الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: رؤية إسلامية مقاصدية

حقوق الإنسان

تنطلق الرؤية الإسلامية من التأكيد على أن العالم أسرة واحدة، وأن الخلق كلهم عيال الله، وأن الله رب العالمين، وأن الناس كلهم لآدم وآدم من تراب.

ويجب القول إن منطق صدام الحضارات الذي تبناه متطرفون في الغرب ومنطق الفسطاطين الذي يتبناه متطرفون في الشرق كلاهما مجاف للحقيقة وبعيد عن هدي الأنبياء، وإن السبيل الوحيد لقيام عالم آمن هو التعاون والتواصل والتكامل.

ولا يخفي كاتب هذه السطور رأيه في هذه المسألة في وجوب تجاوز مصطلح الحوار إلى مصطلح الوحدة، فالحضارة الإنسانية في الواقع حضارة واحدة تعاقبت الأمم على بنائها خلال تاريخ طويل، انتقلت فيه شعلة الحضارة من الشرق الأدنى والشرق الأقصى إلى اليونان إلى فارس إلى الرومان إلى الحضارة الإسلامية ثم إلى الحضارة الأوربية والأمريكية، وهي اليوم نتاج كفاح الأمم جميعاً، وبإمكانك أن ترى في مشافي كليفلاند في أمريكا أثراً واضحاً للرازي وابن سينا تماماً كما كنا نرى في بيمارستانات بغداد والأندلس أثراً واضحاً لأبقراط وجالينوس، والأمر نفسه في سائر العلوم الكونية، وكدلك في السنن الاجتماعية من الحرية والعدالة والمساواة والإخاء التي شاركنا فيها خلال التاريخ، وحين يتم إنجاز الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويتم الإعلان عنه في نيويورك فإنني أبصر بين الرجال الذين حققوه عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وصلاح الدين الأيوبي، وكفاح الأنبياء من قبل، فهؤلاء جميعاً شركاء في شرعة حقوق الإنسان التي مرت عبر التاريخ في مواجهات كثيرة ضد الاستبداد والقهر، وشارك حكماء هذه الأمة صيحتهم في وجه العالم (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).

إنها إذن شعلة واحدة للحضارة الإنسانية، فالحضارات تتكامل ولا تتقاتل، وتتواصل ولا تتدابر، فالصراع لا يكون بين الحضارة والحضارة أو بين النور والنور، وإنما يكون الصراع والصدام بين الحضارة والتخلف، وبين العلم والجهل، وبين الظلمات والنور، وإنها إذن الأسرة الإنسانية الواحدة التي جاءت من نسل آدم، ومسؤولية أبنائه أن يتعاونوا لاستثمار خيرات هذه الأرض وضبط مقاطع الحقوق فيها وتوفير العيش الكريم لسائر الأمم والشعوب.

إن من المدهش أن الخطاب القرآني جاء عالمياً إنسانياً بامتياز، ونادى الناس بصيغة يا بني آدم، ويا أيها الناس، وهي الصيغة التي أعلنها النبي الكريم في آخر أيام الرسالة في حجة الوداع: (أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد وإن دينكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب).

وقد افتتح القرآن الكريم بآية ذات دلالة وهي قوله تعالى: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾، فلم يقل رب المسلمين ولا رب العرب ولا رب المتقين، واختتم بقوله: ﴿قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس﴾، ولم يقل رب المؤمنين أو العرب أو العجم، وما بين الفاتحة والخاتمة جاء بيان القرآن العظيم: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾.

وهذه الحقائق باتت اليوم في صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو الميثاق الوحيد الذي وقعت عليه دول العالم قاطبة وبات أكثر الوثائق إلزامية واتفاقية في التاريخ، حيث تم في العاشر من ديسمبر عام 1948 الإعلان عنه في هيئة الأمم المتحدة واعتبر الميثاق أولى وثائق الأمم المتحدة، وبات من المتفق عليه أن الانضمام إلى الأمم المتحدة يقتضي الالتزام بنصوص الميثاق بلا تحفظ.

وتذهب هذه الدراسة إلى التأكيد على الوفاق التام بين هذا الميثاق وبين المذهب الإنساني في الإسلام وكذلك المذاهب الإنسانية في الأديان الأخرى والمذاهب الإنسانية خارج الدين كله، فقد وصل الإنسان في النهاية إلى أفق قانوني محسوم يمنح الإنسان حريته الكاملة في الاختيار، وحقوقه الأساسية في العيش الكريم، وبات هذا الميثاق نصاً عالمياً ملزماً لكل دولة تنضم إلى الأمم المتحدة.

ومع أن النظام العالمي الجديد بات واضحاً في الحديث عن حقوق الإنسان، بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه وماله، ولكن الإسلام أضاف بعداً جديداً على هذه القيم فعزز الأمر بثقافة الرحم والنسب والأخوة، وأن علاقة البشر بعضهم ببعض ليست مجرد نصوص قانونية تم التوقيع عليها في عصبة الأمم، بل هي حقيقة بيولوجية ووراثية ورحمية، وان أي لون من التعالي بين الأمم هو ردة عن قيم الإسلام العليا في المساواة والإخاء الإنساني.

إن تفصيل القرآن لقصة آدم بكل تفاصيلها الدقيقة في نحو عشر سور في القرآن الكريم، يعكس إرادة واضحة في إحياء ثقافة الأسرة الإنسانية، والإخاء البشري، والبحث عن الروابط والصلات ليس على أساس من المصالح والجوار فقط بل على أساس من رابطة الدم والرحم التي يجب أن تتعزز بالمعطى الحضاري يوماً بعد يوم.

وفي القرآن الكريم تكرر النداء الإلهي يا بني آدم أربع مرات، “يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير” (الأعراف)

ويمكن اعتبار مشاركة النبي الكريم في حلف الفضول أول إسهام في تكريس حقوق الإنسان وحمايتها في جزيرة العرب، وهو حلف تداعى فيه العرب ان لا يتركوا مظلوماً إلا نصروه ولا شريداً إلا آوَوه، وخاصة أولئك المساكين الغرباء الذين كان يتعرض لهم الأقوياء فيذلونهم ويأخذون أموالهم ولا يجدون من ينصرهم، وفي ذلك قال النبي الكريم: لقد شهدت حلفاً في دار ابن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت [1]

وقد تطورت مفاهيم حقوق الإنسان اليوم وغدت أبرز مسؤوليات الدولة الحديثة، وتم ترسيخ هذه الحقوق الأساسية في ميثاق الأمم المتحدة، وباتت أبرز عناوين التزام الدولة بمسؤولياتها وواجباتها، وأصبحت أهم شروط دخول الدول إلى الهيئات الدولية الرئيسية في العالم.

ولا أجد ضرورة لتمييز موقف الإسلام في مسالة حقوق الإنسان من موقف الحضارة الحديثة، وفي الواقع فإن الحقوق الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي مطالب شرعية محمودة، ويمكن الاستدلال لها من الكتاب والسنة والفقه الإسلامي، ولا اجد أي مبرر للقول بان الإسلام يحمل رؤية أخرى لما تحمله الإنسانية من هذه القيم، ومع ذلك فإن هذا الإعلان ليس نصاً مقدساً، وهو يحتاج باستمرار إلى إغناء وتطوير عبر الأجهزة والوسائل الدولية، ويجب أن نشير هنا إلى نقطتين:

  • نقاط تحتاج للتوضيح فيما يخص المادة 12 و16 ونظائرهما بان هذه الحرية يجب أن تلتزم المعايير التي يقرها المجتمع بعقده الاحتماعي
  • نقاط القيم المضافة التي أشار إليها الفقه الإسلامي والتي نعتبرها في روح الإعلان العالمي وليس نقيضاً له.

ويجب التذكير مرة أخرى بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليس موقفاً يخص الدول الغربية، أو الحضارة الأوربية، بل هو في العمق موقف كافحت من أجله كل الحضارات الإنسانية ولا زال الإنسان يكافح من أجل الحرية والمساواة والعدالة منذ فجر التاريخ، وحين أقرأ نصوص الإعلان العالمي أجد أن الحضارة الإسلامية باعلامها وقادتها ودراسات علمائها شاركت في صياغة هذا الإنجاز الإنساني النبيل، ومن حقنا أن نقول إنه إنجاز إنساني وليس إنجازاً شرقياً ولا غربياً.

إن الديمقراطية وحقوق الإنسان ليست منتجاً أوروبياً أو أمريكياً، إنها في العمق حصيلة الكفاح الإنساني الطويل خلال التاريخ ساهم فيه ملايين المناضلين من سائر الأمم، يقاومون الاستبداد والقهر والظلم، من ثورة العبيد في روما بقيادة سبارتاكوس إلى تعاليم فلاسفة اليونان إلى حكمة الأنبياء وشرائعهم الكريمة إلى كفاح القادة التاريخيين للعدالة والمساواة عبر الثورات الإنسانية الشريفة والجهود العلمية التي توفر على بذلها آلاف الحكماء حتى توصل الإنسان في هذا العصر إلى تحديد معالم العدالة وكرامة الإنسان عبر المواثيق الدولية التي تم إقرارها في هيئة الأمم المتحدة.

ونحن نعتقد أن سير الأنبياء الكرام كانت ملهمة للأحرار من رجال الكفاح الإنساني الذين ناضلوا طويلاً من أجل تحقيق آمال الإنسان الكبرى في الحرية والعدالة والكرامة.

ونعتقد أيضاً أن أئمة الهدى في الإسلام شاركوا في الكفاح الإنساني للتحرر كل في موقعه وتاريخ نضاله، وكما أشرنا إلى القادة السياسيين فإن من حقنا كذلك أن نشير إلى جهود كبيرة بذلها علماء الإسلام أيضاً لبناء علاقات إنسانية في الإطار الحقوقي أكثر عدالة ومساواة، ونشير هنا إلى جهود فلاسفة الإسلام في تعظيم النفس الإنسانية وخلود الروح وسنشير إلى عدد منهم في هذه الدراسة، وكذلك الفقهاء الذين دونوا كتبهم في الأحكام السلطانية والعلاقات الدولية ووجوب إنصاف الناس وتحقيق كرامتهم وتأمين العدالة الاجتماعية.

ويتضمن الاعتقاد الإسلامي الإقرار بحقيقة اعتقاديه قاطعة وهي أن الخلق جميعاً عيال الله، وأن الروح التي فيهم هي نفحة من الله نفسه، وأن كل مولود يولد على الفطرة، ومقتضى ذلك أنهم مأمورون أن يبحثوا عن المشترك الإنساني في تحرير قيم العدالة والمساواة، والبحث عن التواصل والتكامل بين نصوص الوحي وبين هدايات العقل وتجارب الإنسان.

وقد أصدر علماء الشريعة الإسلامية عشرات الأعمال العلمية المتخصصة التي كرست لتأكيد المعنى الإنساني للإسلام رسالة رحمة ومحبة وخير ترتكز في جوهرها على الجانب الإنساني، وتسعى إلى تحقيق التكامل بين جهود الشرفاء من سائر الأمم في سبيل الخير الإنساني، وهي جهود كبيرة اشتهر بها عبر التاريخ أئمة مسلمون كبار أمثال الفيلسوف الفارابي وابن سينا والكندي والرازي وإخوان الصفا وابن رشد والشيخ ابن عربي وجلال الدين الرومي وغيرهم من الفلاسفة الإنسانيين الذين تحدثوا عن إخاء الإنسان للإنسان، ووجوب البحث عن الخير في فطرة ابن آدم، وقد ترجمت أعمالهم ودراساتهم للغات الحية في العالم.

ولذلك فإنه من الطبيعي أن يتقارب الفكر الإسلامي في العهد الحضاري للإسلام مع ما تم إقراره في المحافل الإنسانية الدولية من أحكام وقوانين تهدف لتحقيق كرامة الإنسان وحمايته من الظلم والاستبداد والدكتاتورية والدعوة إلى تعزيز الديمقراطية والحريات في العالم.

ولتوضيح هذا التقارب بين ما ورد في القرآن الكريم وبين ما ورد في إعلان حقوق الإنسان فقد قمنا بإعداد الجدول المرفق حيث تمكن المقارنة بين النص الإسلامي من قرآن أو سنة، وبين النص الذي ورد في إعلان حقوق الإنسان.

وغني عن القول أننا لا نزعم التطابق بين ما ورد في الشرعة الدولية وبين ما جاء في القرآن الكريم، فالقرآن كتاب موعظة وهداية وليس نصاً سياسياً، والقرآن خطاب بلاغي والميثاق نص حقوقي، والقرآن نص ديني والميثاق دستور توافقي، ولكن على الرغم من ذلك كله فإنك ستشعر بالدهشة ولا ريب من التقارب الشديد بين دلالة القرآن الكريم ودلالات النص العالمي لحقوق الإنسان، وهذا يعزز الحقيقة التي نتحدث عنها وهي أن مقاصد الوحي الشريف وما بشر به الأنبياء الكرام لإسعاد الإنسان، يلتقي مع ما توصل إليه الإنسان في كفاحه من أجل الحرية والعدالة والكرامة.

ومن المناسب تماماً أن يطلع القارئ الكريم هنا على نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولكنني سأقدمه عبر جدول مقاربة يشير إلى نص الإعلان وما يقابله من النصوص العامة في الإسلام التي تؤسس لهذا اللون من الحق.

وأشير هنا إلى جهد هام كنا قد أنجزناه خلال مؤتمر خاص تم تنظيمه في معهد ليوبولد سكرون في سالزبورغ بالنمسا عام 2008 عبر مؤتمر خاص نظمه المهعد تحت عنوان الإسلام والقانون الدولي، وقد قمنا بإجراء مقارنة دقيقة بين ما ورد في القرآن الكريم وما ورد في شرعة الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان، وقد صدر عن تلك الندوة مجموعة توصيات تؤكد على هذه الحقيقة.

وأحب التنويه هنا إلى الدور المهم الذي قام به الخبير الدولي هانس كوريل مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، الذي جمعتني به لجنة مشتركة في المؤتمر، حيث كنا نلتقي عند حديقة سالزبورغ الرائعة في فناء معهد ليوبولد سكرون، قريباً من بيت العبقري موزارت موسيقار العالم الذي عزف بألحانه لكل الأمم، وكرس لشعوب الأرض لغة يتحدث بها العالم، وتعزفها ألحانه وتسمعها الأرواح دون مفسر ولا ترجمان.

وقد فوجئت في الواقع بقوة اطلاع السيد هانس كوريل على نصوص القرآن الكريم وهو فقيه سويدي يعتبر من ألمع خبراء القانون الدولي في العالم، وأدهشني جهده الكريم لتحيقي المطابقة بين نصوص القرآن الكريم وبين شرعة حقوق الإنسان، وبعد أيام من العمل المشترك انتهينا إلى هذه الصيغة التي اعتمدها المؤتمر في توصياته ولا تزال وثيقة هامة من وثائق سالزبورغ التي أنجزها معهد ليوبولد في حوار الحضارات:

النص الأصلي نص إعلان حقوق الإنسان
ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البحر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً – الإسراء 70لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم.
الديباجة فقرة 1
إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون – يونس 44
إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا (86) قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا (87) – سورة الكهف 87
ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة.
الديباجة فقرة 2
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم – الكهف 58ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.
الديباجة فقرة 3
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط سورة الحديد 25
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم – الحجرات 13
ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدماً وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.
الديباجة فقرة 4
ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد.
الديباجة فقرة 5
فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها.
الديباجة فقرة 6
إن الله سبحانه وتعالى قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها ، كلكم لآدم، وآدم من تراب، – من خطاب النبي الكريم في حجة الوداع ،أخبار مكة للأزرقي ج2 ص383
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة سورة النساء 1
المادة 1.
يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
في خطاب حجة الوداع للنبي الكريم: أيها الناس إن أباكم واحد وإن ربكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، وأكرمكم عند الله أتقاكم – مسند أحمد رقم 8721المادة 2.
لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. ……..
ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً الإسراء 33
من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا سورة المائدة 32
المادة 3.
لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه.
في الآية: فشدوا الوثاق فإما مناً بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها – سورة محمد 4
والآية تنص على تحريم استرقاق الأسرى بعد الحرب، وتحصر حق الدولة بين أمرين اثنين لا ثالث لهما: المن (إطلاق الإسرى بدون عوض) أو الفداء (إطلاقهم مقابل تعويض) وهذه الآية آخر ما نزل بشأن الأسارى
وفي آية أخرى : ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً سورة الدهر 8 وهي نص في وجوب إكرام الأسير وتوفير حقوقه الإنسانية
المادة 4.
لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لطم غلامه أو ضربه فكفارته أن يعتقه _ صحيح مسلم ج5 ص90
وفي عصر الخلافة الراشدة تم استدعاء حاكم مصر وابنه ومحاكمتهما في المدينة المنورة وتم جلده بسبب ضربه لرجل مسيحي، وقال له عمر بن الخطاب: يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً
المادة 5.
لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس بأحب أسمائهم إليهم – معجم الطبراني 3499
يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون – سورة الحجرات 11
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير – سورة الحجرات 13
المادة 6.
لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية.
في ميثاق المدينة الذي كتبه الرسول الكريم لتنظيم أحوال المدينة:
المؤمنون والمسلمون من قريش وأهل يثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، أمة واحدة من دون الناس، وأنه من تبعنا من اليهود، فإن له المعروف والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم…..
وأن يهود بني عوف أمة من المؤمنين، لليهود دينهم وللمؤمنين دينهم، ومواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ (يسيء) إلا نفسه وأهل بيته…..
الأموال لابن زنجويه ج2 ص117 وانظر الأموال للقاسم بن سلام ج1 ص479
وقد تم فتح مكة في الإسلام انتصاراً لبعض المواطنين المظلومين من غير المسلمين من مشركي خزاعة.
وفي القرآن الكريم: قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها سورة الأعراف 85
المادة 7.
كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا.
دعا الإسلام إلى إجراء المحاكمات العادلة ونبه أن العدالة مرتبطة بالبينات والشهود، وأن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر
وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل – النساء 58
ونص بصراحة أن النبي نفسه قد يخطئ في الحكم، وعليه إذن أن يتراجع ويقضي بالعدالة: إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وأقضي له على نحو مما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ فإنما أقطع له قطعة من النار صحيح البخاري ج2 ص 952
المادة 8.
لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز سورة الحج 38-40المادة 9.
لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.
إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً، واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما، ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما سورة النساء 105- 107
والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون، وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين، ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم – سورة الشورى 41
المادة 10.
لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه.
في خطاب الوداع للنبي الكريم: فإن الله قد حرم بينكم دماءكم وأموالكم قال ولا أدري قال أو أعراضكم أم لا كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا رواه أحمد ج37 ص474
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط – سورة الحديد 25
يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا سورة الحجرات 12
المادة 11.
( 1 ) كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
( 2 ) لا يدان أي شخص من جراء أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب، كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة.
يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون (27) فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم النور 28المادة 12.
لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات.
وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين سورة سبأ 18
وفي ميثاق المدينة الذي أعده النبي الكريم وهو أول دستور في الإسلام:
وأنه من خرج آمن، ومن قعد بالمدينة أمن أبر الأمن، إلا ظالما وآثماً. – الأموال للقاسم بن سلام ج1 ص 479
المادة 13.
( 1 ) لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
( 2 ) يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه.
هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور 15
ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما سورة النساء 100
المادة 14.
( 1 ) لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد.
( 2 ) لا ينتفع بهذا الحق من قدم للمحاكمة في جرائم غير سياسية أو لأعمال تناقض أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.
قرر الإسلام حق الإنسان في التمتع بجنسية وطنية وفق العقد الاجتماعي
كان في صلح الحديبية الذي وقعه النبي الكريم:
من شاء أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل. سنن البيهقي ج8 ص99
المادة 15.
( 1 ) لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
( 2 ) لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها.
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء النساء 1
فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون البقرة 232
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن
فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً النساء 18
المادة 16.
( 1 ) للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
( 2 ) لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملاً لا إكراه فيه.
( 3 ) الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون البقرة 188المادة 17.
( 1 ) لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
( 2 ) لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً.
إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون البقرة 62
وفي القرآن الكريم تأسيس لمسؤولية الدولة في حماية المعابد الدينية من صوامع (كنائس) وبيع (معابد اليهود) وصلوات (طقوس الأديان المختلفة) ومساجد:
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا سورة الحج 40
المادة 18.
لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.
وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر الكهف 29
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين يونس 99
لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي البقرة 256
المادة 19.
• لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.
لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون الأنعام 48المادة 20.
• ( 1 ) لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية.
• ( 2 ) لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما.
وأمرهم شورى بينهم – سورة الشورى 38
فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر- سورة آل عمران 159
وفي الحديث النبوي:
من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم
ومن لم يصبح ويمس ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم الطبراني ج7 ص268
من استعمل رجلا في قوم وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين – رواه الحاكم انظر جامع الأحاديث للسيوطي رقم 45694
المادة 21.
• ( 1 ) لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً.
• ( 2 ) لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلاد.
• ( 3 ) إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت.
جاء في الحديث الشريف: الناس سواسية كأسنان المشط وإنما يتفاضلون بالعافية، والمرء كثير بأخيه، ولا خير في صحبة من لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له جزء ما رواه الزبير ج1 ص29
وقال: يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى رواه أحمد ج38 ص474
المادة 22
• لكل شخص بصفته عضواً في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية وفي أن تحقق بوساطة المجهود القومي والتعاون الدولي وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي لا غنى عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته.
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون التوبة 105
جاء في الحديث القدسي: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل أستأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره الجامع الصغير رقم 6013
وفي الحديث الشريف: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ، وأعلمه أجره وهو في عمله سنن البيهقي ج5 ص23
المادة 23.
• ( 1 ) لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة.
• ( 2 ) لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متساو للعمل.
• ( 3 ) لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل مرض يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان تضاف إليه، عند اللزوم، وسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
• ( 4 ) لكل شخص الحق في أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما لا يطيقون فإن كلفتموهم فأعينوهم. رواه البخاري في الصحيح ج1 ص15
المادة 24.
• لكل شخص الحق في الراحة، وفي أوقات الفراغ، ولاسيما في تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر.
جاء في الحديث الشريف: الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار زوائد الهيتمي ج1 ص 508
وتشمل هذه الثلاثة الثروات القومية الطبيعية للأمم من الماء ومصادرها ومواردها والكلأ وما يعنيه من الأرض المنتجة للزراعة، والنار وما يتصل بها من قوى الطاقة ومواردها الوطنية المختلفة
المادة 25.
• ( 1 ) لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.
• ( 2 ) للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين، وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أو بطريقة غير شرعية.
طلب العلم فريضة رواه ابن ماجه ج1 ص 80
إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العليم رضا بما يصنع رواه أبو داود ج3 ص354
والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتك الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف البقرة 233
المادة 26.
• ( 1 ) لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.
• ( 2 ) يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملاً، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام.
• ( 3 ) للآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم.
من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة رواه الترمذي ج5 ص16
قال عمر بن الخطاب: تعلموا العلم وعلموه الناس وتعلموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن يعلمكم عند العلم، وتواضعوا لمن تعلموه العلم، ولا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم بلوغ الأرب ج1 ص155
وفي القرآن الكريم تحذير شديد من كتم العلم عن الناس: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون سورة البقرة 159
المادة 27.
• ( 1 ) لكل فرد الحق في أن يشترك اشتراكاً حراً في حياة المجتمع الثقافي وفي الاستمتاع بالفنون والمساهمة في التقدم العلمي والاستفادة من نتائجه.
• ( 2 ) لكل فرد الحق في حماية المصالح الأدبية والمادية المترتبة على إنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني.
في ثمانية مواضع في القرآن الكريم فرض الله على الأمة وجوب إكرام ابن السبيل وهو المسافر في غير وطنه وتيسير حاجته وتحريم الاعتداء عليه وأمر بإنفاق الزكاة عليه طالما كان في دار الغربة عن وطنه تأكيداً لحقه في العدل والمساواة – انظر مثلاً النساء 36المادة 28.
• لكل فرد الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققاً تاما.
لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا سورة البقرة 286
ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى – الأنعام 164
كل نفس بما كسبت رهينة – سورة المدثر 38
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى – سورة النجم 40
المادة 29.
• ( 1 ) على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نمواً حراُ كاملاً.
• ( 2 ) يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.
• ( 3 ) لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.
المادة 30.
• ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.

وبعد هذه المقارنة فإن من المنطقي تماماً أن نقول إن شرائع الله تهدف إلى الغايات النبيلة نفسها التي أنجزها الإنسان في كفاحه الطويل من أجل العدالة والكرامة والمساواة.

إنه لأمر مؤسف اننا خلال عقود طويلة مارسنا هنا في الشرق رجم الديقراطية الغربية بالحجارة، واتهمنا حقوق الإنسان والحريات على أنها مؤامرة على الإسلام، وتم تخوينها عبر كتاب إسلاميين بأنها جاهلية القرن العشرين، أو أنها استكبار عن العبودية لله وحاكمية الشريعة وانكفاء إلى استفتاء الناس بدل استفتاء الوحي المعصوم.ولكن ذلك التوجه المتطرف لم يكن له أن ينتشر لولا الدور السلبي للاستبداد في تشويه الوعي، وبناء ثقافة عدائية مع العالم، وكذلك فإن فشل الأنطمة التي رفعت شعار الديمقراطيات والحريات كان سبباً أساسياً في ثقافة الريب ضد كل ما هو ليبرالي وديمقراطي، حيث بدا للناس أن ممارسات الأنظمة العربية الاستبدادية هي صورة عن الديمقراطية المزعومة، وأن الديمقراطية الغربية هي تطور في الدرجة لا في النوع، وأنها تحقق لمواطنيها العدالة عبر ظلم الشعوب الأخرى، وأنها في المآل قائمة على المظالم والاستغلال.وحتى إعلان حقوق الإنسان الذي يسجل أروع ما حققه الإنسان في نضاله من أجل الحرية والكرامة تمت مهاجمته بضراوة عبر جحافل الواعظين على أساس أنه انحراف عن حاكمية الله، وأنه شرعنة للخطايا والإثم والفحشاء تحت ستار الحرية، فيما انصرف عدد من الكتاب والفقهاء إلى الدعوة إلى أسلمة هذا الإعلان أو تقديم إعلان بديل بعنوان إعلان حقوق الإنسان الإسلامي.

وفي المقابل كان هناك شرفاء احرار يعملون بروح أخرى تعتمد العقل والعلم والواقعية الحضارية، ويؤسسون لمشترك إنساني يعلي من شأن الإنسان في حريته وكرامته، ويعزز الاحترام المتبادل للوحي الإلهي والكفاح الإنساني ويؤكد الأفق المشترك الذي يلتقي فيه الوحي مع الكفاح الإنساني النبيل.

إنه من الطبيعي أن تتقارب شرائع السماء في مقاصدها وغاياتها مع ما تم إقراره في المحافل الإنسانية الدولية من أحكام وقوانين تهدف لتحقيق كرامة الإنسان وحمايته من الظلم والاستبداد والدكتاتورية والدعوة إلى تعزيز الديمقراطية والحريات في العالم.

ومع ذلك فإن احترامنا لهذه المقاصد الإنسانية النبيلة لا يحول بين تقديم الإضافة الضرورية التي نعتقد أن الإسلام دعا إليها وأمر بها، ومن هذه الإضافات:

حق الإنسان في أن يولد بين أبوين: وهو من هذه الحقوق التي نأمل أن تضاف إلى الإعلان العالمي وذلك لمنع الآباء والأمهات من العبث بالمواليد والتخلي عن مسؤولياتهم في رعاية الأطفال، وهو حق أمر به الإسلام وتؤيدنا فيه النظم الحقوقية في العالم، وهو ما يمنع العبث والفحشاء والاستهتار، وهذه هي مطالب الشريعة في الجوهر.

إن تفاقم نسب الولادات التي يتخلى فيها الوالدان عن الأولاد هو أمر مرعب ولا إنساني، وتصل نسبة الولادات غير الشرعية إلى نسب عالية، ولا أرغب هنا بنشر هذه الإحصائيات لأنها تختلف في معايير اعتبار الولادة غير الشرعية وما يهمنا هو الولد الذي يفقد حقه في احتضان أبوين، وهذه الإحصائيات تنشرها الدول المتقدمة كافة في بياناتها الاجتماعية، ولكن ما هو أكثر سوءاً هو غياب هذه الإحصائيات تماماً في الدول التي لاتمتلك هذه الشفافية ومن المتوقع أن تكون أضعاف هذه الأرقام، ومن المؤسف أنه يتم التحفظ عليها بدافع الحفاظ على سمعة البلد وتقديم ارقام سارة.

حق الإنسان في بر أبنائه وحنانهم ورعايتهم: ويتأكد هذا الحق في هذا العصر الذي تتمزق في الروابط والتآصر، وهذا الحق طالبت به الأديان وتناضل لأجله منطمات الأسرة ولكنه لا زال خارج الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

لقد أضاف الدين بعداً مهماً على الجانب الإنساني لجهة رعاية الكبار وحمايتهم والحنان عليهم، فلم تعد محض علاقة دين ووفاء تنظمها قوانين الحق، ولا تعتمد الضمير الإنساني وحده الذي قد يعتريه الضعف والكمون، بل إن الدين قدم دافعاً إيمانياً غيبياً لرعاية الكبار والبذل في خدمتهم ابتغاء عطاء الآحرة ورضوان الله تعالى، ومن المؤكد ان هذا الدافع يعتبر أقوى الدوافع التي تحمل الإنسان على التضحية في خدمة والديه بعد أن يبلغا أرذل العمر ولا يعلمان من بعد علم شيئاً.

حق الإنسان في التمرد على الحرب الظالمة: وذلك ان الأنظمة تفرض على الناس التجنيد الإجباري ثم المشاركة في كل حرب يقررها السلطان، وهذا الأمر منافٍ لحرية الإنسان، وهو يتضمن إرغاماً كريها للإنسان على خوض الحروب التي لا يؤمن بها، ولا بد من موقف إنساني واضح لحماية حق الإنسان في التمرد على الحرب الظالمة، ولا شك ان حماية هؤلاء ستحول دون وقوع كثير من الحروب، وذلك حين يدرك المستبد ان الناس يملكون خيارات أخرى يحمهيا القانون الدولي وقد لا يندفعون معه في حروبه الانفعالية.

وقد كتبت مطولاً حول هذا الحق الإنساني، قبل ان تكشف مآسي الربيع العربي عن أكبر مآسينا في تغول الاستبداد الذي يقوم أساساً على سلطة الحاكم في إجبار الناس على القتال إلى جانبه، واستجرار نهر من المجندين البشريين باستمرار ليقفوا إلى جانبه في حروبه التي لا تنتهي، ومن المؤكد أن هذا الشرق البائس ما كان له ان يذهب إلى هذه الأهوال المظلمة لولا عقيدة التجنيد الإجباري التي تقتل في الإنسان حريته وترغمه على خوض حروب لا يؤمن بها ولا يفهم معناها.

إنها محض أمثلة ومراجعات شرعية يجب أن نقوم بها باستمرار لنص الميثاق الدولي ونعمل على إغنائه وتطويره، فمن المؤكد أن الوثائق لا تدوم إلى الأبد مهما كانت مقدسة، وفي الواقع فإن تطور حقوق الإنسان أمر حيوي، ولكل امة في العالم اليوم مقترحات لتطوير مفهوم حقوق الإنسان بعد مرور أكثر من خمسة وسبعين عاماً على ظهور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.


[1]  السهيلي، عبد الرحمن بن عبد الله، الروض الأنف، ج 2 ص 49

مقالات أخرى

تعدّد الطّرق الصّوفيّة

جماليّة التّناصّ في الشّعر الصّوفيّ

“زيارة” الضّريح بإفريقيّة مطلع العصور الوسطى

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد