التربية البيئية في مواجهة التحديات الإيكولوجية المعاصرة من منظور أممي

” نحن نحمل المستقبل في أيدينا. معا، يجب أن نتأكد من أن أحفادنا لن يكون عليهم أن يتساءلوا، لماذا أخفقنا في القيام بالشيء الصحيح، وجعلناهم يتحملون العواقب”.

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، 2007

1- مقدمة:

شكل التدهور البيئيّ الجارف والمتسارع في مختلف مظاهر الحياة البيئية في مختلف أنحاء العالم، منطلقا لاهتمام الباحثين والمفكرين بقضايا البيئة وتحدياتها. وفرضت هذه الوضعية البيئية المثقلة بالمخاطر، والمحملة بأكثر التحديات تهديدا للوجود الإنساني، ضرورة العمل على توليد وعي إنساني عالمي بقضايا البيئة وتحدياتها، وتنمية الإدراك الجماهيري  بالمخاطر الهائلة التي تتعرض لها البيئة ومواردها.

 ومن منصة الخوف والقلق الناجم عن الحوداث البيئية المتردية، انطلقت الصيحات العلمية وعلت الصرخات الإنسانية مطالبة بوضع سياسات حمائية للبيئة والطبيعة من أجل تحقيق التوازن بين الإنسان والطبيعة درءا لعوامل الخطر والفناء.

وشكل هذا التدهور البيئي – الذي أصبح واضحا كالشمس -منصةً لطرح التساؤلات النقدية حول سياسات التعليم البيئي والممارسات التربوية في مجال التربية البيئية.  وأدى هذا الاهتمام العالمي بأوضاع التربية البيئة “إلى ولادة عدد كبير من البرامج والسياسات التربوية التنموية في مختلف أرجاء المعمورة، وذلك في محاولة لفهم ركائز التعليم البيئي وتطوير نظرياته ومناهجه وتطبيقاته. وفي خضم الاهتمام المشترك بالبيئة والاعتراف بالدور المركزي للتعليم في تعزيز العلاقات بين الإنسان والبيئة، تشهد الساحة التربوية نقاشات وحوارات وممارسات مختلفة على نطاق واسع تحت شعار التعليم البيئي” [1](SAUVÉ, 2005).

واستقطب هذا التدهور البيئي- بأزماته وتعقيداته ومخاطره الوجودية-  الرأي العام العالمي، وبات يقضّ مضاجع الهيئات والمؤسسات والمنظمات الدولية، التي بادرت إلى عقد المؤتمرات العالمية مؤكدة أهمية التربية البيئية بوصفها المنطلق الحيوي في مواجهة تحديات البيئة والمحافظة عليها وتنمية مواردها على نحو مستدام. وعلى الأثر تنادت هذه المؤسسات إلى عقد المؤتمرات وإقامة الندوات وإجراء الدراسات الأبحاث حول قضايا البيئة وتحدياتها المصيرية. واستطاعت في نهاية المطاف أن تضع منظومة من الاستراتيجيات وأن تبني عددا كبيرا من الخطط التربوية لمواجهة التحديات المتنامية للمشكلات البيئية.

ويُشار في هذا السياق إلى الجهود الكبيرة لهيئة الأمم المتحدة ومنظماتها، ولاسيما منظمة اليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، التي تحركت بسرعة وفعاليّة لمعالجة الموقف المتردي للبيئة والعمل على بناء البرامج التربوية في اتجاه تحقيق التوازن الممكن بين الإنسان والطبيعة. ومن هذا المنطلق حشدت الأمم المتحدة (UN) جهودها الإنمائية ونشاطاتها السياسية والاجتماعية لخلق استجابة أممية فعالة في مواجهة هذه الوضعية الدرامية للعلاقة المتوترة بين البيئة والإنسان.

لقد أثارت الحوادث البيئية المرعبة، المتمثلة بعوامل التلوث البيئي الشامل، والاحتباس الحراري والذوبان الجليدي، والهدر العبثي لموارد الطبيعية، وتقاطر الكوارث البيئة، قلقا إنسانيا مصيريا حول النهاية المأساوية لمصادر الحياة على الأرض، الناجمة عن نضوب الموارد الطبيعية تحت تأثير العدوانية الإنسانية المستمرة ضد الطبيعية. وهي العوامل التي فرضت على المجتمعات الإنسانية الاهتمام المتزايد بقضايا البيئة سياسيا واجتماعيا وتربويا، وبلغ هذا الاهتمام ذروته لدى المنظمات الدولية، ولاسيما هيئة الأمم المتحدة التي سارعت إلى عقد المؤتمرات والندوات حول البيئة ومخاطر التلوث الذي تتعرض له بتأثير السلوك الإنساني الجائر ضد الطبيعية، والاستهلاك المدمر المستمر لمواردها.

وأدرك القائمون على هذه المنظمات الدولية والإنسانية والخبراء العاملون فيها بأن التشريعات القانونية والاتفاقيات الدولية، والإجراءات السياسية ليست كافية لمواجهة تحديات البيئة والحدّ من شرور الاعتداء الجائر على مواردها، ووقع بأيديهم أن بناء ثقافة بيئية عميقة وشاملة بأبعاد أخلاقية وإنسانية يشكل ضرورة تاريخية لازبة لحماية البيئة والمحافظة على مواردها. وأدركوا أيضا أن الوعي الثقافي العميق بأبعاد هذه القضية يشكل الحصن الحصين لحماية البيئة وتطوير مصادرها والمحافظة على استدامتها. ومن هنا، وعلى هذا الأساس، برزت الحاجة إلى التربية البيئية بوصفها وسيلةً عمليةً لبناء الوعي المطلوب والثقافة الفعالة القادرة على مؤازرة القوانين والتشريعات البيئية المتعلقة بالحفاظ على البيئة. واتضح للجميع أن تربية بيئية مثلى يمكنها أن تشكل قوة ثقافية هائلة، لا تتوقّف عند حدود الوعي بأبعاد هذه القضية، بل تشكّل قوة تدخّل هائلة يمكنها منع الهدر في مصادر البيئة، وإيقاف الاعتداء الوحشي على مواردها، ومقاومة كلّ الإجراءات المجحفة بحق البيئة. ومن الدفاع عن الطبيعة ومصادر الحياة سيكون لهذه القوة التربوية القدرة على تطوير مصادر البيئة وتنمية مواردها وتغذية طاقتها الحيوية عن طريق النشاطات البيئية التي تؤازر البيئة في عملية نمائها وتطورها وازدهارها. ويؤكد هذا كله أن التربية يمكنها أن تشكل قوة حضارية تنموية خلاّقة تضمن للإنسان حياة بيئة سليمة في سياق طبيعيّ دون هدر أو تعسف أو إجحاف.

وضمن هذه الفعاليات الأممية، نشأ مفهوم التربية البيئية بوصفه ممارسة حضارية تغذّي الوعي الإنساني بأهمية المحافظة على البيئة ورعاية مواردها وحماية مصادرها والدفاع عنها ضد غوائل الهدر والتدمير. وغني عن البيان أيضا أن التربية البيئية تشكل اليوم ضرورة تاريخية لمواجهة مظاهر الانتكاس والتلوث البيئي، وأن هذه التربية ولدت في معترك المواجهة الحضارية ضد التلوث وتحديات البيئة. وجاءت ولادتها على وقع الصيحات والصرخات الإنسانية التي نادت بالحدّ من عمليات التدمير الصناعيّ المستمر والهدر المتزايد لموارد للبيئة. ومما لا شك فيه أيضا أن الاهتمام الدولي بالبيئة والتربية البيئية جاء تحت تأثير الضغوط الكبيرة التي مارستها المنظمات الإنسانية والبيئية الداعية إلى المحافظة على البيئة، ووقف عمليات هدر الموارد الطبيعية التي تشكل إنذارا ببداية نهاية الحياة على الأرض.

ويعود فضل هذا الاهتمام بالبيئة ومشكلاتها إلى مساعي هيئة الأمم المتحدة (UN) ومنظماتها المختلفة التي ما انفكت، منذ لحظة تأسيسها في عام 1948 حتى اليوم، تناضل من أجل بيئة نظيفة متجدّدة صالحة للحياة الإنسانية، وقادرة في الوقت نفسه على تلبية الاحتياجات الإنسانية للأجيال الجديدة في المستقبلين القريب والبعيد. ويصعب اليوم على الباحثين رصد المؤتمرات والإجراءات والاتفاقيات الهائلة المعنية بالبيئة والتريبة على البيئة، كما يصعب عليهم إحصاء المؤسّسات والجمعيات والأحزاب الخضراء العاملة في مجال المحافظة على البيئة وحماية مصادرها.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنّ الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة قد بدأت بالتأسيس لفعاليات التربية البيئة وتأصيل نشاطاتها وترسيخ مؤسّساتها مع إنشاء الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN) في عام 1948، وهو أوّل منظمة غير حكومية كبيرة مكلّفة بالمساعدة في الحفاظ على الطبيعة[2].

ويبدو واضحا اليوم أنّ الهيئات الدولية والمؤسسات الأممية وأصحاب الفكر ورجال السياسة، يقرون دون ترددّ بأنّ التربية والتعليم البيئيين يشكلان الرافعة الأساسية التي يعوّل عليها فعليا في إحداث تغييرات في الإدراك البشري حول البيئة وأهمية المحافظة عليها، وأنّ مثل هذه التربية يمكنها أن تولّد أنماطا سلوكية جديدة من شأنها أن تسهم بقوة في مواجهة التحديات البيئة الخطيرة التي تهدد الحياة الإنسانية على الأرض.. ومن منطلق هذه الرؤية انتظمت المؤتمرات الدولية وعقدت المناظرات ونظمت المحاضرات ودبجت المقالات في مختلف أنحاء العالم ضمن صرخة دولية تنادي بإيقاف التغول البشري ضد الطبيعية، والعمل على تحقيق المصالحة بين الإنسان ومصادر حياته ووجوده في هذا الكوكب.

ولتأكيد ما تقدّم، يمكن استعراض بعض المؤتمرات العالمية والإقليمية التي اهتمت بالتربية البيئة ورسّخت الوعي بأهميتها الكبرى في مجال المحافظة على البيئة. وسنعتمد في هذا العرض على استكشاف المؤتمرات والنشاطات المميزة التي كرست لمناقشة قضايا البيئة والتربية على الاستدامة البيئية من منظور تربوي، وذلك بدءا من مؤتمر روشليكون عام 1971 حتى مؤتمر مراكش في عام 2013. وتجدر الإشارة إلى أن تتبع هذه المؤتمرات وما قدمته للفكر الإنساني يشكّل ضرورة فكرية مهمة في الكشف عن أبعاد التربية البيئية منذ لحظة نشأتها حتى اليوم، وذلك في سياق الفعاليات الدولية التي شهدت ولادة التربية البيئية في ظل الأوضاع المأساوية التي عرفتها البيئة فيما بعد الحرب العالمية الثانية حتى يومنا هذا.

2-مؤتمر روشليكون للتربية البيئية (سويسرا) 1971

قلما يشير الباحثون في مجال التربية البيئية والتنمية المستدامة إلى مؤتمر روشليكون 1971(Rushlike) وهو أوّل مؤتمر أوروبي حول التربية البيئية. وقد عقد بدعوة من (الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة والموارد الطبيعية) (IUCN) وحضره مفكرون ومربون من مختلف أنحاء العالم. وقد تمحور هذا المؤتمر حول قضايا التربية والتعليم في مجال الحفاظ على البيئة وحمايتها. وخرج المؤتمر بتوصيات محددة تتمركز حول برامج التربية البيئية والتعليم البيئي في المراحل التعليمية المختلفة. وتمّ تنظيم هذا المؤتمر بالتعاون بين الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية (IUCN) والصندوق العالمي للحياة البرية (WWF) بدعم من السلطات الفيدرالية السويسرية، والرابطة السويسرية لحماية الطبيعة، والمؤسسة الوطنية السويسري والصندوق العالمي للطبيعة، واللجنة الوطنية السويسرية لليونسكو[3].

عقد المؤتمر في الفترة الممتدّة بين 15 و18 ديسمبر 1971 في معهد جوتليب دوتويلر (Gottlieb Duttweiler Institute) في روشليكون بسويسرا. وشارك في هذا المؤتمر 21 دولة أوروبية منها: (النمسا، بلجيكا، بلغاريا، تشيكوسلوفاكيا، الدنمارك، جمهورية ألمانيا الاتحادية، فنلندا، فرنسا، اليونان، إيطاليا، لوكسمبورغ، هولندا، النرويج، بولندا، رومانيا، إسبانيا، السويد، سويسرا، المملكة المتحدة، اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، يوغوسلافيا)، وشهد المؤتمر أيضا مشاركة تسع منظمات دولية أممية أهمها: اليونسكو، منظمة الأغذية والزراعة، مجلس أوروبا، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ورابطة البحر الأبيض المتوسط ​​لعلم الأحياء البحرية وعلوم المحيطات) ومراقبون من ثلاثة بلدان (أستراليا، كندا، الولايات المتحدة الأمريكية) [4].

ويرى الخبراء التربويون أنّ هذا المؤتمر يشكل محطة تاريخية مفصليّة في مجال التربية البيئية، فهو الأول من نوعه الذي طرح هذه القضية من منظور تربوي محض تضمن المطالبة ببناء برامج عملية في مجال التعليم البيئي والتربية على البيئة.

 أكّد المؤتمرون في روشليكون أهمية التربية البيئية في مجال الحفاظ على البيئة وحماية مواردها الطبيعية، في ظلّ الانتهاكات الحالية التي يمارسها البشر ضد البيئة الطبيعية. وركز المؤتمرون على أهمية تشكيل رأي عام لدى المواطنين، وتعزيز الشعور الكبير بمسؤوليتهم نحو حماية الطبيعية ومواردها من الأضرار الناجمة عن التلوث البيئي وأسبابه.

وأقرّ المجتمعون أهمية وضع برامج تعليمية وتربوية في مختلف المؤسسات التعليمية والتثقيفية للحفاظ على البيئة وحمايتها من غوائل السلوك البشري، وقد تضمّن هذا الإقرار ضرورة أن تكون هذه البرامج شاملة لمختلف المراحل ومختلف الفئات السكانية، وأن تشمل كل أشكال التعليم البيئي ومناهجه وأساليبه، وتمّ تأكيد أهمية إشراك الشباب والبالغين خارج المدرسة في الأنشطة العملية للحفاظ على البيئة؛ وألح المؤتمر على ضرورة تدريب المهنيين المعنيين بشؤون البيئة على أفضل الطرائق المنهجية في مجال تطوير الوعي البيئي، مثل: رجال الدولة والإداريين، وكذلك المخططون والمهندسون المعماريون والمهندسون والتقنيون. وأولى المؤتمر أهمية كبيرة لتثقيف الجمهور بشكل عام عن طريق استخدام وسائل الإعلام وغيرها من الأساليب الثقافية والإعلامية المتاحة.

 وطالب المؤتمر الدول المشاركة بضرورة وضع برنامج للتثقيف في مجال الحفاظ على البيئة يشمل جميع قطاعات المجتمع مع مراعاة الظّروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفيزيائية الحيوية لكلّ بلد. كما طالب الدول المشاركة بالتنسيق فيما بينها لتنمية الوعي بقضايا البيئية وتحدياتها، وتبادل المعلومات والبرامج، ومواصلة تطوير الأنشطة الفعالة في مجال التربية البيئية، وعقد المؤتمرات والاجتماعات الهادفة، وتنظيم الدورات والمعسكرات الدولية للطلاب والمهنيين الشباب، وإقامة ورش العمل والندوات للمتخصّصين في مختلف المجالات، وإعداد ونشر الكتب الدولية والكتيبات والدوريات والوسائل التعليمية وغيرها من أشكال التعاون الخلاق في مجال التربية البيئية بغرض المحافظة على البيئة وصون مواردها[5].

وباختصار، تناول مؤتمر روشليكون قضايا البيئة وأزماتها ومخاطرها، وركز بشكل واضح على قضية التربية البيئة ودورها المحتمل في تحقيق المصالحة بين الإنسان والأرض، وأكّد أهمية إدخال مفاهيم التربية البيئية ودمجها في مختلف المواد والمقررات المدرسية على اختلافها، كما شدّد على أهمية وضع مناهج تربوية فعالة في ميدان التربية البيئية في مختلف المستويات الدراسية وفي مختلف أنظمتها[6]. (الشراح، 1986، 87).

وفي العام نفسه (1971) اجتمع في (منتون) بفرنسا 2200 عالما من مختلف الدول، تناول فيه المؤتمرون مستقبل البيئة وبرامج التعليم العام للبحث في مشاكل البيئة، وقد وجه المؤتمرون رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بيّنوا فيها قلقهم من تنامي المشكلات البيئية، ونبّهوا إلى الخطر الكبير الذي تواجهه الكرة الأرضية مطالبين الأمم المتحدة بدقّ ناقوس الخطر، واتّخاذ إجراءات حقيقية في مواجهة التحديات البيئية المتفاقمة على سطح الكرة الأرضية.

3- مؤتمر ستوكهولم (Stockholm) 1972 (مؤتمر الأمم المتحدة عن البيئة البشرية)

حازت دولة السويد قصب السبق في الدعوة إلى مؤتمر دولي في عام 1968 لمناقشة قضايا البيئة والتلوّث البيئي في الكوكب، وتجلّى هذا الاهتمام عندما قدمت اقتراحا إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (ECOSOC)، لعقد مؤتمر دولي حول قضايا البيئة والتحدّيات التي تفرضها على المجتمعات الإنسانية. ولم تتردّد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في تلبية هذه الدعوة، فدعت إلى عقد مؤتمر ستوكهولم (Stockholm) في الفترة الممتدة من 5 إلى 16 يونيو 1972. ويعدّ هذا المؤتمر المحاولة الدولية الأولى لدراسة أثر النشاط الإنساني على البيئة.

وقد جاء المؤتمر استجابة لعدد من المشكلات البيئية الخطيرة التي ظهرت في مختلف بلدان العالم، والتي أدّت إلى توليد الاهتمام العالمي بالبيئة وقضاياها، ولاسيما في المستويات الدولية. وجاء هذا الاهتمام أيضا تحت تأثير الكوارث البيئية والبشريّة الناجمة عن الحرب العالمية الثانية. ويندرج هذا المؤتمر ضمن سلسلة من الاهتمامات الدولية، ولاسيما في الميثاق الدولي لهيئة الأمم المتحدة ضمن مادته (55) التي أشارت بوضوح إلى أهمية البيئة وضرورة العناية بها. ومن ثمّ جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تضمّن أيضا اهتماما واضحا بالبيئة، وقد تجلّى هذا الاهتمام في المادة (25) الفقرة (01) التي تمحورت حول مسألة البيئة وضرورة حمايتها. وقد برز هذا الاهتمام أيضا في الإعلان الخاص بالتّقدم والإنماء في المجال الاجتماعي، من خلال المادة (13) تحت عنوان: حماية البيئة البشرية وتحسينها. وقد شكلت هذه الإشارات الإطار الدولي المؤسّس لمؤتمر ستوكهولم التاريخي.

 ويتصدّر مؤتمر ستوكهولم المؤتمرات التي عقدتها هيئة الأمم المتحدة في مجال البيئة والتربية البيئية، ويُعدّ أوّل مؤتمر رسمي للأمم المتحدة يعقد حول البيئة والتلوث البيئي في العالم، وشارك في هذا المؤتمر 113 دولة، وعقد تحت شعار “عالم واحد فقط وأرض واحدة فقط “One Earth”، وهو إشارة قويّة إلى أن الإنسان نتاج للبيئة ومنتج لها، أي: صنيع للبيئة وصانع لها في آن واحد. وهذا الشعار جاء ليؤكد المسؤولية المشتركة بين البشر والدول تجاه مشاكل الأرض والبيئة الأرضية، فالبشر يعيشون على هذا الكوكب وطنا للبشر دون استثناء، وهو ما يحتّم عليهم جميعا المحافظة عليه وحمايته من التلوث. وتمّ تسليط الضوء في هذا المؤتمر على قضايا البيئة، وركز المؤتمرون على أهمية بناء تصور عالمي مشترك حول أوضاع البيئة وأحوالها، وضرورة وضع مبادئ مشتركة تحفز شعوب العالم وسياسيّيه ومنظماته على العمل من أجل بيئة حيّة ونظيفة، وتكريس الجهود لحماية البيئة والحفاظ على مواردها.

ويرى كثير من المراقبين أنّ هذا المؤتمر شكّل أكبر تظاهرة دولية انعقدت من أجل البيئة وحمايتها وذلك على الرغم من تعدّد مؤتمرات البيئة وتنوعها منذ عام 1972 حتى يومنا هذا. فقد تميز مؤتمر ستوكهولم بإطلاق الإعلان العالمي للبيئة الذي تضمن تصوّرا علميا شاملا لمختلف تفاعلات التلوث البيئي وعوامله، وتأثيراته الآنية والبعيدة المدى في حياة الإنسان والإنسانية على كوكب الأرض. وقد تضمن هذا الإعلان توصيات تاريخية بالغة الأهمية في مجال المحافظة على البيئة وحمايتها.

يبدأ الإعلان بشأن البيئة البشرية بديباجة تفيد بأن الإنسان هو الذي يصنع ويشكل بيئته التي تعطيه القوة، وتمنحه الفرصة لتحقيق النموّ الفكريّ والخلقيّ والاجتماعيّ والروحّي، وقد ورد في هذه الديباجة تأكيد على دور الإنسان التنموي في المحافظة على البيئة ومواردها، تقول الديباجة: “في عصرنا هذا يمكن لقدرة الإنسان على تحويل المحيط الذي يعيش فيه إذا ما استخدمت بحكمة أن تعود على جميع الشعوب بفوائد التنمية، وأن تتيح له فرصة تحسين نوعية العيش”. مما يعني التوفيق بين البيئة والتنمية ومتطلباتها، حيث جاء في المبدأ 8 من الديباجة: “للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أهمية أساسية لضمان بيئة مواتية لعيش الإنسان وعمله، وإيجاد ظروف على الأرض ضرورية لتحسين نوعية العيش “[7].

 وتضمن هذا الإعلان أيضا نداءً تاريخيا إلى جميع دول العالم، وإلى الهيئات الدولية الحكومية وغير الحكومية يحثها فيه على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة أخطار تلوث البيئة ونضوب الموارد الطبيعية فيها. ويرى كثير من المحلّلين والمراقبين أنّ مؤتمر ستوكهولم بنتائجه وبما تضمنه من فعاليات وتصورات استراتيجية يشكل ميثاقا عالميا يلزم دول العالم بالعمل على حماية البيئة ووضع البرامج الاقتصادية والتشريعات القانونية والسياسية لتحقيق أفضل ممارسة إنسانية ضدّ كل أشكال التلوث والتدهور الذي تشهده البيئة.

وقد تضمن إعلان المؤتمر على 27 مبدأً أساسيا، أغلبها غير ملزم قانوناً، وجاء في إعلان المبادئ أن البيئة الطبيعية تشكّل إرثاً إنسانياً مشتركاً يجب رعايته وحمايته على نحو مستدام، ويجب أن يكون الاستهلاك للموارد ضمن الحدود التي تسمح الطبيعة بتجديدها، حفاظاً على حقوق الأجيال المقبلة[8].

ويتضمن إعلان ستوكهولم 26 مبدأً، يؤكد المبدآن الأول الثاني حقّ الإنسان في الحرية والمساواة في ظروف عيش مناسبة، وفي بيئة تسمح نوعيتها بالحياة في ظلّ الكرامة وتحقيق الرفاه. وهو يتحمل مسؤولية رسمية تتمثل في حماية البيئة والنهوض بها من أجل الجيل الحاضر والأجيال المستقبلية[9].

وقد شكلت المبادئ الستة التالية (2-3-4-5-6-7) جوهر الإعلان. وهي تنادي بأنّ الموارد الطبيعية للكون لا تقتصر على النفط والمعادن، بل تشمل أيضا الهواء والماء والأرض والنبات والحيوانات، والتي لا بدّ من الحفاظ عليها لمصلحة الأجيال الحالية والمقبلة.

أما المبادئ من 8 إلى 28، فقد ركّزت على مسألة تطوير قواعد القانون الدولي ولاسيما المادة 21 التي نصّت صراحة على مبدأ الوقاية للمحافظة على الموارد البيئية وتحقيق التنمية المستدامة.

وقد شكّلت هذه المبادئ بداية الميلاد الحقيقي للاهتمام بالبيئة، ومازالت تشكل الأساس والسند الذي انطلقت منه كافة البحوث والقوانين والتدابير لحماية البيئة[10].

أما عن توصيات هذا المؤتمر، فقد أصدر خطة للعمل الدولي تضمّنت 109 توصية، تدعو الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية للتعاون في اتخاذ التّدابير الملائمة لمواجهة المشكلات البيئية. ومن أبرز هذه التوصيات: [11].

– استغلال الموارد الطبيعية بشكل يمنع نفادها.

– وقف إطلاق المواد السّامة، وعدم إطلاق الحرارة بكثافة تتجاوز قدرة البيئة.

– التوفيق بين حماية البيئة و متطلبات التنمية.

– حقّ الدول في استغلال مواردها شريطة عدم الإضرار بالبيئة لدى الآخرين.

وباختصار يمكن القول إن مؤتمر ستوكهولم يعتبر منعطفا تاريخيا أرسى دعائم فكر بيئيّ جديد، يدعو إلى التعايش مع البيئة والتوقّف عن سوء استغلالها.

3-1- البعد التربوي للمؤتمر:

استطاع المشاركون في هذا المؤتمر وضع تصور واضح وشامل للمخاطر البيئية الراهنة والمستقبلية التي تهدد الكوكب، ووضعوا أهم السبل الاقتصادية والسياسية والقانونية لمواجهة هذه التحدّيات، ولكنّهم أقرّوا جميعا بعدم قدرة التشريعات القانونية المحضة والاعتمادات المالية والإجراءات التكنولوجية والاقتصادية على تحقيق الأهداف الطموحة لحماية البيئة من التلوث والهدر من غير مباشرة عملية تربوية خلاقة وشاملة تعزّز هذه الفعاليات والأنشطة جميعها. وهذا يعني أهمية التركيز على الفعاليات التربوية التي يمكنها أن تتكامل فعليا مع مختلف الإجراءات الوقائية تكاملا وظيفيا في عملية حماية البيئة والمحافظة عليها[12].

ويعبّر هذا الاهتمام عن اعتراف بالحاجة إلى نظام تربوي نشط وفعال يتكامل مع هذه الترتيبات القانونية والاقتصادية لتحقيق الجدوى الحقيقية لعملية حماية البيئة ورعايتها وصون مواردها الطبيعية. وجرى التأكيد في سياق فعاليات هذا المؤتمر على أن حماية البيئة ترتبط جوهريا بعملية تشكيل وعي عالمي بالمخاطر التي تحيق بها والتحديات التي تواجهها الحياة على سطح الكوكب. وعلى هذا الأساس المتين من الإجراءات الاقتصادية والقانونية المعززة بوعي ثقافي تربوي يمكن للإنسانية أن تتجاوز محنتها البيئية وأن تتخطّى الأزمة البيئية الماثلة في التلوّث والهدر ونضوب الموارد.

وتأسيسا على هذه الرؤية، دعا المؤتمر إلى تأسيس نظام تربوي بيئي واستراتيجي فعال يمكنه أن يواكب التحديات الكبرى التي تواجهها الحياة الطبيعية على سطح الكوكب. كما دعا إلى “تبادل الأفكار والمعلومات والخبرات المتصلة بالتربية البيئية بين دول العالم وأقاليمه المختلفة، وتطوير نشاطات البحوث المؤدية إلى فهم أفضل لأهداف التربية البيئية ومادتها وأساليبها، وتنسيق هذه النشاطات، والعمل على تطوير مناهج تعليمية وبرامج في حقل التربية البيئية وتقويمها، وتدريب وإعادة تدريب القادة المسؤولين عن التربية البيئية، مثل المخططين والباحثين والإداريين التربويين، وتوفير المعونة الفنية للدولة الأعضاء، لتطوير برامج في التربية البيئية، ووضع إستراتيجية خاصة للتنمية، وتحسين البيئة وتخفيض التزايد السّكاني، والحاجة الماسة إلى حلّ المشكلات المتعلقة بالفقر وسوء التغذية، والتفاوت الطبقي بين الأغنياء والفقراء، وإجراء البحوث الدولية في مجال البيئة والقضاء على الأمية والجهل بنشر التعليم البيئي”[13].

لقد أبلى المشاركون في المؤتمر في التركيز على الجانب التربوي لمسألة البيئة والتربية البيئية، ويشار في هذا السياق إلى التوصية (96) من بين توصيات المؤتمر التي شكلت الأساس المنهجي لبناء الاستراتيجيات الفعالة للتربية البيئية على مستوى الكوكب، وقد طالب المؤتمر في توصيته هذه بأن تتولى المنظمات العالمية التابعة للأمم المتحدة ولا سيما “اليونسكو” القيام بوضع البرامج التربوية، وإعداد الاستراتيجيات القصيرة والبعيدة المدى في مجال تطوير التربية على قضايا البيئة لترسيخ رؤية عالمية فعالة في ميدان العمل التربوي في مجال التربية البيئية. وطالب المؤتمر المؤسسات الدولية المعنية بالتريبة والتثقيف بالتعاون المثمر فيما بينها، من أجل وضع برامج تربوية علمية وافية وفعالة للتربية البيئية في المدارس والمؤسسات التربوية، وفي مختلف المؤسسات التربوية الرديفة كالأسرة والإعلام. كما ركز المؤتمر في توصياته على تعميم التربية البيئة على كلّ مراحل التعليم واستحضارها في مختلف مظاهر الحياة الثقافية من منطلق أن الوعي البيئي سيشكّل صمام الأمان لحماية البيئة العالمية ورعايتها ووقف مشاهد تدهورها.

ويتّضح أن فكرة التريبة البيئية قد تبلورت إلى حدّ كبير في هذا المؤتمر الذي استطاع في الوقت نفسه أن يضع تصوّرا واضحا للمخاطر البيئية الراهنة والمستقبلية ودور التربية في مواجهتها. وقد ناشد المؤتمرون الهيئات الدولية والمنظمات العالمية المعنية بالتربية والبيئة، ولاسيما منظمة اليونيسكو، إلى وضع البرامج التربوية التي يمكنها أن تلبّي مختلف أوجه التربية البيئية وتفعيلها ضمن المؤسسات التعليمية في مختلف هيئاتها وتكويناتها وامتداداتها التّنظيمية.

ويتّضح أنّ فكرة التريبة البيئية قد تبلورت إلى حدّ كبير في هذا المؤتمر الذي استطاع في الوقت نفسه أن يضع تصورا واضحا للمخاطر البيئية الراهنة والمستقبلية ودور التربية في مواجهتها. وقد طالب المؤتمرون الهيئات الدولية والمنظمات العالمية المعنية بالتربية والبيئة، ولاسيما منظمة اليونيسكو، بوضع البرامج التربوية التي يمكنها أن تلبي مختلف أوجه التربية البيئية وتفعيلها ضمن المؤسسات التعليمية في مختلف هيئاتها وتكويناتها وامتداداتها النظمية. وما يتميز به هذا المؤتمر أنّه كان بداية فعليّة لاهتمام حكومات العالم بهذا الموضوع، حيث تمخضت عنه وثيقتان مهمّتان هما: إعلان ستوكهولم للمبادئ البيئية الأساسية التي ينبغي أن تحكم العمل في مجال البيئة والتريبة البيئية، وإنشاء برنامج الأمم المتحدة البيئي (يونيب) United Nations Environmental Program (UNEP) كأول وكالة بيئية دولية (كالفرت و كالفرت 2002: 424) [14].

4- ميثاق بلغراد للتربية البيئية (1975)

عقد مؤتمر بلغراد، يوغوسلافيا (الآن صربيا) في الفترة الممتدة من 13 إلى 22 أكتوبر 1975، بدعوة من اليونسكو، وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة 1975، أي بعد ثلاث سنوات من مؤتمر ستوكهولم، ويشكل هذا المؤتمر أحد أهم وأخطر المحطات التاريخية في عالم التربية البيئية، ويعدّ منطلقا رائدا في مجال التأسيس للتربية البيئة عالميا في أهم مراحلها التأسيسية[15].

ويعدّ مؤتمر بلغراد في مجال البيئة والتريبة البيئية امتداد طبيعيا لمؤتمر ستوكهولم واستكمالا لمسيرته. ويبدو واضحا أن ميثاق بلغراد (Charte de Belgrade) يستند إلى إعلان ستوكهولم سعيا إلى تطوير الرؤى والتصورات التي طرحها الأخير في ضوء بعض المستجدات العالمية في مجال البيئة والتريبة البيئية. وجاء هذا الميثاق ليؤكد من جديد أهمية التربية البيئية التي تهدف إلى تكوين جيل واع مهتمّ بالبيئة وبالمشكلات المرتبطة بها، كما أكّد دورها في بناء عالم متوازن ينهض فيه الوعي بالبيئة والمشكلات المرتبطة بها، ويمكّن الأفراد، عبر الوعي والممارسة الحية الواعية بالبيئة وقضاياها، من الوفاء بمتطلبات الحياة البيئية المتوازنة ومواجهة معظم التحديات البيئية القائمة المتنامية في الوسط الحيوي للوجود الإنساني[16].

 وتضمن ميثاق بلغراد تأكيدا على دور التربية البيئية المنشودة في عملية تأصيل المعارف وتكوين المهارات وتوليد الاتجاهات الإيجابية والاستعدادات الخلاقة وتأصيلها كقوة حيوية في عملية حماية البيئة والذود عنها، واجتراح الحلول للمشكلات والتحديات القائمة، ومن ثم توظيف هذه القدرات عمليا في عملية تحقيق التوازن الخلاق ما بين الموارد الطبيعية الناضبة والاحتياجات الإنسانية المتزايدة. ويتضمّن هذا التوجه الجديد تمكين الأجيال تربويا من دافعية العمل على حماية البيئة ومن ثم العمل على تطوير الموارد الطبيعية وتنويع مصادرها دون أي إضرار بالطبيعية والإنسان.. ويشكل ميثاق بلغراد برنامجا استراتيجيّا فعالا عمليّا وعلميّا وأخلاقيّا للتربية البيئية وفقا لمبدأ الاستدامة، وهو في كل الأحوال يجسد منهجية شاملة لتربية بيئية نشطة وفاعلة في مجال التفاعل الخلاق المثمر بين الإنسان والبيئة، تربية قادرة على توليد ذهنية بيئية جديدة ضمن منظومة أخلاقية متجدّدة للحفاظ على البيئة وتطوير مصادرها، وهي في كل الأحوال يجب أن تشكل قوة ثقافية تسعى إلى بناء عالم متوازن ضمن فعالية خلاقة تحقق التوازن بين وعي متميز بالبيئة وممارسة فعالة في حمايتها وتنويع مصادرها وإيجاد الحلول لمشكلاتها. وباختصار يعدّ ميثاق بلغراد برنامج عمل عالمي يمتلك مشروعيته العلمية والعملية ويرتكز إلى أسس أخلاقية عالمية ليشكل بذلك أساسا لكل فعالية مستقبلية خلاقة ومجدية في مجال التربية البيئية، ويأخذ هذا البرنامج صورة ميثاق أخلاقي يؤكد أهمية التوازن الخلاق بين البشر فيما بينهم، وبينهم وبين موارد الطبيعة بمكوناتها وتجلياتها الحيوية[17].

وفي هذا المؤتمر تمّ تحديد الأهداف الأساسية للتربية البيئية التي تتمثّل في أهمية العمل على تكوين ثقافة عامة حيوية لحماية البيئة والمحافظة على مواردها وإيجاد الحلول الممكنة لمشكلاتها.. ويتضمّن ذلك تمكين الأفراد من فهم الطبيعة المعقّدة للبيئة كنتيجة للتفاعل الجدلي بين مختلف مكوناتها البيولوجية والفيزيائية والاجتماعية والثقافية. ومثل هذا التعقيد يتطلب بالضرورة تزويد الأفراد والجماعات بالوعي المتكامل لفهم هذا التفاعل البيئي في إطاري الزمان والمكان، ومن ثم توظيف هذا الوعي لتحقيق التفاعل العقلاني مع البيئية والمحافظة على استدامتها. وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر ركز أيضا على أهمية توليد وعي وطني واسع وشامل بأهمية الحفاظ على البيئة، وبضرورة المشاركة الفاعلة في المحافظة عليها وحمايتها من الممارسات الجائرة التي تتعرض لها، والمشاركة في اتّخاذ القرارات الوطنية والمحلية المناسبة للبيئة ومراقبة تنفيذها.

وعلى هذا الأساس تم تحديد ثمانية مبادئ للبرامج التربوية في مجال البيئة، هي[18]:

  1. يجب صوغ القوانين الضرورية لحماية البيئة والمحافظة عليها مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف جوانب البيئة وتنوعاتها السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية، والتشريعية، والثقافية، والجمالية.
  2. يجب أن تكون التربية البيئية عملية مستمرة مدى الحياة، سواء في المدرسة أو خارجها.
  3. يجب أن تتخذ التربية البيئية نهجًا متعدد التخصّصات.
  4. ينبغي أن تشدد التربية البيئية على أهمية المشاركة الفعالة للأفراد في منع المشاكل البيئية وحلها.
  5. ينبغي أن تبحث التربية البيئية القضايا البيئية الرئيسية من منظور عالمي، مع احترام الاختلافات الإقليمية.
  6. ينبغي أن تركز التربية البيئية على الأوضاع البيئية الحالية والمستقبلية.
  7. ينبغي أن تأخذ التربية البيئية في الاعتبار قضايا التنمية والنمو من منظور بيئي.

8- ينبغي أن تؤكد التربية البيئية على قيمة وضرورة التعاون المحلي والوطني والدولي لحل المشاكل البيئية.

 وقد ترك ميثاق بلغراد، أثرا كبير وواضحا في تفعيل السياسات التنموية لبعض الدول والحكومات، وأثمر في تنشيط الندوات والمؤتمرات حول التربية البيئية، ويشار في هذا الصدد إلى المؤتمر الإقليمي للتربية البيئية المنعقد في برازافيل في الكونغو الشعبية سنة 1976، وهو مؤتمر كرس جزءا من فعالياته لمناقشة توصيات مؤتمر بلغراد وميثاقه، وقام، في ضوء ذلك، بتناول المشكلات البيئة في الوسط المحلي، وبناء على ذلك تمّ البحث في وضع الاستراتيجيات الممكنة للتربية البيئية في إفريقيا، وقد أكّد في توصياته ضرورة إدخال التربية البيئية ونشر ثقافتها في المنظومة التعليمية داخل المدرسة وخارجها، وفي العام نفسه 1976 عقد مؤتمر بوغوتو في كولومبيا وتناول المناهج الدراسية للتربية البيئية مؤكدا أهمّية تبادل الخبرات بين الدول الإفريقية بصورة مستمرّة، والعمل على تطويرها يما ينسجم مع المتغيرات الحادثة في المستويين الدولي والمحلي[19]. (طويل، 2013، 48).

5- مؤتمر تبليسي -جورجيا المؤتمر الدولي الأول للتربية البيئية عام 1977:

انعقد مؤتمر تبليسي في الفترة من 14 إلى 26 أكتوبر 1977 في جورجيا في مدينة تبليسي (Tbilisi, Georgia)، بدعوة من منظمة اليونسكو وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP). وقد شكل هذا المؤتمر تظاهرة عالمية في مجال التربية البيئية تجلت بمشاركة 265 عضوا من مختلف دول العالم ومنظماته وهيئاته الإنسانية والتربوية، وقد تميز هذا المؤتمر بمشاركة نخبة واسعة من العلماء والمفكرين والباحثين في مختلف العلوم والمعارف والاختصاصات، وشارك فيه عدد كبير من وزراء التربية والتعليم، وأساتذة الجامعات، ومهندسون وفيزيائيون وعلماء في مجال البيئة وبيولوجيين واقتصاديون ومحامون وقضاة وأطباء ونقابيون وإعلاميون. وقد أضاءت هذه النخبة العالمية، بما تمتلكه من طاقة علمية ومعرفية في مختلف مظاهر الحياة البيئية ومتطلباتها التربوية، وقد طرح المشاركون أفكارا وتصورات واستراتيجيات تدعو كلّها إلى تنمية خلق بيئي وضمير بيئي ينقذ الجنس البشري من ويلات الممارسات الخاطئة في البيئة البشرية[20].

وقد تناول هذا المؤتمر مشكلات البيئة وتحدياتها ودور التربية في مواجهتها، كما ناقش أهمية العمل على بناء استراتيجيات تربوية تنموية وترسيخ ثقافة بيئية فعالة قادرة على حماية المجتمعات الإنسانية من ويلات الممارسات الخاطئة ضد البيئة الطبيعية ومكوّناتها. واقترح المؤتمر بناء خطط واستراتيجيات لتطوير التربية البيئية وتخصيبها بالخبرات والإمكانيات الدولية المتاحة لتلبية احتياجات التنمية المتوازنة وخلق الوعي البيئي المطلوب، والعمل على دمج القيم النمائية للبيئة والطبيعة في مختلف المستويات التعليمية في المستويين النظامي وغير النظامي، كما أكد أهمية التربية البيئية بوصفها عملية تربوية مستمرة تهدف إلى تحقيق التفاعل والترابط بين القيم التنموية وبين المواقف الحياتية المستجدّة.

واستطاع المؤتمرون تحديد ثلاثة أطر للعمل في مجال التثقيف والتربية البيئية على النحو الآتي[21]:

 – الوعي والمعرفة: العمل على توليد حالة من الوعي البيئي الفائق لدى الأفراد في المجتمع، ولدى مختلف الفئات الاجتماعية، ومساعدتهم على تطوير هذا الوعي بالبيئة وتنميته وصقله بالخبرات والتجارب المتنوعة في مجال العناية بالبيئة وحمايتها وصون مواردها.

– الاتجاهات والمواقف : تكوين مجموعة من الاتجاهات الاجتماعية والقيم السلوكية البيئية، بغية تطوير القيم والشعور بالاهتمام بالبيئة الطبيعية، وتحفيز الأفراد على المشاركة بفعالية في حمايتها وتنميتها.

 – المهارات : تهدف التربية البيئية إلى إكساب أفراد المجتمع مهارات فنية ومعرفية، قصد التعرف على المشكلات البيئية، والتعامل معها بطريقة عقلانية لحلّها أو التخفيف من حدتها.

 المشاركة: لا يجب التوقف عند حدود الوعي بل يجب تحويل هذا الوعي إلى قوة وجدانية تترجم بالعمل والنشاط والسلوك في مجال المحافظة على البيئة وصون مواردها.

ويلاحظ ضمن هذا التوجه الغائي للتريبة البيئية أن المؤتمربن عملوا على تحقيق التكامل بين العمل والنظر، بين الوعي والسلوك العلمي، بين النظرية والتطبيق، في تكوين الإنسان القادر على وعي المشكلات البيئية ومن ثم العمل على حمايتها ومؤازرتها بصورة مستمرة ودائمة.

 وقد صدر عن المؤتمر ما سُمّي بإعلان تبليسي الذي أعطى معنى أوسع للبيئة شمل الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والأخلاقية والجمالية، وقد عُرّفت التربية البيئة في هذا المؤتمر بأنها عملية تفاعل بين مختلف مكونات العملية المعرفية والخبرات التربوية لتشكيل وعي متكامل بالمشكلات البيئية يمكّن الأفراد من المشاركة في مواجهة هذه المشكلات والارتقاء بعملية التفاعل على مبدأ التوازن الخلاق بين البيئة والإنسان. وأكد إعلان تبليسي على التربية البيئية ترمي بشكل أساسي إلى تعريف الأفراد والجماعات بطبيعة البيئة ومكوناتها البيولوجية والطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وشدّد على أهمية بناء الوعي والمعارف والقيم والاتجاهات والمهارات التي تساعد الفرد على المشاركة الفعّالة في إيجاد الحلول الخلاقة للمشكلات البيئية والاجتماعية.

وخرج هذا المؤتمر بـ 40 توصية تناولت مجالات التربية البيئية المختلفة على مستوى العالم ككل. وقد ركّزت هذه التوصيات على دور التربية البيئية في مواجهة تحديات البيئة على الصعد الوطنية والإقليمية والعالمية. ومن أهم التوصيات التي خرج بها المؤتمر في مجال التربية البيئية [22]:

1- تدرس البيئة وقضاياها على نحو شمولي يشمل جوانب البيئة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والتاريخية، والأخلاقية، والجمالية.

2- النظر إلى التربية البيئية بوصفها عملية مستمرة مدى الحياة، بحيث تبدأ من الحضانة حتى الجامعة.

3- العمل على دمج التربية البيئية وقيمها في مختلف التخصصات العلمية والمقررات الدراسية.

4-يجب على التريبة البيئية أن تتميز بطابعها الشمولي، وأن تحقّق التكامل بين القضايا البيئية المحلية والقومية والإقليمية والدولية، وأن تمكّن الطالب من إدراك معمّق لمختلف القضايا البيئية في سياقها الشمولي في مختلف أنحاء العالم.

5- يجب على التربية البيئية أن تعنى بالمواقف البيئية الراهنة والمتوقّعة، والتجاوب معها بفعالية وشعور بالمسؤولية.

6- يجب على التربية البيئية أن تنطلق من أهمية التعاون المحلى والقومي والدولي، وضرورته في مجال مواجهة المشكلات البيئية والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها.

7- التأكيد على دور المتعلمين بالمشاركة في التخطيط واتخاذ القرارات البيئية.

8- توجيه العمل في مجال التربية البيئية على اكتشاف المشكلات البيئية والبحث عن أسبابها العلمية.

9- تستخدم التربية البيئية مختلف المنهجيات العلمية لفهم القضايا البيئية والاهتمام بالنشاطات الموازية لها.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المؤتمرين في تبليسي قاموا بتطوير مبادئ إعلان ستوكهولم وميثاق بلغراد من خلال إضافة أهداف وغايات وميزات ومبادئ توجيهية جديدة. وأعلن المشاركون في المؤتمر عن “اتفاقهم بالإجماع على الدور الهام للتربية البيئة في الحفاظ على البيئة وتحسينها“.

واستطاع مؤتمر تلبيسي أن يترك أثرا كبيرا في الممارسات التربوية الدولية وأن يولد الاهتمام الكبير بالبيئة والتربية البيئية، ومن ثم الإيمان بدورها في المساهمة في حل المشكلات البيئية، ومن هذا المنطلق، تمّ إدراك التربية البيئية في المناهج التربوية في كثير من دول العالم. وإثر مؤتمر تلبيسه ونتائجه المميزة عقدت اليونسكو بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عددا كبيرا من المؤتمرات الإقليمية والمحلية التي أخذت بتوصيات تبليسي حول التربية البيئية واتجاهاتها ونادت بإدماج هذه التربية في برامج إعداد وتدريب المعلمين، وفي المناهج الدراسية ليتمّ وضع إستراتيجية عالمية للتربية البيئية[23].

6- مؤتمر موسكو للتربية والتدريب البيئي (1987)

 بعد عشر سنوات من مؤتمر تبليسي عقد مؤتمر موسكو الأممي حول البيئة والتدريب البيئي في عام 1987 وتناول هذا المؤتمر مختلف قضايا البيئة ودور التربية البيئة في تكوين الوعي الإنساني الضروري لحمايتها والمحافظة على مواردها. وقد كرّس المؤتمرون جهودهم في مجال التأسيس الاستراتيجي للتربية البيئية والتدريب على حماية البيئة والمحافظة على مواردها.

وانطلق المؤتمر من التأكيد على التصورات التي خرج بها مؤتمر تبليسي وأهمية القرارات التي اتخذها بشأن التربية البيئية. ومع ذلك رأى المؤتمرون أن الفعاليات والممارسات الدولية لم ترق إلى المستوى المطلوب في تنفيذ مقررات تبليسي، وأن هذه المقررات ليست كافية فعليا للحدّ من التدهور الكبير المتسارع في الأوضاع البيئية كنتيجة طبيعية للممارسات غير المسؤولة في استنزاف موارد البيئة وزيادة مستوى التلوث والتدمير العبثي لمصادر الحياة في البيئة. وقد بين المؤتمر أيضا أنّ القرارات السياسية والتشريعات القانونية، لا تكفي وحدها لإيقاف هذا التدهور في البيئة وفي عناصر الحياة فيها، وأن التطور التكنولوجيا لا يستطيع بمفرده أن يحقق الغاية المطلوبة في مجال حماية البيئة، وأن التربية شريك ضروريّ يفرض نفسه بقوة في تشكيل ثقافة بيئية فاعلة تحضّ على احترام البيئة والمحافظة عليها وصون قدراتها وتطوير إمكانياتها والدفاع عنها. وأن مثل هذه التربية معنية بعملية تعديل الذهنيات البشرية وتوليد اتّجاهات سلوكية جديدة إيجابية تجاه البيئة ومواردها الطبيعية. وهذا يعني أنّ التربية يجب أن تحثّ نوعا من التغيير الثوري في المفاهيم والتصورات والقيم السائدة، وأن تعمل على تعديلها لصالح بيئة حيوية نظيفة قادرة على تلبية احتياجات الأجيال الحاضرة دون المساس بموارد الحياة للأجيال المستقبلية. ونظرا لأهمية التربية البيئية في هذا الميدان يجب على مختلف دول العالم أن تقوم بدمج هذا النّمط الجديد من التربية البيئية في أنساقها التربويّة، وفي مختلف المؤسسات التعليمية بدءا من الحضانة حتى المراحل الجامعية، وذلك من أجل بناء ثقافة تنموية خلاقة قادرة على التجاوب مع التصرّف الرّشيد في استغلال البيئة.

7- قمة الأرض ريو دو جانيرو (Rio de Janeiro) 1992 “(مؤتمر الأمم المتحدة عن البيئة والتنمية):

بعد عشرين سنة من انعقاد مؤتمر ستوكهولم، وما تمخّض عنه من قرارات أممية داعية إلى التوافق بين الإنسان والبيئة وتحقيق التوازن الخلاق بين الإنسان والطبيعية، لاحظ الخبراء أنّ القرارات التي صدرت عن مؤتمر ستوكهولم لم تستطع أن توقف التدهور البيئي المتواتر صعودا في مختلف أنحاء العالم: شماله وجنوبه. ونظرا لوضعية التدهور البيئي الملحوظة وجد المجتمع الإنساني نفسه من جديد مدعوا إلى مواجهة هذا التحدي الوجودي الكبير المتمثل في تدهور البيئة وتداعي أركانها، فكان لا بدّ من دعوة أممية جديدة لعقد مؤتمر جديد حول البيئة والتنمية، وأخذت هيئة الأمم المتحدة على عاتقها القيام بهذه المبادة، فنادت إلى عقد ما أطلق عليه لاحقا قمة الأرض (Earth Summit) في 14 حزيران عام1992 في ريو دو جانيرو في البرازيل. وهو المؤتمر الذي استطاع أن يتحرك بالوعي البيئي العالمي من مرحلة التركيز على الظواهر البيئية، إلى مرحلة البحث عن ديناميات “العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المسؤولة عن خلق الأزمات البيئية، واستمرار التلوث والاستنزاف المتزايد الذي تتعرض له البيئة، بهدف وضع أسس بيئية عالمية للتعاون بين الدول النامية والدول المتقدمة، من منطلق المصالح المشتركة لحماية مستقبل الأرض والإنسان الذي يعيش في أحضانها” (الطويل ص 87)[24].

 وعقد هذا المؤتمر الأممي بحضور 108 من زعماء العالم، وممثّلي 178 دولة، وعدد كبير من العلماء والمفكرين والباحثين من مختلف أصقاع العالم، وشهد هذا المؤتمر أيضا حضور 2400 مشارك من ممثلي المنظمات غير الحكومية، وساهم في فعالياته أكثر من 17000 شخصا. وشكلت المشكلات البيئية والموارد الطبيعية في العالم الموضوع الأساسي لهذا المؤتمر. وهدف المؤتمر إلى تعزيز الجهود الدولية في مجال حماية البيئة والطبيعة والمحافظة على مواردها، كما أنّه حثّ الحكومات والمؤسّسات والهيئات الدولية على إعادة التفكير في مبدأ التنمية الاقتصادية وفقا لشروط المحافظة على البيئة والبحث عن أفضل الوسائل العلمية والسياسية المطلوبة لوقف تدمير الموارد الطبيعية وتخفيض التلوث وحماية البيئة.

ودعا المؤتمر الى تعزيز التربية البيئية وترسيخها وتكييفها لغاية تحقيق التنمية المستدامة، وأكّد أيضا أهمية زيادة الوعي العام وتمكين الثقافة البيئية من أجل المحافظة على أمن الحياة واستدامة مواردها[25]. وألحّ المؤتمرون على إعادة تكييف التربية البيئية بروح جديدة، وتوجيه التّعليم نحو التنمية المستدامة، وتطوير البرامج التدريسية وتنشيطها، وزيادة الوعي العام في مختلف الفئات الاجتماعية.

وقد شمل الإعلان الصادر عن هذا المؤتمر 12 بنداً يؤكّد جميعها أهمية العمل المستقبلي لتحقيق التربية والتنمية المستدامة، ونادى، علاوة على ذلك، بأهمية تحقيق العدل والأمن والرخاء لجميع مواطني الكوكب. والمهم، في هذا السياق، أنّ المؤتمر أكد على ضرورة توجيه التعليم نحو التنمية المستديمة وتطوير البرامج التدريسية وتنشيطها، وزيادة الوعي العام لمختلف القطاعات لتوجيه سلوك الإنسان محلياً وعالمياً. كما دعا إلى تضمين الأهداف التنموية في المناهج الدراسية بطريقة الدمج والتخصيص كليهما في آن واحد [26].

وانتهى المؤتمر إلى وضع جدول عملي لمواجهة التحديات البيئية أطلق عليه تسمية: “جدول أعمال القرن 2″، وهو أشبه بخطة استراتيجية تدعو الدول والأمم والشعوب إلى نهج تربوي سياسي اجتماعي لحماية البيئة ومواجهة المشكلات البيئية الكبيرة. ويلاحظ الباحثون في هذا السياق أن كلمة التعليم قد تواترت في هذا الجدول أكثر من 500 مرة (AQPERE, 2007)[27]. ويرى كثير من الخبراء أن جدول أعمال القرن يمثل خطة عمل عالمية لم يسبق لها مثيل في مجال التنمية المستدامة. وهو يشكل إنجازا تاريخيا مهمّا، إذ تضمن أكثر من 2500 توصية، موزعة على أربعين فصلا خصصت للبحث فيما ينبغي الاسترشاد به في مجالات التنمية الاقتصادية (الزراعة، الصناعة، الموارد الطبيعية، والتنمية الاجتماعية الصحة، التعليم…)، وفي مشاركة قطاعات المجتمع في مساعي التنمية وفي الحصول على نصيب عادل من ثمارها. واشتمل أيضا على مقترحات مفصلة لكيفية الحد من أنماط الاستهلاك المفرط، ومكافحة الفقر، وحماية الغلاف الجوي والمحيطات والتنوع البيولوجي، وتشجيع الزراعة المستدامة، وتأكيد أهمية التربية البيئية المستدامة[28].

8- مؤتمر جوهانسبورغ (2002) مؤتمر الأمم المتحدة عن التنمية المستدامة

 احتضنت مدينة جوهانسبورغ الألمانية (Johannesburg) المؤتمر العالمي للتنمية المستدامة الذي سمّي باسمها (Johannesburg SUMIT) بحضور 182 دولة في الفترة ما بين 26- آب و4- أيلول عام 2002، وتمّ عقده تحت شعار (القمة العالمية للتنمية المستديمة) وهو الشعار الذي عبر عن طبيعة هذا المؤتمر الذي كرس عمليا على تناول العلاقة ما بين والبيئة والتنمية ضمن رؤية استراتيجية تؤكد وجود علاقات جوهرية حضارية فيما بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للحياة الإنسانية والاجتماعية في مختلف أصقاع المعمورة.

 وانطلق المؤتمر ضمن رؤية نقدية لمقررات مؤتمر قمة الأرض لعام 1992 التي لم تستطع أن تحقّق الإنجازات المطلوبة، ولم تستطع أن توقف عملية الهدر البيئي للكوكب، ولا سيما مع ظهور مستجدات حضارية وتنموية جديدة لم تكن في الحسبان في المرحلة الماضية. وشهدت أعمال المؤتمر تقييما علميا ونقديا لمختلف الإنجازات التي حققتها المؤتمرات العالمية في مجال البيئة منذ مؤتمر ستوكهلم حتى لحظة انعقاده. وقد تبين أن هذه الجهود ما زالت تحتاج إلى مزيد من العمل والتوجيه كي تحقق الغاية المنشودة منها في مجال المحافظة على البيئة وتحقيق استدامتها. وقد تبنى المؤتمر التزامه بمبادئ مؤتمر ريو دو جانيرو السبع والعشرين وبجدول أعمال القرن 21. كما تضمن إقرارا بأهمية القرارات والتوصيات التي خرجت بها معظم المؤتمرات التنموية السابقة في مجال البيئة وقضاياها الوجودية.

وقد جاء في ديباجة المؤتمر ما يعبر عن ظروف انعقاد هذا المؤتمر وأهدافه:

“منذ ثلاثين عاما اتفقنا في ستوكهولم على ضرورة التصدّي لمشكلة تدهور البيئة، ومنذ عشرة أعوام، اتفقنا في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية المعقود في ريو دو جانيرو على أن حماية البيئة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية أمور لا بد منها للتنمية المستدامة استنادا إلى مبادئ ريو. ولتحقيق هذه التنمية، اعتمدنا البرنامج العالمي المعروف باسم جدول أعمال القرن 21، وإعلان ريو بشأن البيئة والتنمية، اللذين نعيد اليوم تأكيد التزامنا بهما. وقد كان مؤتمر ريو حدثا بارزا انبثقت عنه خطة جديدة للتنمية المستدامة” [29].

 ” في مؤتمر قمة جوهانسبرغ، حققنا إنجازا كبيرا، إذ كان لقاء مجموعة شديدة التنوع من الأشخاص ووجهات النظر من أجل البحث البنّاء عن سبيل مشترك يؤدي إلى عالم يحترم رؤية التنمية المستدامة وينفّذها. ومؤتمر قمة جوهانسبرغ أكّد أيضا أنه تمّ إحراز تقدم هامّ صوب تحقيق توافق عالمي في الآراء وشراكة بين جميع شعوب كوكبنا [30]. ولا تزال البيئة العالمية تعاني من التدهور. فتناقص التنوع البيولوجي مستمرّ، وكذلك استنفاذ الأرصدة السمكيّة، والتصحّر يتلف مساحات متزايدة من الأراضي الخصبة، والآثار الضارة لتغير المناخ باتت واضحة، وتزايد حدوث الكوارث الطبيعية وما يترتب عليها من دمار، وأضحت البلدان النامية أضعف حالا، ولا يزال تلوث الهواء والمياه والبحار يحرم ملايين الأشخاص من العيش الكريم”[31].

وقد أكّد المؤتمر ترحيبه بكل أشكال التعاون الدولي والإقليمي في مجال حماية البيئة واستحضار التنمية المستدامة بكل أبعادها الإنسانية والاجتماعية. ولم يتوان المؤتمر عن إعطاء اهتمام خاص للاحتياجات الإنمائية للبلدان النامية الجزرية الصغيرة، ولاسيما البلدان الأقل نموا، وأكد من جديد الدور الحيوي للسكان الأصليين في التنمية المستدامة. وأقر المؤتمرون بأنّ التنمية المستدامة تستوجب منظورا بعيد المدى ومشاركة عريضة في صياغة السياسات، وصنع القرارات، وعملية التنفيذ على جميع المستويات.

ويتّضح أنّ المؤتمر قد أقرّ أيضا خطة جوهانسبرج للتنمية التي شملت خمس مجالات أساسية، هي: المياه، والطاقة، والصحة، والزراعة، والتنوع البيولوجي. وعلى هذا الأساس تبنى المؤتمر أيضا عددا من الأمور أهمّها: الدعوة إلى استئصال الفقر وتغيير الأنماط السلوكية غير المستدامة للاستهلاك والإنتاج. وطالب أيضا بالعمل على حماية الموارد الطبيعية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووضع هذه التصورات جميعها ضمن إطار الخطة الإنمائية المستدامة. ودعا إلى التأكيد على حماية البيئة المائية والبحرية من الهدر والتلوث، مطالبا بتشجيع البرامج الرامية إلى زيادة كفاءة استخدام موارد المياه.

ومن الأهمية بمكان، في هذا السياق، أنّ قمة جوهانسبورغ أكدت بوضوح أهمية تعزيز الوعي الشّامل بالتنمية المستدامة في مختلف المستويات الاجتماعية ولاسيما في المستويات السياسية العليا.

ومن المؤكد أن عقد جوهانسبورغ قد وسّع وعزّز مفهوم التنمية المستدامة، وأكّد على ضرورتها التاريخية، والأكثر أهمية أن المؤتمر قد طرح أهمية التنمية المستدامة هذه المرة في قاعة الاجتماعات العالمية، وفي مستوى أرفع طبقة سياسية وفكرية في العالم.

ومن الأمور المهمة جدا أن المؤتمر دعا إلى تأسيس صندوق تضامن عالمي لاستئصال الفقر ومكافحته في مختلف أنحاء العالم. كما دعا إلى توفير الماء والصحة العامة والاستهلاك المستدام في إطار مشروع كوني للتنمية المستدامة على مستوى الكوكب ولاسيما في البلدان النامية.

ومن أهم النتائج التي خرج بها المؤتمر في توصياته:

1- حماية الموارد البيئية.

2- اعتماد مبدأ الاستدامة البيئية بوصفها جزءاً رئيسياً في العملية التنموية.

3- تأكيد المسؤولية المشتركة لجميع الدول في مواجهة التحديات البيئية.

4- التأكيد على أهمية التربية البيئة المستدامة، وتشجيع جميع مواطني العالم على المشاركة في عملية نشر الوعي البيئي،

 ومن الأمور المهمّة جدا أن المؤتمر قد مهّد لـ “عقد الأمم المتحدة للتعليم من أجل التنمية المستدامة”، وهو نسق جديد من الفعاليات الأممية التي تسعى إلى تعزيز التعليم البيئي المستدام لمواجهة التحديات البيئة وتطوير الإمكانيات البشرية فكريا وثقافيا وتربويا في عملية المحافظة على البيئة والدفاع عنها.

9- عقد التعليم من أجل التنمية المستدامة 2005-2015

في أعقاب مؤتمر قمة جوهانسبرغ للأرض (Johannesburg) (2002)، أطلقت الأمم المتحدة وثيقة: “عقد الأمم المتحدة للتعليم من أجل التنمية المستدامة 2005-2014 (UNDESD) من أجل إعادة النظر في المناهج التربوية وتعديلها لتكون أكثر قدرة على تكوين الوعي الفعال لدى الأفراد وتشكيل الاتجاهات الضرورية لمواجهة التحديات البيئية الجديدة. وهدفت هذه الوثيقة إلى تشكيل هيكل أساسي للتعليم من أجل التنمية المستدامة ينطلق من المبادئ التربوية الأربعة التالية: “تخيل مستقبل أفضل”، و “التفكير النقدي والتفكير”، و “المشاركة في صنع القرار”، و “الشراكات والتفكير المنهجي”.

 

10- مؤتمر مراكش للتربية البيئية 2013

في الفترة من 9 إلى 14 يونيو 2013، انعقد المؤتمر العالمي السابع للتربية البيئية في مراكش بالمغرب. وكان الموضوع العام للمؤتمر هو “التعليم وقضايا البيئة في المدن والمناطق الريفية: بحثًا عن تناغم أكبر”، وشمل 11 مجالًا مختلفًا من مجالات الاهتمام. وضمّ المؤتمر العالمي للتربية البيئية ي 2400 عضو يمثلون أكثر من 150 دولة. وتمّ تنظيم هذا الاجتماع، الذي عقد لأول مرة في دولة عربية، من قبل منظّمتين مختلفتين: مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، والأمانة الدائمة للمؤتمر العالمي للتعليم في البيئة في إيطاليا. وشملت الموضوعات التي تمت مناقشتها في المؤتمر أهمية التعليم البيئي ودوره التمكيني، وإقامة شراكات لتعزيز التعليم البيئي، وكيفية دمج البيئة والاستدامة، وحتى كيفية جعل الجامعات “أكثر خضرة”.

11-خطة التنمية المستدامة 2015:

في 25 سبتمبر 2015، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة لعام 2030 (الأمم المتحدة، 2015). تم تطوير هذا الإطار العالمي الجديد لإعادة البشرية إلى طريق الاستدامة في أعقاب مؤتمر الأمم المتّحدة للتنمية المستدامة (ريو +20)، الذي عقد في ريو دو جانيرو، البرازيل، في يونيو 2012، على مدى ثلاث سنوات من التفكير في التي ساهمت بها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، واستجوب ملايين الأشخاص في إطار الدراسات الاستقصائية الوطنية وآلاف الجهات الفاعلة من جميع أنحاء العالم.

ومن المهم في هذا السياق الإشارة أيضا إلى في تقرير الأمم المتحدة لسنة 2017 الذي حدد 17 هدفا للتنمية المستدامة منها: 1- القضاء التام على الجوع والفقر/الأمن الغذائي/، 2- الصحة الجيدة والرفاه/صحة الطفل والأم/، 3- التعليم الجيد، 4- المساواة بين الجنسين، 5 النظافة الصحية والمياه النظيفة، 6 طاقة نظيفة بأسعار معقولة، 7- العمل اللائق ونمو الاقتصاد، 8- الصناعة والابتكار والبنية التحتية، 9- الحد من أوجه عدم المساواة، 10 – مدن ومجتمعات محلية مستدامة، 11- الاستهلاك والإنتاج، 12- العمل المناخي، 13- الحياة تحت الماء، 14- الحياة في البر، 16- التنوع الإيكولوجي، 17السلام والعدالة، 18عقد الشراكة لتحقيق الأهداف[32].

 12- دور اليونيسكو في تأصيل التربية البيئية

وتجدر الإشارة في هذا السياق الأممي أن منظمة اليونيسكو كانت تشكل المحرّك الفاعل في عقد هذه المؤتمرات، وفي تفعيل النشاطات الأممية المتعلقة بالتربية البيئية والتربية على الاستدامة بصورة مؤكدة. واستطاعت هذه المنظمة أن تأخذ مكانها في قلب هذه الفعاليات بصورة علنية أحيانا، وبصورة خفيّة في أغلب الأحيان. كما أنها شكلت البوتقة الحقيقية التي تتشكل في أعماقها مختلف الاتفاقيات والممارسات الفكرية والثقافية المتعلقة بالبيئة والتريبة البيئية المستدامة. وهنا علينا القول إنّ عددا لا متناهيا من الاتفاقيات والندوات والدراسات التربوية قد عقدت في أعقاب هذه المؤتمرات وفي أثنائها وفيما بعدها حول التربية البيئية المستدامة. ولا غرو في القول بأن النشاطات التي قدمتها منظمة اليونيسكو في مجال البيئة والتربية على البيئة تشكل خزانا يضمّ أسفارا من الأعمال الفكرية في هذا الميدان.

ومن الطبيعي ألا يكون في المستطاع سرد نشاطات اليونيسكو في مجال التربية البيئية والتربية على التنمية المستدامة، ولكن يمكننا الإشارة إلى ملمح من ملامح هذه الأنشطة المتميزة والمهمة جدا، يتمثل فيما أشارت إليه المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي التي أكدت “أن اليونسكو وضعت هدفاً جديداً يتمثل في تحويل التربية البيئية إلى مكون أساسي في المناهج الدراسية لجميع البلدان بحلول عام 2025، وأن المنظمة تعمل مع الدول المائة والثلاث والتسعين الأعضاء فيها بغية دعم عملية إصلاح المناهج الدراسية، وتعقُّب التقدم المحرز في هذا المجال، من أجل ضمان اكتساب الجميع للمعارف والمهارات والقيم والسلوكيات اللازمة لإحداث تغيير إيجابي في مجال التربية البيئية وحماية مستقبل الكوكب”.[33].

 وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن اليونسكو أشرفت على برنامج الأمم المتحدة للبيئة برنامج التعليم البيئي الدولي (IEEP) الذي بدأ في عام 1975، وهو البرنامج الذي ينطوي على رؤية تربوية حول ركائز التربية البيئية ويقدم للمعنيّين من الدول والمؤسسات التربوية نصائح عملية حول كيفية تعبئة التعليم من أجل الوعي البيئي. ودون إطالة في سرد النشاطات التربوية التي قمتها اليونيسكو في مجال التربية البيئية المستدامة نستطيع القول إنّ نشاطات هذه المؤسسة في هذا الميدان تشكل تراثا فكريا وتربويا عالميا لا ينضب في مستوى الفكر والممارسة التربوية في هذا المجال الخطير من مجالات الحياة القائمة على أساس التفاعل الحيوي بين الإنسان ومحيطه.

13- قائمة بأهم النشاطات والمؤتمرات والندوات الأممية  حول البيئة والتربية البيئية :

سبقت الإشارة إلى التعدد الكبير في النشاطات الأممية حول البيئة والتربية البيئة، وقد ذكرنا أنه يصعب حصر هذه النشاطات والمؤتمرات والفعاليات المستمرة في هذا الميدان. وقد وجدنا أيضا أن الحديث عن هذه المؤتمرات والنشاطات جميعها يحتاج إلى مجلدات ضخمة، ولذا فقد اكتفينا بعرض المؤتمرات البيئة التأسيسية التي ركزت على التربية البيئة. ومع ذلك ولا تكتمل صورة هذه النشاطات الدولية الأممية في مجال التربية البيئية ما لم نأخذ بعين الاعتبار الصورة البانورامية لتعاقب هذه المؤتمرات عبر الزمن. وقد وجدنا لزاما علينا أن نستعرض قائمة شاملة بأهم النشاطات الدولية والمؤتمرات الأممية التي شهدتها المجتمعات الإنسانية منذ عام 1971 حتى يومنا هذا في مجال التربية البيئية تحديدا. وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أنّ هذا العرض يقدم تصوّرا واضحا مهمّا وضروريا للتعرف على طبيعة الفعل التربوي الأممي في مواجهة التحديات البيئية. وهذه هي القائمة التي تتضمن أهم المؤتمرات والنشاطات العالمية في مجال التربية البيئية:

1971- مؤتمر روشليكون الأوروبي حول البيئة والتربية البيئية

1972 – مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة البشرية، ستوكهولم.

1973 – إنشاء برنامج التربية البيئية الدولية PIEA.

1975 – ندوة التربية البيئية الدولية في بلغراد

1977 – المؤتمر الدولي الأول للتربية البيئية، تبليسي (جورجيا)

1987 – المؤتمر الدولي الثاني “الإستراتيجية الدولية للعمل في مجال التربية البيئية والتدريب للتسعينيات”، موسكو.

1992 – مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية أو Sommet de Rio – جدول أعمال القرن 21.

1997 – المؤتمر الدولي الثالث “البيئة والمجتمع”: التعليم والوعي العام بالاستدامة “في تسالونيكي (اليونان)

2003 – المؤتمر العالمي للتربية البيئية. البرتغال.

2004 – المؤتمر العالمي للتربية البيئية. البرازيل.

2007 -المؤتمر العالمي للتربية البيئية. إيطاليا.

2007 – المؤتمر العالمي الرابع للتعليم البيئي. إفريقيا الجنوبية

2007 – المؤتمر الدولي الرابع للتعليم البيئي من أجل مستقبل مستدام. أحمد أباد (الهند)

2009 – المؤتمر العالمي للتربية البيئية. كندا.

2011 – المؤتمر العالمي للتربية البيئية. أستراليا.

2013 – المؤتمر العالمي للتربية البيئية. “التعليم والقضايا البيئية في المدن والمناطق الريفية: بحثا عن تناغم أكبر”. المملكة المغربية.

2015 – المؤتمر العالمي الثامن للتربية البيئية. السويد.

2017 – المؤتمر العالمي التاسع للتربية البيئية. كندا.

2019 – المؤتمر العالمي العاشر للتربية البيئية. تايلاند.

2021 – المؤتمر العالمي الحادي عشر للتربية البيئية. جمهورية التشيك.

14- خاتمة:

ما زالت مسيرة العمل الأممي في مجال البيئة والتربية المستدامة عن البيئة على أشدها، ولن تتوقف ما دامت قضية البيئة تطرح نفسها كإشكالية وجودية تهدد مصير الحياة على الأرض، ويرصد الباحثون عددا لا متناهيا من النشاطات والفعاليات الأممية ويقدر المراقبون أن قضية البيئة قد حظيت بأكثر من ألف نشاط واتفاقية دولية تتناول قضايا بيئية محددة منذ مؤتمر روشليكون حول البيئة البشرية عام 1971، وما زال المجتمع الإنساني يعقد المؤتمرات ويبرم الاتفاقيات في مجال البيئة والتربية البيئة المستدامة. وتشكل هذه النشاطات والاتفاقيات منصة عالمية للتعامل مع القضايا البيئية المشتركة العابرة للحدود “كالتلوث والتنوُّع البيولوجي والتصحُّر وحماية البحار والمحيطات، وصولاً إلى حماية طبقة الأوزون وتغيُّر المناخ “[34].

ولم يعد اليوم خافيا على أهل العلم توقد الاهتمام العالمي بالبيئة، وتنامي التركيز على التربية البيئية بوصفها منطلقا حيويا للمحافظة على الحياة الإنسانية، والتنوع الحيوي على امتداد الكوكب. وقد بدا واضحا أيضا أنّ النشاطات الأممية قد تركت بصماتها العميقة في مجال تنمية الوعي العام العالمي بقضايا البيئة والحياة البيئة في مختلف أنحاء المعمورة. ومن المؤكّد اليوم أن هذا الاهتمام الدولي كان له الأثر الكبير في دفع الدول عبر العالم إلى اعتماد التربية البيئية ودمج عناصرها في مختلف المؤسسات التربوية. وغنيّ عن البيان أيضا أن الفعاليات الدولية المستمرة منذ مؤتمر روشليكون في عام 1971 حتى اليوم استطاعت أن ترسّخ أهمية التربية البيئة من منظور فكري فلسفيّ، يقوم على إدراك عميق لطبيعة التفاعل التنظيمي الخلاق بين مكونات البيئة في مختلف تجلياتها الإحيائية والاقتصادية. ومن الواضح أيضا أنّ هذا المنظور الفلسفي يركز على أهمية الوعي بمصادر البيئة الحيوية منطلقا أساسيا في التربية البيئية، داعيا إلى عقلنة السلوك الإنساني البيئي وتحويله إلى فعالية مستدامة لتحقيق التوازن الخلاق بين الإنسان والإنسان من جهة، وبين الإنسان والطبيعة من جهة أخرى (UNESCO ,1978,27)[35].

ومن المؤكد أيضا أنه قد كان لهذه المؤتمرات الفضل الكبير في إثارة الرأي العام العالمي بالتربية البيئية وأهميتها في تشكيل الوعي العالمي بمخاطر التغول على الطبيعة، وقد أثمرت في النهاية في الدفع إلى دمج التربية البيئية في التعليم العام في مختلف البلدان، وهي التربية التي تعمل على تأصيل وعي عالمي بالمشكلات البيئية وتوليد مختلف الاتجاهات والقيم والمهارات في مجال المحافظة على البيئة وصون مواردها.

وباختصار يمكن أن نلخّص أهم الإنجازات التربوية لهذه المؤتمرات في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين استكمالا للصورة البانورامية التي سبق لنا تقديمها آنفا. وهنا يمكن الإشارة إلى مؤتمر جوهانسبورغ 2002 الذي أكّد على أهمية العلم في المجال البيئي. وإلى المؤتمر العالمي الأول للتربية البيئية للألفية الجديدة سنة 2003 بمدينة أسبينهو (Espinho) في البرتغال الذي شدّد على أهمية التربية البيئية المستدامة. ويمكن الإشارة أيضا إلى المؤتمر العالمي الثاني للتربية البيئية عام 2004 بمدينة ريو دو جانيرو (Rio de Janeiro) بالبرازيل الذي ركز على موضوع تحديات التربية البيئية في العالم المعاصر. أما المؤتمر العالمي الثالث للتربية البيئية عام 2005 بمدينة تورينو الإيطالية فقد تمرز حول التطبيق الفعلي للتربية البيئية في مجال التنمية المستدامة. ولم يتخلّف المؤتمر العالمي الرابع للتربية البيئية عام 2007 بمدينة ديربان (Durban) بجنوب إفريقيا عن الاهتمام بالعلاقة الحيوية بين التعليم والعلم والتربية البيئية. وهنا تجدر الإشارة أيضا إلى المؤتمر العالمي الخامس للتربية البيئية عام 2009 بمدينة مونتريال (Montréal) بكندا الذي اهتم بدور أو مساهمة التربية البيئية في حل المشاكل الاجتماعية والبيئية. وعلى هذا المنوال اهتم المؤتمر السادس للتربية البيئية عام 2011 بمدينة بريسبان (Brisbane) بـ أستراليا، بدور التربية البيئية في المجتمعات الإنسانية المعاصرة، وضمن هذا المسار اهتم المؤتمر العالمي السابع للتربية البيئية 2013 بمدينة مراكش ــ بقضايا التربية البيئية ودورها في تحقيق الحياة الخضراء.

وهذه الفعاليات الأممية التربوية في هذه المؤتمرات تدل بوضوح على تزايد الاهتمام العالمي بقضايا التربية البيئية ودورها الخطير في مواجهة تحديات الحياة البيئية على سطح الكوكب.

ويضاف إلى ما تقدم أنّ الفعاليات الأممية في مجال التربية البيئة استطاعت في حقيقة الأمر أن تحدث تطورا كبيرا في مفهوم البيئة والتربية البيئية والتنمية، ويمكننا من خلال السيناريو الفكري الذي قدمناه أن نلاحظ أنّ هذه المؤتمرات المتواترة – ما بين مؤتمر روشليكون في سويسرا عام 1971 ومؤتمر مراكش 2013عام – استطاعت أن تطور مفهوم البيئة في علاقته مع التنمية إلى صيغ فكرية جديدة ومتناغمة مع أفضل التصورات التنموية الممكنة في ظل الحادثات المستجدة. وانتقلت هذه المؤتمرات من رؤية أولية تتمركز حول بيئة الإنسان في “روشليكون 1971” الى فكرة البيئة والتنمية في مؤتمري بلغراد وتبليسي 1992. ومن هذه الى فكرة التنمية المستدامة في مؤتمر جوهانسبرغ 2002[36]. وهذا يدلّ على الدور المتعاظم الذي أدته هذه المؤتمرات في تأصيل رؤية فلسفية متقدمة لقضية البيئة والتنمية البيئية والتربية على البيئة، وأن هذه الرؤية قد اختمرت في بوتقة التفاعلات الفكرية لهذه المؤتمرات ضمن ساق التطورات الحادثة في هذا الميدان ما بين عقد وآخر من الزمن[37].

ولا بد لنا في هذه الخاتمة من القول إنّ الجهود الدولية المبذولة (القمم واللقاءات والمؤتمرات) على مدى الستة الماضية لم تستطع أن تحقّق جدواها لحماية البيئة، وأنه على الرغم من هذه الجهود المتمثلة في النقاشات والخطابات الدولية والإقليمية والوطنية حول البيئة والتريبة على البيئة، ما زالت البيئة تتعرّض للتّخريب البشري، وما زالت المنظومة الرأسمالية تعيث فساد وتلوثا في أرجاء المعمورة[38]. ومن الواضح أن التربية على البيئة ما زالت في بداية تفاعلاتها، ولاسيما في البلدان الفقيرة والنامية، التي ما زالت وتائر التنمية فيها ضعيفة ومحدودة. وما يدعو اليوم إلى المزيد من القلق العالمي أنّ النشاطات الأممية لم تستطع أن تحقّق ما يجب عليها أن تفعله في مجال تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة. ويبدو أن تحقيق هذه الغاية ما زال حتى اليوم بعيد المنال. وما زالت البيئة تواجه تهديدات متزايدة ومستمرة وتنبئ بأنّ المعمورة تواجه أعظم الخطر، وأن مستقبل الإنسانية مهدّد كليا ما لم تتخذ إجراءات جذرية لحماية البيئة والطبيعية من غوائل البشر.

هوامش الدراسة ومراجعها :

[1] – SAUVÉ, L. Currents in environmental education: Mapping a complex and evolving pedagogical field. Canadian Journal of Environmental Education, vol.10, n.1, p.11-37, 2005.

[2]– Disinger, J.F. (1983). «Environmental Education’s definitional problem». Journal of Environmental Education, (2), 17-32

[3] – Jan Carnovsky and David Withrington, Final Report, European Working Conference on Environmental Conservation Education, 15—18 December 1971, IUCN (International Union for Conservation of Nature and Natural Resources) Rüschlikon, Morges, Switzerland 1972.

[4] – Jan Čeřovský and David Withrington, Final Report, European Working , Ov.cit.

[5] – Jan Čeřovský and David Withrington, Final Report, European Working  , Ov.cit.

[6] – الشراح، يعقوب أحمد، وآخرون. (1986 ). التربية البيئية. برنامج كاتب وكتاب ،  الكويت: مؤسسة الكويت التقدم العلمي.

[7] – الموسوعة السياسية، مؤتمر ستوكهولم للبيئة 1972. http://bitly.ws/fTwW

[8]نجيب صعب، هل نحتاج إلى شرعة عالمية للبيئة؟ الشرق الأوسط، رقم العدد [15195]، 5/7/2020. http://bitly.ws/fTu7

[9] – الموسوعة السياسية، مؤتمر ستوكهولم للبيئة 1972. http://bitly.ws/fTwW

[10] – الموسوعة السياسية، مؤتمر ستوكهولم للبيئة ، المرجع السابق.

[11] – الموسوعة السياسية، مؤتمر ستوكهولم للبيئة ، المرجع السابق.  

[12] – رشيد الحمد ومحمد سعيد صباريني، البيئة ومشكلاتها، الكويت: المجلس الوطني للعلوم والثقافة والفنون، عالم المعرفة العدد 22، أكتوبر، 1979 ص 180.

[13] – طويل، فتيحة (2013). التربية البيئية ودورها فيي التنمية المستدامة: دراسة ميدانية بمؤسسات التعليم المتوسط بمدينة بسكرة – أطروحة دكتوراه، شعبة علم الاجتماع، قسم العلوم الاجتماعية، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، السنة الجامعية: 2012- 2013.

[14] – كالفرت، بيتر وسوزان كالفرت، السياسة والمجتمع في العالم الثالث: مقدمة، ترجمة عبد الله جمعان الغامدي، مطابع جامعة الملك سعود، الرياض، 2002 .

[15] – UNESCO-PNUE, (1975). La Charte de Belgrade. Un cadre mondial pour l’éducation relative à

L’environnement. [En ligne]. Disponible sur: https://institut-eco-pedagogie.be/spip/IMG/pdf_CharteBelgrade.pdf

[16] – PALMER, J. Environmental education in the 21st century, theory, practice, progress and promise. New York: Routledge, 1998.

[17] – PALMER, J. Environmental education in the 21st century, theory, practice, progress and promise. New York: Routledge, 1998.

[18] – UNESCO-PNUE, (1975). La Charte de Belgrade. , Ov.cit.

[19] – طويل، فتيحة (2013). التربية البيئية ودورها فيي التنمية المستدامة ، مرجع سابق ، ص 48.

[20] – رشيد الحمد ومحمد سعيد صباريني، البيئة ومشكلاتها، الكويت: المجلس الوطني للعلوم والثقافة والفنون، عالم المعرفة العدد 22، أكتوبر، 1979 ص 185.

[21] – UNESCO(1977). Intergovernmental Conference on Environmental Education organlied by UNESCO in cooperation with UNEP Tbilisi (USSR) 74 – 26 October 1977.

[22] – Tbilisi Declaration (1977). Available online: https://www.gdrc.org/uem/ee/tbilisi.html.

[23] – طويل، فتيحة (2013). التربية البيئية ودورها فيي التنمية المستدامة: مرجع سابق ،  ص 50.

[24] – طويل، فتيحة (2013). التربية البيئية ودورها فيي التنمية المستدامة ، مرجع سابق .

[25] – الأمم المتحدة، تقرير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية ريو دو جانيرو، 3-14 حزيران يونيو 1992.

[26] – أحمد زهير، التلوث وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر، الحوار المتمدن، المحور الطبيعية، عدد 1360، 2005. منشور في الأنترنيت على الرابط: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=48965

[27] – AQPERE, (Association Québécoise pour la promotion de l’éducation relative à l’environnement) (2007). Un environnement gagnant ! Les facteurs de succès à l’intégration de l’environnement dans les écoles primaires et secondaires: le cas de huit écoles québécoises. Montréal: AQPERE.

[28] – محمد عبد الفتاح القصاص، أبعد من جوهانسبورغ مجلة البيئة والتنمية، عدد 52-53، تموز-آب (يوليو-أوغسطس) 2002. http://bitly.ws/fXkC

[29] – الأمم المتحدة، تقرير مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة، جوهانسبرغ، جنوب أفريقيا، 26 آب/أغسطس إلى 4/أيلول/سبتمبر 2002، نيويورك، 2002. ص 3

[30] – الأمم المتحدة، تقرير مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة، جوهانسبرغ، المرجع السابق.

[31] – الأمم المتحدة، تقرير مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة، المرجع السابق. ص3 .

[32]سعدي، عائشة (2021). الوعي البيئي والتنمية المستدامة، المجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية المجلد (6)، العدد 1، يناير 20121، صص 64-82.

[33] – اليونيسكو، اليونسكو تحثّ على تحويل التربية البيئية إلى مكون أساسي في المناهج الدراسية لجميع البلدان بحلول عام 2025، 12/05/2021. http://bitly.ws/fJr3

[34]نجيب صعب، هل نحتاج إلى شرعة عالمية للبيئة؟ الشرق الأوسط، رقم العدد [15195]، 5/7/2020. http://bitly.ws/fTu7

[35] – UNESCO UNEP. (1978). Intergovermental Conference on Environmental. Unesco. Education.Final Report.Tiblissi 1977.

[36]سعدي، عائشة (2021). الوعي البيئي والتنمية المستدامة، مرجع سابق .

[37] – محمد عبد الفتاح القصاص، أبعد من جوهانسبورغ مجلة البيئة والتنمية، عدد 52-53، تموز-آب (يوليو-أوغسطس) 2002. http://bitly.ws/fXkC

[38] – برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، «محاربة تغير المناخ: التضامن الإنساني في عالم منقسم»، تقرير التنمية الإنسانية 2007/2008، نيويورك ولبنان: شركة الكركري للنشر، 2007.

 

مقالات أخرى

كعب الأحبار والإسلام

الحب والجنس: إيقاعات التناغم والانفصام؟

الوليمة الطوطمية في سيكولوجية فرويد

15 تعليقات

فاطمه عبدالله الرشيدي 13 أغسطس، 2021 - 6:21 م
ان التدهور البيئي الحاصل في أنحاء الكرة الارضيه هو بمثابة حرب بيولوجية شنت عليها ، وهو ماعملته يد الانسان حتى استنزفت الطاقه والثروات التي عليها والتلوث الذي ادى بحياة كل الكائنات وغير في المناخ ، فيجب علينا الحفاض عليها ويجيب على منظمات الصحه العالميه بالقيام في تنمية وادراك الناس بالمحاطر الهائله التي تتعرض لها البيئة وطرق الوقابة من هذه المخاطر وتقليلها ومعالجتها ووضع قوانين واتفاقات دولية للحد من هذا التدهور مثل تقليل الغازات الناجمه من السيارات والمصانع والمبيدات ووضع حد للرعي الجائر والنفايات ومنع قطع الاشجار والحرائق لكي نحافظ على المناخ وبيئة صحية نظيفة ولكي تدوم الخيرات الطبيعيه لنستمتع بها وتدوم للأجيال القادمه .
الجازي عمر الهاجري 15 أغسطس، 2021 - 8:09 م
مقالة ملمة بكل تفاصيل المؤتمرات البيئية تُعد عمليّة المحافظة على البيئة وحمايتها من أهم الأمور التي يجب على الإنسان أخذها بعين الاعتبار، وذلك للحدّ من تدمير النُظم البيئية بشتى أنواعها، والتدهور البيئيّ الذي يهدد بدوره كلاً من صحة الحيوانات، والبشر، والنباتات على المدى الطويل بفعل الأنشطة البشريّة، وبهذا فإن جميع القرارات المُتخذة من قِبل البشر تؤثر على البيئة بشكل أو بآخر سواء كانت تتعلق بأغذيتهم، أو مُشترياتهم، أو كيّفيّة التنقل وغيرها. أصبحت قضية التلوث البيئي أمراً يؤرّق العالم بأكمله؛ لما لها من تبعات على المدى القريب والبعيد، لذلك يجب على جميع المؤسسات التكاتف للحد من هذا التلوث وتوعية الناس لمدى خطورة هذا الأمر، وفيما يأتي دور بعض هذه المؤسسات
ساره مساعد العجمي 16 أغسطس، 2021 - 1:30 ص
يعطيك العافيه استاذي مقال جميل، نستنتج أنّ التربية البيئيّة هي وسيلةٌ من الوسائل التي تُحقّق أهداف حماية البيئة وصيانتها، وتُشكِّل بُعداً مهمّاً من أبعاد التّربية الشّاملة والمُستديمة لتعديل سلوك الإنسان، وتنميته إيجابياً لإعداده للحياة وتكيفه معها، وتطبيعه اجتماعياً مع وسطه الذي يعيش فيه مع بيئته الطّبيعية جنباً إلى جنب، و تكمن أهمية التربية البيئية في تدارك الوضع البيئيّ الحاليّ، واتخاذ أفضل التّدابير التي تستلزم تنمية العلاقات الإيجابيّة بين الناس والبيئة، وما بين عناصر البيئة المُحيطة، وزيادة الوعي والخبرة لدى الإنسان في معرفة آثار المُخلّفات التّكنولوجيّة والصّناعية على البيئة.
غالية العازمي 21 أغسطس، 2021 - 2:01 ص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتوري الفاضل استمتعت جدا بقراءة هذه المقال الجميل والرائع و بمناقشتك لموضوع مهم جدا بوقتنا الحالي الا و هو التربية البيئية ، مما لاشك فيه اننا بعصر التكنولوجيا الذي له أضرار وله منافع و سأناقش مضارها ، منها بناء المصانع والسيارات ، بناء المصانع اثر بالجو وبالطبع ايضا السيارات اثرت بالجو و ايضا مخلفات البلاستيك التي تلقى على الارض و التي توثر على خراب التربة ثم خراب حياه النبات والحيوان والانسان و ايضا هذا كله يسبب الاحتباس الحراري و انفتاح بطبقة الاوزون و الكثير من انواع الامراض مثل السرطان و امراض الرئة و امراض ايضا لا تعد ولاتحصى فيجب علينا كمعلمين للمستقبل ان نوعي ابنائنا وبناتنا و الطلاب والطالبات عن أهمية هذه البيئة ونربيهم على حبهم للبيئه من خلا استبدل الضار بالنافع حتى لا تتاثر اجوائنا و احوالنا حاليا او بالمستقبل القريبة او البعيد و شكرا
شهد محمد حمد الختلان 22 أغسطس، 2021 - 1:22 ص
توجد العديد من التّعريفات لمفهوم التّربية البيئيّة، فيُمكن تعريفها بأنها عبارةٌ عن جانبٍ من جوانب التّربية الذي يُساهم في مُساعدة البشر للعيش بنجاح على الكرة الأرضيّة، كما أنّها عمليةُ تعلُّم أسلوب إدارةِ وتحسين علاقة الإنسان بيئته، وعُرّفت أيضاً بأنّها مجموعةُ اتجاهات ومعارف وقيم تستلزم فهم العلاقة التّبادليّة ما بين المُتعلّم والبيئة المُحيطة به، حيث تحكم سلوكَه، وتُثير اهتمامَه ومُيوله، فيُحاول الحرصَ على صيانتها، والمُحافظة عليها، لأجله أولّاً ثم من أجل مُجتمعه. Volume 0% عُرفت التربية البيئية بأنها عبارةٌ عن طريقةِ إعداد الإنسان من أجل التّفاعل النّاجح مع البيئة، وما تتضمّنه من موارد مُتعدّدة، وذلك من خلال إكسابه المعرفة البيئيّة التي يستطيع من خلالها فهم العلاقات التّبادلية بين الإنسان وعناصر البيئة المُحيطة، والعلاقة ما بين هذه العناصر مع بعضها البعض، بالإضافة إلى تنمية المهارات الإنسانيّة التي تُساهم في تطوير الظُّروف البيئيّة للأفضل. نستنتج مما سبق أنّ التربية البيئيّة هي وسيلةٌ من الوسائل التي تُحقّق أهداف حماية البيئة وصيانتها، وتُشكِّل بُعداً مهمّاً من أبعاد التّربية الشّاملة والمُستديمة لتعديل سلوك الإنسان، وتنميته إيجابياً لإعداده للحياة وتكيفه معها، وتطبيعه اجتماعياً مع وسطه الذي يعيش فيه مع بيئته الطّبيعية جنباً إلى جنب. أهمية التربية البيئية تكمن أهمية التربية البيئية في عدّة مُبرّرات، وهي على النحو التالي: التّزايد المُستمرُّ لمشاكل البيئة، وتفاقمها، وزيادة تعقُّدها مع مرور الزّمن، مثل: الثّورة العلميّة والتكنولوجيّة؛ حيث استفاد منها الإنسان، ولكن نتجت عنها آثارٌ خطيرةٌ ومُدمِّرةٌ للبيئة. تدارك الوضع البيئيّ الحاليّ، واتخاذ أفضل التّدابير التي تستلزم تنمية العلاقات الإيجابيّة بين الناس والبيئة، وما بين عناصر البيئة المُحيطة، وزيادة الوعي والخبرة لدى الإنسان في معرفة آثار المُخلّفات التّكنولوجيّة والصّناعية على البيئة. حاجة النّاس إلى تربية بيئيّةٍ ليستطيعوا فهم الوظائف الأساسيّة بواسطتها للوصول إلى إنتاج الغذاء، وإيجاد الماء، وحماية أنفسهم من تقلُّبات الطّقس.
نوف فاهد 24 أغسطس، 2021 - 1:45 م
نشكرك دكتور علي وطفة على هذه المقالة فلابد من نشر الوعي البيئي بكثرة ففي الطن العربي نجد انه الكثير من الناس لا يهتمون لهذه الكارثة البيئية فيجب على الدول فرض القوانين الصارمة تجاه كل من يقوم بأفعال تضر البيئة حيث انه النصح لم يعد يجدي نفعا لذلك نرى في بعض الدول مثل سنغافورة قد سنّت القوانين الصارمة لكل من يقوم بأفعال تضر البيئة فلذلك أصبح نسبة الوعي البيئي عندهم عالية فيجب علينا ان نبدأ بالقوانين ومن ثم ستتأصل بهم تلك الاخلاقيات ولكن دون فرض قوانين صارمة ستظل الكوارث البيئية في تزايد
نوف فاهد 24 أغسطس، 2021 - 1:54 م
فأي ضرر يقوم به الانسان للبيئة سيعود عليه كونه يعيش في تلك البيئة فكل انسان يجب ان يستوعب هذه الحقيقة كي يستيقظ من سباته العميق وينظر لنتائج افعاله
نور سعود العازمي 26 أغسطس، 2021 - 12:10 م
نشكر جهودك الرائعة دكتورنا عجبني الموضوع جداً في البداية نود ان نقول علينا جميعاً ان ننشر الوعي البيئي بكثرة . ففي بلداننا نجد انه الكثير من الناس لا يهتمون لهذه الكارثة البيئية، علينا ان نتحرك وننشر على الدول فرض القوانين الصارمة تجاه كل من يقوم بأفعال تضر البيئة .حيث انه النصح والارشادات لم تعد تفيد بهم نفعا لذلك نرى انهم يجب ان يتحركون ويفرضون قوانين ضد من يقوم بتلك الاعمال .
هاجر عبدالله الحجاج 2 سبتمبر، 2021 - 5:56 ص
شكراً لك دكتور علي على هذه المقالة رائعه جداً ، التربية البيئية هي عملية تعلم تهدف إلى زيادة معرفة الناس ووعيهم حول البيئة والتحديات المرتبطة بها وتسهم في تطوير المهارات والخبرات اللازمة لمواجهة التحديات التدهور الذي يحصل للبيئة بسبب استنزاف الموارد مثل الهواء والماء والتربة، وتدمير النُظم البيئية، وتدمير الموائل، والتلوث وانقراض الحياة البرية. ويُعرَّف بأنه أي تغيير أو اضطراب للبيئة طبيعي كان أو من صنع البشر، يُنظر إليه على أنه ضار أو غير مرغوب فيه.يجب علينا نشر الوعي البيئي للاسف الكثير من الناس لايهتمون بهذة الكارثة يجب علينا ان نفرض قوانين تجاه كل من يقوم بأفعال تضر البيئة وتوقيفه عن فعل هذه الاشياء التي ممكن ان تؤثر بالبيئة وتسبب بها مشاكل
انوار برجس الشمري 2 سبتمبر، 2021 - 7:51 م
إن التدهور البيئي الحاصل في أنحاء الكوكب نتيجة استنزاف الطاقه والثروات التي عليها من قبَل الإنسان ، لذلك من الواجب علينا حمايتها ويجب على منظمات الصحه العالميه البدء في نشر الوعي بالمخاطر الهائله التي تتعرض لها البيئة وطرق الوقاية من هذه المخاطر ،فعمليّة المحافظة على البيئة وحمايتها من أهم الأمور التي يجب على الإنسان التطرق لها للحدّ من تدمير النُظم البيئية ، ولقد أصبحت قضية التلوث البيئي لما لها من تبعات قضية هامة، لذلك يجب على جميع المؤسسات التكاتف للحد من هذا التلوث وتوعية الناس لمدى خطورة هذا الأمر. ونشر التربية البيئية التى تساهم بدورها في حماية البيئة وصيانتها.
اسماء شبيب العازمي 6 سبتمبر، 2021 - 5:03 م
بصفة عامة البيئة تشير إلى المحيط الكائن حول شيء، وقد يكون هذا الشيء إنسانا أو حيوانا أو برنامج حاسوب أو نفس الإنسان. ويتفق العلماء في الوقت الحاضر على أن مفهوم البيئة يشمل جميع الظروف والعوامل الخارجية التي تعيش فيها الكائنات الحية وتؤثر في العمليات التي تقوم بها. فالبيئة بالنسبة للإنسان- "الإطار الذي يعيش فيه والذي يحتوي على التربة والماء والهواء وما يتضمنه كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة من مكونات جمادية، وكائنات تنبض بالحياة. وما يسود هذا الإطار من مظاهر شتى
رهف شايع الهاجري 12 سبتمبر، 2021 - 7:05 م
موضوع يستحق الطرح .. فالمحاولات والجهود التي تبذل في مجال حماية البيئة لتنظيم استغلال المصادر الطبيعية وصيانتها لا تكفي لضمان التصرف السليم من قبل الأفراد تجاه البيئة ، والتربية البيئية ليست مجرد معلومات تعرض مشكلات البيئة بل تتمثل في إيقاظ الوعي وتنمية القيم الأخلاقية التي تحسن من طبيعة العلاقة بين الفرد وبيئته وخلق النمط السلوكي السليم تجاه البيئة ومن الضروري أن تشمل المناهج التدريسية توعية المواطنين بخصائص البيئة وطرق الحفاظ عليها .. الحل الأمثل يكمن في تكوين الانسان وتنشأته وتوعيته وعيًا تامًا يصل إلى ضميره ويتحول إلى قيم اجتماعية لديه توجه سلوكه اليومي
شوق الرشيدي 13 سبتمبر، 2021 - 1:09 ص
واضح هذا التدهور البيئي وشكله الحاضر في المظاهر البيئية المختلفة حولنا، واستقطابه للرأي العام، وإثارته لقلق الناس في العالم، وانتشار المؤتمرات العالمية عن أهمية البيئة واشهرها مؤتمر ستوكهولم الدي يعتبر مرسى لدعائم فكر بيئيّ جديد، وبروز الجهود الدولية المبذولة في القمم واللقاءات والمؤتمرات العالمية والمعاهدات والمواثيق الدولية، مقال جميل وبسيط للبدء في البحث عن هذا الموضوع الرائع والشيّق.
نوف حجيلان 13 سبتمبر، 2021 - 1:42 ص
كلام سليم حضرة الدكتور حبذا لو يؤخذ به ،الإنسان يعيش في هذه البيئة التي من أجل أن تستمر الحياة فيها متوازنة يجب عليه أن يهتم بها ويحميها من كل ماقد يؤثر على بقاءه ونموه،فيحاول بكل السبل المحافظة عليها وازدهارها.
رغد خالد العازمي 13 سبتمبر، 2021 - 6:05 ص
شكرا لك دكتور مقالة جميلةولها العديد من الجوانب الهادفة والمفيدة لنا . البيئة بشكل عام هي : اجمالي الاشياء التي تحيط بنا وتؤثر على وجود الكائنات الحية على سطح الارض متضمنة الماء، وللبيئة نوعان الا وهما البيئة المادية(الهواء-الماء-الارض) ، والاخرى البيئة بيولوجية (النباتات-الحيوانات-الانسان) ، فالبيئة هامه للانسان وجميع الكائنات الحية ، لتستمر البيئة لابد من المحافظة عليها وعدم تعرضها للخطر ، يعتبر الانسان اهم عامل حيوي في احداث التغيير البيئي والاخلال الطبيعي البيولوجي ، فبيدة يستطيع الانسان جعلها متزنه ومفيدة ام متلوثة غير صالحة للعيش، فعندما لايحافظ الانسان عليها فسيكون هناك تاثيرات سلبية عليها وهي :التلوث البيئي ، التلثوت الناجم عن مياه الصرف الصحي ، سوء استخدام الطبيعة وحرق الوقود الاحفوري وغيرها من اثار سلبية ، فهكذا تصبح البيئة غير صالحة للعيش وتكون ضارة على الانسان والكائنات الحية .
Add Comment

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد