إعادة التفكير في العلاقة بين الدين والديمقراطية والليبرالية: مشاكل العلمانية في المجتمعات الإسلامية. Nader hashimi

  ترجمة: نورالدين علوش المغرب [1]

تتمثل المفارقة في جوهر النقاش حول الإسلام والديمقراطية، التي غفل عنها المنظرون الديمقراطيون. هذه المفارقة هي أن الديمقراطية الليبرالية تتطلب شكلا من العلمانية حتى تدوم. لكن في نفس الوقت ما يتوفر عليه الديمقراطيون المسلمون من موارد ثقافية فكرية وسياسية هي في الأصل لاهوتية. للتصالح مع هذا التوتر هو نقد تطوير نظرية ديمقراطية للمجتمعات الإسلامية اليوم.

فالتعريف المقدم هنا للديمقراطية لليبرالية، يستمد جذوره من النظرية السياسية لجون لوك وروسو وستيوارات مل. فالأساس الأخلاقي للسلطة السياسية للشرعية هو القبول الشعبي، السيادة الشعبية والحرية الفردية [2]. مع ذلك هي أكثر من نظر إجرائي، فالديمقراطية ليست أكثر من القابلية على التصويت مع أو ضد قادة سياسيين محتملين. فالتصور المستعمل هنا أكثر تواضعا من الديمقراطية التشاركية أو التشاورية على سبيل المثال [3]. بعبارة أخرى، هو تعريف شجاع للديمقراطية الليبرالية من حيث أن السلطة السياسية مصدرها هو الاتفاق حول الحكومة المنتخبة من طرف الشعب. والالتزام بحقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا [4].

بمصطلحات علمانية، فالمفهوم حوله جدال. تشالرز تايلور: ” ليس هناك وضوح فيما يخص دلالة العلمانية “. [5]في هذا الفصل أشير إلى العلمانية السياسية التي تناولت مشكل الفصل بين الدين السياسة، وليست العلمانية الاجتماعية التي تتحدث عن الغياب المحرج للدين في العلاقة الاجتماعية في المجتمع المدني أو العلمانية الفلسفية المرتبطة بالإلحاد والرافضة لأي لاهوت [6]. أكثر توتر مفترض بين الإسلام والديمقراطية يتركز حول موضوع الشحنة السلبية للعلمانية. باحثين مثل برنارد لويس، صامويل هنتنغتون وارنست غلنر أكدوا أن الإسلام بخلاف المسيحية أكثر تصلبا ورفضا للعلمانية في توجهاته السياسية والأخلاقية. وهذا مظهر الفكر السياسي الإسلامي ما يفسر غياب سياسة ديمقراطية علمانية في المجتمعات الإسلامية [7]. في حين أن هذا الفصل لن يتعمق في هذا النقاش، يكفي ان نقول بان هذا النقاش مبني على قراءة تاريخية وخاصة للاهوت الإسلامي والتقليد الإسلامي السياسي المبكر. الذي نتج عنه نموذجا سياسيا ودينيا ضد العلمانية في مقابل التاريخ السياسي والمذهبي للمسيحية التي من المفترض أنها ساعدت نفسها أكثر في تهذيب السياسة العلمانية. وفقا لبرنارد لويس: ” إن الأسس التي جعلت المسلمين لا يطورون حركة علمانية خاصة بهم، ويتفاعلون بحدة ضد محاولات إدخالها من الخارج، ستكون بذلك واضحة من التناقض بين التاريخ المسيحي والإسلامي. منذ البداية تم تعليم المسيحيين مبدأ وممارسة للتمييز بين الله والقيصر، بين الواجبات المختلفة المستحقة لكل من الاثنين. لم يتلق المسلمون تعليمات من هذا القبيل”[8].

ما يعاب على هذا المنظور، هو مبالغته في التأكيد على التاريخ قبل الحديث للإسلام، في تقديره للعلاقة بين العلمانية والمجتمعات الإسلامية المعاصرة. ما يتضمنه هذا القول ان الأطراف السياسية ذات الخلفية الدينية في المجتمعات الإسلامية، لا يمكنها المساهمة في ديمقراطية ليبرالية، و يجب النظر إلى صعودهم إلى السلطة السياسية على أنه تهديد للأسس العلمانية التي تدعم مشروع الديمقراطية الليبرالية.

فنظريات العلوم السياسية الأساسية، اليوم تدعم هذا الافتراض [9]. يحاول هذا الفصل ان يكسب رهان هذا الإشكال؟ بإعادة التفكير في العلاقة بين الدين والديمقراطية الليبرالية، مع إلقاء الضوء على سؤال العلمانية. والتذمر منها في التطور السياسي للمجتمعات الإسلامية.

. في سياق القيام بذلك، الافتراض غير المدروس، إن السياسة الدينية والتطور الديمقراطي الليبرالي غير ملائمين يجب دراسته. القسم الأول لهذا الفصل يشرح في جزء منه: لماذا العلمانية السياسة جذورها الفكرية ضعيفة في المجتمعات الإسلامية. يجب ان تكون المقاربة تاريخية ومقارنة، وربطها بسؤال الإصلاح الديني أو غيابه في الفكر السياسي الإسلامي. في الجزء الثاني دراسة مختصرة وتحليل لمجتمعين إسلاميين أندونيسيا وتركيا. اللتين عرفتا تحولا كبير نحو الديمقراطية الليبرالية يمكن الاسترشاد بهما. سيكون التركيز على الدور الذي لعبته الأطراف السياسية الإسلامية في تقدم الديمقراطية الليبرالية، مع التأكيد على العلاقة بين الثقافة السياسية والعلمانية. باختصار يحاول هذا الفصل، إصلاح جوهر مفارقة النقاش حول الإسلام والديمقراطية، الذي أكدته علمانية الديمقراطية لليبرالية. في نفس الوقت فاقتراحي ينصب حول مساهمة الأطراف السياسية الدينية في دمقرطة ولبرلة مجتمعاتها. لإكمال هذه المهمة يجب أولا إعادة التفكير في مشكل العلمانية في المجتمعات الإسلامية.

 نحو ديمقراطية ليبرالية علمانية في العالم الإسلامي: دروس من التاريخ والتجربة

واحد من الباحثين المميزين في مناقشة هذا الموضوع، نجد الباحث عبدو فيلالي أنصاري. في مقاله المعنون ” رهان العلمانية ” كتيه منذ عشر سنوات خلت، أشار إلى أن علمانية العالم الإسلامي سبقت الإصلاح الديني، عكس التجربة الأوروبية حيث كانت العلمانية نتيجة للإصلاح الديني “[10].

لسو الحظ لم يتوسع في أفكاره. حتى نفعل ذلك يجب إلقاء الضوء على موضوعين أساسيين: أولا: العلاقة بين الدين، العلمانية والثقافة السياسية.

ثانيا: كيف يمكن دعم الديمقراطية الليبرالية في المجتمعات الإسلامية. [11]

في التطور التاريخي للغرب، الإصلاح الديني سبق العلمانية. في هذه المسالة ليس هناك نقاش كبير أو جدل. اذا رجعنا للماضي، لا يمكن النظر فلسفيا في ظهور وانتشار العلمانية، بدون الرجوع إلى الإصلاح البروتستانتي والحروب الدينية التي مزقت أوروبا “[12].

بعبارة أخرى، فالتطور التاريخي للعلمانية الغربية نجد فيها أولا أفكار إصلاحية لمارتن لوثر( في رسائله: القضايا 95(1517) التي أثرت بشكل مباشر على رسائل جون لوك حول التسامح (1689). واحد من الذين نظروا وبرروا أخلاقيا، الفصل بين الدين والسياسة. كان من الصعب فهم التسلسل العكسي في المقام الأول بسبب أن الثقافة السياسية في الغرب آنذاك غير راغبة في دعم الفصل بين الدين والسياسة. في الحقيقة أن الإصلاح الديني قبل التنوير، يجب النظر إليه بشك كبير بسب أن الدين يشكل سلطة أخلاقية. لهذا هوجم هوبز” في نشرات ومن منبر الوعظ لإنكاره الإلحادي المفترض للقيم الأخلاقية الموضوعية والترويج للفجور “[13].

في بداية كتابه اللفياتن ” توقع هوبز ما سيكون و انتقادات اللاذعة ستكون على حججه الدينية الجديدة اكثر من إصلاحاته السياسية الجديدة. في رسالة بولس الرسول كتب ” ربما قد تكون أكثر إهانة هي نصوص معينة من الكتاب المقدس ” “[14]. أفكاره الدينية الجديدة يجب النظر اليها، اكثر جدة لتكون أصيلة بالرغم من التزامه بالمسحية “[15]. جون لوك من أباء الديمقراطية الليبرالية في ما يخص هذا النقاش. في كلا رسائله السياسية الضخمة نجد حجج السياسية لوك سبقتها إعادة تأويل للمذهب المسيحي. في رسالتيه حول التسامح، نجد في الأولى أن القاعدة الأخلاقية للسلطة السياسية الشرعية هي بعيدة كل البعد من نظرية الحق الإلهي للملوك. ومن ثم موضعتها في الاتفاق حول من يحكم. في رسالته الثانية حول التسامح، تأويله الجديد للمسيحية كان مقدمة لتصوره حول علاقة الدين والسياسة، وبصفة عامة حول التسامح الديني. في رسالته الأخيرة حول التسامح يختلف عن الإجماع الهوبزي السائد في عصره( وحدة السياسة والدين) ويطرح فكرة أن التسامح الديني ملائم مع النظام السياسي شرط أن نميز بين عمل الحكومة وعمل الدين، وكذا وضع الحدود العادلة التي تربط الدين بالحكومة “[16].

بعبارة أخرى، العلاقة المعيارية بين الدين والسياسة، شكلت من جديد بواسطة لوك عبر تأويل غير مخالف لمفهومه الجديد حول علاقة الدين بالسياسة. ما يستفاد من الدرس الأوروبي أن الإصلاح الديني يسبق حركة العلمانية والديمقراطية “[17]. بالمقابل في المجتمعات الإسلامية و كما أشار عبدو فيلالي جرى العكس ” فالعلمانية سبقت الإصلاح الديني “. لهذا كانت نتائج سلبية على تطور سياسي في المجتمعات المسلمة. تم إدخال العلمانية إلى المجتمعات الإسلامية أولا بسبب الاستعمار الغربي وثانيا سياسات تحديثية وقمعية لدولة ما بعد الاستعمار. هذا يعني أن صيرورة العلمانية كانت فوقية وليست بنائية من الأسفل إلى الأعلى بل كانت مفروضة من الدولة. وفقا للباحث فالي نصر فالنموذج السياسي المستبد لكمال أتاتورك أصبح المثال لباقي دول العلم الإسلامي: إيران في عهد بهلوي، أنظمة قومية عربية، أندونيسيا وباكستان”[18]. المخطط العام لهذا التطور يعني أن “هندسة اجتماعية تعمل يد في يد مع الوعي العلماني للنظام التربوي والقضائي مع تأميم الأوقاف الدينية. هكذا تم قطع الدور السياسي الاجتماعي للدين “[19]

يناقش المؤرخ المشهور مارشال هودسون هذا الأمر في كتابه المقارن “الحداثة بين الغرب والشرق الأوسط “. هناك فرق حاسم بينهما. حيث يكشف عن العداء الإسلامي للحداثة في مقابل ما اسماه الباحث “تسارعا في التاريخ ” حيث تم القطع مع الماضي. السبب الأول في هذا التطور هو ان الحداثة لم يوازيها تحولا دينيا وثقافيا وسياسيا على مستوى أغلبية الناس.

هدسون في دراسته ” الحداثة والإرث الإسلامي” في القرن التاسع عشر لمصر. بعد فشل المشروع الاستعماري لبونابرت في مصر (1798-1799) تولى ضابط الباني في الجيش العثماني الحكم في مصر، حيث عمل على تقويض أسس حكم المماليك وتحديث المجتمع المصري “[20]. بسبب إصلاحاته العميقة أصبح مؤسس مصر الحديثة. يجيب هودسون عندما أسس حكمه الجديد وقوض نظام المماليك: ” وجد أن وراء قرنين من التحول الاجتماعي والانتقائي المطرد الذي عرفته أوروبا الغربية كان ناقصًا تمامًا، وهذا النقص يحد من قدرته على وضع حدود ضيقة معينة غير مألوفة بعد ذلك لكنها أصبحت شائعة”. [21]

محاولة محمد علي لبناء حياة فكرية جديدة لمصر، تجسد في النظام التربوي الحديث الذي أسسه. باستلهامه للنموذج الغربي تم الاعتماد عل مدارس الهندسة والعلوم، لكن النتائج كانت كارثية بالرغم من نبل النوايا. حيث قسم المجتمع إلى طبقتين: طبقة أولى مثقفة أي النخبة وطبقة ثانية أغلبية الناس. المجموعة الأولى للتلاميذ( العلمانيون) ليسم لهم معرفة بالماضي الإسلامي لمصر، لم يحظوا بتعاطف من قبل أغلبية الناس “. [22]

المجموعة الثانية من التلاميذ، الذين لهم تعليم تقليدي توجهوا إلى دعم الثقافة المحلية، النتيجة النهائية حسب هودسون هو أن الفريق الأول متشبع بالحداثة لكن مع شعور بالاغتراب من المجتمع. والفرق الثاني متشبع بقيم الثقافة المحلية ودون الانفتاح على مكتسبات الحداثة “[23]. يذهب بهذه المقارنة إلى أوسع مدى، حيث يقارن هودسون بين تأثير اجتماعي لغزو بونابرت لألمانيا مع غزوه لمصر. حيث اسفر التغير التاريخي على ” اقل سرعة في مصر من ألمانيا” لكن الفرق الأساسي يكمن في ان “ألمانيا أصبحت قوية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية الفكرية، أما في مصر فقد حصل العكس ” يشرح هودسون كيف: ” لأنه في ألمانيا، تم إعداد الابتكارات في التقنية الإدارية في إنتاج الآلات، والباقي إن لم يكن متقدمًا حتى الآن كما هو الحال في فرنسا أو إنجلترا ومع ذلك، فقد تم إعدادها من خلال التدريب التدريجي لأجيال من كتبة وحرفيي العصور الوسطى السابقين بطرق أكثر تقدمًا تقنيًا مثل كان هذا هو الحال في إنجلترا وفرنسا. لأن ألمانيا بشكل أساسي كانت جزءًا من نفس المجتمع العام مثل إنجلترا. في مصر على العكس من ذلك، كانت الأحداث نفسها تميل إلى تدمير مهارة الحرفيين وما هي السالمة الفكرية الموجودة في الواقع هناك في الثامن عشر مئة عام”[24].

أشار هودعسون إلى ان: قصة مصر تكررت في معظم المناطق المتحضرة والمتعلمة في النصف الشرقي من الكرة الأرضية، بنسبة كبيرة اقل أو أكثر إسلامية “[25]. أطروحته حول القطيعة الراديكالية أو ما أسماه اللاستمرارية القوية للحداثة الإسلامية التي نوقشت من طرف باحثين أخرين وصلوا إلى نفس النتائج. [26]

النقطة المفتاح فيما يخض النقاش هو أن تحليل هودسون يكمل ويؤكد أراء عبدو فيلالي ” العلمانية سبقت الإصلاح الديني في العالم الإسلامي على عكس ما جرى في الغرب “. في حين أن هدسون لم يشر بوضوح الى العلاقة بين الإصلاح الديني، العلمانية والديمقراطية. يؤكد أن العالم الإسلامي ليست له تجربة “لتحول فكري واجتماعي ثابت ” من الأسفل يطابق التحديث الدولتي من أعلى. فهذه إشارة إلى انحطاط الثقافة السياسية الإسلامية. بعبارة أخرى، لان غياب الإصلاح الديني حول العلاقة المعيارية بين الدين والديمقراطية، العلمانية التي لها جذور ضعيفة في العالم الإسلامي. هذا يفسر جزئيا لماذا اليوم الدعوة إلى إقامة دولة إسلامية، مازالت حاضرة بين أبناء المجتمعات الإسلامية. باستثناء أقلية متعلمة ومتغربة أما الأغلبية الكبيرة في العالم الإسلامي، تتفق مع الوحدة السياسية والدينية وترفض مبادئ العلمانية. بسبب هذا الدعم الديني للثقافة السياسية المتخلفة يسمح بهذا. [27]

هذا الجانب المتشائم من القصة، بخصوص التحليل أعلاه، لكن في نفس الوقت يعطينا أسباب للتفاؤل كاقتراحنا هذا ندفع به نحو الأمام. اذا كان الإصلاح الديني يمكن المساهمة في العلمانية. فهو سؤال مناسب لطرحه: هل هناك تحولات موجودة في اي مكان في العالم الإسلامي اليوم؟ اذا كان ذلك أين تجري تلك التحولات؟ وما هي الدروس المستفادة لدعم الديمقراطية الليبرالية عبر العالم الإسلامي؟ ما يجري في إندونيسيا وتركيا قد يكون الجواب.

 أندونيسيا وتركيا: تبيئة العلمانية الإسلامية وتطوير الديمقراطية لليبرالية

يبدو أن إمكانات نجاح الديمقراطية الليبرالية، لا تظهر إلا على مستوى تركيا وإندونيسيا في العالم الإسلامي. في السنوات الماضية كلا البلدين، بالرغم من اختلاف السياقات التاريخية سجلتا تطورات سياسية مهمة في هذا المجال. هذا يعكس ترتيبها السنوي المعد من بيت الحرية. حيث نجد إندونيسيا وتركيا تحتلان موقعا متقدما في مجال الحقوق السياسية والحريات المدنية مقارنة مع بلدان إسلامية أخرى. [28]

فيما يخض هذا الفصل هو الربط بين الأطراف السياسية الإسلامية، الديمقراطية والعلمانية. هذه العلاقة لم يهتم بها الباحثون، مع ذلك بالتأكيد على هذا الربط الذي يساهم بطريقة فريدة في فهمنا للعلاقة النظرية بين الدين العلمانية والديمقراطية للبرالية، عموما وعوائق التطور السياسي في المجتمعات الإسلامية خصوصا. في حين أن الفحص الشامل هو خارج نطاق هذا الفصل، يتم تقديم التعليقات الموجزة التالية. واحدة من المظاهر المهمة في السياسة التركية والأندونيسية في السنوات الأخيرة: الدور المركزي الذي لعبته الأطراف السياسية في تقدم الديمقراطية الليبرالية. هذا التطور في حد ذاته يفند أحد الافتراضات الرئيسية لنظرية التحديث والتبعية ألا وهو أن السياسة الدينية والتقدم السياسي غير متلائمين”[29]. نفس هذه الأطراف السياسية صالحت معتقداتها اللاهوتية مع العلمانية، مما سمح لهم بإنجاز مهم تجلى في دمقرطة ولبرلة مجتمعاتهم. في كلا البلدين إندونيسيا وتركيا الدعوة إلى إنشاء دولة إسلامية لا تستند على دعم شعبي بالمقابل في مجتمعات إسلامية أخرى حيث تجد كل الدعم والتعاطف. بقبول التعددية السياسية، الديمقراطية معايير عالمية لحقوق الإنسان. العلمانية السياسية الآن لها جذور في ثقافتهم السياسية ولأجل المستقبل المنظور يبدو أن هذا الاتجاه سيستمر.

حالة أندونيسيا:

عرفت أندونيسيا كباقي دول العلم الإسلامي، صعود إسلامي في النصف الأخير من القرن العشرين. هذا التيار الإسلامي لعب دورا مهما في مناهضة النظام الاستبدادي لسوهارتو (1966-1998) والانتقال الديمقراطي بعد سقوط سوهارتو. المظهر المميز لهذا النشاط الإسلامي هو تسامحه وديمقراطيته. وصف روبير هوفنر الإسلام السياسي الرئيسي في أندونيسيا ” إسلام تعددي مدني “. اتخذ عدة أشكال ومع ذلك، فإن ميزته الرئيسية تنكر أهمية الدولة الإسلامية المتجانسة وبدلاً من ذلك تؤكد الديمقراطية، الاختيار، وتوازن القوى في المجتمع والدولة “[30].

الجدير بالذكر هو دور المثقفين الإسلاميين في الانتقال الديمقراطي لاندونيسيا هو التزامهم الكامل بالعلمانية. حيث نجد ماجد نورشوليش وعبد الرحمان وحيد من رواد التيار الإسلامي الحديث. بدلا من تجنب العلاقة بين الإسلام والعلمانية هما واجها هذا المشكل بشكل مباشر وحاولا بناء نظرية سياسية تدريجيا حول العلمانية الإسلامية التي أصبحت اليوم مكونا أساسيا للإسلام الاندونيسي”[31].

كلا المثقفين يمتلكان مؤهلات دينية راسخة، وارتباطات قوية بالمجتمع المدني التي ساهمت في نجاحهما وأعطت نظريتهما السياسية انتشارا واسعًا. أشار هفنر إلى أن حجج مجيد حول العلمانية جرت عليه انتقادات قوية وغضبا شديدا”. التهمة الرئيسية ضده هو أن آراؤه حول العلمانية متماشية مع التأويل الغربي للإسلام. تمكنت الأفكار الحداثية الجديدة من كسب الرهان بشكل دائم في الخطاب الإسلامي حول العلاقة المعيارية بين الدين والدولة. في الوقع علمنة الفكر الإسلامي السياسي بالتدريج وفقا لهيفنر سبب في نجاحهم في تطوير نظرية إسلامية حول العلمانية حيث أظهر استراتيجيتهم التي يعملون بها ” “رفض سكولاستيكية الفقه الكلاسيكي أبقى هؤلاء الكتاب المعرفة القرآنية في مركز حججهم، لكنهم كافحوا لوضع هذه المعرفة في سياق من خلال استكشاف انتقائي للتقاليد الأخرى، والنماذج الفكرية الجديدة العلوم الاجتماعية الغربية، العلم الإسلامي الكلاسيكي، تاريخ إندونيسيا هذه ومصادر أخرى تم رسمها في جهد لخلق خطاب سلامي جديد ينشد الحضارة والتعددية[32]. فالشكل العلماني التي دافعت عنه الأطراف السياسية الإسلامية هي نسخة ضعيفة من العلمانية، لكن مع ذلك تبقى علمانية. [33] حين يرسم خطأ واضحا بين الدين والسياسة، ويرفض خصخصة الدين عوض عن ذلك تشجع الانخراط الأحزاب الدينية في الفضاء العمومي. التوجه المتسامح والمندمج للإسلام السياسي الرئيسي في أندونيسيا، منع من فرض توجه ديني واحد على المجتمع، وبالتالي عمل على تهذيب ودعم الديمقراطية والعلمانية في أندونيسيا اليوم.

حالة تركيا:

ما نجده في إندونيسيا نجده في تركيا. من المظاهر الأساسية لنجاح الديمقراطية الليبرالية في تركيا هي أن حركتها بدأت من أطراف سياسية جذورها إسلامية، رجب طيب أردوغان الوزير الأول الحالي وقائد حزب العدالة والتنمية هو نفسه الذي حظر عليه العمل السياسي سنة 1998 وحكم عليه بعشر أشهر بسبب ميولاته، ومع ذلك ها هو اليوم يقود تركيا إلى الاتحاد الأوروبي العلماني. كيف حدث هذا؟[34]

قصة كفاح تركيا من اجل الديمقراطية للبرالية تحتوي على معلومات مفيدة. من الناحية الرسمية تركيا هي جمهورية ديمقراطية علمانية. العلمانية التي أسس لها أتاتورك ودافع عنها الجيش والمؤسسات الكمالية، جذورها من العلمانية الفرنسية التي تعادي الدين. ظهور العديد من الأحزاب الإسلامية بسب انفتاح المجال السياسي وكرد على سياسات علمانية قاسية لأتاتورك التي سيطرت على الأحزاب العلمانية لمدة خمسة عشر عاما. بالرغم من الانتصارات الانتخابية المتكررة، تم حظر الأحزاب الإسلامية، فقط لتعاود الظهور مرة أخرى باسم جديد وزيادة الدعم السياسي. إنهم يمثلون جمهورًا سياسيًا مهمشًا حتى الآن، عندما يتم الحكم عليهم من حيث التزامهم، الإسلاميين الأتراك لديهم مسار أفضل من خصومهم في المؤسسة العلمانية التركية. نفس الأمر نجده في أندونيسيا، أطراف إسلامية ومفكروها، صالحوا لأهوتهم السياسي مع العلمانية، هناك توتر قائم بين النسخة الضعيفة للعلمانية ( المفضلة عند الإسلاميين) والنسخة الكفاحية للعلمانية ( المفضلة عند التيار الكمالي ). كل التعبيرات الإسلامية في تركيا ترفض الأساس الفلسفي للفصل بين الدين والسياسة. لكنها ترفض فكرة تطبيق الشريعة وتدعم مشروع دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وفقا لهاكان يافوز: هذه الأحداث جرت بسبب علمانية داخلية للدين في تركيا “[35]. كما أشار الى حركة المفكر الإسلامي الحديث غولن التي طورت تأويلا جديدا للإسلام، وركزت على الديمقراطية والعلمانية. حركة غولن هي الأكثر نشاطا في داخلها وخارجها، ومؤسسة على قاعدة دينية. وهي مستقلة عن الدولة. وواحدة من أفكارها الأساسية هو فكرة ان الوعي الديني يتشكل عبر لمؤسسات والممارسات الاجتماعية. يكتب يافوز” فحص هذه الجماعة يكشف عن فرص اقتصادية وسياسية تؤثر على علمانية داخلية للإسلام التركي من ناحية الحداثة، القومية والخطاب العالمي حول حقوق الإنسان “[36].

بالنظر إلى مدى انتشار وشعبية غولن، وخاصة في المجال التربوي والاقتصادي والإعلام. فإن اللاهوت السياسي للديمقراطية الذي انبثق عن هذه الجماعة الإسلامية له تأثير غير مباشر ودائم على السياسية التركية “[37]. أضاف يافوز ” تميزت حركة غولن الجديدة عن باقي الحركات بصوتها المعتدل حول قضايا جدلية: مثل العلمانية والمسالة الكردية، الحجاب[38]. القائد الكارزيمي لهذه المجموعة كتب كثيرا حول فكره السياسي والديني. الإسلام لم يقدم نموذجا ثابتا للحكم ” يقول غولن: عوض عن ذلك قدم الإسلام المبادئ الأساسية الموجهة للحكومة بصفة عامة تاركا للأمة اختيار النموذج المناسب حسب الزمان والمكان “[39]. تأويله للإسلام يتميز بالتسامح والتعددية. والحداثة والرحمة. آراؤه حول العلمانية مفيدة جدا، فهو من الموقعين على إعلان أبانت الذي جاء في سياق التوتر بين الدين والسياسة عام 1990. أول تصريح لهذه المجموعة (1998) كان حول موضوع ” الإسلام والعلمانية ” حيث بدأ بالإشارة الى” اليوم تركيا تمر بأزمة عميقة بين الدين والسياسة، نحن كمجموعة فكرية اتفقنا على النقاط التالية: [40] تم إدراج عشر نقاط في هذا الإعلان. ولكن النقاط المهمة لنا هي التي تناقش العلمانية.

البند السادس: العلمانية هي في الأساس موقف الدولة. والدولة العلمانية لا يمكنها تعريف الدين أو إتباع سياسة دينية. لا يجب استخدام العلمانية مبدأ مقيدًا في تعريف الحقوق والحريات الأساسية.

البند السابع: إن التدخل في أسلوب حياة المواطنين والنقاط الحساسة في هذه الأمور هو مصدر عدد من الصعوبات الحالية في تركيا. العلمانية لا تتعارض مع الدين ولا ينبغي أن تفهم كتدخل في أسلوب حياة الناس. العلمانية يجب أن توسع مجال الحرية الفردية. خاصة يجب ألا تؤدي إلى التمييز ضد المرأة ولا يجب أن تحرمها من الحقوق في الفضاء العمومي. [41]

خلاصة: بإيجاز، صيرورة الدمقرطة واللبرلة في تركيا مرتبطة أساسا بالأحزاب السياسية الإسلامية والمجموعات الاجتماعية. مثل نظرائهم في أندونيسيا طوروا بحكم الواقع نظرية العلمانية الإسلامية ومع الحفاظ على المبادئ والطقوس الإسلامية. تبيئة العلمانية وتجذ ير حقوق الإنسان هو العامل المفتاح لشرح مساهمات الأطراف السياسية الإسلامية في التطور السياسي لمجتمعاتهم. من خلال القيام بذلك، تم جلب جمهور سياسي مهم مع دعم واسع النطاق على متن القطار الديمقراطي الليبرالي، وبالتالي دفع صبرهم إلى الأمام بطرق مهذبة لا يوجد مثيل لها في أجزاء أخرى من أمثالها في العلم الإسلامي.

بالرجوع إلى المشكل الرئيسي لبداية المقال: تتطلب الديمقراطية الليبرالية شكل من العلمانية السياسية، لكن في نفس الوقت ما يتوفر هو مصادر ثقافية فكرية وسياسية للديمقراطيين المسلمين هي لاهوتية بالأساس. كيف نصلح هذا التناقض؟ الجواب المقدم على هذا الإشكال نجده في الاتجاه الأخير الذي كشفنا عنه: تبيئة العلمانية السياسية هو أمر مطلوب. لابد من وضع وتطوير نظرية محلية للعلمانية الإسلامية، ومع ذلك فهي تدعم في نفس الوقت علمانية وظيفية للنظام السياسي الذي تتطلبه جميع الأنظمة الديمقراطية الليبرالية من أجل الحفاظ على أنفسهم. إلى أي حد الأطراف السياسية الدينية في العلم الإسلامي يمكنها القيام بهذا التحول الداخلي والمساهمة في التطور السياسي لهذه المجتمعات بطريقة لم تنتهجها نظرية العلوم الاجتماعية السائدة حتى الآن.

 

مراجع وهوامش المقالة 

[1]Nader hashimi.  Rethinking the relationship between religion and liberal democracy overcoming the problems of secularism in muslim societies (p173-188) .    in islam  the state and political  authorithy ed by asma afsaruddin palgrave usa 2011

[2]   جون لوك, رسالتان  حول الحكومة ,إشراف بيتر لاسليط،  كامبريدج 1988 .   جون جاك روسو ,العقد الاجتماعي ترجمة دونالد كريس اينديانابولس 1988 ,وستيورات ميل ,حول الحرية ,إشراف جيغترود هيميلفارب نيويورك 1974.

[3] انظر جوزيف شامبيتر,  الرأسمالية الاشتراكية والديمقراطية ,نيويورك 1950 ص 269-283 . بالنسبة للديمقراطية التشاورية انظر جوشوا كوهين, الديمقراطية التشاورية والشرعية الديمقراطية ضمن الديمقراطية التشاورية إشراف جيمس بومان وويليام ريغ كامبردج 1997 ص 67-92.

[4]  أنا مدرك للتحفظات التي أظهرها بيكو باريخ في دراسته ” الخصوصية الثقافية للديمقراطية للبرالية “ضمن أفاق من اجل الديمقراطية إشراف دافيد هيلد  ستانفورد 1993 ص 156-175 وانظر امارتيا سين  ,الديمقراطية كقيمة كونية , مجلة الديمقراطية 10  سنة1999 ص 3-17 و حقوق الإنسان والقيم الأسيوية  مجلة الجمهوري الجديد, 217 سنة 1997 ص 33-40.

[5]     تشارلز تايلور, أشكال العلمانية ضمن العلمانية وانتقاداتها, إشراف رجيف بهارغافا نيودلهي 1998 ص 31 . وستيف بروس, الاله مات العلمانية في الغرب اكسفورد 1992 ص1-44 . ودافيد مارتان.  نظرية عامة حول العلمانية . اكسفورد 1978 ص 12-99 وطلال اسد, تشكلات العلماني ستانفورد 2003 ص 21-66.

[6]  نادر هاشمي ,التواريخ المتعددة للعلمانية المجتمعات الإسلامية من منظور مقارن مجلة الفلسفة والنقد الاجتماعي 36/3-4   2010 ص 325-338.

[7]  برنارد لويس . ما الخطأ الذي حدث للتأثير الغربي واستجابة للشرق الأوسط, نيويورك 2003 ص 96-116.   وصمويل هنتغتون صراع الحضارات نيويورك 1996 ص 56-78   , 207-218   . وارنست غلنر, مابعد الحداثة العقل والدين ,نيويورك 1992 ص 5-22.

[8] برنارد لويس م س ص 103.

[9] غابرييل الموند وبينغام بويل, سياسة مقارنة:  مقاربة التطور بوسطن 1966.    صامويل هنتغتون ,عندما تصبح البلدان اكثر ديمقراطية  العلوم السياسية 99 سنة 1984 ص 193-218 .   واتربوري, ديمقراطية بدون ديمقراطيين , إشراف غسان سلامية ديمقراطية بدون ديمقراطيين نيويورك 1994 ص 23-47.

[10]  عبدو فيلالي انصاري ,رهان العلمانية  ضمن الإسلام والديمقراطية في الشرق الأوسط ,إشراف لاري دياموند مارك بلاتنر ودانييل برومبيرغ بالتيمور 2003 ص 235.

[11]  انظر عبد الوهاب الافندي ,حول الدولة الديمقراطية والتعددية : ضمن الفكر الإسلامي في القرن العشرين, إشراف بشير نافع وسهى تاجي الفارروقي  نييورك 2004 ص 180-203.

[12]   وولفارت بانينبرغ, كيف تفكر حول العلمانية, الاشياء الاولى 64  سنة 1996 ص 27-32 . انظر أيضا  تاريخ المسيحية اوكسفورد اشرافجون ماكمانرز نيويورك 1993 ص 243-309.

[13]  نويل مالكوم ,جوانب هوبز, نيويورك 2003 ص 23

[14]  توماس هوبز, اللفياتن, إشراف ريتشارد تاك كامبردج 1996 ص 3

[15]  باتريسيا سبرينغبورغ, الدين عند هوبز,  دليل كمبريدج الى هوبز, إشراف طوم سوريل كامبريدج 1996 ص 346-380

[16]  جون لوك ,رسالة حول التسامح, إشراف جيمس تالي انديانابولس 1983 ص 26.

[17] انظر اوبن شادويك, الإصلاح  الديني نيويورك 1990.   واليستر ماكغرات ,الفكر الإصلاحي الديني  اكسفورد 1999.

[18] فالي نصر ,العلمانية ,مجلة ديدالوس  2003″ ص 68.

[19]  م ن

[20] عفاف لطفي سيد مرسوت, مصر تحت حكم محمد علي, كامبريدج 1984 .

[21]  مارشال هودسون ,الحداثة والإرث الإسلامي,  ضمن إعادة التفكير في التاريخ العالمي , إشراف ادموند بورد كامبريدج 1993 ص 220

[22]  م ن ص 222

[23]  م ن

[24]  م ن

[25]  م ن ص 223

[26] كارل براون, الدين والدولة المقاربة الإسلامية للسياسة , نيوروك 2000 ص 137 وانظر أيضا شارل عيساوي لماذا اليابان؟ ضمن مصادر عربية تحول مجتمع إشراف ابراهيم ابراهيم , لندن 1983 ص 283-300.

[27]  انظر نوح فلدمان, سقوط وظهور الدولة الإسلامية , بيرنسوت 2008.

[28]  موقع بيت الحرية  www. freedomhouse. org

[29]  جون راولز, الليبرالية السياسية ,نيوورك 1993 ص 133-172.  وسيمور مارتنا ,إعادة النظر في المتطلبات الديمقراطية, المجلة الأمريكية للسوسيولوجيا  1994 ص 1-22.

[30] روبرت هفنر ,الإسلام المدني ,برينستون 2000 ص 12-13.

[31]   م ن ص 116-119

[32] هفنر ,الإسلام المدني ص 118-119

[33] عبد الرحمان وحيد, العلمانية المعتدلة لاندونسيا , سايس 2001 ص 25-28.

[34] فانسون بولاتد, مقدمة غربية ,اوقات مالية 2004 .

[35]  حاقان يافوز ,الهوية السياسية الإسلامية في تركيا ,نيويورك 2003 ص 184.

[36]  م ن ص 180

[37] اليزابيت ازدالغا ,اتجاهات العلمانية في حركة غولن دراسات نقدية  شرق أوسطية 2003 ص 61-73 .  وانظر أيضا بيلانت اراس وعمر كاها غولن حركته الإسلامية  للبرالية  ,تقرير  الشؤون الدولية للشرق الأوسط 2000.

[38]  يافوز ص 179

[39] غولن, مقاربة مقارنة للإسلام والديمقراطية , سايس 2001 ص 134.

[40]  إعلان ابانت  ظهر في ملاحق هاكوان يافوز وجون اسبوزيتو , الإسلام التركي والدولة العلمانية , سيراكوز 2003  ص 251-256.

[41]  م ن ص 252

مقالات أخرى

في تآكل الفيلسوف

خوارزميات التّساؤل

هندسة الحوارات بين الأهمية والفشل: دراسة تحليلية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد