مقدمة :
ساد الاعتقاد قديما أن الجنون هو الحالة التي تتوغل فيها روح شريرة في داخـل الجسـد. وعلى الرغم من التقدم العلمي الذي أحرزته العلوم في مجال الطـب والعلـوم الطبيعية وعلم النفس فإن الأفكار العلمية الخاصـة بـالجنون مـا زالـت تلقـى صدودا ومقاومـة كبيرة ، وما زال أكثر الناس يتبنى تصورات خرافيـة أسطورية في تفسيره للجنون ومختلف الأمراض النفسية والعقلية الأخرى.
لقد صبت اللعنة قديما على ضحايا الجنون وحرموا من العناية والرحمة الاجتماعية التي يجدها من ألمت به هذه الكارثة الروحية والنفسية . ومن هذا المنطلق كانت المجتمعات القديمة قلما تعنى بالأسباب التي تؤدي إلى الجنون بل كانت توجه الجهود وتنظم الفعاليات للقضاء على هذه الفئة الاجتماعية التي تعاني من هذا البلاء . وإذا كان الرومان قد أبلوا في تحـديد الأمـراض النفسـية والعقليـة وتصنيفها فإنهم كانوا يركزون خاصة عـلى معالجة الآثار الاجتماعية للجـنون والفوضى التي يمكن أن تترتب على وجوده داخل الجماعات ([1]). ومن هذا المنطلق وسعيا إلى حماية المجتمع من الآثار السلبية لوجود المجانين في المجتمع انتشرت التصورات القديمة وشهدت نموها الكبير ولا سيما في العصر الوسيط حيث عمـد الأطباء والعرّافون ورجـال الـدين إلى فيض من التعويذات السحرية لمعالجـة الأمـراض العقليـة والجنون . فالجنون كما يتصور هؤلاء نتاج خطيئة ارتكبها الإنسان في حياته أو حصاد إرادة شيطان في السيطرة على الكون والوجود والإنسان[2]..
وفي عصر النهضة كان ينظر إلى المجنون بوصفه شخصا خطرا لا يختلف عن المجرمين والمنحرفين أو عن الشحاذين الذين يعيشون مـن التسـول والـذين يجب إبعادهم عن المجتمع لأنهم كانوا يصنفون بين الفئات غير الاجتماعية . وقد قدر للمجانين الذين وضعوا في السجون أن يجدوا بعض الأشـخاص الـذين نادوا بتحسين شروط حياتهم . ولكن هذه الإرادة الطيبة كانت تسـاعدهم فـي إطار المستشفيات وداخلها، ولم يكن لها أن تقطع في أمـر هـؤلاء المجـانين وتحدد مصيرهم .
لقد حاول الدكتـور إي Ey أن يحـدد الإيديولوجيـا الأساسـية للعمليـة التي يتم بموجبها استلاب المجانين وقهرهم . وهو يعتقد بأن المريض عقليـا هو ذلك الشخص الذي يصبح غريبا في عالمنا : انه إنسان آخـر ينتمـي إلى عالم أخر . وذلك هو المنطلق الذي ترسمه بعـض التصـورات الأسـطورية التـي التي تنظر إلى المجنون بوصفه كائنا ينتمي إلى عـالم أخـر فـوق طبيعـي (Surnaturl ) ([3]).
واستطاعت الفلسفة الإنسانية الجديدة التي سادت في عصر التنويـر أن تسود في النهاية وأن تؤكد على ضرورة احترام الحرية الشـخصية والإنسانية للمجانين والمرضى العقليين . فالمريض العقلي وفقا للفلسفة الجديدة هو الإنسان الذي فقد حريته الشخصية . ويفهم من ذلك بالتالي كيف كان المجتمع يسمح باستلاب المرضى العقلييـن وذلـك بإبعـادهم عـن المجـتمع بذريعـة حمايـة الحريـة والمسئولية الفردية. ويجري اليوم الحديث عن ثورة حقيقية في طرق العناية بالمرضى العقليين وفي صيغ منحهم حريتهم وكرامتهم الإنسانيتين . ولكـن ذلـك لا يمثـل فـي حقيقة الأمر سوى اتجاها أو نزعة إنسانية معاديـة للتصـورات التقليدية التي تنظر إلى المجنون وكأنه قد تملكه كائن أخر أو روح شريرة ، وذلـك يعني أن الاستلاب مـا زال قائمـا رغـم الاتجاهات الجـديدة . ومـا زال المجنون يعاني عـلى حـد تعبـير أسـكيرول Esquirol مـن عمليـة إبعاد واغتراب يشمل أنماط حياته المعهودة: عن الأماكن التي يعيش فيها و عـن عائلته وأصدقائه.
وقد توجب على الإنسانية أن تنتظر حـتى منتصـف القـرن العشـرين لتشـهد اندلاع الثورة السيكولوجية الثانية كمـا يطلـق عليهـا إي H.Ey والتـي انطلقت على أساس الاكتشافات في مجال الأمراض العصبية والنفسـية . حـيث بدأت عملية العناية بالمصابين العقليين كأناس يعيشون داخل المجتمع وليس كأناس يبعدون عن حياتهم الاجتماعية ومناخهم الحياتي مع الآخرين . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل كان ثمـة تـوافق بيـن رأي العامـة والتغيرات التي أحدثها علم النفس ؟ ذلك هو السؤال الذي يطرحـه بوليسـييه Pelisier إذ يحاول أن يحدد اتجاهات عامة الناس نحـو مسـألة الجـنون[4] .
يصف بوليسييه الجنون بأنه احتفال يحتشد فيه المهرجون والحالمون والأغبيـاء ، هو لغز يتجلى في الشفاء المقدس ، وهو تهديد خطر على مستوى الجماعة كما هي الحالة على المستوى الفردي . ويضيف إلى ذلـك قـائلا : هـو احتفـال طقوسي لأنه لغز وتهديد فالجنون يضايق الحيـاة الاجتماعية حـيث نجـد أن موقف المجتمع من الجنون يتأرجح بين التسامح والشدة ، بين إعطاء المجـنون حريته أو حجزها.
وفي هذا السياق يعارض المعالجون النفسيون هذه المواقف وهـم يملكـون الجسارة من أجل نفي وجود أسرار أو ألغاز تتعلق بظاهرة الجنون واسـتبعاد وجود الخطر . وعلى الرغم مـن توجـه العـلاج النفسـي لمعارضـه الاتجاهات العامة فإن المعالج النفسي يتأثر إلى حد ما بالأفكار التي تحيط به وذلـك هو نوع من الجدل الذي يقوم بين علم النفس والآراء العامة . ولذلك أهميـة كبيرة في العصر الذي نعيش فيه . والسؤال هو إلى أي حد استطاع علـم النفس الذي يوظف وسائل الإعلام في دعايته _ الراديو والتلفزيون _ أن يغير في آراء الناس واتجاهاتهم نحو ظاهرة الجنون؟
ما الصورة التي توجد اليوم عند الجمهور حول الجـنون والإنسان الـذي يعالجه ؟ وهنا تكمن الأهمية الخاصة للدراسات البنيوية التي تريد أن تحدد مكان المرضى العقليين في داخل نظامنا الاجتماعي . وقـد أجـريت مثـل هـذه الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية عـلى وجـه الخـصوص ([5]).
وتبيـن هذه الدراسات أن الرؤية العلمية للجنون بـدأت تسـود عـلى نحـو تدريجـي وبدأت الأفكار والعقائد التقليدية تتراجع أمام وجهات النظر العلمية. ومع ذلك يلاحظ أن المصابين بالأمراض النفسية يواجهون صعاب كثيرة فـي إطار الوسط الاجتماعي الذي يعيشون فيـه . ويجـب الاعـتراف بوجـود جملـة مـن المظاهر المتردية التي يصعب وصفها شفويا وخاصـة ردود الأفعال السـلبية التي تبديها الأجيال القديمة نحو الطب النفسي ([6]).
لقد بينت الدراسات الجارية أن النساء أكثر ميـلا إلى رفـض الأسـباب العضوية للمرض العقلي بينما أبدى الرجال رأيا معارضا لذلك . وبينما يبدي الرجال أحاسيس الخوف من المرضى العقليين فإن النساء يبدين مشاعر العطف والرقة نحوهم ([7]). وقد تبين أيضا أن الأطباء مـن الجنسـين يـأخذون اتجاهـات سلبية من المعالجة النفسية وهم بذلك لا يختلفون عن عامة الناس في موقفهم هذا. وهم يعتقـدون بـأن المـرضى العقلييـن يمثلـون خـطرا عـلى الحيـاة الاجتماعية وأنهم فقدوا كل القدرات العقلية، وأنه لا يمكن تـوقع أنمـاط السلوك الممكنة أو التنبؤ بها عندهم . وقد بينت الدراسات الجاريـة أيضـا أن الجهود المبذولة في الدعاية للأفكار الحديثة حول مسـألة الجـنون عـبر وسائل الإعلام يمكن لها أن تنعكس سلبا على الغايـات التـي يسـعى إليهـا دعاة هـذه الأفكـار التـي تجـعل الجـمهور أكـثر قلقـا إزاء المجـنون . وبالتالي فان ذلك ينعكس بالضرر على صحة المرضى العقليين .
وفي المحصلة يبـدو أن المعلومـات الخاصة بـالمرضى العقلييـن ليسـت واحدة بالنسبة لمختلف الفئات الاجتماعية . لأن إجابات الفئات الاجتماعية غالبا ما تكون في غاية التناقض . كما يلاحظ أن الأفراد أنفسهم يغيرون آراءهم بيـن وقـت وآخر. وفي الوقت الذي يكون هناك إعلام جيد حول هذه المسألة وخاصة بين جماعات المثقفين فان التصورات القديمة مازالت تأخذ مكـان الأهمية فـي تفكيرهم([8]). فهنك تعارض بين المعلومات الجيدة والموضوعية والاتجاهات التـي تـأخذ منحـى سلبيا .حيث ينظر دائما إلى المريض نظرة خوف آو احتقار وذلك بوصفه كائنا خطرا أو كاذبا أو كـائن آخـر لا أهمية لـه . فـالجنون كالسـرطان يعنـي بالنسبة للناس شرا وعيبا يجب أن يخفيه الإنسان .
الفن والجنون :
شكلت العلاقة بين الفـن والجـنون تاريخيـا موضوعـا إشكاليا بـالغ الخصوبة والتنوع وخاصة في مجالي الأدب وعلم النفس . لقد أشار فرويد Freud وفيما بعده إبرا هام كـريس Abraham Kris وبعـض علماء النفس الآخرون بأن الفنان شخص قادر على أيجاد علاقة تعبيريـة مـع لاشعوره([9]).وبعبارة أخرى قادر على أحياء طاقـات نفسـية خفيـه عنـد عامـة الناس. وذلك ينسحب على كافة أشكال الإبداع الفني منذ القرن السادس عشـر حتى أيامنا هذه.
وتشير بعض الملاحظات أن هناك علاقة طرديه بين الجنون والفن ، وذلـك يعني أنه خصوبة الفن وحرارة مرهونة بعمليات ذهنية مجانسة لهـذه التـي تفعل فعلها في حالة الجنون . وذلك يعني أن رفض النظر إلى الجنون بوصفـه ظاهرة مرضيٍه يشكل منطلق النظر إلى الجـنون بوصفـه نوعـا مـن الإبداع الفني والأدبي .
يشير علماء النفس الأوائل ، الـذين أولـوا الأعمال الفنيـة لمرضـاهم اهتمامهم الخاص ، إلى وجود علاقات ترابط بين بعض المظاهر الأدبية وبعـض أشكال الجنون المحددة. ويشكل الوصف الذي قدموه لتحديد المظاهر المرضيـة للجنون مدعاة للسخرية والتهكم اليوم([10]).
يذكر الدكتور هيلموت Helmut Rennert السمات الخاصـة بمـرض الفصام Schizophrenie كما يلي : نقص في الإمكانيات الفكريـة ، غلبـة نزعـات اللعب ، عدم القدرة على ملاحظة المبادئ الجمالية، امتـلاء جمـالي فـي العمق ، استخدام عنـاصر كتابيـة مثـل الأرقام والحـروف ، وجـود فـوضى تشريعية، ميل إلى الهندسة والرسم المبسط…الخ([11]).
في هذا السياق يلاحظ أن أي تباين مع المعيـار الأكاديمي يفسـر عـلى انه ظاهرة مرضية ومؤشر لوجود المرض العقلي ، ووفقا لـذلك المعيـار فـان الفن الحديث منذ عهـد مانيـه Manet ومـاتيس Matisse وكـلي Klee وبيكاسـو Picasso يقع في إطار هذه المصائد السيكولوجية وذلك ما يشير إليه كتـاب رونير Rennert الذي ظهر عام 1966.
في إطار المعرض الدولي الخامس لكاسـل Kassel تـم عـزل أعمال ادولـف ولفـلي Adolf Wolfli وهـنريك انتـون Heinrich Anton فــي قطــاع خــاص بالأمراض السوسيولوجية ، وخاصة الأعمال الأكثر أهمية وإثارة . ويضـاف إلى ذلك تزويد هذه الأعمال بلوحات تشرح للآخرين بان هذه الأعمال مـا هـي غير نماذج إبداعية لمرض انفصام الشخصي (Schizophrenie) . ومن المناسب هنا أن نغض النظر عن ذلك المفهوم الغامض للفـن المـرضي وأن لا نأخذ بعين الاعتبار أو بالتحديد إلا حالات الإبداع والقـدرة عـلى التفجير السيكولوجي النفسي الذي يؤدي إلى خلق فني وذلك كله مع التحفظ المبدئي بالاتهام المرضي([12]). ويجب الاعتراف في هذا الخصوص بالجهد الذي بذله جون ديبيفيـة Debeffet Jean . منذ عام 1945 ، لتوضيح مفهوم الفن الخام والذي يعممه ليشـمل الأشكال الفنية كافة مثل : الرسم ، التطريز، التصوير، والنحت الخ . وهو يصوره على انه فن عضوي ذو طابع إبداعي وهـو قـل مـا يسـتند إلى الفـن المألوف . إذ غالبا ما يكون هؤلاء الفنـانون غربـاء عـن الوسـط الفنـي المهني .
تكمن الأهمية الخاصة لمفهوم الفـن الأصيل فـي قدرتـه عـلى تحـقيق التكامل بين الأشكال الفنيـة الإبداعية الرمزية . وهـي الأشكال التـي تعتقل مبدعيها وتأسرهم . ولكن ذلك المفهـوم ( الفـن الأصيـل ) لا يمكـن تفسيره أبدا بالعودة إلى مبدأ الأمراض العقلية. فذا كان يجب الاعتراف ببعض تجليات الجنون الإبداعي – وليس المرضي – في الأعمال الهامة أو في الإنتاج الفني الأصيل فانه لمن الغباء أن تتحـدث عـن ” فـن المجـانين ” بوصفهم فئة فنية متمايزة .
ويجب أن نتساءل من جديد حول مفهوم المرض العقلي . وهنا تجدر الإشارة إلى التقـارب بيـن رأيـي ديبوفيـه وتومـاس زاسـز : إن السـمة الوحـيدة المشتركة لنزلاء المشافي النفسية هي انهم كانوا يضـايقون الجـوار أو مـن يحيط بهم . ويوجد بين هؤلاء المرضى أشخاص مصابين بأمراض دماغيه وراثيـة أو أورام سرطانية في الدماغ أي أن أمراضهم عضوية ليست نفسية في حال مـن الأحوال. وهم بالتالي أناس قد ناقضوا بطريقة أو أخرى العرف الاجتمـاعي والقيم الأخلاقية السائدة . بعضهـم تصـدى للأعراف الاجتماعية بطريقـة إبداعية وبطرافة وظرافة وحيوية تعبيرية . وذلك يعبر في اغلب الأحيان عن ذكاء وليس عن ضعف في الملكات الأخلاقية . وتلك هي حالة عـدد مـن مبـدعي الفن الأصيل . وبالتالي فان المقارنة بين طاقاتهم الخلاقة مـع عقـم مـن الناس العاديين يدفعنا إلى بحث مسألة معايير الصحة العقليـة . وفـي كـل حال ومن وجهة نظر ” الفن الأصيل ” لا يعود الجنون إلى حالة مرضية بل هـو على خلاف ذلك يتميز بالخصوبة على مستوى التعبير وعـلى مسـتوى المصـادر النفسية الخلاقة التي توجد أحيانا على نحو كامن عند كل إنسان . والسؤال الذي يطرح نفسه في المستوى الأنتربولوجي : كيف يمكن تقييـم معتوه موجود في مؤسسة خاصة للرعاية النفسية والاجتماعية ، وهو راشد قادر على إبداع رسوم والقيام بأعمال النحت الفني العمال فنية أخرى ولكنه غير قادر على القراءة والحساب ، كيف يمكن تقييمه مع آخر موهوب بطريقـة أخرى وذلك في مجال لتجريد اللغوي والفكري وغير قادر على التعبير الفنـي مـن اجل الوصول إلى افضل المهن : لماذا لا يكون الأخير هو الأبله ؟
إن السبب كامن في الثقافة السائدة لان الثقافة السائدة تعلي من شـأن بعض المصادر السيكولوجية مثل المنافسة التي تقوم بين التفكـير التـأملي والإنتاج التقني . لأنها تعلي من شأن بعض الملكات الأخرى والتـي يمكـن أن تحظى بقبول الرأي العام آو رفضه وذلك بحسب الثقافات السـائدة. ويجـب علينا هنا أن نأخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء المنبوذين الذين يبدعون الفن قد فاتتهم ، بشكل أو آخر ، العناية الاجتماعية والتربويـة والثقافيـة وانهم لم يستطيعوا تطويـر ملكـاتهم ” البريـة أو الخـام ” التـي بدأنـا بملاحظتها . وأنه يجب علينا في النهاية أن ننظـر إلى الجـنون الإبـداعي بوصفه الشكل الاجتماعي الذي لا يغفر له عندما ينفلـت مـن إطار الثقافـة المكبوتة.
هوامش ومراجع
[1] David Cooper: Le Langage de la folie , Paris , seuil ,1978.
[2] Roland Jaccard : La Folie, Que sais- je ? N1761 , P.U.F, Paris , 1979
[3] Michel Foucault : Histoire de la folie , Seuil , Paris , 1976 .
[4] Roger Bastide : sociologie des maladies mentales Flammarion , Paris, 1970.
[5] Thomas Szasz : la mythe de la maladie mentale ,payot, Paris ,1975.
[6] Même source.
[7] Roger Bastide : sociologie des maladies mentales ouv.cite .
[8] Même source
[9] جان كلود فيلو : اللاشعور ، ، ترجمة علي وطفة ، دار معد ، دمشق ، 1996.
[10] Aaron Esterson & Roland Laig : L’equilibre mental , Simep, 1974.
[11] Même source.
[12] Même source.
16 تعليقات
متى ساد الجهل … نُحِرَ الإبداع…
كم ذكرت يا دكتور في المقالة
أنَّ الخلل يكمن في معايير الصحة النفسية
ونظرة المجتمع لهم وتعامله معهم.
ولا عجب …
فكم من موهبة قُتلت بسبب عدم تقدير المجتمع لقيمتها
الفن نشاط ابداعي وابتكاري لتوصيل رساله او للتعبير عن شعور و لايخضع لمبادىء شخصيه او اجتماعية خارجية اخلاقيه او حتى لااخلاقيه لايوجد معايير للفن , هو تحويل افتراضي للاحاسيس والمشاعر والافكار وحتى الكوابيس والتهيؤات … بادراك او بدون ادراك بطريقه لاشعوريه الفنان يرسم والمشاهد يشعر بها بطريقه نستطيع القول بها ان المشاهد يفسر على حسب ادراكه اللاشعوري , المزارع يرى المزرعة للحصاد والعمل والفنان يراها كلوحه لاستمداد الالهام , وارى بان العبقري قد يرونه الاعتياديين كمجنون لبعده عن ادراكهم المحدود والعكس صحيح قد يظهر المجنون بشكل شخص اعتيادي لمجرد شطارته في التخفي , لايوجد مقياس للجنون ولايوجد معايير لها , وان الفن قد يكون علاج للمضطربين نفسيا لما يرون فيه كمساحه للتنفيس والتعبير , ومفهوم الجمال متغير ونسبي ………………….مها محمد العازمي
طبعاً هناك تفاوت في المجتمعات في تصنيف الجنون فاختلف التفسير منذ القدم ففي البداية رأوا بأنها أرواح شريرة تسكن وتسيطر على الإنسان، إلى أن أتى العلم وصنفها بأنها أمراض ذهانية عقلية تصيب الإنسان أما لصدمة أو خلل في العقل.
أشكرك دكتورنا على طرح مثل هذه المواضيع التي تجيب عن الكثير من التساؤلات والأمور الغامضة التي تُطرح كثيراً في الآونة الأخيرة.
يقال أن بين الفنون والجنون شعره.
ولا أظنها مقولة صحيحة المعنى لأن الفن أرقى من الجنون
فالفن ابداع وتعبير ورسالة راقيه وذات معنى سامي
وكما ذكرت للأسف صاحب الفن والابداع غالبا ما يستهزء به على انه مجنون ويتهكمون به
وهذا من آفات المجتمع، يجب علينا ان نقدر الفن والفنانين وأن ننظر إليهم بنظرةٍ منصفه وعدم قتل الإبداع في مجتمعنا
كلما تمعن الفرد في النظر الى التاريخ القديم والعصور السابقه يكتشف طرق غريبه في تصرفهم مع الامراض وذلك يعود لضعف التطور العلمي آنذاك ، كما ان الجنون على وجه التحديد الذي يعد اضطراب نفسي عقلي واجه ما واجه اصحابه من اضطهاد وممارسات خاطئه في التعامل مع هذه الحالات وحتى يومنا هذا اعتقد انهم يعانون في ما يسمى “مستشفى المجانين” هذا بالنسبه للجانب المرضي للجنون، وعلى الجانب الاخر ارتباط الفن بالجنون وسبب هذا الربط بإعتقادي يعود الى اعتقاد الناس بأن كل ما هو فوق العقل من فن راقي مبدع يصنف جنون وذلك جانب مجازي لا يعد جنون حقيقي وربما يجب علينا عدم ربط الفن بالجنون.
إن الشخص المصاب بمرض نفسي لا يعني أنه مصاب بلعنة وتنتقل لمن يخالطه أو يجالسه، فهذا الشخص على الرغم من مشاكله إلا أنه إنسان بالنهاية، وله حقوق كباقي الناس، وربما يحتاج أكثر مما يحتاجه الناس الأسوياء، فقد يكون الشخص يملك مشكلة نفسية بسيطة ويمكن حلها، وقد يكون المجتمع هو من يؤدي إلى تكون مشكلة نفسية لدى الشخص.
الأشخاص الذين يعانون من عقد نفسية قد يميلون إلى العزلة بسبب عدم قدرتهم على التعبير اللفظي لتفريغ مكبوتاتهم لأقرانهم، أو حتى لعدم تفهم الأقران لما يود هذا الشخص قوله، بل ويمكن أن يأخذوه على محمل الهزل والضحك، فنجد الشخص المصاب ينكب على طريقة معينة لتعويض هذا النقص، وقد يكون على عدة أشكال مثل الرسم مثلا أو الكتابة أو النحت أو حتى مجرد خربشات على الحائط.
للأسف أصبح مصطلح الجنون يطلق على أي شخص لديه مرض نفسي وهذا فعلا ما يرفضه معالجي الأمراض النفسية
ومن كتاب الصحة النفسية للدكتورة معصومة المطيري اقتبس لك هذه الجزئية “كان المجتمعات القديمة تكلق علة المىيض العقلي لقب (المجنون) وسبب ذلك لأن المريض مملوك من قبل الأرواح ومستحوذ، فإذا كانت الأرواح طيبة قدسوا الشخصية لأنه ينثل أفكار الآلهة وإذا كانت شريرة اعتبروه أبتلاء”
أما ابن سينا فيعتقد أن للوراثة دور في الجنون
بالطبع كانوا قديمًا ينظرون الى الجنون بأنه روح شريرة مسيطرة داخل جسم الانسان وذلك لجهل الناس قديمًا بهذه العلوم الانسانية والامراض النفسية التي قد تقود الشخص الى الجنون أثر صدمة قد يتعرض لها الشخص . وبعد ذلك وعلى الرغم من التطور الهائل في شتى المجالات العلمية والانسانية الا انه لا زالت هناك مقاومات ورفض بشأن هذه الافكار العلمية المتعلقة بالجنون . حيث بأنهم لاحظوا ان هناك علاقة طردية بين الفن والجنون كلما زاد ابداع الشخص كان اقرب الى الجنون ولكنني لا اتفق معهم حيث ان الفن اسمى وارقى من ان يقود الشخص الى الجنون ..
أشكرك دكتوري الفاضل على هذه المقاله الرائعه ،
دكتوري الفاضل الفن من وجهة نظري انه ابدااع شخصي والقليل من البشر يتمتعون بهذا النوع من الابداع ، فالفن لايعتبر جنون لانه كما ذكرت فهو يعتبر الابداع الداخلي للشخص نفسه ، كما انه يجب
علينا ان نحترم ونقدر هذا النوع من الموهبه الفنيه والذي يعتبره البعض بأنه تضيع للوقت وفراغ زائد ، ولكن الشيء الذي لايعرفه البعض بأنه الفن ينقسم لعدة اقسام :
1- الفن بالرسم : يعبر عن شخصيه الرسام الداخليه كما ان لكل رسمه رسمها لها معنى معين وترمز الى شيء جميل .
2-الفن الموسيقى : وهو من اقدم الفنون التي عرفها البشر وتعبر عن كميه المشاعر والاحاسيس التي يملكها الفرد في عزفه ونغماته الجميله .
3- وفن النحت والعماره : وهو فن نادر وجميل جداً وانا شخصياً يعجبني هذا النوع من الابداع الذي يقوم الفنان نفسه بتصميم عدة اشياء مثل الفخار للماء\ الصحون \ وبعض من التماثيل الجميله وغيرها الكثيير من الصناعات بالصلصال ويجعله شيئاً ثمين يستفيد منه البشر كما انه يباع في الاسواق .
4- فن الشعر: وهو فن راقي ويجذبني بحيث يقوم الشاعر بألقاء كلمات ومفردات عربيه ذات معنى والتي تعبر عن وضع الشاعر وعن حياته اليوميه والشعر يتكون من شعر غزلي\ شعر حزين \شعر يعبر عن فرحه ، .
ف من المحزن من يقول عن هذه الفنون الجميله ويتصفها بالجنون ، فالفنون تعبر عن حاله الفرد الداخليه لانه ليس الكل لديه من يفضفض له فيعبر عن ما بداخله بهذه الاشياء الجميله ، فنحن من غير الفنون لا نبدع لانه الفنون نوع من انواع الابداع .
فيجب على المجتمع ان يشجع هؤلاء الافراع وان نضع لهم مؤسسه خاصه لكي يبدون اكثر ويرون العالم جمال ابداعهم لانه هبه ربانيه منحها الله للبعض فالفنان انسان راقي مثقف ولديه الابداع ويجب ان نحترم ابداعه .
وشكراً .
شكرا دكتورنا العزيز على المقاله الشيقه ، ان الفن يعبر عن الحالة النفسيه لشخص وهناك الكثير من يبدون ابداعهم بالرسم والكثير من الاشخاص يفرقون و يخرجون الطاقه السلبيه عن طريق الرسم و هنا تخرج الابداعات
اشكرك دكتور على هالمقاله الرائعه
بالفعل اي شخص يعاني من الجنون او اي مرض نفسي في بعض المجتمعات وخصوصا من رايي في مجتمعنا
يبتعدون عنه ويريدون حق لهم على تفكيرهم بان يسجن وان لا يتلقى العلاج لان امره خطير بدون تشخيص طبي فقط بالكلام جيدون فيشعر المريض بانه لا شيء بعيد عن اهله وعن مجتمعه ويتعذب نفسيا انا لا اقول بان يكون لهم كامل الحريه بان يفعلوا ما يشائون وينطلقوا بالعكس اتمنى تماما ان يتلقوا العلاج ،وان اعلانات التلفاز والراديو يجب ان تلقى الضوء على هذه الفئه لكي يكون المجتمع على فطنه وان يتعلموا كيفيه التعامل معهم بكل احترام
يعطيك العافيه دكتور
ابتدئ بمقوله ارسطو لا يوجد عبقريه بدون القليل من الجنون فالفنانون كانو يقاومون عنهم مجانين بسبب ابداعهم في الفن والتشكيلات ولكن هو ليس بجنون بلا ابداع من حس داخلي
قديماً لم يكن هنالك علم كاف حتى يميزون الجنون من الابتكار والابداع فا يطلقون لاي شخص بانه مجنون
وهناك ابحاث تظهر وجود صله بين المرض العقلي والابداع وتعرضت للانتقادات لان تنطوي على عينه صغيره
لان بعض المبدعين يعانون من اكتئاب وغيره ذلك بسبب خبرات قاسيه كا فقدان الوالدين او عدم الاستقرار
مقال شيق أنصح بها لمحبي الفنون ..
“في الفن يجب أن تلامس الجنون دون أن توقظه”
يعد الفن السريالي فن فوق واقعي يرتكز على الحرية، والتلقائية في التعبير عن الأفكار والآراء، فقد اهتم بمضمون الفن بدل من شكلع، بالاعتماد على لا شعور الإنسان، وأحلامه في تنفيذ العمل الفني، واستخدام التعبيرات الرمزيه، اتباعا لفلسفة عالم النفس التحليلي الشهير “فرويد”، لذا تتميز أعماله بالتعقيد، والغموض، وعمق المحتوى، من سماته : سعه الخيال وتصوير الاحلام واللاشعور وابتكار الرموز .
فجنون الفن هو أن تمتص صدى صوت الواقع الصاخب وتبقي على نشوة السعي نحو طريق الحقيقة هنا تستطيع أن تقول أن الفن أصبح أكثر جنونا فهو يتجرد من شبحيته اللانهائية ليبقى بوجه مرغوب واحد هو وصل إلى الجنون وأدرك الوعي به فسمي جنونا بفن أو فن مجنون
يعطيك العافيه دكتور على هذا المقال الجميل، الفن ارقى بان يتصف بالجنون ، فهو تفريغ ذاتي على شكل لوحه جميله، ولا بد ان كل لوحه لها معاني مخفيه، الفنان الماهر هو من يستطيع وصول شعوره لنا عن طريق لوحته ، وانا ارى ان الفن يجب ان يقدس وان يدعم من قبل المجتمعات ، فبامكان لوحه بسيطه ان تجعل المكان مفعم بالحيويه والنشاط، لا ننكر ان الجميع يرى الفن امر تافهه ولا يستحق الالتفات له، وان الفنان يتصف بالجنون، وايضا يقول الفن العربي ” الجنون.. فن ” في اشاره الى تنوع اشكال الجنون التي يعاني منها بعض البشر ، في تصرفاتهم و سلوكياتهم التي تتنافى مع المنطق العام او العقل الجمعي، او تتحدى قوانين الطبيعه والقواعد الاجتماعية والاخلاقيه.
المجانين على درجة متفاوتة من الجنون كالعقلاء تماماً !
لهذا قالوا (الجنون فنون )
المجانيين غير قابلين للاختزال كل واحد منهم نموذج فريد لايتكرر في مجنون غيرة
على عكس العقلاء تماماً قد تجد من العاقل آلاف النسخ الكربونية ويمكن لنسخة واحدة ان تحل مكان بقية النسخ
قرأت في احد الكتب قصة رجل مصاب بالجنون يسمى “هنبقة “هذا بلغ من الجنون مبلغاً ، وخشي ذات يوم الا يعرف نفسه ، فصنع قلادة من خزف وعلقها على رقبته كي يعرف نفسه ، فأرادوا ممازحته
فنزعوا قلادته وهو نائم ، فلما استيقظ رأى القلادة بعنق اخيه ، فقال : يا أخي أنت انا ، فمن أنا ؟
في المناسبة لم يكن هنبقة عالة بل كان يعمل ويكد ويحصل رزقة
كان يعمل راعياً ، اذا وصل إلى المرعى جعل الغنم السمين حيث العشب الغض الطري ، والغنم الهزيل حيث العشب اليابس
ولما سئل عن هذا قال : لا أصلح ما أفسده الله !
هكذا هم المجانيين نجد لهم رأياً في كل أمر وعلى طرافة هذا الرأي إلا انه فريد
وأجمل مافي المجانيين انهم لايهتمون ولا يتبنون آراء المجتمع الذي يعيشون فيه
الفرق بين العبقرية و الجنون بسيط جداً وهو أن العبقري يعرف جيداً الحد الذي يقف عنده قبل وقوعه في الجنون !
هل هذا يعني ان الجنون عبقرية متطرفة!
العباقرة اشخاص مارسوا الجنون فعلًا ، ولكنهم ملكوا حكمة التوقف قبل وقوع الجنون ، او لعلهم لم يملكوا الجرأة الكافية لتخطي العبقرية إلي الجنون ، أما المجانيين تركوا عبقريتهم على سجيتها
فنبذناهم !
أجمل ما في المجانين أنهم لا يقفون عند حد، ياخذون ما يرغبون بالوسائل المتاحة بين ايديهم دون الالتفات لأي إعتبارات ، ودون إشغال عقولهم التي لا نعترف بها بما سنقول عندهم !
اشكرك استاذي الفاضل على هذا الموضوع الأكثر من رائع 👏
( بين الفن و الجنون )
من و جهة نظري الجنون هو الخروج وعدم الاحساس بالواقع و نسيان الاحداث و الدخول في شخصية جديدة نست معالم حياتها القديمة و تحاول الهروب من الواقع المؤلم ! و الانسان المجنون لا يعرف بانه مجنون الا عندما تلاحظ الناس تصرفاته و طريقة تحدثه فهو بالطبع في عالم من الدوامات في عقله و غير واعي بالواقع الذي يعيشه
فمثل ما ذكرت دكتوري ان البعض يرى ان الجنون روح شريرة و هذا بالطبع شيء لا يعقل ! كيف لروح شريرة ان تُذهب للإنسان عقله ؟ اليس المفروض ان تُذهب روحه ؟ ؟
و ايضا كما ذكرت في اعلى المقالة ان الجنون او الشخص المجنون ينتمي الى عالم اخر وهذا فيه جزء من الحقيقة بالطبع هو في عالم اخر في عقله لا يراه الا هو !
فللجنون بالطبع اسباب كثيرة منها عضويه كالأورام و الامراض الخبيثة بأنواعها التي تُذهب العقل و ايضا هناك اسباب نفسيه تؤدي الى الجنون
فالعلاقة بين الفن والجنون علاقة قديمة تاريخية منذ الازل بالطبع
فالبعض يصف اقلية من الفانين التشكلين بالجنون و يضعها من صفاتهم !
و بالنهاية اشكرك دكتوري الفاضل على هذه المقالة المفيدة