

[3]– المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

[4]– المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

[5]– امحمد عليلوش، التّربية والتّعليم من أجل التّنمية، مرجع سابق، ص106.

[6]– بول باسكون: “سوسيولوجية التنمية” (2)، ترجمة زبيدة بورحيل، في المجلّة المغربيّة للاقتصاد والاجتماع العدد الثاني، دار النّشر المغربيّة 1975، ص79-96.

[7]– المرجع نفسه، ص89.

[8] -Abdel Aziz Bilal: Développement et facteurs non économiques, SMER, Rabat, 1980, Pp.1-6.

[9]– عبد الجليل حليم، “الثّقافة والتّنمية”، ضمن أعمال ندوة: “الثّقافة والتّحولات الاجتماعيّة” (كلية الآداب بالدار البيضاء)، منشورات عكاظ، الرباط، 1990، ص8.

[10] -Jacques Brasseul,: introduction à l’économie du développement, Ed. Armand colin, 1989, Pp.15-16.

[11]– أمارتيا صن: التنمية حرية، ترجمة: شوقي جلال، سلسلة عـالم المـعرفـة، العـدد 303، ماي 2004،ص15-16.

[12]– عبد السلام فراعي: “التنمية المحلية، دوافعها وأقطابها”، في مجلة القانون والاقتصاد، العدد التاسع، 1993، ص49.

[13]– امحمد عليلوش: التربية والتعليم من أجل التنمية، مرجع سابق: ص106.        

[14]– سعد حسين فتح الله: التنمية المستقلة: المتطلبات والاستراتيجيات والنتائج، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة أطروحات الدكتوراه، (27)، بيروت، 1995، ص24-25.

[15]– امحمد عليلوش: التربية والتعليم من أجل التنمية، مرجع سابق،ص107.

[16]– المرجع نفسه،107.

[17]– مهى سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها، تطبيقات على الريف اللبناني ط1 معهد الإنماء العربي، بيروت، 1978 ص27.

[18]– عبد الإله سطي: دليل الامتحانات المهنيّة، الكتاب النظريّ، ط2 مطبعة النجاح الجديدة- البيضاء- شتنبر 2006، ص82.

[19]– محمد الرضواني: “التنمية السياسية بين غموض المعنى والخلفيات الإيديولوجية”، مجلة مقدمات، عدد 36، خريف 2006، ص33.

[20]– المرجع نفسه، ص33.

[21]– المرجع نفسه، ص33-34.

[22]-حماني أقفلي: الثقافة والتنمية البشرية، ط1، منشورات عالم التربية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2006، ص70.

[23]– عبد الباسط محمد حسن: “التنمية الاجتماعية”، ط1 معهد البحوث والدراسات العربية، 1970، ص29-30.

[24]– أحمد الطلحي، ثقافة التنمية، ط1، مطبعة أنفو- برانت، فاس، 2007، ص17.

[25]– المرجع نفسه، ص18-19.

[26]– امحمد عليلوش: التربية والتعليم من أجل التنمية، مرجع سابق، ص109-110.

[27]– فؤاد حيدر: التنمية والتخلف في العالم العربي، طروحات تنموية للتخلف، دار الفكر العربي، بيروت 1990، ص39.

[28]– Changement et continuité, principes et instruments pour l’approche culturelle du développement, Ed.Unesco, 1999, Pp. 28-29.

[29]– امحمد عليلوش: التربية والتعليم من أجل التنمية، مرجع سابق، ص110.

[30]– أحمد إبراهيمي: “مزايا الحكامة الجيدة والتخطيط بالنسبة للتنمية المحلية”. ضمن مجلة دفاتر التخطيط، العدد 14، غشت، شتنبر، 2007، ص5.

[31]– سعيد جفري وآخرون: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، السياق العامّ، الأسس والآليات القدرات والمهارات المطلوبة، ط1، مطبعة Ouma Graph، الدار البيضاء، 2007 ص8-9.

[32]– الطاهر لبيب: “التنمية الاجتماعية واتجاهاتها في البلدان العربية”، المستقبل العـربي، العدد 253، 2000، ص26.

[33]– المغرب الممكن، تقرير الخمسينية: تأليف جماعة من الباحثين، ط1، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 2006، ص15.

[34]– فاطمة مسدالي: التنمية البشرية بالعالم القروي، ط1، منشورات المعهد الجماعي للبحث العلمي، سلسلة البحوث الميدانية، 2007، ص8.

[35]– المغرب الممكن: مرجع سابق ص15.

[36]-عبد الله عطوي: السكان والتنمية البشرية، ط1، دار النهضة العربية، بيروت، 2004، ص23.

[37]– المرجع نفسه، ص26.

[38]– يحيي اليحياوي: “عن التنمية البشرية بالمغرب: أزمة المفهوم، تأزم الرؤية” ضمن مجلة وجهة نظر، العدد 29، صيف 2006، ص33.

[39] – حامد عمار، التنمية البشرية ما هي، مطبعة فضالة، المحمدية، 2006، ص22.

[40] – المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

[41] – علي القاسمي: الجامعة والتنمية، سلسلة المعرفة للجميع، عدد 27، دجنبر 2007، ص52.

[42]– أحمد أوزي: “التعليم من أجل التنمية المستدامة”، مجلة علوم التربية، العدد 32، أكتوبر 2006، ص8.

[43]– عبد السلام أديب: دليل الامتحانات المهنية للتعليم، الكتاب النظري، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، شتنبر 2006، ص65.

[44] – http: www. Agenda 21 maroc.ma.          

[45]– خالد حادجي: “التنمية: مطلوب لا يلحق”، ضمن مجلة المنعطف، عدد مزدوج 23-24،2004، ص73.

[46]– أحمد الطلحي: ثقافة التنمية، مرجع سابق، ص31.

[47]– كمال الهشومي: “التنمية البشرية المستدامة”، ضمن مجلة الشعلة العدد 11، مارس 2007، ص60.

[48]– عبد السلام أديب: دليل الامتحانات المهنية للتعليم، مرجع سابق، ص70.

[49]– دفتر الشباب المواطن: مقال بعنوان: دراسات في التنمية البشرية المستدامة في الوطن العربي، منشورات منتدى المواطنة، كتابة الدولة المكلفة بالشباب، 2006، ص35.

[50]– المرجع نفسه، ص35.

[51]– عبد السلام أديب، دليل الامتحانات المهنية للتعليم، الكتاب النظري، مرجع سابق، ص80-81.

[52]– سعيد جفري، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، السياق العام، الأسس والآليات القدرات والمهارات المطلوبة، مرجع سابق، ص51-52.

[53]– سعيد جفري، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، السياق العام، الأسس والآليات القدرات والمهارات المطلوبة، مرجع سابق، ص52-53.

[54]– لحسن مادي: محاربة الأمية مدخل لتحقيق التنمية البشرية، مرجع سابق، ص25.

[55]– حامد عمار: التنمية البشرية ماهي؟ مرجع سابق، ص35.

[56]– عبد السلام أديب: دليل الامتحانات المهنية للتعليم، الكتاب النظري، مرجع سابق، ص83.

[57]– لحسن مادي: محاربة الأمية مدخل لتحقيق التنمية البشرية، مرجع سابق، ص28.


قائمة المراجع:

المراجع العربية:

  1. إبراهيمي، أحمد: “مزايا الحكامة الجيدة والتخطيط بالنسبة للتنمية المحلية”. ضمن مجلة دفاتر التخطيط، العدد 14، غشت، شتنبر، 2007.
  2. أديب، عبد السلام: دليل الامتحانات المهنية للتعليم ، الكتاب النظري، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، شتنبر 2006.
  3. أقفلي، حماني: الثقافة والتنمية البشرية، ط1، منشورات عالم التربية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2006.
  4. أوزي، أحمد: “التعليم من أجل التنمية المستدامة”، مجلة علوم التربية، العدد 32، أكتوبر 2006.
  5. باسكون، بول: “سوسيولوجية التنمية” (2)، ترجمة زبيدة بورحيل، في المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع العدد الثاني، دار النشر المغربية 1975.
  6. جفري، سعيد وآخرون: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، السياق العام، الأسس والآليات القدرات والمهارات المطلوبة، ط1،2005، مطبعة Ouma Graph، الدار البيضاء، المغرب.
  7. جماعة من الباحثين، المغرب الممكن، تقرير الخمسينية، ط1، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 2006.
  8. حادجي، خالد: “التنمية: مطلوب لا يلحق”، ضمن مجلة المنعطف، عدد مزدوج 23-24-2004.
  9. حسن عبد الباسط محمد: “التنمية الاجتماعية”، ط1 معهد البحوث والدراسات العربية، 1970.
  10. حليم، عبد الجليل: “الثقافة والتنمية”، ضمن أعمال ندوة: “الثقافة والتحولات الاجتماعية” (كلية الآداب بالدار البيضاء)، منشورات عكاظ، الرباط، 1990.
  11. حيدر، فؤاد: التنمية والتخلف في العالم العربي، طروحات تنموية للتخلف، دار الفكر العربي، بيروت 1990، ص: 39.
  12. دفتر الشباب المواطن: مقال بعنوان: دراسات في التنمية البشرية المستدامة في الوطن العربي، منشورات منتدى المواطنة، كتابة الدولة المكلفة بالشباب، 2006.
  13. الرضواني، محمد: “التنمية السياسية بين غموض المعنى والخلفيات الإيديولوجية”، مجلة مقدمات، عدد 36، خريف 2006.
  14. سطي، عبد الإله: دليل الامتحانات المهنية، الكتاب النظري، ط2 مطبعة النجاح الجديدة- البيضاء- شتنبر 2006.
  15. صن، أمارتيا: التنمية حرية، ترجمة: شوقي جلال، سلسلة عـالم المـعرفـة، العـدد 303، ماي 2004.
  16. الطلحي، أحمد ، ثقافة التنمية، ط1، مطبعة أنفو- برانت، فاس، 2007.
  17. عطوي، عبد الله: السكان والتنمية البشرية، ط1، دار النهضة العربية، بيروت، 2004.
  18. عليلوش، امحمد: التربية والتعليم من أجل التنمية، ط1، منشورات مجلة علوم التربية، العدد 10، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2007.
  19. عمار ، حامد ، التنمية البشرية ما هي، مطبعة فضالة، المحمدية، المغرب، 2006.
  20. فتح الله، سعد حسين: التنمية المستقلة المتطلبات والاستراتيجيات والنتائج، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة أطروحات الدكتوراه، (27)، بيروت، 1995.
  21. فراعي، عبد السلام: “التنمية المحلية، دوافعها وأقطابها”، في مجلة القانون والاقتصاد، العدد التاسع، 1993
  22. لبيب، الطاهر: “التنمية الاجتماعية واتجاهاتها في البلدان العربية”، المستقبل العـربي، العدد 253، 2000.
  23. مادي، لحسن: محاربة الأمية مدخل لتحقيق التنمية البشرية، ط 1، منشورات علوم التربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2006.
  24. مسدالي، فاطمة: التنمية البشرية بالعالم القروي،ط1، منشورات المعهد الجماعي للبحث العلمي، سلسلة البحوث الميدانية، 2007.
  25. المقدم، مهى سهيل: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها، تطبيقات على الريف اللبناني ط1 معهد الإنماء العربي، بيروت، 1978.
  26. الهشومي، كمال: “التنمية البشرية المستدامة”، ضمن مجلة الشعلة العدد 11، مارس 2007.
  27. اليحياوي، يحيي:”عن التنمية البشرية بالمغرب: أزمة المفهوم، تأزم الرؤية” ضمن مجلة وجهة نظر، العدد 29، صيف 2006.

المراجع الأجنبية:

  1. Abdel Aziz Belal: Developpement et facteur non économiques, SMER, Rabat, 1980.
  2. Jacques Brasseul: introduction à l’économie du développement, Ed. Aramand colin, 1989.
  3. Wayne oberle, Kevin stowers, james darby: a definition of development, https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/00103829.1974.10877525.
  4. Changement et continuité, principes et instruments pour l’approche culturelle du développement, Ed. Unesco, 1999.
  5. http: www.Agenda21maroc.ma

مقالات أخرى

في التقاء السياسي باللاهوتي

الآثار النّفسيّة النّاجمة  عن التّطرّف الدّينيّ والمذهبيّ

من إشكاليّات الرّمز الصوفيّ

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد