1.4K
ست سنوات مرت على رحيلك يا أبي رحمك الله وغفر له وأسكنك فسيح جناته في صحبة الصديقين والشهداء والصالحين، دوما ندعو لك الله ابتي أن يغفر لك ويعفو عنك وينقك من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
ست سنوات مرت محرومون من تواجدك معنا ومن جلسات النقاش بيننا، لا زالت كلماتك في أسماعنا ولا زالت حركاتك وخطواتك ونشاطك ماثلا في أعيننا ولا زالت حكمتك ونصائحك تعمل فينا، وكم اكتشفنا من أمور بعد رحيلك لم نكن نصدقها كلية في حياتك أنها كانت صحيحة وصادقة، فاللهم اعف عنا واغفر لنا ولمن سبقونا اليك.
نم بسلام يا أبتي فأنت بين يدي الرحمان، أما نحن فنقول يا رب فرج علينا كل ضيق ولا تحملنا ما لا نطيق ، وندعوه أن يجعلنا من أصحاب النفوس الطاهرة، والقلوب الشاكرة وأن يرزقنا طيب المقام وحسن الختام .
يا ابتي بماذا اخبرك ؟
هل اخبرك بما فعله السفهاء فينا، الذين طغوا في البلاد فأكثرو فيها الفساد، سرقوا مدخرات البلاد واغتصبوا حق هذا الشعب المغبون، لقد سكت أهل الحق يا أبي عن الباطل فتوهم أهل الباطل على أنهم على حق . هل تتصور يا أبي أنه بلغ بهم الامر الى عبادة الشخصيات المفسدة و تقديم قرابينهم وهداياهم اليهم حتى ولو كانت اطارات خشبية. لقد تحكم السفهاء فينا وافسدوا علينا منظوماتنا التعليمية والصحية والاجتماعية، لم تعد تلك الجامعات التي كنت تفتخر بي وأنا ادرس فيه مركزا اشعاعيا كما في وقت مضى بل اصبحت مجرد مصنع لتوزيع الشهادات ومكانا لهدر الزمن والاوقات، الا ما رحم رب السموات .
هل اخبرك بالهجمة الماكرونية على الجزائر والاساءة الاعلامية الحاقدة على رسولنا صلى الله عليه وسلم وتكالب الطامعين على الكعكة الجزائرية ونحن لا نعلم من المستقبل القادم اي خطوات فكيف تكون لنا القوامة للمجابهة القادمة ولا نملك من اسس التحضر والعلم والاخلاق سوى ما تراه الشوافات.
هاهي فرنسا التي واجهتها سابقا تمارس عاداتها القديمة وتتدخل في شؤونها الداخلية بعقلية كولونيالية مفضوحة، وكأنها لا تزال لا تعترف باستقلالنا ولا بسيادتنا مادام عملاؤها في الداخل يعملون لها ليل نهار.
بماذا اخبرك يا أبي بعد ست سنوات ؟
هل اخبرك يا أبي عن مآسينا في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن العظيمة، والاحزان العميقة والالام المستمرة، هل اخبرك عن تخلفنا الذي يزداد ، وعن التطرف الفكري والديني الذي اصاب المجتمع ولا يزال، عن الاخلاق التي اصبحت عند الكثيرين في خبر كان، واصبح المال والمصالح اهدافا لأغلب الناس والاحزاب والجماعات .
هل اخبرك عن السياسة التي تنسج المسرحيات وتجعل من الساسة أبطالا وهم احيانا من شر المخلوقات، وعن الشعب الذي اصبح مفعول فيه، يدستر له ما لا يشاء ويتحكم في قوته وحريته ومستقبله بما لا يشاء.
هل أخبرك يا أبي عن مرض كورونا الذي أصاب الملايين وخطف منا الالاف، فيهم أطباء كبار وأساتذة مشهروين ودعاة محترمين، واناس أفاضل واقارب مميزين دفنوا بواسطة الجرافات وحرمنا من حضور الجنازات و التعازي والمواساة رحمهم الله جميعا برحمته الواسعة.
هل اخبرك يا أبي عن تعطيل العقول عن التفكير ، وغياب الضمير عن التسيير، وقلة الادب مع الصغير والكبير.
هل اخبرك عن المستقبل المجهول لأولادنا والوظيفة غير الموثوقة لطلبتنا .
للاسف يا ابتي إفتقدنا كل شيئ جميل وفقدنا الرغبة في اكمال المسير ولولا أنك علمتني العيش بالتفاؤل واستبشار الخير مع الامل الكبير ، و لولا ضرورة التوكل على الله الخبير، والاستهداء بالعزيز الكبير، ولولا وجود اهل الاصلاح والتغيير، لما استبشرنا السعادة وما تفاءلنا بالخير والنعيم .
اللهم ارحم واغفر لوالدي وللمؤمنين والمؤمنات يوم الحساب، واللهم اشف مرضى المسلمين والمسلمات، اللهم نسالك رحمتك وعفوك ورضاك وأن تدخلنا الجنة وانت راض عنا يا ارحم الراحمين، ولا حول ولا قوة الا بالله
6 تعليقات
كلماتك تحبس انفاسنا و نحن نتذكر رجل من طينة الكبار رغم ثقافتنا المحدودة رجل غرف نواميس السياسة و الفن و الثقافة عن بديهة رحمه الله و اسكنه فسيح جناته
ربي يرحمو عمي احمد ويجعل قبره روضة من رياض الجنة ويرزقه الفردوس الاعلى ان شاء الله كان بمثابة الاب يحترم الناس جميعا ومحبوب من طرف الجميع يمازح الصغار ويحبهم كنت احترمه واحبه كثيرا ربي يرحمك عمي احمد
اللهم اغفر لجميع المسلمين والمسلمات الاحياء والاموات
اللهم اغفر لجميع المسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات
ربي يرحموا ويغفر له ويجعل مئواه الجنة الفردوس الأعلى يارب العالمين
ذكرى معبرة وملهمة.
اللهم اغفر وارحم وانت خير الراحمين.