حضور الفارابي عند الجابري: ملاحظات أولية

مقدمة:

يعتبر الجابري من ابرز المفكرين العرب وأكثرهم شهرة، بفضل أعماله في مجال نقد العقل العربي: تكوين العقل العربي، بنية العقل العربي، العقل السياسي العربي وأخيرا العقل الأخلاقي العربي. لكن تعامله الأيديولوجي مع الفلاسفة العرب وتأويله الخاطئ لهم، خلف الكثير من النقد والسجال على سبيل المثال: نقد الباحث جورج طرابيشي لمشروع الجابري أماط اللثام وكشف عن نقائص وعيوب منهجية وعلمية لمشروع الجابري. حيث يرى أن الجابري في قراءته لفلسفة الفارابي السياسية الدينية وقع في سحر الأيديولوجيا ، وينفي أن تكون هناك قراءة دون أن تقع في هذا المستنقع {1} ونحن في هذا المقال نحاول الوقوف عند بعض الأحكام المتسرعة والتأويل الخاطئ للفارابي، ومحاولة إعادة التفكير في بعض أطروحات الجابري والكشف عن تناقضاته في إطار المراجعة لأعماله وفحصها فحصا علميا..

الفارابي في تكوين العقل العربي:

لا احد يجادل في أهمية مشروع الجابري في نقد العقل العربي، لكن بعض أفكاره وأطروحاته في مجال الفلسفة الإسلامية تحتاج إلى مراجعة وفحص علمي دقيق. وهذا ما أكد عليه الباحثون الكبار: جورج طرابيشي وطه عبد الرحمان وإدريس هاني ومحمد وقيدي وعلي حرب وآخرون. يجب ألا تخفي عنا أهمية المشروع الفكري للجابري، عيوبه المنهجية والعلمية وسوء تأويله للفلاسفة العرب وعلى رأسهم المعلم الثاني الفارابي. ومن أحكامه المتسرعة وتأويله المتعسف للفارابي نجد موقفه من المدينة الفاضلة للفارابي وربط فكره السياسي بالهرمسية وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة التي تتمثل في المرجعية اليونانية والإسلامية للفارابي. وان كان الجابري يعترفا للفارابي بدوره الريادي فقط في مجال المنطق. أما باقي المجالات فيحضر الفارابي بصورة سلبية عند صاحب نقد العقل العربي. لكن نعلم أن الفارابي هو مؤسس الفلسفة الإسلامية في جميع النواحي السياسية والمنطقية والأخلاقية والميتافيزيقية.

أولا: موقف الجابري من المدينة الفاضلة:

يقول الجابري:” إذ ا كانت المدينة الفاضلة التي بشر بها، قد نظر إليها في الثقافة العربية الإسلامية على أنها مجرد حلم لم يعمل أحد على إعادة التفكير بها، وحتى ابن خلدون الذي عني بدراسة العمران البشري وأنظمة الحكم اعتبرها بعيدة الوقوع واعتبر الكلام فيها على جهة الفرض والتقدير… . إذ ا كان ذلك هو مصير فلسفة الفارابي السياسية فان مصير أعماله المنطقية يختلف تمام”. {2}
كما نجده يقول:” لم يكن القول السياسي التحليلي المباشر غائبا في الآداب السلطانية وحدها، بل لقد سجل غيابه حتى في الحقل الفلسفي نفسه. “{3}

يشكل النظر والتفكير في المدينة الفاضلة مسمى ومطمح كل البشر وخاصة منهم الحكماء والمفكرين والمصلحين السياسيين على مر العصور؛ إذ لا يوجد مفكر أو فيلسوف أو مصلح سياسي كبير عبر تاريخ الفكر الإنساني والسياسي منه بوجه خاص، إلا ووضع قلمه فيها مفكرا وموجها، ومنظما لآليات قيامها وطرائق الوصول إليها ووسائل الحفاظ عليها.

لهذا نجد أن عملية التنظير لهذه المدينة لم يكن خاص بأمة أو قوم معينين دون غيرهم، إذ أسهم في تصورها ومحاولة بنائها مفكرون وفلاسفة كثر ولكن المشهور بين هؤلاء الحكام والمصلحين هم الذين زودنا تاريخ الفكر الإنساني بحبرهم، إذ أول من تحدث فيها وتصورها على شكل نظام سياسي وتربوي ومعرفي وأخلاقي متكامل هو الفيلسوف اليوناني أفلاطون، وذلك في كتابه الأساسي الجمهورية، فضلا عن محاوراته مثل القوانين ورجل الدولة{4}.

ثم جاء من بعده فلاسفة وحكماء نسجوا على منواله، وأن اختلفوا في تصوراتهم في بناء هذه المدينة الفاضلة أو الدولة المثلى، ونخص بالذكر هنا الفيلسوف اليوناني والمعلم الأول أرسطو، إذ أودع تصوراته في كتابه السياسات Politics لينفتح بعد ذلك الفكر الإنساني على مصارعه في التأليف والكتابة في المدينة الفاضلة.

يعد هؤلاء الفلاسفة جاؤوا آخرون كتبوا في هذا الموضوع ولكن من منظور ومختلف يستجيب لحال دولهم وطبيعة سياقاتهم الدينية والثقافية والاجتماعية.
ومن هؤلاء الفيلسوف المسيحي القديس أوغسطين في كتابه “مدينة الله”، ثم تلاه من منظور عربي إسلامي الفيلسوف أبو نصر الفارابي في كتابه “آراء أهل المدينة”، وهو الكتاب الأوسع والأشمل بين كل ما كتب حول المدينة الفاضلة بعد أفلاطون، فالفارابي هو مؤسس تقليد الفلسفة السياسية الذي يرتكز على المدينة.

لا يمكن القول بتاتا بان المدينة الفاضلة التي بشر بها الفارابي لم يهتم احد بها، بل العكس فالكثير من الفلاسفة عملوا على إعادة التفكير في المدينة الفاضلة وحاولوا الاستفادة من الفارابي وعلى رأسهم ابن سينا وابن رشد وابن باجة ونصير الدين الطوسي في كتابه أخلاق ناصري وجلال الدين الدواني في كتابه لوامع الإشراق وصدر الدين الشيرازي في كتبه الشواهد الربوبية. ليس من السهل الاعتراف بأن الفلسفة في الغرب الإسلامي كانت مرتبطة ارتباطا عميقا بالسياسة المدنية، كما نظر لها الفارابي على الرغم من أن أبا نصر له حضور كبير في كتابات فلاسفة الأندلس، الشاهد على ذلك كتابات ابن باجة وابن طفيل وابن رشد.

كذلك فالمتفحص لكم النصوص التي خصصها الفارابي للفلسفة السياسية تظهر ريادته ورئاسته والجدة في عمله الدليل على ذلك أن ابن رشد قد أحال عليه مرتين في الضروري في السياسة {5}
فكتابا أهل المدينة الفاضلة وكتاب السياسة المدينة، استطاعا أن ينشر ظلالهما على رأي ابن باجة وسياسة ابن رشد{6}. الفارابي أول من وضع أسس الفلسفة السياسية في الإسلام، بقبوله وتحويله الإرث الأفلاطوني الذي يعتبر أرسطو الوريث الأول له والضامن لاستمرارية إبداعه. {7}

فالفارابي كما يعرف هو مؤسس الفلسفة السياسية في الإسلام، وكتابه “المدينة الفاضلة” يعتبر مرجعية وذا تأثير كبير جدا{8}.

ثانيا: الفارابي والريادة المنطقية:

يقول الجابري:” والحق أن الثقافة العربية الإسلامية مدينة للفارابي في مجال المنطق، أكثر مما هي مدينة لغيره ممن جاؤوا قبلوه وبعده”{9}. هنا يحضر الفارابي كرائد للمنطق في الثقافة العربية والإسلامية، وينصفه فهو الشارح الأكبر للأورغانون الأرسطي.. مع الاعتراف بأهمية الفارابي في تاريخ الفلسفة الإسلامية، إلا أن مكانته الاعتبارية بدأت تحظى بتقدير مؤخرا مع توالي الدراسات والتحقيقات لكتبه. كرس حياته للمنطق أكثر من أي مبحث فلسفي أخر أو علمي؛ وعن جدارة استحق أن يكون أول منطقي في تاريخ الفلسفة العربية. بدأت أعماله المنطقية الموجودة تلفت انتباه الباحثين، للأسف اهتمام الباحثين ينصب كثيرا على كتبه السياسية والدينية مقابل اهتمام ضعيف بكتبه المنطقية. {10}

ويعود للفارابي الفضل الأول في تأسيس علم المنطق الذي نبغ فيه نبوغا عظيما، فسمي الفارابي “المعلم الثاني” نسبة للمعلم الأول أرسطو والإطلاق بسبب اهتمامه بالمنطق لأن الفارابي هو شارح مؤلفات أرسطو المنطقية.

والحق أن الثقافة العربية الإسلامية مدينة للفارابي في مجال المنطق أكثر مما هي مدينة لغيره ممن جاءوا قبله وبعده. وذكره أبو القاسم صاعد بن احمد بن عبد الرحمن بن صاعد الأندلسي في كتابه ” طبقات الحكماء ” فقال: ” الفارابي فيلسوف الإسلام بالحقيقة أخذ صناعة المنطق من يوحنا بن حيلان المتولي بغداد، والمتوفي بمدينة السلام ( بغداد) في أيام الخليفة المقتدر، فبذ الفارابي جميع أهل الإسلام وأربى عليهم في التحقيق لها وشرح غامضها وكشف سرها وقرب تناولها وجميع ما يحتاج إليه فيما في كتب صحيحة العبارة، لطيفة الإشارة، منها ما أغفله الكندي وغيره من صناعة التحليل وأنحاء التعاليم، وأوضح القول فيها عن مواد المنطق الخمس وأفاد وجوه الانتفاع بها وعرف طرق استعمالها، وكيف تتصرف صورة القياس في كل مادة منها، فجاءت كتبه في ذلك الغاية الكافية والنهاية الفاضلة. “{11}

ثالثا: تأثير الهرمسية في الفكر السياسي للفارابي:

يقول الجابري:” تحت ضغط هاجس الوحدة الذي هيمن على الفارابي، وحدة الفكر ووحدة المجتمع عمد أبو نصر الفارابي إلى ممارسة السياسة في الفلسفة: جمع بين أفلاطون وأرسطو من اجل إقرار وحدة العقل، وبين الملة والحكمة من اجل بناء وحدة المجتمع. ولم يكن من الممكن لعملية الجمع المضاعفة هذه أن تتم بدون توظيف جوانب من الهرمسية”. {12}

يقول الجابري:” إن القول بوحدة الدين والفلسفة… . وهو القول الذي بنى عليه الفارابي حلمه السياسي يقع في صميم الهرمسية ومن هنا الكيمياء من جهة، والعرفان من جهة ثانية، وكلاهما من دعائم الهرمسية كما رأينا أما الكيمياء فقد ألف فيها رسالة بعنوان وجوب صناعة الكيمياء، أما العرفان فهي بالرغم من أن الفارابي لا يقول به كمنطلق وبداية فقد قبله كثمرة ونهاية، وذلك حينما جعل المعرفة البرهانية تنتهي في أسمى درجاتها إلى الاتصال بالعقل الفعال “. {13}

القول بان الفارابي مارس السياسة في الفلسفة هو قول سديد، فهذا الأمر يرجع إلى تقليد أفلاطوني، وحتى الجابري نفسه لا يتردد في مختلف أبحاثه ودراساته الرشدية في خلع عباءة الباحث الفلسفي ليرتدي عباءة المناضل السياسي{14}، فذلك ليس تقصيرا منه بل انه فعل واع يجد تفسيره في السياسة لا في الفلسفة. {15}

كما أن إصلاح العقل والفلسفة مجرد توطئة لإصلاح السياسة، مما يبوئ السياسة الغاية بالنسبة للفلسفة وليس العكس. وبهذا يكون الجابري وفيا لخط الفارابي الذي وضع السياسة على رأس العلوم بوصفها ثمرة السياسة وليس لخط ابن رشد الذي وضع السياسة في خدمة الفلسفة. {16}

القول بان الهرمسية كان لها الأثر الأكبر في التفكير السياسي والفلسفي للفارابي، قول يجانب الصواب و لم يقل بهذا اي باحث من قبل. فما يجمع عليه الباحثون في فلسفة الفارابي أهمية أرسطو وأفلاطون والأفلاطونية المحدثة في صياغة فكره سياسي وميتافيزيقي، لا يعقل أن نحاول ربط فيلسوف كبير يمثل العقلانية بالهرمسية وبالخرافة دون تقديم دليل دامغ أو حجة قوية، فما قدمه لا يعدو أن يكون مجرد تضليل أيديولوجي ما معنى الكتابة في الكيمياء ودور العقل الفعال في المعرفة البرهانية، هل هذا الأمر يمكن أن نستنتج منه تأثير الهرمسية في فكر الفارابي. فالأمر بعيد كل البعد عن الحقيقة وهذا ما يعاب على الجابري هو التسرع في الأحكام وتغليب الجانب الأيديولوجي على الجانب المعرفي.

الفارابي في بنية العقل العربي:

لم يخصص الجابري للفارابي فصلا مستقلا وإنما حضر في سياق ربط مشروع الفارابي بالهرمسية كما حضر في كتاب تكوين العقل العربي.

الميتافيزيقا الفاربية والهرمسية:

يقول الجابري: ” الرؤية الميتافيزيقية التي شيد صرحها الفارابي لم تكن امتدادا، ولا تطويرا لرؤية الكندي ولا تجاوزا لها بل كانت جمعا بين الإلهيات الهرمسية كما درسها في مدنية حران، على أساتذتها وبين المدينة الفاضلة الأفلاطونية ولكن لا كما خطط لها صاحب الأكاديمية و بل كما قرأها أبو نصر الفارابي من خلال ظروف المجتمع الإسلامي في عصر وتطلعات قوى لتغيير فيه. “{17}

صحيح أن الرؤية الميتافيزيقية للفارابي لم تكن امتدادا، ولا تجاوز لرؤية الكندي لكن أن نقول بأنه جمع بين الإلهيات الهرمسية والإرث الأفلاطوني، فالأمر بعيد كل البعد عن الصحة. فالبناء الميتافيزيقي للفارابي يستمد عناصره من الأفلاطونية المحدثة وليس الجوانب الهرمسية.

الفارابي في العقل الأخلاقي العربي:

لم يخصص حيزا كبيرا للفارابي في هذا الكتاب، بالرغم من أهمية الفارابي في التأسيس الفلسفي للأخلاق، فله العديد من الكتب: أبرزها تحصيل السعادة والتنبيه على سبيل السعادة وفصول منتزعة. لكن حضور الفارابي تراوح بين الجانب المنطقي والسياسي: حيث اعترف الجابري بالريادة المنطقية للفارابي دون الريادة السياسية، بل بالعكس حاول ان يجمع ولاول مرة في تاريخ الفلسفة الإسلامية بين الفارابي والتراث الإيراني المتمثل في نموذج اردشير. دون الاحتكام إلى دليل أو حجة بل مجرد افتراض وهذا ما يجعلنا ندعو الباحثين إلى المزيد من البحث في كتابات الجابري ومراجعتها مراجعة علمية كما فعل الباحث المرحوم جورج طرابيشي.

اعتراف الجابري بالريادة المنطقية:

يقول الجابري:” اشتهر الفارابي بدوره في نشر المنطق في الثقافة العربية، حتى لقب بالمعلم الثاني والى ذلك كان الوحيد من الفلاسفة العرب الذي اهتم اهتماما بالغا بالسياسة والأخلاق. “{18}.

الفارابي بين أفلاطون وأرسطو:

الفارابي وأرسطو:

يقول الجابري: ” مع الفارابي إذ ن سننتقل إلى أرسطو في الأخلاق إلى أخلاق السعادة بالتأكيد لكن لا السعادة لجميع الناس والتي حلل أرسطو كلياتها وجزئياتها في المقالات التسع الأولى من كتابه الأخلاق إلى نيقوماخوس السعادة التي تخص الفيلسوف. “{19} تشكل السعادة من أهم قضايا تاريخ الفلسفة. حيث شكلت نواة المشروع الفلسفي السياسي للفارابي. والإنسان حسب الفارابي خلق ليصل إلى السعادة القصوى؛ من أ جل الوصول إلى ذلك، لابد للإنسان من تعلم الفضائل المرتبطة بالمعرفة.

يتكلم الفارابي حول سعادة الدنيا والآخرة. فيحدد الفارابي أربعة فضائل التي إذ ا حصلت في الأمم وفي أهل المدن حصلت لهم بها السعادة. ووفقا له الكمال النظري هو السعادة القصوى والمعرفة النظرية هي الخير الوحيد في ذاته. واحد من أهداف التربية بناء مجتمع فاضل، حيث يعمل الجميع من اجل تحقيق السعادة. تتمحور نواة المشروع الفلسفي السياسي للفارابي حول السعادة، التي أخدها من الفكر اليوناني. هدف الإنسان هو تحصيل السعادة ؛ ليصل إلى ذلك لابد من تعلم الفضائل التي حددها بارتباط مع المعرفة.

المعرفة هي أساس تحصيل السعادة، وهي الطريق الرابط بين عالمي الدنيا والآخرة. بعد تحرره من المادة يصل إلى السعادة القصوى. من هنا يعرف الفارابي المدينة الفاضلة على إنها المدينة التي يتعاون فيها الناس على بلوغ السعادة.

طور مفهوما للمدينة مع أنها مفهوما دنيويا، إلا أنها مرحلة في طريق الحياة الأبدية. في المجتمع الفاضل والمدينة الفاضلة كل فرد يتعاون مع الأخر لتحصيل السعادة عبر الخير. {20}
الدولة الفاضلة ليست سوى اجتماع نسيج أجواء علاقات تعاونية طلبا لسعادة عموم مواطنيها. ولا تخرج الأمة الفاضلة ولا المعمورة الفاضلة عن دلالات هذا المفهوم فالجميع يتعاون من اجل اكتساب السعادة. {21}

الفارابي وأفلاطون:

يقول الجابري” مع الفارابي سننتقل كذلك إلى سياسة أفلاطون ولكن لا السياسة التي تعنى بتشييد المدينة الفاضلة وبيان أسسها وأركانها وتكوين رجالها وتحليل المدن غير الفاضلة وكيفية تحول بعضها إلى بعض، ومكان الفساد في نظمها بل سننتقل مع الفارابي إلى أراء أهل المدينة الفاضلة “. {22}

يتفق أغلب الباحثين على تأثر الفارابي في مدينته الفاضلة بجمهورية أفلاطون ـ حيث وجد الفارابي بغيته السياسية في أفلاطون، لا أرسطو، لأن بينة الخطاب السياسي عند أفلاطون قابلة للتأويل والتوظيف.

وفي ذلك يقول Rosenthal: “إن آراء أفلاطون السياسية تلائم دولة الإسلام ماضيا وحاضرا”{23}، كما أن طبيعة الأفلاطونية نظرا لتوجهها الديني أكثر من الأرسطية، فإنها مناسبة لاحتياجات الديانات السماوية{24}.

على الرغم من اطلاع الفارابي المؤكد على كتاب الجمهورية لأفلاطون بترجمته العربية القديمة، لأن الفارابي قد أسس لنفسه موقفا مستقلا اتجاه بعض القضايا الموجودة في كتاب الجمهورية.

حيث يعتبر أبو نصر الفارابي المشهور بالمعلم الثاني، من أعظم الفلاسفة وهو أكثر أصالة من أي فيلسوف مسلم أخر. هو فيلسوف ومنطقي وموسيقي وكذلك مفكر سياسي بامتياز. على خطى أفلاطون في الجمهورية والقوانين، جاء اشتغاله على العلم السياسي كما فهمه مفكرو الأفلاطونية الوسيطة وكان مقتنعا بحلول الفلسفة الأفلاطونية النظرية محل الأرسطية، لكن في تحليله للمدن غير الفاضلة وحله لمشاكل سياسية يبقى صالحا ومتوافقا مع ظروفه السياسية المتغيرة. {26}

العدل بين أفلاطون والفارابي

يقول الجابري” لقد صاغ مدينته صياغة غيب فيها أفلاطون في أهم مسالة حركت هذا الأخير وهي العدالة والفارابي لم يولي أهمية تذكر لهذه المسالة في مدينته. ” {27}

لقد وضع الفارابي أساس لبناء مدينته الفاضلة قائم على العدالة، إذ يعتبر هذه الفكرة غاية لصيانة دولة المدينة وهنا ينشد تحقيقه كل رئيس سياسي. كما أن المفهوم السياسي للعدل بين الحاكمين والمحكومين كما يراه الفارابي لا نجده في التجربة السياسية النبوية والراشدية، لكنه واقع سياسي في تجارب الجماعات السياسية القديمة بل وكذلك في الممارسات السياسية للنظم الإسلامية بعد العهد الراشدي وحتى اللحظة السياسية التي عاصرها المعلم الثاني، إذ قدم الفارابي مفهوما تصحيحيا للعدالة وهو مبدأ العدالة الاجتماعية لذا ارتأى أن العدل يتجسد أولا في توزيع المنافع والخيرات المشتركة على سكان المدينة كافة. كما يتجلى ثانيا في الاحتفاظ بالنصيب الذي ناله كل واحد منهم وهذا مفهوم مغاير لمفهوم أفلاطون وأرسطو. {28} والفارابي يقسم العدل على غرار أرسطو إلى قسمين: ما يمت إلى قسمة الخيرات المشتركة التي لأهل المدينة على جميعهم وهي العدالة التي يدعو أرسطو بالتوزيعية، و إلى ما يمت إلى حفظها وإعادتها ويدعوها أرسطو بالتصحيحية{29}.
والخيرات التي يشترك فيها أهل المدينة الفاضلة هي: السلامة والأموال والمراتب وقسمة هذه الخيرات عند الفارابي ليست على أساس من المساواة الرياضية العددية، وإنما على أساس المساواة النسبية وفق جدارة المواطن وأهليته في شؤون الرياسة السياسية والاجتماعية، وفي شؤون المهارات والمهن الصناعية وما تعتمد عليه من تفوق علمي وأخلاقي وعملي، إذ ن فقسمة الخيرات عند الفارابي بحسب الاستئهال ف إذ ا نقصت عن ذلك أو زادت لم تكن عدلا، بل باتت جورا.

وفي ذلك يقول الفارابي: “فالعدل أولا يكون في قسمة الخيرات المشتركة التي لأهل المدينة على جميعهم، ثم ذلك في حفظ ما قسم عليهم، وتلك الخيرات هي السلامة والأموال والكرامة والمراتب وسائر الخيرات التي يمكن أن يشتركوا فيها. فإن لكل واحد من أهل المدينة قسطا من هذه الخيرات مساويا لاستئهاله له فنقصه عن ذلك وزيادة عليه جور، أما نقصه فجور عليه، وأما زيادته فجور على أهل المدينة وعسى أن يكون نقصه جورا على أهل المدينة”{30}.

إذ ن فالعدل لا يقوم عند الفارابي على المساواة المطلقة، بل على المساواة النسبية كل حسب موقعه وحسب قدرته، وهذا التقسيم يقوم على الانسجام والتراتب والنظام والتناسق مع مراعاة مصالح الفرد ومصالح الدولة.

وهدف العدالة التصحيحية هو إقرار العدالة وحفظها من جهة أو تصحيح الخارجين عليها من جهة ثانية، وهذا الخروج كما يقول كل من الفارابي وأرسطو، قد يكون بإرادة المرء كالهبة والبيع والقرض، وقد يكون بغير إرادته، كالسرقة والاغتصاب وعندما تقضي العدالة إعادة المساوئ لما خرج عن يدي المرء كن نوعه أو غير نوعه بنسبة عادلة، ف إذ ا زيد في مقدار ذلك أو نقص كان جورا{31}.

كما أن الجابري يتناقض مع ما قاله عن الفارابي بأنه روسو العرب: ” لقد تطلعت البرجوازية الفرنسية في القرن الثامن عشر إلى تشييد دولة الحرية والإخاء والمساواة دولة العقل والعدل، وكان روسو بعقده الاجتماعي المعبر عن تلك التطلعات فلم إذ ا لا نرى في الفارابي روسو العرب في القرون الوسطى”. {32}

المدينة الفاضلة والمكونات الاجتماعية والسياسية

انصرف تفكير الفارابي إلى أراء أهل المدينة الفاضلة وليس إلى المكونات الاجتماعية والسياسية والتربوية لهذه المدينة كما فعل أفلاطون. “{33}

الفارابي على غرار أفلاطون يولي أهمية لاختلاف الاستعدادات، ولكن يبدو أنه لم يهتم بتقسيم أفلاطون لطبقات المدينة على أساس قوى النفس إلى ثلاث طبقات، وقوله بمراحل للأساس التربوي وقيامه على امتحانات، لكنه يشبه أعضاء المدينة بأعضاء الجسم ويمكن أن نقول بأنه يضع سلسلة مراتب ودرجات للمدينة تبدأ من المخدوم المحض وتنتهي بالخادم الذي لايخدمه أي أحد كما يولي أهمية لنظام فيض الموجودات ومراتبها انطلاقا من واجب الوجود وحتى الهيولي. {34}

ويقسم الفارابي هذه المدينة خمسة أقسام وهم الأفاضل وذوو الألسنة والمقدرون والمجاهدون والماليون. أما الأفاضل فهم الحكماء والمتعقلون وذوو الآراء في الأمور العظام ثم حملة الدين. وأما ذوو الألسنة فهم الخطباء والبلغاء والشعراء والملحنون والكتاب ومن يجري مجراهم ودورهم هو الاهتمام بالحالة الثقافية والتعليم بالمدينة. ومن وجهة نظر الفارابي فإن علماء الكلام هم حفظة الدين والذين تقع على عاتقهم مسؤولية تبيينه ورد الشبهات عنه. أما الفقهاء فهم الذين يستنبطون الأحكام المتعلقة بالموارد التي ليس فيها حكم صريح مستفاد من النصوص والخطباء من الذين تقع على عاتقهم مسؤولية التعليم العام ونشر الفضائل في المجتمع المدني فهم عبر إقناع الناس بالموعظة والنصيحة ينشرون الفضائل بين الناس {35}. أما الشعراء والكتاب والمطربون فهم سبل نشر الفضائل المدنية. ويكمن سبب تأثير هؤلاء حسب الفارابي في أن أغلب الناس لا يحركهم العقل والاستدلالات العقلية بقدر ما يحركهم الخيال والعواطف. من هنا كانت الخطابة والشعر والموسيقى أكثر تأثيرا على العامة من الفلاسفة والحكماء. فالتدبير المدني الفاضل حسب الفارابي هو التدبير الذي ينزل الفكر والثقافة والفنون المنزلة التي يستحقها ذوو الألسنة فتتمكن المدينة بفضل ذلك من بناء نظام المثالات المحاكية للحق لأجل استعمال مشترك للحقيقة، مشاركة مدنية في السعادة. ولما كان النظام الرمزي الثقافي نظاما لأجل عمارة المدينة فهو إذ ن المضمون الفعلي للتدبير المدني من حيث هو ملة أي من حيث هو انتاج سياسي مشترك. {36}. المقدرون هم الحساب والمهندسون والأطباء والمنجمون: ووظيفتهم تنظيم أمور المجتمع على موازين العدل. وبما أن أساس عمل هذه المجموعة في المجتمع هو توزيع الخيرات المشتركة بين الناس بصورة متساوية وبالقدر الكافي. فإن الخواجة نصر الدين الطوسي يسميهم أهل العدالة {37} وعلى أهل العدالة معرفة الحسابات المالية وغير المالية ومتابعة أمور الصحة والاهتمام بسلامة المدينة. كما يقع على عاتقهم معرفة أوضاع النجوم للاستفادة منها في التنبؤ بأحوال الأرض والطقس وما شابه{38}

والمجاهدون هم المقاتلون والحفظة ومن جرى مجراهم، هؤلاء لا يرى الفارابي وجودها ضروري لمواجه العدو الخارجي فحسب وإنما يعتقد أن نشر الفضيلة بين الناس يتم بأسلوبين الإقناع والإكراه. وطبقة المجاهدين هي التي تتولى القيام بمهمة التأديب الإجباري في المجتمع المدني. {39} كما أن إنزال الفارابي بالحراس المحاربين أي المجاهدين من المرتبة الثانية بعد الفيلسوف كما هو الشأن عند أفلاطون، إلى المرتبة الرابعة بعد الأفاضل وذوي الألسنة والمقدرين ذو دلالة هامة في تحديد طبيعة المدينة الفاضلة فهي ليست آلة حرب رهيبة بل آلة تعليم مهيبة. {40}

والماليون {41} هم مكتسبو الأموال في المدينة مثل الفلاحين والرعاة والباعة ومن جرى مجراهم، ووظيفتهم متابعة الإنتاج والاستهلاك والتوزيع والضرائب والتجارة ورسم السياسات الاقتصادية وغيرها من الصنائع المالية. وهذه الصناعة بحسب الفارابي هي المسئولة عن تأمين مالية المدينة وتوفير ثروتها ولو كان ذلك بالصناعات الجزئية. {42}.

الفارابي والقيم الكسروية

يقول الجابري” الفارابي لم يقع تحت هيمن نظام القيم الذي كرسه المتكلمون و وحدهم بل وقع أيضا تحت نظام القيم الكسروية الذي كرسهته الآداب السلطانية. وهذا ليس فقط في مجال المماثلة بين الإله أو السبب الأول وبين الخليفة، بل يلتق معها في المنطلق ذلك أن وجود رئيس المدينة الفاضلة ساب عند الفارابي تماما مثلما ان وجود الأمير عند المؤلفين في الآداب السلطانية “{43}

حين أعاد الفارابي صياغة فلسفة أفلاطون و أرسطو وباقي فلاسفة اليونان، حافظ دائما على معتقداته الإسلامية التي شكلت الروابط الداخلية لكتاباته. على مستوى الفلسفة السياسية حافظ على نفس التوجه. تحت تأثير أرسطو وأفلاطون، طور الفارابي نسقه الفلسفي الذي يختلف بشكل ملحوظ عن نظام الإغريق والهنود والإيرانيين. {44}

يقول الجابري:” في هذا الإطار يمكن القول بان الفارابي كان واقعا هو أيضا تحت هيمن نموذج اردشير. وان المدينة الإمامية التي قال عنها أنها كانت مدينة الفاضلة بأفعالها هي مدينة اردشير. فأردشير لم يكن فيلسوف ولا نبيا وبالتالي لم يخلف أراء فاضلة، ولكنه جمع شمل الفرس إذ قضى على ملوك الطوائف وتحالف مع رجال الدين والأوصاف التي خلعها على نفسه تناغم مع الأوصاف التي خص بها الفارابي رئيس مدنته الفاصلة “. {45}

من الناحية السياسية فالفارابي واحد من الفلاسفة الّذين تكلّفوا عناء التّفكير والتّفلسف في مسعىً لوضع الأسس والتّصوّرات الكفيلة بتحقيق السّعادة للمجتمع الّذي يتكوّن من الرّئيس والمواطنين، ومراتب الرّئاسة المختلفة في إطار مجتمع المدينة الواحد، وفقَ تصوّرٍ فلسفي مثالي مستمدٍّ في جانبٍ كبيرٍ منه من التّصوّرات الفلسفيّة للفلاسفـة اليونان، خصوصاً ( أفلاطون و أرسطو ) ومن الشّريعة الإسلاميّة، لينتهي بعد ذلك إلى وضع تصوّرٍ فلسفيٍّ أخلاقي للعلم السّياسي، الّذي يكون قادراً على تحقيق السّعادة{46} لمجتمع المدينة الفاضلة.


الهوامش

1- يحي محمد، نقد العقل العربي في الميزان، افريقا الشرق، المغرب 2009 ص 30.

2- محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية لبنان ط10 2009 ص 241-242.

3- مقدمة تحقيق كتاب الضروري في السياسة مركز دراسات الوحدة العربية ص 21.

4- انظرالدكتور حسن مجيد عبيدي www. kitabat. com/are/page/16(10/2013/180047/htm.

5- محمد قشيقش، قضايا فلسفية، منشورات المدرسة العليا للأساتذة، مكناس 2016 ص114.

6- Mushin mahdi، alfarabi et Averroès، remarques sur le commentaire Averroès sur la république de Platon inMultiple Averroès paris، les belles lettres 1978.

نقلا عن عزيز الحدادي ابن رشد واشكالية الفلسفة السياسية في الإسلام ص 71.

7 rosenthal’، political thought in islam، cambridge p 7.

8 o’meara: platonoplis: platonic political philosophy in late antiquity، by oxford university press، p2.

9- المرجع نفسه ص 242.

10- نيكولا ريشر، الفارابي والتقليد المنطقي، مجلة تاريخ الافكار، المجلد 24، 1963 ص1.

11- شحادة الخوري، الفارابي المعلم الثاني، مجلة اللغة العربية، دمشق، العدد84 الجز الاول ص: 23.

12- المرجع نفسه ص 248.

13- المرجع نفسه ص 248.

14-  م ن ص 248_249.

15- عبد النبي الحري، صورة ابن رشد في الفكر المغربي المعاصر، المركز الثقافي العربي ومؤمنون بلا حدود، 2015 ص130.

16- م س ص 130.

17- محمد المصباحي، من اجل عصر تدوين عربي جديد، مجلة الأزمنة الحديثة، عدد3-4 2011ص 67.

18- المرجع نفسه ص 448.

19- حسن شحاتة، أسس علم الاجتماع، دار النهضة، مصر 1966ص 521.

20- م ن ص 345-346.

21- Rosenthal: Introduction to Averroes commentary، on plato republic، p: 15.

22- JAnnE Maltila، Philosophy as palth to happiness، Helsinki university Print 2011، p: 15.

23- عفيف حمدي السعادة من منظور الفارابي، المجلة الدولية للأبحاث المتقدمة، العدد7، 2013 ص 474.

24- ن ص 357.

25- م ن ص 360.

26- حسن شحاتة، اسس علم اجتماع، القاهرة 1966 ص 524.

27- فصول، ص 9-2.

28- فصول ص 71.

29- المصدر نفسه، ص 210.

30- لجابري، نحن والتراث ص 113.

31- ن ص 362.

32- ن ص 362.

33- رضا داوري اردكاني، الفارابي فيلسوف الثقافة ص 217.

34- لفارابي، نواميس افلاطون ص 70، فصول منتزعة ص 65-66.

35- سالم العيادي، مدخل إلى الفلسفة السياسية للفارابي ص 69.

36- نصير الدين الطوسي، أخلاق ناصري ص 286.

37- محمد بزشكي، ماهية الفلسفة السياسية في الحضارة الإسلامية ص 161.

38- تحصيل ص 78-80.

39- سالم العيادي، م س ص 69.

40- فصول، ص65-66.

41- تحصيل، ص 74.

42- ن ص 363.

43- عفيف حمدي، السعادة من منظور الفارابي ص 474.

44- م ن ص 364.

45- م ن ص 364.

46- ضرار علي بن ياسين، فلسفة الفارابي السياسية دراسة في علاقة الفيض بالعلم المدني، مجلة دراسات، الأردن، المجلد 42، العد1، 2015 ص71.


المصادر:

  1.  الفارابي فصول منتزعة، تحقيق متري النجار، دار المشرق، بيروت 1993.
  2. الفارابي، نواميس أفلاطون ضمن كتاب أفلاطون في الإسلام طبعة مهران 1973.
  3. الفارابي، تحصيل السعادة تحقيق جعفر ال ياسين، دار الأندلس 1981.
  4. ابن رشد، كتاب الضروري في السياسة، تعريب احمد شحلان، مركز دراسات الوحدة العربية ط2 2014.
  5. نصير الدين الطوسي، أخلاق ناصري، دار الهادي، بيروت 2008.

المراجع:

  1. محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية لبنان ط10 2009.
  2. محمد عابد الجابري، العقل الأخلاقي العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، ط7، 2016.
  3. الجابري، نحن والتراث، مركز دراسات الوحدة العربية 2006.
  4. يحي محمد، نقد العقل العربي في الميزان، أفريقا الشرق، المغرب 2009.
  5. انظرالدكتور حسن مجيد عبيدي www. kitabat. com/are/page/16(10/2013/180047/htm.
  6. حسن مجيد العبيدي، أراء أهل المدينة الفاضلة، منشورات اختلاف، 2014.
  7. محمد قشيقش، قضايا فلسفية، منشورات المدرسة العليا للأساتذة، مكناس 2016.
  8. عزيز الحدادي، ابن رشد وإشكالية الفلسفة السياسية في الإسلام، دار الطليعة بيروت 2010.
  9. نيكولا ريشر، الفارابي والتقليد المنطقي، مجلة تاريخ الأفكار، المجلد 24، 1963.
  10. شحادة الخوري، الفارابي المعلم الثاني، مجلة اللغة العربية، دمشق، العدد84 سنة 2009.
  11. عبد النبي الحري، صورة ابن رشد في الفكر المغربي المعاصر، المركز الثقافي العربي ومؤمنون بلا حدود، 2015.
  12. محمد المصباحي، من اجل عصر تدوين عربي جديد، مجلة الأزمنة الحديثة المغرب عدد3-4 2011.
  13. حسن شحاتة، أسس علم الاجتماع، دار النهضة العربية، مصر 1974.
  14. عفيف حمدي السعادة من منظور الفارابي، المجلة الدولية للأبحاث المتقدمة، العدد7، 2013 ص 474.
  15. رضا داوري اردكاني، الفارابي فيلسوف الثقافة دار الهادي للنشر بيروت 2007.
  16. سالم العيادي، مدخل إلى الفلسفة السياسية للفارابي سلسلة كتاب الإصلاح المجانية تونس 2015.
  17. محمد بزشكي، ماهية الفلسفة السياسية في الحضارة الإسلامية مركز الحضارة الإسلامية بيروت 2016.
  18. ضرار علي بن ياسين، فلسفة الفارابي السياسية دراسة في علاقة الفيض بالعلم المدني، مجلة دراسات، الأردن، المجلد 42، العد1، 2015.

المراجع الاجنبية:

  1. Rosenthal: Introduction to Averroès commentary، on plato republic.
  2. JannE Maltila، Philosophy as path to happiness، Helsinki university Print 2011.
  3. O’meara: platonoplis: platonic political philosophy in late antiquity، by oxford university press، Newyork.

 

مقالات أخرى

أيّ نموذج إيتيقي للإنسانيّة المعاصرة

معطّلات الفهم في الشعر العربي المعاصر

شعريّة اللّباس

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقراء المزيد