1- تقديم:
ما زلت أؤمن ، بل ربما أكثر من ذي قبل ، بأن ظاهرة التطرف، أضحت ظاهرة بارزة في واقعنا المعاصر ، واتخذت أبعاد دينية وسياسية ومجتمعية خطيرة ، كانت لها أعراف وخيمة ، ونتائج سيئة ، وانعكاسات سلبية علي وطنا العربي بصفة خاصة ، والإنسانية بصفة عامة ، علي جميع المجالات والميادين والأصعدة والمستويات ، وقد أدت هذه الظاهرة غير الصحية ، أو الظاهرة الدخيلة علي واقعنا العربي المعاصر إلى ظهور مجموعة من السلوكيات الشائنة غير الشرعية وغير المقبولة قانوناً ، مثل العنف ، والغدر، والتعصب، والإرهاب، والترويع، والتخويف ، والتقتيل، وزرع الفتنة،، وتهجير الساكنة الآمنة، وطردها من بلادها الأصلية ، ورفض الحوار والاختلاف والحجاج ، والميل نحو عدم التسامح والتعايش مع الغير أو الآخر (1).
ولا يعني هذا أن ظاهرة التطرف مرتبطة ببعض الأفراد والجماعات المتشددة والمغالبة في مجتمعنا العربي – الإسلامي فحسب ، بل هي ظاهرة بارزة ومنتشرة كذلك في المجتمعات الغربية ، والمجتمعات الإنسانية كلها ، منذ بداية التاريخ الإنساني ، وبالضبط مع قتل قابيل لهابيل تعبيراً عن فكره ” المتطرف” ، وتعصبه لرأيه المتشدد قصد الاستحواذ بأخته الجميلة للتزوج بها ، دون أخيه الذي فضله الله عليه بسبب تواضعه الجم، وسماحته النيرة ، وتدينه الصادق ، وسخاء قرابينه، وبهذا يكون قابيل قد ارتكب أول جريمة في تاريخ البشرية والإنسانية باسم الغلو ، والتشدد، والتنطع، ، ولكن لا علاقة بالتطرف ، بأي حال من الأحوال ، بالأديان والشرائع السماوية التي منعت التطرق والتشدد والغلو بشكل واضح وجلي ، ونهت عنه جملة وتفصيلاً (2).
وأما عن التطرف الفكري فقد برز في وقت مبكر من تاريخ المجتمع البشري ، حتي قبل أن تنعقد التركيبة الاجتماعية ، سواء في منظومتها الفكرية أو في وسائلها الحياتية ، لأن في أسباب التطرف الفكري ما ليس رهنا بالتركيبة الاجتماعية المتطرفة ، وإنما يتجسد في البيئة الساذجة علي وجه التحديد. ولطالما وجد التطرف الفكري لا كحالة في الفرد والمجتمع وإنما كظاهرة اجتماعية تتسع وتضيق حسب عوامل نشوئها ، وحجم تفاعل هذه العوامل وتأثيرها ، ولم يقتصر ذلك علي صعيد معين من أصعدة الحياة ، وإنما يكاد يشمل أو يشمل بالفعل جميع الأصعدة ، لأن التطرف الفكري يتحقق أينما تحقق سببه وعلي أي صعيد (3).
إن للتطرف الفكري وجهين ، أحدهما مكشوف والآخر مقنع ، فكما يوجد التطرف الفكري المكشوف ، والذي يمكن تشخيصه دون تعقيد ، وكذلك هناك التطرف الفكري المقنع الذي تضيع معه البصلة ، لا سيما إذا أتخذ صيغة علمية ، وظهر بوجه حضاري ، فيترك تأثيراً كبيراً وخطيراً في الشعوب والمجتمعات ، وربما يصل إضلاله حد تصور أنه النهج الصحيح ، وما عداه هو الشذوذ والخطأ (4).
ولقد عرف الخطاب العربي – الإسلامي المعاصر أشكالاً متعددة عن التطرف الفكري ، وتناولته وجهات نظر فكرية ، وإيديولوجية مختلفة باختلاف المراحل التاريخية التي مرت بها الثقافة العربية- الإسلامية ، ولأن الخطاب هو المقول عن القول الذي أسسته قراءة تحتاج إلي تعددية النقد والتأويل والتعامل معها إيجاباً وسلباً ، فقد تأسس الخطاب منذ عصر النهضة مع الإمام “محمد عبده” إلي اليوم علي مقولتي ” الأصالة والمعاصرة” ، ورغم أنه يظهر نظرياً أعمق تفاعلاً مع نصوصه وأكثر انفتاحاً علي الآخر ، ورغم ضخامة المشروع النهضوي ، وأهمية أسئلته، فإنه لم يحقق المأمول والمقاصد ، لأن الأخذ عن الغرب العلماني كان يقابله التمسك بخطاب إسلامي متضخم متصل بالنموذج الإسلامي المطلق ، ذلك أنه عندما ينطلق هذا الخطاب من المستقبل ليولي وجهه نحو الماضي ، فإنه إنما يعبر عن عجزه عن ممارسة السياسة في الحاضر الشئ الذي يفقده القدرة علي بناؤ حلم مطابق ، علي إضفاء نوع من الواقعية علي طموحاته (5).
ولهذا ، لم يتحقق خلم النهضة الإسلامية وما تلاها من محاولات التحرير والتنوير ولم يتمكن الخطاب الديني من فهم الواقع الإسلامي والإجابة عن أسئلة المرحلة ، فظل مغلقاً متعثراً دون أن يستجيب لنداء التغيير ، أو ينفتح نفق النقد والتأسيس لخطاب ديني جديد ، يمكن أن يكون أفقاً للتعبير عن روح المشروع الإسلامي ، من عمق هذه الأزمات المتلاحقة ، كان مطلب التجديد مطلباَ ملحاً علي الفكر الإسلامي ، ليس لأجل التجديد ، وإنما لأجل ملء الفراغ الروحي والمادي ، وتخطي اللوث الميتافيزيقي الذي أحاط بالعقل ورمي به إلي هاوية الانحطاط والسقوط ، يصبح التجديد هو الغاية وهي المساهمة في تطوير الواقع وحل مشكلاته والقضاء علي أسباب معوقاته وفتح مغاليقه التي تمنع أي محاولة لتطويره (6).
لماذا لم يتمكن الخطاب الديني الإسلامي من تجديد أفقه المعرفي ، وتأسيس رؤية أنطولوجية تقوم علي النقد والمجاوزة ، وعلي تحرير النص من لوث القديم الذي لم يعد قادراً علي الإبداع والتعبير عن أسئلة الواقع الإسلامي ، ولم تكن المشاريع التجديدية منذ النهضة ترفع تجديداًَ ثورياً يأتي علي كل شئ ويسأل كل المقدسات ويقوضها ويفكك أيقوناتها ، وينشد السعي إلى تغيير كل شئ من أساسه ، وضمن هذه المشاريع النهضة إلى التجديد الفكري ، وإلى تحرير الخطاب الديني الإسلامي من الرشح الأصولي الميتافيزيقي ، ومن اغترابه في حداثة غربية معطوبة متمركزة حول ذاتها ، خلعته عن واقعه واسقطت وجوده في النسيان ، يسعي الفيلسوف المصري الأستاذ الدكتور “محمد عثمان الخشت” إلى المساهمة في نقد العقل الفقهي اٌلإسلامي وتفكيك خطابه الأصولي مستفيدا من الرجوع للينابيع الأولي من الكتاب والسنة وما اتفق عليه فيه السلف والخلف الصالح ، متسلحا بسلاح خبرته الطويلة في مجال الفلسفة الحديثة والمعاصر وفلسفة الدين ومقارنة الأديان.
2- التعريف بالمؤلف:
يعد الأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت ، واحداً من كبار المفكرين المصريين المتخصصين في فلسفة الين القلائل الذين تعاملوا مع الفلسفة بروح تجديدية منفتحة ، وهو من الفلاسفة الذين لا يثيرون الجدل بكتاباتهم بقدر ما يثيرون الإعجاب ، ويدفعون إلى التأمل (7) ، وهو يشغل الآن رئيس جامعة القاهرة ، وهو رائد في فلسفة الأديان في العالم العربي ، وأول من وضع يده علي العناصر العقلانية وغير العقلانية في الدين من خلال كتابه المعقول واللامعقول في الأديان ، قال عنه المفكر الكبير الدكتور ” حسن حنفي” (في مقدمته لكتاب العقل وما بعد الطبيعة) قال :” إن روح الفارابي تعود من جديد في محمد عثمان الخشت” ، وهو موسوعي الثقافة، يجمع بين التعمق في التراث الإسلامي والفكر الغربي. تتميز مؤلفاته بالجمع بين المنهج العقلي والخلفية الإيمانية. له كتابات مرجعية في أصول الدين والمذاهب الحديثة والمعاصرة.
ولد الدكتور محمد عثمان الخشت في الأول من يناير لسنة 1964م، ودخل قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، ثم أصبح الخشت مُعيدًا بدايةً من عام 1986م، وترقى إلى درجة مُدرس مُساعد بعدها بأربع سنوات عقب حصوله على درجة الماجستير. ثم في عام 1993م، نال درجة الدكتوراه وأصبح مُدرسًا بالكلية ذاتها. إلى أن أصبح أستاذًا مُساعدًا عام 2003 م عقب قيامه بأبحاث الترقي، إلى أن وصل إلى الأستاذية عام 2008 م بعد استيفائه مُتطلبات الدرجة.
كان محمد الخشت متميزاً في دراسة فلسفة الدين في مصر، والعالم العربي؛ حيث استطاع ببحوثه ومؤلفاته أن ينقل لنا البحث في فلسفة الدين من مجرد التعريف العام بها، أو الحديث الخطابي عنها – إلى مستوي دراستها دراسة موضوعية، تحليلية – مقارنة . وقد كان في هذا صارماً إلى أبعد حد: فالنص الفلسفي لديه هو مادة التحليل الأولي، ومضمونه هو أساس التقييم، والهدف منه هو الذي يحدد اتجاه صاحبه.
علاوة علي أن محمد الخشت يجمع بين التعمق في التراث الإسلامي والفكر الغربي. وتقدم أعماله رؤية جديدة لتاريخ الفلسفة الغربية تتجاوز الصراع التقليدي منذ بداية العصور الحديثة؛ وتتميز مُؤلفاته بالجمع بين المنهج العقلي والخلفية الإيمانية ونسج منهجًا جديدًا في فنون التأويل يجمع بين التعمق في العلوم الإنسانية والعلوم الشرعية وتاريخ الأديان والفلسفة.
ولد الدكتور محمد عثمان الخشت في الأول من شهر يناير لعام 1964، ودخل قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، ثم أصبح الخشت مُعيدًا بدايةً من عام 1986، وترقى إلى درجة مُدرس مُساعد بعدها بأربع سنوات عقب حصوله على درجة الماجستير. ثم في عام 1993، نال درجة الدكتوراه وأصبح مُدرسًا بالكلية ذاتها. إلى أن أصبح أستاذًا مُساعدًا عام 2003 عقب قيامه بأبحاث الترقي، إلى أن وصل إلى الأستاذية عام 2008 بعد استيفائه مُتطلبات الدرجة.
وبلغت مُؤلفات الخشت (من آخر تصنيف موسوعة ويكبيديا) عدد (41) كتابًا منشورًا و(24) كتابا مُحققًا من التراث الإسلامي، مع عدد (28) من الأبحاث العلمية المُحكمة المنشورة، و(12) دراسات منشورة في مجلات عربية؛ ونذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر : روجيه جارودي: نصف قرن من البحث عن الحقيقة، حركة الحشاشين: تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي، مدخل إلى فلسفة الدين، مقارنة الأديان: الفيدية، البرهمية، الهندوسية، الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم، فلسفة العقائد المسيحية، أقنعة ديكارت العقلانية تتساقط، العقل وما بعد الطبيعة بين فلسفتي هيوم وكنط، فقه النساء في ضوء المذاهب الفقهية والاجتهادات المعاصرة، المعقول واللامعقول في الأديان بين العقلانية النقدية والعقلانية المنحازة، الشخصية والحياة الروحية في فلسفة الدين عند برايتمان، تطور الأديان، نحو تأسيس عصر ديني جديد …الخ. وكان قد صدر أول كتاب منشور له عام 1982، كما صدرت أربعة كتب عن فكره وإسهاماته العلمية باللغة العربية والإنجليزية، كتبها عشرات من أساتذة الجامعات المصرية والعربية ومُحررون أجانب، فيما صدر عنه وحول فكره أكثر من 78 بحثًا علميًا مُحكمًا، وقد تُرجمت بعض أعماله إلى لغات أخرى مثل الألمانية والإنجليزية والإندونيسية.
ثم تولى الخشت الكثير من المناصب القيادية بجامعة القاهرة، من بينها المُستشار الثقافي للجامعة (2002- 2013)؛ ومُدير مركز جامعة القاهرة للغات والترجمة (2010- 2013)؛ وعُضو اللجنة الدائمة لاختيار الوظائف القيادية بجامعة القاهرة (2013-2013)؛ ومُسئول التدريب والتثقيف للجامعات المصرية بوزارة التعليم العالي (2013)؛ ومُستشار الدراسات العليا بجامعة القاهرة عضو المكتب الفني (2009 – 2013)؛ ومُسئول جودة الأنشطة الطلابية في مشروع تطوير الأنشطة بوزارة التعليم العالي عن جامعة القاهرة (2007-2008)؛ والمُؤسس والمُشرف على مشروع جامعة القاهرة للترجمة (2010- 2017)؛ والمُشرف على تحرير مجلة هرمس (2010- 2013)، وهي مجلة علمية مُحكمة في الدراسات الأدبية واللغوية ومُعتمدة من أكاديمية البحث العلمي ولجان ترقيات الأساتذة والأساتذة المُساعدين في مُختلف تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعات المصرية، كما شارك في تأسيس مجلة الجامعة الدولية؛ ونائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب (2016- يوليو 2017). كما شغل منصب المُستشار الثقافي المصري لدى المملكة العربية السعودية (2013- 2015).
وأشرف الخشت على أكثر من 50 رسالة ماجستير ودكتوراه، وكان أخرها منذ سنوات مضت “النزعة التنويرية عند محمد عثمان الخشت.. دراسة في فلسفة الدين، وتُناقش الدراسة رؤيته لتطوير العقل الديني وتأسيس فلسفة جديدة للدين. كما قام الخشت أيضًا بتحكيم ومُناقشة عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه والأبحاث وترقيات الأساتذة والأساتذة المساعدين بمصر والعالم العربي. كما شارك في أكثر من 40 مُؤتمر علمي ودولي، ونظم وشارك في تنظيم 100 مُؤتمرًا دوليًا ومحليًا.
والدكتور الخشت يشغل حاليًا منصب رئيس جامعة القاهرة، كرمته جامعة القاهرة في عيد العلم 2013 نظرًا لإسهاماته الأكاديمية والإدارية في الدراسات العليا والبحوث والمشروعات الثقافية، وحصد مئات شهادات التقدير والدروع من جامعات ومُؤسسات دولية وإقليمية ومحلية عبر أربعة عقود.
ومحمد الخشت هو صاحب نظرية جديدة في تطور الأديان قدمها في كتابه تطور الأديان، وفيه تمكن الخشت من تقديم أول مُقارنة شاملة بين الأديان والفلسفات من منظور نظريات التطور، تجمع بين الوصف العلمي والتحليل الفلسفي والنقد العقلي المُلتزم بمعايير المنطق، ونجح في توظيف تلك المعايير في أشكالها الأكثر تطورًا في عصر الحداثة وما بعد الحداثة.
تتميز كتاباته بالوسطية والعقلانية، وتكشف هذه الكتابات عن تعمق كبير في العلوم الإنسانية والعلوم الشرعية، ويتميز أسلوبه بالوضوح والمنطقية. وهو مستشار جامعة القاهرة الثقافي.
والخشت هو صاحب نظرية جديدة في تطور الأديان قدمها في كتابه تطور الأديان، وفيه تمكن الخشت من تقديم أول مُقارنة شاملة بين الأديان والفلسفات من منظور نظريات التطور، تجمع بين الوصف العلمي والتحليل الفلسفي والنقد العقلي المُلتزم بمعايير المنطق، ونجح في توظيف تلك المعايير في أشكالها الأكثر تطورًا في عصر الحداثة وما بعد الحداثة. وقدم الخشت مشروعًا جديدًا لتجديد الفكر الديني قائم على العقلانية النقدية، حيث يرى ضرورة تطوير علوم الدين، وليس إحياء علوم الدين القديمة. ودعا الخشت إلى صياغة خطاب ديني جديد بدلًا من تجديد الخطاب الديني القديم، وأعاد الخشت كتابة علوم الحديث في صيغة عصرية، كما أعاد تأويل موقف الشريعة من قضايا المرأة منذ ثمانينات القرن العشرين.
3- التعريف بالكتاب :
كتاب ” نحو تأسيس عصر ديني جديد” للدكتور محمد عثمان الخشت، صدر في عام 2017 عن دار “نيو بوك للنشر والتوزيع”، وعدد صفحاته (246 ورقة) ، وهذا الكتاب في الأصل كان يمثل كان مجموعة من المقالات الفكرية للدكتور محمد الخشت، والتي تم نشرها في جريدة الوطن في الفترة من 2013 إلى 2015، وتمت استعادتها وفق تصنيف مختلف يتلاءم مع طبيعة مفهوم الكتاب.
في هذا الكتاب يشخص الخشت داء الأمة الذي أدي إلي تخلفها في كلمتين ، هما ” الانغلاق العقلي” ؛ فإذا كانت الأمم الناهضة تسلك في حاضرها واضعة عيونها علي المستقبل ، فإن أمتنا الإسلامية ، هي الوحيدة بين الأمم ، التي تسلك وعيناها علي الماضي ، تراعيه وتهتدي به وتلتزم بخبراته !! لذلك يشبه الخشت العقل المغلق بالجنين في رحم أمه ، لا يود أن يفارقه ، ولا يعلم من عالم الأشياء شيئاً (8).
ثم يغوص الخشت إلى مستوي أعمق في تشخيص الداء ،فُيرجع هذا الانغلاق العقلي إلي أسباب فلسفية وواقعية ونفسية ، ويصف محصلة هذه الأسباب بأن “المجتمع ينجب حفار قبره” ، فيولد الإرهابيين الذي يسفكون الدماء ويمزقون الأشلاء ، مثلما يولد الظلاميين الذين يئدون مستقبل الأمة (9) .
والكتاب يقع في سبعة فصول ضافية ، يقدم لها ” الخشت” بجوهر فلسفته ، حيث يفتتح كتابه بالتأكيد علي أن الإسلام الذي نعيشه اليوم هو خارج التاريخ ومنفصل عن واقع حركة التقدم ، ومن ثم بات من الضروري العودة إلي “الإسلام المنسي” لا الإسلام المزيف الذي نعيشه ، ورأى أن ذلك لا يمكن أن يكون دون تخليص الإسلام من الموروثات الاجتماعية وقاع التراث ، والرؤية الأحادية ، فالنظرة إلى الإسلام من زاوية واحدة ضيقة تزيف الإسلام ، ولذا من الفرائض الواجبة توجيه النقد الشامل لكل التيارات أحادية النظرة سواء كانت إرهابية أو غير إرهابية (10)
ورأي الخشت تكوين خطاب ديني جديد وليس تجديد الخطاب الديني ، لأن تجديد الخطاب الديني عملية أشبه بترميم بناء قديم ، والأجدى هو إقامة بناء جديد بمفاهيم جديدة ولغة جديدة ومفردات جديدة وتهجينها بلغة ومفردات العلوم الاجتماعية والإنسانية وفق متغيرات العصر وطبيعة التحديات التي تواجه الأمة ، ونشر وممارسة مفاهيم التنوع والتعددية وقبول الآخر ، وإعداد كوادر واعية بصحيح لا فقط بدراسة العلوم الشرعية بل بدراسة العلوم الإنسانية والاجتماعية (11).
وعمل محمد الخشت في كتابه علي مجموعة من المهام العاجلة ، شكلت رؤيته نحو الدخول إلى عصر ديني جديد ، مثل تفكيك الخطاب الديني ، وتفكيك العقل المنغلق ، ونقد العقل النقلي ، وفك جمود الفكر الديني المتصلب (12).
ولذلك المسلمون – الآن- في حاجة إلي النقد والمراجعة والفقهاء والعلماء في حاجة إلى نبذ الجمود في فهم الإسلام وإلى التحرر الفكري علي أساس التمييز بين المقدس والبشري في الإسلام ، وتغيير طرق التفكير ، وتغيير رؤية العالم، وتطوير التعليم لبناء مجتمع قوى من كل النواحي الاجتماعية والثقافية والإنسانية والعودة إلي المنابع الصافية للإسلام ، وللقرآن والسنة الصحيحة (13).
والفصل الأول من الكتاب وعنوانه ” الشك المنهجي وتأسيس عصر ديني جديد” ، وفي هذا الفصل اعتمد الدكتور الخشت على قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام فى الإيمان وطريقته فى البحث عن الله، وبناء عليه طالب الخشت أن نتبنى “الذات المفكرة” التي تتبنى فكرة الشك المنهجي واستشهد بما فعله الفيلسوف الشهير ديكارت للوصول إلى الحقيقة، مؤكد أننا في عالمنا الإسلامي نحتاج بشدة إلى الشك المنهجي للخروج من دوامة التضليل لا من أجل فوضى الأفكار، يقول الخشت :” هنا رفض إبراهيم عليه السلام إسكات العقل وهناك رفض ديكارت ورفاقه إسكات عقولهم، مع إبراهيم بدأ دين جديد يرفض التقليد، ومع ديكارت ورفاق عصره تم الشروع في تأسيس عصر جديد وخطاب ديني جديد تراجع فيه لاهوت العصور الوسطى الذي كان يحتكر فيه رجال الدين في أوروبا الحقيقة الواحدة والنهائية” (14).
ورأى الخشت أن إبراهيم استخدم عقله فمرّ بمرحلة شك ضرورية امتدحها القرآن الكريم، ومنها وصل إلى رفض القديم، فالشك المنهجي ضروري للإيمان المنضبط، والشك المنهجي ضروري للعلم، والشك المنهجي ضروري لتأسيس خطاب ديني جديد في كل العصور. وليست وظيفة الفكر الخروج من الشك إلى اليقين فقط، ولكن أسمى وظائفه هي التفكير والتدبّر وإخضاع كل شيء للفحص (15).
وقال :”تحرير الإيمان من الشك يستلزم رفض الوسطاء، وهنا يكمن أحد أهم مداخل تكوين خطاب ديني جديد، فلقد رفض إبراهيم سلطة الكهنة والمتحدثين باسم الألوهية، وهنا وجد الحقيقة الإلهية وجها لوجه، بعد أن وصل إلى حقيقة وجود الله عن طريق التفكير المنهجي والهداية الإلهية” (16).
أما عنوان الفصل الثاني من هذا الكتاب فهو تفكيك الخطاب الديني التقليدي بمعنى تطوير علوم الدين لا إحيائها، وإن كان (الخشت) قد غلبته رغبة التناص مع الكتاب الفذ للغزالي، وهو كتاب إحياء علوم الدين فغمط المفهوم الأصيل للإحياء من حيث هو عملية ضرورية للنقد المنهجي بغرض تجديد الخطاب الديني، إذ الإحياء -هنا – استعارة تنتقى من الخطاب الديني القديم ما يتوافق مع الواقع الجديد، ولا يعنى الإحياء – بالضرورة- التقليد أو الاتباع في غير طائل (17) .
وفي هذا الفصل ناقش الخشت “تفكيك الخطاب الديني التقليدي”، ورأى أن الهدف من هذا التفكيك “تطوير” علوم الدين لا “إحياء” علوم الدين، موضحًا أن الدين نفسه لا يتجمد لكن الذى يتجمد هو عقول فسرت النصوص القرآنية والنبوية الواضحة والمباشرة بأيديولوجيات عقيمة تجمدت معها المنومة العقائدية والتشريعية فى كهنوت بشرى يتخفى في ثوب إلهى، ومن هنا يطالب الخشت بتفكيك ينقد البشرى ولا يتنكر للإلهي، ويكون هدفه الوصول إلى الدين في حالته الطبيعية الأولى، كما يشير إلى أن الأزمة أكبر مما تبدو فإن ضياع المعنى والعقل يكون في التيارات الدينية المغلقة ويكون في حركات ما بعد الحداثة أيضًا (18).
ويبلور الخشت منهجه في تفكيك الخطاب الديني التقليدي، وإحلال الجديد مكانه في هذا النص المهم: فعملية التفكيك لابد أن تسبق عملية إعادة البناء، لكنه … ليس تفكيكاً على شاكلة المشككين الذين يساهمون في استمرار عملية السيولة التي تهدد الأوطان… التفكيك الذى ندعو إليه هو النقد والتحليل العقلاني… ولا ينكر الحقيقة الموضوعية… ولا ينكر وجود قيم مطلقة، بل يتحرى في الوصول إليها بمعايير علمية صارمة. ولا يتنكر للإلهي، بل يقصد إليه شعوريا في عملية توحيد خالية من الشرك.. ومن ثم تمييز الإلهي عن البشرى في الفكر والعلوم، ونزع القداسة الإلهية عن المرجعيات البشرية التي تنتحل الصوت الإلهي، وتتحدث باسم الحقيقة المطلقة، ومن دون هذه العملية لن يمكن فتح باب الاجتهاد والتجديد الحقيقيين (19).
وعنوان الفصل الثالث من الكتاب “العقل المنغلق” وصف الخشت فيه الانغلاق الفكري المؤدى إلى العنف والتطرف”، حيث تحدث الخشت عن آفة أصبحت مستشرية، وهي ذيوع ما يسميه بـ”العقل المغلق” الذي يشبهه بالحجرة المظلمة التي لا نوافذ لها ولا ترى النور قط، ومن بداخلها لا يرى شيئا، لا في الداخل أو الخارج، ولا يتنفس إلا القديم والفاسد من الهواء. وقد قدم لنا الخشت وصفاً لهذا العقل المغلق فهو «يستأثر بالحقيقة ولا يرغب في فتح قنوات الحوار إلا إذا كان مضطرا، ولكن دون تقديم تنازلات، كما أنه لا يدخل عهداً إلا إذا كان ضعيفاً ما يلبث أن ينقضه حالما يقوى، فالتقية سلاحه الذهبي في خداع الآخرين، وهو ينغلق على نظام قيم معينة بتجمد، ولا يبحث عن الأرضية المشتركة مع التيارات الأخرى، متشبعاً بثقافة السلطة، يسعى إلى نفي المختلف ويسمه بنعوت قدحية، يرى أن الله ليس رب العالمين بل ربه هو فقط، يؤمن أن الحق يُعرف بالرجال وليس لأنه حق… وكما يبدو بأن العقل المغلق ليس حكراً على الأصولية الدينية بل هي طابع يوجد حتى عند الأيديولوجيات المتطرفة (20).
وينتقد الخشت سيادة العقل المغلق الأحادي التفكير “لأن صاحب العقل المغلق لا يستطيع أن يتجاوز ذاته أو عالمه الخاص، ومن المستحيل أن يرى شيئاً خارج عقله، ولا يستطيع أن يتجاوز أفكاره المظلمة، ولا يمكنه أن يرى غير أفكاره هو، ويعدها يقينية قطعية لا تقبل المناقشة، بل يصل به الحد إلى الاعتقاد بأنها ذات طابع إلهي، وأن الله تعالى معه، بل إنه ممثل الله على الأرض، والله ليس رب العالمين بل ربه هو فقط” (21).
وفي هذا الفصل وتحت عنوان “حتى لا نعيد إنتاج عقول مغلقة” أرجع الدكتور الخشت ما نعانيه من انغلاق لأسباب منها مناهج التعليم القائمة على التلقين التي لا تصنع عقولاً إيجابية منفتحة وفعالة بل تصنع عقولاً غير فعالة، ويرى أن عدم تطوير التعليم سيجعل البديل هو الإرهاب (22).
هذا الإرهاب الغشوم الذي لم يعرفه المسلمون الأوائل قوة بارعة منفلته خارج قواعد الحرب ، ولا تلتزم بأي أخلاق للمواجهة ، إرادة لا عقلانية لا أخلاقية خارجة من متاهات الرفض والكراهية ومهما دمر الإرهاب وفجر وروع وقتل يظل حفارا لقبره قبل قبور من يراهم خصوما عاجزا عن الفعل والإنجاز
ولذلك يوضح الخشت في هذا الكتاب كيف يري أن الإرهابيين مسرفين في الأرض .. مسرفين في الدماء وأنهم أصحاب دين الخوارج الذي هو جبر وجبروت وإجبار ، ومن ثم ينتقد الخشت الرؤية الأحادية للإسلام لأنها تنظر إلى الإسلام من زاوية محدودة وضيقة، ولذا ينتقد الخشت أحادية النظرة الإسلامية المتشددة، وكذلك أحادية التوجهات العلمانية فى موقفها من الدين، ويرى الخشت أن التيارين على رغم تعارضهما يشتركان فى مجموعة من الصفات التي تجعل الصراع بينهما صراعاً عقيماً، وأهم صفة مشتركة بينهما هي «وهم امتلاك الحقيقة المطلقة» فكلاهما يزعم أنه وحده الذي يعرف الحقيقة، ويمتلك مفاتيح الخلاص، ولذلك فكلاهما متعصب وكلاهما دوغماطيقي، وكلاهما يجرنا إلى حافة الهوية» (23) )، ولكن على رغم نقد الخشت للعقل المغلق، ونقده للنظرة الأحادية للإسلام، فهو نفسه يروج بعقل مغلق سلفي، ونظرة أحادية لفترة صدر الإسلام على أنها الحلم الذي ينبغي أن نعود إليه لنستقي رؤيتنا للإسلام (24) .
ويمضى الفصل الرابع من الكتاب، وعنوانه “حتى لا نعيد إنتاج عقول مغلقة في بيان أهمية التعليم”، وأثره في تنمية منهج التفكير، والقضاء على الانغلاق الفكري، وينظر (الخشت) إلى تطوير التعليم والبحث العلمي وسيلة وغاية لتحقيق الأمن القومي المصري والتنمية في المجالات المختلفة (25).
إن التخطيط الواضح لمستقبل العلم الحديث أساس للنهضة والتقدم نحو التجديد والابتكار وبناء الشخصية المصرية القوية . ويضع (الخشت ) تصورا جادا لتطوير التعليم، وتحقيق غاياته الثقافية والحضارية في إطار استراتيجي لحساب المشاكل والحلول. استراتيجية قومية واضحة ومحددة ذات فلسفة اجتماعية فى التربية والتعليم والبحث العلمي، حتى يكون التعليم هو البوابة الذهبية لبناء مصر المستقبل. حيث التعليم القائم على الحوار والفكر والابتكار لا الحفظ والتلقين، التعليم من أجل الوعى النقدي، وممارسة الحرية. (26).
وكذلك تطوير المحتوى التعليمي ليتناسب مع متطلبات إعادة بناء مصر ثقافيا وسياسيا، واحتياجات المجتمع وسوق العمل. وذلك لمعرفة الحقائق، وتربية الفرد، وتكوين المجتمع الديمقراطي، باعتباره ضرورة من ضرورات الحياة. فالتعليم هو صانع الموارد البشرية ، والنهضة الصناعية والزراعية والتنمية الشاملة (27)، القائمة على التكنولوجيا الحديثة. والقدرة على صنع هذه التكنولوجيا، لا استيرادها، والعمل على ربطها بالثقافة والتعليم الذكي الحديث القائم على هذه التكنولوجيا، لا الوسائل القديمة (27)، ويحلم (الخشت) بهذه الثورة العلمية التعليمية قائمة على الجهد والعمل، لا الشعارات الجوفاء. وكذلك العمل على إتاحة الموارد المالية للإنفاق على البحث العلمي، والنهوض به. ويجب وضع خريطة عمل من أجل أن يكون العلم في قلب المشروع القومي لمصر، وانفتاحه على الآفاق العلمية العالمية الحديثة. (28).
وعنوان الفصل الخامس “تجديد المسلمين وبحث الفجوة بين الإسلام بمثاليته الرفيعة”، وبين المسلمين وواقعهم المتردي، فالإسلام يقدم نموذجا عالميا للدين الذى يلائم الطبيعة الإنسانية، ويعترف بالتنوع الكوني والإنساني، ويؤكد أن التعددية سنة إلهية، ويميز بوضوح بين البشرى والإلهي (29).
أما الفصل السادس، وعنوانه: “الإسلام الحر” فيتجه إلى تقديم نماذج من الفقه الإسلامي الحر الذى جابه الجمود والانغلاق والتعصب في كل زمان ومكان، في تمييز راجح بين الثوابت والمتغيرات، فالعدل، مثلا، قيمة مطلقة، لكن الإجراءات الضامنة له متغيرة. والمجال مفتوح –دوما- للاجتهاد الذى يدور حول المصلحة المجتمعية، المحكومة بمعايير الشرع ومقاصده . والإسلام الحر عودة لمنابع النهر الصافية، القرآن والسنة الصحيحة. والاجتهاد واجب دون فرض رأى، وادعاء أفضلية على رأى آخر. ولا بد من السعي إلى التخلص من الشبهات والشوائب التي تشوه الإسلام (30).
والإسلام الحر هو الجوهر الخالص من الشوائب، القائم على تعدد الرأي، المتسم بالأصالة والحرية مسئولية لا فوضى في إطار الالتزام بتطبيق القانون . والحرية هي الحق في فعل كل ما تسمح به القوانين. ومضى (الخشت) يوضح معالم الحرية الخاصة، وحرية العقيدة وفق منهج ديني عقلي رشيد. ويتناول الخشت الإبداع والفن والسينما، ودور ذلك في الرقى الإنساني بعيدا عن الابتذال والانحطاط الأخلاقي. وتذوق الجمال – حسب مفهوم أحد أدباء أوربا- ينشأ من الشعور بالاحترام والعرفان بالجميل، والسرور النابع من إدراك صنعة الخالق في الطبيعة والطريق إلى الفن هو القلب. ، والفن الأصيل تطهير للنفس الإنسانية، اتساقا مع الدين الذى يرسخ قيم الحق والخير والجمال، ويعيد للإنسان نقاءه العقلي وتصالحه مع ربه ونفسه وعالمه، بتعبير (الخشت) (32).
وعنوان الفصل السابع، وهو الفصل الأخير “الحاكم الناجح بين قوانين القرآن وسنن التاريخ”. وهو قراءة ضافية لقصة ذي القرنين في القرآن الكريم. وينطلق منها إلى العبر والدروس المستفادة في قراءة التاريخ ومعرفة قوانينه، لتكون منهاجا للفرد والمجتمع نحو حياة أفضل (33).
من ذلك الجمع بين التفكير الديني الصحيح، والتفكير العلمي المنضبط ، مما تمثل فى شخصية ذي القرنين حاكما عادلا عاملا. ولنهوضنا يجب امتلاك الإرادة والتفكير المنظم، وإقامة الدولة على أساس العدالة والصدق، ومواجهة الإرهاب بكل قوة، والإعداد للقضاء عليه بكل عدة، وإرادة النصر على التخلف والإرهاب، والأخذ بالأسباب والتخطيط، الأخذ بأسباب التمكين والتنمية ومواجهة الإرهاب بكل قوة، وهى الأيقونة التي نستخلصها – مع الخشت- من قصة (ذي القرنين) ، بل من قصة الدين والعلم والحياة (33).
4- الخاتمة :
وختاماً نقول إن كتاب عنوان ” نحو تأسيس عصر ديني جديد” ، سياحة فكرية قامت علي نظرية جديدة في الفكر الإسلامي تقوم علي النسخ والتفكيك لكل ما هو قديم ، ثم إعادة تأسيس واقع ديني جديد ، وطريق الخلاص عند الخشت يقوم علي العودة إلى الإسلام النقي ، أو الإسلامي المنسي حسب تعبيره ، وأن الإسلام الحالي شوهته وزيفته الأفكار المتشددة والمتطرفة ، ومن هنا تأتي الحاجة إلى تأسيس منظومة كلها جديدة من المرجعيات والفقه والحديث والتفسير.
ولذلك رأينا الخشت يدعونا إلي تجاوز عصر الجمود الديني والذي يعتبره أنه طال أكثر من اللازم، ويعترض علي مفهوم التجديد في الفكر الإسلامي، لأنه ترميم لبناء قديم ومتهالك حسب رأيه.
والواقع أن كتاب الخشت الجديد “نحو تأسيس عصر ديني جديد” على رغم أنه يحمل على الحركة الإصلاحية العربية، إلا أنه لم يخرج في إطاره العام عن آراء تلك الحركة، ولكنه فقط اختلف عنها في القالب اللغوي الذي عرض به أفكاره، حيث قام بتوظيف بعض المفاهيم الجديدة في المنهجيات الحديثة عند “ديكارت”، و”جاك دريدا”، وغيرهما، فالكتاب هو دعوة قديمة في قالب جديد، وإن كان لا يخلو من ومضات ثاقبة أحياناً، كما يحسب له أنه كتب بلغة مبسطة لأن الكتاب في الأصل هو مجموع مقالات كتبها الخشت في جريدة “الوطن”.
وعلي هذا النحو يترسم الخشت في كتابه ” نحو تأسيس عصر ديني جديد ” طريقاً هادفاً إلى استئصال شأفة التطرف الغارق في رواسب المضي وكل ما يتمخض عنه من مزاعم إرهابية تشوه الحاضر وتحاول يائسة أن تغلق أبواب المستقبل من دون أن ينزلق إلى التطرف المضاد : دعاوي استئصال الظاهرة الدينية المستحيل ، أو تجحيمها الخاسر في واقعنا الأنثروبولوجي الذي يسهم الدين بالنصيب الأكبر في تشكيل ثقافته ، أي رؤية للعالم وتوسم بأنها الدائرة الإسلامية مما يجعل تأسيس عصر ديني جديد وخطاب ديني جديد فرض عين علي المثقفين جميعاً (35).
ويخلص الخشت في جميع مؤلفاته ومشاريعه الفكرية إلى أن الأمة الإسلامية تكون في خير إذا خلت الرؤية العلمية للدين محل الرؤية اللاهوتية السحرية القائمة علي النقل والحفظ والإتباع الأعمى.
وفي هذا الكتاب المائل بين يدينا يتساءل الخشت : هل نحن تجديد خطاب ديني فقط ، أم أننا بحاجة إلى تغيير الخطاب الثقافي العام سواء السياسي أو الاقتصادي أو العلمي ؟ .. إذن نحن في حاجة في رأي الخشت إلي تغيير الخطاب بشكل عام بكل أنواعه ، ومن وجهة نظر الخشت إذا أردنا أن نطور العقل العام المصري علينا أن نطور طريقة التفكير، وذلك من خلال الرجوع للطبقة السفلي الفقيرة ، ولذلك فإن مشروع الخشت لتأسيس خطاب ديني جديد مرتبط بتطوير العقل المصري وتغيير طرق التفكير ، ونظراً إلى أن هناك كثير جداً من الالتباس وكثير جداً من الشكوك وربما بعض الاتجاهات الخاطئة والتي تصور للناس أفكار خاطئة لكثير من الأفكار، فهل تأسيس خطاب ديني جديد معناه إنشاء دين جديد ؟ وهنا يجيبنا الخشت بالنفي وأنه ليس هذا ديناً جديداً، وإنما هو محاولة لتأسيس فهم جديد للدين .. وهل هذا الفهم الجديد هو بدعة أو ابتداع ؟.. ويخبرنا الخشت بالنفي فهو في نظره دعوة إلى الرجوع للمنابع الصافية من خلال القرآن والسنة الصحيحة ، كما الـاسيس يقتضي تغيير منهجيات الطريقة الدينية الحنبلية وأعلن عن فكرة إحياء علوم الدين من خلال تطوير علوم الدين.
إن ما طرحه الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة واستاذ فلسفة الدين والمذاهب الحديثة في كتابه نحو تأسيس عصر ديني جديد يفتح باب الحوار علي مصرعيه حول تجديد الخطاب الديني بهدف الوصول إلي خطاب جديد من نوع مختلف، ربما يتجاوز عصر الجمود الفقهي الذي طال أكثر من اللازم للخروج من دائرة الكهنوت وأراء أصحاب العقول المغلقة والنفوس الضيقة التي لا تستوعب رحابة الدين قبل رحابة العالم وبالتالي علينا جميعا علماء ومفكرين تطوير علوم الدين بالابتعاد عن الخطاب التقليدي والبنية العقلية التي تقف ورائه مع الأخذ في الاعتبار ان هناك فرقا بين الخطاب الديني والنص الديني ….فالنص الديني هو القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة. أما الخطاب الديني فهو من صنع البشر في فهم القرآن والسنة وبالتالي فأن تجديد الفكر بات ضرورة مع إيماننا الشديد بان التجديد صناعة دقيقة لا يحسنها إلا الراسخون في العلم .
من هنا تأتي أهمية تأسيس خطاب ديني جديد مختلف وعدم الاكتفاء بتجديد الخطاب التقليدي بهدف إظهار سماحة الدين ودعوة الناس إلى الفضيلة بالحكمة والموعظة الحسنة ونشر ثقافة التسامح وقبول الأخر.
إن كتاب “نحو تأسيس عصر ديني جديد” يُعد من أفضل الكتب التي طرحها الدكتور الخشت في هذا العصر، وذلك لكونه يعالج فيه موضوعاً حساساً، متعلقاً ليس فقط بكيفية تجديد الخطاب الديني التقليدي، بل بالكيفية التي من خلالها يمكن للمسلمين أن يؤسسوا خطابا دينيا جديداً، ويدخلوا الزمن المعاصر بفاعلية كاملة. والتجديد عند المؤلف هو ليس مجرد ترميم للبناء القديم، بينما الأجدى هو إعادة البناء من جديد، وذلك لن يتأتى قط إلا بإقامة عمارة جديدة قوامها: مفاهيم ولغة جديدتان.
ويتأسف عثمان الخشت على كون حركة الإصلاح التي ظهرت في مطلع العصور العربية الحديثة، لم تنتج علوما جديدة ولا واقعا جديدا، بل كل ما فعلته هو استعادة عصور الشقاق وحرب الفرق العقائدية والسياسية التي ضربت الأمة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه. وفشلت حركة النهضة من وجهة نظره في لم شمل الأمة، بل هي زادت من تمزقها، والواقع واضح. لهذا لا يطالب الخشت بـ”إحياء” علوم الدين بل بـ”تطوير” علوم الدين، فمشكلتنا منهجية بالأساس، ولا قائمة لنا دون تغيير “ماكينة التفكير” كليا والعمل بمسح الطاولة والبدء من جديد. وهنا رأيناه يستلهم التجربة الغربية، وكيف أنها دخلت العصور الحديثة، حينما غيرت طريقة التفكير؛ خاصة مع الفيلسوف ديكارت، الأمر الذي دفع المؤلف إلى تخصيص فصل من الكتاب عن الشك المنهجي وضرورته للانطلاق، ليبين لنا، أن هذا الشك المنهجي ليس ضرورة علمية فقط، بل هو ضرورة إيمانية أيضاً وصالح لكل العصور، متى استبدت الأبائية والتقليد وذيوع الاتباع. فعمل ديكارت، الذي افتتح عصر الحداثة بكتاب حول المنهج يدعو فيه إلى سحق كل غموض يواجه العقل، أو على الأقل تعليق الأحكام في حال العجز إلى أجل غير مسمى، والعمل على تدريب العقل على الوضوح في مجال العلوم، هو نفسه العمل الذي قام به أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، حينما رفض إسكات عقله تجاه مألوف كبار قومه، فهو أيضا قام بإعمال مطرقة الشك، التي امتدحها القرآن الكريم. فالشك المنهجي دعوة أصيلة ينبغي تشغيلها ضد كل موروث فاسد ومستبد. وطبعاً يريد المؤلف أن يعلن من خلال دعوته إلى الشك المنهجي إلى ضرورة تنقية الإسلام من شوائب التاريخ التي علقت به وشوهت نقاءه وصفاءه الأصلي، أي العمل على العودة إلى “الإسلام المنسي” لا المعاش، أو بعبارة أخرى وجب تخليص الإسلام من الموروث الاجتماعي الغريب على جوهره، وإنقاذه أيضا من الرؤية الأحادية (36).
إن كتاب ” نحو تأسيس عصر ديني جديد” يمثل دعوة إلي تجاوز “عصر الجمود الديني” الذى طال أكثر من اللازم في تاريخ أمتنا العربية، من أجل تأسيس عصر ديني جديد، نخرج فيه من دائرة الكهنوت الذى صنعه البشر بعد اكتمال الوحى الإلهي، وتلقفه مقلدون أصحاب عقول مغلقة ونفوس ضيقة لا تستوعب رحابة العالم ولا رحابة الدين (37).
هكذا يقدم كاتبنا الدكتور الخشت لكتابه القيم “نحو تأسيس عصر دينى جديد»، مؤكداً بأنه من غير الممكن “تأسيس عصر ديني جديد” دون تفكيك “العقل الديني التقليدي وتحليله للتمييز بين المقدس والبشرى في الإسلام، ولكي ندخل إلى عصر ديني جديد لا بد من القيام بمجموعة من المهام العاجلة والتي يحددها الكاتب في:” تفكيك الخطاب الديني، وتفكيك العقل المغلق، ونقد العقل النقدي، وفك جمود الفكر الإنساني الديني المتصلب والمتقنع بأقنعة دينية، حتى يمكن كشفه أمام نفسه وأمام العالَم”(38).
ولهذا راح الكاتب أن يطرح لنا رؤية يعتقد أنها رؤية جديدة فيرى أن الإسلام الذي نعيشه اليوم هو خارج التاريخ ومنفصل عن واقع حركة التقدم، ولذلك باتت من الضرورات الملحة اليوم العودة إلى الإسلام المنسي لا الإسلام المزيف الذى نعيشه اليوم، ولا يمكن هذا إلا بتخليص الإسلام من (الموروثات الاجتماعية) و (قاع التراث) و (الرؤية الأحادية للإسلام).
ويدين الخشت حركة الإصلاح الديني التي ظهرت في الفكر العربي فيقول: “والجديد مع حركة الإصلاح الديني الحديثة منذ القرن التاسع عشر أنها أنتجت أجيالاً وجماعات تتكالب من الداخل على أمتها ووطنها، وهم شركاء أصليون في حالة الضعف التي تعيشها، وهم فاعلون بامتياز في بذل الوسع في هدم المعبد على كل من فيه من خصومهم” (39).
ونحن يتساءل البعض قائلا: ما مدى مسؤولية أعلام الفكر الإصلاحي أمثال خير الدين التونسي، والطهطاوي، ومحمد عبده، والكواكبي، ومالك بن نبي، وأمين الخولي وغيرهم ممن قدموا فكراً إصلاحياً مستنيراً، عن هدم المعبد؟ فليس لهؤلاء علاقة بتخلق حركات وجماعات العنف والإرهاب، بل المسؤولية تقع على الأنظمة السياسية والقوى العالمية التي شاركت في صناعة هذه الجماعات، وهو ما لم يشير إليه الخشت في كتابه.
ويرفض الدكتور محمد الخشت، في كتابه، تجديد الخطاب الديني التقليدي، فهو يرى أن تجديد الخطاب الديني عملية أشبه ما تكون بترميم بناء قديم، والأجدى هو إقامة بناء جديد بمفاهيم جديدة ولغة جديدة ومفردات جديدة إذا أردنا أن نقرع أبواب عصر ديني جديد. (40).
ويرى الخشت في قسم آخر من الكتاب، أنه لا دخول إلى عصر ديني جديد دون تفكيك الخطاب الديني التقليدي الذي كرس تصورا للتفكير قائما على «العقل النقلي» الذي استند إلى الجمود والتطرف إلى حد توقف الاجتهاد في العلوم، فأصبح الحفظ والمقاربة الإنشائية المفرطة هي أساس التعلم. والأنكى أن هذه العلوم تم تغليفها بقداسة لا تستحقها، فهي علوم إنسانية سعت إلى فهم الوحي الإلهي. لقد تم نسيان أن القرآن إلهي، بينما علوم التفسير والفقه وأصول الفقه هي من إنشاء البشر، وهي قابلة للتكذيب والمراجعة وإعادة النظر الدائمة، فمهما اجتهد فيها واضعوها فهي لا ترقى إلى المطلق أبدا، وتظل رهينة بالظروف السياسية والمصالح وصراع القوى التي أنجبتها. لهذا نجد المؤلف يلح في كتابه على وجوب تكريس “العقل النقدي” الذي يورث الفكر والتفكر بدلا عن “العقل النقلي” الذي لا يورث سوى الوعظ والإدهاش، والإيقاف الفوري للخلط بين المقدس والبشري (41).
وطرح الخشت مهام عاجلة لتأسيس خطاب ديني يتلاءم مع التحديات الراهنة التي تواجه العالم الإسلامي مؤكدا اننا بحاجة إلى خطاب ديني جديد وليس تجديد الخطاب التقليدي، وآن الأوان لنقد شامل للتيارات أحادية النظرة التي تزيف الإسلام، ويدعو الدكتور الخشت، إلى العودة إلى الإسلام النقي المنسي قرآنا وسنة صحيحة، مشيرا إلى أن الإسلام الذى نعيشه اليوم مزيفا بسبب التيارات المتطرفة والجماعات الإرهابية ومجتمعات التخلف الحضاري، ويؤكد أنه لا يمكن هذا إلا بتخليص الإسلام من «الموروثات الاجتماعية» و«قاع التراث»، و”الرؤية الأحادية للإسلام” (42).
لم يكتف الخشت بذلك بل عمل في كتابه على مجموعة من المهام العاجلة شكلت رؤيته نحو الدخول إلى عصر ديني جديد، مثل؛ تفكيك الخطاب الديني، وتفكيك العقل المغلق، ونقد العقل النقلي، وفك جمود الفكر الديني المتصلّب، وقد الخشت لعملية لعملية التفكيك مجموعة من المراحلٍ؛ أوّلها الشك المنهجي، والثانية التمييز بين المقدس والبشري في الإسلام، والثالثة إزاحة المرجعيات الوهمية التي تكوّنت في قاع التراث.
وأكد الكاتب أنه بعد التفكيك يأتي التأسيس وركنه الأول؛ تغيير طرق تفكير المسلمين، والثاني؛ تعليم جديد منتج لعقول مفتوحة وأسلوب حياة وطريقة عمل جديدة، والثالث تغيير رؤية العالم وتجديد المسلمين، والرابع العودة إلى الإسلام الحر “الإسلام المنسي”، والسادس نظام حكم يستوعب سنن التاريخ. ولن يتحقق كل هذا دون توظيف مجموعة من الآليات لتحقيق حلول قصيرة ومتوسطة المدى، تشمل التعليم والإعلام والثقافة والاقتصاد والاجتماع والسياسة.
واختتم الكاتب، مؤلفه بتساؤل “ماذا يجب أن نفعل؟”، يحدد فيها عدة مهام، قائلًا: المهمة العاجلة هي العمل على تغيير ماكينة التفكير عند الناس، وتجديد فهم المسلمين للدين عن طريق ثورة في التعليم والإعلام، حتى تحل الرؤية العلمية للدين والعالم محل الرؤية اللاهوتية والسحرية القائمة على النقل والحفظ والإتباع الأعمى، وتوعية جديدة في التعليم تعتمد على التعلم والبحث بدلًا من النقل، وطرق تدريس جديدة قائمة على التربية الحوارية، والتوسع في تعليم الفنون، وإزاحة كل المرجعيات الوهمية وتكوين مرجعيات جديدة، والمواجهة الشاملة، والتحول من مرحلة الوعظ والإدهاش إلى مرحلة الفكر والتفكر.
تحيةً حارة للدكتور محمد عثمان الخشت، ذلك الرجل الذي يمثل بالفعل قيمة فلسفية ووطنية وشخصية موسوعية، ما جعل زملاءه وتلاميذه من المفكرين والكتاب والأساتذة الجامعيين يعترفون له بريادته في تنوير العقول ومكافحة الجمود والتعصب.. فأطلقوا عليه في حفل تكريمه (المفكر الأبرز في القرن العشرين مكملاً لكانط).
وتحيةً مني لرجل آثر أن يكون صدى أميناً لضمير وطني يقظ وشعور إنساني رفيع وسوف يبقى نموذجاً لمن يريد أن يدخل التاريخ من بوابة واسعة متفرداً . بارك الله لنا في محمد عثمان الخشت قيمة جميلة وسامية في زمن سيطر عليه السفهاء، وأمد الله لنا في عمره قلماً يكتب عن أوجاعنا، وأوجاع وطننا، بهدف الكشف عن مثالب الواقع، والبحث عن غداً أفضل، وأبقاه الله لنا إنساناً نلقي عليه ما لا تحمله قلوبنا وصدورنا، ونستفهم منه عن ما عجزت عقولنا عن فهمه.
الهوامش
1- حمداوي، جميل: التطرف بين الواقع الاجتماعي والمناخ الفكري، شؤون عربية، جامعة الدول العربية – الأمانة العامة، العدد 171، 2017،ص 202.
2-المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
3- بدر بنت عبد الله قبلان العصيمي: التطرف الفكري: تعريفه، أسبابه، مظاهره، آثاره وسبل القضاء عليه، مجلة كلية التربية، جامعة بنها – كلية التربية، مج29 ,ع115، 2018، ص 225.
4- المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
5- علي الحبيب الفريوي،: قراءة الخطاب الديني عند محمد أركون من النقد إلى التجديد، أعمال ندوة: في ضرورة تجديد الخطاب الديني، اتحاد كتاب المغرب ووزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، اتحاد كتاب المغرب، 2015، ص 163.
6- علي الحبيب الفريوى،: قراءة الخطاب الديني عند محمد أركون من النقد إلى التجديد، أعمال ندوة: في ضرورة تجديد الخطاب الديني، اتحاد كتاب المغرب ووزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، اتحاد كتاب المغرب، 2015، ص 163.
7-ماهر عبد المحسن: محمد عثمان الخشت وألعاب الفلسفة، أوراق فلسفية، العدد 57، 2018، ص 51.
8- د. عمرو شريف (تصدير) : تجديد العقل الديني في مشروع الخشت الفكري ، تحرير د. غيضان السيد علي ن مراجعة د. هشام زغلول، روابط للنشر وتقنية المعلومات ، ص 16
9- المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
10-د. محمد عثمان الخشت : نحو تأسيس عصر ديني جديد، نيو بوك للنشر والتوزيع، بيروت ، لبنان، 2017، ص 11.
11- محمد الحمامصي: ضرورة صياغة خطاب ديني جديد، أدب ونقد، حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، ع366، 2018، ص 109.
12- المرجع نفسه، ص 110.
13- عوض الغبارى: نحو تأسيس عصر دينى جديد، بحث منشور ضمن كتاب تجديد العقل الديني في مشروع الخشت الفكري ، تصدير ، د. عمرو شريف ، تحرير د. غيضان السيد علي ن مراجعة د. هشام زغلول، روابط للنشر وتقنية المعلومات ، ص 356
14- د. محمد عثمان الخشت : المصدر نفسه، ص 14.
15- المصدر نفسه، ص 15.
16- المصدر نفسه، ص 16.
17- عوض الغباري: المرجع نفسه، ص 358.
18- د. محمد عثمان الخشت : المصدر نفسه، ص 32.
19-عوض الغبارى: المرجع نفسه، ص 386.
20- محسن المحمدي: المطلوب تفكيك «العقل المغلق- نحو تأسيس عصر ديني جديد» لمحمد الخشت، الشرق الأوسط، الخميس – 23 شهر ربيع الثاني 1439 هـ – 11 يناير 2018 مـ رقم العدد [ 14289].
21- د. محمد عثمان الخشت : المصدر نفسه، ص 61.
22- المصدر نفسه، ص 64.
23- المصدر نفسه، ص 75-76.
24- المصدر نفسه، ص 76.
25- عوض الغبارى: المرجع نفسه، ص 389.
26- المرجع نفسه، ص 390.
27- المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
28- المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
29- المرجع نفسه، ص 91.
30- المرجع نفسه، ص 92.
31- المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
33- المرجع نفسه، ص 93.
34- المرجع نفسه، ص 93.
35- يمني طريف الخولي : مواجهة التطرف .. قراءة في كتاب الخشت نحو تأسيس عصر ديني جديد.
36- محسن المحمدي: المطلوب تفكيك «العقل المغلق- نحو تأسيس عصر ديني جديد» لمحمد الخشت، الشرق الأوسط، الخميس – 23 شهر ربيع الثاني 1439 هـ – 11 يناير 2018 مـ رقم العدد [ 14289]
37- محمد صبحى: نفاذ النسخة الأولي من كتاب الخشت نحو تأسيس عصر ديني جديد بمعرض الكتاب ، جريدة اليوم السابع ، الثلاثاء، 04 فبراير 2020 11:35 ص.
38- د. حسين علي : نحو تأسيس عصر ديني جديد، البوابة نيوز ، الأربعاء 10/يناير/2018 – 07:43 م.
39- محمد عثمان الخشت: المصدر نفسه، ص 39.
40- محمد صبحى: المرجع نفسه.
41- محسن المحمدي: المطلوب تفكيك «العقل المغلق- نحو تأسيس عصر ديني جديد» لمحمد الخشت، الشرق الأوسط، الخميس – 23 شهر ربيع الثاني 1439 هـ – 11 يناير 2018 مـ رقم العدد [ 14289]
42- محمد صبحى: المرجع نفسه.
43- محمد الحمامصي: ضرورة صياغة خطاب ديني جديد، أدب ونقد، حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، ع366، 2018، ص 109.