رسالة إلى د.علي وطفة: العيب في جيل الصغار وليس في جيل الكبار!

محمود محمد علي

  بالأمس أرسل لي الصديق العزيز الأستاذ الدكتور “علي أسعد وطفة”- (أستاذ علم الاجتماع التربوي بكلية التربية – جامعة الكويت) رسالة بعنوان “المفكرون العرب بين جيلين”، حيث يقول في نص هذه الرسالة بأن :” جامعاتنا العربية قد شهدت مرحلتين : مرحلة ازدهار أفرزت مفكرين كباراً في الخمسينات والستينات والسبعينات – ولكن هذه الصورة كما يبدو تراجعت لاحقاً منذ ثمانينات القرن الماضي، وبدأت تأخذ طابعاً متأزماً في بنيتها ووظيفتها – وبدأنا نشهد أجيالاً من المفكرين الأكاديميين الذين يعانون من ضعف كبير في تكوينهم المعرفي والثقافي في مختلف البلدان العربية. مثلاً في سوريا في السبعينات عرفنا جيلاً؛ مثل “صادق العظم”، و”عبد الكريم اليافي”، و”طيب تيزيني” ، “وقسطنطين زريق”، و”نايف بلوز” ، و”عبد الله عبد الدايم” ، و”نعيم الرفاعي” ، و”فاخر عاقل” ، و”سامي الدروبي” وغيرهم كثير… وفي هذه المرحلة لا نشهد أسماء كبيرة وكثيرة كما كان الأمر سابقا في ظل الغياب الملحوظ للحريات الأكاديمية .

    وهنا يسالني الدكتور “علي وطفة” هذا السؤال: هل يوجد جيل من المفكرين الكبار في الستينات والسبعينات في هذه الجامعات، بالمقارنة مع الوضع الحالي وتراجع مثل هذه الأسماء الكبيرة ؟  وما هو السبب في غياب جيل الكبار وضعف الأجيال اللاحقة علميا وأكاديميا؟.

   وهنا أقول للدكتور “علي وطفه” أتصور سيدي أن بداية الإجابة ترتبط بمدى التغير الجذري الذي يمارس به المفكر دوره في الحياة الفكرية في عصره، ومدى الأثر العميق الذي يحدثه فى مجرى الحياة الفكرية التي ينتسب إليها، من حيث قدرته على خلخلة الثوابت الجامدة وزعزعت الأفكار السائدة، وتأسيس نوع من الانقطاع الابستمولوجى بين المعارف القديمة من جانب، والمعارف الجديدة من جانب آخر، مستهلاًُ الجديد الجذري الذي يطرح سؤال المستقبل بقوة على الفكر، نفياً لتقاليد الأتباع وتأسيساً لقيم الابتداع.

   وتتجسد فى حضور هذا النوع من المفكرين نقاط التحول الحاسمة في تاريخ الفكر الإنساني، حيث ” لا توجد استمرارية فى منهجية المفكر، بقدر ما توجد قطائع واستحداثات لا تنتهى”.. هذا النوع من المفكرين يهب على مجتمعه بما يشبه العاصفة الجائحة التي تتغلل فى كل الأركان، فلا تبقى شيئاً على حاله الذى كان عليه، حتى فى دائرة القوى والتيارات المناقضة والمناوئة للتحول والتغير. فحدة العاصفة التجديدية التى تندفع بها رؤية هذا المفكر لا تقل عن الاتساع الممتد لتجلياتها، والأثر العميق لمتولياتها، والتغلغل الناتج لنوافذها؛ خصوصاً إذا كانت اللحظة التاريخية مهيأة للتغير الجذري, دافعة إليه ومتجسدة فى الرؤية الشاملة للمفكر، ومتحققة بها فى الوقت نفسه.

    عندئذ يكون الأثر التجديدي لإنجاز هذا المفكر شبيها بالزلزال، الذي يحدث تأثيراً جذرياَ فى صميم بنية الفكر والعلم السائدين، وتكون حدة الاستجابات المتعارضة لهذا الإنجاز التجديدي في تتابعه المتصل أو تصاعده المستمر، متوازية مع عمق الأثر الذى يتركه في مجالات فكرية كثيرة، تصل بين دوائر عديدة تشمل المجتمع بأسره.

    وبقدر عمق الأثر الذي يحدثه هذا الإنجاز من حيث جذريته ونفاذ تأثيره إلى صميم الأنساق، والأنظمة، والعلاقات في بنية الفكر ، يظل هذا المفكر حياً في الذاكرة العامة، باقياً كالعنصر المستفز للوعي، مثيراً للأسئلة التي لا يتوقف ما يتولد عنها من أسئلة على امتداد العقود، والتي لا تكف عن وضع هذا المفكر موضع المسألة بالقدر الذي لا تكف به عن إعادة قراءة إنجازاته وتأويلها، أو تفسيرها بما يتيح نوعاً جديداً من الأجوبة الفكرية التى لم تخطر ببال أحد.

    وقد كان ” طيب تيزيني ” و” “وقسطنطين زريق”، و”نايف بلوز” ، و”عبد الله عبد الدايم” ، و”نعيم الرفاعي” ، و”فاخر عاقل” ، و”سامي الدروبي” ، على سبيل المثال لا الحصر من هؤلاء المفكرين ذوى الحضور العاصف الذي أقاموا الدنيا، ولم يقعدوها مرات ومرات في مضمار الفكر.. فكانت أطروحاتهم، ورؤاهم الفلسفية، أكثر جذرية وحدية من أطروحات الجيل اللاحق، كما ظلت أفكارهم أعمق تأثيراً، وأكثر قدرة على الإثارة من أفكار جيل الكبار .

         أنا لا أنكر أن الجيل اللاحق ( والذي  أسميه هنا في هذ المقال جيل الصغار) كان متمرداً على القديم الجامد الذي يفرض منطق الأتباع، بدليل أن الأبحاث العلمية لـ (جيل الصغار)، تؤكد أن الباحثين فيه كانوا يبحثون فى مشكلات، وقضايا فكرية، أظهرت نتائج جيدة آنذاك في هذا العصر الذي نعيشه.. وليس من الضروري أن أقوم بإعادة تعديد بقية إنجازات هذا الجيل فى العلوم، والفنون، والأدب، والتكنولوجيا، كما أنني لست فى حاجة أيضاً إلى تأكيد تعدد أدوار مفكريه فى بحوثهم الأخري، فكل ذلك تأكيداً للأثر الجذري الذي يصلهم بأبناء جيلهم الحالي.

   ومع ذلك فإن تقييم عبقرية “جيل الصغار”، أصعب بكثير من تقييم عبقرية “جيل الكبار” ؛ ولعل مرد ذلك يرجع إلى أن أغلب كتب وأبحاث الجيل اللاحق، لم تكن مبتكرة وأغلبها تعتمد علي الكتب المترجمة والنقول من الآخر.

    أنا لا أشك ولو للحظة أن حب “جيل الصغار” للعلم والثقافة وحماسته لهما، لا يحتاجان إلى جدل، فمن المؤكد أن أنشطة هذا الجيل تدل على أنه جيل يحمل إلي حد ما فكر لا بأس به ، ولكن هل من الممكن أن ننسب إليه ابتكاراً علمياً، وفلسفياً، وأدبياً ، باستثناء تلك التى تحتوى عليه بعض بحوثهم  ضمناً. فلكي ينسب للمرء ابداع لا يكفى أن يقوم به، بل يجب عليه أن يفسره، وأن يثبت بوضوح شديد أنه على استعداد لذلك، ويجب أن يكون مستعدا للدفاع عنه؛ بل إن الاكتشاف لا يتم ولا يكتمل إلا إذا تم تنفيذه وأصبح واقعة حقيقية.

    أما أن فكرة تراود عقل المفكر، فهي كبذرة النبات لا تكون كافية، إلا إذا أخرجت لنا ثماراً .. ولقد كانت أفكار جيل الصغار ؛ مثل البذور التى عجزت عن النضج والإنبات، وظلت رؤاه الابداعية مدفونة فى بحوثه الفكرية والعلمية؛ وعلي فرض أن الجيل اللاحق يملك بالفعل أفكاراً مبتكرة، فإنه يظل فى ذلك بعيداً عن احتلال مرتبة هامة جداً فى تاريخ فكرنا العربي المعاصر.

    والأهم فى تقديري هو مواجهة السؤال الذي فرضه علينا (الدكتور علي وطفه) فى البداية، ولا بد أن يفرضه في النهاية؛ أعنى السؤال الذي يرتبط بالسبب الرئيس في غياب جيل الكبار وضعف الأجيال اللاحقة علميا وأكاديميا؟.

    أحسب أن الإجابة (سعادة الدكتور علي وطفه) ، أصبحت الآن واضحة من حيث ارتباطها بدرجة الثورة الجذرية التى لم تصل إليها أعمال “جيل الصغار” بالقياس إلى جيل الكبار الذي وصَفَه الأديب الكبير “عباس محمود العقاد” بأنه ” جيل الفلاسفة الأدباء ؛ فهو جيل متجسد في مفكِّرٌ يصوغ فكره أدبًا، وأديبٌ يجعل من أدبه فلسفة”.

   أنا لا أنكر أن كتابات “جيل الصغار” فيه من الايجابيات ما يذكر له بالقطع (سعادة الدكتور وطفه) ، ولكننا إذا وضعناها تحت مجهر الابستمولوجيا المعاصرة؛ وخاصة ابستمولوجيا ” جاستون باشلار” القائمة على فكرة القطيعة الابستمولوجية، نجد أنها لا تستطيع أن تخلف لنا الأثر الجذري الذي تركته أعمال جيل الكبار ، ولذلك ظلت بحوث “جيل الصغار” بعيدة عن خلق قطيعة ابستمولوجية؛ كتلك التي أحدثها جيل الكبار، والذي نجح في تقديم أعسر الأفكار على الهضم العقلي للقارئ العربي في عبارات أدبيَّة مشرقة، وفكَّ أصعب مسائل الفلسفة، وجعلها في متناول قارئ الصحيفة اليوميَّة، واستطاع جيل الكبار بكتاباته، أن يُخرج الفلسفة من بطون الكتب، وأروقة المعاهد، والجامعات، لتؤدِّي دورها في الحياة.

    أنظر معي عزيزي الدكتور علي وطفه إلي أستاذنا الدكتور “زكي نجيب محمود” ( وأنت تعرفه جيدا)  ، وذلك في كتابه العبقري “رؤية إسلامية”، والذي يقول فيه تلك العبارة: “يَكون القَولُ تَشاؤُمًا لَو أنَّنا زَعمْنا أنَّ طاقةَ الإبْداعِ فِينا قَدِ اقتُلعَت مِن نُفوسِنا اقتِلاعًا، لكنَّ حَقِيقةَ الأَمرِ فِينا، هِي أنَّ تِلكَ الطَّاقةَ في كُمُونٍ يُشْبهُ كُمُونَ الحَياةِ فِي حَبةِ القَمْح وفي نَواةِ التَّمْر، حتَّى إذا ما شاءَ لها فالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى أنْ تَنزاحَ عَن مَحابِسِها أقْفالُها تَوقدَتِ الشُّعلةُ مِن جَدِيد، وأوَّلُ خُطوةٍ على الطَّريقِ هِي أنْ تُنفَخَ فِينا إِرادةُ أنْ نَحْيا، ثُمَّ يُضافُ إلى ذَلِك إِرادةُ أنْ تَكُونَ حَياتُنا حَياةَ السَّادةِ لا حَياةَ العَبِيد: سِيادَةً فِي العِلْم، سِيادَةً فِي الفِكْر، سِيادَةً فِي الأَدبِ والفَن، سِيادَةً بالإِباءِ وبالكِبريَاء”… فأين “جيل الصغار” من هذا الكلام مع احترامي الشديد له فيما كتبه.

   ومن  جهة أخري، فإنني لا أنكر أن “جيل الصغار” ، قد أخذ من كل تجارب السابقين عليه بطرف في مضمار التفلسف، واهتم بالرجوع إلى نصوص كبار الفلاسفة الأوربيين والأمريكيين اهتماماً خاصاً، ولكنه ظل في المنطقة الهادئة من الفكر والإبداع، تلك المنطقة التي لا تعرف الحدية في رفض القديم، أو الجذرية في التجديد الفلسفي، فكان نموذجا للوسطية الفلسفية التي لا تثير العواصف ولا تهيج البراكين ولا تتحول إلى زلزال، وإنما تمضى في يسر إلى هدفها الذي يكمل مهمة غيرها .

    لقد كانت بحوث وكتابات جيل الصغار مع الأسف الشديد (ولا أخجل أن أقول ذلك) كنجمة فى تاريخ فكرنا العربي المعاصر لمعت فجأة واختفت؛ وذلك لأنها لم تحول مجرى التفكير الفلسفي السائد والمنقول إلي تفكير ابداعي يحمل رؤية خاصة تتوائم مع مستجدات واقعنا الفكري . ومن ثم لم تُحدث تلك النقلة الكيفية فى أدوات البحث الفلسفي، وإن استخدم “جيل الصغار” قضايا ومشكلات فلسفية تناسب حركة الحياة الفكرية فى واقعنا المعاصر .

   ولذلك أرجو ألا أكون جائراً حين أقول في نهاية هذا المقال بأن “جيل الصغار” لم يكن جيلاً مبدعاً، بمعنى أنه أتى بنظرية فلسفية فى عصره، ولكن الانصاف يقتضى على الأقل أن نفرد له مكانة هامة فى تاريخ الفكر العربي المعاصر، وذلك لكونه في اعتقادي يمثل “العدسة الفلسفية” المجمعة التى عملت على استقطاب تيارات فكرية فلسفية عديدة من أوربا كانت متأججة في عصره وكان من فرط تأثره بما يدور حوله أن تمكن هذا الجيل من تقديم كتاباته فلسفية (مترجمة ومؤلفة) للقارئ العربي على أوضح ما تكون عليه صوره لجملة المذاهب والنشاطات الفكرية التى برز فكرنا العربي المعاصر من بين ثناياها.

   هذا هو تفسير الابستمولوجى لأسباب غياب الابداع على بحوث جيل الصغار، وهو أنه لم يتخلص كلية من فكر الفلاسفة الذين ترجم لهم، وبالتالي لم يحققوا التغير الجذري كما حققه جيل الكبار. وبالتالي لم تبرح بحوثه الفلسفية أرض فكرنا العربي الحديث لتحدث قطيعة، أو ثورة، تنتج عنه أمر جديداً كل الجدة.

   إن تعطش “جيل الصغار” الشديد لمعرفة كل أشكال الفكر الفلسفي في شكل ترجمات رائعة، قدمها للمثقف العربي، ولبلوغ سر الكمال بالترجمة الفلسفية، كان من شأنه القضاء على أعماله المؤلفة كلها تقريباً بأن تبقى ناقصة دون أن تتم، وتأخذ طابع التروي، لأن هذا الجيل كان يرى أن النقل دون بحث أو دراسة، والعمل دون معرفة، إنما هي عملية أشبه ما تكون بعمل صاري السفينة غير جديرة بالفلسفة، لأن كل شئ يجب أن يكون قد قِيس بقياس العبقرية، ودُرس دراسة مستفيضة. ولا يجب البدء في عمل أى شئ لم يبحثه العقل الجمعي والتأثيرات الفلسفية؛ وإن انتزاع كل قيمة من القيم من الإلهام الفلسفي الواعي يجب أن يكون هدف المفكر، وبهذا الشرط تمتزج الدقة بالحرية والحقيقة مع الجمال.

  والسؤال الآن والمهم في نظري : ما الذي أدي إلي غياب الإبداع في جيل الصغار؟ 

   اعتقد أن هذا ربما يعود  إلي ظاهرة التصحر الفكري، والثقافي، والعلمي، والأدبي ، فالتصحر كما نعرفه ( في أغلب المقالات والبحوث العلمية) هو مرض  من الامراض التي تصيب الاراضي الزراعية، فيصبح هناك تدهور في خصوبة التربة المنتجة وانخفاض في انتاجيتها وحينها لا بد من اعادة تجريفها ومعالجتها بشكل سليم حتى تعود الخصوبة اليها وتعود لتنتج ؛ إننا الآن نعاني من تصحر فكري بين كثير من الباحثين المعاصرين، وربما يعود ذلك إلي أسباب اقتصادية ، وسياسية ، ودينية ، وفلسفية ، واجتماعية وهلم جرا.. وهذا أمر يطول شرحه.

    من الناحية الفكرية وكما قال ( د. جاسم الفهيد في مقاله : التصحر الفكري) أنه :… في الأيام الخوالي ( أي جيل الكبار) كان الأساتذة يتواصلون فيما بينهم على ضرورة الاعداد العلمي الجيد قبل المحاضرة، لئلا يفاجئهم أحد الطلاب بسؤال ذكي يضع مكانتهم في نفوس الطلاب على المحك، وكانت قاعة المحاضرة لا تخلو عادة من نقاش حيوي يبدد أجواء الركود وسحب الخمود، ويكشف عن تفاعل ايجابي مثمر مع القضية موضوع الدرس، لا سيما إن كانت تتصل بالشؤون السياسية والفكرية، فكنت تستقرئ الانتماء الفكري للمتحاورين عبر دفاعهم عن وجهات النظر التي يعتنقها التيار الذي ينتمون اليه، هكذا عشنا أجواء الجامعة قبل نحو عقدين من الزمان، أما الآن فلا تكاد تجد شيئاً من ذلك بحسب تجربتي الشخصية في التدريس لأربع سنين، فالطالب لم يعد يكترث بالمشاركة في نقاش جدي أو اثارة اعتراض على ما يلقن من افكار وما يطرح على منضدة الدرس من آراء، لأن الأمر برمته لا يعنيه!! فثمة سيل عرم من الملهيات والمشغلات التي تستأثر باهتمامه وتستحوذ على عقله وهواه، ولم تعد القضايا الفكرية والثقافية مثار فضوله، ومن ثم فليس يعنيه أن يتخذ منها موقفا مؤيداً ، أو معارضاً كما كان الأمر في الجيل السابق أي (جيل الكبار).

    وهنا أناشد “جيل الصغار” بضرورة الاستصلاح الفكري لظاهرة التخلف البحثي والدعوة إلى إنشاء مؤسسات ترعاه وتتخصص في الاهتمام به.. ومواجهة التخلف البحثي الذي نعيشه في الوطن العربي تعتمد في دعوتها على الحس الجماعي بالمسؤولية كأهم نقطة يمكن التركيز عليها؛ فعدا إنشاء المؤسسات المتخصصة لا بد من الرعاية الشاملة والجماعية للمبدعين والباحثين الشباب لأنهم فقط القادرون على تحديث ذلك المنتج الموروث وتلقيحه بتجديد يضمن له المنافسة وحيازة الترخيص.. إن الفكرة في هذه المعادلة تعني في جوهرها استخلاص البذور التي نغرسها في الأرض، ثم نوليها الرعاية والاهتمام، حتى تصبح تلك الأفكار أشجاراً عظيمة، لكن هويتها الجديدة تعود لنا، ومع الاهتمام المتزايد والرعاية القصوى اختصاراً للوقت فإنها ستثمر سريعاً أيضاً، لأن الاستثمار في هذه المجالات طويل الأجل، كالاستثمار في التعليم.. وهذا ما يجب أن يكون، وهو أيضاً ما تعتمد عليه أي عملية استصلاح فكرية، فالاستصلاح هو أخذ البذور التي نحتاج إليها من التراث الفكري والتراكمات المعرفية بعد التمحيص والغربلة، وتحديثها، أي منحها هوية جديدة وخصوصية جديدة، وذلك حسب ما قالته الأستاذة  مناهل ثابت في مقال لها بعنوان : الاستصلاح الفكري لمواجهة التصحّر المعرفي .. جريدة البيان..

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة  وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط.

 

 

 

 

مقالات أخرى

أيّ نموذج إيتيقي للإنسانيّة المعاصرة

معطّلات الفهم في الشعر العربي المعاصر

شعريّة اللّباس

3 تعليقات

هاجر عبدالله العازمي 18 أبريل، 2021 - 1:10 ص
يعطيك الف عافيه وطرح رائع وانا مؤيده للموضوع جداً
نوال سعد سالم 1 مايو، 2021 - 12:34 ص
3 – الطاقة العلاجية للتنويم المغناطيسي من منظور سيكولوجي: تكلم الدكتور علي وطفه في هذا المقال عن ان أبحاث البرفسور جان كلود ويلير رئـيس مخبر فيزيولوجيا الأعصاب في مشفى بيتييٍه تريير حـول ظـاهرة التنـويم المغناطيسي لم تنشر ومع أنه لا يمكن لأبحاثه هذه أن تكشف عن أسرار التنويم المغناطيسي ولكنها هي المرة الأولى التي يبرهن فيها أن التنويم المغناطيسي ليس حالة نفسية فحسب إذ يمكـن قيـاس آثاره العصبية داخل المخابر البيولوجية العصبية، وخاصـة فيمـا يتعلـق بـالتخدير وتخفيف الألم. ويتضح لنا من بعد قراءة هذه المقالة ان التنويم المغناطيسي جيد في تخفيف الالم وايضاً يعالج التوتر والقلق والاكتئاب فقد أوضح لنا الدكتور ان التنويم المغناطيسي له فوائد و يستخدمه المعالجون النفسيون لعلاج مشاكل الأعصاب والأرق والصداع وإدمان الكحول أو المخدرات بالإضافة للعديد من المجالات الأخرى التي تعتمد علي الايحاء النفسي.
نوال سعد سالم 3 مايو، 2021 - 3:35 ص
4 – رمزيات الاستلاب الوجودي للمرأة العربيَّة: تكلم الدكتور علي وطفه في هذا المقال أن الدراسات السوسيولوجية الجارية في العالم العربي تبين بأن المرأة العربية تعاني ثلاثة منظومات من القهر والاستلاب وهي: الاستلاب الجنسي، والاستلاب الاقتصادي والاستلاب العقائدي. فقد وصلت المرأة العربية الى مكانات عالية ونجحت في كثير من المجالات ولكن الى الان يرى البعض ويعتبرها “جاهله” ، وايضاً وضعوا للمرأة قيود باسم العادات والتقاليد فتعاني المرأه منها كثيراً فأصبحت بعض النساء تعتمد على الرجل اعتمادا كلياً وهذا خطأ فيجب تعليم الاجيال بأهمية ودور المرأة بالمجتمع وإن الظلم الذي تعاني منه المرأة في المجتمع حصيلة عادات وتقاليد صنعها الرجل وساهم من خلالها على خلق اجيال وإلى تنميط الصورة التي يريدها في عقول الصغار وعبر هذه المنهجية يكبر الطفل وهو لا يرى إلا النقص في المرأة والكمال في الرجل .
Add Comment

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد