الأدوار المتجددة للأنشطة المدرسية – اللاّصفية

الأدوار المتجددة للأنشطة المدرسية

الملخص:

اتجهت الدول المتأخرة في ترتيبها إلى تطوير أنظمتها التعليمية؛ من خلال العناية بجودة التعليم، بدل زيادة عدد المدارس ذات الجودة المنخفضة؛ ويتطلب البحث عن أكثر الطرق فعالية لتحسين مخرجاتها التوجه نحو التجارب الريادية الناجحة ومحاولة فهمها وتطبيقها علي أرض الواقع، وعليه تقدمت الباحثة بهذه الدراسة بهدف فهم الطرق المناسبة لتفعيل النشاط الطلابي الذي يُعد الدعامة الأساسية في التربية الحديثة، بحيث يتطلب الاهتمام والتركيز لاختياره ودعم طرق تنفيذه والإفادة من مخرجاته  في  جميع النواحي التخطيطية والتنفيذية والتوجيهية والتقويمية لطلاب المؤسسة التعليمية، داخل إطار من التفاهم المتبادل والتنسيق بين المدرسة وجميع الجهات المعنية، وبناء على ذلك عمدنا إلى إجراء دراسة تحليلية مقارنة في ضوء إحدى التجارب العالمية الرائدة في مجال استخدام الأنشطة وتطبيقها، وهي التجربة اليابانية الرائدة، علي اعتبار أن نظام التعليم في اليابان يهتم بالمبدعين ويعمل على تنمية قدرات الابتكار والإبداع، عن طريق تقديم تعليم فعال للأطفال المبدعين في إطار المدرسة اليابانية الشاملة، وهو النموذج الذي نحاول فعليا الإفادة من مخرجاته والاسترشاد بخطواته مع الحفاظ علي الهوية وأصالة القيم العربية الإسلامية التي تزخر بها برامجنا التربوية التعليمية.

الكلمات المفاتيح: الأنشطة المدرسية – الأهمية والتوظيف-النموذج الياباني-تنمية الشخصية – الطلاب والأنشطة”.

Abstract:

Countries that are lagging behind have tended to develop their educational systems; By paying attention to the quality of education, not to increasing the number of low-quality schools; The search for the most effective ways to improve its outcomes requires orientation towards successful pioneering experiences and an attempt to understand and apply them on the ground, and accordingly the researcher submitted this study with the aim of understanding the appropriate ways to activate student activity, which is the mainstay in modern education. Its outputs in all aspects of planning, implementation, guidance and evaluation for students of the educational institution, within a framework of mutual understanding and coordination between the school and all concerned parties, it was agreed to conduct a comparative analytical study in the light of one of the world’s leading experiences in the use and application of activities, which is the leading Japanese experience, considering The education system in Japan cares about the creators and works to develop the capabilities of innovation and creativity, by providing effective education for creative children within the framework of the comprehensive Japanese school, a model that we are actually trying to benefit from its outputs and be guided by its steps while preserving the identity and originality of the Arab and Islamic values ​​that abound in our educational programs educational.

Keywords: School activities – importance and employment – the Japanese model – personality development – students and activities.


1- المقدّمة:

تملك المدرسة إمكانيات مادية ومعنوية وشبكة علاقات اجتماعية داخلية وخارجية تتمثل في إدارة المدرسة والمعلمين والطلاب، وتشمل أيضًا المناهج الدراسية المختلفة والأنشطة الطلابية الفعالة في جميع المجالات، كل هذه العوامل تجعل من المدرسة صورة مصغرة للحياة في المجتمع الذي تتواجد فيه؛ إن حياة المدرسة نفسها حياة اجتماعية بكل ما فيها من أخذ وعطاء ومن إنجاز لخبرات مشتركة، لذا لابد أن  يكون جو المدرسة استمرارا لجو البيت الصالح فتنمّي لدى الطلاب القيم المرغوب فيها وأن تمدهم بالخبرات اللازمة التي تعدّهم ليكونوا مواطنين صالحين،  وهكذا ينبغي أن يكون جو المدرسة نموذجًا صالحًا لما نريد أن يكون عليه المجتمع، وأن يكون فضاء جذّابا، بحيث يفضله الموجودون فيه، ويشعرون داخله بالاطمئنان والاستقرار الاجتماعي والنفسي والمادي، ولهذه الأسباب وغيرها تدعو الحاجة إلى زيادة اهتمام المدرسة بطلابها والاهتمام بتربيتهم وصقل مواهبهم والإسهام بفاعلية في تطبيعهم الاجتماعي، ومراقبة سلوكياتهم بحيث يشعرون أنهم يشكلون جزءا لا يتجزأ من المجتمع الذي يعيشون فيه ملتزمين بانتمائهم إليه، وبمعتقداته وقيمه الدينية والخلقية ونظمه وأهدافه ( كاره، 1999).

إن ظهور مصطلح النشاط المدرسي في بعض مدارس العالم العربي بصفة عامة منذ الأربعينيات يدل على أن رجال التعليم في عالمنا العربي أدركوا – منذ ذلك الوقت – أهمية النشاط في تكوين شخصية الطالب، وأن مفهوم النشاط المدرسي ليس مجرد  نشاط للترفيه عن الطالب في المدرسة أو لقضاء وقت الفراغ، إنما هو يساعد على اكتشاف مواهب الطلاب وقدراتهم (صالح، .د.ت. )، ذلك أنّ  النشاط المدرسي هو أحد العناصر الأساسية التي تساعد على نمو المتعلم المعرفي والاجتماعي والنفسي والصحي الخ… نمواً متوازناً يمكنه من الاستمرارية في التعلم بخطى ثابتة، لذلك فإن الإدارة المدرسية الجيدة هي التي تتفهم أهمية النشاط، وتعتبره من الركائز الأساسية في العملية التعليمية (عامر: 2019، 185)، وتعد اليابان من أكثر الدول تميزا في مجال التعليم وتقدما في إدارة الصفوف التعليمية، وأصبحت بذلك نموذجا يحتذى به في هذا المجال حيث كانت لها الريادة في العديد من الخطوات النظامية والمنهجية، وقد عملت منظومة التعليم اليابانية بجهد مكثف على رفع الدافعية والاطلاع والابتكار عند الطلبة في المراحل التعليمية المختلفة، وقد أفردت العديد من البحوث النفسية والتربوية حول عامل الإبداع وكيفية غرسه كسلوك ايجابي  مبكر لدى المتعلمين عامة في دولة اليابان (الكرد،2014)، ولهذه الأسباب مجتمعة كان اختيارها نموذجا يحتذي به في دراستنا هذه.

2- مشكلة الدراسة:

تم تطوير مفهوم الأنشطة المدرسية في النظرية التربوية التعليمية بشكل لافت في السنوات الأخيرة، وصرنا نقرأ كثيرًا عن كيفية استخدامها لأغراض متعدّدة وفق الأنظمة التعليمية  لهذه الدول، فعلى الرغم من تداخل عناصر عديدة في المنظومة التعليمية، فإن المخرجات تتشكل في اتزان وتجانس تام، دون خلل أو انزلاق عن الهدف الأسمى، وهو التطوير المستمر للنظم التعليمية، ومن المهم أن يتم النظر- للأنشطة التعليمية-  بوصفها جزءا فعالا  في نجاح المنظومة التعليمية؛ بناءً علي المنظور التربوي التعليمي الشمولي؛ الذي يعُرف- الأنشطة- بأنها جميع الأعمال والإنجازات والمشاريع؛ التي يقوم بها التلاميذ داخل المدرسة وخارجها ويحققونها بعد الانتهاء من عملهم المدرسي.

ونظرا للأهمية التربوية الكبيرة للأنشطة المدرسية؛ أظهرت وزارة التربية والتعليم في ليبيا اهتمامها بالأنشطة المدرسية، حيث وضعت في هيكلها الإداري إدارة تعنى بالنشاط المدرسي، وأوكلت إليها العديد من المسؤوليات والاختصاصات، من أهمها التخطيط لوضع البرامج المتعلقة بالأنشطة المدرسية لمختلف المراحل التعليمية، ومتابعتها من خلال الإدارات الفرعية للنشاط المدرسي ، كما أقرت في الملاك الوظيفي استحداث صفة منسّق للنشاط المدرسي داخل كل مدرسة، وذلك لمتابعة الأنشطة المدرسية وتفعيلها داخل المؤسسية التعليمية، والتنسيق بين مكاتب النشاط في الوزارة ،و يعدّ كل ذلك دليلا على اهتمام وزارة التربية والتعليم بالنشاط المدرسي، وعلى إيمانها بدوره الفعال في المنهج المدرسي الحديث (المبروك ،2016)، وعلى الرغم من وجود تلك المكاتب في الهيكل التنظيمي لوزارة التربية والتعليم، فإنّ المتفحص للواقع الحالي يقف علي العديد من الصعوبات التي تواجه ممارسة هذه الأنشطة التي تحد من قدرتنا علي توظيفها فعلياً داخل مؤسساتنا التعليمية. ولئن كانت بعض المدارس تمنح حصص النشاط المدرسي أهمية حقيقية في تنمية شخصية الطالب والرفع من قدراته وتنمية مواهبه واكتشاف ميوله؛ فإنّها محدودة العدد، إذ اعتادت الغالبية العظمي من المدارس على استخدام نمط تقليدي من النشاط، ينحصر في إشراك عدد قليل من التلاميذ الذين يتم اختيارهم من بين أصحاب المواهب أو المتميزين من ضمن مجموع الطلبة (عامر،2019: 181)، وتُعد هذه الممارسة من أفدح الأخطاء في فهم النشاط المدرسي وتقديره دوره وحصر وظيفته في  تحقيق في المسابقات أمام المدارس الأخرى فقط، دون إتاحة الفرصة لمشاركة أكبر عدد من التلاميذ والمعلمين في خلق بيئة تعاونية متفاعلة مليئة بالحركة والعمل داخل المدرسة وخارجها أيضاً، فيتم قصر المناشط الدراسية على مجموعة محدودة فقط ، وفي مجالات محددة.

وتجد الباحثة أنه من المهمّ أن يتم الحديث عن الأنشطة المدرسية بشكل موسع؛ بحيث لا يتم تقييدها في أطار ما يحدث بين جدران المدرسة أو في المناشط المرتبطة بالمنهج المدرسي؛ وتأسيسا على هذه الفكرة الأساسيّة اتّجهت هذه الدّراسة إلى استخدام المنهج التحليلي المقارن، وذلك لأن مقارنة التعليم أو جزء منه بين دولة وأخرى ليس شيئًا يسيرًا؛ بسبب اختلاف الأنظمة التعليمية بينها، فالمقارنة هنا تحتاج إلى جهد  كبير  لرصد أوجه المقارنة بعناية؛ لاختلاف الدول في الدين والعادات والتقاليد، وتباعدها من ناحية العوامل المؤثرة فيها، وعليه سيتم التركيز علي  واقع الأنشطة المدرسية في أشهر الدول الصناعية في الشرق- وهي دولة اليابان – والتي تعد من التجارب الريادية التطويرية النافعة؛ لذلك من الضروري الاسترشاد بها، ولقد انطلق التصور من عدة تساؤلات أثارت اهتمام الباحثة حول الواقع الحالي لاستخدام الأنشطة في المؤسسات التعليمية الليبية:

  • هل تعتبر الأنشطة وسائل علمية منظمة لتنفيذ برامج وتحقيق أهداف اجتماعية وتربوية مختلفة؟ وإلى أيّ حدّ تستخدم الأنشطة المدرسية كطرق للترفيه والتسلية دون أن يستفاد منها في تحقيق الأهداف التربوي التعليمية الصحيحة؟

3- أهمية الدراسة:

لا يُعدّ النشاط المدرسي فكرة حديثة، بل قديمة قدم نشأة التعليم. وبذلك يمكننا الوقوف على النشاط قديمًا وحديثًا؛ من خلال استعراض طرق النشاط المدرسي في بعض المؤسسات التعليمية العربية عامة والليبية بشكل خاص حيث لاحظنا الآتي:

  • تميزت معظم المدارس العربية بتجاهل الأنشطة المدرسية؛ بحيث اقتصر اهتمام المعلمين على المقررات الدراسية القائمة على التلقين؛ بهدف حشو المادة التعليمية في أذهان المتعلمين، بالرغم من عجز الخبرات المكتسبة عن تلبية حاجاتهم أو حل مشكلاتهم، مما يشير إلى أن هذه المرحلة تميزت بالتعليم التقليدي.
  • التعرف على ماهية الأنشطة المدرسية اللاصفية وتحديد أهميتها، وكذلك تقديم بعض المقترحات التي يمكن أن تسهم في زيادة فاعلية أداء الأنشطة اللاصفية في ضوء التجربة اليابانية المعاصرة.

4- أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلي المقارنة بين مفهوم الأنشطة المدرسية وطرق تطبيقها واستخدامها في مؤسسات التعليم في الدول العربية وفي بعض الدول المتقدمة – التي كانت – اليابان – من ضمنها في الجوانب التالية:

  • للأنشطة في المؤسسات التعليمية في الدول المتقدمة مزايا وفوائد عدة، وعلى الجانب الآخر نلاحظ أن في تطبيقها وكيفية استخدامها العديد من المآخذ داخل مؤسساتنا التعليمية. وعليه تهدف الدراسة الحالية لتحديد الأسباب التي قد تكون نتيجة لعدم الوعي بأهميتها أو بكيفية التطبيق والتنفيذ.
  • تهدف الدراسة الحالية إلى لفت الانتباه صوب التعليم الفني والمهني قصد التوسع فيه وإدخال التقنيات الحديثة فيه، من خلال الاهتمام بالأنشطة المدرسية المختلفة –سواء داخل المدرسة أو خارجها.
  • تهدف الدراسة الحالية إلى لفت الانتباه نحو اكتشاف المواهب وتقدير المبدعين من الطلبة في المجالات المختلفة التي قد تسهم الأنشطة المدرسية في اكتشافها ودعمها وتشجيعها سواء داخل المدرسة أو خارجها.
  • إمكانية الاستفادة من التجربة اليابانية التعليمية، ومن تجربتها في الأنشطة المدرسية في المدارس العربية عامة، وفي المدراس الليبية علي وجه الخصوص.

5- مصطلحات الدراسة ومفاهيمها:

تُعـّرف دائرة المعارف الأمريكية النشاط المدرسي –اللاصفي- بأنه “تلك البرامج التي تنفذ بإشراف المدرسة وتوجيهها، والتي تتناول ما يتصل بالحياة المدرسية وأنشطتها المختلفة ذات الارتباط بالمواد الدراسية أو الجوانب الاجتماعية والبيئية أو الأندية ذات الاهتمامات الخاصة بالنواحي العملية أو العلمية أو الرياضية أو الموسيقية أو المسرحية أو المطبوعات المدرسية.

هذا وقد عـّرف الدخيل ( (2002 النشاط المدرسي –اللاصفي- على أنه “عبارة عن مجموعة من الخبرات والممارسات التي يمارسها التلميذ ويكتسبها، وهي عملية مصاحبة للدراسة ومكملة لها، ولها أهداف تربوية متميزة، ومن الممكن أن تتم داخل الفصل أو خارجه”.

أمّا إدارة النشاط المدرسي بوزارة التربية والتعليم في ليبيا، فعرّفت (مفهوم النشاط المدرسي): بأنه “العمل المنظم المفيد الذي يمارسه التلميذ بكامل حريته ويكون امتداداً طبيعياً للمناهج الدراسية ويؤدي إلي تربيته وإعداده للحياة، وينمي كامل حريته، ويكون امتدادا فيه الجوانب الخلقية والقومية والثقافية والبدنية والاجتماعية والفنية، بإشراف وتوجيه القائمين على شؤون العملية التربوية” (إدارة النشاط المدرسي،2010).

يُمكننا وصف النشاط المدرسي –اللاصفي- على أنه جزء متكـامل مع المنهج المدرسي يمارسه التـلاميذ اختيـارياً (بدافع ذاتي) لتناسبه مع ميولهم وقدراتهم المختـلفة ويشمل مجالات متعـدّدة ليشبع حاجاتهم البـدنية والعـقلية والنفسية والاجتماعية، ومن خلاله يتمكن التلاميذ من اكتساب العديد من الخبرات، كل حسب مرحلة نمّوه.

6- منهج الدراسة:

لاحظنا مؤخرا انتشارا واضحا للدراسات المقارنة بين الدول النامية التي تصنف بالمتأخرة علميا واقتصاديا، وبين نظيراتها من الدول المتقدمة في المجالات الاقتصادية والتقنية والمعرفية المختلفة؛ والتزاما بالنهج العلمي المتبع ستركز الدراسة الحالية على تقديم رؤية تحليلية مقارنة بين المنظور العربي ومفهوم الأنشطة وبين كيفية تفعليها واستخدامها كجزء من المنظومة التربوية في الأغراض التعليمية المختلفة.

6- 1- الخلفية النظرية:

6- 1-1- تمهيد :

ظهر مُصطلح الأنشطة المدرسية -اللاصفية -في السنوات الأخيرة من القرن العشرين، وزاد الاهتمام به بشكل واضح مع بدايات القرن الحادي والعشرين، كأحد الاتجاهات التربوية والنفسية المعاصرة، ذات التأثير الكبير على عملية التعلّم داخل غرفة الصف وخارجها من جانب تلاميذ المدارس والمعاهد والجامعات، مما ساهم في زيادة توضيح مفهوم الأنشطة المدرسية -اللاصفية – وأهميتها ومجالات تطبيقها في مختلف التخصصات الأكاديمية والموضوعات المدرسية والجامعية المتنوعة.

هذا ويعتبر النشاط المدرسي عنصراً مكملاً للمنهج الدراسي، بدونه لا تتم العمليّة التربويّة الفعالة على وجهها الأكمل، حيث تساهم في تطوير الخُلق الجيد، و وتدرب الطلبة علي أسلوب المعاملة الحسنة، إضافةً إلى اكتسابهم السلوك المستقيم، كما من شأنه أن يعدل السلوك غير السوي، وتعتمد الكثير من المدارس على نشاطات تعليمية مثل القراءة والاستماع والاستجابة لأسئلة المتعلمين، أي الاستظهار والترديد وهي نشاطات ذات أهمية، غير أن الاعتماد عليها دون الأنشطة المفيدة الأخرى أمر غير سليم تربويا (ظاهر ،2002) .

فالأنشطة المدرسية التي يصفها العديد من خبراء التربية بالأنشطة – اللاصفية – هي كل برامج النشاطات التي يمكن لإدارة المدرسة أن تنظمها خلال فترة الدراسة وخارجها أيضا؛ وتضم مجموعة من المناشط التي قد يتقيد بها الطالب في فترة العطل الدراسية والفصلية والصيفية؛ بما في ذلك المشاركة في خدمة المجتمع المحلي، عبر التنسيق والتعاون مع المؤسسات والهيئات الأهلية لهذا المجتمع، فهي إذاً نشاطات يمكن أن توجّه إلى تلاميذ المدرسة بخاصة، والتي قد تسهم إذا تم تنظيمها بشكل جيد إلي تحسين المجتمع المحلي (هلال ، د.ت)،

يُشير عدد من الخبراء التربويين إلى أهمية مثل هذه النشاطات، ويعدّونه بمنزلة الاكتشاف الحقيقي للأفكار الجديدة والمفاهيم لدى المعلمين، كما يضيفون أيضا إلى أن امتلاك بعض المعلومات حول موضوع ما لا يغير من سلوك الفرد فحسب، بل إن معنى هذه المعلومات عنه هو الذي يشكل خبرته، ويحدد سلوكه ومن أهم معايير اختيار الأنشطة التعليمية ما يلي :

إن المعيار الأول لاختيار الأنشطة التعليمية هو مدى مساهمة هذه الأنشطة في تحقيق غايات المنهج وأهدافه ومراميه. فإذا كان على المتعلمين مثلا تنمية قدراتهم على حل المشكلات فإن الأنشطة التعليمية يجب أن تزودهم بالفرص الملائمة لكي يقوموا بحل المشكلات عملياً، وأن تعمل الأنشطة على خلق دافعية لديهم، فتعمل علي تنمية أنماط سلوكية جيدة، والنشاطات التعليمية الجيدة هي تلك التي تضع المتعلمين في مواقف وأجواء مرنة قابلة للتعديل والتغير حسب موقف وخبرة التعلم .

ومن البداهة القول إنّ التطبيق العملي واكتساب المتعلمين الثقافة والفهم وقوة الشخصية والقدرة علي حل المشكلات لا يتمّ دون تطبيق عملي. ومن أهم معايير اختيار الأنشطة ارتباطها بالمناهج التعليمية ومدى قدرة المتعلمين على فهمها وتطبيقها فضلا عن قدرة المعلمين علي تنفيذها ومراجعتها وتقويمها كذلك.

6- 1- 2- من مجالات الأنشطة المدرسية:

  • أنشطة رياضية، هدفها تربية التلاميذ بدنيًا وتعزيز سلوكيات التعاون والعمل الجماعي والمنافسة الايجابية لديهم، من خلال تشكيل فرق مدرسية وتنظيم مباريات بين الشُعَب والصفوف أو مع فرق مدرسية أخرى، وتحفيز الجميع على المشاركة في كافة الأنشطة والألعاب.
  • أنشطة ثقافية، هدفها تنمية الحس الجمالي والنقدي والإنساني عند التلاميذ من خلال تنظيم حفلات موسيقية، مسرحية، سينمائية، مسابقات رسم ومعارض، رحلات استطلاعية إلى المعالم التاريخية في البلد…
  • أنشطة اجتماعية، هدفها تنمية الوعي بكيفية المحافظة على بيئة سليمة وصحية، من خلال برامج توعية صحية وبيئية، وحملات نظافة وتوزيع منشورات الخ…
  • أنشطة كشفية، هدفها تنمية الاعتماد على النفس عند التلاميذ، من خلال تنظيم مشاركتهم في النشاطات الكشفية وتوفير الدعم اللوجستي لهم، من قاعات وملاعب وتجهيزات، لممارسة فعالياتهم.
  • أنشطة صحية، وهدفها تنمية الوعي بكيفية المحافظة على الصحة الجسدية والنفسية من خلال برامج توعية صحية وتدريبات للمحافظة على الصحة.
  • حقوقية / مواطنية، وهدفها التوعية بالحقوق والواجبات وممارستها من خلال نشاطات وبرامج توعية وحملات وطنية متواضعة.
  • بيئية،وتشمل الأنشطة ذات العلاقة المباشرة بالبيئة كالرحلات السياحية وتربية الطيور والحيوانات وحملات التوعية بالنظافة والمحافظة على البيئة….الخ (سعادة وآخرون، 2006).

6- 1- 3- دور الأنشطة المدرسية في خدمة البيئة الاجتماعية المحلية:

تنقسم الأنشطة المدرسية إلي نوعين: نوع يمارس داخل حجرات الصف، ونوع آخر يمارس خارج حجرات الصف، رغم عسر ممارستها لضيق الأماكن، أو عدم وجود أماكن دائمة مخصصة لها (قاعات أو مسرح أو معامل…)، فيكون الحلّ هو أن تمارس داخل الفصول.

وبصفة عامة نجد أن النشاط الطلابي بالنسبة للبيئة والمجتمع المحلي يهدف إلى تحقيق ما يلي:
1- العمل على توفير علاقات أفضل بين المدرسة والبيئة الاجتماعية المحيطة بها.
2- العمل على زيادة الاهتمام بين المدرسة والمجتمع، فتصبح المدرسة حلقة تصل بينهم في الفكر والتوجّه.
3- يستطيع النشاط المدرسي أن يفعّل دور بعض المؤسسات الموجودة داخل المجتمع.
4- عن طريق النشاط يزداد دور المدرسة في خدمة المجتمع المحلي (عبد الرحيم،2000).

إن المعيار الأول لاختيار الأنشطة التعليمية هو مدى مساهمة هذه الأنشطة في تحقيق غايات المنهج المدرسي ومراميه وأهدافه، ومع تقدم علم النفس وظهور آراء تربوية جديدة أصبح لنشاطات المتعلمين أهمية كبيرة في العملية التعليمية، ومع حلول العقد الثاني من القرن العشرين بدأت تظهر عناصر جديدة في المنهج تصف عناصر الموقف التعليمي بشكل دقيق، وتحدد النشاطات التعليمية التي ينبغي على المتعلمين أن يقوموا بها لكي يتفاعلوا إيجابيا مع محتوى المقرر الدراسي .

6- 2- رؤية مقترحة لأنشطة المدرسية في ظل التجربة اليابانية المعاصرة

6- 2- 1-  مبرّرات التصوّر المقترح:

نظراً لأهمية ممارسة الأنشطة (الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية) بالنسبة إلى الطلاب والطالبات وما تمثله من إيجابيات في إطار بناء الشخصية وتكوينها الفكري ودعم أواصر العلاقات الإنسانية في أوساط المجتمع الطلابي، لم تكن المدرسة مكانًا يتجمع فيه الطلاب للتحصيل فقط، بل مجتمعا صغيرا يتفاعل أعضاؤه فيه، يتأثرون ويؤثرون في بعضهم بعضا، لذلك أخذت التربية الحديثة عن طريق المدرسة بضرورة مساعدة الطلاب على النمو السوي جسميًا واجتماعيًا وعاطفيًا وروحيًا حتى يصبحوا مواطنين صالحين.

حاولت الباحثة، اعتمادا على الخبرة التربوية التي اكتسبتها من عملها في مجال التعليم لفترة طويلة، ومن تعاملها المباشر مع الطلبة، ومن خلال الاعتماد علي المعلومات التي حصلت عليها من المقابلات التي أجرتها  مع بعض المعلمات المختصات داخل بعض المدارس، أن تثبت أنّ مجال الأنشطة الثقافية والفنية المختلفة لا يتم الاعتراف به كعامل هام في تحقيق الأهداف التعليمية والتربوية المختلفة ؛وقد كانت هذه النتيجة إحدى الفرضيات التي اعتمدت عليها الدراسة الميدانية التي أجريت بهذا الخصوص من قبل الباحثة خلال الفصل الأول من العام الدراسي ( 2018 -2019)، على عينة من طلبة المرحلة الثانوية بمدينة بنغازي ، والتي رصدت مجموعة من النتائج الهامة نذكر منها :

  • أن هنالك مؤشرات ايجابية في إدراك الطلبة لدور الأنشطة المدرسية مع ملاحظة نقص في الاهتمام بتفاعلها كما يجب في إحداث التوافق والتفاعل الاجتماعي المدرسي للطلاب غير المشاركين في الأنشطة الطلابية.
  • هناك ارتفاع ملحوظا في الثقة بالنفس والقدرة علي التعامل مع الآخرين والاقتدار على مواجهة الظروف والمواقف الاجتماعية من قبل الطلبة المشتركين في الأنشطة المدرسية عن غيرهم من الطلاب الآخرين غير المشاركين.
  • للأنشطة الطلابية تأثير إيجابي على شعور الطلبة بدور المدرسة الاجتماعي.

6- 2- 2- التجربة اليابانية المعاصرة نجاح وريادة:

تعتبر التجربة الياباني نموذجاً رائداً في مجال التربية والتعليم ، حيث تكتسب نوعًا خاصًا من التقدير والاهتمام في مجال التعليم والتنمية والتكنولوجيا والاقتصاد؛ فرغم تداخل عناصر عديدة في منظومة النظام التعليمي، فإن المخرجات تتشكل في اتزان وتجانس تام دون احراف عن الهدف الأهم وهو دور الأنشطة المدرسية في تحقيق رهانات التربية والتعليم كليًا أو جزئيًا. تلك الرهانات التي تختلف باختلاف الظروف والعوامل المتنوعة.

وقبل الخوض في الدراسة التحليلية المقارنة وجب علينا طرح جملة من التساؤلات التالية:

  • كيف تطور النظام التعليمي الياباني من الشكل التقليدي إلى النظام الرائد الإبداعي؟
  • ماهي شروط وأساسيات التوجه نحو الأنشطة المدرسية وكيفية توظيفها في تطوير النظام التعليمي الياباني؟

6- 2- 3- أسباب اختيار التجربة اليابانية المعاصرة:

هناك عدد من الأسباب والعوامل التي جعلتنا نختار التجربة اليابانية أهمها كون التعليم الياباني قدم نموذجا رائداً وإبداعيّا في النظام التعليمي العالم والذي يمكن لنا ان نوجزه في التالي:

  • أولاً: توجه نظام التعليم الياباني إلى التطوير من خلال التعليم الإبداعي بمراحل مدروسة، وإستراتيجية تعليمية اكتسبت قيمتها من الانفتاح علي النظام الغربي مع الحفاظ علي واقع واستعدادات المتعلم الياباني، واضعة في الاعتبار الأول الوصول لهدف واحد وهو التعليم من أجل الإبداع.
  • ثانياً: تنهض التعليم الياباني على فلسفات علمية مدروسة من طرف خبراء في التربية والتعليم. وقد ركزت على بناء الشخصية الإبداعية بدايةً بمرحلة الطفولة وصولا إلى مرحلة الشباب والكوادر المتخصصة في مجالات الهندسة والصناعة التكنولوجية الحديثة.
  • ثالثاً: يصنع النظام التربوي حاضر الأمم ومستقبلها، شرط أن يحصل على دعم من سياسة الدولة والمجتمع .
  • رابعاً: رغم أن اليابان لا تنفق على التربية والتعليم بالقدر الذي تنفقه الدول الأوروبية، بما فيها أمريكا وكندا، إلا أنها تملك أقوى نظام تربوي في العالم .
  • خامساً: تمكن اليابانيون من احتلال الريادة العلمية من خلال الجمع الأمثل بين معطيات الحضارة الغربية المعاصرة وثقافتهم الشرقية، فخلقوا معجزات اقتصادية وسياسية واجتماعية.
  • سادساً: يتقدم اليابانيون على الأوربيين والأمريكيين في اهتمامهم المبكر بالتعليم قبل الابتدائي، كما يتقدمون عليهم في حجم اهتمامهم بتحفيز التفكير الإبداعي وتنميته (الكرد، 2014).

6- 2- 4- أهداف الأنشطة المدرسية في اليابان:

  • الجدير بالذكر أن الأنشطة المدرسية في اليابان تتميز بعدة مبادئ رئيسية هامة تتعلق بالحقوق والحريات الأساسية للفرد، ومنها: تساوي الأفراد أمام القانون، وتكافؤ الفرص التعليمية للكل حسب قدراتهم. كل ذلك وأكثر من المبادئ التي من المهم أن يتم التقيد بها لتحقيق أهداف الأنشطة المدرسية.
  • أما حديثًا، فلُوحظ أنّ الأنشطة المدرسية في اليابان، تعتمد على الممارسة والتجريب والاستنتاج، فهناك فُرص للأطفال من أجل تجريب المهن على أرض الواقع بما يتناسب مع مراحل عمرهم. وكذلك إعطاؤهم الفرصة للمشاركة في الاهتمام بالحيوانات الأليفة، مما يثري لديهم معلومات عن الحيوان وطرق التعامل معه والاهتمام به؛ من خلال الممارسة والاستكشاف، وعليه هدفت الأنشطة المدرسية في اليابان إلي تحقيق الآتي: تأكيد الهويةـ واكتساب القيم الاجتماعية والاتجاهات الايجابية ـ وتنمية الروح الجماعية ـوتربية الإبداع. ولتربية البيئة ـ والتربية الجماليةـ

6- 2- 5- أهم العوامل التي تؤثر على الأنشطة المدرسية في اليابان:

  • العوامل الجغرافية: التي تختلف قوة تأثيرها على حسب المساحة والموقع والمناخ؛ فمثلاً كان لاعتدال المناخ لديهم دور في استمرار الدراسة في معظم فصول السنة.
  • العوامل السكانية: تختلف على حسب التركيب العمري والتكوين العنصري والتوزيع السكاني، فمثلًا في اليابان وُجد انخفاض في عدد المواليد وارتفاع في عدد المسنين؛ مما أدى إلى تقلص عدد الطلاب، كما اشتهرت بالتجانس العرقي.
  • العوامل الثقافية: تختلف باختلاف الدين واللغة، ففي اليابان تأثرت الأنشطة المدرسية بمنع تدريس الدين في المدارس، واللغة اليابانية هي اللغة الرسمية في التعليم.
  • العوامل الاجتماعية: هناك ثلاث مؤثرات هي: الطلب الاجتماعي على التعليم، والتكوين الطبقي للمجتمع، وقوى التأثير داخل المجتمع، التي تختلف بين السعودية واليابان مثلا.
  • العوامل الاقتصادية: لها تأثيرها على الأنشطة المدرسية. فاليابان بوصفها دولة صناعية، تم تركيز التعليم فيها على البرامج التعليمية التي يطلبها النظام الاقتصادي على مستوى التعليم العام.
  • العوامل التاريخية: أثرت على نظام التعليم في اليابان، ومنها ما جاء في تقرير إصلاح النظام التعليمي من تفتيت للمركزية، وتطبيق النظام الأمريكي، وجعل التعليم مختلطًا…إلخ.
  • العوامل السياسية: أثرت في اليابان من خلال نظام الحكم الذي تتبعه الدولة. إذ لُوحظ ما يحيط بنظام الأنشطة المدرسية في اليابان من قوى وعوامل مؤثرة فيه (العمري ،20015).

6-2-6- الاستفادة من التجربة اليابانية في مجال الأنشطة المدرسية في نظام التعليم العربي “الليبي”:

يمكن الاستفادة من التجربة اليابانية في التعليم، باعتبارها تجربة ناجحة وفريدة من نوعها. وقد انطلقت اليابان في مجال تقدمها من منطلق الحفاظ على الهوية والأصالة مع مواكبة الحداثة. وهو نفس المنطلق النظري للمجتمعات العربية . وفيما يتعلق بالأنشطة المدرسية تولي وزارة التعليم الياباني اهتماما كبيرا بالأنشطة، حيث تصل نسبة الاهتمام بها إلى (50%). (حامد وآخرون ،د.ت ،ص 33) وتقوم فلسفة الأنشطة المدرسية على الركائز التالية :

  • الحفاظ على الهوية والأصالة والتمسك بالموروث الثقافي مع مراعاة التقدم والحداثة.
  • مواكبة المعاصرة باحترام الآخر والإنسانية وفهم الشعوب والثقافات المختلفة وتكوين اتجاهات خاصة بالتسامح والتعايش السلمي والتفاهم الدولي.
  • تنمية القيم الاجتماعية لدى الإفراد مند الصغر مثل القيم الجمالية والبيئية والقيم الاقتصادية والاجتماعية.
  • دعم المؤسسة التعليمية من قبل المؤسسات الاجتماعية الأخرى (الشركات والإدارات
  • والمستشفيات والمصانع)، وذلك في أطار تقديم الخبرة والمهارة اللازمة للطلبة.
  • التكامل والتضافر بين الأسرة والمدرسة في إتمام وإنجاح عملية التربية.
  • إعطاء الطالب حرية اختيار الأنشطة الملائمة لشخصيته، والعمل على اكتشاف واستثمار كل مواهب وقدرات الطالب إلى أقصى حد ممكن منذ مرحلة الطفولة المبكرة.
  • الاستفادة من المباني المدرسية في فترة المساء والعطلات لإقامة الأنشطة المدرسية.
  • تقديم وممارسة أنواع من الأنشطة الثقافية والفكرية في القاعات العامة وذلك لرفع المستوى الثقافي لأفراد المجتمع.
  • وضع خطط علمية لصياغة أهداف الأنشطة وتصنيفها من حيث أولويتها، والوعاء الزمني اللازم لها.
  • فالنشاط الطلابي كما يوضح كورابي ( Kurabu)؛ بأنه كل ما يهدف إلى ترسيخ الإبداع عند الطلاب؛ والمشاركة فيه مطلوبة من جميع المراحل الدراسية، بدءا من المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الثانوية (المغماسي، د.ت ،13).

ومن أهم أشكال النشاط المدرسي المعتاد في مؤسساتنا التعليمية العربية عامة والليبية علي وجه الخصوص ما يلي :

  • الإذاعة المدرسية الصباحية.
  • احتفالات المناسبات الوطنية والدولية العامة، مثل: يوم المعلم، ويوم الأرض، وغيره من المناسبات الوطنية التي تخص البلد.
  • تنظيم نشاطات النظافة المدرسية.
  • المعامل والمختبرات.
  • الرحلات المدرسية.
  • المسابقات الثقافية والرياضية.

إنّ معظم المؤسسات التعليمية في ليبيا تسيطر عليها النظرة التربوية التقليدية. وكانت ولا تزال بعض مظاهر تلك النظرة سائدة في العديد من المدارس، منها أنّها تنظر إلى الأنشطة اللاصفية على أنها هدر للوقت، وتؤثر سلباً في التحصيل الدراسي، بحيث تمنع التلاميذ من التركيز والانصراف الى متابعة دراستهم، الأمر الذي يجعل التعارض قائما بين ما تطرحه وتقرره مناهج التعليم الجديدة نظرياً، حول الأنشطة اللاصفية، وما يتم تحقيقه وممارسته فعليّا داخل وخارج غرف الصف في العديد من المدارس.

ويمكن الاستفادة من ركائز التجربة اليابانيّة، وذلك من خلال تقديم هذه الرؤية المقترحة للأنشطة:

6- 2- 7- أهداف البرنامج المقترح للأنشطة في المؤسسات التعليمية الليبية:

1ـ إخضاع النشاط المدرسي بشكل عام للدراسة العلمية المنهجية المعمقة من قبل خبراء التربية والنفس والاجتماع بحيث يتم وضعه وفق خطة تربوية دقيقة لتحقيق أهداف متدرجة ومتتابعة حسب مراحل النمو والمراحل الدراسية، وبما يتناسب مع تنمية الشخصية (بدءا من رياض الأطفال وحتى التعليم الجامعي). وعلى غرار التجربة اليابانية، يجب أن يكون تأكيد الهوية وتعميقها، واكتساب قيم المواطنة والحفاظ على الأصالة والموروث الثقافي من أولويات صياغة أهداف النشاط الطلابي مند المراحل الدراسية الأولى. ويتأتّى ذلك من تحصين الطلاب من تيارات العولمة المختلفة والمعادية للهوية، من خلال تكثيف الإرشاد النفسي والاجتماعي لتحصين النشء من تشرب القيم الغريبة مند مرحلة الطفولة المبكرة.

2ـ وضع وتصميم دليل خاص بالأنشطة المدرسية لكل مرحلة دراسية يوضح أهدافها وأنواعها وكيفية ممارستها ويكون متعارفا عليه من قبل المدرسة والطلاب وأولياء الأمور.

3ـ رصد ميزانية خاصة للإنفاق على الأنشطة المدرسية، وتوفير كل مستلزماتها من الأدوات والمواد والمرافق اللازمة.

4ـ ضرورة إنشاء مقرات ثابتة لممارسة الأنشطة المدرسية عند تصميم المدارس الجديدة (المسارح والمراسم والملاعب الرياضية وأماكن التدريب وورش العمل والمكتبات…).

5ـ دراسة الوعاء الزمني (الحصص) المتعلق بالنشاط، وما يتطلبه من أوقات لازمة للتمرين وصقل المواهب والخبرات دراسة علمية شمولية. وإعطاؤها ما تستحق من الأهمية باعتبارها حصصا رئيسية، وليست ثانوية، ثم وضع ترتيب لأولويات هذه الأنشطة وكيفية تقديمها في المراحل الدراسية .

6ـ التخطيط العلمي لوضع الأنشطة المدرسية وفقا لرؤية علمية بما يجعلها أداة لمواكبة التغير الاجتماعي، وحل المشكلات الاجتماعية وتحقيق التنمية البشرية المستدامة وذلك على النحو الآتي:

أولا :ــ صياغة أهداف الخطة

تصاغ الأهداف بما يتناسب مع احتياجات الطلبة وقدرات المعلمين وإمكانيات المدرسة ثم العمل على تنمية القيم والاتجاهات المرغوبة اجتماعياً مثل:

أـ القيم الدينية: ـ

ضرورة وجود مرشد ديني داخل المدرسة لتقديم الوعي الديني من خلال الحصص والندوات والأنشطة المتخصصة، بصورته الوسطية المبسطة والمتماشية مع العصر الحديث ومساعدة الطلاب على التوازن الروحي والفكري، وإرساء قيم دينية سليمة مبنية على الفهم السليم للدين وحماية المتعلّمين من الوقوع في الأزمات الفكرية كالتطرف أو الإلحاد.

ب- القيم الاجتماعية:

ضرورة وجود أخصائي اجتماعي داخل المدرسة  من أجل تقديم الوعي الاجتماعي مثل احترام الآخر  المختلف، بغض النظر عن الاختلافات والفوارق العرقية والطبقية، والإحساس بمعاناة الغير  ومد يد العون له، ونبذ التعصب والتحيز، وذلك من خلال دعم اتجاهات التكيف مع الآخرين واحترامهم  عبر ممارسة الأنشطة والحملات الاجتماعية والمشاركة فيها  مثل أنشطة جماعة الهلال الأحمر  وجماعة الأصدقاء وجماعة أصدقاء البيئة ـوالرحلات والزيارات، والاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التدخين واليوم العالمي للمسرح وغيرها ….)، وبهذا تحقق الأنشطة الطلابية وظيفتها الاجتماعية التي تؤدي إلى ترابط  المدرسة مع المجتمع .

ج-تنمية الجوانب النفسية والصحية وإشباع متطلباتها:

يتعيّن وجود مرشد نفسي من أجل الكشف عن قدرات الطلاب وميولهم، وتوجيههم لممارسة الأنشطة والهوايات المتوافقة مع استعداداتهم، ومن أجل مساعدة الطلاب على المشكلات النفسية التي تعتريهم مثل الانطواء والخجل والاكتئاب والتمرد والعنف والدلال والتحرش والتنمر. وتتضح في هذا الجانب أهمية النشاط الطلابي في مساعدة الأسرة في الأخذ بيد الطلاب فمن أجل تجاوز العديد من الأزمات. وتصحيح الاتجاهات الفكرية والسلوكية الخاطئة، وذلك بتعويد الطالب على تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس كفرد راشد داخل البيئة المدرسية، وأسوة بالمدرسة اليابانية، ينبغي ّأن يتحمل الطلبة مسؤولية نظافة المدرسة والساحات، وكذلك مهمة إعداد المأكولات وتوزيعها، من خلال المقاصف المدرسية (حامد وآخرون، د.ت، ص33).

د-ـزيادة الاهتمام بالأنشطة الرياضية:

يتعيّن الحث علي ضرورة ممارستها من قبل الجنسين (وخصوصا بالنسبة إلى الإناث، وتوفير البيئة المناسبة لممارسة الطالبات للألعاب الرياضية).

ويتطلب ذلك التوعية بأهمية ممارستها بالنسبة للطلبة (حسب المراحل التعليمية المختلفة )، من خلال ممارسة الألعاب الرياضية المتنوعة والتشجيع على مزاولتها كل حسب ميوله، وإقامة المباريات الرياضية على مستوى المدارس وتكريم العناصر المتفوقة رياضيا، بما يتناسب والتخطيط للأنشطة المدرسية، ويلبى احتياجات الطلبة من الذكور والإناث، وفق قدراتهم وإمكانياتهم؛ أي ان تكون الأنشطة متنوعة وشمولية، وترضى كافة الأذواق، فضلا عن الأنشطة الأخرى للذكور والإناث، مثل الموسيقى، القراءة الحرة، الرحلات والزيارات الثقافية والبيئة الخ…

شروط أساسية للنجاح في تنفيذ النشاط المدرسي – اللاصفّي بنجاح:

الإمكانات البشرية:

  • القدرات والمؤهلات للمشرفين والعاملين في مجال النشاط المدرسي بصفة عامة:
  • (قدرات الطلاب ومستوياتهم العقلية والمعرفية مهاراتهم وقدراتهم الحركية).
  • نوعية النشاط المنفذ فيه البرنامج وحاجاته وأهدافه:
  • (مستوى تقبل الطلبة وتوفر القدرة على تنفيذه وتطبيقه بمرونة داخل وخارج المدرسة).
  • الإمكانات الإدارية للمدرسة:
  • نوع النشاط ومساحته واحتياجاته التدريبية –الميزانية التسييرية لتنفيذه فعليا:
  • التشويق والإشباع النفسي والاجتماعي:
  • المنافسة الطيبة
  • التنمية السلوكية
  • تنمية الجانب الجماعي والتعاون وروح الفريق في العمل وتنمية روابط الألفة والمحبة بين الطلاب (ظاهر،2002).

ثانيا :ـ  صياغة أهداف الخطة بما يتناسب وتحصين ووقاية الطلاب من الوقوع في المشكلات والآفات الاجتماعية المعاصرة

تُقدم الأنشطة المدرسية بما يتماشى مع تعديل سلوكيات الطلبة وتوعيتهم بالمشكلات الاجتماعية مثل:ـ خطورة حمل الأسلحة، والمشكلات الأخلاقية كخطورة آفة التدخين والإدمان على المخدرات، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، والعمل على ترشيد استخدام هده التقنيات، و توعية الطلبة بخطورة رفاق السوء، وبقضية الزواج المبكر والمتسرع. ويكون ذلك من خلال تفعيل الأنشطة المدرسية المتنوعة، وشغل أوقات فراغهم، وتوعية الطلبة من خلال المحاضرات الثقافية المرفقة بوسائل العرض التوضيحية؛ وتفعيل قيم الاحترام والصداقة بين الطلاب واحترامهم لبعضهم بعضا، وخصوصا بين الجنسين. ومن المهم جداً إشراك الطلاب في التخطيط للأنشطة وطرق تنفيذها، وتجديدها، وذلك من خلال تشكيل لجنة من الشخصيات القيادية البارزة من الطلاب الموهوبين في كافة أنواع الأنشطة المدرسية الذين يكونون حلقة وصل بين معلمي النشاط والطلاب، بما يشعرهم بالمكانة الاجتماعية داخل المدرسة. 

ثالثا :ـ صياغة أهداف خطة الأنشطة بما يتناسب مع تنمية شخصية الطلبة:

1ـ تعميق مفهوم المواطنة والشعور بالانتماء والولاء للوطن والإحساس بالفخر نحو مجتمعهم والإحساس بالمسؤولية تجاههـ وخصوصا في الفترة الراهنة، وتبصير الطلبة بضرورة نبذ الجهوية والقبلية، كما تشمل ثقافة المواطنة نشر ثقافة الحوار والعمل التطوعي والتعايش المشترك واحترام الرأي الآخر ، واحترام حقوق المرأة والطفل، والتعريف بالمواثيق والاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان، وتعزيز مفهوم المجتمع المدني واحترام القانون. ..وذلك من خلال المحاضرات التاريخية والتعريف بقيمة الوطن (ليبيا)، وأهميته عبر التاريخ القديم والمعاصر، ومن خلال الرحلات السياحية الداخلية للتعرف غلى معالمها وعراقتها. والحث على الارتقاء بها وتكوين الاتجاهات الايجابية نحو كل ما يتعلق بمصلحة الوطن، ذلك أن الفهم الصحيح لمفهوم المواطنة هو الركيزة الأساس للحفاظ على أمن المجتمع وتماسكه وتنظيم العلاقة بين أفراده، وبينه وبين المجتمعات الأخرى.

2ـ التفتح على مكاسب الحضارة الإنسانية المعاصرة وانجازاتها، والتعريف بثقافة الشعوب والأديان المختلفة. ويكون ذلك من خلال عرض الأفلام الوثائقية والمحاضرات الانثروبولوجية، وذلك بغرض توسيع مدارك الطلاب وتوسيع آفاقهم، وترسيخ قيمة حب العلم والاكتشاف والتدريب على اكتساب المعرفة والتفكير العلمي الناقد، تمشيا مع منهج اليابان في إعطاء محاضرات ثقافية للطلاب عن الشعوب المختلفة في أطار الحفاظ على الأصالة ومواكبة المعاصرة.

3ـ الانشطة المهنية والفنية وتعويد الطلاب على المشروعات الصغيرة وأجواء الحياة المهنية مثل أشغال النسيج والسجاد، والخزف، وأشغال الخشب والتجارة، والتصوير الفوتوغرافي، والتصميم والديكور والزخرفة، وأشغال الزجاج، والزراعة، والخياطة والتدبير المنزلي ……).

4ـ ممارسة الأنشطة المدرسية في الأماكن والقاعات العامة بهدف فتح باب المشاركة للأهالي وأفراد المجتمع، والرفع من المستوى الثقافي.

5ـ عقد الصلات والروابط بين المؤسسة التعليمية وبقية المؤسسات الاجتماعية بهدف إدماج الطالب في المجتمع وإكسابه الخبرات والمهارات اللازمة.

6ـ عقد الندوات والبرامج الإعلامية لتوعية أفراد المجتمع بفوائد وأهمية النشاطات الطلابية لأبنائهم.

7ـ مضاعفة التوجيه من وزارة التعليم للقيام بعقد دورات تدريبية متخصصة للمدرسين ومشرفي الأنشطة الطلابية.

8ـ تدعيم وتوثيق الصلة التربوية بين الأسرة والمدرسة من خلال عقد الاجتماعات الدورية.

9ـ مراقبة الأنشطة الطلابية المدرسية ومتابعتها، بصفة مستمرة من قبل إدارات المدارس، ووضع الخطط التربوية المشتركة والاتفاق غلى سبل تنفيذها وآليات ذلك التنفيذ.

10ـ تنظيم معارض ومهرجانات دورية متعلقة بالأنشطة على مستوى المدارس، وإعطاؤها شهرة إعلامية مع تكريم الطلاب المتفوقين في هذه الأنشطة.

11ـ الاستفادة من المباني المدرسية في الفترات المسائية والعطلات لإقامة الأنشطة المدرسية المتنوعة.

12ـ تنمية القيم البيئية بتفعيل الأنشطة ذات العلاقة، بتقديم المحاضرات الثقافية عن البيئة بغرض ترسيخ الوعي البيئي، والمشاركة مع الجهات المختصة في حملات حماية البيئة. وترسيخ مفهوم التنمية البيئية المستدامة أسوة بالتجربة اليابانية، مع العمل على تنمية الشعور بالجماعة والمسئولية بدءا بالبيئة المدرسية من احترام الإدارة المدرسية والمعلمين والمحافظة على المباني الدراسية والأدوات المدرسية وكل ما يتعلق بالبيئة المدرسية والحرص على نظافتها وجمالها. (حامد، د.ت، ص 11). ويتمّ ذلك عبر حثّ الطلاب على ترشيد استخدام الطاقة الكهربائية، والمياه، والتعامل الأمثل مع البيئة والمنتجات الزراعية، والحفاظ على الأشجار والمناطق الخضراء خصوصا في المدن ، وربط الطلاب بمشكلات البيئية العالمية مثل مشكلة التصحر، وثقب الأوزون ،وأضرار التلوث البيئي الناجمة عن المركبات الإلية، ومشكلة العشوائيات والانفجار السكاني، وانتشار الإمراض المختلفة… وغيرها من القضايا البيئية، وذلك من خلال الرحلات الميدانية المختلفة كالمشاركة في حملات التشجير ونظافة المدينة وزيارة المستشفيات الخ… وهكذا يقع ترسيخ الفكر العلمي السليم في كيفية التعامل السليم والأمثل مع هذه المشكلات  لخلق جيل علمي واعي ومثقف .

رابعا: تعزيز الهوية وغرس الانتماء الوطني:

إنّ للأنشطة المدرسية -اللاصفية – دورا كبيرا في تعزيز الانتماء والهوية الوطنية، حيث أن تعزيز القيم والهوية الوطنية يجب أن يكون موصولا بكلّ نشاط تعليمي مدرسي –صفي ولاصفي – أيضاً، إذ إن الهوية الوطنية تعتبر السياج الواقي للطفل أو المتعلم، وتأسيسا على ذلك ينبغي أن يتمّ الاهتمام بجميع ما يرتبط بتعزيز هوية الدولة، كالموروث الشعبي الذي يجب أن يصاغ صياغة علمية منهجية على شكل أنشطة لاصفية تجعل المتعلم يستشعر هوية الدولة، وأن تكون أحلامه مرتبطة وجوبا بجميع قيم المواطنة التي ينبغي أن يربى عليها، فالهوية الوطنية ليست بتعليم دروس الجغرافيا ولا العلوم ولا التربية الوطنية فقط، بل هي أكبر من ذلك، حيث إن جميع المسابقات العلمية يجب أن تعنى عناية كاملة بالهوية الوطنية من خلال المحاضرات والمشاركات في الأندية وفي جميع النشاطات، وأن يعمل الجميع على تغذية روح المواطنة وغرس قيمها في الجيل الجديد الصاعد.

7- الاستنتاج العام:

7- 1- الخلاصة والنتائج:

أصبحت التربية، بلا شك، في قمة اهتمامات أي مجتمع يبحث عن الرقي والتطور. حيث تعد عملية إعداد الأفراد للحياة العملية من المهام الأساسية لنظام التعليم. ففي تنوع برامجه وكفاءته ومرونته تكمن قوة أيّ أمة ونجاحها ومستقبلها، وقد رصدت الدراسة التحليلية عددا من الصعوبات والعوائق التي من شأنها أن تقلل من فرص الإفادة من النموذج الياباني المتطور؛ ومن المعروف أن الأنشطة المدرسية الناجحة يجب أن يحرص منظموها على الإشراف الجيد عليها، وحسن اختيار العناصر الفعالة، إضافة إلى التنظيم والتخطيط الكافيين قبل تنفيذها، حتى لا تفشل في تحقيق هدفها التربوي والتعليمي، وقد تم وضع بعض النقاط الموجزة التي من شأنها أن توضّح بعض العوائق والصعوبات التي تواجه تنفيذ الأنشطة علي أرض الواقع .

7- 2- عوائق التطبيق والتنفيذ:

من المهم أن يتم التعرض لبعض العوائق التي تواجه تطبيق التصور المقترح داخل المؤسسات التعليمية في الدول العربية عامة، وفي ليبيا علي وجه الخصوص، وقد قسمت إلى عوائق داخلية وأخرى خارجيّة. الأولى تتصل بالمدرسة والثانية بالأولياء والوزارة وسائر الهيئات…

من العوائق الدّاخليّة التي تتعلق بالمدرسة ذاتها:

  • ما يتعلق بإدارة المؤسسة التعليمية في ذاتها والتي قد تشكل عائقا حقيقيا يعترض سير هذا البرنامج التربوي التعليمي القائم علي تطبيق النشاط في المدارس؛ منها أن إدارات بعض المدارس تعجز بشكل مباشر عن تنظيم مناشط فعليه حقيقة يقدمها طلابها، فتقوم بعرض أعمال ليست من إنتاج طلابها، حيث يتم عرضها على أساس أنها من أعمال الطلبة، والحقيقة غير ذلك.
  • غياب الفرص التي تسمح باستثمار القدرات الفعلية للمتعلمين لممارسة الأنشطة المدرسية؛ والتي قد يكون المعلمون أنفسهم سببا في تقليل فرص الإفادة من الطلبة المنشطين وعدم الاعتراف بأهمية ما يقومون به من أعمال.
  • عدم تنظيم فرص-حصص -النشاط وجعلها ضمن الحصص الأساسية في الجدول المدرسي؛ وعدم منح الطلبة الفرص المتساوية في المشاركة؛ فيتم التركيز على إشراك طلبة معينين في أكثر من نشاط، على نحو يحرم بقية الطلبة من فرصة المشاركة، ويؤدي إلى إحباطهم، إضافة إلى عدم وجود خطة واضحة تسير عليها المدارس أثناء تطبيق الأنشطة اللاصفية مقارنة بخطة المقرر المدرسي.

من العوائق خارجية التي تتعلق بالعلاقة بين أولياء الأمور والطلبة وكذلك دور الوزارة والهيئات المعنية بتنظيم العمل داخل المؤسسات التعليمية:

  • عدم تجاوب بعض الآباء والأمهات في إشراك بناتهم وأبنائهم في تطبيق بعض أنواع المناشط خاصة التي تتطلب تواجدهم خارج أسوار المدرسة، فيرفض أولياء الأمور اصطحاب أبنائهم للمشاركة في مثل هذه الفعاليات.
  • غياب المواد والمستلزمات التي من شأنها أن تزيد من فرص المشاركة في المناشط، وعدم الاهتمام بجعل المدرسة شريكا في التوعية، على الرغم من ملاحظتنا اليوم لنسبة تفشي بعض الأمراض بين صفوف الطلبة كالبدانة ومرض السكري، إضافة إلى الخمول والتذمر من الحصص الدراسية بسبب الملل.
  • التمييز حسب النوع، فنجد بعض المدارس تشجع اشتراك الطلبة من الذكور في المناشط المدرسية، وتقلل، في المقابل، من فرص مشاركة الطلبات من الإناث.
  • الإمكانات المادية المتاحة التي تعتبر من أهم العوائق التي تواجه تطوير توظيف الأنشطة في المؤسسات التعليمية الليبية ؛ فتطبيق العديد منها يتطلب تزويد الطالب والمعلم بأجهزة ومواد ومعامل وورش وساحات وقاعات معينة لممارسة المناشط بأنواعها المختلفة، مما يجعل المدرسة علي صلة دائمة ومستمرة بمكاتب الأنشطة داخل الوزارة ؛ والتي تحتاج بشكل دوري لتزويدها بالمعدات والوسائل والمكملات التعليمية والرياضية والفنية الترفيهية بأنواعها  المختلفة؛ وهو ما يقيد المعلمين في تحديد شكل النشاط ونوعه، وفق للحصة التي تتحصل عليها المدرسة من الوزارة – هذا على اعتبار- أن هنالك مواد ووسائل متاحة للتوزيع – حيث لم نشهد خلال السنوات الأخيرة أي إمكانيات مادية يتم توفيرها في المؤسسات التعليمية في ليبيا ؛ وخاصة أن بعض الإمكانيات مثل الأشرطة السينمائية وأجهزة العرض والتصوير والخرائط والنماذج ومعدات المعامل والآلات الموسيقية وأجهزة الحاسوب وما إلى غير ذلك من الإمكانيات تحتاج إلى تمويل دائم يفوق قدرة المدرسة .

7- 3- التوصيات:

في ختام هذه الدراسة من المهمّ أن نسجّل بعض التوصيات التي تدور في مجملها على الاستفادة من النموذج الياباني في تطوير النظم التعليمية عامةً، وعلى تطوير الأنشطة المدرسية بشكل خاص، حتى يتم تبنيها في تحديث النظم التعليمية في مؤسساتنا مع الحفاظ على خصوصية التجربة والاقتباس منها بما يفيد الواقع الفعلي للمدرسة الليبية المحلية؛ وذلك بمراعاة الاختلاف بين البيئية التعليمية اليابانية والبيئة التعليمة في ليبيا. ومن هذه التّوصيات:

  • العمل على تطوير الوعي بأهمية الأنشطة المدرسة ودورها لدى العاملين والمختصين في المجال التربوي، والتأكيد على المميزات الهامة لتطبيقها في جميع المراحل التعليمية المختلفة، والتنبيه من جانب آخر على بعض المآخذ والعقبات التي قد تواجه تطبيقها.
  • إمكانية الاستفادة من التجربة اليابانية التعليمية على وجه العموم، وأجراء المزيد من البحوث والدراسات التجريبية والميدانية في مجالات الأنشطة المدرسية بوجه الخصوص في مؤسسات التعليم في ليبيا.
  • التأكيد على ضرورة تعاون أولياء الأمور على تشجيع الطالبات على المشاركة في الأنشطة اللاصفية، ليزيد من حماستهن في بذل المزيد من الجهد سواء في الدراسة أو الأنشطة،
  • تفعيل دور الأسرة في تنمية ورعاية الإبداع والمواهب في المنزل.

المراجع:

  1. إدارة النشاط المدرسي، (2010)، وزارة التربية والتعليم، أمانة اللجنة الشعبية سابقا، مركز التعليم طرابلس.
  2. حامد، هناء محمود؛ وآخرون، (د.ت). التجربة اليابانية في التعليم وسبل الاستفادة منها في مصر، منشورات وزارة المالية، الإدارة المركزية لمركز المعلومات والتوثيق: الإدارة العامة للمعلومات الإحصائية. القاهرة، مصر.
  3. سعادة؛جودت أحمد، (2005)، التعلم النشط بين النظرية والتطبيق، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان – الأردن، ط1،6، ص 403.
  4. ضاهر، حسن (200) ، إدارة النشاط المدرسي وإشكالياته،دار المؤلف، بيروت، ط1، ص 20.
  5. عامر؛ فرج المبروك (2016)، قضايا تربوية، دار حميثرا للنشر، القاهرة.
  6. عامر؛ فرج المبروك (2019)، دور النشاط المدرسي في التحصيل العلمي للطالب، مجلة كلية التربية، ع 16ـ العجيلات: ليبيا.
  7. الكرد، انتصار، (2014)، التعليم الإبداعي اليابان نموذجا، مجلة علوم الإنسان والمجتمع، ع 9، جامعة البليدة: الجزائر.
  8. محمد، نوال بشير(2006)، معوقات ممارسة النشاط الرياضي المدرسي لطالبات المرحلة الثانوية حسب محددات المشاركة والأنشطة المرغوبة، رسالة ماجستير منشورة، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، كلية التربية الرياضية، الخرطوم.
  9. محمد، سماح رافع (1976)، تدريس المواد الفلسفية في التعليم الثانوي، طرقه ووسائله وإعداد معلميه، دار المعارف، القاهرة.
  10. مزيو، منال عمار (2014 م)، الدور التربوي للأنشطة الطلابية في تنمية بعض المبادئ التربوية لدى طالبات المرحلة المتوسطة بتبوك، مجلة العلوم التربوية، العدد الرابع، ج1، أكتوبر، 2014، ص 567.
  11. المغماسي، ياسر، الاتجاهات العالمية في ادارة النشاط الطلابي وطريقة الاستفادة منها في التعليم السعودي، مقالة علمية في الانترنت.
  12. هلال، وفاء محمد(د.ت)، الأنشطة الترويحية في المدارس آفاق وطموحات، دولة الإمارات العربية المتحدة، ص26.

 

مقالات أخرى

ملامح السّرد المقاوم

التّعليم عن بعد

إشكاليّة العدالة والدّيمقراطية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد