دور التربية الدولية في مواجهة الآثار السلبية للاقتصاد الطفيلي على المجتمعات المحلية في ضوء التّربية الإسلاميّة

الاقتصاد الطفيلي

الملخّص:

تتعامل التربية الدّولية مع العديد من الموضوعات الإنسانيّة السّاخنة كالتّربية من أجل السّلام، والتّربية من أجل تعزيز حقوق الإنسان، والتّربية من أجل التّفاهم الدّوليّ والتّكامل والتّواصل الإنسانيّ، والتّربية من أجل تحقيق التّنمية المستدامة، وترسيخ القيم الإنسانيّة النّبيلة. ولذلك فهي تلتقي مع التّربية الإسلاميّة التي يمكن التأكيد أنّها تربية عالميّة لكل البشر على وجه الأرض، فهي تدعو إلى تحقيق العدل والمساواة والإخاء بين النّاس ولا فضل لأحد على أحد إلّا بالتّقوى. ومن هذا المنطلق، فإنّ التّربية الدّولية في ضوء معايير التّربية الإسلاميّة وقيمها، تعدّ مدخلا مهمّا لضبط السلوكيات الاقتصاديّة المنحرفة التي يجسّدها الاقتصاد الطفيليّ المعاصر الذي أخذ ينمو على حساب الاقتصاد الحقيقيّ، وبدأ بتشكيل ثقافة اجتماعيّة جديدة لا تتّفق مع الأصول مستغلا بذلك العديد من الإخفاقات الإنسانيّة المتنامية في الساحة العالمية.  يعتمد الاقتصاد الطفيليّ على الممارسات الاقتصاديّة المشبوهة من خلال جمع الأموال عبر أساليب الابتزاز لأنّه اقتصاد غير مهيكل، ويجني أقطابه ثروات هائلة عبر تطبيق أساليب الاحتكار والمساومات على أصول المال وفروعه، وانتهاك حقوق المستثمرين، وترسيخ الربا بأنواعه، وأخذ أموال الناس بالباطل، والاستحواذ على مقدّراتهم، بل وعلى مقدّرات الأمم والشّعوب نفسها. لذا استهدفت هذه الدّراسة بحث الدور الذي يمكن أن تقوم به التّربية الدّوليّة لمواجهة الانعكاسات السّلبيّة للاقتصاد الطّفيليّ على المجتمعات المحليّة في سياق التّربية الإسلاميّة. واعتمدت الدّراسة على الأسلوب الاستنتاجيّ المعياريّ التّحليليّ. وتمّت مناقشة الرّؤى التّربويّة لمفهوم الاقتصاد كما تبرزه التّربية الإسلاميّة، ورصد ضوابطها للاقتصاد، والآثار الاجتماعيّة السّالبة للاقتصاد الطفيليّ ودور التّربية في مواجهتها.

كلمات مفاتيح: التّربية الدّوليّة – الاقتصاد الطّفيليّ – التّربية الإسلاميّة.

Abstract:

International education deals with many hot humanitarian issues such as education for peace, education for the promotion of human rights, education for international understanding, integration and human communication, education for sustainable development, and the consolidation of noble human values. Therefore, it converges with Islamic education, which can be emphasized that it is a universal education for all human beings on earth. It calls for achieving justice, equality and brotherhood among people, and no one is superior to another except by piety. From this point of view, international education, in light of Islamic education standards and values, is an important entry point for controlling the deviant economic behaviors embodied by the contemporary parasitic economy, which has been growing at the expense of the real economy, and has begun to form a new social culture that does not conform to the origins, taking advantage of many of the growing human failures. in the global arena. Where the parasitic economy relies on suspicious economic practices by collecting money through extortion methods because it is an unstructured economy, and its poles reap huge fortunes by applying methods of monopoly and bargaining over the assets and branches of money, violating the rights of investors, consolidating all kinds of usury, taking people’s money unlawfully, and acquiring their capabilities. and on the capabilities of nations and peoples themselves. Therefore, this study aimed to examine the role that international education can play to confront the negative repercussions of the parasitic economy on local communities in the context of Islamic education. The study relied on the deductive normative analytical method. The educational visions of the concept of economics as highlighted by Islamic education were discussed, the controls of Islamic education for economics were monitored, the negative social effects of the parasitic economy and the role of education in confronting it.

Key words: International Education – Parasitic Economics – Islamic Education.


1-    مقدمة:

تنازع العالم اليوم توجّهات معاصرة في الاقتصاد تخرج عن دائرة المألوف أو الانضباط، وتؤدّي إلى آثار سلبيّة قد تكون سببا في فساد القيم التّربويّة الإنسانيّة، لاسيّما وأن الاقتصاد يعد أحد أكبر عناصر الحياة الاجتماعيّة المعاصرة. والاقتصاد الطفيليّ هو أحد هذه التّوجّهات المعاصرة التي يتمّ من خلالها الحصول على الأموال والمقدّرات والممتلكات بطرق غير مشروعة (Chiu,1988; El-Din,1955).

وتشتمل عمليّات الاقتصاد الطفيليّ على أشكال متعدّدة من الممارسات المحرّمة محليّا ودوليّا كالسّرقة البسيطة أو السّرقة المعقدة والمركّبة، وجمع الأموال عبر أساليب الابتزاز أو بحجج واهية مثل الحماية وعلاج الدّيون وحل الأزمات الاقتصاديّة، والمساومة على أصول المال أو فروعه، ويتمّ من خلاله انتهاك حقوق الأفراد المستثمرين أو انتهاك حقوق المؤسّسات الاقتصاديّة الأساسيّة عبر ممارسة النّصب والاحتيال المبطن عليها،(Hongyi, 1998; Gundlach, 1999; Galal, 2003).

ولذلك ينظر المحلّلون والخبراء إلى أنّ هذه النّزعة الاقتصادية الطفيليّة تعتمد على تحصيل الأموال بطرق غير مشروعة مقابل خدمات، وتتمّ عادة في الخفاء أو بعيدا عن المراقبة والملاحظة والضّبط المحلّي أو القوميّ، ممّا قد يؤثّر على ركود النّاتج المحليّ. وهو اقتصاد يراه بعض المهتّمين غير مهيكل يجني أقطابه ثروات هائلة تؤثر سلبا على الاستثمار الحقيقيّ الذي ينتفع به أفراد المجتمع ومؤسّساته، فيزيد من احتكار الخدمات، لاسيّما في ظل اتّساع الحاجة إلى تلك الخدمات بفعل التّمدّد العمرانيّ وضخامة المدن، كما إن الاقتصاد الطّفيليّ هذا قد يكون سببا في استقطاب أعداد هائلة من العاملين والعمال واستغلالهم بأساليب بعيدة عن الأمانة والموضوعية والنّزاهة (الحركة التّقدميّة الكويتيّة، 2020؛ الناصري، 2010؛ كرزم، 2015؛ الدبايبة، 2015).

ونظرا إلى غياب الرّقابة والمتابعة من المؤسّسات الرّسميّة لهذا النّوع من الممارسات، فإنّ الاقتصاد الطّفيليّ يتضاعف حجمه، وتتنوّع أشكاله، فتظهر في المجتمعات المحليّة ظواهر شاذّة كالعمالة السّائبة والرّخيصة، والاتّجار بالممنوعات بمختلف الأشكال، وبناء مراكز إيواءيه غير صحيّة للعمالة غير المشروعة، وتكثر تبعا لذلك المخالفات النّظاميّة، ويعاني أفراد العمالة هؤلاء من التّهميش ومن مراعاة الحقوق فتزداد فرص سوء استغلالهم، ممّا قد يؤدّي في النّهاية إلى مشكلات أمنيّة وأخلاقيّة وصحّيّة ونحوها. وقادة الاقتصاد الطّفيليّ أضحوا قادرين على إيجاد ثغرات في الأنظمة وقادرين على إيجاد قيادات تتستّر على ممارساتهم وتقلّل من بشاعة انعكاساتها. وعموما فإنّ الاقتصاد الطّفيليّ يصنع ما يسمّيه بعض الخبراء (الاقتصاد الزّائف)، (والتّضخم المالي المصطنع أو المزمن)، (وحجز الفائض الرأسماليّ ) لصالح طرف دون غيره من الأطراف، ( وتنامي الاقتصاد الاستهلاكيّ) بشكل معقّد جدا، ويظهر نشاط الوسطاء الذين يتقاضون عمولات بطرق موضوعيّة أو غير موضوعيّة، ومكاتب المحامين ومن هم على نهجهم  ومن يمارسون ضغوطا هائلة على الأفراد أو على المؤسّسات من أجل مشاركتهم في الأموال التي تقرّرها الجهات القضائيّة، وتضيع فرص عديدة  للاستثمار المباشر، وتأخذ بعض الممارسات الاقتصاديّة السّلبيّة صفة النّظاميّة، فتنشأ استثمارات عبر نظم المضاربة تؤدّي إلى ظهور أنواع جديدة من الرأسماليّة والرأسماليّين  تحقّق أرباحا عالية جدا تستنزف الاقتصاد الحقيقيّ في المجتمع، ومعظم استثمارات الطفيلين لهم، ولا ينتفع بها المحليّ، حيث إن معظم هذه الأموال الرّابحة يعاد ضخّها على هيئة قروض ورهنيّات وخدمات استهلاكيّة تزيد من ثراء هؤلاء، وتضعف قدرات المستهلكين ( زكي، 1977؛ صن، 2004؛ عويضة، 2004).

وإجمالا، فإنّ انعكاسات الاقتصاد الطّفيليّ على الجيل الجديد وعلى التّربية عموما، قد يترتّب عليها مصاعب في التّربية من أجل الاقتصاد الحقيقيّ والطّبيعيّ، فتنحسر العلاقة بين التّعليم وسوق العمل، هذا فضلا عن الإخلال بنظام القيم في المجتمع، حيث قد تلعب النّظم التّربويّة غير الرّسميّة دورا جديدا في إعادة تشكيل النّشء والجيل الجديد وفق قيم ماديّة بحتة، وتندثر القيم النّبيلة مع الوقت، وتحلّ محلّها قيم المصالح الشّخصيّة، والنّفعيّة، والفرديّة، ويكون ذلك كلّه على حساب التّكامل، والتّضامن، والتّعاون، والتّكافل كما يقرّره الشّرع (حسن، 1998؛ روديك، 2000؛ بالدّاتش وآخرون، 2002).

كما أنّ معظم البيئات الاقتصاديّة في المجتمعات غير الصناعيّة ثم فتحها للمستثمرين والمضاربين من خارج هذه المجتمعات لأسباب سياسيّة تصنع نماذج من البطالة أو تزيد من نسبتها على المدى القصير أو على المدى البعيد، ويظلّ الذين هم الأقل حظّا على ما هم عليه، ويزداد الفقراء فقرا، ويزداد الأثرياء ثراء. (أشرف عبد الرحمن الدبايبة في 27/10/2015)،

ووفقا لتقرير صندوق النّقد الدّوليّ عام 2019م، فقد حدث اختلال متنام للاقتصاد العالميّ بسبب التّوترات التّجارية والضّغوط الاقتصاديّة والاضطرابات في قطاع بعض الصّناعات، وتشديد سياسات الائتمان وتضييق الأوضاع الماليّة ممّا أدى إلى زيادة عدم المساواة وضعف الاستثمار وزيادة الحماية التّجاريّة وتراجع إمكانات دخول السّوق والمنافسة لخدمة ما يسمّيه البعض الاقتصاد الجديد (صندوق النقد الدولي، 2019)، كما يرى خراء البنك الدوليّ أنه لكي يمكن للنّموّ الاقتصاديّ أن يحسن أوضاع  المجتمعات فيجب أن يشارك الفقراء في عمليّة النّمو وفي الفوائد التي يحقّقها (البنك الدّوليّ، 2012).

ونظرا إلى تنامي اقتصاد المعرفة في السّاحة العالميّة تحت نظام العولمة، فقد صار هذا النّوع من الاقتصاد طرفا في ترسيخ بنى الاقتصاد الطفيليّ في بعض الحالات.

فالمعرفة ليست هي المصدر الأساس في الإنتاجية إلّا إذا كان ذلك في صالح أفراد المجتمع جميعهم، أما إذا كان المنتفعون قلّة، فهذا يقوّض الاقتصاد الحقيقي للمجتمع  إذ تدلّ المؤشّرات العالمية أنّ العولمة مكنت العديد من المؤسّسات الاقتصاديّة الكبرى من السّيطرة على الاقتصاد العالميّ وخاصة الاقتصادات المحليّة بأوزان وبأشكال مختلفة خارج الرّقابة التّقليديّة للدّول، وصنعت تقسيمات عمل جديدة وفق عمليّات اقتصاديّة غير مألوفة إنتاجا واستثمارا وتوزيعا وتسويقا داخليّا وخارجيّا مستغلّة في ذلك ضعف الدّول ومشكلاتها الدّاخلية، لذا فهي تعمل على تغيير الأنظمة السّياسيّة والاجتماعيّة والقيم الثّقافيّة والتّربويّة وتحويل العالم إلى عالم يهتم بالاقتصاد أكثر من أيّ جانب آخر ( إسلام ديب، 2021)، وعلى كل حال فإنّ العولمة الاقتصاديّة مليئة بالتّناقضات، وقد تتسبّب في إعادة طرح نظريّة فيض الإنتاج(GLOBAL GLUT)، وفي شحّ الوظائف العامّة أو الدّائمة، ممّا يؤدّي في النّهاية إلى زيادة معدّلات البطالة بأنواعها، وتنازل الدّول عن العديد من وظائفها الاجتماعيّة والاقتصاديّة، وضياع فرص الأمان الاجتماعيّ، وإضعاف الاستهلاك، وضعف الاستثمار الجديد وزيادة الأزمات  الاجتماعيّة (عبد الفضيل، 2005).

ولهذا فسوف تتنوّع إفرازات العولمة الاقتصاديّة التي أحد أكبر نواتجها نموّ الاقتصاد الطّفيليّ لتغطي جوانب العملات، وارتفاع الأسعار، والتّضخّم، والجوانب الائتمانيّة، فضلا عن المشكلات الاجتماعيّة الأشدّ خطرا، ممّا ينذر بقرب نهاية نظريّات الاقتصاد الحرّ والاقتصاد الإنتاجيّ التّقليديّ، وتآكل طبقات الشّعوب الأقلّ حظا (صلاح، 2021). بل إن نظريّات النّموّ الاقتصاديّ التي نادى بها آدم سميث وغيره قبل ما يزيد عن قرنين ونصف مثل النّموذج الكلاسيكيّ أو النّموذج الكلاسيكيّ الجديد، ونموذج الادخار والاستثمار، ونظرية النّمو الاقتصاديّ الدّاخلي وغيرها، قد لا يكون لها موضع في سياق الاقتصاد المعاصر (الشناوي، 2018). ولهذا يرى السّلطان أن الاقتصاد لا ينمو إذا لم تتحسّن عوامل الإنتاج، بل يمكن أن يتراجع وينخفض ويصغر مع تدهور عوامل الإنتاج (السّلطان، 2017). كما إن الآثار السّلبيّة للنّموّ الاقتصاديّ قد تتنوّع، فهي لن تقف عند حدّ الزّيادة في عدم المساواة في الدّخل الذي يؤثّر على مختلف الأنشطة الاجتماعيّة، بل ستغطّي هذه الآثار إشكالات خطرة في الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة (منتدى أسبار الدولي، 2018). على أن بعض الخبراء يرون أنّ النّموّ الاقتصاديّ يتزامن مع ارتفاع في السّلبيّات ومن بينها زيادة عدد الكوارث الطبيعيّة بسبب التّلوّث البيئي وتغيّرات المناخ وارتفاع حرارة الأرض والزّيادات السّكّانيّة وخاصّة في المدن، هذا إلى جانب تنامي الفساد الإداريّ والماليّ على الرّغم من وجود نسب من الرّفاه الاجتماعيّ (حبيقة، 2007؛ قندح، 2020).

وانعكاسات الاقتصاد السّلبيّة وخاصّة انعكاسات الاقتصاد الطفيليّ على الجوانب الأخلاقيّة في المجتمعات المعاصرة قد تدفعهم إلى التّخلّي عن مجموعة من القيم التي تمكنوا من المحافظة عليها لسنوات طوال مثل الكرم والصّداقة والإخلاص والنّزاهة والشّجاعة وضبط النّفس والعدالة والمعرفة والتّوازن والصّدق والمشاركة وغيرها (تيموتي تايلور، 2019).

 لكن غياب الأخلاق هو المتسبّب الأكبر في انهيارات النّظم الاقتصاديّة في السّاحة العالميّة فهؤلاء الذين يخطّطون في الخفاء من أجل التّحكّم في مقدّرات الشّعوب والسّيطرة على اقتصادات العالم وابتداع الأساليب الاقتصاديّة والماليّة والنّظم التي تندرج تحتها كالاقتصاد الطفيليّ ونحوه لا يكترثون قليلا أو كثيرا بالجوانب الأخلاقيّة المقترنة بالنّشاط الاقتصاديّ. فهم يركّزون على مبادئ تحقيق المكاسب والمنافع الاقتصاديّة بأيّ صورة من الصّور ويضعون الشّروط التي تحقّق ذلك، ويفرضون على كل الدّاخلين إلى الأنشطة الاقتصاديّة كافّة الضّغوط. ولم تعد المشكلات الأخلاقيّة المصاحبة لأنشطة الاقتصاد الطفيليّ، وأنشطة الاقتصاديّ التي تغذيها العولمة الاقتصاديّة الجديدة مجرد مشكلات في مجتمعات بعينها، أو النّظر إليها مشكلات بعيون أيديولوجيّة دينيّة أو غيرها، بل أصبحت هذه المشكلات عالميّة الطّابع. ونموّ قطاعات الاقتصاد القائم على البنوك والبورصات والضّرائب وتوزيع الدّخول والثّروات هي سبب الأزمات الإنسانيّة المعاصرة بسبب الاحتكار والاستئثار واستغلال النّفوذ والكسب غير المشروع، والإثراء بلا مبرّر، والتّجارة الممنوعة أو المشبوهة، وإقامة التّشريعات واللّوائح الدّاعمة للفساد، وهي أزمات أخذت في تقويض نظم القيم الأخلاقيّة، وتكوين نوع من الفكر والتّوجّهات الجديدة التي لا تلتزم بالتعليمات الشّرعيّة حيال ممارسات الرّبا وكافة العمليّات الاقتصاديّة غير المشروعة (المصري، 2021).

2-    المشكلة:

يرى الخبراء أنّ الرأسماليّة الحديثة تركز على تجارة النّقود، وتجارة السّلاح، وتجارة الممنوعات، وهذه الأنواع الثّلاثة من ميادين الاقتصاد هي الأعظم في العالم المعاصر، ويطلق على هذا النّوع من الاقتصاد (الاقتصاد الوهمي).

 ونظرا إلى قوة نفوذ المؤسّسات التي ترعى هذه الاقتصادات، فقد تمكّنت من السّيطرة على مؤسّسات الإنتاج الحقيقيّ كالزّراعة والصّناعة والتّجارة، وفرضت نظمها وقيودها وشروطها عليها، وتحول الاحتكار الفرديّ إلى نوع من الاحتكار الدوليّ. وفي الفقه الإسلاميّ لا تعتبر النّقود سلعة يُتّجر بها، وهي ليست من باب العمل المنتج، بل هي بدل عن السّلع والخدمات، ولذلك جاء تحريم الربا في الإسلام الذي يقوم أساسا على تجارة النقود التي هي أحد أكبر أسباب معاناة البشر على وجه الأرض (عمارة، 2010).

ويرى يونس أنّ الاقتصاد الطفيليّ هو الذي ينمو على حساب الاقتصاد الحقيقيّ أي اقتصاد الغير لأنّه اقتصاد ليس له جذور،  ذلك أنّ النّشاط الطّفيليّ في المجتمعات البشريّة يشير إلى أنشطة غير إنتاجيّة كتجارة العملة والمضاربات والوسطاء التّجارييّن والسمسرة، والإنتاج غير الضروريّ، والاحتكارات ممّا يجعل المجتمع مجتمعاً غير منتج  وغير قادر على تحقيق الاكتفاء الذّاتي، ويكون مجتمعا استهلاكيّا، أو يكون المجتمع سوقا لسلع وخدمات الغير مستهلكا عملاته الصّعبة لصالح طبقة بعينها ممّا يؤدي إلى زيادة الفقر وانهيار خدمات ضروريّة جدّا كالصّحة والتّعليم، ويتمّ تقييد استقلاليّة القرار السّياسيّ بسببه (يونس، 2020).

كما أوضح الشّهريّ أن الاقتصاد الطّفيليّ هو نشاط قام على هامش مستحدثات التّقنية في الحياة الاجتماعيّة المعاصرة، ويشكّل ملامح ثقافة اجتماعيّة جديدة لا تتّفق مع الأصول، وليس لها منهج واضح، ولا هدف معلن، ويدل على اللّامسوؤليّة، وعلى السّلبيّة الجماعيّة، وعلى عدم الوعي المسؤول، وعلى استغلال حالة التّغير غير المنضبط في المجتمع، ويظهر في الحملات الإعلانيّة التّجاريّة التي تروّج خدمات أو لناشط ترفيهيّة تتجدّد باستمرار وتحتوى على بثّ شعارات غير معتادة، وقد تتمّ هذه الإعلانات برعاية الشّركات المعتمدة وطنيا وإشرافها، وتقدّم محتوى من التّفاهة لا يعود بخير على الصّغار والكبار تحت أقنعة زيادة الموارد ونحوها، فيقدّم نشاطات مثل المسابقات الوهميّة، ويغرس بشكل مباشر أو غير مباشر قيما سلوكيّة سلبيّة كعقوق الوالدين، واستبعاد اللّغة العربيّة، وتحوير الدّلالات العلميّة والأدبيّة، وإذكاء ثقافة البوب بحجة تقديم تخفيضات في الرّسوم ونحوها (الشهري، 2021).

والاقتصاد الطّفيليّ لا يستهدف المجتمعات الناّمية، أو شبه النّامية أو نحوها صعودا ونزولا، بل يستهدف الجميع دون استثناء. فقد بين HANAUER عام 2016 أن عالم الأعمال في الولايات المتّحدة الأمريكيّة أصبحت تكثر فيه أنشطة الاقتصاد التّقليدي الأساسيّ والحقيقي، ومناشط الاقتصاد الوهميّ الذي يوشك أن يجفّف الحياة الاقتصاديّة في البلاد الذي يطلق عليه الاقتصاد الطّفيليّ PARASITE ECONOMY ففي الاقتصاد الحقيقيّ يتم علاج مشكلات، وبناء مدن ومصانع ومزارع ونحوها، ودفع المخصّصات للعاملين التي تجعل الحياة الأمريكيّة حياة رائعة، وهي الحياة التي تعد بها القيادات الشّعب دوما، وهو الاقتصاد الذي يقوم على العرض والطّلب والإنتاج فيقوم بتمويل التّعليم والصّحة والخدمات والضّمان الاجتماعيّ  والدّفاع المدنيّ والقوميّ. بينما في الاقتصاد الطفيليّ تقوم المؤسّسات الاقتصاديّة الكبيرة والصغيرة بتوفير فرص عمل خدميّة محدّدة وبرواتب ومخصّصات شحيحة للغاية، فيتّسع من خلاله نطاق الفقر والبطالة، وتتدنّى بسببه القيم عند ملايين السّكان، فيعمل الاقتصاد الطّفيليّ على تجريد السّكان من قدراتهم وإمكاناتهم على المدى القصير أو على المدى البعيد، ويستحوذ على مقدّراتهم وممتلكاتهم. وبعد أن كان مخصّص العامل يساعده على الحياة المعيشية بطرق مقبولة ولو عند أقلّ الحدود في ظلّ الاقتصاد الحقيقيّ، فإنّ مخصّص العامل في الاقتصاد الطفيليّ لا يكاد يغطّي أساسيّات الحياة التي تجعل منه إنسانا حقيقيّا (Hanauer , 2016).

وفي رأي STOSSEL فإنّ العديد من السّياسييّن والمحامين ينظرون إلى أنفسهم على أنّهم أشخاص مهمّون لكنّ الحقيقة هي أنّهم مهمّون لأنّهم طفيليّون، فهم يتغذّون على الآخرين، ولا يترتّب على جهودهم اقتصاد حقيقيّ. ومفهوم الاقتصاد الحرّ لا يخول لأحد من أصحاب الأعمال أو المؤسّسات الاقتصاديّة أن تقوم أنشطتهم على هدر مقدّرات المواطنين واستحقاقاتهم للحياة الكريمة، ولا يجوز أن تغطّي القوانين والأنظمة المنحرفين من هؤلاء الذين يتحصّلون على امتيازات من البنوك ومن أصحاب القرار ونحوهم رغم أن استثماراتهم لا تخدم المجتمعات التي يعيشون فيها، وهي التي أهدتهم جميع المقومات من تعليم وصحة وفرص وحياة كريمة. إنّ معظم أفراد المجتمع أو جميعهم قد يتحوّلون طفيليّين إذا ما انتشرت ثقافة الطّفيليّة الاقتصاديّة وعمّت المجتمع، وإذا لم يوجد من يحاسب هذه التّوجّهات الطّفيليّة في الاقتصاد الحديث (Stossel , 2015).

وتشير العديد من رؤى المفكّرين والإعلاميّين والاقتصادييّن وطروحاتهم في الدّول الموغلة في الرأسماليّة إلى أنّ الرّأسماليّة والرّأسماليّة الجديدة هي الطّاغوت الذي يهدّد المجتمعات التي تديّن بها. فقد بيّن كل من PEART، LEVY أن الرّأسماليّة الجديدة هي جوهر الاقتصاد الطّفيليّ، وهي التي تصنع هذا الاقتصاد، ورأيا كذلك أنّ الاقتصاد الطّفيليّ هو الفخّ الكبير الذي نصب للمواطنين، وأنّه يعدّ جريمة، ولذلك تسعى دول عديدة وخاصة في أوربا الشّرقيّة نحو محاربة هذا النّوع من الاقتصاد والرّأسماليّة التي انبثق عنها. كما أنّ قيام بعض السّياسيّين والاقتصادييّن بإرجاع المصاعب الاقتصاديّة الرّأسماليّة إلى أسباب غير موضوعيّة كأحداث 11 سبتمبر ونحوها هو جزء جوهريّ من مسلسل تبرير هذه الرّأسماليّة واقتصاداتها الطّفيليّة (Levy And PearT , 2002).

كما أظهرت أعمال كل من (Al-Muktar , 1995; Erlanger , 2001; Jenkin ,1887) أنّ الاقتصاد الطفيليّ ليس اقتصادا وليد اليوم، بل هو ذو جذور تمتدّ إلى حوالي أكثر من قرنين من الزّمان، وأنّ الذي يتطوّر هو الممارسات والتّطبيقات التي تعبّر عنه. وساند ذلك ما ذهب إليه(; Carlyle And Others,1997; Shari Atmdari;  Carlye, 1837)  الذين أوضحوا أن الاقتصاد الطّفيليّ يظهر بقوة أو بشكل غير مرئيّ بحسب طبيعة المراحل الاقتصاديّة التّاريخيّة وتطوّراتها.

وإلى جانب ذلك فقد بينت دراسة AL-NAKEEB عام 2016 أن العالم منذ ما يزيد عن قرنين وهو يسعى لإيجاد حلول للاقتصاد وسياسة الدّيمقراطيّة المزعومة. فقد نما الاقتصاد الطّفيليّ بقوة، واتّخذ أشكالا متباينة، وصارت فرصه عديدة، وهو مسؤول إلى حدّ بعيد عن الكساد الاقتصاديّ المعاصر (Al-Nakeeb, 2016).

إنّ العديد من مناشط الحياة الاقتصاديّة المعاصرة تبرهن على أن الاقتصاد الطّفيليّ يحقّق أرباحا هائلة تتجاوز نسب سنويّة 500% خاصّة الأنشطة القائمة على القروض التي تحقّقها مناشط أخرى كعمولات البطاقات الائتمانيّة مثلا، وهي تحقّق نسبا سنوية من الأرباح تزيد عن 20% لكنّ هذه الأرباح العالية لا يستفيد منها إلا الملاك أو المستثمرون، وعادة لا تقدّم هذه الأنشطة خدمات تزيد من فرص الحياة الكريمة للسّكان من أصحاب الدّخل المحدود (Katz And Jackson, 2004) وأجرى WICSON دراسة عام 2010 حول انعكاسات الاقتصاد الطّفيليّ على السّكان المهاجرين إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وركزت الدّراسة على شيكاغو بالدّرجة الأولى، وعلى المهاجرين المكسيكيّين تحديدا، واتّضح من نتائج الدّراسة أن الواقع الاقتصاديّ الممارس على هؤلاء كان بمثابة عقوبة لهم. فقد مارست المؤسّسات التي تجلب هؤلاء وتقوم بتوظيفهم أو باستغلالهم صنوفا متعدّدة من الضّغوط، مستغلّة ظروفهم وحاجاتهم عبر العديد من مناشط الاقتصاد الطّفيليّ التي كانت تمرّر دون مراقبة وتدقيق من قبل السّلطات المختلفة، وتحت ستار الحاجة إلى العمالة للوظائف الدّنيا ونحوها، وهو ما يحدث في العديد من دول العالم، بل حتّى في البلاد العربيّة والإسلاميّة، ويضطر هؤلاء إلى دفع إتاوات معقدة للوسطاء وللمكاتب التي تجذبهم ولآخرين ظاهرين وغير ظاهرين ليتمكّنوا من الحصول على فرص العمل أو الهجرة (Ailson , 2010).

وتسعى التّربية الدّوليّة إلى إضفاء بُعد دوليّ وإطار عالميّ من أجل السّلام العالميّ. ويعد توظيف التّربية الدّوليّة في خدمة الاقتصاد العالميّ المعزّز للقيم الأخلاقيّة والسّلام والتّكامل جانباً جوهريّا في أنشطتها. ذلك أن التّربية الدّوليّة تسعى إلى تعزيز احترام جميع الشعوب وفهم ثقافاتهم وحضاراتهم وقيمهم وأساليب حياتهم وتقدير حقوقهم، علاوة على تعزيز التّواصل والتّكامل وتنمية الاتّجاهات الإيجابيّة نحو تقدير قيمة التّعليم وأهميته من أجل حلّ المشكلات المحليّة والقوميّة والدّوليّة، ومواجهة تغيرات العصر عبر ترسيخ ثقافة الحوار، وتقدير التّنوّع الثّقافيّ والمعرفيّ، وتحقيق التّنمية المستدامة، وتحسين الجودة وترسيخ مبادئ التّعليم للجميع (الخطيب، 1437هـ).

ولذلك فإنّ التّربية الإسلاميّة باعتبارها تربية عالميّة تدعو إلى إقامة المساواة والإخاء والتّعاون وتقدّم العديد من المبادئ المنظّمة لضبط النّموّ المفرط، وتحسين منظومة العمل وتحقيق التّوازن الاقتصاديّ، وتنظيم دخول السّلع الأجنبيّة للأسواق المحليّة وترشيد الاستهلاك، وتعزيز التّعليم التّقنيّ من أجل الاعتماد على الذّات اقتصاديّا، ورفع مستوى المهارات والإعداد والتّدريب والتّعليم وتنمية الموارد البشريّة، وتأهيل الكوادر البشريّة للعمل في الأسواق العالميّة، وتعزيز المشاركة المجتمعيّة، وتحسين فرص التّعاون الدوليّ ( الخطيب، 1439هـ ).

وفضلا عن ذلك، فإنّ التّربية الدّولية تسعى إلى ترسيخ حقوق الإنسان المدنيّة والسّياسيّة في ضوء التّربية الإسلاميّة، وهي قضية جوهريّة في مجابهة الأساليب المختلفة الموجّهة نحو التّربية الاقتصاديّة المعزّزة للاقتصاد الطّفيليّ (السهلي، 1434هـ).

علاوة على ذلك، فإنّ التّربية الدّوليّة في الهدي الإسلاميّ تعمل على إقامة الأمن في حياة النّاس بما في ذلك الأمن الاقتصاديّ (التركي، 2001).

ومن هذا المنطلق يمكن حصر مشكلة البحث في التّساؤل الرّئيس التّالي:

ما دور التّربية الدّوليّة في مواجهة الآثار السّلبيّة للاقتصاد الطّفيليّ على المجتمعات المحليّة في ضوء التّربية الإسلاميّة؟

ويتفرع عن السّؤال الرّئيس الأسئلة التّالية:

س1/ ما أهمية التّربية الدّوليّة لمواجهة الآثار الاقتصاديّة السّالبة في المجتمع؟

س2/ ما الآثار السّالبة للاقتصاد الطفيليّ على القيم التّربويّة في المجتمع كما تسعى التّربية الدّوليّة لترسيخها؟

س3/ ما التّوجّهات التّربويّة الإسلاميّة لمواجهة الآثار السّلبيّة للاقتصاد الطّفيليّ في المجتمع عبر التّربية الدّولية؟

3-    أهمّية البحث:

تنبثق أهمّية البحث من الاتي:

  1. حداثة البحث التّربويّ في ميدان الاقتصاد الطّفيليّ وخاصة في ميادين التّربية الدّوليّة.
  2. تنامي الآثار السّلبيّة للاقتصاد الطّفيليّ على القيم التّربويّة الدّوليّة في المجتمعات المحليّة
  3. أهمّية التّربية الإسلاميّة ومضامينها المختلفة في مواجهة الآثار السّلبيّة التي يخلفها الاقتصاد الطّفيليّ على المجتمعات المحليّة.
  4. توجيه عناية الباحثين والباحثات لإجراء مزيد من البحوث والدّراسات حول انعكاسات الاقتصاد الطّفيليّ على القيم التّربويّة الدّوليّة لإيجاد حلول تربويّة مناسبة لتخطّي هذه الانعكاسات السّالبة.
  5. توجيه عناية متّخذي القرار التّربويّ في مختلف الحقول والميادين لبناء سياسات واستراتيجيّات وخطط من شانها شأنها مواجهة الآثار السالبة للاقتصاد الطفيلي على المجتمعات المحلية في سياق التربية الدولية.
  6. تعدد الظواهر الحديثة وتداخلها في العمل التربوي الدولي الموجه نحو حماية المجتمعات المحلية من الآثار السلبية للاقتصاد الطفيلي وجذوره.

4-    أهداف البحث:

يستهدف البحث الآتي:

  1. رصد الدّور التّربويّ في مواجهة الآثار السّلبيّة للاقتصاد الطّفيليّ على المجتمعات المحليّة في ضوء التّربية الإسلاميّة، وفي سياق التّربية الدّوليّة.
  2. التّعرّف على أهمّيّة التّربية الدّوليّة المعاصرة في مواجهة الآثار الاقتصاديّة السّالبة في المجتمعات المحليّة.
  3. التّعرّف على أبرز الآثار السّالبة للاقتصاد الطّفيليّ على القيم التّربويّة الدّوليّة في المجتمعات المحليّة.
  4. مناقشة ِأهم التّوجّهات التّربويّة الإسلاميّة لمواجهة الآثار السّلبيّة للاقتصاد الطّفيليّ في المجتمعات المحليّة في سياق التّربية الدّوليّة.

5-    منهجيّة البحث:

يعتمد البحث على الأسلوب الاستنتاجيّ المقارن المعياريّ التّحليليّ. ويقوم هذا النّهج على أساس التّعرّف على العلاقة بين جوانب الاقتصاد الطّفيليّ والقيم الترّبويّة وانعكاساتها على التّنمية المستدامة، واستعراض خصائص الاقتصاد الطّفيليّ في السّاحة الدّوليّة من أجل المقارنة بين المجتمعات المحليّة لرصد أبرز الآثار السّلبيّة على القيم التّربويّة فيها بسبب تنامي ممارسات الاقتصاد الطّفيليّ، وإجراء تحليل معياريّ لوصف هذه الآثار السّالبة في ضوء التّربية الإسلاميّة.

6-    حدود البحث:

  1. يتحدّد البحث زمنيّا من خلال رصد الآثار السّالبة القائمة للاقتصاد الطّفيليّ خلال السّنوات العشر الماضية من عام 1432هـ إلى عام 1443هـ.
  2. يتحدّد البحث مكانيّا من خلال التّركيز على الآثار السّالبة للاقتصاد الطّفيليّ على القيم التّربويّة في المجتمعات المحليّة.
  3. يتحدّد البحث موضوعيّا من خلال التّركيز على انعكاسات الاقتصاد الطّفيليّ السّالبة على القيم التّربويّة في المجتمعات المحلّيّة.

7-    مصطلحات البحث:

يتعرّض البحث عمليّا ونظريّا للمصطلحات التّالية:

  1. مفهوم التّربية الدّوليّة:

يمكن توضيح مفهوم التّربية الدّوليّة على أنّها مجال تربويّ يرسّخ البعد الدّوليّ في العمل التّربويّ الذي يغطّي ثقافة السّلام وتقدير التّنوّع والتّعدّد الثّقافيّ وتحقيق التّنمية المستدامة والجودة ومبادئ التّعليم للجميع وبناء قيم التّواصل والحوار والتّكامل بين الأمم والشّعوب (الخطيب، 1437هـ).

  1. القيم التّربويّة:

يقصد بها القيم التّربويّة العالميّة التي يقرّها نظام التّربية الإسلاميّة في المجتمعات المحليّة المختلفة مثل التّواصل، والتّكامل، احترام الثّقافات، السّلام العالميّ، المساواة والعدل وغيرها.

  1. مفهوم الاقتصاد الطّفيليّ:

ويقصد به ذلك الاقتصاد الذي يقوم على التّداول السّلعيّ والمعرفيّ المختلف عبر أساليب التّجارة الرّأسماليّة، ويعتمد على شبكات من الحواسيب الواسعة والمسيطرة داخل المجتمعات المحليّة لتحقيق أرباح ومكاسب متنوّعة عالية للغاية عبر منح التّسهيلات والرّخص والقروض والمنح تساعد على ترسيخ الاحتكار من قبل أفراد أو مؤسّسات نخبويّة بدعم وافر من النّظم البيروقراطيّة من داخل المجتمعات أو من خارجها.

  1. التّربية الإسلاميّة:

ويقصد بها في هذا البحث المبادئ والتّوجّهات القائمة على الشّرع الإسلاميّ التي تستهدف ترسيخ القيم الترّبويّة الإسلاميّة في المجتمعات المحليّة في سياق التّربية الدّوليّة.

منظور تربوي لمفهوم الاقتصاد كما تبرزه التّربية الإسلاميّة

التّربية الإسلاميّة هي نظام تربويّ شامل يغطّي جميع الميادين التّربويّة ويقوم على نظريّة تربويّة متكاملة، ومع ذلك فإنّ هنالك قصورا في إقامة هذه النّظرية ورسم معالمها رغم العديد من الجهود الفرديّة في ذلك، وتنظيم البعد الاقتصاديّ في هذه النّظريّة جوهريّ جدّا فقد يفهم عامّة الناس أو خاصتهم النّظام الاقتصاديّ في المجتمع المحلّي من خلال عدد من الأنشطة والممارسات الاقتصاديّة، بأشكال متعدّدة. لكن الجميع يتّفقون على أن هذه الأنشطة والممارسات لها تأثيرات على نتائج الآخرين. ذلك أنّ النّظام الاقتصاديّ يغطّي الإنتاج والدّخل والاستهلاك وأنماط السّلوك النّاتجة وتنظيم العمل، وحقوق الملكيّة، سواء تمّ ذلك بطريقة جزئيّة أو بطريقة كليّة تحت إطار الاقتصاد المخطّط واقتصاد السّوق، وفي سياق المبادئ المنظّمة (الحقوق، الحوافز، نظم العمل، نظم المال، الملكيّة، النّموّ والكفاءة وتوزيع الدّخل، والاستقرار والتّضخّم، والتّنمية ونحوها (أمين، 2014؛ صلاح الدين، 1989م).

وتتضمّن مبادئ تنمية رأس المال ترسيخ موضوع الملكيّة الخاصّة بشكل مفتوح وفسح المجال أمام جميع الأفراد، وضمان حريّة الاستهلاك. ذلك أنّ الحرّيّة هي وسيلة لتحقيق المصالح العامّة، وهي كذلك سبب لتنمية الانتاج، وتعبير عن الكرامة الإنسانيّة (أمين، 2014)، وفق التّطور الطّبيعيّ الذي يحفظ التّوازن بشكل مستمر بين العرض والطّلب، ويحقّق مستويات متعدّدة من الاستقرار الاقتصادي. أما عند خروج الاقتصاد عن السّير الطّبيعيّ، فقد يكون ذلك على حساب فقدان التّوازن والاستقرار، وهو ما يصنعه الاقتصاد الطّفيليّ في السّاحات العالميّة والمحليّة (زكي، 1997؛ الصادق والكردي، 2000).

ذلك أن الاقتصاد الطّبيعيّ يقوم على فلسفة إشباع جميع أعضاء المجتمع، ويعتمد على تدخّل الدّولة إيجابيّا خلال الظّروف الصّعبة خاصّة في حالات الكساد والتّراجع وتنامي البطالة، مع المحافظة على استمراريّة الادخار والاستثمار وضبط الإنفاق دونما حاجة إلى زيادة الضّرائب، ودونما التّوسّع النّقديّ غير الملائم، والعمل على مراعاة التّوزيع العادل للدّخل، ومنع الاحتكار، جنبا إلى جنب – مع السّعي إلى عدم إتاحة الفرص للمؤسّسات الاقتصاديّة النّافذة للتّأثير على الحكومة وفرض سيطرتها على المواطنين بل وعلى الحكومة نفسها تحت شعارات رنّانة وأساليب غاية في الالتواء  والمكر، ممّا يجعل المؤسّسات المحلّيّة غير قادرة على المنافسة، وربّما يتسبّب ذلك في التّأثير السّلبيّ على عنصر الطلب وانخفاض العوائد، وتراجع القطاعات غير التّنافسيّة كالخدمات التّعليميّة والصّحّة والإسكان والخدمات الفرديّة (حبيب، 1995؛ معهد التخطيط القومي، 2003)

ضوابط التّربية الإسلاميّة للاقتصاد

تستهدف التّربية الإسلاميّة إكساب الأفراد والجماعات المعارف والمهارات والاتجاهات التي تمكّنهم من تحقيق العبوديّة لخالقهم وتزكّيهم وتعلّمهم الكتاب والحكمة ومكارم الأخلاق (الخطيب وآخرون، 1415هـ) والتّربية الإسلاميّة في نظر الخبراء تربية ربّانية، شموليّة، متوازنة، عمليّة، فرديّة واجتماعيّة، ومستمرّة، ومحافظة ومتجدّدة، وهي عالميّة لكافّة البشر، وذات أهداف أخلاقيّة ودينيّة وتوعويّة واجتماعيّة، ودنيويّة، وهي ضروريّة للغاية في علاج مشكلات المجتمعات المعاصرة. ومن أهمّ الأصول الأخلاقيّة للتّربية الإسلاميّة منع الغبن للنّاس من خلال الأنشطة الاقتصاديّة، علاوة على حرمة الرّبا باعتباره ظلما واستغلالا للنّاس بدون وجه حقّ، وإضرارا بالمجتمعات، وحرمة الكتمان والإخفاء، وإلزاميّة الصّدق وحرمة الكذب، وحرمة الغشّ والتّدليس والتّغرير والتّحايل، وإلزاميّة التّكامل عند الأزمات، ووجوب محبّة الإنسان لأخيه الإنسان (داغي، 2020). وواضح من هذا الطّرح أن ممارسات الاقتصاد الطّفيليّ لا تنتمي إلى أيّ من هذه الأصول. وبالنّظر إلى الحدود الشّرعيّة فقد تندرج معاملات الاقتصاد الطّفيليّ في نطاق البطلان أو الفساد والكراهية والتّحريم على الرّغم من اختلاف الفقهاء في تفاصيل الأحكام الشّرعيّة حيال هذا النّوع من المعاملات.

وبموجب أصول التّربية الإسلاميّة فإنّ ممارسة الاقتصاد لابدّ أن تقوم على القيم الأخلاقيّة. حيث يتعيّن أن تؤدّي الممارسات الاقتصاديّة إلى زيادة مستوى التّكامل بين الناس، فيكون للفقراء والمساكين ومن في حكمهم حقوق في أموال الميسورين والمقتدرين. قال تعالى: ﴿والذين في أموالهم حقّ معلوم، للسّائل والمحروم﴾ المعارج الآيات 24-25. وقال تعالى: ﴿والذين هم للزّكاة فاعلون﴾ المؤمنون، آية 4. وقال تعالى: ﴿والذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم﴾: التّوبة، آية 34. حيث يتضح من الآيات الكريمة أنّ التّربية الإسلاميّة تنوّر الأفراد والمؤسّسات إلى عدم الغرور بالمال باعتباره أحد أكبر الفتن، كما فعل كثير من المغرورين الذين ورد ذكرهم في النّصوص الشّرعية وفي كتابات السّلف الصالح، وأنّه لا يجوز التّفاخر بين النّاس في الزّينة والأموال، كما لا يجوز الانغماس في الشّهوات والبطر عندما يكثر المال. قال تعالى: ﴿ولو بسط الله الرّزق للناس لبغوا في الأرض﴾ الشّورى، آية 27.

ومن أهم الضّوابط التّربويّة الإسلاميّة للاقتصاد منع الإسراف أو التّبذير والطّغيان، نظرا إلى ما يحدثه ذلك من آثار خطيرة على النّاس، هذا فضلا عمّا قد يترتّب عليه من نقم في الدنيا والأخرة والشّواهد على ذلك كثيرة في التّاريخ الإنسانيّ. فإنّ الله تعالى أعطى خلقه جميعا أموالا وإمكانات وقوى استغلّها البعض في الارتداد عن دعوة الحقّ، وفي التّمرّد على نهج الخالق الذي أعطاهم وقدّر لهم هذه الموارد، فكان عاقبة ذلك الخسران المبين في الدّنيا والآخرة، وأحد أهم وجوه الخسارة الدّنيويّة هو ضياع الملك والأملاك وإعطائها للغير. حيث مارس بعض هؤلاء صنوفا من مناشط الاقتصاد الطّفيليّ عبر التّاريخ كلعب القمار، والميسر، وخسران الميزان، والبيوع المحرّمة بأنواعها، والامتناع عن حكم الشّرع في الملكيّة والإنتاج والإتقان، والمبادلات التّجاريّة، والاستهلاك، والعقود، والأسعار، والشّطط في تقدير كلفة الخدمات والبيوع، والعقود، والتّوزيع، والبنى التّحتيّة، والبيع والاتّجار من الباطن، والإسراف في الإنفاق العامّ، ونهب المال العامّ، والاستخدام الرّشيد للموارد البشريّة، وعدم إعطاء الأجير حقة قبل أن يجفّ عرقه، والتّوزيع غير العادل للدّخل وللثّروة، وسوء تنظيم الأسواق ومراقبتها وضبطها، وسوء جودة السّلع والخدمات، وسوء الحفاظ على أوقات العمل، وعدم تحصيل العلم باعتباره شرطا للعمل والإحسان والتّمكين، وضعف السّعي لتجاوز مشكلات تباطؤ النّموّ والإنتاجيّة وعدم المساواة في توزيع الدخل، وفي تقدير المخصّصات الماليّة والمزايا المادّية والعينيّة والمكافآت الماليّة والإجازات، وفي شروط فرض الزّكاة والضّرائب والعمولات والرّسوم المختلفة على البضائع وعلى الخدمات، وفي السّعي لتحقيق الاكتفاء الذّاتي، وإعادة التّوزيع، وضبط قوانين العرض والطّلب، وحسن اختيار القيادات القائمة على الجوانب الاقتصاديّة في جميع الميادين، والعمل على توجيه الأوقاف للصّالح العام، وضبط الأسهم وتجارتها، والصّكوك والسّندات والصّناديق الماليّة والاستثمارية، وتجنّب الإنفاق المفرط على التّرفيه، والعمل على حسن الادّخار، وحسن استغلال ثروات الأرض على اختلافها في المعادن والزّروع ونحوها، وضبط القروض وتنظيمها بعيدا عن الرّبا، بما في ذلك تنظيم المعاملات الماليّة المرتبطة بأنشطة الإقراض والتّقسيط والإيجارات، والعقّارات، ومنع الاحتكار والجشع والغلاء غير المبرّر، ودخول سلع غير مطابقة للمعايير والمقاييس الدّوليّة (داغي، 2020).

والنّاظر في نواتج الانحرافات الاقتصاديّة كما تبرزها الأدبيّات العلميّة يمكنه أن يلاحظ انعكاساتها على أفراد المجتمع، بل وعلى العالم أجمع. فقد بيّنت دراسات كلّ من ستيرن عام 2000، ولطفي عام 1999، وأحمد وهيوبرد تكامب عام 2000، ولا ستنح وأرباس عام 2000، وسمك عام 1994 أنّ هناك شيئا من عدم العدالة التّنمويّة، وأنّ حالات الفقر ونسبه تزداد بين كلّ فترة وحين وبشكل متصاعد، هذا فضلا عن إشكالات متعدّدة تتعلّق بالوعي والعوائد الاقتصاديّة من التّعليم. وأظهرت دراسات صن عام 2004، ورودريك عام 2000، وحسن عام 1998، وعبد المولى عام 2003 وجود ثغرات مجتمعيّة معقّدة داخل المجتمع بسبب الاقتصاد السّياسي وتوابعه. أما دراسات (Tabeilini, person, 1994; Chiu,1998; Kulessa, 1998; Gsanger, 1999; Hongyi and others, 1998; Languor, 1995)، فقد اتّضح منها اكتساح الفوضى الاقتصاديّة للحياة المجتمعيّة، وتردّي القيم والعدالة والمساواة تقريبا في معظم حقول الحياة الاجتماعيّة جرّاء الزّيف الاقتصاديّ الكبير. بل حتّى فرص التّعليم لم تمكّن العديد من فئات المجتمعات من تحقيق الاكتفاء، وظلّت هذه الفئات ضمن الكادحين معظم سنوات عمرها. ولذلك يرى (Wilheim and Hemmer,1996).

أنّ البلدان النّامية في العديد من الجهات وقعت في أزمات اقتصاديّة قاسية بفعل الاقتصادات والسّياسات الاقتصاديّة غير المناسبة، وبفعل عدم توفّر عناصر الفهم الدّقيق والإدراك العميق والإبداع في التّفاعل مع حقيقة الاقتصاد.

ووفقا لنتائج دراسات كل من: (Galal and Meier, 2003; Mecclinlock, 2000; James and Others, 1996) فقد خضعت التّغيرات الاجتماعيّة الدوليّة والأداء الاقتصاديّ لجملة من الضّغوط، فتمخّضت عنها سلبيّات لا عدّ لها ولا حصر على الحياة الاجتماعيّة في أصقاع شتّى من الأرض. ومن هذا يتّضح أنّ الانجرافات الاقتصاديّة التي تتمثّل في الاقتصاد الطّفيليّ وبرامجه وتوجّهاته مسؤولة إلى حدّ كبير عن تراجع العدالة والمساواة، وعن اضمحلال العديد من القيم الأخلاقيّة التي ظلت قائمة لقرون طويلة رغم حالات الصّراع التي حدثت عبر التّاريخ.

الآثار الاجتماعية السّالبة للاقتصاد الطّفيليّ ودور التّربية في مواجهتها

ومن المعروف أنّ الرأسماليّة تقوم على عدّة أسس من أبرزها ترسيخ مبدا الملكيّة الخاصّة بشكل مفتوح، وفسح المجال لكلّ الأفراد لتنمية ثرواتهم، وضمان حريّة الاستهلاك (الحريّة وسيلة لتحقيق المصالح العامّة، الحرّيّة سبب لتنمية الإنتاج، الحرّيّة تعبير جوهريّ عن الكرامة الإنسانيّة)، ومع ذلك لم تتمكّن الرّأسماليّة من حل مشكلات اقتصاديّة عديدة، كما لم تتمكّن الاشتراكيّة من معالجة أنماط الخلل الاقتصاديّ في المجتمعات التي تدين بها. والاقتصاد الإسلاميّ يقوم على القيم لكنّه اقتصاد مهمّش استبدل بممارسات اقتصاديّة غير إسلامية. فهو اقتصاد يقوم على الرّقابة الرّبانيّة والرّقابة الذّاتيّة والتّوازن بين الماديّة والرّوحيّة، والتّوازن بين المصلحة الفرديّة والمصلحة الجماعيّة. ولذلك فإنّ الدّولة معنيّة بتوفير الحماية لأفراد المجتمع من كافة أشكال التّأثير السّلبيّ على مناشط الاقتصاد به، هذا فضلا عن أنّ الحرّيّة الاقتصاديّة في النّشاط التّربويّ الإسلاميّ ترسخ مبدأ التّقييد لصالح المجتمع، فلا يجوز بيع الغرر، ولا بيع الربا، ولا بيع القمار والميسر، مع ترسيخ الكفارات والصّدقات والقروض والهبات، ومنع اكتناز المال وحبسه عن التّداول، والنّهي عن صرف المال بغير حقّ في ترف أو سفه (أمين، 2014) وهنا لابد من أن يدرك النّاشئة والشّباب أنّ الحكمة في تحريم الرّبا هو أنه أخذ للمال من غير عوض وأكل لأموال النّاس بالباطل، كما أنّ آخذ الرّبا ينال المال دون تعب أو جهد، وإنّما يحصل عليه مقابل تعب الآخر، ودون أن يتعرّض ماله لربح أو خسارة، لذا فهذا ضرب من الاقتصاد الطّفيليّ، ويندرج تحت ذلك ما تقوم به بعض المؤسّسات من فرض ما يسمّى بالرّبح المركّب. وكثير من السّلع التي يتمّ التّعامل بها وفق مبادئ الاقتصاد الطّفيليّ لا تحفظ للنّاس مبدأ البقاء، كما أنّ معظم ممارسات الاقتصاد الطّفيليّ تشتمل على غشّ ظاهر أو باطن، ولا تؤدي لحفظ الأموال من الهلاك أو الضياع، هذا فضلا عن التّسبب في انعدام المعاملات الماليّة. ومن هنا تركّز التّربية الإسلاميّة على منع القصور عن العمل، وعلى السعي للبر والخير والإحسان، ومنع قطع التّعاون أو التّراحم، وتحريم الظّلم الاقتصاديّ  ويدخل تحته ربا الفضل وربا النّسيئة، والعبث والتّلاعب بالعقود، والتّفاخر بالمعاملات الماليّة المشبوهة أو المحرمة وكأنّ ذلك نوعاً من التّذاكي والمهارة، كما يدخل تحت ذلك التّفاوض والوساطات غير المشروعة والغرر، والغشّ، والتّدليس، وبخس المكاييل والموازين والحقوق دون العمل وفقا للتّوجيه الشّرعيّ في القرآن في قوله تعالى:﴿لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل﴾النساء، آية 29.

علاوة على ذلك، فإنّ المعاملات الماليّة وما يقع في عدادها التي تقوم على مبادئ الاقتصاد الطّفيليّ يترتب عليها آثار سلبيّة على المجتمع كحصول المذلّة والمهانة كما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم ” إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزّرع، وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذلّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ” وذلك لأنّ المسلمين شهداء الله على النّاس، لذا فإنّ العديد من المصاعب إلى تقع على الأمّة إنّما تحدث بسبب ما يقترفه أفراد المجتمع من سيئات ومكاسب غير مشروعة، قال تعالى: ﴿وما أصابكم من مصيبه فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير﴾ الشّورى، آية 30. وقال تعالى: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾، الأنفال، آية 53.

وتغطي الآثار السّالبة للاقتصاد الطّفيليّ العديد من المشكلات والمصاعب التي تتطلّب من التّربية الإسلاميّة مواجهتها مثل توعية الشّباب بالتّكاليف البيئيّة، وبمشكلات البطالة الهيكليّة، ومصاعب التّنافس الضريبيّ والسّعي لتجنّبه، هذا إلى جانب حماية المجتمع من هجرة الأدمغة والعقول من بعض الدّول، والاستمرار في فرض نظريّة التّفوّق بين الشّمال والجنوب لصالح الشّمال وانعكاساته والتّعامل مع الدّول وفقا لهذه النّظريّة.

كما لابدّ من أن تعنى التّربية الإسلاميّة بالعديد من المواضيع الاقتصاديّة الجوهريّة مثل التّجارة الحرّة، وتقليص نتائج عدم المساواة على الصّعيد الدّوليّ، وفورات الاقتصاد أو ارتفاع أو انخفاض الأسعار، وأهميّة زيادة الاستثمار الدّوليّ، ومشكلات حرّيّة تنقّل العمالة وانعكاساتها، وأهمّيّة الاقتصاد الرّقميّ وضوابطه وسلبيّاته ونحوها، وضرورة تعزيز العلاقات الدّوليّة الاقتصاديّة، وترشيد استخدام وسائل التّواصل الاجتماعيّ وضبطها، والتّنبّه إلى سبل اقتحام التّقنيات الرّقميّة للخصوصيّات الشّخصيّة بسبب الأجهزة الذّكيّة، وسوء استخدام هذه الوسائل في كشف الأسرار الأمنيّة، أو تأليب النّاس على الأنظمة أو على الشّخصيّات ونحوه ومن مراجعة نتائج الدّراسات العالميّة مثل دراسة (North, 1995) ودراسة (Gundlach, 1999) ودراسة (Todaro, 2000) ودراسة (Gwartney And Stroup ,1997) وغيرها يمكن القول إنّ الترّدّي الاقتصاديّ العالميّ يحتاج إلى تمكين التّربية الإسلاميّة من التّصدي لذلك.

وهناك اتّفاق بين العديد من الفقهاء المسلمين على أنّ من أهمّ قواعد التّربية الإسلاميّة التي تحكم المعاملات الماليّة المعاصرة ما يلي (شحاتة، 2006)

أولا: حسن النّيّة، فإذا كان منشأ المعاملة في القلب أوفي النّفس هو عمل يرضي الخالق جلّ في علاه ولا يسبب أذى لعباد الله، فإنّ ذلك يعد من روط تحقيق الصّحّة في المعاملات الاقتصاديّة بأنواعها.

ثانيا: من الواجب الالتزام بما قد يتمّ الاشتراط عليه في عقد أو عهد على ألّا يعارض ذلك الأصول الشّرعيّة، ولا يترتب على ذلك إحلال حرام أو تحريم حلال.

ثالثا: طالما أن الأصل في التّربية الإسلاميّة في المعاملات الاقتصاديّة هو الحلّ باعتبار أن هذه المعاملات تحقّق الحاجات الأصليّة للإنسان وللمخلوقات الأخرى، فيكون التّعامل الاقتصاديّ مباحا، ويجوز الاستثناء في حالات الضّرورة والحاجة المعتبرة شرعا ولم يوجد البديل الحلال كالدّواء والعلاج ونحوهما.

رابعا: تحتّم التّربية الإسلاميّة الاتّفاق والتّعاقد والالتزام بما يرد في ذلك من شروط تم التّراضي عليها طالما كان ما ورد من تعاقد أو شروط مباحا، أمّا إن كان في ذلك تدليس أو تغرير أو تقديم ضمانات غير موثوقة ونحو ذلك فهو شيء من الاتّفاقات والعقود الباطلة. وذلك يلزم في جميع أنواع العقود أن تكون الأمور واضحة ولا يكون فيها أشياء مبطّنة لا يدركها المتعاقدون.

خامسا: ما يتمّ التعارف عليه في المعاملات الاقتصاديّة طالما أنه حلال يكون كالمشروط شرطا. وفي هذه الحالة حتى وإن لم يتمّ تحديد الأجور والنّفقات وما يندرج تحت ذلك كالبقشيش، فإنّ ذلك يصبح بمجرى الشّرط.

سادسا: تحتّم التّربية الإسلاميّة في إبرام الاتّفاقات والعقود أن تكون مقاصدها ومعانيها هي الأساس الذي يبنى عليه وليس بعض المصطلحات المكتوبة.

سابعا: تؤكّد التّربية الإسلاميّة في المعاملات الاقتصاديّة أنّ الغرر الكثير يفسد العقود، ويندرج تحت ذلك تقديم معلومات وبيانات غير دقيقة أو غير صحيحة، واستخدام الخداع من أجل التّحفيز ويفسد العقد عند حدوث ضرر بالغ، وإذا كان الضّرر يسيرا يؤخذ بما يراه أهل العلم والاختصاص في تقدير الضّرر والتّعويض عنه.

ثامنا: يرى فقهاء الإسلام أن الجهالة توجب فساد العقود إذا كانت مفضيه إلى نزاع مشكل، حيث أنّ ورود شيء من عدم الوضوح بها حين الصياغة أو شيء من تجاهل بعض الأمور الواجب الاتّفاق عليها مما يصنع التّأويل والخلاف والنّزاع يعدّ إبطالا للعقود.

تاسعا: تؤكّد التّربية الإسلاميّة أنّ وسائل الحرام حرام. فاستخدام وسائل غير مشروعة في معاملات مشروعة يعد حراما، حتى الصّدقة بمال حرام غير مقبولة ولا تقبل الصدقة من غلول.

عاشرا: تؤكّد التّربية الإسلاميّة أنّ أكل المال بالباطل حرام. فلا يجوز مطلقا الاعتداء على أموال الغير ويندرج تحت ذلك (الغشّ، والغبن، والتّدليس، والرّشوة، والسّرقة، والتّزوير ونحوها)، ولا يدخل في ذلك الهديّة والتّبرّع والوصيّة والصّدقات ممّا يتمّ إخراجه عن طيب خاطر.

حادي عشر: تؤكّد التّربية الإسلاميّة أنّ اليسير الحرام معفوّ عنه في بعض الأحكام وفقا لما يقدّره الفقهاء من هذا اليسير على ألّا يتجاوز الحرام نسبة اليسير.

ثاني عشر / تؤكّد التّربية الإسلاميّة أنّه عندما يختلط المال المكتسب من حلال بالمال المكتسب من حرام فالواجب تقدير الجزء الحرام والتّخلص منه في وجوه الخير، ويكون الباقي حلالا، لكنّ التّصدّق بالكسب من وجه حرام محظور.

ثالث عشر: تؤكّد التّربية الإسلاميّة مدلولات قاعدة ” للأكثر حكم الكلّ ” حيث أنّ القليل يتبع حكم الكثير، ولا يكون تبعا للقليل خاصّة في حالات التّرجيح بين حكمين أو أمرين لرفع الحرج عن النّاس في معاملاتهم.

رابع عشر: من قواعد التّربية الإسلاميّة المنظّمة للمعاملات الاقتصاديّة وغيرها قاعدة ” المشقّة تجلب التيسير “، فإذا كان القيام بأمر ما يصنع المشقّة فيلزم البحث عن مخرج أو بديل للتّيسير.

خامس عشر: تؤكّد التّربية الإسلاميّة في المعاملات الاقتصاديّة قاعدة ” البيع بالتراضي ” حيث لابدّ أن تتمّ المعاملات على أساس التّراضي التّام بين الأطراف، ولذلك يبطل كلّ عقد أو اتّفاق يقوم على الإكراه أو الإذعان أو عدم توفّر شرط الأهليّة، كما لا يجب التّراضي على أمور غير مشروعة، أو التّراضي على التهرّب من أداء حقوق الغير، ويطبق ذلك على بيوع المساومة، والمرابحة، وبيع السّلم، وفي شروط التّسليم والسّداد والضّمان والرّهن وغيرها، وتحريم الاحتكار أو الاستغلال بجميع أشكاله في ذلك كله.

سادس عشر: تؤكد التّربية الإسلاميّة ضرورة المحافظة على مقاصد الشّريعة الإسلاميّة في جميع المعاملات الاقتصاديّة، وأن الأصل هو براءة الذّمة، وأن الدّيون إنّما تقضي بأمثالها، وأنّ الضّرورات تبيح المحظورات، وأنّ الحاجة تنزل منزلة الضّرورة، وأنّه لا ضرر ولا ضرار، وأنّ الضّرر يزال. ويدخل في هذه المقاصد النّيّة الصّادقة وحسن الخلق مع النّاس، ووجوب تطهير الأموال من الحرام بعد التّوبة الصادقة، وضرورة الالتزام بالأولويّات الإسلاميّة، ووجوب موالاة المؤمنين، والالتزام بالغنم وبالغرم في المشاركات، وجواز التّعامل مع غير المسلمين المسالمين عند الحاجة، وتجنّب المعاملات التي تلهي عن الفرائض، والتّورع عن الشّبهات، وضرورة المحافظة على الأموال، وحرمة المعاملات التي تفتح طرقا لتحقيق المفاسد وبطلانها، وأن تنمية الأموال تكون بالاستثمار المشروع، وأن الاستغفار مهمّ لتحقيق البركة في المال، حيث تحقّق مراعاة هذه المقاصد الشّعور بالارتياح القلبيّ والنّفسيّ، وزيادة الأرباح وتجنّب الضّنك والوقاية من ارتكاب الذّنوب والمعاصي والرّذائل الاقتصاديّة، وتجنّب الشّك والرّيبة والخصام والشّجار بين المسلمين، والمحافظة على روابط الأخوّة الإسلاميّة، وسلامة المعاملات، والاستقرار، ونشر قيم الإسلام وفضائله وتحسين وسائل الدّعوة والوعظ والإرشاد، ووضع الأنظمة واللّوائح المناسبة وإعادة النّظر فيما هو قائم ممّا لا يتّفق مع الضّوابط الشّرعيّة. علاوة على ذلك يلزم تربية النّشء على فهم هذه القواعد والضّوابط وإدراك مغازيها وعللها وأحكامها وأثرها عليهم وعلى أسرهم وعلى بلادهم وأمّتهم، بل وعلى العالم أجمع.

والتّربية الدّوليّة الحديثة مطالبة باتّخاذ الاجراءات الكفيلة بتصحيح الزّيف العالميّ حيث إن دور التّربية الدّوليّة في ضوء التّربية الإسلاميّة في مواجهة الآثار السّلبيّة للاقتصاد الطّفيليّ يتمثّل في الآتي:

  1. دعم التّربية الإعلاميّة لفلسفة المجتمعات الجديدة التي تساير الزّمان والمكان
  2. إرساء دعائم السّلام من خلال التّعاون الدّوليّ في التّربية وفي الجوانب الاجتماعيّة.
  3. دور التّربية في تنمية المجتمع المستدامة، وذلك وفقا للمعايير الضّابطة لذلك.
  4. إرساء القيم الخلقيّة العالميّة التي يتقاسمها العالم ودعمها قانونيّا.
  5. ترشيد السّلوك الاقتصاديّ الذي أصبح مسؤولا عن زيادة المشكلات الاقتصاديّة.
  6. تنمية المواهب لدى النّاشئة والشّباب والأخذ بالأساليب العالميّة المتطوّرة في ذلك.
  7. ترسيخ العدالة الإنسانيّة وفقا للتّوجيهات الشّرعيّة.
  8. تحسين الفرص المهنيّة للعاطلين عن العمل والإبداع في ذلك.
  9. دعم ثقة الأمم والشّعوب ببعضها البعض حيال الأنشطة الاقتصاديّة محليّا وعالميّا.

10- تنويع فرص التّربية الاقتصاديّة في المعاهد والجامعات.

11- تقديم المشورة التّربوية للمؤسّسات الإنسانيّة لرفع مستوى النّظام التّربوي.

12- تبيان انعكاسات الاقتصاد الطّفيليّ على القيم الخلقيّة بشكل واضح جليّ أمام أعين الجميع.

وتتطلب التّوجهات التّربوية الإسلاميّة لمواجهة سلبيّات الاقتصاد الطّفيليّ العديد من البرامج والأنشطة على النّحو الآتي:

  1. تربية الأبناء على مفاهيم الاقتصاد الإسلاميّ واعتباره حلّا لمشكلات العالم الاقتصاديّة.
  2. تشكيل سلوك الفرد فيما يتعلّق بعناصر العمليّة الاقتصاديّة بما يتّفق مع أنماط السّلوك الإسلاميّ بشكل عام.
  3. معرفة الأسباب المشروعة لكسب الدّخل وتملكه وإنمائه بالشّروط الصّحيحة.
  4. التّربية الأخلاقيّة الاقتصاديّة (تحريم حب المال ورفع الأسعار والإنفاق المحرم على الخمور وغيرها، والإسراف والتبذير، وتحريم الدّوافع النّفسيّة لهذه السلوكيات).
  5. عدم تناول كلّ ما هو محرّم أو مضرّ وتجنّب الإغراءات الاقتصاديّة والملهيات.
  6. تربية الفرد نفسيّا وإراديّا على حبّ العمل وتحمّل مسؤوليّاته.
  7. تربية الأفراد على التّكافل الاجتماعيّ ومدلولاته المحلّيّة والدّوليّة.
  8. التّدريب العمليّ على السّلوك والتّعامل الاقتصاديّ وفق المبادئ الإنسانيّة الدّوليّة
  9. الإعداد للتّهيئة للعمل والوظيفة بموجب المعايير المناسبة لظروف الجميع.

10- حسن استثمار الوقت والطّاقة في العمل والإنتاج والبعد عن أعمال السمسرة والرّبا والاحتكار ونحوها.

11- تحقيق النّموّ الأخلاقيّ الاقتصاديّ في جميع الميادين.

12- التّوعية بالمشكلات الاقتصاديّة التي يعاني منها المجتمع المحلّيّ والدّوليّ.

13- تحقيق النّمو في القدرات والمهارات المساندة للنّشاط الاقتصاديّ الإنسانيّ.

14- التّحرّر من مفاهيم كنز المال وحبسه عن مصارفه ومن الخوف على الأموال والإسراف والتّبذير، ويكون إمساك المال لجزء منه لسدّ الاحتياج.

15- التّحرّر من استغلال الأغنياء للفقراء، والتّوعية بمفهوم الثّراء في التّربية الإسلاميّة (بلبكاي، 2014).

16- تسليط الضّوء على نماذج القدوة الاقتصاديّة الإسلامية وإنجازاتها في الساحة العالمية.

17- ترسيخ حقيقة أنّ التّربية الاقتصاديّة الإسلاميّة هي من أبرز عناصر الدّين الإسلاميّ.

18- السّعي لإكساب الجيل الجديد مهارات التّواصل في الشّؤون الاقتصاديّة مع الآخرين، وإظهار معالم التّربية الاقتصاديّة في الإسلام.

19- ترسيخ مبادئ التّنشئة الاقتصاديّة لدى النّاشئة (تعليم الفرد إدارة موارده بكفاءة)، مع مراعاة العلاقة القويّة بين الدّين والاقتصاد، وإحياء فقه الاقتصاد الإسلامي في العقول وفي السّلوك لإدراك الضّوابط والمعايير التي توجّه الممارسات الاقتصاديّة في الحياة الدّارجة.

20- تأكيد الأهمّيّة التّربويّة الاقتصاديّة دينيّا ودنيويّا وماديّا ومعنويّا، وتفهّم خصائص التّربية الاقتصاديّة وقواعدها (التركاوي، 2013).

21- فهم المقصود بالرّفاه وجودة الحياة في المنظور التّربويّ الإسلاميّ.

22- توسيع نطاق الفهم للحياة الماديّة في ضوء المعايير والضّوابط التي ارتضاها الله لعباده وتبادل هذا الفهم مع الآخرين في المجتمعات التي تلعب الماديّة دورا مؤثّرا فيها.

8-    خاتمة:

مما سبق يتّضح أنّ الاقتصاد الطفيليّ يمثل منحى خطيرا على الإنسانية، لا سيّما أنه يتزايد بشكل مذهل، والتربية عموما، والتربية الدولية خصوصا هي أحد المداخل التي يمكن توظيفها في مواجهة الآثار السّلبية لهذا النوع من الاقتصاد في إطار معايير التربية الإسلامية التي هي في جذورها عالمية الطّابع والمضمون، حيث يقتضي ذلك نشر ثقافة الاقتصاد الآمن للناس أجمعين في مختلف المحافل التربوية وعبر القنوات المختلفة دونما تشدّد أو تردّد أو تخاذل، ذلك أن تعميم هذه المبادئ التربوية الإنسانية العالمية هو جزء من المناشط الجوهرية للتربية الدولية المعاصرة التي تركز على حقوق الإنسان، وثقافة السلام، والتسامح، والحوار، وتقبل الآخر وغيرها .


المراجع:

العربية:

  • إبراهيم، خديجة عبد العزيز على (1996) الوعي بالعائد الاقتصادي من التعليم ” دراسة ميدانية”، رسالة ماجستير، كلية التربية بسوهاج، جامعة جنوب الوادي.
  • الأبرشي، محمد رياض، ونبيل مرزوق (2000) الخصخصة – آفاقها وأبعادها، دار الفكر المعاصر، بيروت.
  • إسلام ويب (2021) العولمة والتّربية آفاق مستقبليّة (مظاهر العولمة في البلاد العربيّة، مظاهر العولمة الاقتصاديّة ومتطلّباتها التّربويّة، الجزء رقم (1) في 2021/26/6.
  • امارتيا، صن (2004) التّنمية حريّة – مؤسّسات حرّة وإنسان متحرّر من الجهل والمرض والفقر، ترجمة شوقى جلال، عالم المعرفة، رقم 303، مايو 2004.
  • إيمانويل، بالداكش، لويز دى ميللو، غابر يللا إنتشوستى (2002) الأزمات الماليّة والفقر وتوزيع الدّخل، مجلّة التّمويل والتّنمية، صندوق النّقد الدّولي، يونية، 2002.
  • بلبكاي، جمال (2014) تربية الأبناء على مفاهيم الاقتصاد الإسلاميّ، مداخلة ألقيت خلال المؤتمر العلميّ الدّوليّ السّابع لكليّة التّربية جامعة واسط بالعراق، مارس 2014.
  • البنك الدوليّ (2012) النّموّ الاقتصاديّ والجوع وسوء التّغذية (حالة انعدام الأمن الغذائيّ في العالم).
  • التّركاوي، كيندة حامد (2013) التّربية الاقتصاديّة في الإسلام وأهميّة النّشئ الجديد، الطبعة الأولى، دار إحياء للنشر الرقمي.
  • جمال، إبراهيم حسن (1988) التّحوّل إلى اقتصاد السّوق وأثره على البعد الاجتماعي للسياسة الماليّة في مصر خلال الفترة (1973-1988) مجلة البحوث التّجاريّة المعاصرة كليّة التّجارة بسوهاج، بسوهاج، جامعة جنوب الوادي، المجلد الثاني عشر، العدد الأول، يونية، 1998.
  • حبيب، سامي ولسن (1995) أثر الإنفاق العامّ على معدل النّموّ الاقتصاديّ مع دراسة تطبيقيّة عن مصر، رسالة دكتوراه، كلّيّة الاقتصاد والعلوم السياسيّة، جامعة القاهرة.
  • الحركة التّقدميّة الكويتيّة (2020) الاقتصاد الطّفيلي يجلب ملايين العمّال ويستغلهم ببشاعة في 5 مايو، 2020 محليّات/الحركة-التّقدميّة-الاقتصاد-الطّفيلي-يجلب-ملايين-العمال-ويستغلهم-ببشاعة https://www.alraimedia.com/aricledia/889433/
  • الخطيب، محمد شحات (1437) التّربية الدّوليّة أنموذج البكالوريا الدّوليّة، سلسلة التّربية من أجل السّلام (5)، بيسيتي، الطّبعة الأولى الرّياض.
  • دانى، رودريك (2000) النّموّ أم إنقاص عدد الفقراء – جدل عقيم، مجلة التّمويل والتّنمية، صندوق النّقد الدّوليّ، ديسمبر.
  • الدّسوقي، على الدّين هلال (1993) الإطار السياسي لقضية توزيع الدّخل في مصر، الاقتصاد السياسي لتوزيع الدّخل في مصر، تحرير جودة عبد الخالق، الهيئة المصريّة العامة للكتاب، القاهرة.
  • رزم، جورج (2015) النّموّ الطّفيليّ في المداخيل وتعميق حالة اللّاتنمية مجلة آفاق الإلكترونيّة، العدد 73 ن نيسان 2015، مركز العمل التّنمويّ، فلسطين https://www.maan-ctr.org/magazine/article/658/
  • رمزي، زكى (1997) الاقتصاد السياسي للبطالة – تحليل لأخطر المشكلات الرّأسماليّة المعاصرة، عالم المعرفة، أكتوبر.
  • ستيرن، نيكولاس (2000) توسيع جدول أعمال تخفيض أعداد الفقراء – زيادة الفرص والتّمكين والأمان، مجلة التّمويل والتّنمية، صندوق النّقد الدّوليّ، ديسمبر.
  • سمك، نجوى عبد الله (1994) إمكانيّة التّحول إلى القطاع الخاصّ في الصّناعات التّحويليّة في جمهوريّة مصر العربيّة، رسالة دكتوراه، كليّة الاقتصاد والعلوم السياسيّة، جامعة القاهرة.
  • شحاتة، حسين حسين (1441) الضّوابط الشّرعيّة للمعلّمات المعاصرة، محاضرة بجامعة الأزهر الشّريف، القاهرة، مصر.
  • شحاتة، حسين حسين (1440) الالتزام بالضّوابط الشّرعيّة في المعاملات الماليّة، الطّبقة الأولى، دار التّوزيع والنّشر الإسلاميّة.
  • شحاتة، حسين حسين(1441هـ) الاقتصاد الإسلاميّ بين الفكر والتّطبيق، القاهرة، مصر.
  • الشّهري، فايز بن عبدالله (2021) الاقتصاد الطّفيليّ في عصر التّقنية، جريدة الرّياض (htps://www.alriyadh.com/24422 )
  • شييريل د، جرى، دانيال كوفمان (1998) الفساد والتّنمية، مجلة التّمويل والتّنمية، صندوق النّقد الدّولي، مارس 1998.
  • صلاح الدّين، سهير (1989) الآثار الاجتماعيّة للانفتاح الاقتصاديّ في مصر ” دراسة نظريّة تطبيقيّة ” رسالة دكتوراه كلية الآداب، جامعة المنيا.
  • صندوق النقد الدّولي (2019) تقرير آفاق الاقتصاد العالميّ، أبريل، 2019 https://www.imf.org/publications/weo/issues/2019/03/28/world-economic-outlook-april-2019
  • عبد الفتّاح، عبد الرّحمان عبد المجيد (1985) تخصيص الموارد في نطاق الاختيار الاجتماعيّ، المجلة المصرية للدّراسات التّجاريّة، كلّيّة التّجارة، جماعة المنصورة.
  • عبد الفضيل، محمود (2005) العولمة والفقر وعدم المساوة في المنطقة العربيّة، ورقة مقدّمة على اجتماع خبراء اللّجنة الاقتصاديّة والاجتماعيّة لغربي أسيا حول تأثير العولمة على الوضع الاجتماعيّ في المنطقة العربيّة (بيروت 19-21 ديسمبر، 2005).
  • عبد المولى، سميّة (2003) سياسات التّعليم والتّدريب وإصلاح سوق العمل في مصر، المؤتمر الثّامن لقسم الاقتصاد، كليّة الاقتصاد والعلوم السّياسيّة، جامعة القاهرة، أبريل.
  • على، توفيق الصّادق، وليد عدنان الكردي (2001) دور الحكومات الإنمائي في ظلّ الانفتاح الاقتصاديّ، معهد السّياسات الاقتصاديّة، سلسلة بحوث ومناقشات حلقات العمل العدد السّادس لعام 2000، صندوق النّقد العربيّ.
  • عمارة، محمد (2010) مقصلة الرّأسماليّة الطّفيلية مقصلة-الرأسماليّة-الطّفيليّة /https://www.al-madina.com/article/20704
  • عويس، أمين (2014) النّظام الاقتصاديّ والثّقافة الاجتماعيّة العلاقة والإفرازات، الطّبعة الأولى، دار إحياء للنّشر الرّقمي.
  • عويضة، محمد عبد السّلام (2004) الطّريق الثّالث للخروج من دائرة الاستبداد والتّخلف، مركز الأهرام للتّرجمة والنّشر، مؤسّسة الأهرام، القاهرة.
  • كلاوس، دانينجر، لين سكواير (1997) النّموّ الاقتصاديّ وعدم المساواة في الدّخول: إعادة بحث الصّلات بينهما، مجلة التّمويل والتّنمية، صندوق النّقد الدّولي، مارس.
  • لاستنج، نورا، عمر أرباس (2000) الحدّ من الفقر (أمريكا اللاتينية والكاريبي )، مجلة التّمويل والتّنمية، صندوق النّقد الدوليّ، ديسمبر.
  • لطفي، على (1999) دور الدّولة في التّنمية في ظلّ الاقتصاد الحرّ مع إشارة خاصّة إلى مصر، المؤتمر العلميّ الحادي والعشرين للاقتصاديّين المصريّين، الجمعيّة المصريّة للاقتصاد السّياسيّ والإحصاء والتّشريع، القاهرة، أكتوبر.
  • مايكل – ب كين، ازوارس براساد (2001) بولندا – عدم المساواة والتّحويلات والنّموّ في الفترة الانتقاليّة، مجلة التّمويل والتّنمية، صندوق النّقد الدّوليّ، مارس.
  • مسعود، أحمد، هيوبرد تكامب (2000) مساندة تقليل الفقر في الدول النّامية منخفضة الدّخل – استجابة المجتمع الدّوليّ، مجلّة التّمويل والتّنمية، صندوق النّقد الدّوليّ، ديسمبر.
  • معهد التّخطيط القوميّ (2003) العدالة في توزيع ثمار التّنمية في بعض المجالات الاقتصاديّة والاجتماعيّة في مصر ” دراسة تحليليّة ” سلسلة قضايا التّخطيط والتّنمية، رقم 168، معهد التّخطيط القوميّ، القاهرة، يوليو، 2003.
  • يونس، كريم (2020) الاقتصاد الطّفيليّ والاقتصاد الإنتاجيّ، في 16 نوفمبر 2020. https://www.facebook.com/259623514081392/posts/3547820301928347/

الأجنبيّة:

  • Ahmed, Galal, (2003) Social Expenditure and the Poor in Egypt, Eorking paper No. 89, this paper was presented at the ECES Conference on “Fiscal Sustainability and Public Expenditure in Egypt”, which was held in Cairo on October 19-20, 2003.
  • Al-Nakeeb, Basel (2016) Two Centuries of Parasitic Economics: The Strussle for Economic and Political Democracy.
  • Brent, Mecclinlock (1996) “International Trade and Governance of Global Markets-Impolitical Economy for the 21st. Century”, Edited by: Charles J. Whalem, New York 1996.
  • Dougles,North (1995) Institution: Institutional Change and Economic Performance, Cambridge University Press, London.
  • Erich, Gundlach (1999) The Economic Growth of Nations in Twentieth Century, Economics, Institute for Scientific Co-operation, Tubingen, Federal Republic of Germany, Vol. 60, 1999.
  • Erlanger, steven (2001), “In Europe, Some Say the Attacks Stemmed from American Failings,” New York Times, September online edition.
  • Gerald M. Meier and James E.Rouch,(2000) Leading Issues in Economic Development, Seventh Edition, Oxford, Oxford, University Press, New York, 2000.
  • Hanauer, Nick (2016) Confronting the Parasit Econom, The American Prospect, U.S.A.
  • Hans, Gsanger (1999) Basic Social Services, Economic Growth and Poverty Alleviation: Remarks Concerning the Discussion on the 20/20 initiative, Economics, A Biannual Collection of Recent German Studies, Vol.59 ,1999.
  • Hoseyn, Shari’atmadari editorial, (1997) “Parasites,” Tehran Keyhan, August 10, 1997, p. 2, translated by Foreign Broadcast Information Service, Document ID: FTS19970820000653.
  • International Monetary Fund, Egypt: Beyond Stabilization, Toward a Dynamic Market Economy, Washington DC: International Monetary Fund, 1998.
  • James D.Gwartney, Richard L.Stroup, A.H. Studenmund, Russells Sobel, (1997) “Economics-Private and Public Choice” Eight Edition, The Dryden Press, U.S.A.,1997.
  • Katz, bruce and david jackson (2004) purging the parasitic economy, brookings, tuesday, sep.7,2004.
  • Kempe, Ronald Hope (1996) Development in the third World-Form Policy Failure to Policy Reform,E. Sharpe, New York, 1996.
  • Levy, David and Sandra Peart (2002) Parasite Economy, FEE, Satarday, June 1,2002.
  • Margareta, E.Kulessa (1998) The Economic and Social Effects of Structural Adjustment Policy: Theory and Practices, Economics, Vol.58, 1998
  • Merilee, S.Grindle (1996) “Challenging the State: Crisis and Innovation in Laten American and Africa, Cambridge, “ MA: Cambridge University Press.
  • Michael, P.Todaro (2000) Economic Development, Seventh Edition, Addison-Wesley, New York.
  • Peter, Lanjouw and Martin Ravallion (1995) Poverty and Household Size, The Economic Journal, Royal Economic Society, Vol.105, No. 433, Novermber, 1995.
  • Rainer, Wilheim and Hans, Rimbert Hemmer (1998) Poverty Effects in the Transition to a Market Rconomy: Institute for Scienitic Co-operation, Tubingen, Federal Republic of Germany, Vol.57, 1998.
  • Raquel, Fernandez and Richard Rogerson, (1998) Public Education and Income Distribution: A Dynamic Quantitative Evaluation of Education-Finance Reform, The American Economic Review, Vol.88, No. 4, 1998.
  • Al-Mukhtar, Salah, Editor (1995) “What Does Exporting Democracy on Tank Turrets Mean?” Al-Junhuriyah, October 9, 1995, pp. 1,6, translated by FBIS, Document.
  • Sereg El-Din (1995) Tacking the Social Dimension of Adjustment in Africa, Finance and Development, I.M.F, World Bank, September, 1995.
  • Carlyle, Thomas, The French Revolution: A History (New York: Heritage Press, 1956 [1837]), p.61.
  • Torsten, Persson and Guido Tabellini, Is Inequality Harmful for Growth, The American Economic Review, Vol. 84, No.3 June, 1994.
  • Chiu, W.H. (1998) Income Inequality, Human Capital Accumulation and Economic Performance, The Economic Journal, Royal Economic Society, Vol.108, No. 446, January, 1998
  • Wilson, david (2010) performative neoliberal-parasitic economic: the chicage international journal of urban and regional research/ volume 35, issue 4 / p. 691-711

مراجع الكترونية:

  • تايلور تيموثي، (2019)، علاقة الاقتصاد بالقيم الأخلاقية “1من 3” الجمعة 27 ديسمبر 2019؛ https://www.aleqt.com/2019/12/27/article_1735921.html.
  • تايلور تيموثي، (2019)، علاقة الاقتصاد بالقيم الأخلاقية “2من 3” الاثنين 30 ديسمبر 2019؛ https://www.aleqt.com/2019/12/30/article_1737201.html.
  • تايلور تيموثي، (2020)، علاقة الاقتصاد بالقيم الأخلاقية “3من 3” الجمعة 3 يناير 2020؛ https://www.aleqt.com/2020/01/03/article_1739616.html.
  • 1- تايلور تيموثي، (2020)، علم الاقتصاد .. المنفعة وتحقيق المكاسب، الاربعاء 1 يناير 2020؛ https://www.aleqt.com/2020/01/01/article_1738506.html.
  • المصري، رفيق يونس (2021) غياب الأخلاق وأثرها في إنهيار النظام الاقتصادي العالمي، الموسوعة الإسلامية في 1 يوليه 2021 (21 ذو القعدة 1442)؛ ly/TFIb.
  • الناصري، إبراهيم (2010) تمدد المدن والاقتصاد الطفيلي،ly/5HB4.
  • Basil Al-Nakeeb, Two Centuries of Parasitic Economics: The Struggle for Economic and Political Democracy on the Eve of the Financial Collapse of the West, CreateSpace Independent Publishing Platform; 1er edición (24 Mayo 2016), URL: ly/zWgs
  • Stossel, john (2015) the parasite economy, reason. Com 24/6/2015, url: https://reason.com/2015/02/04/the-parasite-economy/

مقالات أخرى

ملامح السّرد المقاوم

التّعليم عن بعد

إشكاليّة العدالة والدّيمقراطية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد